رواية ورد الفصل الخامس 5 بقلم ندا سليمان
رواية ورد الجزء الخامس
رواية ورد البارت الخامس
رواية ورد الحلقة الخامسة
كنت ماشية معاهم في زفتي مسلوبة الإرادة، عايشة مع نفسي عالم تاني لا شيفاهم فيه ولا سمعاهم، مافقتش غير لما سمعت خبطة باب بيتقفل، بصيت حوليا مذهولة بحاول أستوعب أنا فين!
أوضة غريبة حسيت حيطانها بتطبق على نفسي، قفل الباب ولقيته بيقرب مني بابتسامة صفرا، أطرافي بردت وجسمي بدأ يرتجف، وكل ما يقرب خطوة أرجع عشرة، ضحك وقال “خلصينا مش ناقصة دلال أهلك مستنين المنديل”، سمعت الجملة دي وزاد رعبي، عيني كانت بتطوف في الأوضة بهلع بتدور على أي حاجة تنقذني، لمحت طبق فاكهة حاطينه جنب العشا وفيه سكينة، وعشان حجمي صغير بالنسبة ليه وطيت من تحت إيديه وجريت ع السكينة، ماكنتش عارفة أنطق، مسكتها على رقبتي وعيني بتهدده إني هموِّت نفسي لو قربلي، لقيته مش هامه وبيقربلي فوجهتها ناحيته بإيدين مترددة وخايفة وهددته، كنت فاكره إنها كفاية وهتقدر تحميني، بس جسمي الهزيل خانني تحت تأثير الهلع، هجم عليا وقدر ياخد السكينة مني، رفعني ورماني على السرير، كنت بصرخ وبضربه بإيديا ورجليا بكل قوتي ، ضربة منهم جت جامدة فاتحول لوحش، شتمني وفضل يضربني على وشي لحد ما بقيت شبه فاقده للوعي، ورغم كده ماوقفتش مقاومة، جسمي كان بينتفض كإني عصفور مدبوح بينازع.
لمحت الفستان جنبي، فبدأت مقاومتي تزيد، صفعة كمان كانت كفيلة تسرق وعيي، كنت شبه شايفة وواعية، بس حاسه بكل حاجة، مابقتش قادرة على المقاومة، حاسه بطعم الدم في شفايفي، وإيديه أشواك بتنتهك جسمي، بدأ عقلي الباطن ياخدني لدنيا تانية، معالم الأوضة اختفت من حوليا، شايفه نفسي قاعدة في صالة بيتنا في حِجر أمي وأزهار قاعدة جنبها وسانده راسها على كتفها، سامعة ضحكهم في وداني، شايفة نفسي طفلة بضفاير بتجري وسط الأرض ورا الفراشات، فجأة حسيت بألم فوق طاقة احتمالي، صرخت باللي باقي من قوتي ولقيت عقدة لساني بتتفك، كنت بصرخ وأقول “إل إلحقيني يا أزهااااار”، دي آخر حاجة فكراها، أعتقد فقدت الوعي من شدة الألم والخوف، فقت على ضربات خفيفة على وشي، كان عندي أمل لما أفتح عيوني اكتشف إن ده كله كان كابوس لقيتني في نفس الأوضة، كانت واقفة جنب السرير وبتفوقني واحدة معرفهاش، أول مافتحت عيوني كانت بصالي بخوف حقيقي باين في عينيها، قالتلي “اسم الله عليكِ، قومي أما أساعدك تغسلي جسمك”، ماكنتش قادرة أتحرك، الوجع في كل حتة في جسمي، أول ما رفعت الغطا شهقت وقالت “يا حبة عيني ده إنتي سايحة في دمك، قومي يا حبيبتي اتعكزي عليا” اتعدلت بالعافية، ماكنتش قادرة أدوس برجلي ع الأرض، سترتني وتقريباً كانت شيلاني لحد الحمام، قعدتني وكانت بتصب على راسي الماية بهدوء، الأرض اتلوثت بدمي، عضيت على شفايفي من الوجع فاتوجعت أكتر، صعبت عليا نفسي فانهرت، طبطبت عليا وباست راسي، ماكنتش طايقة جسمي، لسه حاسه بإيديه وشامه أنفاسه الكريهة، خلصت ولبستني فهمست “شكراً” اتفاجئت وقالتلي “وه، أمال بيقولوا عليكِ خرسا ليه!!”، ماعلقتش وهي كمان ماضغطتش عليا في الكلام، قعدتني على كرسي لحد ما نضفت المكان وساعدتني أنام، قالتلي “ريحي شوية، وهبقى آجي أصحيكِ عشان تاكلي وترمي عضمك” ماردتش، غمضت عيوني فغطتني وخرجت.
معرفش نمت أد إيه، هي قالتلي إني كنت نايمة بقالي كتير أوي رغم إني لما فتحت عيوني كنت حاسة إنهم دقايق! صمِّمت وأكلتني، وفهمتني ازاي أتعامل مع إللي عندي، كنت مرعوبة فطمنتني ووعدتني إنها مش هتخليه يقرب ناحية أوضتي لحد ما أخف واسترد صحتي، كنت ممتنة للطفها معايا جداً، بقالي كتير محدش عاملني برحمة، بعد ما أكِّلتني عملتلي كوباية أعشاب تهدي المغص إللي عندي وقعدت جنبي، كل شوية تمسح على شعري بحنان أم صادق، سألتها “هو إنتِ مين؟” ابتسمت وقالت “أني فاطمة المفروض إني ضرتك”، ضحكت لما شافت الصدمة في عيوني وقالت “ربك والحق أني كنت ناوية اعتبرك عدوتي لحد ماشفتك ولقيتك من دور عيالي، دنا بتي الكبيرة أصغر منك يجي ب ٤ سنين، كمان يعني صعبتي عليا من الرمية إللي رموهالك أهلك دي، وإنتِ زينة البنات كان هيجيلك أحسن عدل الله يسامحهم! “
ظهرت الكسرة في عيوني فطبطبت على كتفي، كانت مترددة بعدين قالت بصوت حزين” بت خالتي متجوزة نواحيكم وحكتلي على إللي حُصل لاختك ربنا يرحمها ويصبر قلبك يا حبيبتي “، أول ما سمعت جملتها نفسي ضاق، أخدت من إيديا الكوباية وهي مخضوضة وبتردد” اسم الله عليكِ، بسم الله الرحمن الرحيم، خدي نفسك خدي نفسك على مهلك” فضلت جنبي لحد ما هديت، بعدين قالتلي إن العيلة كلها متجمعة تحت لو حبيت أنزل أقعد معاهم، فرفضت وشكرتها؛ لإني ماكنتش عاوزة أشوف حد، كنت لسه حاسة إني عاوزة أنام، فضلت ع الحال ده ٣ أيام، نايمة وفاطمة بتقومني بس للأكل، بدأت استرد صحتي بس كنت عاملة نفسي لسه تعبانة عشان مايقربليش تاني، كنت كل ما بلمحه ولا أسمع صوته جسمي يرتجف وقلبي يتفزع، بعد أسبوع أخدت دوري في الخدمة، أمه وكل إخواته كانوا قاسيين أوي، فكروني ببيت جدي، محدش كان حنين عليا غير فاطمة، كانت بتعاملني بحنان الأمومة، وكل يوم بتعلم منها حاجة جديدة في الحياة، أهمها إني بدأت اهزم ضعفي وخوفي، مع الوقت بدل ما كنت بعيط لو حد من أهل البيت ضايقني بقيت برد وآخد حقي، كنت لسه من كام شهر طفلة بس إللي حصلي كبرني فوق عمري أضعاف، خلصت كل حججي وأعذاري وبقى الراجل إللي بيقولوا إنه جوزي عاوزني أعيش معاه حياة طبيعية، طيب ازاي وأنا بترعب منه! كنت خايفة أحمل، لا عاوزة أبقى أم لولاد منه ولا عاوزة أبقى أم من الأساس!
عشان كده حوشت ورحت من وراهم لصيدلية واشتريت برشام منع الحمل، خبيته وبقيت آخد منه، الوحيدة إللي كشفت مكانه هي فاطمة ولما عرفت حفظت سري، زي ما حفظت سر أزهار لما حكيتلها عنه، قلبها اتوجع عليها وشايفة زيي إنهم ظلموها وظلموني.
أيامي بقت شبه بعضها، وكل يوم بيمر ببقى أقوى، شخصيتي بتتحول من غير ما أحس، ماكنتش بعرف أنام طول الليل بسبب الكوابيس، كل ليلة أصرخ وأقوم مفزوعة، ممتنة للكوابيس دي عشان بسببها مابقاش بينام جنبي؛ عشان بفزعه بصراخي بالليل.
ماكنتش بروح أي زيارات لأهلي ولا هم بيجوا، كإنهم ماصدقوا رموني! ماروحتش غير مرة ومعايا فاطمة، لميت كل حاجتي وحاجة أزهار في صندوق وأخدتهم على بيتي من غير ما أكلم حد ولا أحتك بيهم وهم تجنبوني كإنهم خايفين أنفجر في وشهم!
كنت بعتبر أهلي هم أمي وأختي وفاطمة بس، أمي وأختي كنت دايماً بزور قبرهم وفاطمة بقت هي إللي مهونة عليا مرارة أيامي.
مرت سنة وكل يوم النار كانت بتزيد جوه قلبي، خصوصاً بعد ما قريت لأول مرة جوابات عزت لأزهار وافتكرت فرحتها بيهم والأحلام إللي بنتها، وبدأ حلم السفر يراودني تاني، بس المرة دي مش عشان أحقق حلم أزهار وأنفذ وصيتها، المرة دي عاوزة أسافر عشان أنتقم، بس قررت قبلها أنفذ انتقامي من كل إللي أذوها هنا، كنت طول الليل بقعد أفكر وأخطط ومش عارفة هنفذ ازاي!
لحد ما جتلي أول لحظة انتقام على طبق من دهب، وجبة الانتقام تؤكل باردة وأعتقد جه وقتها…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ورد)