رواية هالة والأدهم الفصل التاسع 9 بقلم هدى زايد
رواية هالة والأدهم الجزء التاسع
رواية هالة والأدهم البارت التاسع
رواية هالة والأدهم الحلقة التاسعة
خرج إبراهيم بعد أن امر أخته بالذهاب دون أن تعقب على حديث عم ليالي، بينما نظر أدهم له و قال بهدوءٍ:
– أنا التزمت الصمت احترامًا لحضرتك لكن اللي حضرتك عملته دا انا مش راضي عنه يا عمي
رد العم و قال بنبرة متغطرسة:
-أنت بتغلطني يا أدهم ؟!
خرجت ليالي من حجرتها و قالت بضيق:
– أدهم مش قصده يا عمي بس بردو حضرتك مكنش ينفع تقول كدا لإبراهيم و أخته وبعديـ…
قاطعها بنبرة حادة و صوتٍ مرتفع
– أنتِ بتقولي إيه ؟ يا بنت ؟! و بعدين مين دا اللي أنتِ بتدافعي عنه دا حتة محامي لا راح و لا جه بص لنفسك و لمركزك شوفي أنتِ مين و عمك يبقى مين ؟!
وقف أدهم عن مقعده ليُنهي الجدال و قال بنبرة
هادئة على النقيض لما يحدث داخله:
– هي ليالي أحمد الشرقاوي بنت أحمد الشرقاوي الموظف البسيط اللي كان شغال في مصلحة الضرايب و أمها الست نوارة الخياطة اللي ضهرها اتقــ ـطم لحد ما علمتنا و بقينا دكاترة
نظر له و قال بإبتسامة واسعة
– عمنا بقى الدكتور أدهم الشرقاوي الدكتور العظيم الرجل العصامي اللي بدأها من الصفر و دلوقت بقى عنده أكبر مستشفى في مصر و اسمه من أكبر و أهم دكاترة مصر
ختم حديثه قائلًا:
-أختي لو هي اللي موافقة على العريس فأنا هعمل دا و أنا راضي و لو قابلة تعيش معاه في أوضة تحت السلم و هي راضية أنا كمان راضي
-أنت بتتحداني يا ولد ؟!
– أنا بعمل اللي يريح أختي أنا لو عشت لها النهاردا مش هاعيش لها بكرا
رفع سبابته و قال بنبرة حادة:
– طب اسمع بقى لما اقل لك لو اختك اتجوزت الولد دا لا أنت ابن اخويا و لا أعرفك
رفع أدهم رأسه بشموخ و هو يضع يده داخل جيبه و قال:
– شرفت يا عمي و ياريت تبقى تشرفنا دايما و طبعًا تبلغنا قبلها
غادر العم منزل ابناء أخيه و الشر يتطاير من عيناه
ماذا يفعل ليكـ ـسر أنف أدهم فهو من المتمردين عليه من وجهة نظره يحاول بشتى الطرق كسبه في صقه و لكن الأخير لا يريد ذلك و يعي جيذًا ما يريده العم .
نظرت ليالي لأخيها و قالت بضيقٍ:
– مكنش ينفع تطرد عمك يا أدهم هو مكنش قصده حاجة
رد أدهم و قال بغضبٍ مكتوم
– أنتِ مستوعبة كويس أنتِ بتقولي إيه ؟! و لا بتحاولي تجملي اللي حصل عمك لا هو عاوز يحافظ على جوازتك دي زي ما بيقول و لا هو فعلًا العم الحنون اللي بيخاف على مصلحة ولاد أخوه دا واحد أناني مش عاوزنا نخرج من تحت طوعه و نفضل طول عمره تحت جناحه عشان كدا بيطفش في عريسك بحجة أخته و جوازاتها اللي مبتكملش
ردت ليالي و قالت بنبرة حزينة قائلة:
– طب و هتعمل إيه دلوقت ؟
– في إيه ؟!
– في عمك ؟!
– و لا أي حاجة و اعملي حسابك محدش فينا رايح المستشفى تاني و لا هنشتغل تاني هناك
– عشان كدا كنت مصمم تعمل شغل خاص بيك
– طبعًا
جلست على المقعد و قالت بنبرة مختنقة:
– طب و إبراهيم ؟
نظر لها أدهم و قال بتساؤل:
– بتقولي حاجة يا لولو ؟!
ردت ليالي نافية:
– لا
تابعت بإحباط و هي تقف عن مقعدها و قالت:
– أنا هقوم ارتاح شوية أنا تعبانة
غادرت الردهة قبل أن يسألها سؤالًا آخر، لكن تملك منها اليائس و الإحباط، نظرات الشفقة و العطف كانتا تشعان من أعين أدهم، ود لو يستطع مساعدتها لكنه يريد أن تنعم أخته بالراحة بدلًا من الشقاء بعيدًا عن تلك الهالة.
******
أسبوعًا كامل مر على الجميع لم يحدث فيه شيئًا جديدًا سوى نجاح إبراهيم المستمر و إلحاقه بالنيابة العامة، كان يسعى لهذا المنصب منذ أشهر و لم يخبر أحد ظنًا منه بأنه لن يناله الوحيد التي كانت تعرف هي هالة، قررت أن تقف بجانبه كما فعل معها بالسابق، رفضه المستمر جعلها تخطط في أكثر من طريق حتى يحصل على ليالي .
توقفت أمام العيادة الخاصة بشقيق الأخيرة ترددت في بادئ الأمر خوفًا من هذه الخطوة لكنها قررت أن تُكمل ما بدأته، طرقات خفيفة ثم ولجت بعدها
جلست على المقعد المقابل لمكتبه، كاد أن يتحدث لكنها ردت بهدوءٍ مصطنع
– أنا دفعت حق الكشف و جيت لك النهاردا مخصوص بعد ما فشلت اوصلك عن طريق تليفوناتك و أي حاجة ممكن تخليني أعرف اوصل لحضرتك
التزم الصمت حين تابعت حديثها قائلة بتوتر
– أنا عارفة إن اللي هاحكي مايخصش حد غيري بس أنا بحاول أسعد إبراهيم زي ما هو دايمًا بيعمل معايا فـ ارجوك اسمعني
اتفضلي سمعك
كانت جملته بمثابة الثلج الذي هبط على تلك
النير ان المتأججة داخلها، ناهيك عن إبتسامته الخفيفة التي زادت من توترها و هي تقول:
– طبعًا الكل عارف إني اتجوزت مرتين و لكن اللي محدش يعرفه إني في النرتين مظلومة، سيبك من الكلام اللي اتقال لأن الكدب مافيش أسهل منه ربنا قادر يجيب لي حقي و هو سامع و مطلع على كل أذى اتأذيته من اللي اتجوزتهم
نظرت له و قالت بنبرة مختقة
– ربنا مكتبش إني اخلف منهم و عرفت في المستقبل حكمة ربنا سبحانه و تعالى، و راضية و الحمد لله بس لأن صوابعك مش زي بعضها ربنا وقعني في واحد حبه ليا اتحول لكره معرفش ازاي
بعد ما انفصلت عنه اتكلم عليا بالسوء و بحاجات مليش علاقة بيها من الأساس
تنهدت بعمق و هي تختم حديثها بإبتسامة مريرة
– عم حضرتك كان الدكتور اللي أخدني عنده طليقي محمود و محمود دا حاليًا بيتابع معاه حمل مراته الجديدة و طبعًا مش محتاجة احكي لك إيه هو شغل الضراير
نظرت له و قالت برجاء
– و الله العظيم لا أنا و لا أمي موافين إننا نعيش مع إبراهيم أصلًا و اتفاجئنا زينا زيكم بالظبط وافق عليه و إن كان عليا احلف لك على مصحف ما هدخل بيت اخويا لحد ما اموت كفاية عليا أشوفه مبسوط مع الإنسانة اللي اختارها قلبه
لحظات من الصمت التام كانت تسود المكان، تنفس بعمق و قال بهدوء:
– أنا طبعًا مش حابب دي تكون علاقتكم بـ اخوكي الوحيد و لا أنا ارضها على أختي و لكن أنا آسف بس أخوكي تخلى عن أختي و مفكرش حتى في حل وسط يرضي جميع الأطراف تفتكري دا أنا هأمن على أختي معاه؟!
– اخويا عمل كدا عشان بيحبنا و من كتر حبه فينا مفكرش غير بالشكل دا صحيح تصرفه غلط بس هو بردو معذور هو مش ذنبه إن بيحبه أهله أكتر من نفسه
رد أدهم و قال بهدوء شديد
– و لا ذنب أختي تاخد واحد مبيحاولش يعمل عشانها الممكن !!
ختم حديثه قائلًا بعتذار و هو يقف من خلف مكتبه و قال :
– شرفتيني يا مدام هالة كان نفسي اساعدك بس للأسف طلبك مش عندي !
وقفت عن مقعدها و هي تتابعه بعيناها و هو يتجه نحو باب الحجرة و قالت:
– لو بتحب أختك سيب لها هي القرار دي حياتها هي
هتف أدهم لمساعدته الجالسة بالردهة، أتت على الفور و قالت بأدبٍ
– نعم يا دكتور ؟
– رجعي للمدام تمن الكشف
– حاضر، ثواني
– أرجوك فكر
رد أدهم و قال بعتذار
– أنا آسف بس حقيقي أخوكي مسبليش أي شئ افكر في دا حتى مفكر يجي لي نتفق بعيد عن عمي !!
أتت المساعدة ووضعت النقود بين أدهم ثم غادرت المكان نظر أدهم لها و قال:
– نورتي العيادة و ياريت متعمليش الحركة دي تاني طالما مش في ايدي اساعدك
نظرت هالة له و قالت بيأس
– كنت فاهمة إنك هتسعد أختك اللي بتحبها زي ما بتقول لكن للأسف طلعت أناني و حابب تخليها جنبك
كادت أن تغادر المكان لكنها عادت و قالت:
– اه أختك بتحب إبراهيم و مش هتتجوز غيره و طول ما أنت مش موافق عليه هي هتفضل جنبك
و بالنسبة لتمن الكشف أنا خدت من وقتك و دا تمنه متشكرة مرة تانية .
********
في منزل إبراهيم
كانت هالة ترص الصحون الفارغة على المائدة بينما كانت والدتها تعد وجبة الغداء، ولجت هالة المطبخ و قالت بنبرة مغتاظة:
– و ابنك بقى بايخ اوي كل ما اقوله تعال نتمشى يقولي تعبان يا هالة مخنوق سبيني لوحدي دلوقتي
ردت والدتها بنبرة متعاطفة مع ولدها و قالت
– لي حق يا حبيبي ملحقش يفرح
رفعت رأسها لأعلى و قالت:
– ادعي عليك بإيه يا محمود و أنت فيك كل العبر
– لا تدعي عليه و لا على غيره ربنا يبعدهم عننا و خلاص
– هو لسه بيضايقك بردو ؟!
– وطي صوتك هيما يسمعنا، دا مش راضي يسبني في حالي خصوصًا بعد فركشة خطوبة هيما
– طب روحي نادي اخوكي و قولي يلا الغدا جاهز
– حاضر
داخل غرفة إبراهيم
كانت تراسله و لم يرد على رسائلها، لم تتركه منذ ذاك اليوم، كان يجلس القرفصاء مسند بذقنه على ركبته، ولجت و جلست بجانبه، لم يشعر بها حتى قالت له
– ياااه دا أنت في آخر الدنيا يا هيما ؟!
– في إيه يا هالة ؟
– أبدًا مافيش كنت بقول لو ينفع يعني نتمشى شوية أنا و أنت بعد الغدا أكون شاكرة ليك بجد
– معلش يا هالة تعبانة و مش قادر و كمان عندي شغل بكرا بدري
– كدا يا هيما ماشي شكرًا، من يوم ما بقيت وكيل نيابة و أنت لا بتخرجني و لا بتفسحني و كأنا بتتكسف تمشي جنبي !!
نظر لها و قال بضيق
– إيه الهبل اللي بتقول دا أكيد طبعًا مش كدا بس أنتِ عارفة إني بقى عندي مسؤليات أكبر و شغل أكبر
ردت هالة بإصرار قائلة:
– طب لو زي صحيح ما بتقول تعال نتمشى النهاردا بعد الغدا
– خليها بكرا
– مش هاينفع
– ليه ؟!
– عشان عندي شغل كتير و هبقى مشغولة جامد اوي
كرر جملتها محاولًا تقليدها قائلًا:
– جامد اوي
تابع بجدية و قال:
– حاضر يا ستي بعد الغدا ابقى اخدك و نتمشى
شوية
******
في المساء
كانت تشير بيدها تجاه إحدى اللوحات و قالت برجاء
– أنا نفسي أشوف الفيلم دا تعال نتفرج عليه
– يااه يا هالة فيلم يعني تلت ساعات و أنا هلكان و عاوز أنام بجد
– لو معجبنيش همشي مش مهم نكمل عشان خاطري دا رومانسي و صدقني هايعجبك تعال بس
ما فعلته و ما سوف تفعله من المؤكد لن يمر على عقله كـ محامٍ سابق يعرف ببواطن الأمور و تلك التمهيدات جيدًا، لن ينكر بداخله أنه كان يتوق شوقًا لرؤيتها لا يعرف أن يبقى أم لا و لكن قلبه أمره بالبقاء، جلس و تظاهر بالجمود و هو يشاهد احداث الفيلم، نظرت ليالي له و قالت:
– فعلا الحب موجود بس في الافلام إنما الحقيقة كله كلام في كلام
تجاهل حديثها بينما هي اغتاظت منه فقررت أن تسأله بنبرة مغتاظة
– جيت ليه لما أنت تتقمس دور الكومبارس !!
– و الله أنا لو أعرف الحركات العيالي دي ما كنت جيت
تابع بنبرة ناعمة
– بس اقل لك على حاجة ؟ دي احلى حاجة عملتها هالة كان نفسي اشوفك بجد
ردت ليالي و قالت بنبرة معاتبة
– ما هو واضح بأمارة اللي حصل
– اللي حصل غصب عني أهلك عاوزني ارمي أهلي وهما ملهمش غيري تفتكري رد أي حد عاقل كان هيبقى إيه ؟!
ردت ليالي قائلة:
– كان هايبقى حل وسط يرضي جميع الأطراف و يأكد إنك عاوزني مش من أول ما حطوا شروطهم تقولهم بنتكم مش عاوزها !!
ابتسم و قال بإعتذار
– في دي عندك حقك، حقك عليا
– بعد إيه يا بيه ما خلاص شكلك بقى زي الزفت قصادهم و فاهمين إنك مش شاريني
– دا أنا ابيع الدنيا كلها و اشتريكي
– دا كلام متأسفة مش هصدقه أنا عاوزة فعل
إيه الفيلم بدء من بدري فاتني كتير ؟
أردفت هالة عبارتها المتسائلة، و بين يدها الذرة المقرمشة جلست بينهما ثم نظرت لهما و قالت بفضول:
– إيه مالكم؟ ساكتين ليه ؟! هو أنا جيت في وقت مش مناسب ؟!
رد إبراهيم و قال بنبرة مغتاظة
– تقريبًا !
*******
بعد مرور يومين
كانت ليالي جالسة المقعد تتناول وجبة الغداء مع أخيها و بداخبها تردد شديد في أن تتحدث معه و تُمهد لحبيبها من جديد، لاحظ هذا التردد أدهم لكنه تجاهله تمامًا، تنهدت بعمق قبل أن تتحدث بهدوء:
– إبراهيم عاوز يجي يتقدم يا أدهم
رد أدهم و قال بهدوء
– و بعدين ؟!
– هو إيه اللي و بعدين ؟ و لا قبلين إبراهيم حاسس إنه اتسرع في رده و عاوز يجي يتقدم من تاني
– و يا ترى لسه مصمم على نفس طلبه و لا غيره ؟!
– ادهم اعتقد إنك أنت و إبراهيم نفس الشئ و إن لو حطيت نفسك مكانه هتلاقي تصرفك نفس تصرفه تنكر دا ؟
– طبعًا لأ بس أنا على الأقل مش جبان عشان اسيب الإنسانة اللي بحبها و اقول لأهلها مش عاوزها !!
ردت ليالي و قالت:
– إبراهيم خانه التعبير يا أدهم و أظن هو مش قصده المعنى الحرفي للكلمة فبلاش نعلق الشماعة بتاعت الغد ر و الجُبن و الكلام اللي ملوش لازمة دا
عاد أدهم بجسده للخلف و قال بهدوء
-ليالي أنتِ عاوزة إيه بالظبط؟
ردت ليالي بنبرة مختنقة:
– عاوزك تدي له فرصه تانية و تكون راضي عن جوازي
التزم الصمت بينما هي كانت تناجي ربها بأن يمر الأمر على خير، تنهد بعمق و قال:
– خلي يجي يوم الخميس الساعة خمسة
تابع بجدية مصطنعة قائلًا:
– ولو اتأخر دقيقة واحدة مش هحدد مواعيد تانية أنا حذرتك اهو
وثبت ليالي عن مقعدها و قالت بسعادة غامرة
– ربنا يخليك ليا يا أحلى دومي في الدنيا كلها
كانت تغمره بقبلاتها السريعة و المتتالية، بينما كان هو يحاول التملص من عناقها الشديد له
هرعت نحو حجرتها لتخبر إبراهيم، ظل ينظر لمكانها و الإبتسامة لا تفارق شفتاه، فاق على صوت رنين هاتفه وجده صديقه يخبره بموعد السفر الذي حدده ليتسلم وظيفته الجديدة بالمانيا انهى حديثه معه و على أن يمد له المُهلة أسبوعًا فقط لا غير حتى يستطيع انهاء كل شئ.
********
في مساء يوم الخميس
كانت ليالي تقرأ الفاتحة و هي جالسة بجوار إبراهيم الفرحة التي تجتاح قلبها لا تقدر بثمن
و أخيرًا مر اليوم بسلام و انتهت المراسم على خير وافق أدهم على مضض بأن الخطبة ستة أشهر كحد أدنى، بينما كان إبراهيم يشعر بطول المدة، و بسن هذا و ذاك ربحت كفة أدهم و تمت الموافقة النهائية، أتى موعد السفر و ليالي لا تكف عن البكاء، رغم فرحتها لأخيها بهذا العمل الجديد إلا أن هذه المرة تعتبر الأولى في ابتعادهم عن بعضهما البعض
وعدها بأن عودته قريبة ليتمم زواجها من إبراهيم.
خلال الستة الأشهر لم تشعر بأنها بمفردها كانت هالة شبه مُقيمة معها في المنزل، على الرغم من ترقيتها في عملها الجديد و الذي يتوجب عليها أن تثبت جدارتها إلا إنها لم تتخلى عن أخيه في أدق تفاصيل حياته و مساعدته في كل شئ يخص المفروشات و الأثاث، لم يتركها محمود ان تنعم بحياتها قرر أن تعود له أو لا تبقى على قيد الحياة هددها كثيرًا مرارًا و تكرارًا، لكنها لم تلتفت لمثل هذه التهدايدت، حتى سئمت ليالي من اللامبالاة التي تتعامل بها مع ذاك البغيض، نظرت لها و قالت بنبرة حادة
– هالة أنتِ ليه ساكتة على اللي محمود بيعملوا بلغي عنه كفاية بهدلة فيكي لحد كدا أنتِ خايفة منه ؟
– أنا خايفة على اخويا منه خايفة إبراهيم يخسر كل حاجة بيسعى ليها بقاله شهور بسبب واحد زيه و بعدين هو هيعمل إيه يعني دا بيحبني و مستحيل يأذيني هو بس عشان مش عارف يرجع لي بيقول كلام و خلاص
كلمات طمئنت بها قلبها قبل ليالي، لا تعرف إن كان سيفعل هذا بالفعل أم لا، غادرت عيادة تلك الأخيرة و في طريقها للعودة إلى المنزل
استوقفها محمود محاولًا تخوفيها لكنها كانت صارمة معه حاول جذبها من ذراعها فقامت بصفعه و بدأت تتشاجر معه، حتى أخرج من جيب سترته زجاجة من مادة كميائية تشوه الجلد في ثوانٍ معدودة كاد أن يوجه فوهة الزجاجة في وجهها و بحركة عفوية منها انقلب تجاهُ هو ابتعاد و صرخاتها تدوي المكان بالتزامن مع صرخاته هرع أحد الواقفين تجاه منزلها ليخبر أخيها، طرقات على الباب الخشبي قام بفتحه هتف الشاب بسرعة
– الحق اختك هالة يا هيما محمود رمى عليها مية نا ر و شوه لها وشها عند البيت المهجور
دقائق أم ثوانٍ لا يعرف إبراهيم بالتحديد كم الوقت الذي اتخذه حتى يصل إلى هناك حافي القدمين وقف مقابلتها محاولًا فهم ماحدث نظرت له بأعين دامعة و الخوف يدب في اوصالها بينما قال هو بذعر:
– مالك في إيه؟! ردي عليا ؟!
بعد مرور عدة ساعات
تم نقل محمود إلى المشفى و القبض على هالة بعد اتهامه لها بشكلٍ مباشر، بدأت التحقيقات تأخذ مجراها، انقلب السحر علي الساحر و فقد هو جزءً من وجهه بسبب تلك المادة التي أذبته، بينما هي حتى الآن لم تستوعب أنها كانت ستفقد وجهها أو بصرها
بسبب ذاك المحمود .
علم أدهم ما حدث ثورة من الغضب انتابته و هو يخبر أخته بعصبية شديدة قائلًا:
– مش قلت لك الناس دي بتاعت مشاكل !! اخته ماشية بماية نا ر هتعمل معاكي إيه
افهمك إيه بس يا ليالي يا ليالي أنا قلبي مش مطمن من ناحية الناس دي ارجوكي افسخي الخطوبة يعني إيه مش هاتفسخي ؟! لأول و لآخر مرة بقولك الناس دي ملكيش علاقة بيهم أنا نازل مصر و أنا بنفسي اللي هاقول لأبراهيم مش عاوزينك و مش بس كدا كمان هتيجي معايا المانيا سلام .
بعد مرور أسبوع
كان أدهم جالسًا في غرفة الضيوف الخاصة بمنزل إبراهيم، وضع علبة المصوغات و الهدايا ثم قال بعتذار:
– ربنا يوفقك يا إبراهيم مع حد تاني
– هي ليالي اللي قالت لك كدا ؟
– أنا اخوها الكبير و أنا أدرى بمصلحتها
– معلش يا أدهم بس أيه سبب فسخ الخطوبة؟!
– أنا آسف بس كلامي مش هايعجبك و أنت عارف كدا كويس أختك هالة شكلها بتاعت مشاكل و أنا خايفة على اختي من المشاكل
لقد تعلم إبراهيم الدرس جيدًا فقرر أن يتحلى بالصبر حين قال:
– بس أختي النيابة برئتها و سجنت محمود
– أنا آسف لتاني مرة بس أنهي نيابه دي النيابه اللي أنت واحد منهم فطبيعي يجاملولك
– يجاملوني !! أنت فاهم أنت بتقول أيه؟!
– أستاذ إبراهيم من فضلك كفاية لحد و اسمحي لي امشي
رد إبراهيم قائلًا بعصبية
– لا مش هاسيبك تمشي و هاسيبك تفهم كلام عني و عن أهلي غلط و محصلش خليني إن النيابه جاملتني زي ما بتقول كمان الشهود و الكاميرات اللي في الشارع بتجامل مشكلتك إيه مش فاهم ليه كل حاجة تحصل تقول اختي !! مع إنها اطيب خلق الله و دايما في حالها ليه حكمك المتسرع دا
وقف أدهم و قال بعتذار:
-أنا آسف يا إبراهيم تفهم خوفي و قلقي على أختي
رد إبراهيم و قال بعصبية
– لا مش متفهم عشان اختي كانت شبه مقيمة مع اختك مفكرتش ليه تأذيها ؟! إيه العجرفة اللي في كلامك دي و إيه الاسلوب دا يا اخي دا احنا كلنا عباد الله .
غادر أدهم منزل إبراهيم أسفل ناظريها، لا تعرف مالذي تفعل حتى تحسن صورتها في نظره لأجل أخيها، بينما كان إبراهيم يهشم كل ما طالته يده
بعد مرور أسبوعًا كامل
كانت هالة في حفل زفاف صديقتها المقربة تقف وسط الجمع تصفق كما يفعل المدعوين
تدندن و هي تقترب من صديقتها، راقت للمصور فبدأ يسلط الضوء عليها، حتى لاحظ شقيق العريس فسأله بجانب أذنه
– تقرب لكم دي ؟
-دي صاحبة العروسة و لم نفسك بقى عشان اخوها وكيل نيابة و هي دكتورة في إدارة الأعمال يعني حاجة على مستوى عالي
نظر له المصور و قال و هو يقطم التفاح
– و إيه يعني ما احنا كمان عالين و عندنا رُتب و ناس عالية عالية يعني
تابع بغمزة من عينه قائلًا:
– ما تشوفلنا أخبارها إيه كدا يمكن تفرح بيا قريب
أشار بسبابته و قال:
– مش هتناسبك، دي كانت متجوزة مرتين و اطلقت و تقريبًا مبتخلفش
رد المصور وقال
– يا خسارة الحلو مبيكملش
******
عارف لو خسرت صاحبتي بسبب صاحبك اللي كل يوم و التاني يكسفنا مع العرايس دا هعمل فيك إيه أنت و هو يا خالد ؟
قالت عبارتها شهد و هي تقف أمام الموقد تعد قدحان من القهوة بينما داعب خالد خديها و قال بنبرة خافتة:
– و لا تقلق يا جميل أنا قلت له إن العروسة دي آخر عروسة هاجيبها لك عشان دي تبع مراتي و مراتي هتر ميني قبلك بسبب صاحبتها
– ايوة طبعًا
كاد أن يذهب ليفتح باب الشقة لكنها استوقفته قائلة بهمس
– خلي أدهم هو اللي يفتح لها يا بيبي خليك ناصح
– ايوة صح معلش أصل نسيت وقعتيني في حبك ازاي
– خااالد !!
– أنا آسف كملي المفروض يحصل إيه دلوقت ؟
ردت بحماس قائلة:
– هالة هتدخل هتتفاجئ بأدهم هتسأله إن كانت غلطت في الشقة و لا إيه هو بقى هايقول لأ دي شقة صاحبتك فتدخل يتكلموا
رد خالد و قال بنبرة ساخرة
– حيلك حيلك يا حبيتي دا أدهم صاحبي و أنا عارفه دا لولا كنت صاحبه من أيام الكدية كنت قلت عليه اخرس يعني اللي حصل معانا مستحيل يحصل بـ….
عقدما بين حاجيبه و قال
– هو صوت الخناقة اللي شغالة برا دا في شقتنا و لا الجيران صوتهم عالي لدرجة وصلت لهنا !!!
ردت شهد بعصبية قائلة
– تلاقي قليل الذوق صاحبك هو أنا تايهة عنه !!
خرجا الأثنان لمعرفة ماحدث وجدت شهد هالة واقفة مقابلة أدهم تتشاجر معه و تتحدث بعصبية
– أنا اخويا الف واحدة تتمناه و ابقى روح اتعالج يا معقد يا ضيق الأفق
تابعت بهدوء قائلة
– بس لو وافقت إنهم يرجعوا لبعض أكون شاكرة ليك جدًا و الله
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هالة والأدهم)