رواية مهرة الفصل الثاني 2 بقلم رحاب قابيل
رواية مهرة البارت الثاني
رواية مهرة الجزء الثاني
رواية مهرة الحلقة الثانية
جلست أمام مرآتها تعدل من وضع حجابها وهي لا تستطيع سوى التفكير في حديثهم الذي دار مساء أمس وكلماته تتردد بأذنها كأغنية سخيفة لا تستطيع طردها من مخيلتها وهي تُعاد مرارً وتكرارًا ومهما حاولت فهي تُعاد رغمًا عنك
انتفضت مكانها عند سماعها طرقات خفيفة على باب غرفتها، نظرت إلى الباب بوجل واضعة يدها على طرفي جبهتها قائلة: فوقي يا مُهرة وميهمكيش ده عيل دماغه تعبانة خلينا في شغلنا
ثم رسمت ابتسامة على ثغرها وقامت لتفتح الباب: صباح الخير
نظرت إلى الكائن الصغير الذي أمامها وهي ترد سلامه بإبتسامة دافئة: صباح الأنوار يا كابتن تيم
ابتسم لها قائلًا: جدتي بتقول لحضرتك أن الفطار جاهز
أمأت برأسها: طيب عشر دقايق و..
تيم: لا يا ميس عشر دقايق ايه ما حضرتك جاهزة أهو يلا علشان جعان ومش هاكل غير معاكِ.. يلا بقى
قال جملته الأخيرة دون الإعتبار بإعتراضها وهو يجذبها من ذراعها راغمًا إياها للخضوع لأمره، أما عنها فلم تعترض كثيرًا بل نزلت معه الدرج في وسط ضحكاتها إلى أن بلعتها بفمها عندما شاهدته جالسًا على الطاولة يترقبها بعيون كالصقر، كانت على وشك أن تنسحب بهدوء وهي تلتف على عقبها لكن أوقفها صوت الجدة الحنون: يلا يا بتي الوكل هيبرد كده
ابتسمت بتردد وبخطوات مترددة بدأت تخطو إلى طاولة الطعام وحديثه يدور بمخيلتها مرة أخرى، لكنها بالأخير جلست في مقابلته، لم تجرؤ على مدي يدها إلى الطعام حتى انتبه لها الجد الذي قال: وه مش بتاكلي ليه يا بتي
رسمت شبح ابتسامة على ثغرها قائلة بصوت منخفض: باكل أهو
ثم رفعت رأسها لتراه ينظر لها وابتسامة الساخرة تتجلى على قسمات وجهه
كانت تنظر لصحنها بشرود إلى أن أفاقت على صوت العمة المتسائل: والولاد عاملين معاكِ ايه، شاطرين ولا خيبانين؟
كانت على وشك الرد إلا أن الجدة أجابتها: وهي هتعرف تقولك من يومين قضتهم مع العيال إياك
أجابتها سلسبيل: وه يامه مش بطمن على عيالي
فردوس: تطمني عليهم لما يفوت شهرين ولا تلاتة لكن مش من يومين اتنين
تدخلت الكنة الكبرى قائلة: اهدي يا سلسبيل على العيال شوية
كان الحوار هادئًا إلى أن تحدثت أمينة، التي بحديثها ثار الجد غاضبًا حتى أن مُهرة رمت اللقمة التي بيدها من فزعها على صوت الجد: وأتِ مالك وايه دخلك باللي بيحصل
فزعت الكنة بدورها قائلة بصوت هامس: آسفة
ومع كلمة الكنة انتهى الحوار بين الجميع، لذا لم تجد مُهرة مفر إلا بأن تأخذ الأطفال لتبتعد عن الأجواء المتوترة تلك وعن ذلك المتغطرس الغريب
جلست مع الأطفال وبدأت في شرح دروسهم، إلا أن تيم كان شريد لا ينظر إليها من الأساس حتى نظراته لم تكن طبيعية أبدًا، لاحظت مُهرة ذلك لكنها لم تعقب إلى أن انتهت من التوأم ثم جلست بقربه بعدما أخبرتهم أن يذهبوا للعب فترة ثم ستكمل ما وقفوا عنده، ركضت الطفلتان تاركان مُهرة وتيم خلفهما، اقتربت منه مُهرة بابتسامة صافية: ها، قولي بقى مالك؟
نظر إليها دون حديث ثم التفت مرة أخرى أمامه، لكنه قطع الصمت بقوله: بابا وحشني أوي
لم تدري ما الذي عليها قوله إلا أنها أخذته بين أحضانها قائلة: ادعيله بالرحمة هو محتجها
انتحب كثيرًا إلى أن هدأ ثم نظر إليها بنظرات طفولية محببة: شكرًا يا ميس
مُهرة: العفو يا عيون الميس، يلا روح اغسل وشك وتعالى أنا ماشرحتش ليك حاجة ولازم نبدأ نشرح الخريطة
تيم: يعني ايه خريطة؟
تذكرت بأن هذا عامه الأول لدراسته للدراسات الإجتماعية لذا أجابته: روح بس الأول وبعدين هقولك يعني ايه خريطة
أمأ برأسه إيجابً ثم ذهب ركض بعيدًا تحت نظراتها، كانت تنظر إليه بابتسامة إلى أن اختفى من أمام نظرها وما أن ألتفتت وجدت نفسها تصدم بشخص ما وما كان إلا هو، تأففت قائلة: خير على الصبح؟
بابتسامة ساخرة أجابها: وهو اللي يشوفك يلاقي الخير منين؟
تأففت قائلة: استغفر الله العظيم يارب، ثم أكملت حديثها بسؤال بنبرة حادة نوعًا ما: هو أنت ايه مشكلتك بالظبط؟
جائتها الإجابة سريعة من فمه: أنتِ!
مُهرة: أفندم!
نور: مشكلتي هي أنتِ والله
مُهرة: والحل؟
نور: الحل بسيط
مُهرة: اللي هو؟
نور: اللي قولتلك عليه
اقتربت منه تقف بثقة أمامه واضعة ذراعيها بجانبيها: حلك ده أبعد ليك من نجوم السما
اقترب بجانب أذنها قائلًا بسخرية: يبقى أنتِ اللي اخترتي
ثم تركها ذاهبًا بعيدًا عنها دون كلام آخر.
***********************************************************************
سمع طرقات على باب مكتبه ودون رفع نظره عن الأوراق التي أمامه قال: ادخلي يا أمينة
فتحت الباب بهدوء وبخطوات ثابتة جلست أمامه قائلة: هتعمل ايه يا حاج؟
ترك ما بيده ثم نزع نظارته الطبية عنه متسائلًا: في ايه؟
أمينة: في حكاية نور يا حاج أنت نسيت ولا ايه؟
محمد: لا مانستش
أمينة: أمال ايه؟
لم يجبها لكنه نظر إلى الفراغ قائلًا: بس في تغيير هيوحصل ولحد لما يوحصل هنأجل الحكاية دي شوي
أمينة: تأجلها ليه، وحكاية ايه؟
أجابها محمد بعصبية: وه، جرالك ايه يا أم مصطفى ما خلاص قولتلك لما يحين وقتها
أمينة: وماله حسين يا أبو حسين؟
هنا قام حسين من مجلسه بغضب يستند على عكازه الأسود الذي يزينه في مقدمته شكل حصان يستند عليه بكف يده قائلًا: قولتلك قفلي على السيرة دي بدل المرة عشرة، فهماني ولا لاه يا أمينة
أمينة: لاه مافهماشي يا حاج، أنا أوحشت اللي من ريحته
نظر إليها دون حديث ثم تركها ذاهبًا بعيدًا عنها دون حديث، أما عنها فتطلعت إلى الفراغ قائلة بهمس: هيرجع لازم يرجع علشان ياخد حقه
**********************************************************************
وبكدة نكون خلصنا شرح الخريطة، فهمت يا تيم؟
رمش بأهدابه بضع مرات قائلًا: آه يا ميس فهمت طبعًا
ابتسمت وهي تعلم بأن نصف ما قالته قد ذهب مع الريح لكنها لم تبغى أن تثقل على كاهله أكثر من ذلك لذا قالت: تمام روح ألعب بقى وإن شاء الله بكرة نبقى نكمل، وقبل أن يختفي من أمامها صاحت: ماتنساش تعمل الواجب وتذاكر
التفت إليها قائلًا من بين قهقهاته العالية: حاضر
هزت رأسها بيأس وهي تبتسم لكنها انتبهت على رنين هاتفها الجوال الذي سرعان ما أجابت عنما شاهدت اسم المتصل: سهر الحقيني
سهر ببرود: مصيبة ايه الجديدة؟
وبدون الإطالة في الحديث أجابت: نور
سهر بتعجب: ماله؟
جائتها الإجابة من خلفها: هيسود عيشتك
فزعت عندما جائتها الإجابة من صوت خشن عميق من خلفها وعل الفور فقدت توازنها لتسقط أمام عيناه من على الدرج الذي كانت تقف عليه وبدون إبداء إهتمام قال ببرود: دي بس هي البداية يا عسل، يا أنا يا أنتِ في البيت
حاولت القيام من مكانها لكنها فور أن استندت على كف يدها صرخت بأعلى صوتها لتعلم بأن يدها قد كُسرت
********************************************************************
يا أمي مش هقدر، مش هقدر أتجوزها
سوسن: هتتجوزها غصب عنك وعن حباب عينيك، مفكرنا هنتخلى عن ورثنا إياك
نور بعصبية مفرطة: مبحبهاش أنا بحب واحدة غيره، إزاي عيزاني أتجوز واحدة مبحبهاش
وضعت يدها على ذراعه لتجبره على الإلتفات لها قائلة وهي تجز على أسنانها: عنك ما حبيتها، مفكرنا أنا وبوك هنتخلى عن ورثنا وورثك علشان يروح للغراب وأنت تروح تتدلع في حواري أمريكا وتجبلنا واحدة لا نعرف ليها اصل ولا فصل وكانت مع كام واحد علشان تقولنا بحبها، ويا ترى اللي هتجبهلنا دي تعرف عوايدنا، ولا هتعرف تربي ولادك
تافف من ذلك الحديث المقرف الذي يتردد على مسامعه طوال الست أشهر الماضية، لكنه أجابها: وقتها هبقى أحل الموضوع ده، وعلى فرض وافقت تجوزوني واحدة أكبر مني ليه أصلا
كانت على وشك إجابته إلا أن طرقات على الباب أوقفتهم عن الحديث، فتحت سوسن الباب لتجد أمامها ابنة ربيع الكبرى فاطمة تخبرهم بأن الجدي يريد كل من بالمنزل بالأسفل الآن، أطاع الإثنان الأمر فورًا، نزل الإثنان ليشاهدوا الجد يجلس على مقعده الخشبي والجميع من حوله ينتظرون حديثه وما أن وقع نظره على نور تحمحم قليلًا ثم قال: سبوعين تنين وكتب كتاب نور على مُهرة هيتم
وكأن الجميع على رؤوسهم الطير لما يجدوا جواب لما قاله إلا أن نظرهم وقع على مُهرة الجالسة بهدوء دون إبداء أي تعبير على وجهها، أما عنه فكان ينظر إليها والشر يتطاير من عيناه وفكرة واحدة تدور برأسه لقد حققت ما أرادات وانتصرت عليه
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهرة)