رواية شبكة العنكبوت الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم آيات الصبان
رواية شبكة العنكبوت الجزء الثامن والثلاثون
رواية شبكة العنكبوت البارت الثامن والثلاثون
رواية شبكة العنكبوت الحلقة الثامنة والثلاثون
»طارق«:
– إنت فاكر إنك تقدر تنصب على طارق الزيداني ، فاكر تقدر تاخد لقمة من بؤ الأسد هو مش عايز يرميهالك ، انت تعمل كدة؟
– أنا أسف، أنا الشيطان وزني ، افتكرت أقدر أستغل الموقف واطلع بقرشين ، أنا عارف إني غلطان.
– تعمل عليا أنا الفيلم ده يا عمرو؟ فاكر إني بريالة ؟
– لما العصابة كلمتني مخي الوسخ كبرها في دماغي أطلب أكتر .
»طارق« ضاحكا:
– العصابة؟ لا ملعوبة يا واد، مين بقا العصابة؟ أنهي عصابة؟
العصابة اللي طالبة الفلوس.
طارق باستهزاء:
– هو كان في عصابة؟ يعني انت مصدق نفســك، وراحت فين بقا العصابة دي؟ أكلها العو.
– لأ يا »طارق« انت فاكر أيه؟ في عصابة وكلموني وطلبوا المبلغ وأنا بعت لك الفيديو.
– هو انت يا »عمرو« مش كنت ســاعات بتاخد مفتاح فيلا الساحل وتطلع تسبقني على هناك؟
– أيوة حصل بس ده مش معناه إني أعمل كدة.
– اللي يسرق يعمل أي حاجة.
– طارق قسما بالله ما صورت حاجة، فعلا في عصابة كلمتني.
– انت شــكلك عايز تحور من هنا لبكرة، فين الفلوس يالا؟ لو عايز تنهي عذابك، هات بقية الفلوس ومشوفش وشك تاني.
– حاضر وأنا قلت لهم من الأول إني هأديهم الفلوس، هما في الخزنة هنا في البيت.
طارق مناديًا :
– فتحي، بدر تعالوا.
بدر :
– أوامر يا باشا.
– شــوفوا معاه الخزنة فين ، افتحوها ، هاتوا الفلوس وأنا مستنيكم برة.
– اتقضل انت يا باشا.
انصاع »عمرو« لجميع أوامر »طارق« وأرشــد رجاله عن الخزنة وأرقامها السرية وحصلا على كامل المبلغ وخرجا إلى »طارق« ليسلماه المبلغ ويتلقيا أوامره.
»فتحي«:
– دول يا باشــا كدة خمســماية كاملين ، ودول ســاعات وخواتم وألماظــات كانوا في الخزنة قلت اجيبهــم لحضرتك يمكن فيهم حاجة تخص سيادتك.
– كلهم يخصوني ، سيب الخزنة مفتوحة ، ونضف المكان كله من أي بصمات ليكم.
– ونعمل فيه إيه سعادتك؟
– شايف البلكونة دي؟
– أيوة يا باشا بتاعت المنور.
– الأول هتنضف المكان من أي آثار ليكم ، مش عايز غلطة ، وتبهدل البيــت، دواليب وأدراج، عايز كل حاجة عــالأرض، وبعد كدة تقلعوه ملــط وتضربوه لحد ما يفقد الوعي وترموه من هنا، وتخرجوا من باب العمارة بعد تلت ثواني، عايزها تبان تعذيب بغرض السرقة ، مفهوم؟
– برقبتي يا باشا.
– الوسخ ده سرقني وانتوا عارفين عقوبة الخاين عندي.
– مفهوم يا باشا، هو اللي جابه لنفسه.
– وانتوا خارجين من العمارة مش عايز حد يلمحكم.
– ما تقلقش يا باشا، كل حاجة تحت السيطرة.
– أما تخلصوا كلموني.
– أوامر يا معالي الباشا.
خرج »طارق« حاملا معه نقــوده التي أعطاها لـ«عمرو« وكل ما في الخزنــة، كل ما امتلكه »عمرو« في الحياة بشــكل عام أصبح ملكًا لـ«طارق«، وهكذا امتلكه حيًّا وميتًّا.
بعد عودته إلى المنزل ، تســللت «نادية« من غرفتها محاولة أن تتبين ما حدث، فـ«طارق« لم يتحدث مع أي شــخص بالسيارة، من خلال جهاز التتبع كان بإمكانها أن تتوقع أن »طارق« في منزل »عمرو«، لكن هاتفه ظل صامتا طوال الطريق ذهابًا وإيابًا.
بعد قليل جاءه تليفون من »بدر« واستطاعت «نادية« أن تسمع ما يــدور بينهما وفزعت وكتمت صرختها في صدرها بعد أن فهمت من سياق الحديث أن مكروهًا ما حدث لـ«عمرو«.
»بدر« :
– البضاعة سافرت يا باشا.
– نضفتم المخزن كويس؟
– زي الفل يا باشا، مفيش غير الكراكيب اللي حضرتك أمرت نسيبها.
– تمام، كدة خلاص النهاردة.
– أوامر يا باشا، سلام.
أسرعت «ناديــة« إلى غرفتها فورًا حتى لا يفتضــح أمرها، ظلت ترتعش من الخوف طوال الليل ، كانت لا تســتطيع أن تســيطر على ارتعاش جســدها مهما حاولت ، وشــعرت أن بمجرد دخول »طارق« للغرفة سيكتشــف من شدة الخوف البادية عليها أنها متورطة بالأمر ، ويقضي عليها بلا رحمة، لكن ربما أراد الله أن يحميها من تلك العواقب ولــم يأتِ »طارق« نهائيا للنوم بالغرفة في تلك الليلة، وبعد أن اطمأنت قليلا واقترب الوقت من الفجر، خرجت تنظــر أين هو، ورأته في تلك اللحظة في مشهد محير للغاية ، كان جالسًا على كرسيه حزينًا يحمل في يده كأسًا من الويسكي ويبكي متأملًا في صمت ، تأكد ظنها ، »عمرو« على الأغلب قد قُتل الليلة على أيدي رجال »طارق« .
انتابت «نادية« حالة من الوجوم مشــوبة بالخوف والهلع ، لم تكن تتصور أن »طــارق« عديم الرحمة إلى هذه الدرجــة، إن كان قد قتل »عمرو« بدم بارد فكيف يكون حالها لو اكتشف ما فعلته ، ماذا لو عرف يوما ما؟ مــاذا لو أخبره أحد أنها ذهبت إلى الفيلا من فترة قريبة ، ماذا لو ربط بينها وبين الكاميرات بأي شكل؟ كان الوضع شديد الخطورة بالنسبة لها ، وكان عليها أن تتخذ بعض القرارات لتحمي نفسها.
أول قرار اتخذته كان أن تتوقــف عن الاتصال بأي من صديقاتها في الأيام القليلة المقبلة من موبايلهــا ، وأن تحاول التواصل معهن من تليفون آخر؛ فقد يراقب زوجها الخط.
في اليوم التالي ذهبت إلى النــادي في الصباح وبينما تتناول الإفطار في المطعم طلبت مــن أحد العاملين ان يعطيهــا هاتفه لتقوم ببعض الاتصالات المهمــة لأن هاتفها حدث به عطل مفاجئ ونفحته مبلغًا من المال مقابل ذلك ، وتمنت أن تجيب »ريم« على اتصالها من رقم لا تعرفه ، واستغربت أن »ريم« قد أجابت بالفعل.
– أنا »نادية« يا »ريم« إزيك ، الحمدلله إنك رديتي.
– قلبي كان حاسس إنك هتتكلمي من رقم غير بتاعك.
– الوضع سيئ أوي ، شكلهم عملوا حاجة في »عمرو«.
– هو انتي مقرتيش جرايد النهارده؟
– لا مقرتش، أنا منمتش من امبارح.
»ريم« في حزن :
– لقوا جثة »عمرو« مرمية في منور العمارة ، عريان وشقته مسروقة .
قالت »نادية« مفزوعة وهي تحاول السيطرة على انفعالاتها :
– كنت عارفة، كنت عارفة ، قلبي كان حاسس وكلامهم إمبارح أكد لي.
– أنا خايفة عليكي.
– أنا مش هأعرف أطول دلوقتــي، هأكلمك بعدين لما ألاقي فرصة تانية، محدش يكلمني اليومين دول.
– حاضر حبيبتي، إبقي طمنيني عليكي بس.
– حاضر ، عمومًا يومين تلاتة هأكلمك أكون وصلت لقرار.
– هاستنى مكالمتك .
أصبح »طارق« متحفظًا جدًّا فى الحديث في الهاتف، بل وأمر بفحص كل منازلــه بما فيها المنزل الذي يقيم فيه معهــا بحثًا عن أي أجهزة مراقبة من قبل خبراء أتى بهم ليتأكدوا من عدم وجود أى كاميرات أو ميكروفونات أو أى شئ مثير للريبة، وبالتالي فحصت سيارته الأساسية وسط ســياراته الأخرى ووجدوا أجهزة التتبع والتنصت التى زرعتها
»نادية« وتأكد »طارق« وجود نية مبيته للإيقاع به من قبل شخص أو أشخاص ما مرتبطين بـ«عمرو« أو استغلوه للنيل من »طارق«.
أصبح هاجس »طارق« الوحيد الوصول إلى هؤلاء الأشــخاص، كان تفكيره يتطرق إلى منافسيه، وكارهيه، ثم يعود ليفكر في كون »عمرو« قد فعل ذلك من تلقاء ذاته، لأن المراقبة لم تتخطَ منزل الساحل وسيارته الأساسية ، ثم إن المبتزين قد اختفوا بوفاة »عمرو«، ولم يظهر أي شيء بعد ذلك للعلن، ممــا يؤكد أن »عمرو« ليس له شركاء ، أي شريك كان ليفضح »طارق« الآن انتقامًا لـ«عمرو«، ويحاول ربطه بالجريمة، لن يكلفه الأمر سوى ارســال الفيديو للشرطة ليثير الشكوك ، ولهذا كان تفكيره يقوده دائما أنها لعبة خائبة قام بها »عمرو« لابتزازه ثم أخفق تماما في تنفيذها.
أصبح قليل البقاء بالمنزل ، شــديد الحرص في تصرفاته ومتحفظًا للغاية، وبرغم أن «نادية« مازالت قادرة على التنصت على هاتفه إلا أنه لم يكن يتحدث أثناء وجوده بالمنــزل الا فيما يتعلق بالعمل فقط، كل هذه التصرفات والتي قد تكون نابعة من صدمته في »عمرو«، إلا أن عقل «نادية« كان يترجمها بشكل آخر ، كانت تشعر أنه يشك فيها، وأنه ينظر إليها بريبة، أصبحت تخشى التواجد معه وحدها، وزادت هواجسها يوما بعد يوم بعد معرفتها بهذا الجانب الآخر من شخصيته، القتل بدم بارد
لأقرب المقربين منه، التخلص من أي شخص مشكوك فيه بدون رحمة، محاط بقتلة ينفذون أوامره بحرفية ، كيف تعيش بأمان مع رجل مثل ذاك بعد اليوم؟!
ظهر من اهتمام منصات التواصل الاجتماعي بجريمة مقتل »عمرو« أنه كان شخصا محبوبا وسط أصدقاء طفولته، وأقاربه، بدأت «نادية« تكتشــف مما تقرأه من هو »عمرو«، الجميع يتحدث عنه وعن حياته وأسرته ، ومن خلال ما قرأت هنــا وهناك عرفت انه كان يعيش وحيدا بعد وفاة والدته التي عاش معها عمره كله ، وأن والده كان يعمل بإحدى الــدول الخليجية منذ أبصر »عمرو« الحيــاة إلى لحظة وفاته ، تحدث
صديقه بحزن عن وحدة »عمــرو« طيلة حياته وعن كيف كان الأب في حيــاة »عمرو« مجرد طيف يطل مرة كل عام لبضعة أيام في الســنة، وأن بعد وفاة والدته من خمس ســنوات انهار عالم »عمرو« تماما، لم يكن له بالحياة سوى أمه التي كان شديد التعلق بها، إحدى الصديقات صححت معلومة أنه وحيد لأن له أختًا من زيجة سابقة لأبيه تكبره بعدة سنوات وتعيش بإحدى دول أوروبا ، وأرجعت سبب إحساسه بالوحدة
لبرود العلاقة بينهما كأخوة غير أشــقاء ، فارق السن وبعد المسافة قد لعبا دورًا كبيرًا في جفاء تلك العلاقة وحرصها في الرسميات.
أمــا الأقارب من ناحية الأم فقد تحدثوا عــن إهمال أبيه له بعد أن تزوج من أخرى بتلك الدولة التي يقيم فيها ، وشــعور »عمرو« طوال الوقــت أن والده غير مخلص لأمه وكيف عاش مأســاة علاقة والديه المتوترة منذ نعومة أظافره ، تربى في أحضان زوجة تعيســة مضحية فضلت أن تعيش من أجل ابنها فقط مما ساهم في زيادة علاقته المتوترة بوالده قبل وفاة والدتــه بفترة طويلة ، ولهذا تأثرت تلك العلاقة بزواج الأب سريعًا بعد وفاة الأم ، وبدأت زيارات الأب الســنوية تنقطع رويدا رويدا ولم يرَ والده منذ ثلاث سنوات.
آه يا »عمرو«، ألهذا ألقيت بنفسك في أحضان ذلك الوحش؟ هل هي الوحــدة؟ هل هي صورة الأب المهزوزة في عينيــك؟ هل هي الرغبة في الحصول على حب وعطف الأب ؟ هكذا كانت «نادية« تحلل شــخصية »عمرو« من خلال ما قيــل هنا وهناك، ومع كل كلمة تقرأها كان يزيد داخلها الصراع ، الخوف من »طارق« من جهة والشعور العميق بالذنب لما حدث لـ«عمرو« من الجهة الأخرى .
يوم الأحد صباحا غادرت «نادية« المنزل عازمة على الهرب، كانت قد اقتربت من الجنون بالفعل ، ولهذا رتبت أمورها على الفرار خارج البلاد ، ساعدتها »نورا« في إجراءات الســفر ودبرت لها تذاكر الطائرة، بينما حولت جميع ما جنتــه لعملة أجنبية، وبدأت في تحويل هذه الأموال إلى حسابها بالخارج، من حسن حظها أنها بسبب سفرها الدائم إلى أوروبا وأمريــكا لظروف عملها في مجال الأزياء ، كان لديها حســابات بنكية
تمكنت من تحويل تلك الأموال إليها بسهولة، كان لديها بالفعل رصيد لا بأس به هناك ، على الأقل كان لديها ما يسمح لها بحياة كريمة لبعض الوقت، قررت الذهاب بلا عودة وســاعدها على الرحيل سريعًا تأشيرة تحملها لمدة خمس ســنوات لأمريكا وأخرى لمدة ثلاث سنوات لأوروبا ، حملــت معها كل ما خف وزنه وغال ثمنه، وقــررت أن تكون وجهتها
الأولي إلى إحدى الدول الأوربية ، للحصول على أرصدتها الحسابية هناك ، ولتضليل »طارق« حين يبــدأ في البحث عنها، وفي خلال ثمانٍ وأربعين ساعة كانت في طريقها إلى أمريكا.
فور وصولها إلى أمريكا وبمســاعدة قريبة لهــا يجهلها »طارق«
وجدت مســكنًا ملائمًا في ولاية صغيرة تقطن بها قريبتها التي قررت مســاعدتها ومســاندتها بعد أن أخبرتها «نادية« أنها قررت أن تترك زوجها لأنه شخص سادي مريض وأنها تشك في كونه قاتلًا ومجرمًا مما يضع حياتها في خطر كبير ، وأنها تخشى طلب الطلاق منه نظرًا لنفوذه الكبير وســطوته ، وخوفًا من رفضه وانتقامه منها ، ساعدتها قريبتها على التأقلم بالغربة حتى استقرت أوضاعها وقررتا سويًا أن تبدأ حياة جديدة فى ذلــك البلد وأن تنسى تماما زوجها والفترة التى قضتها معه ، لم تكن قريبتهــا تهتم كثيرًا بـ«طارق« وجرائمه التى حكتها »نادية«،
ولكنهــا كانت تصدق أن هناك خطرًا ما عـلي حياة »نادية« من خلال رعبها وخوفها الذى كان يبدو فى كل نظرة منها أو كلمة.
استغرب »طارق« من اختفاء »نادية« المفاجئ ، أثار اختفاؤها الكثير من التســاؤلات والشكوك داخل نفسه ، وبدأ جديًّا في التفكير في إمكانية أن يكون لها علاقة بشــكل أو بآخر بما حدث ، أو على الأقل كانت على علم به ، بحث عنها كثيرا وحاول الوصــول إلى مكانها خاصة بعد أن نما إلى علمه أنها ســحبت الأرصدة الموجودة فى الحســابات بالخارج ، أراد أن يتأكــد إلى أي حد كانت »نادية« متورطة فى الأمر ، هل لها علاقة
مباشرة بالابتزاز ، أم هل علمت بالأمر فقط؟ ربما تعلم بتورطه في مقتل »عمــرو«؟ فى كل الأحوال كان لابد أن يبحث عنها بضراوة ؛ لأنها كانت تمثل خطرًا من الأفضل التخلص منه.
ظل يبحث عنها في مختلف الــدول التي توقع وجودها فيها ولكن لم يصل إلى مكانها قط ، خفتت جذوة هذا البحث قليلا بمرور الوقت .
أما الاخريات فبعد رؤيتهن لما آلت إليه الأمور من ســفر مفاجئ لـ«نادية« خوفًا على حياتها، لمقتل شاب مسكين وإصابة آخر بغيبوبة ، أدركن أن الأمور قد أخذت منعطفًا سيئًا غير متوقع.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت)