رواية تالا وآريان الفصل السادس 6 بقلم مارينا عبود
رواية تالا وآريان الجزء السادس
رواية تالا وآريان البارت السادس
رواية تالا وآريان الحلقة السادسة
– تالا.
– عيونها.
ابتسم وقرب حضن وشي بين كفوفُه وقال بحنان.
– أنا عندي مأمورية بكرة وهتأخر، مش عاوزكِ تقلقي او تشغلي بالكِ وتخافي ماشي.
هزيت رأسي بتفهم فابتسم وضمني لحضنه، هو عارف إني بخاف من شُغله، واني هاخد وقت علشان اتأقلم واتعود، وعلشان كده هو دايمًا بيحاول يطمني، طلعت من حُضنه وكنت هقولُه حاجة مهمة لقينا صوت عالي تحت، بصينا لبعض باستغراب ونزلنا تحت، كان في ست كبيرة وشيك واقفة قدام تيتة وفاء وملامحها مش غريبة.
– ماما!!
قالها آريان بصدمة بعد ما شافها، برقت وبصيت لُه، عيونه فجأة بقت حمراء وعروقه ظهرت من العصبية، اكيد في حاجة مش مظبوطه في الموضوع ده!
– يا قلب مامتك تعال في حضني.
قالت جملتها وحضنته، كان واقف ثابت بيبص لجدتُه إللي واقفة بتابعهم وباين على ملامحها الحزن.
– أنا مُمكِن أفهم إيه إللى جابكِ هنا ؟
قالها ببرود فبصتله بزعل:
– معقولة ده استقبال تستقبلُه لولدتكَ!
– ماما أنتِ طول عُمركِ بعيدة، إيه إللي رجعكِ لحياتي تاني؟
– قصدكَ إيه يا آريان؟
صوتُه عِلىّ عليها وقال بغضب:
– قصدي خدي هديتكِ واحجزي أول تذكرة علشان ترجعي تسافري، أنتِ مُش مُرحب بيكِ هنا يا سوزان هانم .
سابها وطلع فوق، فِضلت بتبُص لطيفُه بَحزن فابتسمت ونزلت سلمت عليها، أنا معرفش إيه المُشكلة اللي بينهم بس دي مهما كان والدتُه!! أول ما شافتني مسحِت دموعها وابتسمِت، اتعرفت عليا وحضنتني بفرحة كبيرة، وفضلت تعتذرلي أنها مقدرتش تيجي الفرح، اتكلمت معاها شوية وأستاذنت وطلعت فوق، دخلت الأوضة لقيتُه قاعد على السرير وشارد، قربت ووقفت قُدامُه
– مُمكِن أعرف أنتَ ليه اتصرفت مع والدتكَ بالشكل ده؟ اصلًا ازاي والدتك لسه عايشة وأنا إللي كُنت فاكرهم مش موجودين!!
انتبه لصوتي وبصلي ببرود:
– علشان هما فعلُا مُش موجودين، بابا اتوفى من فترة طويلة، وماما عايشة برة مصر، والحقيقة أنا مستغرب هي ازاي ضحَت وسابت شغلها وجت، دي رفضت تعملها يوم فرحي!
اتنهد ورجع بص قُدامهُ، كان باين عليه موجوع، اللي اعرفُه عنه أنه هو إنسان حنين ومش بيقسىَ على حد إلا لو فعلًا اتعرض لأذى بسببه، اتنهدت وقعدت جنبُه، سندت رأسُه على صدري وحضنتُه بحُب كبير، كان نفسي يتكلم، يحكيلي اللي واجعُه،خصوصًا أنُه شخص كتوم اووي ومش بيحكي لحد عن إللي واجعُه، كُنت بشدد على ضمتي ليه وكأني بطمنُه إني موجودة جنبُه.
– أنتَ مُمكِن تشاركني وجعكَ على فكرة، آريان أنا جنبكَ، وموجودة هنا علشانكَ، تقدر تحكيلي وأنتَ مطمن.
رفع راسه ليّا وابتسم، أخد نفس وبدأ يتكلم:
– من وأنا طفل وهما بعيد، بعيد اووي عني يا تالا، بالرغم أنهم اتجوزوا عن حُب، إلا أنه كُل واحد فيهم مقدرشِ يتحمل عيوب التاني! هي كانِت مغرورة وكل اللي بيهمها شُغلها، وهو كان عنيد وعاوز يُفرض رأيه عليها ويمنعها من الحاجات اللي بتحبها، وبالرغم اني كبرت على مشاكلهم إلا اني مسمحتش لمشاكلهم دي تأثر عليا بأي شكل من الأشكال، كنت لما اتعب من صوتهم العالي احط الهاند فون في وداني واشغل نفسي بالدراسة، أو اجي لجدتي واقعد معاها، كان لما تشوفني واقف قُدام بابها بكتبي وشنطتي تعرف إني زهقت منهم، طول عمري نفسي اطلع ظابط شرطة، بس محدش فيهم كان مهتم بيا اصلًا، كل واحد فيهم كان غارقان في مشاكلُه، كُنت خلاص اتعودت عليهم وعلى حياتهم لحد آخر مُشكلة، واللي قررت فيها ماما تسيب البيت وتمشي، وقتها عيطت كتيرر وطلبت منها متمشيش، كانت اول مرة اعيط في حياتي وانهار، مَكُنتِش عاوزهم ينفصلوا عن بعض، حاولت بكُل الطرق اتكلم معاهم واقنعهم إني محتاجهم هما الإتنين جنبي بس محاولاتي كلها فشلت…
أخد نفس عميق ورجع كمل:
– يومها والدتي طلبت تاخدني معاها بس أنا رفضت، مكنتش عاوز اسيب صحابي ومدرستي وكل حاجة واسافر معاها بره مصر، وقتها هي مشيت وأخبارها كلها اتقطعت، وأنا قررت اروح اعيش مع جدتي، كُنت بشغل نفسي قدر الإمكان بالدراسة، دخلت ثانوي وأنا كل تركيزي بس إني التحق بكلية الشرطة، جدتي تعبت اووي معايا لحد ما وصلت للحلم ده، لما كنت في تالتة ثانوي بابا عمل حادثة ومات، وقتها قعدت فترة كبيرة في حالة اكتئاب، وماما وقتها نزلت وحاولت تقنعني اروح معاها بس أنا رفضت واختارت اكمل في مشوار حلمي، وفعلًا نجحت وبدأت اعمل اختبارات القبول لكلية الشرطة، وقتها مكانشِ حد مشجعني غير جدتي ونائل، ولما نجحت واتقبلت في الكلية، رنيت على ماما وقولتلها، كانت ردت فعلها باردة، وقالت كلام كان كفيل يكسر قلبي وفرحتي، بس وقتها مهتمتش لأنه دي مش اول مرة تحصل، طلعت مع نائل وباقي صحابي واحتفلت ووقتها جدتي عملتلي حفل كبيرة وكانت الفرحة مش سيعاها.
اتعدل وقام بصلي:
– لحد الوقت ده عُمري ما كلمت ماما بقسوة أو عملت أي ردة فعل ضايقتها، ولا عمري فكرت ازعل منهم لأني مسمحتش لمشاكلهم وحياتهم تأثر على حياتي، كان هدفي اطلع إنسان سوي نفسيًا، اسيب ذكرى جميلة في قلب كل من يعرفني، ونجحت في إني اعمل ده، وبخصوص ردة الفعل إللي عملتها مع ماما من شوية، كانت لأني فعلًا زعلان وقلبي مكسور بسببها، تالا أنا كلمت ماما قبل جوازنا وعرفتها بمعاد الفرح حتى أنه جدتي كلمتها وبعتتلها صور خطوبتنا، وكان المفروض أنها تيجي يوم الفرح، كُنت منتظر اشوفها بفارغ الصبر، حتى أنك سألتيني يومها أنتِ واقف مستنى مين وأنا قولتلكِ حد عزيز عليّا اووي، بس تعرفي هي عملت إيه؟ هي رنت على جدتي قبلها بساعات وقالتلها أنها للاسف مش هتقدر تيجي بسبب ارتباطها بشغل هناك، حقيقي وقتها زعلت اووي منها، أكتر لحظات كان المفروض تكون معايا فيه هي سابتني فيها ! ودلوقت جاية بكل برود الدنيا وعاوزني اسامحها وبالسهولة دي!!
رجع سند رأسه على صدري فاتنهدت وفضلت بحرك إيدي في شعره بحنان.
– بعيد عن كُل إللي حصل من شوية، بس أنا حقيقي فخورة اووي بيكَ، فخورة لأنكَ مسمحتش لمشاكلهم تأثر عليك وقدرت رغم ظروفك الصعبة تطلع إنسان ناجح في حياتُه، وإنسان سوى نفسيا، عارفة أنه اكيد قلبك مجروح بسبب كل إللي حصلك، فأتمنى ييجي يوم واقدر اداوى كل جروحك دي، واوعدك إني هفضل طول العمر جنبك وهحاول اعوضك عن كل إللي عشته.
حسيت حركته هديت وأنفاسه انتظمت، بصيت عليه لقيتُه راح في النوم، ابتسمت على شكلُه، أنا بعشق ملامحُه وهو نايم زي الأطفال كده، كل يوم قلبي بيأكدلي أنه خلاص غرق ووقع في حبُه، هو الحقيقة يتحب، وأنا حبيته.
*****
– خلاص أخدت كل حاجة؟
– متقلقيش أخدت كل حاجة.
– اوعى تكون ناسي حاجة يا آريان.
– لا يا عيون آريان مش ناسي حاجة.
– طيب خلى بالكَ من نفسكَ.
– حاضر
– وحاول تطمني عليك كل شوية.
– دي صعبة بس عيوني هحاول.
– و…
لف وشه وحط إيده على بؤقي:
– هششش.. أهدي شوية، متقلقيش كل حاجة هتكون تمام، دي مش أول مرة أطلع مهمة يا تالا.
نزلت رأسي ورديت بزعل:
– بس دي أول مرة تطلع وأنا موجودة معاكَ.
ابتسم وقرب باس جبيني بلطف وقال بحنان:
– متخفيش، أيام وهتتعودي على طبيعة شُغلي، عارفة أنه الموضوع صعب، جدتي كمان أخدت فترة كبيرة بتقلق زيك كده بس في النهاية اتعودت، متقلقيش هخلص المأمورية وهرجعلكِ.
ابتسمت وحضنتُه، كنت بشدد على ضمتي ليه، حتى هو شدد على ضمته ليا كأنه بيطمني أنه كل حاجة هتبقا تمام، حقيقي أنا بفرح اووي بالحُضن إللي بحضنه ليه ده.
سابني ونزل، لبست الشال بتاعي ونزلت وراه، ميل باس على إيد تيتة وفاء ووقف قدام والدتُه، كانت بتبصله بحزن، ابتسم وسحبها لحضنه فعيطت، وأنا كمان عيطت وأنا واقفة بتابعهم، كنت مبسوطة بيه اووي، نائل اخويا كان عنده حق، أنا لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي شخصية احن وأجمل من آريان، سابنا ومشي واحنا كلنا بندعيله يرجع بالسلامة، نزلت قعدت مع تيتة وفاء و والدة آريان، فضلنا نتكلم كتيرر لحد ما حل الليل.
********
مرت ساعات طويلة وأنا مستنياه، بصعوبة أقنعت والدتُه وجدته يناموا، كنت واقفة في البلكونة وأنا بدعيله ومنتظراه يرجع، ابتسمت بفرحة كبيرة لما لمحته بيركن العربية، نزلت وأنا بتنطنط على السلم كأني طفلة ننتظره رجوع باباها للبيت، فتحت الباب وابتسامتي وفرحتي اتبخرت..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تالا وآريان)