رواية عشقتك وحسم الأمر الفصل الثالث 3 بقلم نهال مصطفى
رواية عشقتك وحسم الأمر الجزء الثالث
رواية عشقتك وحسم الأمر البارت الثالث
رواية عشقتك وحسم الأمر الحلقة الثالثة
1- اليوم المشئوم .
مر اسبوع على نفس الحال ، لم تُغادر وعد غرفتها الا قليل ، اصبحت سجينة لاكثر من سجان ،، والاصعب سجن قلبها الذي تحاصره اضلع الهم والوجع ،، لازلت تُناجى ربها وتتضرع إليه كي ينتشلها من غابات الحزن المُتكثفه فوق قلبها ، لم يَكُف حمزه عن اساليبه التى اوشكت ان تشطر عقلها لنصفين مستلذًا بتمرد صغيرته التى اصبته اعينها بأسهم عشق علقت في قلبه ما يقرب من خمسة عشر عامًا .
في هذا اليوم العجيب ، اشرقت الشمس محجوبه خلف سحب متكثفة ، استيقظت عصر ذلك اليوم بتثاقل شديد تشعر بداخلها بركان يتوق لميعاد انفجاره ، صوت طرق علي باب غرفتها اردفت بصوت يملأه النوم
– اتفضل ..
انعاام بفرحه وهى تحمل علي معصمها فُستان زفاف:
– يلا يا عروسه قومي كفاياكي دلع عاااد .. في عروسة تنام كل دا !
صوت خافت يُردد من داخلها : هى فين العروسة دى بس !!
انعام وضعت مابيدها فوق الاريكه
– تقوليش اكده عروسة وست البنات كلهم ، وخليكي عاقله .. حطي حمزه زي الخاتم ف صبااعك وهو اللي هيرجعك حقك .. صدقيني .. والراجل باين عليه عيحبك ياستي .. حتي شوفى بعتلك دا ..
مطت جسدها بتكاسل فوق فراشها
– بيحبني ..! طيب .. هو اللي جابو لنفسه .. هكرهه فى اليوم اللي فكر يتجوزني فيه .. وهتشوف يانا ياانت ياحمزه بيه الخيااط .
انعام بتساؤل : سرحت في ياوعد !!
– ولا اي حاجه يادادا .. اعمليلى اي حاجه سخنه اشربها لو سمحتى ..
– من عينيا يلا قومى كده وروقى .. لسه ورانا حاجات كتير ..
انصرفت انعام بخفه من امامها ، نهضت وعد من فراشها بتكاسل كأن جبال الهم رُسخت فوقها ، التفت نخو الصوت الصادر من هاتفها ظنت انه كعادته ” حمزه ” ولكن سرعان ما خاب ظنها عندما قرات اسم المُتصل ” طارق ” ، وخزه صوبت نحو قلبها تحديدًا كان اثرها انسكاب دمعه فرت من سجن عينيها
وعد مردد لنفسها وبنبره سااخره
“مممممممم لسه فاكره يادكتور طارق !!.. عموما هرد عشان تعرف بس نتيجه تطنيشك”
* الووو .. فين اراضيك يادكتور؟؟
طارق متصنعا للحزن واللهفه
_انا اسف ياوعد .. تليفوني اتسرق مني .. وكان وقت مناقشه الرساله بتاعتي .. واول ما رجعت الخط كلمتك .. طمنيني عليكي ؟!
*لا ابدا .. انا كويسه .. وفرحي النهارده كمان .. كنت حابه اعزمك بس مش اكتر
《 لدى حواء صوت مميز فريد للكبرياء ، فأنها علي اتم استعداد ان تتلقي كل قذائف الوجع والالم المصوبة نحوها في سبيل رد اعتبارها ، فحتفها في قبرها اهون من انكسارها والمساس بعزتها 》
ارتبك طارق في مجلسه ثم اردف بعصبيه
“انتي بتقولي اي!! اي الجنان دا .. انتي جري لعقلك حاجه ياوعد؟ ”
اطلقت ضحكه باهته قائله
” اه معلش .. اصلي اتجننت ”
ضغط علي شفته باغتياظ : اتكلمي عدل .. وفهميني ..
وعد مطت شفتها لاسفل : وانت فارق معاك فى حاجه ؟
طارق بنفاذ صبر : وعد .. متجننيش
ابتسمت بسخريه : متتحمقش اوي كده .. اعتبرها جوازه مصلحه .
طارق بانفعال مُتصنع : مصلحة اي ونيله ايه .. ازاي هتتجوزي غيري انتِ اصلا!!!
اغمضت عينيها واخذت نفسًا عميقًا
“بص ياطارق امر واقع واتفرض عليا .. وانا مش قدامى غير اوافق عشان ارجع حقي .. واول ما اوصله .. هطلق وهرجع امريكا ”
طارق بعدم تصديق : اي الجنان دا .. انتي ازاي بتتكلمي بسهوله وببساطه كده .. وعد انا بحبك !! وانتِ بتحبينى ، ازاي هيجيلك قلب تعملى كده !!
امتلات عيونها بدموع حسره
“وانا كمان بحبك والله وامنيتى مالبسش الفستان الابيض غير ليك ، عشان انا مش هكون مبسوطه غير معاك .. .. طار ق مش عاوزاك تسيبني لحد مااخلص منهم ؛ ارجوك ! ”
ساد الصمت لبرهه تنزف فيهما اعينها مرارة ألم غير مُنتهى ثم قالت بصوت خافت
“سكتت ليه؟! .. متعذبنيش اكتر من كده”
زفر بضيق متصنع
_ماشي ياوعد خلي بالك من نفسك .. وانا قريب نازل مصر ..
*متقلقش هيكون جوازه ورق بس ، وجودها زي عدمه .. مش عاوزاك تزعل عشان خاطري ..
اردف قائلا بلا اهتمام :
*لا وهزعل ليه انتي غلطتي .. دانتي يادوب هتتجوزي .. مبرووك ياعروسه .
حركت شفتيها كى تُجادله ولكنه انهى مكالمته معاها بدون سابق انذار ، القت بجسدها في منتصف مخدعها ، فالزجاج المُهشم الملطخ بالدماء مبعثرا علي الارض لم يعد وصفًا كافيا لجروحها الداخليه التى تقرضها بشراسه ..
قُرعت الطبول وارتفع صوت المزمار البلدى ، واحتشد الجميع بين صوت الاغاني والزغاريد الصاخبه
جالسه في حجرتها مرتدية كفنها الابيض ، مُتأمله وجهها فى المرآه والكحل منتشر فوق وجنتيها
《 منذ فراق احبتها اصبح كل شيء تُمارسه مُصطنع ، حتى النفس الذي تلتقطه بصعوبه بشكل يشير انها لازالت علي قيد الحياه 》
تدخل مراة عمها “”نجوي””
– لولولوولولولولوولوولييييييييييي .. مبرووووك ياوعد
صبرتي ونولتي ياحبيبتي عريسك بدر منور تحت .
اعتصرت جفونها بأخر قطرات الدموع المتبقيه بداخلهما ثم اردفت قائله
– ممكن تسكتي مش عاوزه اسمع كلمه …
نجوي دنت منها وقبضت علي ساعدها بقوة وبعيون متسعه اردفت قائله
“بت انتي هتتعدلي ولا لا !!.. والا اقسم بالله اخلي عمك يدفنك مُطرحك هنا .. وافرديها شويه بلاش بوز امك ده ، جاكي الفقر”
صرخت بوجهها :حررام عليكي بقا حرااااااام … انا عملتلك ايه لكل ده ..ليه بتعملي فيا كده !!!
نجوي بسخريه :
– ماتعيشش جو المظلومه دهون .. متحلميش انك بالشويتين دووول هتتضحكي على حد وهتبوظى الجوازه .. عريسك لو عشتي عمرك تدوري عليه ماهتلاقي زيه بس نقول اي وش فقر ..
انتصب عود نجوى اخيرا ابتعدت عن بخ سُمها بآذان وعد
“ويلااا انجزي المأذون جيه تحت”
وتركتها وهي تطلق من ثغرها صفير الزغاريد الساخره ، وقفت وعد امام صورة والداتها
“شوفتي بيعملوا فيا ايه !! يعني انتي دلوقتي لو كنت موجوده ..محدش كان هيتجرأ يعمل فيا كده !!
يااماما حرام عليكي ارجعي بقا انا انكسرت من غيرك .. حتى الموت قسي عليا اوى واختار اقرب الناس ليا ، والدنيا كلها بقيت ضدي ومحدش معايا ”
دلفت سمر عليها وجدتها في حاله انهيار كلى ، كل عضو بجسدها يرتجف .
سمر بشماته وفرحه
” يلا ياعروسه العريس مستني تحت .. مش عاوزين نطول على ولِد الخياط .. دا كان يطير رقابينا كُلنا ”
شعرت بسكاكين تغرز بقلبها فقط متجاهله باقي اعضاء جسدها ، ماذا برجلٍ يهابه الجميع ويعد له الف حساب ، رجلٌ كلما تحدثوا عنه ذكر اسم الدماء وتطاير الرقاب ، كيف سيقفل عليهما بابًا واحدًا ، وهى بفردها لم تجد من يقف في صفوف جيشها !!
مسحت دموعها مستسلمة لقدرٍ مجهول الهوية ، استجمعت شتات قوتها مُتقدمه بخطوات متزعزعه حتى وصلت لساحه المنزل جلست فوق الاريكه باستسلام وهدوء لانها تري ان مابداخلها تعجز عن وصفه حروف اللغة .
نجوي تتمشي بتخايل فى حديقة القصر
“انت يا زفت عتعمل ايه عندك! ”
رامي وهو يفرك كفيه بحماس
-“ايه يانوجا !!.. ما انا زي الفل اهو والدنيا نسوان واخر دلع هيصي وخلي الشعب يهيص .. شايفه البنات ؟ انا مش عارفه ولد الخياط يعرف الحلويات دي منين الفرح كله نسوان يحلوا من فوق حبل المشنقه ”
نجوي لكزته في كتفه بنفاذ صبر
– غبي وهتفضل طول عمرك غبي ..انت مش هتتحمل المسئوليه ابدا ياابني روح اقعد مع ابوك وامسك شغله ، كل ده بشطارتك هيكون ليك في يوم وليله يافالح .
رامي بسخريه ودون اهتمام
– انتي عتوهمى نفسك ياما .. كل العز اللي احنا فيه ده بتاع جدي وعمي سامي وكله مكتوب باسم وعد يعني احنا كلنا كده بربطة المعلم شغالين عندها .
كتمت انفاسه بكفها ثم اردفت قائله
– اشششششششششششششششششش انت اتجننت!! اوعي حد يعرف كلمه من الموضوع ده اخرس خالص
مش عاوزه اسمعك تقول اكده .. كل ده هيبقي ليك انت وبس .. فاهمنى .
رامي بسخريه :ازاي يعنى !!!
نجوي بمكر :ازاي دي .. سيبها عليا
رامي ممازحا :طيب ي نوجا خططي انتي وسبيني انا وسط البنات الحلوه دي..
اختفى من امامها قبل ما تتفوه بحرف واحد ليقف مع احدهن ، زفرت نجوى بضيق
– غبى .. غبي !!
قبضة قويه تعتصر قلبها بدون رحمه .. جالسه كالمومياء التى لم تخرج عن صمتها بعد ،تضرب الارض بقدمها بهدوء محاوله اخفاء دمع عيونها ..كان عقلها متغيبًا مكدرًا ، لم تستوعب ما يجري امامها من اتفاقيه تسليمها الي سجانٍ اخر .
كان من حين لاخر يختلس نظره نحوها ، ويتأمل ملامحها التى كساها الدمع ، مشفقًا علي هيئتها الهازله ، ولاول مرة يلمس الفرح قلبه ، فاليوم جنى ثمرة انتظاره ، تمنى ولو تكون في ذروة سعادتها هى ايضا وتشعر بما يشعر به ، تمنى ولو تشاركه الطيران فوق بروج الحب ، ولكن علي اية حال فاتخذ ميثاقًا علي نفسه لا يذُيقها الا شهد الحياة منذ تلك الساعه التى كُتبت على اسمه .
” وانتم الان زوجان على سنة الله ورسوله ”
كانت تلك العبارة تحول مفاجئ للجميع ، فاقت وعد من شرودها على شلالات دمع تنهمر من داخلها بدون توقف ، وثب حمزه قائما ليتلقي التهنئات والمباركات ، ارتفع صوت النساء مغردا بالفرحه وصفير الزغاريد المبهجه .
جمال وهو يحتضنه : مبروك ياعرريس ..
الهام انفجرت قنبله الزغاريد من فمها بدون نهايه
– مبروووك ياولدى .. ربنا يجعلهالك الاول والاخيره ..
ثم قربت من وعد لتُقبلها ، لكن ما فعلته وعد ثار غضبها وتوعدها لها عندما رفضت ان تقبلها ودارت وجهها للجهه المقابله .
شعرت الهام بالضجر والضيق قائلا بحده
– خد مرتك ويلا روح ياحمزه .
لم يُلاحظ حمزه مافعلته امراته ولكنه تعجيب
– لسه السهرة طويله ياما .. والمعازيم دول اسيبهم لمين !!
ردت امه بحده
– قولتها كلمه ومش هتنيها ..
تجاهل حمزه صيغه امه الآمره له ثم اقترب من وعد .. وعلي المقابل فعل الهام اثار فضول ” لقاء ” اخت حمزه
– جراك اليه ياالهام !! مال وشك اتقلب ليه ؟
الهام بضيق : البت ماده بوزها شبرين لقدام ،، هى من اولها هتشتغل فالازرق .. لا والنبى هتشتغل هي فى الازرق هطلعه سواد عليها .
ضحكت لقاء بمزاح : انتِ هتعيشي جو الحموات دا من دلوقتي ياالهام !! افرحى وخلى حمزه يفرح .
جلس حمزه بجوارها بهدوء تام
” عاوزه تروحى ولا حابه تقعدى شويه ياعروسه”
جملته كانت كالرصاصه اصابت قلبها تلقتها بجسد مرتجف .. قُبض قلبه لما رأه في عينيها من خوف ورهبة قائلا
– مش هاكلك والله .. انا بسألك اهو ؟!
بللت حلقها الجاف ثم اردفت قائله
– مش هتفرق هنا نار وهناك نار ..
ابتسم بحنو : معاكى حق ، بس في تعديل بسيط لازم تعرفيه هناك مافيش غير نوع واحد بس من النار ، وهو نار عشقك .. وانا بوعدك مش هتشوفى نار غيرها .
رمقته بنظرة يائسه فاقده جميع معالم زهو الحياة ، اكمل حمزه قائلا بحماس
– بس انا شايف انك تعبانه ومحتاجه تنامى ، فيلا بينا دلوق ..
لم تُعاند تلك المره ، لم تتمرد ، لم تردف ب لا ، لم تنكر ان كلماته بث نوعًا خاصًا من الطمأنينه بداخلها ولكنها تجاهلتها خلف ستار حُبها الاول والمنتظر ، قامت معه بهدوء ، مسك كفها وطوقه بذراعه الاقرب بالضخامه مقارنه بحجمها ، توقف حمزه عن السير بسبب نداء جمال الهامس
“حمزه بيه !! استني انت رايح فين .. واتفاقنا ؟”
ابتسم حمزه وهمس ف اذانه : كل الورق في شنطه العربيه تقدر تروح تاخده حالا ..
داعبت ثغره ابتسامه انتصار عجيب فركض تجاه سياره حمزه وفتحها بحرص .. وجد حقيبه سوداء بها مجموعه اوراق .. مرر جمال عينيه عليهما سريعا حتى اعتلت شفتيه ابتسامه فخر
“عفارم عليك ياولد الخياااط .. كده اللعب احلو ..”
زُف حمزه وعروسته الي سيارته المصفوفه بالخارج وخلفه حشود من الاهالى يتغنون بمرح ويرددون الاغانى الشعبيه المنتشره بينهما .. عند باب سيارته سقطت عين حمزه علي جمال الواقف اقصي يساره ، تبادلا الاثنين بنظرات لم بفهمها سواهم ثم انحنى ليساعدها كى تدخل للسياره وبعد محاولات عديدة نجح اخيرا في قفل بابها ، ثم تحرك بخفه وانسيابيه ليجلس بجوارها .
انطلقت سيارته وخلفها صفوف لا تُحصي من السيارات وهذا ما اصابها بفضول واستغراب ولكنها سرعان ما دخلت بافكارها في الف متاهه اخري .. بعد مرور الوقت وصلوا امام فلتهم ذات الطراز الحديث ، فتح السائق الباب لحمزه ليدلف مرتديا جلبابه الابيض الفضفاض والعمه المتربعه في راسها ثم توجه نحوها ليفتح لها الباب .
دلفت منها بضيق وتأفف وتحركت بخطوات واسعه ، لحق حمزه بها حتى وصلا الي باب المنزل
حمزه قرب من اذانها وهو يفتح الباب مداعبا
” متحسسنيش انك مغصوبه على الجوازه!! .. افردي وشك اكده ”
اجابته بتأفف
“افتح انت وساكت ”
فُتح الباب اصبحت واقفه علي اعتابه تتأمله من الداخل والخوف بداخلها يرتعد ، تردد ساقييها في الدخول لم يعد لديها الشجاعه الكافيه لتدلف ساحه سجنها بقدميها ، فُزعت علي الصوت الجمهوري القوى الصادر من خلفها ، دارت براسها للخلف لتجد جيش يُراقبهما ..طافت عينيها في حميع ارجاء المكان ، احست بدوران في رأسها وبدلا من ان تدور بها الارض هى التى تدور حولها لتكتشفها وتراها بعيون مُكتشف للمرة الاول .
كشهقة ولادة انطلقت من فمها عندما احست بجسدها يُحمل من فوق الارض فجأه ، خفق قلبها هلعا ورعبا عندما وجدت نفسها بين حصار ذراعيه وحصن قفصه الصدري وعدسات عينيه تتأملها من اعلى شرعت ان تنهرهه وتلومه ولكنه سبقها بهمسه قائلا
– نقفلوا بابنا ونشوفوا الموضوع دا .. اشششش الناس شيفانا .. اهدي !
دلف بها للداخل وركل الباب بقدمه .. وفوق اقرب اريكه اراح جسدها برفق تبادلا النظرات لبعضهم لبضعة من الوقت ما بين الحيره والخوف والقلق والشوق الذي يملأ عيونه .. ظل يتأملها بحب كأنها كل انتصارته واخيرا اخفق نظره لاسفل مُبتعدا عنها .. ثم شبك كفيه بتفكير .. واخذ نفسا عميقا حتى رفع رأسه قليلا مبتسما :
– ازيك !!
ظلت تراقب ملامحه بإنتباه قائله باستنكار : انت مالك فرحان كده ليه ؟!
اصابه شيئا من الفخر والشموخ :
– خبر ايه اوومال !!.. مش عريس اياااك ودي ليلة عمره .. ميفرحش ليه!!
وضعت خدها فوق كفها واطلقت زفيرا قويا بنفاذ صبر
– اووف .. انت مصمم تشلنى ؟!
صمت لبرهه ثم اردف بهدوء ولاول مره بلهجه قاهراويه
” بصي ياوعد .. عارف انك مجبوره ع الجوازه دي .. وعارف انك مش طايقاني .. بس صدقيني كل دا لمصلحتك .. وهتعرفي دا بعدين .. انا مش عاوزه تخافى منى ولو كنتى اتجبرتى علي جوازك منى اوعدك محدش هيجبرك علي حاجه من هنا ورايح ”
لم تلتفت لاي مغزى خلف كلماته الا ان لهجته القهراويه ثارت فضولها وبعثرت شتات افكارها وصابت رصاصة المجهول حبال فضولها متلهفه لاكتشافه ، فمن هو !!
قضبت حاجبيها وزُمت شفتيها وضاقت عينيها ..
حمزه ابتسم عندما راي تبدل ملامحها
– بتبصيلي كده ليه .. متستغربيش .. انا مش هخوفك مني .. ولو كنتي مستغربه من كلامي .. فده هيكون معاكي وبس عارفك مش بتحبي اللهجه الصعيديه”
اردفت بهدوء : انت اتجوزتني ليه ؟
تنحنح بخفوت قائلا : بلاش تسالي اسئله .. لسه مجاش وقتها عشان تعرفي اجابتها .
وعد بسخريه : وانت شايف مش وقته ؟؟ انا بقيت مراتك ، ايه الوقت اللي حضرتك مستنيه !!
حمزه بلهجه صعيديه : عيقولو النور الكتير عيعمي بلاش تدوري على حاجات تعميكي ..
استغربت من لهجته التى تحولت ١٨٠ درجه فاردفت قائله بحيره
– انا اتجبرت ابقي عميه طول منا عايشه .. هيفرق في اي يعني!!
حمزه قرب منها وجلس بجوارها وابتسم محاولا تغير مجري الحوار
“ناويه تقعدى بفستانك ده كتير!!”
نظرت لها بعيون خائفه منتفضة ، كان حريصا ان يترقب معالم وجهها التى تتحول من كلمه ، وثب قائما بحماس
“الظاهر عليا بكلم نفسي .. طيب تحبي تاكلي حاجه ؟ ”
شعرت بحبال تُطوق حول عنقها فنهرته بنفاذ الصبر
“يووووووووه بقا ممكن مالكش دعوه بيا خالص ”
طأطأ رأسه لبرهه محاولا السيطرة علي جيوش غضبه ثم عاود النظر اليها مجددا
” هعديها المرة دى ياوعد عشان لسه معرفتيش طباعى ، صوتك تانى مايعلاش ، عاوزه تتكلمى اتكلمى بهدوء يابت الاصول ”
كلماته اشعلت كل النيران بداخلها
“اقولك ايه متعشش دور سي السيد والمفروض انى ابقي امينه .. انا ولا بطيقك ولا عاوزاك افهم بقاا يااخي .. وانت بنفسك لسه قايل دا .. فاطلع من دماغك وارحمني .”
استسلم للرغبتها بهدوء
“براحتك عموما انا فوق وقت ماتحبي تيجي تعالي”
وعد بلا اهتمام :ماهحبش ولا هاجي اصلا ..
ضجه نشبت بالخارج عبارة عن اصوات طلقات الرصاص الهاربه من مخازنها ، وهتاف السيدات بالخارج .
وعد بانتباه:ايه الدووشه دي!!
قرب حمزه من نافذه منزله ثم عاد اليها محاولا اخفاء ضحكه ، ظلت تراقبه بعيون متسعه مطوقه بعلامات استفاهميه
– فيه ايه .. واي الدوشه دي !!
اردف بهدوء : دول اهلك واهلى اللي برا
هزت رأسها بعدم فهم قائله
“اهلي !!! وعاوزين ايه !! وهما جاايين ليه ورايا اصلا .. ولا جايين يتاكدوا انهم دفنو الجثه خلاص ”
جلس بجوارها صامتًا ، فقد تطوف عينيه في جميع ارجاء المكان ، ومن حين لاخر يرسل عليها نظرة خاطفه .. ضربت كف علي الاخر بنفاذ صبر
” ممكن اعرف دول برا ليه ؟! فهمنى ”
مط شفته لاسفل مفكرا ثم اردف قائلا بحكمه وهدوء
” وعد .. اهلك واهلي صعايده .. ومن الصعيد الجواني كمان ..يعني انتِ مش عارفه هما تحت ليه ! ”
كانت كلماته عادية لم تُرسل لها اية مغزي لتفهمه ثم اردفت قائله بعصبيه
“وانا هعرف منين ؟؟.. هو في ايه ماتتكلم دغري ! ”
التوت شفته بابتسامه ساخرة قائلا
“ابدا ياستى .. عاوزين يطمنوا عليكِ بس ”
غيوبة من الضحك الساخر انتابتها وهى تضرب كف علي الاخر
” والله فيهم الخير خايفين عليا اووي كده!! ليه وهو انا هتخطف مثلا ، هما مش جوزوني عاوزين ايه تاني يعني مايسبوني في حالي ”
تحمحم بخوف مردفا :مافهمتيش قصدي على فكرة ..
– نعم !! ايه اللي مفهمتوش ؟!
رفع انظاره نحوها قائلا بهدوء
“وعد .. اهلك عشان يمشوا من تحت لازم يطمنوا اننا ………..”
ضربت فخذها بكفها بحيره ونفاذ صبر قائله
“هو انت مابتكملش جمله ابدا.. وبتقطع في النص .. اننا ايه بقا؟”
اكمل بتلقائيه : اننا اتجوزنا !!
وعد بانفعال ونبره سخريه
“مااحنا اتنيلنا واتجوزنا !! يعنى المأذون اللي جوزنا مكنش عاجبهم مثلا !!”
ثم نظرت له بعيون طائفه يمينا ويسارا بتفكير
” اه قصدك ، The virginity of the bride ، لا !! اكيد انا فهمت غلط ؟! ”
ظل يراقب تصرفاتها الطفوليه بصمت تام الا انها قطعته بوقفها امامه قائله بنبرة تحذيريه
” الناس اللي بره دول لو مامشيوش هرتكب جنايه فيهم دلوقتى حالا ”
لم تعلم من اين اتتها جيوش القوة التى جعلتها تثور لهذا الحد امامه ، ربما ما منحها الفرصه لذلك صمته وهدوئه الذي مهد طريق التمرد لها ، او لاول مرة تستشعر بوجود الامان بداخلها وانها بعد رحلة عناء اخيرا عادت الي موطنها الذي لم تعرفه ولكنها بحثت عنه كثيرا .
هو ايضا لم يعلم من اين شُحن بمنابع الهدوء والالتجاء للتريث حتى تستتب الامور ، وربما كان يستحس بنشوة لطيفه تغمره عندما يراها منقلبة الطباع متسلحه بسلاح الثرثره والقوة لتخفى قلقها وخوفها الذي بلغ ذروته بجوفها .. قبل ان يُغادر رمقها بنظرات لم تفهم مغزاها غير انه يخفي خلفهم ابتسامه اشعلت النار بداخلها اكثر ثم توقف ليردف بلهجه قهراويه
– بتفكيرنى بمثل كان بيقول ؛ لو مكنتش شجاع اتظاهر بالشجاعه محدش هيعرف هيفرق !!
صعد متجهًا لغرفته وبداخله فرحة انتصار عظيم ، ظلت ترمقه حتى وصل لاعتاب غرفته بفضول وحيره لتردد بإستغراب
– هو ماله بيبصلى كده ليه ! كأنه عمره ماشاف بنات غيري ، نظراته غريبه انا عمري ما شوفت عيون بالشكل دا !! .
جلست علي الاريكه متأففه بضيق رافعة سيوف العناد والقوة ، نظرت علي شاشة هاتفها الذي لم يُغادر كفها مطلقًا كأنها منتظرة رساله من شخص بعينه ولكنها اصيبت بخيبه امل جديده ، القت هاتفها جنبًا مزفره باغتياظ .
شعرت بصداع يضرب رأسها ، حاولت بقدر الامكان ان تتجاهله ، تقنع نفسها انه صداع مؤقت وحتما سينتهى ، ولكنه غير ذلك ، انها اصبحت عالقه في حياة لم تجد لها مخرجًا ، كأن ضجيج رأسها ات كمنبه ليوقظها من غفوتها ، نظرت لسقف منزلها بتوسل وعيون حمراوتين بلون الغسق
– يارب .. متسبنيش ..
” في الخارج ”
احتشاد جمهوري من اهل العروسين منتظرين مقصدهم ، دلفت الهام من السيارة التى تجلس بها متجهه نحو الباب لتجلس فو درجات السُلم وهي بداخلها جيوش من الضيق والضجر بسبب ما فعلته زوجة ابنها اقتربت منها لقاء مردفة بحكمه
– ياالهام قومى بس ، قاعده هنا تعملى اي ، سوقت عليكى النبي قومى احسن انت خابره راس حمزه ممكن يقتلنا كلنا .
“مش متزحزحه من اهنه غير لما اطمن على ولدي”
قالت الهام جملتها وهي تعقد ساقيها وتضع خدها فوق كفها باصرار وعند .
ضاقت حدقة عينيها بتعجب
” وهو هيتهخطف !! تطمنى علي ايه بس !!”
اقتحمت مجلسهم نجوي وهى تجلس بجانبها مردفه بكلمات تخبئ خلفهم سوء نواياها
” واحنا عااد مامتحركيين من اهنه غير لما نتطمنوا على بتنا .. اومال ايه !! ”
سمر همست في اذان امها بضحك
“يانوجا مش يلا بينا .. متعشيش قوي فى الدوور داحنا دافنينوا سوا ..”
لكزت ابنتها بخبث
“اخرسي .. اش فهمك انتي انتي عاوزاهم ياكلوا وشنا ويقولوا رمينا بتنا !! ”
اصدرت سمر صوت ضحك مكتووب .. وعاودت النظر في شاشه هاتفها بلا اهتمام ، نادت الهام علي حمزه بصوت عالي
” ياحمزه ياولدى ريح قلبي يلا ”
جمله اخترقت الجدران والنوافذ فسقطت علي اذان وعد فجرت نوبات الضحك الساخر بداخلها
“لالا مش معقول هو فى كده بجد !!.. هو انا دخلت العباسيه وانا مش واخده بالي !! اي الجهل والتخلف دا بس ياربي ”
“ضحكتك حلوة قوي ع فكره .. متحرمنيش منيها ”
قال حمزه جملته بعدما راقبها طويلا كالمجنون الذي فقد عقله .
رمقته بنظرة ساخرة
” لا انا اتاكد اني دخلت العبااسيه خلاص ”
اكمل النزول من فوق السلم متجهًا نحوها
“طب قومي يلاه كلي لقمه معايا ”
تجاهلت سؤاله ثم اردفت قائله
” الناس اللي بره دول اي وضعهم ؟؟ ”
جلس بجوارها قاصدا ان يلمس شعرها فازاح خصيله خلف اذنها ليثير بركان غضبها
“الناس دول مستعدين يصبح عليهم صبح ولا هيمشوا غير اما يوصلوا للي عاوزينه . ”
دفعت يده بعيدا عنها بنفاذ صبر
” اااه لا مع نفسهم بقي ، دول مجانين !!”
اجابها ممازحا : طب والعمل!! .. اشري انت وبس وانا اجيب الالي وافجره فيهم حالا .
ضاقت حدقة عينيها فاجابته باقتضاب
“انت مابتعرفش تتكلم غير بالقتل !!”
حمزه ضحك بخفوت ثم قال
” طب قومي كلي .. عارف انك مكلتيش حاجه من امبارح ”
– وانت عرفت من فين انى مكلتش من امبارح ؟!
غمز بطرف عينه متبسما
– انا مش عارف انتِ مستقليه بيا ليه !! انا لو عاوز اعرف العفريت مخبي ابنه فين .. هعرف .
تحركا معًا نحو الطاوله الموضوع فوقها اشهى انواع الطعام ، انحنت لتلملم فستنانها الذي يملأ المكان ، فوجئت به يسحب لها المقعد لتجلس فوقه ، ما فعله اثار فضولها قائله بلا مبالاة
– لو كنت فاكر انك كده هتخلينى احبك تبقي غلطان .
تحرك ليجلس بمقدمه الطاوله الممتده .. محدقًا النظر بعيونها كالاعمى الذي يري نور الشمس لاول مرة
– انا متكلمتش علي فكرة .. صفي نيتك شويه ياشيخه .
رمقته بسخريه : ياحرام !! بظلمك انا !
قطع حديثهم صوت طرق الهام الشديد على الباب بقبضة يدها الحديديه .. التي فزعت منها وعد قائله بنفاذ صبر
“اتصرف مع الناس اللي برا دول احسن اولعهم في نفسي دلوقتي”
اردف بنبرة ثلجيه لا مباليه لثورة انفعالها
– بعد الشر عنك ، شالله اللي يكرهك يارب .
اطلقت صرخه غل وقهر واغتياظ مُشيره له بكفيها
” قاصد تشلنتى !! اوووووف .. القاها منك ولا من المرضي النفسيين اللي برا دول”
حك ذقنه مفكرًا بعيون لم تنحرف عنها كأنه لا يريد ان يُضيع ثانيه واحده بدون ما يملأ بصورتها عينيه ثم انهى كلامه بابتسامة ثقه قائلا..
“اطلعي غيري فستانك طيب ”
وعد بشك وعدم تصديق : انت بتفكر ف ايه مش مرتحالك !!
للمرة الالف قرر ان يلعب علي اوتار ثورانها
” انت خايفه من ايه!! .. للدرجه دى مش واثقه في نفسك ”
اطلقت زفيرا قويًا كافيا لاضفاء صفًا طويلا من الشموع
” انا واقفه بكلمك ليه اصلا !! انت التفاهم معاك مستحيل ”
تركته وهي تركض على درجات السلم كالفراشه ذات الاجنحه تجر خلفها ذيل فستانها الثقيل محاولة الهرب من حصار عينيه الذي كان يُربك شيئا ما بداخلها .. ثم توقفت لبرهه واشارت اليه بسبابتها بنبره توعديه
“عارف لو كنت بتضحك عليا هعمل فيك ايه ”
رفع حمزه رأسه مبتسما لها ثم قال بلا مبالاة
” ولا تقدري تعملى اي حاجه ..”
جن جنونها من بروده اللامُتناهى وكبريائه ، اكتفت بالضغط علي فكى اسنانها بقوة محاولة السيطرة علي اعصابها لانها ايقنت ان الحديث معه مستحيلا كمن يُناطح الصخر برأسه مردده في سرها
– “عشان لما اقتله يبقي معايا حق ”
استدار بجسده نحو المائده ليضع لقمه في فمه مردفًا بمكر
“ياااااارب تظبط بس .. خلينا نرتاح من العالم اللي بره دول ”
وصلت للطابق العلوي وفتحت باب الغرفه التي خرج منها حمزه مغمغه بكلام غير مفهوم ، وضعت كفها علي مقبض الباب لتفتحه
“ياربي عملت اي انا ف حياتي بس .. القاها من المجنون الي تحت .. ولا المجانين اللي برا ولا ..”
اذًا بصوت صرخه قوية اهتزت لها الجدران والنوافذ وسقطت علي اذان الجميع كمطر استغاثه بعد سنوات الحقد ، واقفه مكانها بجسد متجمد مصاب بشلل فالصدمه تسيطر علي كل خليه بجسدها لدرجه الجنون ، حاولت استيعاب ما سقطت عليه عينيها .
هتفت الهام فارحه موجهه كلامها للغفر بنبره قويه
“اضربوو النار ياولد منك له .. واخيرا ريحت قلبي ياحمزه ياولدي”
انفجرت الزغاريد من افواه السيدات ممزوجه بأصوات اندلاع الحرب التي ارتفعت طلقاتها الناريه اعنان السماء .
قهقهه بصوت مسموع شاعرا بالفخر الشديد كمن حرر فلسطين للتو مرددًا
” عفارم عليك ياحمزه .. كانت فين الفكره دي غايبه عني من الصبح !!”
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشقتك وحسم الأمر)