روايات

 رواية مقامر المحبة الفصل الحادي عشر 11 بقلم روزان مصطفى

موقع كتابك في سطور

 رواية مقامر المحبة الفصل الحادي عشر 11 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة الجزء الحادي عشر

رواية مقامر المحبة البارت الحادي عشر

مقامر المحبة

رواية مقامر المحبة الحلقة الحادية عشر

♠ المُقامرة الحادية عشر ♠
عنوان الفصل | “لوغاريتمات إبن الحاخام”
” لم يكُن قدرًا، ذلِك الحاجز الموضوع بيني وبينك، ولم يكُن فارِق العُمر، لكِنها عبثيات تقاليد عائلية لا ذنب لقلبينا بِها.. إنظُر لعيني سترى بِهُما وجهك! ” _بقلمي.
_ المكان: السيرك الروماني القديم.
_المنطِقة: كيوبيد ♦
صف فريدريك سيارتهُ داخِل السيرك، ترجل مِنها ثُم صفع الباب، دار حول السيارة حتى وصل لِمقعد فيان التي كانت ترتجف وتبحث عن مخرج بعينيها، لكِن مِن داخِلها تعلم جيدًا أنهُ إذا دخلت كيوبيد لن تستطيع الخروج مِنها بسهولة، كانت تلعن داخِلها غالي الذي وثقت بِه وخذلها، فتح فريدريك باب مِقعدها ثُم قام بـِ سحبِها مِن ذِراعها بـِ قسوة جعلتها تصرُخ وهي تترجاه، صفع باب مِقعدها بـِ قدمهُ وهو يجُرها معهُ للداخِل
كانت تُحاول تخفيف شِدة الألم عن طريق يدها الأخرى، تحاول أن تُخلص جسدها من بين يديه، لكِنه بِذراع واحِد كان يجُر جسدها بأكملهُ، هو الأقوى دائِمًا
وصل بِها لداخِل السيرك بالأسفل، ثُم ألقاها على الأرضية وهو ينظُر لها بإحتقار.
ضمت رُكبتيها لصدرها وهي تعود للخلف وتنظُر لهُ وهي تبكِ، جلس على المِقعد وهو يضع قدم فوق الأُخرى، أخرج مِن چيب بِنطالهُ سيجار وقام بإشعالهُ وهو يقول بجدية بارِدة: ها بقى، يا ترى إيه اللي عجبك في الدكتور؟
فيان تنظُر له وهي ترتجِف وتبكِ ولا ترُد.
إعتدل فريدريك والسيجار مُعلق بين شفتيه وصرخ غاضِبًا بِها وقال: إيييييه!
إرتجفت بشدة وقد شعرت بِالرُعب ثُم قالت: معجبنيش فيه حاجة، ملمسنيش.
ضحك فريدريك وقال بسُخرية: هو إنتِ عشان عاهِرة المشاعِر بالنسبالِك مُتعلِقة باللمس؟ كلامي واضِح.. عجبك فيه إيه مثلًا؟ شكلُه؟
تماسكت فيان وإستجمعت اخر ذرة قوة داخِلها وهي تقول: كُنت عوزاه ينقذني.
ضيق فريدريك عينيه وهو يقول بتساؤل: ينقذك؟ مني؟
فيان بـِ ذات القوة: أيوة، مش عاوزة أفضل كدا.. مش عاوزة يبقى لقب عاهرة ماسك فيا وأنا محدش لمسني، محدش قربلي.. لا إنس ولا جان.
صفق فريدريك بيديه وقال: علموكِ الشعارات في الكام يوم اللي قعدتيهُم معاهُم، برافو.
نظرت لهُ فيان بـِ رُعب فـ أكمل قائِلًا: بالنسبة لأنه ينقذك فـ هو مش هيرو، لا هو ولا الـ*** الأتنين اللي معاه والدليل إني دخلت منطقتهُم غصب وجيبتك من شعرك وتغزلت في حبيبة مهد بيه ومتحركش، معرفش ياخد موقف تجاهي، الجانِب اللي إختارتيه خسران وبيغرق، جانبي أنا الأكثر قوة وصمودًا.
ثُم وقف على قدميه وهو ينظُر لها ويقوم بِخلع حِزام الخصر الخاص بِه وقال: أما بالنسبة لإن ملمسكيش بشر ولا جان، عاوزين نشيل النُقطة دي، ونديكِ اللقب عن جدارة.
صُعِقت رُعبًا حتى إنها زحفت حتى وصلت لقدميه وهي تقول بـِ رجاء: لاااا، خلاص أوعِدك مش هكررها تاني، عاقبني أي عِقاب غير دا بترجاك.
نظر لها مِن علو بتكبُر وقال بلهجة بارِدة خالية مِن العواطِف: كُنت مِميزك لإنك داويتي جراحي ومسبتنيش للرمق الأخير مِن الموت، لكِن أخطائِك تخطت فعلِك الطيب.
فيان بـِ رجاء: أوعدك إنها أخر مرة، أي حاجة تحصل تاني إقتـ| لني من غير رحمة، لكِن متعملش فيا كِدا.
فريدريك وهو يُبعدها عن قدميه بإذلال ويسير بعيدًا قال: فاكرة عملتي إيه في زوج أمك؟
إزدردت فيان لُعابها وقالت: كُنت بحافظ على اللي بحاول أحافظ عليه دلوقتي، تفتكر واحدة زيي عندها القتـ| ل ولا إن حد ياخُد أغلى ما تملُك، تستحِق لقب عا| هرة؟
عقد حاجبيه وكان إعجابهُ بحفاظِها على جسدِها وشرفها يزداد، فقال بإقتضاب مُنهيًا تِلك المُحادثة: الغلطة الجاية مش هقتـ| لك لإن القتـ| ل راحة ليكِ، لكِن هخليكِ تتمني المو| ت ومتطوليهوش.
إنفرج ثغرها بإبتسامة وراحة ثُم قالت: يعني سامحتني؟
فريدريك ببرود مِن دون أن يلتِفت لها: مش لدرجة السماح، لسه مش هعديلك إنك حكيتي للدكتور عني أنا و.. وأصدقائي.
فيان بتأثُر: فريدريك أنا..
قاطعها قائِلًا: لو لفيت ولقيتك هخليكِ المدام بتاعتي.
إتسعت عيناها رُعبًا وركضت بعيدًا، لـ رُبما تظُن أنهُ عفا عنها لإنهُ طيب القلب، مُرهف المشاعِر، لكِن الحقيقة أن لِقائُه بـِ باتريشيا أعاد خيوط السعادة لـِ قلبِه المهجور شعورًا، لِذا ود أن يمنح الجميع فُرصة للنجاة مِن بطشه، عدا إياس وأصدقائُه بالتأكيد!
_المكان: المنطِقة ٩٠/معرض سيارات إياس. ♦
التوقيت: الثانية ظُهرًا.
كان مهد يُمسِك بين يديه القلم ويضغط على رأسهُ مُخرِجًا بعض مِن الضغط وشعوره السيء لـِ ما حدث، وإياس يجوب المعرض يمينًا ويسارًا في صدمة لـِ دخول فريدريك إلى المنطِقة بِـ تِلك الصورة.
قال غالي مُحاولًا التخفيف عن إياس: المفروض في أمن على أطراف المنطِقة، تخطاهُم إزاي دول لازم يتحاسبوا.
إياس وهو يُفكِر بجدية: مش هقطع عيش حد فيهُم، عشان عارِف فريدريك نُسخة غبريال خبيث وإبن ثلاثين في تسعين، لو طلبت معاه يدخُل المنطِقة بطيارة هيليكوبتر هيعملها.
غالي بسُخرية: هيليكوبتر مرة واحدة..
مهد بضيق: أنا طالع بيتي.
إياس بحزم: إقعُد! يابني فوق دي عيلة صغيرة مينفعش دي ١٧ سنة لسه متمتش السن القانوني، لا عقل ولا نخوة تخليك تقرب منها.
مهد بصُراخ غاضِب: أنا مضايقتهاش ولا قربتلها ومستنيها تكبر وهتجوزها فين الحرام في كلامي!!
إياس بغضب: لا قربتلها إنت بتفقد التحكُم في نفسك ودا غلط وقت خناقة الأيس كريم قربتلها.
مهد بضيق: ومقولتش الكلام دا ليه لـ بياع الأيس كريم اللي لمس شعرها وخدودها!! ولا عشان شكلها أصغر من سنها هلاقي أي إبن *** ماشي يلمسها! وبالنسبة للأخ فريدريك دا إيه نظامُه؟
إياس من بين أسنانُه: لو وقِف على طرف مناخيره صعب يبقوا سوا، أبوه يهودي وهي مُسلِمة، فهمت؟؟؟
غالي بإستفزاز غير مقصود مِنهُ: أيوة بس مش عايزين ننكِر إنُه قدِر يعجِب البنت.
مهد بصُراخ مكتوم: سيبوني أطلع عشان مرتكِبش فيكُم جر| يمة.
إياس بهدوء وهو يحاوِل أن يجعلهُ يجلِس مُجددًا: أنا وإنت هدفنا واحِد، إنت عاوز تبعدُه عن حبيبتك وأنا عاوز أبعِدُه عن منطقتي، أسيبك تخرُج وتضربُه وتبقى في نظرها الشخص الهمجي اللي مش عارف يتحكِم في نفسُه، ولا نلاعبُه زي ما بيلاعِبنا ونجيب داغُه الأرض؟ بس قبل ما تجاوبني فكر بالعقل.
نظر لهُ مهد بأعيُن مُظلِمة شرًا وبعد أن صمت لِدقيقتين، جلس مُجددًا على المِقعد وهو ينظُر لهُم.
جلس إياس خلف مكتبهُ وهو يقول: طيب، دلوقتي إحنا معانا واحدة تخُصه.. نقدر نعرف مِنها أكبر قدر مِن المعلومات عنُه، بس عشان نرجع ثقتها فينا لازم غالي يقوم ويخرجها مِن المُستشفى.
غالي بإنتباه: تقصُد فيان؟
أعاد إياس ظهرهُ للخلف ثُم قال: هو في غيرها تبعُه؟ بس الواضح إن البت دي معندهاش ولاء ليه.. بالعكس هي شكلها جايبة أخرها مِنُه وحابة تكون فرد مننا.
غالي بـِ شرود بعد مُقابلته الأخيرة بِها: معتقِدش، هي خلاص مش هتثق فيا تاني، عاوز أكلم أبويا أخليه يديها مُهديء أو أي حاجة لإن أخر مرة كانت أعصابها تعبانة ومعرفتِش أتفاهِم معاها.
أخرج غالي هاتِفهُ ثُم قام بالإتصال بـِ والِدهُ، إنتظر لدقيقتين حتى أجابهُ والِدهُ وهو يلهث وقال: إنت وديت المريضة فين؟
إعتدل غالي في جلستهُ وقال: مريضة مين؟؟ يعني إيه!
والِدهُ بـِ غضب قاسِ: المريضة اللي طلبتك بالإسم، ليال ولا إسمها فيان!
نظر غالي إلى إياس نظرة ذات معنى ثُم قال لوالدهُ: مُتأكِد إنها مش موجودة؟
والِدهُ بغضب وقسوة: يعني ههزر معاك؟ الله يخربيتك غبي، ياريتني ما كلمتك.. كُنت عارف إنك هتهربها..
تيت تيت تيت.
صوت إغلاق المُكالمة، وضع غالي الهاتِف على المكتب فـ قال لهُ إياس: إيه الحوار؟
غالي بضيق: فيان مش موجودة في غُرفتها في المُستشفى، غالبًا فريدريك خطفها وقت العرض.
إياس بصدمة: نعم!!!!
_________________________________________
المكان: المنطِقة ٩٠/ منزل لاڤندر♦
التوقيت: قبل الظُهيرة.
كانت شارِدة وهي تطوي ملابِسها لـِ تضعها في الخزانة كما أمرتها خالتها، تنهدت وهي تتذكر فريدريك وهو يقول عنها بالفرنسية أنها فتاة جميلة، إبتسامة لاحت على ثغرها والهواء المُتسرِب مِن النافِذة حرك خُصلات شعرها بـِ رقة، إقتحمت خالتها الغُرفة ووقفت بمُحازاة الباب وهي تنظُر لها مِن أخمص قدميها إلى رأسها ثُم قالت بنبرة إنتقادية وهي تنظُر لجوارِبها الصوف البُنية التي تقِف بِها على الأرضية دون حِذاء: إفضلي رايحة جاية وإنتِ لابسة الشراب من غير الشبشب، مفيش مسحوق غسيل عشان هدومك كُل شوية، أنا مش شغالة عندك! المفروض إنتِ كبرتي وتهتمي بيا أنا وأمك خلاص مبقاش فيا حيل.
ادارت لاڤندر عينيها لإنها ليست على إستعداد لسماع ذلِك الموشح اليومي مِن خالتها، إتجهت إلى خِزانة الملابِس الخشبية الخاصة بِها ووضعت يدها داخِل أحد جيوب مِعطفها وأخرجت نقود، إقتربت مِن خالتها ومدت يدها بالنقود قائِلة: دي الفلوس اللي عملتها من شُغل الرسم اليومين اللي فاتوا، ممكن نعين منها عشان عملية ماما..
قاطعتها خالتها بضحكة رقيعة مُفتعلة كـ سُخرية مِنها وقالت: عملية مين؟ فاكرة الكام جنيه دول هيجيبولها لفة شاش حتى! خلينا ناكُل ونشرب الأول بعدين نشوف ماما.
خرجت خالتها من الغُرفة وأغلقت الباب، جلست لاڤندر على فِراشِها تتأفف وهي تُأرجِح قدميها التي لا تطال الأرض نظرًا لإنها قصيرة القامة، نظرت إلى نافِذة غُرفتها المفتوحة، لكِن حولها قُضبان مُزركشة..
قبل أن تُحرِك جسدها نحو تِلك النافِذة، وجدت أحدهُم يطرُق باب غُرفتها، فـ عقدت حاجبيها لإنها غير مُعتادة على إحترام الخصوصية سواء مِن خالتِها أو والِدتها
قالت بنبرة لطيفة: إتفضل.
ظهرت كادي مِن خلف الباب ودخلت الغُرفة ثُم أغلقت الباب خلفها وهي تلتقِط أنفاسها.
اتسعت عينا لاڤندر سعادة ودهشة وقالت: مش معقول! جيتي إزاي؟
كادي وهي ترفع أكتافها: جبت صينية كيك ماما عملتها وإديتها لخالتِك فـ سمحتلي أدخُل، دا لو زيارة سجين مش هتبقى كِدا.
قالت لاڤندر بـِ رِقة حزينة: ما هي زيارة سجين فعلًا
أزاحت الوسادة عن الفِراش وهي تُشير إلى كادي لـِ تجلِس بـِ جانِبها، تقدمت كادي بعد ما قامت بخلع حِذاؤها وجلست بجوار لاڤندر وهي تقول بحماس: مكملناش كلامنا بسبب العرض اللي عملُه الراجل الغريب اللي أبهرِك.
تلمست لاڤندر موضع الوردة في شعرها وقالت بإبتسامة خجولة: قالي إني، فتاة جميلة، مشوفتش رِقة في التعبير والتعامُل زي كدا، وريحتُه، كانت نفاذة بشكل ملحوظ وغريب، بس تحسسك إنك في حُضن الأمان نفسُه.
عقدت كادي حاجبيها وقالت بإستغراب: كُل دا من الدقيقة اللي وقِفها قُدامك؟
نظرت لاڤندر لها ووجهها كان يشِع حُب وقالت: هو اعتقد شعوري دا إنجذاب أو إعجاب، لو شوفته تاني أكيد هيتعامل بنفس الرقة دي، والإعجاب هيزيد، ويكبر!
كادي وهي تبِل شفتيها: طب ومعرفتيش إسمُه إيه؟
_______________________________________
المكان/ كيوبيد
تحديدًا/ السيرك الروماني القديم ♦
كان يتأمل سقف غُرفتهُ وصوت صفير اللاشيء يُغلِفُ السكون.. لِقاؤه بـِ باتريشيا أعاد داخِل عروقهُ الدِ| ماء القديمة، الذكريات.. ما قبل عواصِف الندوب
رغم أن طفولتهُ كانت مليئة بالندوب أيضًا، ولم تخلوا مِن البكاء، لكِنها كانت سعيدة، كان غبريال وباتريشيا عالمهُ الأخر، الذي يهرب لهُ مِن شرور واقِعهِ
عالم كان بِه يتسِم بالجُرأة، اللامُبالاة، وشخص يستطيع أن يكون سعيدًا وقت ما شاء.
وكـ عادة السيرك الروماني لا يدعونه وشأنهُ مع تخيُلاته وشروده، يحضرون في اللحظة المُناسِبة لـِ قطع حبل أفكارهُ
إستمع لـِ صوت طرق على باب غُرفتهُ، حرك بؤبؤي عينيه تجاه الباب وتنهد تنهيدة طويلة، تنهيدة بِها طوى الطِفل الصغير المُشِع بالأمل والحياة، وأعاد بِها فريدريك القاسِ الذي حرمتهُ الحياة كُل ما يُحِب.
وأخيرًا قرر أن يبتعِد عن فِراشهُ لـِ يرى من الطارِق
وقف بمُحازاة الباب وفتحهُ بهدوء وهو ينظُر بأعيُن خاوية إلى الفتاة الواقِفة أمام الباب، تُزين أعلى عينيها بـِ الخرز التجميلي وتضع أحمر شِفاه قاتِم.
فريدريك بدون أن يرمش: ها؟
الفتاة بتوتُر وخوف: في ست بتدور عليك، راحتلك عند بيتك في (___) وسألت عنك الجيران، من خوف جيرانك منك قالولها إنك مسافر وهترجع كمان يومين.
حك فريدريك فروة رأسهُ وهو يُفكِر في هوية تِلك السيدة، ثُم قلب عينيه وقال ببرود للفتاة الماثلة أمامهُ: روحي بلغي الباقي يجهزوا للي قولتلكُم تعملوه، عاوز الصُبح يكون المُفتاح في إيدي.
الفتاة بـِ طاعة: قبل ما تشرُق الشمس كمان.
ثُم إنصرفت، أغلق فريدريك باب غُرفتهُ وإستعد ليُغادِر
عائِدًا إلى موطِنهُ الذي لطالما تغرب عنهُ عُنوة، كما تقول الأُغنية الشهيرة لـِ جمهورية مصر “طرداك وهي بتحضُنك وهو دا اللي يجننك!”
كانت عينا باتريشيا وهي تدفعهُ بعيدًا عنها وتطلُب مِنهُ المغادرة والرحيل، تنغلق على ذاتها طلبًا في ضمه إلى أحضانِها رغم الألم، ذلِك التناقُض القاتِل في وقت الفراق، خاصة وإن كان ذلِك الفُراق إجباري لإن المرء قد وصل إلى مرحلة أن البقاء إهانة.
بدل ملابِسهُ وإرتدى نظاراتهُ مرة أُخرى، بـِ حُزن دفين قد نظر إلى المِرآة يتأمل ملامِحهُ التي حاول إخفاؤها وتعجب، كيف لـِ قلبها أن يجهلهُ، كيف لم تستطع التعرُف عليه رغم التنكُر، تنهد تنهيدة الإفاقة مِن ذلِك الشرود الذي سيجُرهُ إلى اللاشيء وقرر الخروج مُجددًا، مُختلِقًا تِلك المرة مُصادفة قد تُقرِبهُم مِن بعضهُم، حتى وإن كانت شخصيتهُ تِلك ليست الحقيقية، إنهُ يسعى في كُل العوالم، وبـِ أي شكلًِا كان، أن تُصبح باتريشيا مِلكًا لهُ.
المكان: المنطقة ٩٠
تحديدًا: منزِل مهد الجرايحي.
كانت والِدتهُ تُعِد الطعام في المطبخ لهُ، ترى أن أحوالهُ في الأوِنة الأخيرة لا تسُر أحدًا، حملت الطعام وأتجهت إلى غُرفتهٕ، كان يصدُح مِن الغُرفة صوت الكمان مُرتفِع بـِ شِدة، عزف حزين وأنيق.. أثار حُزنها رؤيتهُ بـِ تِلك الحالة، فـ تأدُبًا وإحترامًا لخصوصيتهُ طرقت الباب مرتين، ليتوقف صدح الكمان، ويُهمهِم مهد بـِ صوته قائِلًا: إدخُل.
قامت والدتهُ بفتح باب غُرفته وهي تقول بـِ هدوء: مش عاوز تاكُل معانا على السُفرة ماشي، إنما متاكُلش خالص دا اللي مرفوض.
وضع الكمان جانِبًا وهو يُعدِل مِن خُصلة شعرهُ الأمامية بأصابِعهُ: ماليش نفس.
جليت والِدتهُ على فِراشهُ وقالت: شوف يا مهد، أنا معوداك مِن صُغرك لو حصلك أي شيء يضايقك تيجي تحكيلي، مبضغطش عليك ولا بحاول أعرف من وراك، ودا صنع بيني وبينك جدار ثِقة متين.. بغض النظر عن إن من ساعة ما طلعت من تحت وإنت على الحال دا وإياس كلمك كذا مرة يتطمِن عليك، وقلبي الملهوف عشانك، بس برضو مش هعرف من وراك وهعرف منك، أنا عندي ثقة إن إبني حبيبي اللي ربيتُه صريح وهيعرف يتكلم معايا عن مشاكُله اللي مُتأكِدة إنها متخُصش الشُغل.
تنهد مهد تنهيدة عناء وقال وهو يُغلق عينيه ثُم قام بـِ فتحِهُما نِصف فتحة: ضغوطات نفسية بس بمُر بيها..
قاطعتهُ والِدتهُ مُتعمِدة النظر في عينيه عِند سؤالُه: حاجة ليها علاقة بالقلب؟
رفع رأسهُ ونظر إليها مُنصعِقًا مِن سؤالِها المُفاجيء، لـِيجحد حقيقة أنها إستطاعت قِراءة حُزنه ويقول: لا، متشغليش بالك صدقيني هكون كويس، إنتِ برضو زي ما علمتيني أكون صريح معاكِ، علمتيني أحترم خصوصية غيري.
إبتسمت بهدوء ثُم قالت: حاضر يا سيدي فهِمت التلميح هحترم خصوصيتك ومش هسأل تاني، بس عشان خاطري لو بتحِب أُمك صحيح، كُل أي حاجة عشان بس أرتاح.
إبتسم هو بـ حُزن وقال: حاضر متقلقيش.
قامت مِن فِراشهُ وهي تربُت على ظهرهُ بحنو وقررت الخروج، توقفت عند باب الغُرفة وإلتفتت لهُ قائِلة: أه صحيح متنساش تكلم إياس لإن من ساعة ما طلعت وهو قلقان عليك، خليه يطلع يقعُد معاك لو ملكش نِفس للنزول والخروج.
أعاد مهد رأسهُ للخلف وهو يقول: حاضر هكلمُه.
أرسلت لهُ قُبلة في الهواء وخرجت مِن الغُرفة واغلقت الباب خلفها، وقف مهد بِـ ضيق أسفل مِصباح غُرفتهُ ذو النور الضئيل ونظر مِن النافِذة إلى المنطِقة ٩٠ التي تسير بـِ طريقة حيوية، إستند بذراعيه على النافِذة وهو يطُل بـِ رأسِه للخارج مُستنشقًا هواء المدينة البارد، في الشتاء.. موسم الحُزن، وشعور الفقد الغير معروف.
كانت لاڤندر تفتح نافذتها، صوت صرير النافِذة القديمة أثار إنتباهُه، رغم أنها قامت بـِ جرحه عِندما رفضت إعطائُه الفُرصة التي أعطتها لـِ شخص غريب
لكِنهُ نظر، عينيه تحركت رغمًا عنهُ تجاه منزِلها، أخرجت كادي رأسها وهي تطُل إلى الخارج، ثُمد مدت ذِراعيها خارج النافِذة وهي مُبتسِمة بـِ حُب بعد ما حدث بينها وبين فريدريك، كانت تستشعر لحظات الحُب الأولى! لكِن مع الشخص الخاطيء وهي لا تعلم، تارِكة من يُحِبُها بـِ صدق ينظُر لها بـِ أعيُن إمتزجت بِها مشاعر الغضب، والحُزن. والحسرة.. والعِشق الكبير.
إلتقت عينيها بـِ عينيه، كان قد جرح كف يدهُ وقام بـِ لف الشاش الأبيض حول إصبعهُ الإبهام، إنتفض عِندما حدث ذلِك التواصل البصري بينهُم، لكِن ردة فِعلهُ صدمتها! لقد دخل إلى غُرفتهُ وأغلق النافِذة وكأنه لا يُريد رؤيتُها!
ثغرت فاهها والنسيم اللطيف البارد يُحرك شعرها كـ أمواج راكِدة، تنهدت تنهيدة تُفيقها مِن حالة الشرود تِلك ثُم أعادت بعض مِن خُصلات شعرها خلف أُذنها وهي تنظُر لـِ نافِذتهُ المُغلقة بـِ تعجُب.. لم تعتد القسوة مِنهُ أو النفور، كان كُلما رآها كإنما رأى ملاك، أسطورة إغريقية.. أو لوحة مُبهرة ونادِرة، إستمعت لـِ صوت خالتها وهي تصرُخ غاضِبة، إنتفضت لاڤندر وأغلقت نافِذتها وهي تدخُل إلى غُرفتها.
__________________________________________
التوقيت: صباح اليوم التالي.
المكان: المنطِقة ٩٠/معرض سيارات إياس.♦
تأفف وهو يقوم بوضع المُفتاح داخِل المكان المُخصص لهُ في المِقبض، الأيام روتينية بحتة عدا مِن مُفاجآت إبن الحاخام، كانت الأجواء شتوية بإمتياز للدرجة أنهُ لم يستطع لمس المقبض الحديدي بـِ يديه كان بارِدًا مُتجمدًا، إستعان بـِ جُزء مِن معطفهُ وأدار المِقبض ودلف إلى الداخِل، أغلق الباب الزُجاجي خلفهُ وهو ينفُث بُخار البرودة ويفرُك كفي يديه ببعضِهُما حتى يحصُل على بعض مِن الدِفء، أراد أن يستدعي وصيف مِن خِلال مُناداتهُ كما يفعل كُل مرة لكِنهُ تذكر أنهُ أغلق الباب، لِذا كان لابُد أن يتغلب على أثار النُعاس المُتبقية إثر نهوضهُ مُبكرًا عن طريق إلقاء رأسهُ داخِل الأوراق، إنكب في عملهُ بـتركيز قبل أن يستمِع للباب يُفتح مُجددًا.
رفع رأسهُ ولكِنهُ شعر بـِ صُداع فـ وضع إصبعيه على جبهتهُ وهو يقول بألم: كويس إنك جيت بلغ وصيف يحضرلي فنجان القهوة بتاعي ضروري.
وصله صوت أنثوي يقول بهدوء: طبعًا مصدع عشان مكملتش طبق الفطار بتاعك الصُبح.
رفع رأسهُ ونظر إلى والِدتهُ التي تقِف أمامهُ مُرتدية مِعطف مِن الفرو البُني، إتسع ثُغره بإبتسامة ترحيبية وقال: رُفيدة هانم بنفسها عندي، تعالي يا أمي إتفضلي
جلست روفيدة على المِقعد أمامهُ وعاد هو لـِ يجلس خلف مكتبهُ مُجددًا، رفع هاتِفهُ على أُذُنِهِ وقال: وصيف مش هعرف أنادي عليه عشان قافِل الباب فـ هتصل بيه، تشربي إيه؟
روفيدة بهدوء وهي تُمرر إصبعها على إسمهُ المنقوش على المكتب: شربت شاي مع الفطار، أنا مش جيالك عشان أشرب، جاية أطلُب منك حاجة.
إياس بإبنتباه: عينيا؟
روفيدة بإبتسامة تمهيدًا لِما ستقول: ليه متاخُدش يوم راحة من الشُغل ونطلع رحلة بحرية كُلنا؟ مع مرات عمك وبنتها.
نظر لها إياس ببرود بعد ما أعاد ظهرهُ للخلف وقال: رحلة بحرية! في الجو التلج دا! دا إحنا الصُبح والشمس ملهاش أثر.
بللت روفيدة شفتيها الچافتين بـِ لسانها وقالت: بُكرة بيقولوا صباح دافيء لأول مرة، إنت عارف إن المنطقة ٩٠ فين وفين على ما بيجيلها شمس أو صيف.. فـ أنا ما صدقت قالوا صباح دافيء قولت بس نجهز مُسليات بسيطة وساندوتشات أو بيتزا ونطلع رحلة بحرية سوا، وكلمت مامة مهد ومامة غالي ووافقوا ناقص إنت تقنعهُم.
عقد إياس حاجبيه وقال بضيق من تسرُع والدتهُ: هو عشان الأرصاد قالت يوم دافيء نصدقها ونعزم الناس! محدش عارف بُكرة في إيه الجو دا بإيد ربنا إفرضي صحينا لقيناه ثلج.
روفيدة بخيبة أمل: هُما كذا مرة ينبهوا إن اليوم هيبقى مُشمس ودافي وبالفعل بيطلع كدا، متعقدهاش كدا.. هسيبك تخلص شُغل كتير إنهاردة عشان تبقى فاضي بُكرة عشان نأجر مركب، غير كدا لو غالي ومهد جولك إعزمهُم وإقنعهُم متنساش.
أعاد رأسهُ للخلف علامة الإستسلام مِن ذلِك النقاش المحسوم، فـ قال لوالدتهُ: قولي لوصيف يجهزلي فنجان قهوة وإنتِ ماشية طيب عشان أفوق.
أومأت بـِ رأسها وخرجت، وإنكب هو على الأوراق يحاول إنجاز العمل المُتراكِم عليه، مُتجاهلًا الرحلة التي لا داعي لها مؤقتًا، وألاعيب صديق غبريال المجحوم.
________________________________________
التوقيت: صباح اليوم
المكان: منطقة نائية تقطُن بِها باتريشيا /المتجر العام بالمنطقة. ♦
كان فريدريك يرتدي ملابسهُ المُهندمة كـ طالب جامعي مُثقف، يتوارى بعينيه خلف نظارة طبية مُغيمة، وينظُر إلى الأرفُف بملل.. يعلم أنها ستأتِ اليوم، في كُل يوم إثنين تتسوق في المتجر العام أغراض لمنزِلها، ولـِ قطتِها الصغيرة، يُراقِبُها وكإنهُ جُزء من جسدها، يعلم جيدًا ماذا تفعل يوميًا وفي كُل دقيقة.. أصبح لديه هوس قائِم على عقلهٕ وقلبهُ يُدعى باتريشيا.. حتى أنهُ كاد يتلاشى شعور الإنتقام مِن داخِلهُ تجاه إياس وأصدقائُه، لكِنهُ لا يلبُث إلا ويُذكِر ذاته أنهُم قاموا بـِ قتـ| ل غبريال في الليلة المشؤومة.. وتسببوا في تفرِقة أصدقاء إلى الأبد.. وهو هُنا الأن تحديدًا لإنهُ يود إستعادة ذلِك الشعور مُجددًا، مع باتريشيا.
كُل تِلك الأحاديث الداخلية كانت تدور داخِل ذِهنهُ وهو يقِف أمام الرف المُخصص لـِ كُل مُنتجات القهوة والكافيين، منطقي وقوفه هُنالك في ذلِك البرد القارِص، عقد حاجبيه يحاول إفاقة ذاتهُ مِن الشرود، وإلتقط بمحض المُصادفة عُلبة مُصفحة متوسطة الحجم مِن القهوة لـِ يظهر لهُ عينا باتريشيا مِن الفراغ الذي خلفتهُ العُلبة!
فرك عينيه بـِ يدهُ الأُخرى ظنًا مِنهُ أنهُ تعمق في الذكريات، لكِنها أثبتت لهُ أنهُ في الواقِع عِندما قالت بـِ صوتها المبحوح مِن البرد: فريد! متوقعتش نتصادف في السوبر ماركت!
رفع حاجبيه دهشة وقال في مُحاولة مِنهُ للظهور بمظهر الرجُل مُهمِل التفاصيل: أنا فاكرك، أه إنتِ صاحبة القُطة.
إتسعت إبتسامة باتريشيا وهي تقوم بـِ لف الوشاح جيدًا حول عُنقها وقالت: أيوة مظبوط، وكُنت عزماك على قهوة وأجلتها لـِ مرة تانية كـ نوع من أنواع الشُكر، فاكِر؟
إبتسامة خرجت صادِقة تلقائية دون عناء التصنُع مِنهُ كـ فريدريك.. الطِفل الذي عادت لهُ صديقتهُ وأول أنثى عرِفها، والشاب المُتخبِط بـِ مشاعِرهُ مِن طرف واحد تجاه صديقته المُفعمة بالحياة، وفريدريك القا| تِل القاسي، الذي يسعى لتدمير كُل ما هو جيد.
عقدت حاجبيها وصفقت بـِ خفة أمام وجهه وهي تقول بـِ صوت دافيء: إنت بخير؟
نظر لها بتركيز مُجددًا وقال بنبرة صافية: في أفضل حال.
جرت العربة الخاصة بِها وقالت لهُ بإبتسامة: ممكن نتسوق سوا، ونتكلم!
مد يدهُ في حركة راقية وهو يقول: الطريق ليكِ
سارت وهي تنظُر للأرفُف ببنطالِها مِن قُماش الچينز الداكِن وقالت بينما خُصلات شعرها متوسطة الطول الداكِنة تُرفرف على أكتافها: كُل يوم إثنين بنزل بجيب الحاجات اللي ناقصة لـ بيتي، بالنسبة لـِ بنت زيي عايشة لوحدها فـ مفيش على عاتقي مسؤوليات زوج.. أو تنفيذ أوامِر أب وأم.
كان يستمِع إليها، الشيء الوحيد الذي فشل في معرِفتهُ ما الذي حدث حتى تترُك منزل والديها وتستقِل بـِ ذاتها مع قِطة! كانت باتريشيا في طفولتها تكره القِطط، ومواءِها..
أكملت قائِلة بينما تلتقط بيدها خُضرة البروكلي: بس طبعًا كُل شيء ليه إيجابياته وسلبياتُه.
ميل رأسهُ ونظر لجانِب وجهها الساحِر وقال: وإيه السلبيات اللي بتواجهك كـ بنت عايشة لوحدك؟
في عقلهُ * بـِ غض النظر عن العجوز اللعين الذي قُمت ببتر إصبعهُ فقط لإنه أشهرهُ في وجهكِ مُهدِدًا *
تنهدت باتريشيا تنهيدة طويلة ختمتها بـِ ضحكة قصيرة قائِلة: شعور الفِقد لـِ حاجات مبقتش موجودة، للأبد.. وصعب تكون موجودة تاني.
شعرت أنها تحدثت بأريحية مع غريب، شخص لم تلتقِ بِه سِوى مرتين، فـ قررت حجم حديثها والتقليل من الثرثرة وقالت بإبتسامة: لو معطلاك عن شيء!
في عقلهُ *العالم وأي حاجة تانية هي اللي معطلاني عنك *
قال وهو ينظُر لها: لا إطلاقّا إنهاردة يوم أجازتي، ومش من عادتي التسوق في غيري بيجيبوا حاجات البيت.
شعرت بـِ ضيق طفيف لم تعلم مصدرهُ وقالت: إنت متجوز؟
لعنت غبائها في عقلِها لإنها طرحت السؤال بـِ طريقة بِها لمحة مِن الضيق فـ قررت تلطيف ما حدث بإبتسامة، قال وهو يضع كِلتا يديه في جيبهُ: لا أنا مش مُرتبط عاطفيًا مع حد.
لاحت إبتسامة صغيرة على جانِب ثغرها لاحظها هو فـ إبتسم بـِ دورِه وقال: إحم، القُطة لوحدها في البيت؟
رفعت باتريشيا أكتافها وقالت: دي طبيعتهُم بيحبوا قعدة البيت خاصة القُطط الشيراز.
عقد حاجبيه وقال: طب ليه لقيتها برا بيتك؟
باتريشيا وهي تتأمل أكياس المعكرونة: عشان زعقتلها إنها قطعت المحارم الورقية.
إنقشع ظِل فريدريك القاطِن بِرفقة عاهِراتهُ في كيوبيد، وحلت ظِلال فريدريك الصغير الذي يرتدي حقيبتهُ المدرسية، ويُصفِف شعرهُ جانِبًا كـ المُسالمين..
معها يعود لعهد روحه البريئة الذي يفتقِدها، معها يشعُر بـِ أُنس العائلة والحياة الروتينية البسيطة التي يحلم بِها المرء مع من يُحِب، ظل يسيرُ معها وعربة التسوق الخاصة بِه فارغة نوعًا ما، وعربتها مُمتلِئة، مِثلُها تمامًا مُمتلِئة وتنبُض بالحياة، ما أن إنتهت حتى إستدارت ونظرت لهُ وهي تقول بإبتسامة حيوية أشرقت في ظلام قلبهُ الشمس: خلصت، إنت تقريبًا مشتريتش حاجة!
إبتسم وقال: يمكن سرحت في القهوة اللي هتعزميني عليها؟
_________________________________________
المكان: المنطِقة ٩٠♦
تحديدًا: منزل السيدة روفيدة.
طرقت كادي الباب، فـ قامت روفيدة تارِكة كوب القهوة الخاص بِها على الطاوِلة، إتجهت نحو الباب وفتحتهُ وعِندما رأت كادي قالت بترحيب: يا أهلًا يا أهلًا
كادي بإبتسامة مُحرجة: معلش يا طنط بس الفُستان اللي هروح بيه البحر معاكُم مقطوع وعاوز يتخيط، عندك خيط لونُه بيبي بلو؟
نظرت روفيدة للثوب في يدِها وقالت: تعالي هخيطهولك وهيبان كإنُه جديد.
كانت كادي ترتجِف مِن البرودة فـ قامت بالدخول، كالعادة رائحة منزل روفيدة يشِع بالنظافة، جلست على الأريكة وهي تُمرر إصبعها على ذِراعها في حركة تلقائية تنُم على التوتُر، غابت عنها روفيدة لدقيقتين لِتُحضر عُلبة أنيقة مُمتلِئة بالخيوط، وأحضرت نظارتها الطبية ثُم جلست أمام كادي مُجددًا وهي تقول: مُمكن أشغل المكنة بتاعة الخياطة بتاعتي بس أنا شايفة الموضوع بسيط، بس إيه الفُستان الرقيق دا هيبقى جميل عليكِ، عارفة لو لونه زيتي هيليق مع عيونك.
إبتسمت كادي بخجل وقالت: عندي بس ماما بتقولي جريء عشان فوق الرُكبة ومبترضاش إني ألبسُه.
روفيدة بتركيز مع الرِقعة: عندها حق، أنسة جميلة زيك حقها تخاف عليكِ
ميلت كادي رأسها فـ قالت روفيدة: قومي هاتيلنا بيتيفور وسابليه من الثلاجة، نتسلى وإحنا قاعدين.
كادي بإحراج: من الثلاجة!
رفعت روفيدة رأسها وقالت: أيوة! هو أنا حاطة فيها الدهب والألماظ، قومي متتكسفيش دا فيها أكل مش خصوصيات.
قامت كادي لِتُحضِر ما طلبتهُ روفيدة، وبينما هي تسير تجاه المطبخ، وقعت عينيها على صورة.. جعلتها تقِف مُتسمِرة أمامها تتأملها بِصدمة!
______________________________________
المكان/متجر على أطراف المدينة ♦
كان التسوق برفقتها كـ شفاء بعد مرض دام لأيام ، خرجوا من المتجر سويًا ونظرت باتريشيا لسيارتها قائلة :أظُن بما اني هعزمك على القهوة تركب معايا ..
ابتسم فريدريك ابتسامة جانبية وقال :بس هترجعيني هنا تاني بعربيتك عشان اركب عربيتي لما القهوة تخلص
قالت هي بضحكة قصيرة تُشع بالحياة : موافقة
ولو ان داخله كان يتمنى ان لا تنتهِ القهوة أبدًا ،نظر لها وهي تقود.. خصلات شعرها السوداء المُنسدلة على كتفيها بنعومة،وبشرتها البيضاء التي تظهر بجمال من سواد خصلات شعرها ، والشامة السوداء بالقُرب من شفتها .. اغلق عينيه وهو يتذكر
_________________________مُنذ سنوات
بعد ما خرجوا الثُلاثي من منزل الشجرة ، وصلوا الى منطقة على اطراف البلدة .. بها جزء مخصص به طاولات ومقاعد خشبية زُينت بالمفارش الحمراء والورود البيضاء ،كانت مصابيح الاضواء معلقة على الاشجار المزروعة على حافة البحر
نظر فريدريك الى فساتين واثواب النساء القصيرة المزركشة من حوافها السفلية ،واكتافهم العارية من الفستان،وشعرهم المتجمع كله أو منسدل وبجانب وجنتهما وردة لطيفة اللون تتماشى مع لون الثوب، حاوط غبريال عنق فريدريك بذراعه وهو يضحك بسعادة وقال : احتفال على الطريقة الاسبانية هو احتفال مثالي، هيخرجك من شعور الكبت اللي وضعك فيه والدك،انا عاوزك تنبسط!
كاد فريدريك ان يتحدث مع باتريشيا لدعوتها الى باحة الرقص ليبدأوا بالرقص سويًا لكنها كانت بالفعل قامت بسحب غبريال الى الباحة لترقُص معهُ .. كانت الحفلة فوضوية للغاية وبدون اي اهتمام لما يفعله الاخرون، كان فريدريك يراقب باتريشيا وهي تتمايل بغنج بين ذراعي غبريال .. نظر للفتاة التي تحتسي الجعة بجانبه بعد ما وضعت يدها فوق فمها وركضت بعيدًا لتستفرغ . نظر هو للكوب المُمتليء الذي خلفته فقام بأخذ الكأس وارتشفه على فم واحد،بدأ يسعل بشِدة حتى احمر وجهه .. راقبه احد الرجال الثملين وهو يقول بلكنة انجليزية مفهومة نوعًا ما : أيها الفتى، الخمور لا تتناسب مع من هم في مثل عمرك، يمكنك اللعب بالكرة افضل من التسكع في الحانات ..
نظر له فريدريك وهو يمسح فمه بذراعه وقال بنظرة غاضبة وذات اللكنة التي تحدث بها الرجل: ان ناسبني العشق في ذلك العمر لما الخمر يحرم علي ، اعتقد ان الحُب يُثمِل العقل أكثر من أي شيء أخر
ذُهِل الرجل الثمل منه ومن قوة تعبيره التي لا تتناسب أيضًا مع عُمره
ظل يبحث فريدريك بعينيه عن أي كؤوس أخرى مُتاحة ، لانه يعلم أن فتى الحانة لن يقبل بإعطاؤه نظرًا لعمره الصغير .. أنهى فريدريك في تلك لليلة أربعة كؤوس .. بينما غبرييال وباتريشيا إندمجوا مع بعضهم البعض دون أن يعيروه أي إهتمام
الغريب في أمره أن الحُب داخلهُ إشتعل بدرجة كبيرة .. عشق لا يتناسب مع براءة الطفولة .. رُبما كان حُب إمتلاك .. لا يعلم ولكِنه بات في الأونة الأخيرة يكره رؤيتها برفقة غبريال .. لإنها مُعظم الأوقات معهُ
بعد ما ثمل تمامًا ، وقف على أحد الطاولات وهو يترنح .. ورفع كِلتا ذِراعيه للأعلى صارِخًا بنشوة وسعادة جعلت الجميع يتوقف عن الرقص وينظُر لهُ حتى غبريال زبارتيشيا
هتف فريدريك قائِلًا : يسقُط الحاخام وتسقُط طيور السلام واللعنة على تِلك المدينة التي لا تغفو أو تنام!
تهامس الجميع بينهُم وبين بعضهُم عن ماهية ذلك الفتى الصغير ذو الملابس المُهندمة ، حتى أدرك أحد الحاضرين وقال بصوت مُرتفِع : إنه إبن الحاخام إليوس ناحوم !
تلقى فريدريك تِلك الليلة على باطن قدميه إحدى عشر صفعة بالعصاة الرفيعة .. ومُنِع مِن الذهاب إلى المدرسة الإليونسية .. على أن يُشارِك بدلًا مَن ذلِك في قراءة صفحات مِن التوراة في المعبد ..
الوقت الحالي ..
توقفت سيارة باتريشيا التي تقودها وهي تُصفِق أمام وجهه حتى يستفيق ،نظر لها وهو يرتجف فعقدت حاجبيها قائلة : إنت بخير ؟ أجيبلك مياه!
تنهد وهو يلتقِط أنفاسهُ كـ من كان يركُض وقال: أنا بخير شردت شوية بس
قامت بخلع حزام الأمان الخاص بِها وقالت بإبتسامة ترحيبية : وصلناا
ترجل فريدريك من سيارتها وهو ينظُر إلى منزِلها ، كان في الحديقة المجاورة لها عِندما وجد قِطتها .. تنفست هي الصعداء وهي تقول : تحب نقعُد في الحديقة ولا جوة ؟
قال وهو يتأمل منزلها بعناية بواسطة عينيه الثاقبة للتفاصيل الغير ملحوظة : جوة لإن الأجواء باردة .
أشارت بيدها له ودخلوا سويًا المنزل .
بمُجرد دخولهُم المنزل قامت باتريشيا بخلع مِعطفها وعلقتهُ خلف الباب وقالت لفريدريك ان يفعل المِثل .. تفحص مدخل البيت مِن الرُدهة، سجاد طويل باللون الأزرق الداكِن وعلى جهة اليمين مرآة طويلة ..لطالما أحبت باتريشيا الإهتمام بذاتها بدرجة كبيرة ،النافذة الكبيرة ذات الحواف البيضاء هي أول ما سيُقابل نظرك عِند الدخول مِن باب الشقة ،ثُم رائحة الياسمين التي لطالما عشِقتها هي
أكمل طريقهُ إلى الصالة الواسِعة ،سجاد باللون الداكِن الأزرق ولكن نقوشاتهُ مُختلِفة..مُرصع بالورود البيضاء الصغيرة على حوافه .. ولوحة كبيرة عُلِقت فوق الأريكة الرمادية لفريدة كاهلو
أحضرت باتريشيا القهوة ومعها بعض مِن الكعك ،وجلست بجانب فريدريك وهي تقول : أتمنى يكون ستايل بيتي وذوقي نال إعجابك
فريدريك بإعجاب واضح قال : ذوق رقيق ينُم عن شخصية هادية
ضحكت باتريشيا وقالت بتنهيدة إنبعث مِنها شوق كبير: كان لازم تشوفني
ايام الطفولة
في داخِلهُ كان يود أن يقول أنهُ لا يتذكر سِوى أيام الطفولة،لقد كان يُسميها فتاة الطاقة الإيجابية،كانت بمُجرد جلوسها بجانبك تشعُر
ان جسدك إكتسب قوة للرقص طوال اليوم دون كلل أو تعب
نظر
امامهُ إلى تِلك المِنضطدة البيضاء الباهِتة .. كانت تحمل فوقها شمعدان ثُلاثي يحمِل ثلاثة شموع ،وصورة في إطار كلاسيكي عتيق
ضيق عينيه ليتأمل الصورة ، لم يستطع رؤية تفاصيلها جيداً لِذا قام مِن على الأريكة وإقترب مِن الإطار ،نظر لهُ بتمعُن عن قرب وهو يُدقِق في ملامح من بالصورة
كان هو وهو طفل وباتريشيا وغبريال… الصورة كانت بالقُرب مِن الكنيسة الكاثوليكية التي يرتادها غبريال ، شعر أنهُ يبتسِم بشوق تلقائيًا وبدأ في تلمُس الصورة بأصابعهُ .. ما أثار إعجابُه أن باتريشيا لم تُخفي صورتهُ،في المرة الأخيرة التي رآها بِها أخبرتهُ أنها لا تود رؤية وجهه مُجددًا ،ظن أنها قد تتخلص من أي شيء يجمعهُما سويًا ،ذُعِر عِندما وجد يد تمتد لتقلب الصورة بلا هوادة، إلتفت ليجدها هي تلتقِط أنفاسها وتُحاول ضبط أعصابها.
فريدريك بتوجس مُزيف: هي صورة مكانش ينفع أشوفها؟
تصنعت إبتسامة سريعة على وجهها وقالت وهي تلعق شفتيها بِلسانها: لا هي بس ذكريات قديمة بتتعبني، قهوتك هتبرد!
دعوة صريحة مِنها أن يلتزِم مِقعدُه ولا يعبث في المنزل، عاد أدراجهُ إلى الأريكة مُجددًا وإلتقط الكوب الخاص بِه، وهو ينظُر لها تُحاول العودة لطبيعتها مُجددًا
شكر الرب أنها لم تعلم أنهُ فريدريك.. كان حُرِم مِنها مرة أخرى.
_________________________________________
المكان: منزِل باتريشيا
التوقيت: قبل غروب الشمس بلحظات ♦
وقف على باب منزلِها من الخارج وهو ينظُر لها تحت ظلال أشعة الشمس الباهِتة، إبتسمت لهُ وهي تستند بكتِفها على الباب وقالت: محسيتش بالوقت كان الحديث معاك مُمتِع الحقيقة.
فريدريك وهو يتأمل ملامحها بـِ حُب حاول إخفاؤه: أنا كُنت سعيد أكتر الحقيقة، كانت أحلى قهوة تذوقتها في حياتي، ان لم أكُن ببالِغ.
ضحكت باتريشيا بعفوية وهي تقول: بتبالغ فعلًا، هوصلك لعربيتك.
أشهر كف يدهُ أمام وجهها وقال: مش مستاهلة خليكِ، حابب أتمشى.
رفعت أكتافها قائِلة: مش ورايا حاجة، هتمشى معاك!
أغلق عينيه نِصف غلقة وقال: حقيقي مش مستاهلة، هكون بخير.
أولاها ظهرهُ وكأن الجلوس معها أعاد لهُ روحه الحقيقية المفقودة، أوقفهُ تساؤلها بـِ لهفة وهي تقول: هشوفك تاني؟
توقف في مكانهُ ثُم نظر لها وقال وهو يُعدِل مِن موضع النظار فوق أنفهُ: جايز!
________________________________________
المكان: المنطِقة٩٠ ♦
التوقيت: صباح اليوم التالي.
كان إياس يضع الحقائِب الخاصة بِهُم داخِل السيارة، يرتدي قميصهُ ذو النِصف أكمام باللون السماوي، وبِنطال قصير فوق رُكبتهُ باللون الأبيض، يرتدي نظارتهُ الشمسية بُنية اللون، وخُصلات شعرهُ الأشقر الداكِن تتماشى مع الهواء.
إستند على سيارتهُ بُظهرهُ وهو يُخرِج الڤايب” سيجار إلكتروني، مِن چيب بِنطالهُ ويستنشِق مِنهُ دُخانًا وينفُثهُ
وقفت روفيدة بجانِبهُ وهي تقول: مهد ومامته خلصوا وركبوا عربيتهُم، وكذلِك غالي ومامتُه.
إياس بغضب واضِح: أه وإحنا واقفين مستنيين الهوانم اللي بليتيني بيهُم عشان يروحوا معانا.
نظرت والدتهُ حولها وقالت: شش وطي صوتك، حرام ننبسط وهُما قاعدين لوحدهُم الأوضاع مكانتش أفضا شيء عليهُم، إفهم عمك أذاهُم زي ما أذانا.
نظر لها إياس مِن خلف نظارتهُ الشمسية وقال: الأفضل متفتحيش الموضوع دا معايا عشان مطلعش وأسيبكُم.
تنهدت والدتهُ وقالت: طب إهدى طيب، أنا هركب العربية مع مهد عشان مامتُه شكلها مش طبيعي، خُدهُم معاك في عربيتك.
تركتهُ وذهبت فـ قال من بين أسنانُه: يا ماما!
ركبت السيارة الخاصة بِـ مهد، نزل مهد مِن السيارة وهو يتجِه إلى إياس، كان يرتدي قميص بِـ اللون الزيتي بـِ نِصف أكمام، وبِنطال قصير مِن الچينز الأزرق الداكِن، ونظارة شمسية سوداء.
إقترب مِن إياس بـِ يدهُ المُلتفة بالشاش، نظر لهُ إياس وقال: مال إيدك يابني؟ مالك شكلك تعبان
هندم مهد مِن خُصلات شعرهُ ووضعها خلف أُذنهُ وقال: مِش تعبان ياعم كُنت بنظف الكمان والوتر بِتاعُه المفكوك جرحني، هروح أجيب علبة سجاير مِن الماركِت وجاي.
إياس بصدمة: مِش كُنت خففت السجاير؟
مهد بنبرة لا تحتمِل الجِدال أو النِقاش: دماغك بقى.
تركهُ وذهب تجاه، المتجر، بينما هو يسير تجاه المتجر صادف لاڤندر تخرِج مِن البناية الخاصة بِها، إرتجف عِندما رآها لكِنهُ سريعًا أشاح وجههُ عنها وعقد حاجبيه وهو ينظُر أرضًا.
عِندما رأتهُ لاڤندر قالت بهدوء: صباح الخير يا عمو مهـ..
رد بإقتضاب دون أن ينظُر إليها وهو يتجاوزها: صباح النور.
وتركها ورحل! دون أن يلتفِت حتى! شعرت بالغرابة أنهُ لم يعُد ينظُر لها بأعيُن مُحملة بالعِشق.
لم تفهم ماذا حدث تحديدًا فـ ظلت تُراقِبهُ مِن بعيد.
نفث إياس دُخان السيجار الخاص بِه، لـِ يجِد حِذاء أُنثوي يظهر بـِ ساقين ناعمتين ناصعتين البياض، ركز نظرهُ عليها وهو يتحسس السيجار في يدهُ، حتى ظهر وجه كادي بـِ ثوبها الأزرق الرقيق والبسيط، كان يلِف جسدها كـ وردة سـ تُقدم لإحدهُم.
شعر بـِ سخونة في جسدهُ وهو لا يُشيح نظرهُ عنها، حتى وصلت إليه ووقفت أمامهُ وهي تحمِل حقيبتها البيضاء على ذِراعها، نظرت لهُ والشمس مُتعامِدة على بؤبؤي عينيها زيتونية اللون وقالت: هنتحرك؟
تنحنح إياس وهو ينظُر لـِ جِهة أُخرى وقال: مستنيين مهد بس.
ثُم أضاف قائِلًا: فين مامتك؟
كادي بـِ نظرات لا تُزيحها عن وجهه: ركبت مع طنط روفيدة وطنط مامة عمو مهد.
إياس بـِ نبرة رجولية بارِدة: طب ما تركبي معاهُم.
كادي نظرت لعينيه وقالت: لا هركب معاك عشان متسوقش لوحدك.
شفتيه إنفرجت إنفراجة صغيرة وهو يتأملها، شيئًا ما لا يستطيع فِهمهُ بِها، ونظراتها غريبة.. دافِئة نوعًا ما.
حضر مهد واشار لإياس أن يبدأوا في القيادة تجاه الباخرة.
فتحت كادي الباب بجانِب إياس، وقبل أن تصعد شعرت أن قدمها تُلوى فـ لم تستطِع التوازُن، فـ شهقت قبل ان تقع لِتجد ذِراعين قويتين يُمسِكون خصرها، ويضُمها لِصدرهُ في حركة تلقائيو حتى لا تقع.. كانت ترتجِف وتلتقِط أنفاسها بِصعوبة مِن الصدمة.
وجد إياس جسدها يرتجِف بين يديه بقوة فقال وهو يُملِس على رأسِها: ششش بس بس إهدي متخافيش.
ترجلت روفيدة ووالدة كادي مِن السيارة وهُم يقولون: إنتِ كويسة؟ حصل حاجة؟
أعادت كادي رأسها للوراء، على صدر إياس تحديدًا.. ورائِحة عطرهُ إلتصقت بِها، أغمضت عينيهها وهي تقول في رأسِها( أنا بين إيديه.. في حُضنه، وراسي عند قلبُه تحديدًا)
________________________________________
المكان: كيوبيد ( السيرك الروماني القديم) ♦
تحديدًا: غُرفة فريدريك.
كان مُستلقي على فِراشُه وهو يتذكر باتريشيا وتفاصيلها، في الآوِنة الأخيرة بات تارِكًا كُل شيء ومُنعزِل في غُرفتهُ يتأمل السقف ويتذكرها، إما يُراقِبُها
طرق شديد وصفع على باب غُرفتهُ، عقد حاجبيه وأظلمت عيناه مُجددًا بـِ غضب، عض على شِفتهُ السُفلى وهو يفتح باب غُرفتهُ ويُشهِر سِلاحُه في وجههُم ويقول: في إيه يولاد الو*** على الصُبح؟؟
كانت الصدة والرُعب يعتلي وجوههُم وقالت إحداهُن: إلحقنا يا فريدريك، اللي حصل مُريب ومش مفهوم!
فريدريك بإتساع أعيُن: في إيه؟
مدت الفتاة يدها بـِ ورقة مطوية وقالت: إقرأ دي الأول، بعدين تعالى معانا عشان تشوف..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مقامر المحبة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى