روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثاني والعشرون

رواية أوهام الحب الوردية البارت الثاني وابعشرون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثانية والعشرون

تلقى رامز اتصالا من محمد الذي أبلغه بعدم موافقة سمية على الارتباط به وأخبره أن كل شيء قسمة ونصيب.
شعر رامز بالحزن والإحباط، وأخذ يفكر فيما يتوجب عليه فعله حتى تقبل به سمية، فهو قد علم عندما تحرى عنها وعن عائلتها أنها صديقة مقربة لخطيبته السابقة وأن ابن عمها هو نفسه آدم زوج نادين ومن المؤكد أنها رفضت الزواج به بسبب ما قام به قبل بضع سنوات في حق ابنة خالته.
ذهب رامز إلى الكافيتريا الذي اعتادت سمية الذهاب إليها بعد خروجها من عيادة الطبيب النفسي وانتظر قدومها؛ لأنه كان يعلم جيدا أنها سوف تأتي في أي لحظة؛ لأنها تكرر الحضور في هذا اليوم من كل أسبوع.
ابتسم رامز بشدة بعدما رأى سمية التي لم تخيب ظنه، وحضرت بالفعل، وجلست على طاولة بعيدة عنه لم تسمح لها برؤيته.
انتظر رامز بعض الوقت قبل أن يتوجه نحو طاولتها ثم جلس أمامها بهدوء قائلا:
-“إزيك يا سمية، عاملة ايه؟”
ابتلعت سمية ريقها وتمتمت بارتباك:

 

-“أنا الحمد لله كويسة، إزيك أنت يا رامز؟”
ظهرت ابتسامة على وجه رامز وهو ينظر إلى ملامح الارتباك التي ظهرت على وجه سمية:
-“أنا كويس بفضل الله”.
حملت سمية حقيبتها استعدادا للمغادرة ولكن أوقفها رامز بقوله:
-“الله يهديكِ يا سمية، اقعدي وخليني أقول الكلمتين اللي عندي وبعدين ابقي امشي زي ما أنتِ عايزة”.
جلست سمية مرة أخرى وقالت:
-“اتفضل يا رامز قول كل اللي عندك، أنا سمعاك”.
تحدث رامز وهو يضع كفه أسفل ذقنه:
-“ممكن أفهم أنتِ ليه رفضتِ الجواز مني؟”
ردت سمية بحدة وهي تزفر بضيق نابع من التوتر الذي تشعر به بسبب جلوسه أمامها:
-“دي حرية شخصية، أنا بني آدمة ربنا خلقني حرة ومن حقي أوافق أو أرفض أي شخص طلب إيدي للجواز”.
رفع رامز أحد حاجبيه قائلا بثقة وهو ينظر مباشرة إلى عينيها:

 

-“حتى لو كنتِ بتحبيه؟!”
اتسعت عينا سمية وأخفضت رأسها حتى لا يلاحظ رامز توترها وهتفت باستنكار:
-“إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده؟ حب إيه ونيلة إيه اللي أنت بتتكلم عليه؟! أنا أصلا مش بصدق الهطل ده ولا معترفة بيه”.
تمتم رامز بسخرية وهو يكبح ضحكته بصعوبة:
-“ما هو واضح فعلا أنك شايفة الحب هطل”.
تنهدت سمية قائلة بحدة:
-“أنت عايز مني إيه دلوقتي؟”
أجاب رامز بوضوح:
-“عايز سبب مقنع لرفضك ليا وإوعي تكوني رفضتيني عشان موضوع نادين لأن لو ده هو السبب الحقيقي لرفضك فأحب أبشرك وأقولك أن عقلك أصغر من حبة البسلة”.
تجاهلت سمية تشبيهه لعقلها بحبة البازلاء وتظاهرات بهدوء الأعصاب وهي تقول:
-“ده فعلا السبب اللي خلاني أسبيك لأن أنت إنسان ملكش أمان وممكن في أي لحظة تتخلى عني زي ما اتخليت عن نادين”.
هز رامز رأسه بنفي قائلا:

 

-“أنا مستحيل أتخلى عنك يا سمية مهما حصل”.
ضحكت سمية وأردفت بسخرية:
-“لا والله، طيب ويا ترى إيه السبب اللي ممكن يخليك تفضل معايا ومش تتخلى عني زي ما عملت مع نادين”.
انعقد لسانها واتسعت مقلتاها بعدما سمعته يرد عليها بمنتهى الصراحة والجدية:
-“الفرق بينك وبين نادين هو أني بحبك يا سمية وده شيء مكانش موجود بيني وبين نادين وعشان كده أنا سيبتها”.
نهض رامز، ونظر لسمية نظرة أخيرة، وألقى قبل مغادرته في وجهها جملة كانت كفيلة بجعلها تعيد التفكير في الأمر مرة أخرى:
-“اللي حصل زمان بيني وبين نادين انتهى وخلاص أنا وهي نسينا الموضوع وكل واحد شاف حياته وهي دلوقتي متجوزة وعايشة مع جوزها وممكن في أي لحظة تخلف منه وهتفضل حياتها ماشية على المنوال ده، أما أنتِ فالوقت هيسرقك وهتنسي نفسك طول ما أنتِ مقضية حياتك في التفكير بخصوص أمور انتهت ومبقاش ليها أثر في حياتنا”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

وصل آدم إلى معمل التحاليل واستلم نتيجة الفحوصات التي قام بإجرائها ثم توجه إلى عيادة طبيبه.
وصل آدم إلى العيادة ودخل إلى غرفة الطبيب قائلا:
-“السلام عليكم، دي تبقى نتيجة التحاليل اللي أنت طلبتها مني، اتفضل شوفها وقولي النتيجة لو سمحت”.
أمسك الطبيب بالظرف وفتحه ونظر إلى الأوراق بدقة واهتمام شديدين قبل أن ينزع نظارته الطبية ويقول:
-“احمد ربنا يا أستاذ آدم، نتيجة التحاليل بتثبت أن حضرتك كويس وأن مفيش عندك أي مشكلة تمنعك من الخلفة”.
تنهد آدم بارتياح، وخرج من العيادة بعدما شكر الطبيب، ثم صعد إلى سيارته، وأخذ يفكر في الأمر بهدوء وحكمة.
لقد مضى على زواجه بنادين أكثر من أربع سنوات ولم يرزقهما الله بمولود وهذا الأمر جعله يذهب إلى الطبيب الذي طلب منه مجموعة من الفحوصات حتى يعلم إذا كان يعاني من مشكلة أم أنه بخير ولا يعاني من أي شيء.
شعر آدم بالتردد والحيرة فهو قد تأكد الآن أنه لا يعاني من أي شيء ولا يعلم إذا كان يتوجب عليه أن يطلب من زوجته القيام بفحوصات حتى يتأكد من عدم وجود مانعا لديها أم ينتظر لعل الله يرزقهما قريبا بطفل يحمل اسمه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

ذهبت حبيبة إلى مكتب مهاب لأنه قد حان وقت انصرافها وأرادت أن تسأله إذا كان سيقوم بتوصيلها إلى منزلها أم أنه سيجعل السائق هو من يقوم بذلك.
أغلق مهاب حاسوبه وهو يقول:
-”استني يا حبيبة، أنا خلاص خلصت شغلي وهنخرج سوا مع بعض”.
سألته حبيبة بدهشة:
-“هنخرج سوا نروح فين؟ أنا مش فاكرة خالص أني اتفقت معاك على الخروج النهاردة”.
ابتسم مهاب وقال:
-“أنا عارف يا حبيبتي أني مش اتفقت معاكِ على الخروج وده لأني عاملها مفاجأة ليكِ”.
ظهرت ابتسامة على شفتي حبيبة التي سارت بجوار مهاب وصعدت برفقته إلى السيارة وظلت تنظر من النافذة إلى السماء التي تمطر رغم وجود الشمس في منتصفها.
وصل مهاب إلى المطعم ودخله برفقة حبيبة وسار معها نحو طاولتهما حيث أشار لهما النادل.
مر قليل من الوقت قبل أن يحضر لهما النادل الغداء والذي كان عبارة عن مجموعة من الأصناف التي تفضلها حبيبة بشدة.
ابتسمت حبيبة ونظرت بسعادة نحو مهاب وهي تتساءل:
-“أنت عرفت إزاي أن أنا بحب الأكل ده؟”
نظر لها مهاب بحب قائلا بلطف:

 

-“اللي بيحب حد بيهتم جدا أنه يعرف عنه كل حاجة وبيعمل المستحيل عشان يستغل المعلومات دي في أنه يسعده”.
زرعت كلمات مهاب الأمل في قلب حبيبة التي قررت أن تطلب منه المساعدة لعل وعسى يتمكن من التوصل إلى قاتل أشرف.
-“فيه موضوع مهم أنا عايزة أتكلم معاك فيه يا مهاب”.
ضيق مهاب ما بين حاجبيه متسائلا:
-“اتفضلي يا حبيبة، قولي إيه الموضوع اللي عايزة تتكلمي معايا فيه؟”
تحدثت حبيبة بجدية بعدما تركت الشوكة من يدها:
-“الموضوع متعلق بالمرحوم أخويا، أنا كنت عايزاك تساعدني في أني أوصل لــ …”
قاطعها مهاب بعدما شعر بالارتباك فقد أصبحت كوابيسه في الآونة الأخيرة تتمحور حول الخوف الذي ينهش قلبه من معرفة حبيبة للحقيقة المُرة التي يخفيها عنها:
-“وإيه علاقتي أنا بموضوع قتل أخوكِ؟! أنا مش ظابط شرطة ولا مباحث عشان أقدر أساعدك توصلي للي قتل أشرف”.
تجهمت ملامح حبيبة وارتسم الذهول على وجهها قائلة بارتياب:
-“طيب وأنت عرفت إزاي أن أخويا اسمه أشرف وأنه مات مقتول وأنا أصلا عمري ما كلمتك عنه قبل كده ولا جيبتلك سيرته؟!”
استطاع مهاب بصعوبة أن يتدارك الموقف ويتغلب على ارتباكه وقام بقلب موازين الحوار حتى تكون في صفه وذلك عندما هتف بهدوء وهو يبتسم:
-“أنا قولتلك من شوية يا حبيبة، اللي بيحب حد بيهتم أنه يعرف كل حاجة عن حياته وأنتِ عارفة كويس أني بحبك أوي لدرجة صعب أني أوصفهالك

 

“.
ابتسمت حبيبة أمامه بتصنع حتى تقنعه أنها قد صدقت حديثه الذي لا يمت للمنطق بصلة، أما مهاب فقد أخذ يلعن زلة لسانه التي جعلته يتفوه بكلمات كادت تفضح أمره وتكشف حقيقته أمام حبيبة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلفت لميس إلى غرفة شقيقها ووضعت أمامه صينية الطعام والدواء، وانصرفت دون أن توجه له أي كلمة فقد صار في الآونة الأخيرة عصبيا وحاد الطباع ولم يعد يطيق الجلوس برفقتها ورفقة والدتهما على المائدة أثناء وقت الغداء.
وقفت لميس أمام والدتها التي سألتها بلهفة:
-“نبهتِ على أخوكِ ياخد الأدوية بتاعته بعد ما يتغدى؟”
أومأت لميس قائلة بتأفف وهي تسكب لنفسها القليل من الأرز في طبقها:
-“أيوة يا ماما قولتله الكلام ده”.
جلست لميس تتناول الغداء تحت أنظار ميرڤت التي هتفت بسرعة ودون أي مقدمات:
-”اجهزي وظبطي نفسك بكرة لأن فيه عريس جاي يتقدملك”.
شهقت لميس وتوقفت بعض من حبات الأرز في حنجرتها الأمر الذي جعلها تسعل بشدة جعلت ميرڤت تنظر لها بقلق قائلة:
-“أنتِ كويسة يا حبيبتي؟”
أومأت لميس بإيجاب بعدما تمكنت من إخراج حبات الأرز العالقة على مقدمة جهازها التنفسي:
-“أيوة أنا كويسة يا ماما بس اسمحيلي أقولك أني مش موافقة على العريس؛ لأني مش بفكر دلوقتي غير في الدراسة وبس”.

 

تنهدت ميرڤت وحاولت إقناعها بقولها:
-“طيب إقعدي معاه على الأقل وإديله فرصة جايز ترتاحي وتحسي بقبول من ناحيته”.
-“لا يا ماما، أنا مش عايزة أشوف حد ولا أتكلم مع حد، أرجوكِ بلاش تضغطي عليا في الموضوع ده”.
قالتها لميس مؤكدة إصرارها على موقفها ثم تركت المائدة قبل الانتهاء من تناول الغداء وتوجهت نحو غرفتها وهي تتساءل بينها وبين نفسها متى ستتحسن ظروف رامي حتى يأتي إلى منزلها ويطلبها للزواج من والدتها؟
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
فكر محمد في كلام شمس التي وبخته بشدة أمام زوجته السابقة قبل بضعة أيام؛ لأنه أراد مساعدتها بعدما علم أن عمها الذي لا يتحلى بالمروءة والرجولة قد تخلى عنها وتبرأ منها بعدما فشل في الاستيلاء على الشقة التي تعيش بها برفقة شقيقتها.
زفر محمد بحنق؛ لأنه لم يكن يقصد من وراء تصرفه إلا الخير، ولم يكن غرضه إذلالها أو معايرتها فيما بعد بالمعروف الذي صنعه معها مثلما اتهمته.
ضرب كفيه بقلة حيلة بعدما فشل في التواصل معها حتى يوضح لها أنه لم يرد استغلالها من هذا الموقف وإنما أراد تقديم المساعدة والاعتذار عن الفعل الذي صدر منه في الماضي عندما ظن أنها فتاة ساقطة باعت نفسها من أجل المال.
أشرقت شمس قلبه بعد عتمة طويلة استمرت لبضع سنوات وزالت بعد ظهورها أمامه أثناء فترة علاجه وسيعمل جاهدا على إصلاح ندوب الماضي التي تسبب بها حتى يحيا معها حياة سعيدة.

 

حمل محمد مفاتيحه وخرج من شقته قاصدا منزلها الذي تمكن من الحصول على عنوانه بفضل مساعدة بعض أصدقائه.
وصل محمد إلى البناية التي تقطن بها شمس وصعد إلى شقتها وأُصيب بصدمة عندما شاهد ما يحدث أمامه.
لقد وجد أمامه عزت الذي كان يقف أمام الشقة ويصيح بأعلى صوته متهما ابنة أخيه باتهامات قذرة تنال من سمعتها وشرفها.
سمع محمد عزت وهو يقول من وسط شتائمه:
-“حضرتك عاملة فيها الشريفة العفيفة اللي ماشية على الصراط المستقيم وأنتِ أصلا واحدة مفيش عندك أصلا احترام لنفسك ولا لأهلك”.
كادت شمس ترد على اتهاماته الباطلة في حقها ولكنه قاطعها مستكملا كلماته اللاذعة بنبرة متغطرسة:
-“أنا أصلا غلطان لأني فكرت زمان ألمك وأستر عليكِ لما عرضت عليكِ تتجوزي ابني بعد ما اتقبض عليكِ قبل كده في قضية الآداب بس أنت أصلا مش عايزة تستري نفسك وعجبك المشي البطال”.
حاولت شمس أن تتمالك أعصابها وردت بعصبية:
-“اطلع برة بيتي لو سمحت وبلاش تدخل في اللي ملكش فيه”.
تقدم عزت نحوها ورفع صوته متعمدا أن يجذب انتباه جيران ابنة أخيه حتى يتسبب لها في فضيحة وتصبح سيرتها مثل العلكة يتم تقطيعها بين الألسنة:

 

-“مش همشي من هنا غير لما أعرف أنتِ إزاي عرفتِ تجمعي فلوس العمليات بتاعة أختك لأننا كلنا عارفين أنك مش هتقدري تجمعي الفلوس من شغلك الكحيان وأنا متأكد أنك بعتي نفسك وشرفك لواحد غني بمقابل كبير وده شيء أصلا متوقع من واحدة ساقطة زيك اتقفشت قبل كده في شقة أداب يا بذرة عار ربنا بلانا بيها عشان نتفضح بسببها”.
سددت له شمس بضع ضربات نالت من وجهه وصدره مزمجرة بغضب رافضة أن يتم إهانتها بهذه الطريقة على يد عمها الذي يريد أن ينهشها ويقضي عليها بدلا من أن يكون سندا لها بعد وفاة والدها:
-“اخرس يا قذر يا واطي، أنا أشرف منك ومن كل اللي زيك وبعدين أنت أصلا مش ليك حق تسألني عن أي حاجة تخص حياتي لأنك أصلا اتخليت عني واستخسرت تساهم في علاج أختي”.
دفعها عزت وأسقطها أرضا قائلا بخشونة يشوبها الشماتة في تلك الفتاة التي تسببت في عدم حصوله على شقة أخيه:
-“لو مفكرة أني هسيبك عشان تصيعي وتمشي على حل شعرك فأنتِ غلطانة، إذا كنتِ مش لاقية اللي يلمك فأنا هلمك وهغسل عاري”.
في هذه اللحظة تفاجأ عزت بلكمة من محمد الذي لم يرحمه بل ظل يسدد له مجموعة من اللكمات القاسية التي جعلت عزت يصرخ ويصيح كطير ضعيف على وشك أن يلقى مصرعه بين أسنان طائر مفترس.
نظرت شمس بذهول نحو محمد وطلبت منه أن يتوقف عن ضرب عمها ولكنه لم يستمع لها وظل يضربه بقسوة عقابا له على الكلام المهين الذي وجهه لابنة شقيقه.
هتف محمد بغلٍ وهو يمسح كفيه ببعضهما وكأنه يزيل بعض القاذورات التي علقت به بسبب ملامسته لعزت:
-“هو أنت شايف نفسك فعلا راجل زي باقي الرجالة!! يعني واحد زيك المفروض يخلي عنده شوية دم ويساهم مع بنت أخوه في مصاريف علاج أختها مش يتخلى عنها ويسيبها تحتاس وتشتغل شغل فوق طاقتها”.
بصق عزت الدماء العالقة في فمه هاتفا بتهكم:

 

-“هو ده بقى يا أستاذة شمس اللي بتتسرمحي معاه ولما عجبتيه قرر يعطف عليكِ ويديكِ فلوس عملية أختك؟”
صاح محمد بغضب وهو يمسكه من تلابيب قميصه:
-“لم لسانك ده بدل ما أقصهولك ويلا قوم غور من هنا وإياك أعرف أنك اتعرضت ليها مرة تانية ويكون في علمك شمس أشرف منك ومن أمثالك وإذا كنت عايز غسيلك القذر يتنشر وكل الناس تتفرج عليه فابقى ضايق شمس مرة تانية”.
رفع عزت أحد حاجبيه قائلا بحدة:
-“مش همشي من هنا ولا هتحرك خطوة واحدة غير لما أعرف أنت على أي أساس دفعت ليها فلوس المستشفى وكمان جاي تضرب فيا عشان بعاتبها على مشيها البطال؟”
تمالك محمد أعصابه وأجاب وهو يبتسم واضعا يديه في جيب سرواله:
-“أنا أبقى خطيبها والفلوس اللي دفعتها للمستشفى تبقى مهرها يا نطع يا اللي مش تسوى في سوق الرجالة أكتر من اتنين جنيه”.
شهقت شمس مستنكرة من محمد هذا التصريح فهي لا تطيقه من الأساس فكيف تصبح بين ليلة وضحاها خطيبته!!
كادت شمس تنفي كلامه وتقوم بطرده ولكن انعقد لسانها بعدما سمعت جارتها وهي تطلق أغرودة عالية ثم انهالت عليها التهاني من جيرانها الآخرين وتمنوا لها السعادة.
شعر عزت بالغيظ الشديد وتظاهر بالحزن وهو يهتف بعتاب مصطنع:
-“مكانش العشم يا بنت أخويا، مش المفروض برضه أن ليكِ أهل والمفروض لما يتقدم ليكِ

 

أجاب محمد بالنيابة عنها وهو ينظر نحو عزت باستهزاء:
-“دلوقتي بقيت عمها!! أمال أنت كنت فين بسلامتك لما هي احتاجت منك فلوس عشان عملية سمر؟”
أطرق عزت رأسه بإحراج بعدما رأى نظرات الاحتقار المصوبة نحوه من جيران شمس وقرر أخيرا أن ينسحب ويغادر المكان حفظا لماء وجهه.
انتظرت شمس عودة كل شخص إلى شقته ثم رمقت محمد بنظرات كارهة وقالت:
-“ممكن أفهم بقى إيه الهبل اللي أنت عملته ده؟! أنت إزاي تتجرأ وتقول عليا خطيبتك وأنك دفعتلي مهري؟!”
أجاب محمد بهدوء غير مكترث بعصبيتها:
-“أمال أنتِ كنتِ عايزاني أعمل إيه وأنا شايف الحيوان ده عمال يقل أدبه عليكِ ويهين فيكِ وأنتِ مش عارفة تردي عليه؟!”
كزت شمس على أسنانها هامسة بغيظ لم يجعلها تنسى أن تحرص على خفض صوتها حتى لا يسمعها أحد من الجيران:
-“ما هو أصلا أنت السبب في كل اللي حصل، لو أنت مكنتش دفعت ليا فلوس المستشفى مكانش عمي استغل الفرصة وجِه لحد هنا عشان يعملي فضيحة قدام باب شقتي”.
رد محمد ببساطة وهو يستند بكفه الأيمن على حافة باب شقتها:
-“اسمعي يا شمس وشغلي عقلك ده وفكري شوية، سمر بقالها سنين بتتعذب بسبب اللي اتعرضتله في الحادثة وأنتِ حاولتِ تساعديها كتير بس فشلتِ في تأمين الفلوس المطلوبة وده مش عشان أنتِ فاشلة أو مش مهتمة بأختك وإنما لأن المبلغ فعلا كبير وكان صعب أوي عليكِ أنك تجمعيهم من شغلك من غير ما تضطري تتنازلي عن كرامتك وتوافقي تعملي حاجة غلط”.

 

أشاحت شمس بوجهها وتذكرت ما حدث معها في العمل الذي طُردت منه قبل أسبوع لأنها رفضت أن تستجيب للأوامر المهينة التي كان يريدها المدير.
لاحظ محمد تجمع الدموع في عينيها فهتف بهدوء:
-“أنا عارف يا شمس أني غلطت زمان في حقك وأنا بعتذر منك على التصرفات اللي صدرت مني وقتها”.
-“أنت على أي أساس دفعتلي فلوس عمليات أختي؟”
سألته شمس وهي تحاول أن تمنع هطول دموعها أمام عينيه وشعرت بالصدق في نبرته عندما سمعته وهو يقول:
-“أنا دفعت الفلوس مش عشان أهين كرامتك ولكن عشان لما شوفت بعيني معاناة سمر افتكرت نفسي واللي حصلي بعد القنبلة اللي انفجرت وأنا قريب منها بس الفرق بيني وبين أختك أني معايا فلوس أتعالج بيها ولكن سمر مش معاها والسبب ده ممكن يخليها تعيش مشوهة طول عمرها”.
كفكفت شمس الدموع العالقة بين أهدابها قائلة بسخرية:
-“طيب ويا ترى إيه رأي مراتك في شهامتك دي يا أستاذ محمد وهل هي هتقبل أنك تتجوزني عليها بعد ما أعلنت قدام عمي أنك خطيبي؟!”
ضحك محمد بشدة حتى دمعت عيناه وتحدث من بين ضحكاته بعدما رأى نظراتها الحانقة:
-“أنا مش متجوز أصلا يا شمس وبالنسبة لهانيا اللي أنتِ شوفتيها لما جيتي لبيتي عشان تهزقيني فهي مش تبقى مراتك زي ما هي قالتلك وإنما هي طليقتي اللي انفصلت عنها من حوالي أربع سنين لأنها اتقرفت من شكلي لما اتشوهت بعد الحادثة”.

 

أصيبت شمس بحالة من الصدمة بعدما سمعت كلامه وقامت بعقد موازنة بينه وبين كلام هانيا التي أخبرتها بمنتهى الثقة أنها زوجته.
-“جهزي نفسك يوم الخميس الجاي عشان أنا هفوت عليكِ نروح نشتري الشبكة”.
قال محمد هذه الجملة وانصرف، وترك شمس تنظر إلى أثره بذهول وتتساءل هل حقا ستصبح زوجته؟!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى