رواية ست البنات الفصل السابع والعشرون 27 بقلم نهى مجدي
رواية ست البنات الجزء السابع والعشرون
رواية ست البنات البارت السابع والعشرون
رواية ست البنات الحلقة السابعة والعشرون
وكأننا ندور فى دائره مغلقه نلتف حولها ثم نعود لنفس النقطه مره آخرى , الان وبعد مرور كل تلك السنوات التى ابتعد عنهم فيها يأتى ابنى الان ليعيد ترابطنا معا ً مره آخرى , اليس هناك فتيات اخريات سوى ابنه داليا !! وكيف لى ان اتصرف فى ذلك الموقف , شردت كثيرا حتى حثنى تميم على الاستفاقه من مخيلاتى
– ماما , انتى سمعانى ؟
– ايوه سامعاك
– ورأيك ايه فى الموضوع ؟
– موضوع ايه ؟
– فيه ايه ياماما مالك ؟
– مفيش حاجه مرهقه شويه , كان عندى يوم طويل النهارده وحفله استقبال الطلاب الجدد وتعبانه جدا , هنام شويه وابقى كويسه
– طيب ياماما على الاقل اوعدينى انك تفاتحى بابا فى الموضوع
– اشمعنى هيا يا تميم؟
– يعنى ايه اشمعنى هيا ؟
– ليه مرام بالذات اللى عاوز تخطبها
– وليه متبقاش هيا
– علشان ….
– انتى مخبيه حاجه ياماما ؟
– هخبى ايه , انا قولتلك انى تعبانه لو سمحت سبنى دلوقتى
– حاضر
انصرف تميم وتركنى أكاد أجن من فرط انفعالى , كنت اريد تحطيم كل ما تقع عليه عيناى ولكنى خشيت ان يسمعوا صوتى بالخارج , دفنت رأسي بين يداى ودموعى تتساقط ألما ً وكأن كل ذكرياتى المنصرمه هاجمتنى دفعه واحده , كنت اسمع صفي ينادى ولكنى لم أجيب حتى دخل الغرفه فوجدنى هكذا , اغلق الباب خلفه بسرعه وركض تجاهى
– فيه ايه يا ميراس مالك ؟
– تميم ياصفي
– ماله تميم بعد الشر فيه ايه ؟
رفعت رأسي ونظرت له بعينات يحرقهما البكاء
– تميم عايز يتجوز مرام بنت داليا
زفر انفاسه المحتبسه وجلس بجوارى يربت على يدى ويبتسم
– ياشيخه وقعتى قلبى افتكرت الولد واقع فى مشكله
نظرت له بعينان تكاد التهامه من شده غضبها
– واللى بقولهولك دا مش مشكله , دا مصيبه
– ومصيبه ليه بس ياحبيبتى ماهو مسيره انه يتجوز
– يتجوز اى حد فى الدنيا الا مرام بنت داليا
– ومالها مرام يا ميراس , البنت كويسه ومحترمه والواحد مشافش منها الا كل خير
– كفايه انها بنت عمر وداليا
– ملناش دعوه بابوها وامها المهم البنت
– وهيا العقارب بتخلف ايه غير عقارب زيها
– ياميراس متخليش غضبك يسيطر على تفكيرك عمرك ماكنتى قاسيه بالشكل دا , وعمر وداليا قصه انتهت من زمان وانتى نفسه عارفه انهم محاولوش يضايقونا ولا اتعرضوا لنا طول السنين اللى فاتت
– يمكن كانوا بيخططوا للجوازه دى , لا دا مش يمكن انا متأكده ان دا تخطيط داليا , صدقنى دى انسانه مش سهله انت متعرفهاش زيي
– مش يمكن الزمن غيرها
– مستحيل
– على فكره انا كنت عارف ان اليوم دا هييجى
– ليه ؟؟
– ببساطه تميم قضى اغلب وقته فى بيت جدته , انتى ناسيه انه كان بيروح كل اجازه بننزل فيها البلد وكان بيبات عندهم وطبعا البيت مفيهوش غير مرام حتى اولاد وفاء مش بيكونوا موجودين كتير واغلب وقت تميم كان بيقضيه مع مرام فلازم هيحبها وهتحبه
– عمرى ما فكرت فى كدا
– دلوقتى مبقاش تفكير بقى امر واقع ولازم يكون فيه تفكير سليم
– تفكير فى ايه يا صفي انت عاوز تجننى
– ليه بس ياحبيبتى انا عايزك تهدى
– اوعى تفتكر انت ولا هوا انى ممكن اوافق على المهزله دى
– طيب ارتاحى دلوقتى وبكره نكمل كلامنا
– مفيش كلام هيتفتح تانى فى الموضوع دا
– اللى تشوفيه يا حبيبتى , انا هخرج واسيبك تنامى
كان الغضب يسيطر على جسدى كله فكانت انفاسي متسارعه وضربات قلبى تتزايد وارتفع ضغط دمى حتى كدت اختنق , خرجت للشرفه استنشق بعض الهواء فسمعت صوت صفي يحادث تميم , اعلم انه لن يتركه حزينا ً ولن يهنئ حتى يهدئ من روعه ويطمئنه , اقترب اكثر دون ان يرونى واستمعت لحديثهم
– متزعلش نفسك ياتميم اللى انت عاوزه هوا اللى هيكون
– يابابا انا مش عارف ليه ماما اتضايقت لما فاتحتها فى الموضوع انا كنت فاكر انها هتفرح انى هتجوز بنت عمى
– مامتك مش زعلانه انك هتتجوز بالعكس دا اسعد يوم فى حياتها ولا معترضه على مرام بس زى ماتقول كدا كان فيه شويه مشاكل بينها وبين مرات عمك عمر
– مشاكل ؟؟ مشاكل ايه يابابا
– ياابنى متحشرش نفسك فى مشاكلنا ولا تحمل نفسك فوق طاقتها وصدقنى احنا مش عايزين غير مصلحتك ومامتك هيا اللى طلبت منى اتكلم معاك
– يعنى هنروح نطلب مرام من عمى عمر
– لو بتحبها اتمسك بيها وسيب مامتك عليا
– ربنا يخليك ليا يا بابا
بالرغم من غضبى الشديد مما سمعته من صفي ووعده لتميم بخطبه مرام الى ان قلبى كان يتراقص فرحا ً كلما أثبتت لى المواقف اننى اخترت الرجل الصحيح الذى استند اليه وقت غضبى وحاجتى للأمان فلا فرق لديه بين ملاذ وتميم بل يحب تميم أكثر من اى شئ اخر ودائما ما يخبر الجميع انه ابنه البكرى لذلك يحتل الكثير من قلبه والان يتحدث اليه كما لو كان يحبه اكثر منى ويخشى حزنه وألمه , حاولت التفكير مرارا ً فى ذلك الامر ولا اجد مبررا ً يمكن ان يصدقه تميم ويثنيه عن رغبته تلك , هل اخبره اننى ارفض مرام لان امها فعلت معى الكثير يوم ان تزوجت زوجها , وقتها سيخبرنى انه لو اقتحم حياتى انثى اخرى تزوجها صفي فبالتأكد كنت سأفعل معها الافاعيل , هل حقا َ كنت سأفعل ذلك او سأتركها تأخذ قلب زوجى منى ؟ هل كنت سأتحول لوحش كاسر يبيح فعل كل شئ فى سبيل استعاده حياته السابقه ام أننى كنت سأطبق المثاليه التى أدعيها ؟ .هل اخبره اننى احببت عمه حبا ً فاق كل تفكير حتى اننى من شده حبى له كرهته كما لم اكره أحد من قبل ؟ وهل حقا ً ارفض مرام من اجل داليا ام اننى ارفضها كى لا ألتقى بعمر مره اخرى ؟ , قلبى يتخبط وعقلى يشتعل لا اعلم ما ألم بى ولكننى احترق كعود ثقاب اشعله احدهم وتركه يتهاوى , رفضت ان اتناول الطعام معهم وطلبت منهم ان يدعونى ولا يقتحموا خلوتى بنفسي حتى اليوم التالى .
صبيحه اليوم التالى كنت قد سهرت طوال الليل افكر فيما حدث حتى انقشع الليل وظهرت الشمس جليه , خرجت من غرفتى فوجدت صفي نائما ً أمام التلفاز فذهبت لغرفه تميم ايقظته وجلست بجواره انظر اليه ,انظر لذلك الطفل الذى عانيت كثيرا ً من اجله فكان لى السند والهدف والمحفز الذى جعلنى اقوى اضعاف المرات , فتح عينيه ببطئ ونظر لى باستفهام
– ماما , مالك فيه حاجه ولا ايه ؟
– انا موافقه على الخطوبه
نهض من فراشه يحتضننى فى سعاده غامره لم يستطيع اخفاءها وركض ليخبر صفي بما حدث , بعد قليل حضر صفي لغرفه تميم وتركه يجرى اتصاله بمرام يخبرها بقرارى
– انتى بجد وافقتى ؟
نظرت لصفي بابتسامه يشوبها الالم
– ايوه
جلس بجوارى ورفع رأسى بيده لتتلاقا عينانا
– ايه اللى حصل ؟
ابتسمت بهدوء واستطردت
– ولا حاجه فكرت فى كلامك واقتنعت بيه
– بس ميراس مش بتقتنع بسهوله
– بصراحه حسيت انه اختبار لنفسى قبل اى حاجه تانيه فيه جوايا شكوك حابه اتأكد منها وفعلا تميم ومرام ملهمش علاقه بمشاكلنا زمان حرام ناخدهم بذنبنا والبنت يمكن تكون كويسه ,انا عشت حياتى فاكره ان السعاده هلاقيها مع شخص هوا اكتر حد وجعنى وكسرنى واللى كنت ببعد عنه بقى هوا مصدر سعادتى وخايفه اظلمهم زى ماظلمت نفسي زمان
– انا كنت واثق فى عقلك وفى قلبك , مش ميراس اللى تحكم على الناس وتظلمهم وهيا اكتر واحده اتوجعت من الظلم
لا ادرى لما وافقت هل حقا اختبر نفسى اذا كنت ارفض تلك الزيجه بسبب عمر؟ ام اننى الان اختلق العذر لداليا فيما فعلته معى سلفا ً , ام اننى حقا ً اراهم مظلومون فى تلك المعركه , لا اعلم اين هيا الحقيقه ولكنى سأجتاز ذلك لأجل ابنى ولأجل نفسى .
لم يتوانى تميم لحظات وسمعته يحدث مرام فى الهاتف , لم اكن اعلم ان بينهم اتصالا ً او حديثا ً من الاساس ويبدو اننى لا اعلم الكثير , كان يسئلنى كل دقيقه متى سيتصل ابى بعمى عمر ويحدد معه موعدا ً , فكان يخفق قلبى كلما ردد الامر واتحجج ببعض الاعمال التى تعيق ذهابى لبلدتنا ذلك الاسبوع وكلما مر يوم واخر كان يزداد إلحاحا ً حتى اننى كنت اثور عليه فى بعض المرات بحجه عدم تفرغى لذلك الامر حتى كف عن سؤالى , علمت انه اصبح يتغيب من الجامعه بل توقف عن تناول الطعام معنا واحتل الحزن ملامحه كل من فى المنزل يلومنى ولا احد يشعر بقلبى وما به من خوف وقلق شديد ولكنى فى النهايه رضخت ووافقت ان يحددوا موعدا ً
ركض صفي ومعه تميم وحملا الهاتف واتصلا بعمر وحددا معه موعدا ً يوم الجمعه القادم , كانت دموعى توشك على التساقط وانا اضع يداى على اذنى لا اريد سماع حديثهم واتمنى ان يحدث اى شئ يعيق تلك الزياره الكريهه الثقيله على قلبى ولكن للأسف لم يحدث شئ واتى يوم الجمعه سريعا ً جدا ً وانا التى ظننته لن يأتى ولكنا حتما ً سنصطدم بما نخشاه يوما ً .
امسك صفي بيدى واخبرنى ان كل شئ سيكون على مايرام وترجانى الا اخزل تميم , ارتديت ملابسى متثاقله ولكنى انتقيتها بعنايه حتى اننى ارتديتها وخلعتها اكثر من مره لأجد الزى المناسب الذى يجعلنى اصغر فى العمر ولا يبدو الزمن على ملامحى , جلست بجواره فى السياره ابتهل الى الله كى ينتهى ذلك اليوم بلا خسائر ودقات قلبى فى تزايد مستمر كلما اقتربنا من المنزل حتى توقفت السياره امام الباب الذى خرجت منه منذ سنوات كثيره احمل تميم بين يدى وابكى بانهيار بعد ان طلقنى عمر , حتى عندما توفت جده تميم منذ سنوات قليله لم احضر العذاء وتحججت بوجودى فى القاهره حتى لا ادخل ذلك المنزل مره اخرى وها أنا الان اقف امامه اوشك على دخوله مره اخرى
توقفت أمامه لدقائق وكأن قدماى تسمرتا فى الارض لا تريد التحرك حتى حثنى صفى وتميم على التقدم , امسك صفي بيدى فكنت ارتعش بلا إراده وتقدم تميم لدق جرس الباب , لحظات قليله مرت كالسنوات استعدت فيها كل ذكرياتى فى ذلك المنزل , يوم ان تزوجت عابد ويوم ان توفى ويوم زواجى بعمر ويوم احتراق ظهرى ويوم عاد عمر بعد ان شفي من مرضه ويوم طلقنى عمر وعاد لداليا , مشاعر متخبطه متصارعه بداخلى , اسحب جسدى للوراء اريد ان اعود من حيث اتيت وأوبخ نفسى لموافقتى على تلك المهزله ولكن توقفت عندما فتح عمر الباب وظهر من خلفه وكأن السنوات لم تمر .
كما هوا جذابا ً مبتسما ً بعذوبه هيئته القويه وجسده الرياضى لم يتأثر كثيرا ً ربما نمت بعض الشعيرات البيضاء فى رأسه وذقنه ولكن زادته وسامه ً , صافح تميم واحتضنه وصافح صفي ثم جاء دورى , كنت اريد ان انظر لمرآتى لأتأكد اننى مازالت جميله ولم اصبح عجوز شمطاء , جل مايهم المرأه مظرها حتى وإن تحاربت مع عدوها تريد ان تكون فى كامل زينتها , مد يده لى ليصافحنى وعلى وجهه ابتسامه اكثر اتساعا ً , حاولت الا تتلاقى نظراتنا ومددت له يدى لأصافحه بسرعه واعيدها مره اخرى ولكنى فى النهايه ضعٌفت ونظرت له وكأننى اريد ان ارى مااذا فعل الزمن به , وكأن الزمن عاد للوراء ونحن الان نقف امام باب منزلى القديم نتبادل اطراف الحديث حول من منا اخطئ فى حق الاخر , اشحت بنظرى سريعا ً حى لا يتضايق صفى وسحبت يدى التى امسك بها بقوه ونظرت للأسفل وكأنه افاق لمن يقفون بجانبنا فأنزاح عن الطريق وسمح لنا بالدخول .
لم يتغير البيت كثيرا ً , كما اتذكره جيدا , منزل العائله ذو الاثاث الكبير الذى يحمل الطراز القديم وتلك الاريكه التى كانت تجلس عليها جدة تميم رحمها الله , والغرفه التى كنت ارقد فيها وغرفه وفاء الفارغه حتى صوره عابد التى تتوسط الردهه بجانب صوره والده , لم يتغير شئ ولم يتبدل اى منهم , كنت اسرح بنظرى هنا وهناك استعيد ذكريات ذلك المنزل الذى عاصرت فيه الكثير حتى وجدتها تقترب منى مبتسمه , كما هيا مازالت تحتفظ بملامحها بالاضافه لتأثيرات الزمن الذى لا تستطيع مساحيق التجميل أخفاؤه , مرتديه عبائه ذو الوان شبابيه وواضعه الكثير التبرج فى وجهها مرتديه حزاء ذو كعب عالى ليخفى قصر قامتها ولكنها مازالت ممتلئه الجسد نضره الوجنتين , اقتربت منى تحتضننى وكأن اشواك وُضعت فى صدرى , صافحتها بابتسامه باهته واتجهنا ناحيه غرفه الضيوف جلسنا على اقرب مقعد وجلست داليا بجوارى
– والله زمان يا ميراس
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ست البنات)