رواية كواسي الفصل الرابع 4 بقلم نسمة مالك
رواية كواسي الجزء الرابع
رواية كواسي البارت الرابع
رواية كواسي الحلقة الرابعة
الرابع..
كواسي..
✍️نسمة مالك✍️..
بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
سمعت مقولة ذات مرة أن خطيئة الإنسان الحنون أنه يعطي بغزارة حتى يصبح فارغًا من ڪل شيء ، يظن أن الكل يمتلك قلبًا مثل قلبه لم يتوقع بأن هناك أشخاص قلوبهم لا تفقه أي شيء عن معنى الحنان الذي هو اسم من أسماء الله عز وجل،
لن تدرك قيمة القلب الحنون الذي ترڪته بمحض إرادتك،
إلاَّ عندما تضعڪ الدُنيا بين فڪيّ القُساة..
اندفعت “صفية” لداخل شقة حماتها كالقذيفة المتوهجة فور فتح جدة أولادها الباب..
“هي فين.. أنتي فين يا واكستي وخيبتي.. أنتي فين يا بنتي الكبيرة يا اللي رايحة تضيعي ألف و نص على واحدة متستهلش ربع جنيه مخروم و مصدي.. هتموتيني بهبلك و جنانك يا كواسي الكلب”..
كانت تتحدث و هي تبحث عنها بأعين تقدح شررٍ..
وقفت الجدة أمامها منعتها عن دخول الغرفة المتواجدة بها “كواسي” حفيدتها، و صاحت بوجهها بغضب قائلة..
“كواسي الكلب!! بتشتمي البت اللي إسمها على أسمي و قدامي كمان!.. أيه يا وليه يا مفترية أنتي.. محدش قادر عليكي ولا أيه.. داخلة طايحة زي البهيمة كده و بدوري على البت عشان تضربيها في شقتي! “..
“بهيمة!!”.. قالتها “صفيه” بصوتٍ بدي مخيف، و من ثم نظرت لزوجها الواقف خلفها يظهر على ملامحه خوف مصطنع مكملة ..
“أنا بهيمة يا سيد؟! “..
“أنتي عارفة أمي بتحب تدلعك و تهزر معاكي يا صفصف “..
قالها و هو ينظر لوالدته بنظرة راجية، لترمقه الأخيرة بنظرة حارقة و هي تقول..
” أنا لا بحب ادلعها و لا أهزر معاها ولا بحبها أصلاً و آه أنتي بهيمة يا صفية و متجوزة جحش و خديه في أيدك و انجروا أنتو الاتنين على الزريبة بتاعتكم محدش ليه دعوة بحفيدتي و لو على الألف و نص اللي كواسي صرفتهم ففداها و أنا أول ما اقبض المعاش هبقي ادهملك على الشبشب “..
خلعت” صفيه” نعلها و امسكته بيدها اشهرته بوجه الجدة التي تطلعت لها بأعين متسعة..
” الشبشب ده أنا هنزل بيه دلوقتي على دماغ بنت إبنك اللي أنتي مخبيها مني و مقويها عليا لحد ما هتبوظيها يا كواسي يا كبيرة أنتي “..
أنهت جملتها و ركضت تتابع رحلة البحث عن ابنتها..
صاحت الجدة بغضب قائلة..
” أنت واقف زي التيس ليه كده يا واد يا سيد!! ما تلم الولية اللي انت متجوزها دي يا واد”..
فتح” سيد” فمه ليرد عليها إلا أنه أغلقه ثانيةً حين رأي والدته تجلس على أقرب مقعد بأريحية و ابتسمت إبتسامة ثقة و هي تقول..
“على العموم أنا خبيتها في مكان سري.. محدش هيعرف يوصلها فيه”..
“بنتااااي.. الحقوناااي يا ناااااس”.. صرخت بها” صفيه” بصوتٍ يملؤه الذعر، لينتفضا كلاً من زوجها و حماتها و يهرولان لداخل الغرفة المتواجدة بها، تيبست أقدامهم حين وقعت أعينهم على الفراش الممددة عليه” كواسي” بوجهه شاحب للغاية يدل على فقدانها الوعي..
” مالها البت يا صفيه؟! عملتي فيها أيه يا وليه!”..
بكت “صفيه” و هي تجيب عليه قائله ..
“والله ما عملت فيها حاجة يا سيد.. أنا لقيتها زي ما هي كده.. بحسبها بتعمل فيا حركة من حركتها بس لما قربت منها لقيتها زي ما تكون قاطعة النفس.. ألحق بنتنا يا سيد”..
بينما وقفت الجدة في حالة دهشة شديدة، تطلع لحفيدتها بأعين منذهلة، و برأسها يدور الكثير من الأسئلة اهمهم كيف خرجت” كواسي ” من المخبئ بمفردها دون إنتظار مساعدتها!!
تسمرت محلها تتابع محاولات إبنها و زوجته في إفاقة ابنتهم، و قد انخلعت قلوبهم من الخوف عليها..
صرخت “صفيه” ببوادر انهيار مرددة..
“بنتي مالها.. أيه اللي جرالك يا كواسي.. البت مالها يا سيد.. أمك عملت أيه في بنتي؟!”..
“هكون عملت فيها أيه يا حرباية أنتي.. البت هتموت من الخوف اللي أنتي معيشاها فيه يا صفيه يا مفترية”.. قالتها الجدة بغضب و من ثم نظرت لابنها و تابعت بأمر..
“قوم يا واد يا زفت أنت شيل البت و أجرى بيها على المستشفى “..
انصاع” سيد” لحديثها على الفور و حمل” كواسي” بين يديه و سار بها للخارج بخطوات شبه راكضه و هو يقول..
” وقفي أي عربية تقابلك يا صفيه”..
مّرت دقائق معدودة و كانت “كواسي” داخل قسم الطوارئ بإحدى المستشفيات يتم فحصها من قبل أكثر من طبيب، بينما ظل والدها و والدتها و جدتها بالخارج بحاله يرثي لها من شدة فزعهم عليها..
كانوا الأطباء في حيرة من أمرها، لأول مرة تمر عليهم حالة مثلها، لا تتنفس مطلقًا بينما قلبها مازال ينبض!، أجروا لها جميع الإسعافات حتى تستعيد أنفاسها لكن كلها باتت بالفشل، وبقت “كواسي” قاطعة النفس فترة ليست بقليلة حتى شهقت فجأة شهقة قوية جعلت جميع من حولها يقفزون بهلع حين نهضت من مكانها و وقفت فوق الفراش مرددة بذعر..
“عفريت.. عفريت.. أنا طلعلي عفريت!!! ” ..
“أهدى مافيش عفريت.. أنتي كنتي مغمي عليكي”.. قالها إحدى الواقفين، سيطروا على انفعالتها و اجلسوها من جديد بشق الأنفس، لتبدأ هي بإستيعاب ما يحدث لها، هدأ روعها قليلاً حين ظنت إنها كانت تتوهم ما حدث لها، جاهدت لتلتقط أنفاسها تتفاجئ بعينيها تذرف دمعًا غزيرًا و تحدثت ببكاء قائلة..
” أنا عايزة ماما “..
أنتهي الطبيب من فحصها و خرج لأهلها بملامح متعجبة، ليهرولوا عليه فور رؤيته..
“طمني يا دكتور الله لا يسيئك.. بنتي مالها؟!”..
قالها “سيد” بصوتٍ مرتجف و هو يبتلع لعابه بصعوبة من شدة خوفه..
“اطمنوا هي دلوقتي بقت كويسة جداً رغم أنها كانت جاية قاطعة النفس خالص و غالبًا بسبب حاجة رعبتها.. لأنها أول ما فاقت قالت طلعلي عفريت! “..
رمقت الجدة” صفيه” بنظرة غاضبة و أشارت عليها باصبعها مدمدمة.. “اممم.. أمها العفريت اللي رعبتها يا حبة عيني يا كواسي يا بنتي”..
قال الطبيب قبل أن يغادر..” هي بتسأل عن والدتها و عايزاها تدخلها “..
هرولت” صفيه” مسرعة نحو الغرفة، دلفت بلهفة للداخل و وقفت قبل أن تغلق الباب، رمقت حماتها بنظرة متوعدة و تحدثت وهي تصطك على أسنانها قائلة..
” بقى أنا عفريت.. طيب صبرك عليا أطمن بس على البت و افوق لك يا كواسي”..
أنهت جملتها و أغلقت الباب بوجههم..
شهقت الجدة و هي تضرب بكف يدها على صدرها مرددة بصدمة..
“مراتك بتستحلفلي وأنت واقف زي خيال المأته يا سبع الرجال!!”..
قال “سيد” بعصبية طفولية..
“يا أمه مدخلنيش بينك و بينها.. أنتو عاملين زي القط و الفار و أنا بحتاس و بفرهد وسطكم بصراحة “..
ردت عليه بحماس قائلة..
“طلقها يا واد بدل الحوسة اللي تعباك دي يا حبيبي”..
” يا أمه أنتي عارفه إني بحب الحوسة.. قصدي بحب صفيه.. دي أم بناتي و حب عمري كله”..
“ده أنت اللي حب عمري كله يا سيكا مزيكا “.. قالتها” صفيه”التي فتحت باب الغرفة كانت تقف خلفه تصتنت على حديثهما، ألقت له قبله بالهواء ليلتقطها هو بفرحة بلهاء أمام أعين والدته التي تنظر لهما بشفاه مرفوعة..
” عن إذن حواجبك اللي حشراهم في حياتنا يا حماتي”..
أغلقت الباب ثانيةً بوجهها..
عوجت الجدة فمها يمينًا و شمالاً و هي تنظر له مرددة بغيظ..
“من يوم ما خلفتك عمرك ما جبتلي واحدة عدله.. طول عمرك يا واد يا سيد تمد إيدك في الزبالة تطلع لي بناس عينة صفيه المفترية”..
………………….. لا إله إلا الله وحده لا شريك له…….
داخل الغرفة..
ارتمت “كواسي” داخل حضن والدتها و انفجرت في نوبة بكاء مرير، لينتفض قلب” صفيه” التي ضمتها بحنان مرددة بقلق..
” أيه يا كواسي.. مالك يا ضنايا.. اتكلمي و فضفضي و طلعي اللي في قلبك مرة يا بنتي.. متخبيش عني زي كل مرة” ..
تطلعت لها “كواسي” بنظرات زائغة، و ملامح مندهشة و بدأت تتحدث بلا إرادة كأنها فقدت القدرة على التحكم في لسانها و ما تتفوه به..
“مش هخبي عليكي يا ماما.. انا هقولك كل اللي حصل انهاردة و زعلني.. و واجع قلبي”..
صمتت لبرهةً تحاول منع نفسها بشتى الطرق عن استكمال حديثها لكنها عجزت تمامًا، فتسعت عينيها على أخرها حين شعرت بأن فمها يتحدث من تلقاء نفسه قائلاً!!
“انتي كان عندك حق لما منعتيني اروح فرح عزة و أنا مسمعتش كلامك و روحتلها عشان تهني و تقل مني و تتنمر عليا و تقولي انتي سودة و تتريق عليا و على لبسي و شكلي و خطيبها يقولي أنا كلمت لك دكتور نفسي عشان يعالجك و يتصل بالدكتور قدامي و يقولي كلميه عشان يحدد مرضك!! كسروا خاطري وأنا اللي كنت فرحانة بيها و ليها من جوه قلبي والله يا ماما “..
أنهت جملتها و اجهشت بالبكاء، تبكي بنحيب شديد، بينما والدتها تستمع لها بصمت و قلب يتمزق لأجلها، رغم ذلك لم تستطيع إخفاء نظرات التعجب التي ترمق بها ابنتها، تعلم أن” كواسي ” كتومة لاقصدي حد، لم تخبرها عن أي شيء يخص علاقتها بتلك ال عزة من قبل، تخفي مشاعرها عن الجميع بمهارة، و تتعايش مع أحزانها بمفردها حتى لا تزعج أحد بمشاكلها و خاصةً والدتها لعلمها أنها سريعة الغضب..
“بس يا حبيبتي.. كفاية عياط يا ضنايا”.. قالتها “صفيه” وهي تربت على ظهرها بحنو و تبكي لبكائها، لتندهش حين قالت “كواسي” بطيبتها المعهودة..
“أنا أيه اللي قولته ده!!
أيه اللي خلاني أحكيلك كل ده!! هما أكيد مكنش قصدهم يكسروا بخاطري..دي عزة دي عشرة عمري و صاحبتي الوحيدة أكيد كانت عايزة تساعدني هي و خطيبها و أنا اللي فهمت غلط” ..
لم تتحمل “صفيه” ما قالته،كادت أن تصرخ بصوتها كله إلا أنها اكتفت بلطم على وجنتيها مرددة بهدوء عكس ملامحها الغاضبة..
” أنتي عايزة تموتيني مفروسة يا بنت سيد!! “..
ردت عليها” كواسي” و هي تبكي بكاء مزعج كالأطفال قائلة..
” لا أنا عايزة أروح من هنا يا ماما “..
نظرت “كواسي” لإحدى الممرضات المتواجدة بجوارهم و تابعت ببكاءها المزعج..
“من فضلك شيلي الحقنة اللي في أيدي دي المحلول خلص.. و الدكتور قالي روحي لما يخلص”..
نهضت “كواسي” بمساعدة والدتها بعدما قامت الممرضة بنزع الحقنة الطبية من يدها، و سارت معاها لخارج الغرفة..
” كواسي.. يا حبيبتي يا بنتي”..
قالتها جدتها و هي تهرول نحوها و تضمها..
” حمد لله على سلامتك يا كبد ستك”..
ردت عليها” كواسي ” بتقطع من بين شهقاتها، تبكي بكاء جعلها تبدو غريبة الأطوار..
“الله يسلمك يا وليه يا تيته”..
” سلامتك يا حبيبة أبوكي”.. قالها والدها و هو يقبل جبهتها قبلة حانية، ليزداد بكاء “كواسي” بصورة مزعجة..
“الله يسلمك يا سيكا مزيكا”..
ساروا جميعهم متوجهين للخارج وسط بكاء “كواسي” العجيب، مروا بطريقهم على مجموعة من الناس يطلقون الزغاريط بفرحة غامرة، لتنتفض” صفيه” و حماتها حين قفزت “كواسي” من بينهما و بدأت تصفق بسعادة بالغة و تطلق الزغاريط هي الأخرى بفرحة شديدة البلاهة..
” بسم الله الرحمن الرحيم.. هي سلوك دماغ البت ضربت ولا أيه يا بت يا صفيه؟!”..
قالتها جدتها و هي تمسك بذراعها بخوف..
“ألف ألف مبروك يا مدام ياللي حامل بعد ١٢ سنة جواز”..
قالتها “كواسي” بصوتٍ عالٍ للغاية لتتمكن السيدة التي بالداخل من سماعها..
دارت بعينيها بين الحشد الواقف أمام غرفة السيدة الحامل، و وقفت أمام رجل منهم و تحدثت بإبتسامة متسعة تظهر جميع أسنانها و تابعت بصوتها العال جداً ..
“مبروك حمل مراتك اللي أنت مفهمها أن العيب منها هي و العيب منك أنت يا لقيم”..
أنهت جملتها بضحكة تشبه ضحكة الساحرة الشريرة..
“أيه البت المجنونة دي! أنتي اتحدفتي علينا منين يا بت أنتي”.. قالها الرجل و هو يهم بالهجوم على “كواسي” و ضربها ليتفاجئ جميع الحضور أنه بدأ يضرب نفسه بدلاً عن” كواسي” التي تنظر له بإبتسامة بريئة، ليصيح الرجل مرددًا بجملة ظل يعيدها مرارًا و تكرارًا..
“أيوه أنا اللي مبخلفش و كدبت على مراتي و فهمتها أن العيب منها هي”..
صدمة، ذهول، دهشة أصابت الجميع، بينما “كواسي” سارت بصمت حتى غادرت المستشفى و معاها عائلتها..
فور وصولهم للمنزل تحدثت “كواسي” قائلة..
“أنا هبات عند تيته.. نزليلي هدومي يا ماما و البطاطس المحمرة و الجبنة بطماطم اللي قولتي لأختي تعملهم لي عشان جعانة”..
” عرفتي منين إني قولت لأختك تعملك العشا ده؟! “.. قالتها “صفيه” و هي تطلع لها بملامح مذعورة..
بكت “كواسي” بكاءها المزعج من جديد و هي تقول..
“هو اللي قالي!! “..
” هو مين يا بت؟! “.. قالتها جدتها و والدها و والدتها بنفس واحد، لتتحول ملامح” كواسي” بغمضة عين، توقفت عن البكاء و و أصبحت جامدة كأنها تحولت لشخص أخر و تحدثت بهدوء على غير عادتها قائله..
“أنا بقول كفاية كده انهاردة.. و سبوها ترتاح بقى”..
” هي مين دي اللي نسيبها؟! “..
ابتسمت لهم إبتسامة دبت الذعر بأوصالهم و هي تقول..
“كواسي”..
صاحت فجأة بغضب في وجههم..
“سيبو كواسي ترتاح”..
أنهت جملتها و سارت من أمامهم بخطوات متزنة نحو تلك الغرفة، دلفت للداخل و أغلقت الباب خلفها، و بدأت وصلة جديدة من البكاء الحاد يصل صوتها للواقفين بالخارج ينظرون لبعضهم بعدم فهم من تصرفاتها المريبة..
……………. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين……….
ساعات طويلة مّرت على “كواسي” حتى غرقت في النوم، لم يستطيع أحد ايقاظها و تركوها تنعم بالنوم بعد اليوم العصيب التي قضته..
شيئًا ما اقلقها أثناء نومها المُتعب بعد وصلة طويلة من البكاء الحاد جعلها تغرق في ثبات عميق، فتحت عينيها ببطء لترى وجهه رجل يضع رأسه على وسادتها مقابل وجهها تمامًا!،
لوهلة ظنت إنها تتوهم أو ربما لم تستيقظ من كوابيسها حتى الآن ، فأغلقت عينيها و فركتهما بكفيها جيدًا ثم فتحتهما من جديد لتصعق حين تأكدت أن ما رأته حقيقي، و أن بجوارها يوجد رجل يضع رأسه على وسادتها بأريحية و ينظر لها بإبتسامة لن تنكر أنها أكثر إبتسامة جذابة رأتها بحياتها..
رفعت يدها التي بدأت ترتجف بقوة، و لمست لحيته الكثيفة بحذر فشعرت بسخونة بشرته أسفل أصابعها الباردة جعلت عينيها السوداء التى تشبه سواد الليل تتسع على أخرها، حاولت إيجاد صوتها بشتى الطرق إلا أنه خذلها و فقدت النطق لثوانٍ معدودة،
لتتسع ابتسامته هو على هيئتها و تطلع لها بنظرة كانت كالسهم الذي أصابها بمقتل مغمغمًا بصوته الرجولي..
“صباح الخير” ..
اختفت ابتسامته فجأة و رمقها بنظرة حادة أمرًا إيها بجملة جعلتها تشهق بصدمة حين قال ..
“قومي بسرعة أدخلي الحمام فضي المية اللي أنتي حبساها دي.. كليتك بتستغيث بقالها ساعتين”..
فتحت فمها و جاهدت لتجد الحروف فخرج صوتها أخيراً بتقطع قائلة..
“أ أ.. ح ح”..
رفع حاجبيه و رمقها باندهاش مغمغمًا..
“أيه اللي بتقوليه ده!”..
اعتدل بجلسته و نظر لها بتحذير مردفًا..
“اعدلي كلامك و اظبطي نفسك معايا بدل ما اظبطك أنا “..
” ألحقونااااي.. حراااااامي”..
صرخت بها و هي تقفز من فراشها و تركض تجاه باب الغرفة فتحته و وقفت تقفز مكانها مرددة بلا توقف..
“يا تيته ألحقينااااي..يااالهووووي.. ألحقوني يا ناس.. حررررامي” ..
نهض هو من فوق الفراش، و انتصب واقفًا ليظهر طوله المُهيب، واضعًا كلتا يديه داخل سرواله الجينز بهنجعية ، و ظل يتابعها ببرود تام يُحسد عليه..
بينما هي ظلت تصرخ بصوتها كله حتى أتت جدتها و تجمع بالمنزل جميع الأهل و الأقارب و حتى الجيران..
” أهدى يا بنتي.. بطلي صريخ خرمتي ودنا و قوليلي فين الحرامي ده؟ “..
أشارت عليه باصابعها مرددة بغضب..
“ما هو واقف قدامك أهو يا تيته!!”..
تطلعت الجدة حولها بتعجب و من ثم نظرت لها و اردفت بتنهيدة..
“يا بنتي مافيش حد في الأوضة غيرك”..
تنقلت بعينيها المنذهلة بينه و بين الجميع الذين يأكدون حديث جدتها ، و قد أوشكت بالفعل على فقدان صوابها، لتركض تجاهه و قبضت على عنقه بكفيها و هي تصرخ مرددة بانفعال..
“ما أهو.. اهووووو…مش شايفينه إزاي!!! ما أنا ماسكة في رقبته الحرامي ده أهو.. حررررامي ده و لا مش حرامي!!! “..
” لا مش حرامي، و هما مش شيفني و لا حد يقدر يشوفني ولا يسمعني”..
مال بجسده عليها كثيراً نظرًا لقصر قامتها بالنسبة له حتى أصبح وجهه مقابل وجهها و غمز لها بعبث مكملاً..
” و لا حد يقدر يلمسني غيرك أنتي بس يا…. كواسي “..
” يا بنتي مالك بس فيكي أيه؟! “.. قالتها” صفيه” التي جاءت راكضة بلهفة نحوها، أمسكت معصم يديها مكملة بتوسل..
“سيبي رقبتك يا كواسي..متقلقناش عليكي يا بنتي”..
“رقبتي أيه يا ماما.. أنا ماسكة رقبة الحرامي ده.. أنتو مش شايفينه إزاى بس !!!.. أنتو عايزين تجننوني “..
دفعتها” صفيه” قليلاً نحو المرآة المعلقة على إحدى جدران الغرفة، و أشارت لها عليها مغمغمة بنفاذ صبر..
“يا بنتي أحنا لسه هنجننك.. أنتي مجنونة لوحدك و فرجتي علينا خلق الله..بصي في المرايا كده شوفي أنتي ماسكة أيه!”..
َ
ابتعدت ” كواسي ” بعينيها عنه، و التفتت ببطء نحو المرآة لتصعق حين لم تجد انعكاس صورة هذا الرجل في المرآة معاها، وجدت نفسها بمفردها و الأدهي أنها قابضة بكفيها على رقبتها هي!!!
تنقلت بنظرها بين الواقف أمامها بشحمه و لحمه وابتسامته التي تُزين ملامحه الوسيمة، و بين المرآة التي تثبت عدم وجوده!
سقط فمها من هول الصدمة و همست بصوتٍ يكاد يكون مسموع لكنه وصل بالطبع لسمعه هو..
“عفريت!!!”..
حرك رأسه لها بالنفي و اجابها بهنجعية تليق بوسامته كثيرًا..
“عبيد” ..
غمز لها بعينيه مكملاً بشقاوة..
“مش عفريت”..
تلاشت أنفاسها و هي تنطق إسمه لمراتها الأولى..
“عبيد!!!”..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كواسي)