رواية رحمه تقي الفصل العشرون 20 بقلم سارة مجدي
رواية رحمه تقي الجزء العشرون
رواية رحمه تقي البارت العشرون
رواية رحمه تقي الحلقة العشرون
بعد خروج تَقِي من غرفه راندا وبعد ان اوصى يوسف عليها و اخبره بشكل تحذيري ابتسم بسببه يوسف
انه موجود و مهما كانت اخطاء الماضي لن يتغافل هذه المره عنها او يكون سبب في ان تتعرض لأذى و سيقف في وجه يوسف و انه على استعداد ليعود اسوء مما كان حتى يأتي بحقها منه
جلس يوسف امامها و هو يبتسم
– ابن عمك بيهددني … بيقولي انه هيرجع اسوء من الاول لو انا زعلتك
لتضحك بسعاده و خجل و هي تقول
– كان نفسي يكون كده من زمان يمكن مكنش كل اللى حصل ده حصل و كان
– و مكناش نتقابل كمان ؟
سألها بلوم و هو يعلم جيدا اجابتها نظرت اليها بحب و قال بحزن
– مكنتش خسرت مروان يا يوسف
ترك مقعده و جثى على ركبتيه امامها و هو يقول
– مش اتفقنا ان ربنا اختارك تمري بكل ده و ان يكون ليكي ابن يقف على باب الجنه ياخذ بايدك و يدخلك الجنه علشان صبرتي و قولتلي الحمد لله
– الحمدلله
ليبتسم و هو يقول بهدوء
– ايوه كده شاطره … يلا بقا خلينا نقوم نلم حاجتك علشان تنوري بيتي … انا صابر بقالي كتير اوى اوى يا راندا … الرحمه بقلبي اللى قايد نار
لتخبىء وجهها بخجل و هي تبتسم بسعاده و كان هو ترتسم على وجهه ملامح السعاده و الراحه و لسانه لم يتوقف عن حمد الله فهو وقع فى غرامها من اول لحظه رأها لمست قلبه و ذكرته بنفسه وحاله يوم فقد زوجته و ابنته فى حريق منزلهم وكانها تربت على قلبه وتكون جائزته بعد صبر طويل والم و عذاب
اغمض عينيه و الذكرى تعود له من جديد و كانها شيء بعيد بعيد
حين وصل الى البيت ليجد سيارات الاطفاء و الشرطه و جميع سكان البنايه و البنايات المجاوره مجتمعين حول البنايه فى زهول و صدمه و خوف
ترجل من السياره سريعا و هو يبحث بعينيه عنها و عن طفلته الصغيره لكنه لم يجدهم وسط كل هؤلاء الناس الواقفين حوله
ليصرخ باسمهم ليعم الصمت المكان … لينقبض قلبه بخوف فى نفس اللحظه التى وقعت عينيه على الدخان الكثيف الاسود و الذي يخبره عن البشاعه و قوه النيران الخارج من نوافذ شقته ليسقط على ركبتيه بصدمه و اكتملت و هو يرى جثمانهم المتفحم الذي يحتضن جثمان صغيرته محمول فوق الحامل و صوت من خلفه يقول
– البقيه في حياتك يا دكتور يوسف ربنا يصبرك
عاد من افكاره على لمسه يديها و صوتها القلق و هي تقول
– مالك يا يوسف ؟ انت كويس ؟
عيونه المليئه بالدموع اجابتها لكنه قال بأبتسامه صغيره …
– انا كويس يا حبيبتي اطمني
– انت متأكد ؟
سألته بشك ليومئ بنعم مع ابتسامه صغيره و قال
– شويه ذكريات .. مع بعض هنحاول نتخطاها و نعيش
شعرت بألم كلماته .. و روحه التى تشارك روحها العذاب لتومئ بنعم و هي تمسك يديه بقوه حتى تطمئن و تطمئنه
~~~~~
كان الجميع يقف بالخارج ينتظر ان يخبرهم الطبيب باي شىء يطمئن قلوبهم
كان وجه غازي يحاكي الموتى من كثره شحوبه و الخوف الساكن في عينيه
حتى ان رُبى كانت تنظر اليه بخوف حقيقي هل من يقف امامها الان يرتعش خوفًا و وجه اصبح اصفر اللون هو من وقف امام عمها بقوه و ثبات و استطاع اخذها من ايديهم بالقوه و اخذ حقها من سمير بمنتهى الشجاعة
حتى ان غيث كان يفكر في نفس الشيء لكن ما كان يخيفه هو ان تتعاطف سعاده مع حاله ماهر و تفكر في العوده له … هو لن يتحمل كل ذلك الالم مره اخرى
الدقائق كانت تمر بطيئه و مخيفه على الجميع حتى خرج الطبيب و أخيرًا ليقترب منه غازي بأقدام كالهلام وقف امامه يسأله بعينه فلا قدره لديه للحديث و كل ما مر به في يومه و منذ يومان كاملان قد أرهقه و استنزف كل طاقته
ليجيب الطبيب على سؤاله الغير منطوق و بشفقه على حاله
– الحمدلله اقدارنا ننقذه .. و اللي حصل ده رد فعل طبيعي للجسم بعد الحادثه الكبيره دي … بس الحمد لله الحاله دلوقتي مستقره تمامًا و ان شاء الله تمر ال ٤٨ ساعه الجايه على خير و نطمن على حالته بشكل كامل
و غادر و تركهم الصمت هو سيد الموقف لعده دقائق .. حتى قالت رُبى
– غازي تعالى ارتاح .. ايه رايك نحجز ليك اوضه ترتاح فيها شويه
ليؤكد عبدالرحمن على كلماتها
– ايوه يا ابني باين عليك التعب و قله النوم .. و اخوك محتاجك
كان غازي يشعر بداخله بأنتهاء طاقته و كأنه في عالم اخر .. يراهم جميعا لكن لا يسمعهم .. وفي لحظه واحده كان يسقط ارضا مغشي عليه .. ثلاث ايام دون اكل او نوم .. و توتر عصبي و قلق .. و صدمات متتاليه فلابد ان يكون النتيجه سقوطه و انهياره في النهايه
لتعلوا الشهقات ليركض تَقِي سريعا ينادي على اي شخص قادر على المساعده .. و عاد سريعا ليجد غيث يحاول حمل غازي .. انحنى يساعده حين حضر طبيب و ممرض ساعدهم الممرض و ارشدهم الطبيب على غرفه خاليه
و ظل الجميع بالخارج ينتظرون الطبيب يطمئنهم عليه .. كانت سعاده تنظر الى الجميع و هي تشعر بالحيره .. من هؤلاء الناس و من تلك الفتاه التى تبكي على غازي بتلك الحرقه .. قلبها المها حين وقعت عيونها على رحمه .. هي لا تعرفها .. ولكن ذلك الرجل الكبير يشبه الحج راضي كثيرا .. هل تواصل ماهر معها .. هل هي هنا من اجله .. اغمضت عيونها و هي تلوم نفسها على التفكير فيه .. و البحث خلفه .. لكن حضورها اليوم يجب ان يكون فقط من اجل ابنائها .. و وجدت نفسها تهمس (( خرجي نفسك من حسابات ماهر يا سعاده علشان ترتاحي .. ماهر ابو اولادك و بس )) و كأن القدر اراد ان يريح قلبها
حين قررت ان تترك كل الامور .. و ان تغلق كل الابواب اقتربت رحمه من مكان جلوسها و قالت بهدوء
– السلام عليكم …. انت سعاده مرات ماهر مش كده ؟ انا رحمه بنت عمه
وقفت سعاده و هي تشعر بالحيره .. من الواضح ان رحمه لا تعلم شيء عن طلاقها من ماهر .. لتكمل رحمه
– ربنا يقومه بالسلامه ان شاء الله .. و نطمن عليه كلنا .. بس صحيح الولاد عرفوا حاجه
حركت سعاده راسها يمينا و يسارا بمعنى لا .. لتقول رحمه ببعض الراحه
– احسن .. الموضوع هيبقا صعب عليهم .. نطمن الاول على حالته و بعدين تعرفيهم واحده واحده
صمتت لثوان .. فقد شعرت بالحرج من موقف سعاده و صمتها لكنها ارجعت الامر لصدمتها و خوفها على زوجها فقالت ببعض الخجل
– عارفه ان الظرف مش مناسب بس انا عايزه اعرفك برُبى مرات غازي .. كتبوا الكتاب من يومين بس لظروف خاصه برُبى .. غازي كان ناوي يجيب عمى و مرات عمي و يجوا يتمموا كل الحاجات بقا على حسب الاصول
– مراته ؟!
سألت سعاده بصدمه لتومئ رحمه بنعم .. و قالت
– انا مش عارفه غازي قالكم ايه بس هي بنت كويسه اوي متتخيرش عنك كده .. انا حبيت اعرفك علشان حسيتك مستغربه وجودها
و اقتربت منها خطوه و قالت
– و كمان الشخص اللى واقف جمب بابا ده يبقا خطيبي المستقبلي ان شاء الله بس قولي يارب .. علشان بس يعني متستغربيش وجوده هو كمان
صوتها الخجول .. و ابتسامتها التى تشعر بها سعاده من خلف نقابها جعلها توقن ان ماهر لم يتحدث معها فى اي شئ .. و انها لا تعلم اي شيء مما حدث لتقول سعاده بتوتر
– ربنا يتمم ليكي على خير
– شكرا و ربنا يطمنك على ماهر
و تركتها و عادت تجلس جوار رُبى .. لتعود سعاده تجلس من جديد مكانها .. و هي تفكر في كل ما حدث .. لقد حطم ماهر حياتهم من اجل انسانه لا تعلم عن حبه شيء .. لا تراه سوا ابن عمها و فقط .. هل هذا ما كان يريده .. عذاب يليه عذاب .. ماذا فعل ماهر في حياته حتى لا يجد السعاده معها او مع من تعلق قلبه بها
**************************
وقف الحج متولي بجانب عبد الرحمن يتحدث معه .. و دون ان يعلم اخبره بكل شيء لتكون الصدمه التى جلعته يفقد قدرته على النطق لعده دقائق
ليفهم الان حال غازي .. ضياعه و ركضه الى الخارج فجأه و كل تلك الاشياء الغامضه فى حديثه .. كيف هذا كيف طلق راضي ريحانه و كيف طلق ماهر سعاده .. و هل كان ذاهب ماهر اليهم من اجل ان يخبره بكل ما حدث و يطلب مساعدته في حل تلك المشاكل المتتاليه و لكن الحادث سبقته
فى ذلك الوقت اقترب غيث من مكان جلوس سعاده و جلس بجانبها .. نظرت اليه حين جلس و عادت للنظر امامها من جديد .. ظل صامت لعده ثوان ثم قال
– عارف يا بت عمي ان ده مش وقته و لا مكانه .. بس انا عندي كلام كتير عايز اقوله ليكي
نظرت اليه باستفهام ليقول هو و بشكل مباشر
– انا بحبك يا سعاده .. بحبك من قبل ما اجي اخطبك اول مره و ترفضيني .. بحبك من و انت لسه بضفاير حتى لما رفضيني .. و لما اتجوزتي ماهر فضلت احبك .. حتى لما انا كمان اتجوزت انت و بس اللى كنتي جوه قلبي .. و انت اللى ساكنه عقلي و تفكيرى .. من يوم ما مراتي طلبت الطلاق علشان الخلفه .. و انا مش فارق معايا اي حاجه من اللى بتتقال عليا .. عارفه ليه ؟
كانت تنظر اليه بصدمه و عدم تصديق ليكمل كلماته بأبتسامه حزينه
– علشان لو مكتوب ليا اطفال مش عايزهم من غيرك .. و الاطفال اللى مش هتكوني انتِ امهم مش عايزهم
صمت لثواني ثم اكمل و هو ينظر الى الامام باعدا عينيه عن عيونها التى تجعل قلبه يرتجف حبًا و عشقًا
– مش هنكر ان قلبي فرح لما عرفت انك اطلقتي .. رغم ان دموعك خلتني احس بخناجر بتتغرس فى صدرى لكن
صمت لثوان و نظر لها و قال
– انت يا سعاده سر سعادتي .. سر حياتي .. سر قلبي اللى مخبيه تحت جلدي و جوه قلبي .. انا بحبك يا سعاده .. و مليش فى الدنيا دي غيرك انت يا بنت عمي .. نفسي تشيلي اسمي .. و لما اموت اموت على صدرك و انا ماسك ايدك و اسمك يكون اخر اسم على لساني .. و فى الجنه تبقي مراتي
كانت دموعها تحفر طريقها فوق وجنتيها .. من كل ذلك الحب الذي اغلقت بابها امامه طمعًا فى حب ماهر الذى لم يكن يوما لها و لن يكون
وقف غيث ينظر اليها بابتسامه رغم حزنه الا انها رسمت سعاده لم تجربها يوما داخل قلبها
– انا بعد ايام العده بالثانيه و الدقيقه .. و اول ما تخلص هتبقي مراتي .. مش هقبل المره دي انك تضيعي مني يا سعاده … انت سعاده غيث اللى من غيرها يموت
و غادر ليعود و يقف جوار عمه .. لكن عينيه كانت ثابته عليها هي التى ظلت معلقه عيونها على مكان وقوفه امامها لعده ثوان و حين حركتها نظرت اليه من جديد .. على وجهها تعابير يريد حفرها داخل قلبه و عينيه حتى لا ينساها .. لذلك اخرج هاتفه و التقط لها صوره
فهي كانت تبتسم رغم تلك الدموع التى تغرق وجهها ..عيونها غير مصدقه رغم تلك التوهه و الضياع التى تشعر بهم الا ان قلبه الان مطمئن على الاقل اخبرها بكل ما بداخله و اراح قلبه
***************************
اقترب تَقِي من مكان جلوس رحمه و جلس على الكرسي القريب منها لتنظر اليه بجانب عيونها ليقول لها بصوت هادئ
– عمي عبد الرحمن قال انك عايزه تقعدي معايا تاني .. انا عارف ان الظرف مش مناسب بس ارجوكي طمنيني
ابتسمت بخجل و قالت بصوت هادئ
– انا بس كنت عايزه اسالك عن شويه حاجات … و اسمع منك عن الماضي اللى عندك اللى انت قولتلي عليه .. و كمان علشان انت من حقك تشوفني مش يمكن شكلي ميعجبكش
صمت يستمتع بسماعه لصوتها الهادئ .. الذي يسكن القلب و الروح .. يطيب جروح قلبه برفق و راحه .. و بعد عده ثوان قال
– اكيد هحكيلك كل حاجه .. خصوصا ان الماضي بكل وجعه اتفتح و رجع و ربنا بعتلي اشاره انه مسامحني و قبل توبتي .. و بالنسبه اني اشوفك فأنا قلبي اتعلق بروحك و هدوئك … بقلبك الطيب الى بيدل على انك انسانه مميزه .. ملامحك اكيد هتكون كمان مميزه زي قلبك بالظبط
احمرت وجنتيها بخجل و بدأت فى فرك يديها ليبتسم ابتسامه صغيره .. ثم وقف و هو يقول
– ان شاء الله نطمن على ابن عمك .. و احدد معاد مع عمي عبدالرحمن و نتكلم في كل حاجه .. السلام عليكم
و غادر من امامها و عاد ليقف جوار عبد الرحمن لولا الموقف و المكان لقفزت بسعاده كبيره .. و رقصت و غنت .. و لكن لتهتم بصديقتها الان و تطمئن على ابناء عموتها و لكل حادث حديث
خرج الطبيب من غرفه غازي ليقفوا جميعا حتى يطمئنوا ليقول لهم بهدوء عملي
– حاله انهيار عصبي .. و صدمه عصبيه شديده .. محتاج راحه على الاقل يومين .. و ان شاء الله هيكون كويس
لتبكي رُبى بصوت عالى و هي تخبىء وجهها في حضن والدتها التي ربتت على ظهرها بحنان و قالت
– اهدي يا بنتي ان شاء الله هيبقى كويس .. اطمني و قول يارب
ليقول الجميع في نفس الوقت
– يارب
*************************
في غرفه الرعايه كان ماهر يحارب اشباح افكاره و خوفه و خسايره الكبيره التى توالت بسببه .. و لكن اكثر ما كان يتوارد الى ذهنه هو ضمته الى اطفاله .. و كانها كانت المره الاولى له .. و كانه طوال حياته لم يكن يعلم بوجودهم .. و لكن ذلك الالم القوي الذى يشعر به يجعله يفقد الشعور لعده ثوان ثم يعود له من جديد .. الم متكرر عذاب خالص لم يتخيله يوما و كل هذا كان واضح بشكل كبير على تلك الاجهزه الموصوله به و ما كانت تجعل الممرضه و الطبيب فى حاله قلق
*****************
حين عادت ريحانه الى منزل اخوها اوقف الحارث السياره و لم يسمح لها بالمرور .. و حين فتحت ريحانه النافذه ثبته بلفظ خارج و امرته بفتح البوابه الا انه قال
– دي اوامر الحج عبدالسميع … و بيجولك .. البيت بيته هو و عياله و مش عايز جرف و متفكريش ترجعي هنا تاني
لتجحظ عيون ريحانه بغضب .. و بدأت حاله الغضب الهستيريه تتصاعد لتخلع حذائها و تلقيه على الحارس الذى ركض سريعا مبتعدا .. و قال
– دي اوامر الحج عبدالسميع .. انا مليش دعوه
و اكمل بينه و بين نفسه
– ده انت ست مجنونه بصحيح
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحمه تقي)