رواية أغصان الزيتون الفصل الحادي والتسعون 91 بقلم ياسمين عادل
رواية أغصان الزيتون الجزء الحادي والتسعون
رواية أغصان الزيتون البارت الحادي والتسعون
رواية أغصان الزيتون الحلقة الحادية والتسعون
||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل الحادي والتسعون :-
الجُـزء الثـاني.
“لن تسير الدنيا كيفما تشاء دائمًا، ستأتيك لحظات عليك فيها الإختيار بين صعبين، إما…. أو….”
____________________________________
كل شئ أصبح مضادًا لها، لا يحالفها شيئًا منذ فترة، وذلك ما أرقها بالأكثر. لقد انحدرت الظروف المحيطة إلى قاعٍ لا تعلم آخره، وحتى إن وصلت لآخره هل ستستطيع العودة من جديد أم إنها ستلتصق به. بذلت “سُلاف” أقصى جهدها كي تُعيده إلى وعيهِ، بعدما حلّت الطامة الكبرى وماتت أمهِ دون أن يشعر بها أحدًا، وفي النهاية نجحت في إفاقتهِ إلى حدٍ ما؛ لكنه لم يستوعب بعد خبر نقل والدته للمشفى، ومازالت الغمامة تحيط بمداركهِ، حتى لا يشعر إنه غادر منزلها وركب جوارها السيارة وإنها تسير به الآن حيث المشفى.
فرك “حمزة” عينيهِ بقوةٍ تسببت في احمرارهم، وأغمض عيناه مستندًا برأسه على مسند المقعد الأمامي، محاولًا التغلب على ألم الرأس العنيف الذي تسلط بقوةِ عليه، ومن بين التيهه التي سقط فيها انشغل قليلًا بتدهور حال والدته، فسألها مستفسرًا :
– هو حصل إيه أنا مش فاهم حاجه؟؟.. مين نقلها المستشفى وتعبت امتى؟.
ذمّت “سُلاف” على شفتيها بسخطٍ، وسددت له كلماتٍ متوارية حملت معنى غليظًا :
– ماانتوا لو حاسين باللي حواليكوا كنتوا عرفتوا إنها وصلت لحالة متأخرة من أكتر من أسبوع والدكتور بلغ المحروس أبوك بكده، بس هو اللي جاحد وسابها مرمية لحد ما…..
وقطعت حديثها هنا لئلا تخبره عن طريق الخطأ بالحقيقة الموجعة، حقيقة إنه سيذهب لإستلام جثمان والدته وليس لرؤيتها والإطمئنان عليها كما أشاعت هي.
كأنه لم يصدق ما روته، وأبى أن يقتنع بإهمال والده لها والذي تسبب في ذلك التقدم الخطِر في حالتها، حتى إنه نفى ذلك عنه أيضًا :
– انتي عايزة تصطادي في الميا العِكرة وخلاص!.. إيه علاقة بابا بوضع زي ده.. أمي تعبانه من وقت موت يسرا.
انفعلت “سُلاف” بعدما رأته يدافع عنه هكذا، وأفاضت بالمعلومة التي حصلت عليها من فم الطبيب بنفسه :
– الدكتور قال لأبوك إنها لازم تتنقل للرعاية وهو رفض، أبقى أسأله بقى ليه!.. ولا متسألوش أنا مالي.. أنا عملت اللي يرضي ضميري واللي بعد كده ميخصنيش.
تأفف “حمزة” دون أن يُطيل التحدث معها، وقد اكتفى بآلام رأسه وذلك الدوّار المصاحب له دون سببٍ معلوم، متحملًا فضوله المُلحّ عليه بشدة لمعرفة التفاصيل الصادقة حول ما جرى بالفعل، وما هي إلا دقائق عديدة استغرقها الأمر للوصول أمام المشفى، فـ ترجل عن السيارة ومشى بتؤدة نحو الإستقبال، حيث أرشده الموظف كيف يسلك طريقهِ وسار هو مُضيًا نحو المصعد، ووقف لحظات حتى وجدها أمامه تنتظر هبوط المصعد كي يصعدا معًا.
خرج من المصعد وسلك الردهه الهادئة الطويلة، حتى بلغ في نهايتها قسم العناية المشددة، وهناك وقف يسأل طاقم التمريض :
– والدتي نقلوها للعناية النهاردة الصبح، أسمها أسما الصبّاح.
ابتعدت “سُلاف” خطوات للوراء، غير راغبة في متابعة الحوار بينهم، بينما تبادل الممرض نظرات التردد مع زميله وهو يوجهه للمكان الصحيح :
– مش موجودة هنا، نقلوها من شويه للتلاجات لحد ما ييجي أهلها يستلموها.
ازدردت “سُلاف” ريقها بتوجسٍ، متوقعة أسوأ رد فعل قد يصدر منه، أما عنه فكأنما أصيب بتجمدٍ وباتت الأجواء المحيطة به كلها سقيع، سقيع مؤلم يضرب أعصابه بضراوةٍ، اضطربت أنفاسه وتحشرج صوته لوهله، وسأله للتأكيد :
– انت قولت تلاجة!!.. يعني إيه؟ تلاجة موتى؟!.
انبثق من وجههِ تعبير الأسف وهو يُعزيه قائلًا :
– البقاء لله يا فندم.. لو محتاج ييجي معاك يوريك الطر…..
أشار له “حمزة” ليتوقف عن متابعة حديثه قائلًا :
– مش عايز.. خلصوا الإجراءات وكلموني.
واستدار كي يخطو بثقلٍ للفرار من هنا، هربًا من تلك المواجهة الصعبة. أصعب مواجهة قد يعيشها إنسان، رؤية وجه أمهِ للمرة الأخيرة، بينما هو يحاول التعافي من آثار موت “يسرا”؛ فإذا بفقدٍ آخر أكثر بشاعة سيعيشهُ. سارت “سُلاف” من خلفه بمسافةٍ آمنه، كي تسمح له أن يعيش قليلًا من مشاعر القهر، لكنه لم يُظهر شيئًا، ومضى في طريقه دونما يراها أو يودعها، خشيةً أن ينحفر ذلك المشهد في ذهنه فـ يُعذب به ما حيا، خشية الإنهيار من جديد، هذه المرة سيكون سقوطًا لا نهوض منه، فضّل أن يحافظ على قليل من قوتهِ لتوصيل أمهِ إلى مأواها الأخير، بدلًا من الأستسلام لحالة الإنهيار والتفتت. جلس “حمزة” في نهاية الردهه، وألصق وجهة بصره على الأرض، يفكر في اللاشئ، وكأن اللاوعي بدأ يتحكم في مشاعره، فأحس أصابع ناعمة تربت على كتفهِ، تمسح على رأسه ووجههِ وتواسيه، كأنها أصابع “يسرا”، نفس الرائحة التي كانت تتميز بها ويعرفها جيدًا، مرت أمام أنفه وكأنها هي، حضرت بروحها لتشهد لحظة التقاء روحها بروح أمها، فـ مرّت أمام “حمزة” مرورًا گالنسيم العليل في لحظة توهج الشمس الحارقة؛ لكنها لم تُصبه إلا بالمرارة والوجع. أطبق “حمزة” جفونهِ لحظات، وفتحها على صوت نهنهة أحدهم، ليرفع بصره رويدًا رويدًا فيترآى له حالة “عطا” المتدمرة تمامًا، فـ هضم غصّةٍ في صدره وسأل :
– بابا كان عارف بوضعها يا عطا؟.
أبعد “عطا” عيناه عنه، وهو يعترف بتسبب “صلاح” فيما آلت إليه حالتها :
– عارف، ورفض يسمع كلام الدكتور وينقلها المستشفى، أنا اتحايلت عليه ياما وهو برضو رفض.
تشنجت عضلات فكهِ وهو يسأله :
– وانا كنت فين؟؟.. معرفتنيش ليه ؟.
نفض عن نفسه ذلك الغبار نافيًا تقصيرهِ في أمر گهذا :
– اتصلت كتير يا بيه وانت مردتش عليا خالص، وطول الوقت تليفونك مقفول، ده انا وصلت للمدام بالعافية.
حتى هو كان مُقصرًا، تغيب عقله تمامًا عن حالة والدته الحرجه وحاجتها الماسّة إليه، لم يرى إنها كانت أكثر الخاسرين في تلك المعركة، حينما فقدت فلذّتها أولًا وصحتها بالكامل ثانيًا، هو أيضًا مشارك في تلك الجريمة الشنيعة التي ارتُكبت في حق “أسما”، هو أيضًا آثم بقدر أبيه على الأقل، لذلك رأى إنه استحق ذلك الشعور الذي يُسلسله الآن، وسيستحق العيش بهذا الندم القاتل.
****************************************
كانت مفاجئة صادمة، لم تتسبب في بزوغ أي مشاعر بالشماتة، على النقيض تمامًا، استحقت المرأة شعور الشفقة، حتى وإن كانت حيّة رقطاء في حياتها، فلم تجمعها معهم أي مواقف أخرى سوى عدائها ونفورها من “سُلاف”. أحس “نضال” بخروج الأوضاع عن السيطرة شيئًا ما، وخشى تطور النتائج عن توقعاتهم، وذلك كان سبب سعيهِ لإنهاء كل شئ لدى هذه النقطة، قبل انفجار الأرض بما عليها.
شدد عليها “نضال” محذرًا إياها من استمرارية وجودها هناك، وإنه لابد من هروبها الآن في هذه الجلبة :
– لازم يا سُلاف لازم.. هاتي الولد وهاتي كل حاجه ليكي وجهزي نفسك عشان راغب هييجي ياخدك مع عِبيد.
خطف “راغب” الهاتف من يده وتناوب التحدث إليها :
– انتي خلاص اتحرقتي عند حمزة يا سُلاف، وطالما مسكنا ذلة صلاح خلاص مبقاش في داعي نكمل أكتر من كده.. بدل ما نخرج منها خسرانين.
أيدت “سُلاف” رأيه، خاصة وإنها تحارب من أجل الإحتفاظ بـ “زين” لنفسها، وذلك لن يتحقق إلا بهروبها منه. وافقت “سُلاف” على تنفيذ خطة هربها في هذا التوقيت تحديدًا، بينما “حمزة” منهمكًا في مصيبته الكبرى، سيغفل عنها لا محالة، وحينما يتذكر عقله ستكون قد اختفت تمامًا من حياتهِ :
– ماشي يا راغب، هخلص كل حاجه وأكلمك على طول.
أغلقت “سُلاف” المكالمة ونظرت في ساعة الهاتف، ثم أصرفت عيناها عنه ودققت في الطريق أمامها، كانت تقود سيارتها نحو المنزل، من أجل تنفيذ اتفاقها معهم والخروج من هناك قبل أن يتخطى “حمزة” مصيبته ويعود لوعيه، وكل ذلك من أجل الخروج بـ “زين” بين أحضانها، كي لا تخسره للأبد وتبقى أسيرة الندم طيلة حياتها.
***************************************
أمر لا يُصدق، جنازة لم يمشي فيها سوى ابنها الوحيد، وطريقها لبيت الوحشة كان طريقًا فارغًا، لا يوجد من يدعو لها ولا من يتذكر سيرتها، خالية تمامًا. عجّل “حمزة” كل الإجراءات الروتينية من أجل الإنتهاء من تصاريح الدفن ووضعها في مكانها الصحيح بجوار ابنتها؛ لكن المسؤول عن المدافن قد رفض فتح المقبرة التي دُفنت فيها “يسرا” قبل مضيّ أربعون ليلة على الأقل، فـ اضطر “حمزة” مجبرًا على الموافقة لدفنها في مدفن آخر للعائلة مجاور للمدفن الذي وُضعت فيه “يسرا”. وقف “حمزة” أمام نعشها متصلبًا، يهاب تلك اللحظة بشدة، وقد عاشها مُسبقًا وتعرض لنوبةٍ من الهلع لم يتحملها؛ لكنه مجبر على ذلك، كونه الموجود الوحيد من عائلتها. ضرب “عطا” كفًا بكف، معترضًا على قرار “حمزة” بعدم الإنتظار أو دعوة الأقارب والأصدقاء لحضور مراسم الدفن :
– والله ما ينفع الهانم الكبيرة بجلالة قدرها تدفن كده يا حمزة بيه!.. على الأقل كنا شيّعنا للباشا ولا استنينا شويه أهلها ييجوا، دي وراها أهل يسدوا عين الشمس و…..
أخرسه “حمزة” هادرًا فيه :
– بــــس كـفـايه.. وانت مـالـك انـت!.
صفّ “زيدان” سيارته الصغيرة أمام المدفن وهمّ بالدخول متعجلًا وهو يتمتم :
– السلام عليكم دار قومٍ آمنين، لا حول ولا قوة إلا بالله يارب.
وقف “زيدان” على بعد مسافة مقبولة، بينما حمل “حمزة” أمه وقلبه يتمزق من شدة الألم، كأن ضلوعهِ كلها مشقوقة بسكينٍ حاد، هطلت دموعهِ بصمتٍ دون أن يُصدر صوتًا، ونزل بها يحملها للأسفل بكل صعوبة، مترنحًا لليمين واليسار عاجزًا عن تحمل ثقلها بمفردهِ حتى وصل بها للقاع أخيرًا، وهنا وقع بها ولامست يداه التراب، فخرجت شهقاتهِ المكتومة وهو يسند رأسه عليها كأنه يحتضنها لآخر مرة، بعدما عاقب نفسه بألا يراها أو يطل عليها الإطلالة الأخيرة؛ لكنه عجز عن متابعة عقابهِ. وضعها في مكانها، وارتعشت يداه وهو يكشف عن وجهها، أغمض عيناه حتى فرغ من مهمته الشاقّة، ونهض كي يبتعد عنها صاعدًا لأعلى. التقطه “زيدان” وأمسك رسغهِ يساعده على الصعود وهو يهتف مواسيًا :
– البقية في حياتك يا باشا.. على مهلك أطلع على مهلك.
جلس “حمزة” بجوار المدفن حتى يفرغ الرجل من غلقهِ نهائيًا، حينما كان قُراء القُرآن في المقابر يتلون من آيات الله، انغلق المدفن نهائيًا، فنهض “حمزة” وأشار لـ “زيدان” حتى انحنى عليه فـ أمره بـ :
– أديهم اللي هما عاوزينه وخليهم يفضلوا قاعدين يقرولها شويه.
أومأ “زيدان” رأسه متفهمًا وتركه يسابق خطواتهِ، ثم أخرج ورقتين فئة العشرة جنيهات وأعطى كُل قارئ واحدة، حتى لاقى نظرات السخط والإعتراض بينّة في عيونهم، فـ رماهم بنظراتٍ محتقرة وهو يهمس بـ :
– أعوذ بالله، مبقاش في حد بيعمل حاجه لله أبدًا، حتى القرآن عايزين عليه فلوس.. ده إيـه الفُجر ده!.
وخرج في أعقابه دون التعليق مرة أخرى.
***************************************
ضبّت “سُلاف” كافة أغراضها وأغراض الصغير الهامة من منزلها في عجالةٍ، حتى أصغر التفاصيل اهتمت ألا تتركها، ثم غادرت المنزل كله بعدما أغلقتهُ جيدًا وتأكدت من تغيير مفاتيحهِ بالكامل، فـ انتقلت لمنزل “آل القُرشي” الذي يبعد عنها بعدة أمتار كي تجمع بعض الحوائج أيضًا، بعد أن تركت الصغير برفقة “أم على” تهتم به حتى تنهي هي كل شئ. أغلقت سحاب الحقيبة الأخيرة ووضعتها أرضًا، ثم سحبتها لتنجر من خلفها نحو الباب، وقبيل أم تمد يدها لفتحهِ كان ينفتح من الخارج ليظهر “حمزة” أمامها من خلف الباب، للحظة كتمت أنفاسها بتوترٍ شديد، وعيناها تواجه عيناه المغلفة بلمعانٍ غريب. هبطت عيناه حيث حقيبتها، حتى فهم على الفور إنها تسعى للهروب من حياته. أغلق الباب ووقف خلفه يقول :
– حسيتي بالإكتفاء فقولتي تمشي أحسن؟.. ولا قولتي كده خلصانين!.. هو خد منك أبوكي وأمك وانتوا خدتوا أختي وأمي!؟.. كفايه عليكوا مش كده ؟.
أصرفت عيناها عنه وهي تنفي أي علاقة لهم بشأن ما حدث :
-إحنا ملناش أي علاقة ولا يد في اللي حصل.
بدت نبرته ساخرة وهو يقول :
– لا ياشيخة؟؟.. ولما ابن عمك كان في علاقة مع اختى ده مكنش حاجه!.. لما اتسبب في موتها مكنش حاجه برضو.. وأمي اللي ماتت من القهر دي برضو مش حاجه بالنسبالك! ؟.
انتهى هدوءهِ لدى تلك النقطة، ليصيح في وجهها صياحًا عنيفًا :
– انتـوا أخـدتـوا أكـتر من اللي خـططـوا عـشان تاخـدوه.. لـو فاكرة إننــا خالــصين تبـقي غـلطـانة، أنا كمان لـيـا حـق عنـدكم ولسه مـخدتوش.
قابلت صياحه بصياحٍ هادر :
– انت بـتخـرف بتـقول إيـه؟؟.. انت ملكش أي حاجه يا حمـزة.
– لأ لـــيـــا.. وحـــقــي مش هـسيبـه.. ورحـمة أمي ما هسـيبه.
قبضت بأصابعها على حقيبتها وهي تسأل في تراخي من جديد :
– عايز إيه ؟؟.
فكان الجواب حاضرًا :
– انتي وابني.. انتي مراتي وملكيش عيش غير معايا.
ضحكت ساخرة من طموحهِ الأعمى الذي صوّر له إنه سيستولى عليها مقابل ما عاناه :
– مراتك!! تبقى بتحـلم.. إحـنا مش قـصة يا حـمزة.. إحنا كنا مجرد تصفية حـساب.
اقترب خطوتين يبتعد بهم عن الباب و :
– والحساب لسه مخلصش، ولا فاكرة إني هسيبك تاخدي الواد وتمشي كده بسهولة!.. أنا الأول خيرتك يا تكوني معانا يا تمشي لوحدك، دلوقتي بقولك إنك معانا غصب عنك حتى لو سيبتيه، الأحسن للكل إنك تقبلي بده وتقنعي بيه اللي واقفين وراكي.
انفتح الباب على حين غُرة، فلم يحرك “حمزة” ساكنًا حتى بعدما رأى “عِبيد” أمامه، صلبًا عتيًا. تبادلوا نظرات التنافس فيما بينهما، قبل أن يضع “عِبيد” يده على حقيبة “سُلاف” ويهتف بـ :
– يلا يا سُلاف، الرجالة كلهم تحت مستنينا.
تنفست “سُلاف” بأريحية وهي تنظر لعيناه الغريبتين، نظراته المريبة وصمتهِ الذي أخفى خلفه شيئًا مرعبًا، لو كانت تعلمه جيدًا فهذا الصمت لا ينم إلا على مكيدة، فخّ قد نصبهُ لهم ووقف يشاهده بسكونٍ. مشت “سُلاف” من خلف “عِبيد” وهي تحاول التغاضي عن شعورها بثمة أمور متخفية عنها، هبطت الدرج لتجد “أم علي” بإنتظارها، فـ حملت منها “زين” وضمتهُ لصدرها وهي تقول :
– يلا بسرعة.
سار جميعهم بإتجاه الباب للخروج، حيث كان “راغب”
في انتظارهم ومعه مجموعة من الرجال؛ لكن ما رأوه كان مفاجئة حقيقية، جعلتها تتصلب في مكانها بجمودٍ، حيث كان ضباط الشرطة يقفون برفقة “راغب” الذي كان يفسر موقفه لهم :
– يافندم زي ما فسرت لسيادتك.. دي بنت عمي واحنا جايين ناخدها وهي راضية بكده، فين المشكلة؟!.
خرج “حمزة” من بوابة المنزل ودنى منهم وهو يصيح بـ :
– لو سمحت يا فندم تخرج الناس دول من بيتي، أنا حمزة القرشي اللي قدمت البلاغ.. ودي مراتي وابني وهما جايين ياخدوها غصب عني، حتى لو كانوا هما أهلها..
نظر بإتجاهها وهتف بها معلنًا رغبته المستميتة بدون آدنى تنازل :
– أنا مـش مـوافـق ياخدوها ومش هسـيبـها تـخرج من هـنـا.
**************************************
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)