روايات

رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع عشر 17 بقلم مريم محمد غريب

رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع عشر 17 بقلم مريم محمد غريب

رواية أوصيك بقلبي عشقا الجزء السابع عشر

رواية أوصيك بقلبي عشقا البارت السابع عشر

رواية أوصيك بقلبي عشقا الحلقة السابعة عشر

“جزء أول”
“ظننتُ أنّي واهمة ؛ ربما أحلم و لا بد أن أستيقظ.. و لكنّي لم أستيقظ، كان حقيقيًا و قد خربت صورتكِ أمام عينيّ، و هذا… يحطّمني !”
_ سلاف
لفّت “لمى” ذراعيها حول عنق خالها فور أن فتح باب السيارة الأمامي من جهة أمه و تلقّى منها الصغيرة، بينما توجهت “أمينة” لتفتح الباب الخلفي و تتلقّى بدورها التوأم الثلاثة من المقاعد المعززة …
كان “أدهم” يسرع في خطاه نحو المنزل و التوتر بادٍ على أقل تحركاته، هكذا وصولًا إلى شقة والدته، فتح باب الشقة بنسخته الخاصة من المفتاح، أنزل الصغيرة “لمى” و هو يهتف مناديًا عبر الشقة :
-سـلاف.. ســلاف.. سـلاف !
لم يتلقَ ردًا و قد فتش جميع الغرف حتى توقف أمام غرفة أخته، وجدها مغلقة فلم يشأ أن يزعجها، إن كانت زوجته هنا لخرجت عند سماع صوته
قابل “أدهم” لدى خروجه أمام المصعد، كانت تهم بالخروج بعد الصغار و استوقفته بقلقٍ :
-إيه يا أدهم خير يابني !؟

 

جاوبها “أدهم” متخذًا مكانها داخل المصعد و هو يكبس زر طابقه بسرعة :
-مالقتهاش جوا يا أمي. أكيد طلعت فوق أنا طالع لها أهو !
أكدت عليه قبل أن ينغلق المصعد :
-إبقى طمني طيب !!
بالكاد رأته يومئ لها برأسه، لحظاتٍ و دفع “أدهم” باب المصعد منطلقًا صوب شقته، اقتحمها في الحال متجهًا رأسًا إلى غرفة النوم، و قد صدق حدسه و وجدها هناك، تستلقي فوق الفراش و لا تزال في عباءتها السوداء، كان التعب واضحًا عليها …
-سلاف ! .. صاح “أدهم” هارعًا إليها
شعرت “سلاف” بالمرتبة تنخفض بجوراها، كانت غاطة بالنوم، أو لعلها غيبوبة قصيرة، عندما فتحت عيناها من جديد رأت وجه زوجها الحبيب يطلّ عليها ؛
ابتسمت له بارهاقٍ و هي ترفرف بأجفانها، بينما يحاوطها بين ذراعيه قائلًا بقلقٍ شديد :
-إيه يا حبيبتي مالك ؟ حاسة بإيه يا سلاف قوليلي !!؟
و كان يمسك بذقنها بلطفٍ بين سبابته و إبهامه يقلب وجهها يمنة و يسرا ليتفّحصه عن كثبٍ …
-أنا كويسة يا أدهم ! .. قالتها “سلاف” بصوتٍ ضعيف عكس إدعاءاتها

 

-ماتخافش انت قلقان أوي كده ليه ؟
أدهم بصوتٍ أجش :
-قلقان ليه ! بعد ما قفلت معاكي و أكدتي إنك راجعة بشهادة ميلاد لمى لماما و فجأة بعدها بشوية تكلميني تاني و تقوليلي مش هاتقدري تنزلي أفهم أنا إيه !!؟
سألته عابسة : انت ماجتش تاخد شهادة الميلاد و توصلها لعمتو أمينة زي ما قلت لك !؟؟
رد دون أن يرف له جفن :
-لأ طبعًا. التطعيمات تستنى يروحوا بكرة أو بعده.. إنتي كنتي متخيّلة إني ممكن أروح لهم و أسيبك !؟؟
سلاف بشيء من الإنفعال :
-يعني سبتهم هما هناك يا أدهم !!؟؟
زفر بامتعاضٍ : إهدي يا سلاف ماسبتش حد. أنا عديت خدتهم في سكتي و جيت على هنا فورًا. أكيد ماكنتش هاجي أخد الشهادة و أروح أستنى معاهم كل ده و أسيبك إنتي هنا لوحدك !
أغمضت عيناها متنهدة و هي تسند رأسها إلى الوسادة بعمقٍ، أخذت تسعل بخفةٍ فجأة، ثم ما برح سعالها أن إزداد حدةً و أخذت تتأرجح مكانها من شدة السعال.. في المقابل يراقبها “أدهم” بتوجسٍ ما لبث أن استحال خوفٍ عليها …
-فيكي إيه بس يا سلاف !!؟ .. غمغم “أدهم” بجزعٍ و هو يضم رأسها إلى صدره

 

و لا تعلم لماذا كرهت نفسها في تلك اللحظة، لأنها تسبّبت في قلقه و زعزعة استقرارهم جميعًا اليوم.. هي و هو و الأطفال
ربما ما كان عليها أن تعود إلى المنزل، ربما كان يجب أن تتأكد قبل أن يذهبوا بأن كل ما يلزم لتلقّي التطعيمات جاهزٌ، هي المُلامة.. أيًّا كان ما فعلته شقيقة زوجها مع ابن عمتها يخصّهما وحدهما، لم يكن عليها أن تتواجد في هذا الوقت و تكتشف أمرهما، لم يكن عليها تحمل هذا العبء كله …
-يلا قومي هانروح المستشفى ! .. شدّ يدها بحزمٍ أجفلها
لو أراد لأقتلعها من الفراش بسهولةٍ، لكنه إنصاع لقبضة يدها التي شددت على كفّه فسكن على الفور منصتًا إليها :
-استنى بس يا أدهم. مستشفى إيه. مش مستاهلة
تململ بغضبٍ : مش مستاهلة إزاي. انت بقالك فترة تعبانة و صدرك تاعبك. بس إنهاردة زادت أوي الحكاية ! .. ثم هتف بصرامةٍ :
-إستحالة أقف اتفرج عليكي. مش هاسمع كلامك المرة دي. يلا قومي بقولك هانروح المستشفى !!
*****
-Asthma Syndrome !
أعلن الطبيب الخمسيني تشخيص حالة مريضته بعد الكشف الدقيق عليها

 

كانا كلا الزوجين يجلسان أمامه، و قد كانت “سلاف” رافعة نقابها لعجزها عن التنفس بشكلٍ طبيعي، لم تكن تفهم ما أدلى به.. و لكنها أيقنت من وجه “أدهم” بأنها علّة غير حميدة على الإطلاق …
-انت متأكد يا دكتور !؟ .. تساءل “أدهم” محاولًا إخفاء صدمته قدر المستطاع
-ربو ؟ متأكد !؟؟؟
شحب وجه “سلاف” فوق شحوبه و هي تستمع إلى هذا الخبر يخرج من فم زوجها، جمدت تمامًا و لم تستطع نطقًا.. أحسّ بها “أدهم” و ألقى عليها نظرة
كما العاجز، كالغريق الذي يتعلّق بقشة مد يده و قبض بقوةٍ على كفّها الملقى بحجرها و هو يعاود النظر إلى الطبيب قائلًا بانفعالٍ :
-ممكن تتأكد تاني يا دكتور. ممكن نعمل تحاليل آشعة أي حاجة. إزاي شخّصت بالسرعة دي !!؟
إنبلجت ابتسامة على وجه الطبيب، و قال مهدئًا و هو يخلع نظارته :
-بالراحة يا دكتور أدهم. مالك بس أنا لسا ماكملتش كلامي.. أكيد هانعمل تحاليل و أشعة. بس أنا متأكد كمان من إللي بقوله. و في نفس الوقت بطمنكوا. الوضع مش خطير. النوع ده من الربو تافه جدًا. عامل زي الحساسية المزمنة كده. هانحدد له علاج إن شاء الله بعد ما تطلع نتايج التحاليل. ماتقلقش المدام زي الفل و الله
كان يتنفس بثقلٍ و هو لا يزال يشعر بإعياء الخوف عليها، ازدرد ريقه ضامًا يدها بقبضته أكثر …
-أدهم يابني انت بتثق فيا و لا لأ !؟ .. حدثه الطبيب بجدية
أدهم عابسًا بوهنٍ شديد :
-أكيد يا دكتور أمجد !
الطبيب بحزمٍ : خلاص يبقى تصدقني و ماشوفش وش القلق ده عليك ! .. و حوّل ناظريه نحو “سلاف” مكملًا :
-و إنتي يابنتي. ماتخافيش إنتي كويسة.. ممكن اسألك سؤال ؟
بالكاد خرج صوت “سلاف” هامسًا أبحًا :
-اتفضل !

 

-إنتي حصلت معاكي حاجة إنهاردة ضايقتك صح ؟
إتسعت حدقتاها و ارتبكت فجأة من تلك المباغتة، بينما بقى “ادهم” هادئًا في انتظار ردها الذي تأخر كثيرًا، بل لم يأتي أصلًا، ليسترخي الطبيب للوراء قليلًا و قد خمن الإجابة، فقال بهدوءٍ :
-طيب أيًّا كان يا مدام. إنتي المرض إللي عندك ده مزمن. و مش بيظهر أعراضه غير في حالتين. مواسم الخريف و الربيع. و الحالة التانية ناتجة عن الحالة المزاجية. زي إنك مثلًا تسمعي خبر يضايقك. حد يزعلك كده يعني.. ف كل ده بردو حاجات لا تدعو لأي قلق. مبدئيًا الوقاية. أولها النقاب ده. لازم يتخلع !
-نعم ! .. خرج هذا الاعتراض من فاه “أدهم”
فأردف الطبيب ناظرًا إليه بقوةٍ :
-مش بمزاجك و لا مزاجها يا دكتور. أي حالة ربو ماينفعش معاها خنقة النفس أبدًا. قولًا واحدًا النقاب لازم يتخلع !
*****
يُقال أن السر إذا خرج عن اثنين فلن يبقى سرًا.. فماذا لو عرفه أربعة ؟
زوجها الراحل و قد توفّى و حمله معه إلى قبره، و لكن إبنة خالها، زوجة أخيها… لقد رأتها بالمجرم بالمشهود.. ضبطتها متلبّسة في ذلك الوضع المخلّ
يا للخزي
يا للعار !

 

كان كل ما أرادته “إيمان” بعد افتضاح أمرها أن تستلقي هكذا و تظل تبكي حتى تخرج روحها، تشعر بالوجع من كل شيء، تشعر بالغضب، تحتقر نفسها أكثر، كل هذا يفوق قدرتها على التحمل، لقد أخطأت و دفعت الثمن.. لكن يبدو بأنه ليس كافيًا
هل يجب عليها أن تموت حتى تجد الراحة و السلام !؟
و إن سخت بروحها فهل من سلام بعد ذلك.. أم عذابٌ آخر و أدهى ينتظرها !!!
-إيمان !
ناداها صوت أمها من جديد، و كانت قد تحاملت على نفسها و ارتدت ثيابها بصعوبةٍ، و ها هي تمسح دموعها في الملاءة ة تقوم واقفة، مشت بآلية تجاه باب الغرفة و فتحت القفل، ثم جذبت المقبض لتصير وجهًا لوجه أمام “أمينة” …
-لسا بتعيطي ؟ .. تمتمت “أمينة” بشفقةٍ واضحة على إبنتها
وقفت “إيمان” كصخرةٍ جامدة بينما تستطرد “أمينة” بعصبية :
-ليه بتعملي في نفسك كده يابنتي ؟ و عشان إيه. لما إنتي كارهة نفسك بالشكل ده بسبب إختيارك ما تقولي لأ. إحنا لسا فيها يا إيمان. أدهم أخوكي عنده حق. مالك ماينفعكيش زي سيف بالظبط. ليه بتجني على نفسك للمرة التانية
رفعت “إيمان” يدها و نزحت بقايا دموعها بقوةٍ قائلة بصلابة :
-عشان ده إللي لازم يحصل. ده إللي لازم يحصل يا ماما.. و هايحصل !
هزت “أمينة” رأسها بعدم تصديقٍ و هي تصيح فيها :
-هو إيه إللي هايحصل. إنتي مفكرة إنك كده بتنتقمي لكرامتك منه. مفكرة إنك ممكن تندمي مراد عليكي يعني و تغظيه.. إللي إنتي ماتعرفيهوش إنك بتغيظي نفسك و بس. محدش هايتئذي غيرك يابنتي !!!
أومأت لها موافقة :
-أيوة.. عندك حق. عندك حق. كلامك كله صح. صح !
و ظلت تردد الكلمات مرارًا و تكرارًا بطريقة أثارت ريبة “أمينة” و أقلقتها على وضعها العقلي و النفسي …
لكن دخول كلًا من “أدهم” و “سلاف” أنقذ الموقف وجعل الأم و إبنتها تكفّان.. و لكن صمت “إيمان” كان رهبةً و مخافة
لحظة إلتقاء عينيها بعينيّ “سلاف” تضاربت بداخلها مئات المشاعر، و أبرزها الخجل، و رغم ذلك لم تقدر على إزاحة بصرها عنها قيد أنملة …
-خير يا حبيبتي. طمني يا أدهم عملتوا إيه عند الدكتور ! .. استقبلتهما “أمينة” بالتساؤلات متوجهة ناحية “سلاف” فورًا
احتضنتها بحنانٍ، بينما يخبرها “أدهم” و قد انتقلت له عدوى الإرهاق هو الآن :
-الحمدلله يا أمي بخير. الدكتور طمّنا. الهانم طلع عندها مرض مزمن في صدرها و كانت هاملاه.. تعرفي لو ماكنتش أصريت عليها و خدتها للدكتور كانت المضاعفات في المستقبل هاتكون خطيرة لا قدر الله ! .. و وجّه حديثه لزوجته معاتبًا :
-الله يسامحك يا سلاف. أنا شخصيًا مش مسامحك
ضحكت “سلاف” بخفةٍ و ردت عليه بصوتها الناعم :
-ماتقدرش يا حبيبي. انت روحك فيا.. تنكر !؟

 

اعترف “أدهم” و هو يميل مقبلًا خدها :
-عشان السبب ده تحديدًا مش مسامحك. عشان روحي فيكي يا سلاف !
ردت له القبلة و هي تهمس بعشقٍ :
-حبيبي !
علّقت “أمينة” باستنكارٍ :
-هو إيه ده منك ليها. مش ليكوا شقة. عيب كده احنا واقفين
ضحكا الزوجين معًا، اعتذر “أدهم” من والدته، لتحدق “سلاف” بـ”إيمان” مباشرةً الآن و هي تقول بنبرةٍ ذات مغزى :
-إحنا عاوزين أيامنا الجاية كلها تبقى كده. ضحك و سعادة بس.. و خاصةً عندنا فرح بكرة. فرحتنا بإيمان. فرحة ماتتقدرش بشيء !
نظرت “إيمان” لها و لأول مرة تحس نحو تلك المخلوقة بهذا الخوف الرهيب ! ……………………………………………………….

“في القصة كلها ؛ كنتُ أنا الغبي !”
_ مراد

 

اليوم، ألا يُقترض بأن يكون يومها !؟
إن الحياة تقدم لها فرصة على طبقٍ من ذهب، حياة جديدة تمامًا، حياة حيث لن تكون مجبرة أن تُسأل عن الماضي.. أو توقّع السوء بالمستقبل، لقد تحررت بالفعل من قيودها
زوجها مات و أخذ سرّها معه، و حبّها، رغم أنه عاد ليطاردها و لكنها مسألة وقتٍ حتى يملّ من جديد و يرحل كدأبه ؛
الشيء الوحيد الذي لم تكن تحس له حسابًا هو افتضاحها أمام أقرب الأقربين، إبنة خالها، زوجة أخيها، لا يمكنها أن تتخطّى هذا العار، إنه حتى أكبر من عارها الذي تحمله فوق عاتقها كل تلك السنوات، كلّما مرّ المشهد على خاطرها تكاد تموت خزيًا !
“سكر محلّي محطوط على كريمة. كعبك محنّي و العود عليه القيمة”.. هكذا رددت “عائشة” بصخبٍ فور إقتحامها غرفة شقيقتها الكبرى
كانت الغنوة تصدح من الداخل، حيث إلتففن فتيات العائلة حول العروس يجهزنها بعنايةٍ، فـ”مايا” تتقن صنع تحفتها الفنيّة بالمكياج، و “حلا” تختار لها لون طلاء الأظافر، بينما “سلاف” في الطرف الآخر من الغرفة تقف أمام الخزانة تقوم بإخراج الفستان المطرّز ببساطةٍ من غلافه و تحضيره بحذرٍ …
-مبـارك أختي !
أغلقت “عائشة” باب الغرفة من خلفها منطلقة صوب أختها، الابتسامة ملء وجهها و هي تدنو محتضنة “إيمان” من ظهرها :
-مش مصدقة عنيا يا إيمان أخيرًا رضيتي علينا و هاتفرّحينا !!
إغتصبت “إيمان” ابتسامة و هي تربت على يديّ أختها المحيطة بها، بينما تهتف “مايا” بتقريعٍ مازح :
-و إنتي كنتي عايزة تفرحي بيها إزاي يا شوشو. بعد سيف يا مالك يا بلاش. مش كده يا إيمو !؟
نظرت “إيمان” لها مبتسمة ابتسامة بلا روحٍ و لا معنى، لترد “حلا” مضيفة على الدعابة :
-في إيه يا ست مايا ما خلاص مش هانزايد على النصيب. ده كله شغل ربنا. و بعدين ماتبقيش واثقة كده مش يمكن تقسم لغيره زي الأفلام الهندي !

 

جلجلت الضحكات المعابثة و ضجت بالغرفة، لتأتي “سلاف” و تضم صوتها للحديث بصوتها الناعم :
-لأ ماتقلقيش من الناحية دي يا حلا.. فرحتنا هاتّم إن شاء الله. و مافيش أفلام هندي هاتحصل ..
و نظرت بعينيّ “إيمان” عبر المرآة تلك النظيرة المريبة مؤخرًا، ارتجفت “إيمان” من داخلها بينما تسمع صوت “سلاف” :
-يلا يا عروسة قومي عشان نلبّسك الفستان. زمان المأذون على وصول !
توشك أن تبكي، تنظر إليها بخوفٍ و تشعر بغصّة في حلقها، لكنها لا تقوَ على النطق، و لكي لا تلفت الإنتباه، تستنشق نفسًا عميقًا و هي تومئ يرأسها مرتين، تنهض واقفة و تخلع روبها القصير، تتلقّفها أذرع الفتيات و بدورها تسلّم نفسها لهن مسلوبة الإرادة …
*****
إنفتح الصالون الكبير على الشرفة الرئيسية الفسيحة، فصنع ذلك تيارٌ من الهواء العليل أخذ يعبث بالأزهار المتدليّة من السقف ناشرًا نسمات عطرة و منعشة، كانت الشقة أكثر إكتظاظًا الآن، و قد اقتصر الحضور على الأقارب فقط و بعض الجيران من السيدات و الفتيات ؛
في الجهة الأخرى من الشقة جلس الرجال يتوّسطهم ذو المهابة و الوقار الدكتور “أدهم عمران”.. على يمينه جلس “مراد” واجمًا متشحًا بالسواد في كلا القميص الضيق حول جزعه و سرواله الكلاسيكي، و شماله جلس “مالك” متهلل الأسارير مزدانًا بحلّته باللونين الأبيض و الأسود، كان لا يكف عن طرح الدعابات و النكات التي يضج لها المجلس بالضحك ما عدا “أدهم” لم يكن مسرورًا أصلًا بما يحدث، كان الأخير يشيع المرح كشيمته منذ اشتداد عوده و مطلع شبابه

 

و لعل ذلك أكثر ما أضرم بصدر “مراد” نيران الغيّرة أكثر، ليس لأنه محبوبًا من قبل الجميع، و لكن لسببٍ آخر تمامًا.. فذاك الولد اليافع الذي يسبقه هو بأشواط من العمر الخبرة و حتى الغراميات، في الحقيقة أنه لن يبذل مجهودًا كثيرًا حتى تقع “إيمان” بغرامه !
لو قضت معه بعض الوقت سوف يُنسيها حتى اسمها، بمجرد النظر إليه تتأكد تلك الحقيقة، و هذا يمزّقه و يشعل في قلبه حرائقٌ …
-إيه يا دكتور زياد لو ماكنش كتب كتاب إيمان ماكناش هانشوفكوا !؟ .. وجّه “أدهم” حديثه لزوج شقيقته الصغرى و صديقه الصدوق
إبتسم “زياد” ممسدًا على رأس صغيره ذو الثلاث سنوات و رد عليه :
-و احنا نستغنى بردو يا شيخ. ده انتوا الخير و البركة. بس انت عارف الشغل بيبقى إزاي و الإجازات تقريبًا مافيش خالص.. بس مش إحنا بنعوضكوا في الصيف ؟
أدهم بزجرة تنم عن خبث :
-لا يا راجل و احنا فين دلوقتي. ده يوليو طلع برد أوي بقى تصدق !
ضحكا معًا بينما ذهن “مراد” في مكانٍ آخر، حتى قطع “أدهم” حبل أفكاره ملوّحًا أمام وجهه :

 

-يا مراد باشا. نحن هنا.. إيه روحت فين كده !؟
إنتبه “مراد” إليه و أولاه نظره الشارد …
-مالك يا مراد ؟ .. تمتم “أدهم” بقلقٍ و هو يميل صوبه قليلًا
كان الأخير يعبس بشدة و هو يحارب الصراع بداخله، إنها الفرصة الأخيرة أمامه، فهل يملك الشجاعة !!!؟
حسم أمره بدفعة قوية من الأدرينالين انتشرت من قلبه لبقية أعضاؤه، فتح فاهه متأهبًا لقولها أخيرًا.. و لكن …
-المأذون وصل يا أدهم ! .. هتفت “أمينة” من على مقربةٍ
اشرأب “أدهم” برقبته قليلًا ليراها، و ما لبث أن قام ليستقبل المأذون متناسيًا حواره الوشيك مع إبن خالته، أما “مراد” فجلس يتآكل من الغضب عاجزًا عن فعل أيّ شيء، لا يطيق شيء و الزغاريد تحاوطه من كل حدبٍ و صوب، أصوات الاحتفال نِصالٌ حادة، أجواء الفرح خانقة
ماذا يفعل هنا بحق الله !
لمَ هو بهذا الخنوع ؟
ألا ينبغي عليه أن يُحارب قليلًا من أجلها.. بعد أن تبيّن له بأنها أبدًا ستظل حب حياته !؟
هل يخسرها هذا المرة أيضًا و إلى الأبد !!!؟؟؟

 

عاد “أدهم” بعد لحظاتٍ مصطحبًا معه شيخًا يرتدي الجبّة و القفطان، مأذونٌ ينتمي للمدارس القديمة، مأذونٌ صِرف و كانت علاقته الوطيدة بالعائلة متجلّية للعيّان، بعد موجة من الترحيب و التهليل جلس الجميع …
بدأت مراسم عقد القران، حلّ معها الصمت تمامًا بينما يدلي الشيخ بخطابه المعتاد :
-الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا. و من سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له. و من يضلل فلا هادي له. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. و أشهد أن محمداً عبده و رسوله صل الله عليه و سلم. اللهم صلي و سلم و بارك على أشرف الخلق سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين و على من اتبع هداه و استنى بسنته إلى يوم الدين. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا..الحمدُ لله خَلَقَ من الماءِ بَشَرًا فَجعَلَهُ نَسَبًا و صهرًا. جعل الزِّواجَ مودَّةً و رحمةً وبِرًّا. نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له. لَه الأسماءُ الحسنى و الصِّفاتُ العليا. ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ و رسولُه. أَمَرَنَا بالتَّمسكِ بالعُروةِ الوُثقى صلَّى اللهُ و سلَّمَ و باركَ عليه و على آله و أصحابِه و من اهتدى بهديهِ إلى يوم الدِّين

 

أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التَّقوى، فالتَّقوى طريقُ الهدى. أيُّها المؤمنون: نعيشُ بحمدِ اللهِ و منَّتِهِ هذهِ الأيامَ أيامَ فرحِ و سُرور. بمناسبة كثرةِ الزِّواجاتِ و المناسباتِ الأسريَّةِ. و دينُنا -بحمدِ اللهِ- دِينُ الفرحِ و السُّرورِ ما دُمنا في حُدودَ الشَّرعِ والمقبولِ! فمن قال: إنَّ الدِّينَ والتَّديُّنَ يَمنعُ الفَرَحَ وَيَسرِقُ البَسْمَةَ؟! كلا وربِّي. فدينُنَا دينُ اليُسرِ و السَّماحةِ. و البَشَاشَةِ و الفرحِ. فهل نُقَدِّرُ هذهِ النِّعمَ و نُحافِظُ على الشَّرعِ و القِيَمِ؟
عباد اللهِ: لقد أمرنا اللهُ بالنِّكاح لأنَّهُ نعمةٌ و أنسٌ فقال:وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
فزَوِّجوهم على كلِّ حالٍ. واللهُ تعالى مُعينٌ لهم ومُيَسِّرٌ أمُورَهم! و سيِّدُ الخلقِ تَزَوَّجَ وزوَّجَ بنَاتِهِ. وقال: فمن رغِبَ عن سُنَّتِي فليسَ منِّي”. فالزَّوجانِ هما نواةُ الأسرةِ وأساسُ المجتمَع. والزِّواجُ صيانةٌ من الحرامِ. والنَّفسُ فيها غريزةٌ لا تُشبَعُ إلا عن طريقِ الزَّواجِ! وقد قالَ –صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ”.
والزِّواجُ -عبادَ اللهِ- أُنْسٌ ومودَّةٌ، وراحَةٌ وطمأنِينَةٌ! إذا حَسُنتِ العِشرَةُ بينَهما! وقد صَوَّرَ اللهُ ذلكَ بِألطَفِ عِبَارَةٍ وأَدَقِ تَصويرٍ فقالَ -جلَّ في علاه-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
و نظر المأذون نحو “أدهم” مستأنفًا :
-إذا سمحت يا أدهم يابني تنده لنا العروس عشان نتمم العقد !

 

بإشارة من عينيه فهمته “أمينة”، و إمتثالًا لأمر المأذون، ذهبت بنفسها لتحضرها، بينما يجلس “أدهم” متأففًا بجوار “مراد” الذي امتنّ لحنق الأخير ليواري فيه قهرته و شدة غضبه ؛
دقيقتان و ظهرت “إيمان” مُطلّة على أفراد العائلة و المعازيم قاطبةً بفستانٍ رقيق من درجات الأبيض الباهت المعزز بلمعاتٍ برّاقة، و حجاب رأسها مختلفًا هذه المرة، لا يخفي تفاصيل وجهها كالعادة، بل يُبرز أدقها، و الزينة التي لم تعرف سبيلّ إلى بشرتها إلا لِمامًا
ها هي ترسم قسماتها ببراعةٍ و الكحل قد صنع بعينيها الواسعتان كارثة، برموشها الكثّة بدتا كأنهما تبتسمان.. على الرغم من أنها هي نفسها لم تبتسم أبدًا …
رآها “مراد” تجفل عندما هب عريسها واقفًا لاستقبالها، احتدمت الدماء بعروقه و هو يراه يمسك بيدها، و لحسن الحظ أن الاعتراض انطلق من فاه “أدهم” بحدةٍ شديدة :
-إيــه يا مالك بيـــه.. انت شايفنا إيه قصادك. بتمسك إيدها !؟؟؟
إلتفت “مالك” نحوه و قال مبتسمًا بخفةٍ :
-هو مش الجواز إشهار يا أدهم ؟ و الناس كلها عارفة إن كتب كتابي على إيمان إنهاردة.. و الشيخ يوسف قاعد أهو بيخلص اجراءاته …

 

ثم نظر إلى “إيمان” ثانيةً و قال مشددًا على كفّها الطريّ بطريقةٍ أربكتها :
-مش ناقص غير امضة إيمان !
و هنا علا صوت المأذون قبل أن يسبقه رد “أدهم” المتوقّع و الذي ربما يفسد الزيجة برمتها :
-قوليلي يابنتي الله يرضى عليكي. قبل ما أخوكي يقوم يشد الدفتر و يبوظ الجوازة أنا أكتر واحد عارف أدهم ..
ضج مجلس العائلة كله هذه المرة بالضحك لهنيهةً، ثم اردف المأذون بشاشته المعهودة :
-هل تقبلين الزواج من الشاب الماثل أمامك. ابن عمتك الذي يُدعى مالك حسن جلال عزام ؟
و فجأة صار الهواء خانقًا للأنفاس، بينها و بين “مراد”.. لم تجرؤ على رفع عينيها تجاهه حتى هذه اللحظة
و لكن لتفعل ما أرادت كان يجب أن تقبل على تلك الخطوة …
و فعلًا، زاغ بصرها في الفراغ للحظات، قبل أن يستقر في عينيه المتقدتين مباشرةً و هي تعلن بصوتٍ مسموع :
-أيوة.. موافقة يا شيخ !
أغمض “مراد” عينيه بشدة و أعرض كليًا عن الإنصات للبقية، دعاها الشيخ للجلوس ليتّم العقد، كان يتأهب ليمضي في ذلك حين فقد “مراد” السيطرة على نفسه فجأة …
-أدهم من فضلك أنا عاوزك ! .. هكذا غمغم “مراد” قرب أذن ابن خالته بخشونةٍ
نظر له “أدهم” مستغربًا و قال بصوتٍ خفيض :

 

-خير يا مراد ؟
مراد بحزمٍ : عاوزك ضروري. موضوع مايتأخرش.. من فضلك !!
تنهد “أدهم” حائرًا، لكنه لم يجد مناصٌ من الإذعان له، قام م مكانه ثانيةً و اعتذر من الشيخ بلباقةٍ :
-معذرةً يا شيخ. سامحني بس الأمر طارئ.. دقيقتين إن شاء الله و راجع
أذن له الشيخ :
-اتفضل يابني في انتظارك
مشى “أدهم” صوب الشرفة يتبعه “مراد” و نظرات “إيمان” الوجلة في إثرهما، تسارعت خفقات قلبها بجنونٍ و هي تستوعب ما يجري، و لا يمكنها حتى تخيّل على ماذا ينوي ذاك المجنون، نهايته حتمًا على يديه !!!
*****
-ها يا سيدي. أدينا على إنفراد.. ممكن أفهم بقى إيه الضروري إللي خلّاك تقوّمني من كتب الكتاب بالشكل ده !؟
وقف “مراد” قبالة “أدهم” متوترًا بشدة، كان يرتب كلماته عبثًا، فهو لا يعرف كيف يصوّغ له كل هذا.. إلا أنه عمل جاهدًا و باسراعٍ …
-هو أنا جايز اتأخرت كتير. جايز غلط إللي بعمله.. بس عشان أكون على الأقل مرتاح إني ماكنتش جبان. تيجي مني دلوقتي في آخر لحظة. أحسن لو ماجتش خالص …
حدجه “أدهم” بتعبيرٍ مستغرب، فضغط الأخير فكيه بشدة مدركًا عواقب ما سيتفوّه به، لكنه أردف بشجاعةٍ لأول مرة في سبيلها :
-أنا بطلب منك إيد إيمان يا أدهم.. بطلب منك تلغي الجواز ده و تحط إيدك في إيدي أنا !

 

رمقه “أدهم” مدهوشًا، و صمت للحظاتٍ طويلة… ثم قال بهدوء :
-مراد.. انت بتقول إيه؟ إنهاردة كتب كتاب أختي. و انت جاي تطلبها مني ! .. و استطرد بذهولٍ أشدّ :
-أنا مش فاهم إيه الحكاية !!!
أفصح “مراد” بلا ترددٍ و بكثيرٍ من الانفعال :
-الحكاية إن انا و إيمان بنحب بعض. من زمان.عمرها الجرأة ما جات لي أقول لك الكلام ده بس خلاص مش قادر. لتاني مرة بتضيع مني.. أنا بحبها يا أدهم !
رجع “أدهم” للخلف قليلًا في صدمة :
-إيه !!؟
أومأ “مراد” بقوة و اعتمد القليل من الكذب تاليًا :
-زي ما سمعت. من و احنا عيال لحد ما وصلنا المدرسة و بعدها كمان. لحد ما سافرت و كنت مفكر إني أقدر انساها أو حياتي تشغلني عنها و إنها مجرد حب طفولة.. لكن دي مش الحقيقة. لا ليا و ليها. إحنا لسا بنحب بعض. أنا و هي عارفين كده بس إللي بيحصل إنهاردة أكبر غلط. إيمان مش بتحب مالك. إيمان بتحبني أنا بس ماعندهاش الشجاعة توافق على ده !
ظل “أدهم” صامتًا للحظات، و هو يحدق إليه بنظراتٍ جامدة، بدا و كأنه يتعرّف إليه لأول مرة …
توقّع “مراد” أن يرى الغضب أو ربما العنف في عينيه، لكنه أخيرًا.. لم يجد فيهما سوى… الجرح !
هل كان من المفترض أن ينتظر منه جواب، حسنًا.. لم يحصل منه و لو على كلمةً
فجأة استدار “أدهم” و مضى نحو الداخل مرةً أخرى …
*****

 

عادت خفقات قلبها تدوي بشدة، مع ظهور أخيها، كان يبدو عليه الغضب، خاصةً عندما حانت منه نظرة نحوها، اخترقتها بشكلٍ مؤلم، ازدردت ريقها الجاف بصعوبةٍ و هي تنظر إليه برعبٍ… ظهر “مراد” من ورائه، لكنه لم ينضم إلى المجلس من جديد، بل وقف عند مقدمة الصالون متكئًا إلى إطار الباب المزدوج، كأنما ينتظر ردة فعل معيّنة !
جلس “أدهم” بجوار المأذون مجددًا، و استأنفا من حيث توقفا …
ألقى المأذون منديلًا فوق يدي العريس و وكيل العروس و بدأ بالتلقين :
-قل من بعدي يا عريس.. إني توكلت على الله تعالى
رد “مالك” و عيناه لا تفارقان “إيمان” الجالسة خلف أخيها تمامًا :
-إني توكلت على الله تعالى
-و أطلب منك زواج أختك و موكلتك إيمان صلاح عمران لنفسي و بنفسي على كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم
– و أطلب منك زواج أختك و موكلتك إيمان صلاح عمران لنفسي و بنفسي على كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم
-و على الصداق المسمّى بيننا عاجله و أجله و على شهادة الشهود و الله خير الشاهدين
-و على الصداق المسمّى بيننا عاجله و أجله و على شهادة الشهود و الله خير الشاهدين
حوّل المأذون ناظريه نحو “أدهم” قائلًا :
-قل من بعدي يا دكتور أدهم.. إني توكلت على الله تعالى و قبلت زواجك من أختي و موكلتي إيمان صلاح عمران على كتب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم
-إني توكلت على الله تعالى و قبلت زواجك من أختي و موكلتي إيمان صلاح عمران على كتب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم

 

-و على الصداق المسمى بيننا عاجله و آجله و على شهادة الشهود و الله خير الشاهدين
-و على الصداق المسمى بيننا عاجله و آجله و على شهادة الشهود و الله خير الشاهدين
سحب المأذون المنديل مبتسمًا و مباركًا :
-زواج مبارك إن شاء الله. و اللهم بارك لهما و بارك عليهما و أجمع بينهما في خير!
صدحت الزغاريد بكثافةٍ هذه المرة،و أخيرًا صرفت “إيمان” بصرها عن محل العقد لتنظر نحو “مراد”.. لم يكن هنا… اختفى !!!
تسللت البرودة إلى أوصالها، شعرت بالجميع يقبل ليُبارك لها وصولًا لأمها …
-ألف مبروك يا حبيبتي. الله يفرحني بيكي يابنتي و يسعدك يارب !
بدا صوت “أمينة” الباكي من الفرح كأنه يأتي من مسافة بعيدة.. ثم صار كل شيء في المكان ضبابيًا قليلًا… لم تكن هنا معهم بروحها.. ربما بجسدها فقط ! ………………………………………………………………………………….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوصيك بقلبي عشقا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى