روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الثامن والأربعون

رواية غمرة عشقك البارت الثامن والأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الثامنة والأربعون

يستند على جانب السيارة امام باب منزلها منتظر
وكان يرتدي طاقم انيق بنطال جينز بني وتيشرت يجمع بين اللون البني والابيض…… يرتدي عليه
حذاء رياضي أبيض… وقد صفف شعره الأسود
الغزير للخلف وقد حلق لحيته فباتت بشرته ناضرة بملامح رجولية جذابة بوسامة…..فكان وسيم الطلة…… بطلة جليلة….وملامح رصينه…….بها
يكن جذاب تحت محاط الانظار من الجميع……
رفع هاتفه بملل فقد طفح كيله من انتظارهن….
وعندما فتحت الخط قال عابثاً…..
“حبيبة….”
اتى صوتها الرقيق متحشرج قليلاً….
(نزله يا أحمد ثواني……بلف الطرحة بس…..)
انعقد حاجبيه سائلا بقلق….
“مال صوتك……انتي كنتي بتعيطي……”
انكرت وهي تحاول تغيير الموضوع….
(لا انا كويسه…. دقيقتين ونزله سمر كمان سبقتني
ونزلت…وانا هنزل مع ماما……معلش اني اتأخرت
عليك…..)
تحدث أحمد واجماً….
“انت بتلغوشي على الحوار…صوتك باين انك معيطه
لما تنزلي هنتكلم…….”اغلق الخط وهو يزفر بحنق..
والدتها مجدداً الأمر لا يحتاج للتفكير مرتين…لا
تتقبل علاقتهما ولا يعرف سبب وجيه لهذا الرفض
ومع ذلك يدعي الغباء لأجل اتمم الزيجة…شهرين مروا سعى فيهما بقدر الامكان لتوفير مسكن لهما
كما أرادت والدتها………
وبالفعل بعد تفكير وصل لابسط الحلول…..نظر لسيارة الاجرة خلفه والذي اخذها من أحد
الأصدقاء لقضاء هذا المشوار الهام…..حتى يضع النقط على الحروف وياخذ الخطوة الجادة في تحديد موعد زفافهما بشكلاً رسمي……
أنتبه لصوت اخته وهي تتحدث مع ابنتها التي تأنقت بفستان أزرق قصير كالون البحر مع قبعة تماثله ولم
تنسى الصغيرة وضع الاساور الصغيرة الملونه العاشقة هي لها كما تفعل أمها…..تقلدها مكه
وتشبهها كثيراً…لكن تظل تركيبات (سمر جمال)
واحده فقط !!……
ركضت الصغيرة لعنده مناديه بأسمه…فحملها وقبلها
حتى تقدمت منه سمر وسالته بهدوء……
“كلمت حبيبة هي نازله ورايا على فكرة……”
سأل اخته…. “انتي خبطي عليها……”
ردت سمر وهي ترجع خصلة من شعرها
للخلف….
“لا كلمتها في التلفون مانت عارف أمها…. بتقلب وشها اول ما بتشوفني فقولت بلاها………..كلمتها
انت هي كويسه ولا امها نكدت عليها……”
تحدث أحمد باحتقان……
“امها بتتلكلك عشان تبوظ الجوازة بس دا بعدها…”
اومات سمر بجدية صلبة……
“جدع اثبت على موقفك وانا من ناحيتي شايفه ان حبيبة طيبه ومش زي امها خالص….. حاول انت
بس تشهل وتقرب معاد فرحكم……. لحسان تزيد
طلباتها وتعجزك……”ثم نظرت لسيارة الاجرة
خلفهما وقالت بحسرة…..
“الله يسامحها……اديك بعت العربية وملحقتش تتهانه بيها…….”
نظر أحمد معها لسيارة الاجرة ثم عاد اليها
قائلاً…
“مش مهم العربية ياسمر المهم اجيب الشقه…اديني دفعت جزء من فلوس العربية مقدمة في شقة قسط
والباقي هشطب بيه…….
“انت كده بتنزنق نفسك بالقسط… ”
رد عليها مختصراً اهدافه……
“مفيش حل غيره…وبعدين مفهاش زنقه ولا حاجة
انا حاليا بشتغل في شركة كويسة مش اقل من شركة الشامي وبقبض كمان كويس وان شاء الله الجزء اللي هيتحط في قسط الشقه مش هيأثر على احتيجاتي انا وحبيبة….وكده كدا القسط مش هيعيش العمر كله مصيره يخلص……….”
قالت سمر برفق تهون عليه……
” هيخلص ان شآء آلله…….المهم تتجوزها قبل ما حماتك تشتغلك في الأزرق……”
سالها بتردد… “تقتكري هتعجبها الشقة ياسمر…….”
اندفعت سمر بالحديث بشكل ايجابي له….
“ومتعجبهاش ليه…دي في حته انضف من هنا مية مرة والعمارة اللي فيها الشقة اخر شياكه…الشارع
كله أصلا رايق ونضيف كده…مش منطقه شعبية اوي زي اللي احنا فيها….دا غير الشقة وشكلها والله لقطه وسعرها حلو كمان سواء قسط ولا كاش…..”
نظرت له وأضافت بإبتسامة حالمة…..
“تعرف يا أحمد انا نفسي انقل لمكان هادي وحلو
زي ده بس المشكلة في ابراهيم متعلق بامه واهله وجيرانه وحياته هنا في الشارع اللي عاش فيه ……واوقات يعني بحس انه عنده حق……وبرجع أقول اهم حاجة الراحة النفسية مش المظاهر……..”
نظر لها قائلاً بفتور….
“اهم حاجة تكوني انتي مرتاحه وراضيه……”
ابتسمت بحب قائلة بمصدقية جميلة….
“هصارحك واقولك اني ببقا مرتاحه وراضيه براحته هو……الحب دا غريب اوي بيلغبطك ويغيرك زي
ماهو عايز……..”
“انتي هتقوليلي عارف ومجرب…….” ثم أنتبه خلفها
لوالدة حبيبة تخرج من البوابة بوجهاً مكفهر وشفاه مقلوبه…. تليها خروج حبيبة بفستان محتشم أنيق
وجحاب ينافسها رقه ونعومة…. كانت ناكسة الرأس
ترفض النظر للأمام حتى تتمكن من مسح وجنتيها من الدموع قبل ان يراها !!…….
احتدت نظراته وغلت الدماء بعروقه وهو ينظر لاخته نافث عن غضبه من خلال تلك النظرة التي تقابلته سمر بتفهم ورفق وهي تربت على كتفه هامسه
بحنان الأم…..
“اهدى وكبر دماغك…. والله لا خليها تاكل في
نفسها دلوقتي…….”ثم اضافة بغيظٍ وهي
تراقب اقترابها منهم…..
” وليه غشيمة وجاحدة……انا مش عارفه إزاي بيجلها قلب تكسر فرحة بنتها…… ”
حينما وقفت امامهما صفاء وكذلك حبيبة التي تهرب
من عينا احمد النافذتين الصلبتين الملاحقيتن بشدة بها..
قالت صفاء ببرود…..
“إيه هنفضل واقفين كتير في الشارع……”
جز أحمد على اسنانه فمن سبب التأخير غيرها…. يبدو انها تكرمت عليهم بنزول بعد وصلة رجاء
وتذلل من حبيبة ولم تفوت طبعاً فرصة حرق
دماؤها ببعض الكلمات السامه انتقاماً منها على
حبها وموافقتها على الارتباط بشخصاً لا
تتقبله زوج لابنتها……
تدخلت سمر قائلة بحفاوة زائفة وهي تدفعها
بخفة في كتفها تدعوها للدخول بالسيارة….
“لا ياحبيبتي واحنا نقدر….. ادخلي العربية يام
حبيبة يلا بينا يا احمد……”
نادت صفاء على ابنتها بحزم……
“حبيبة…….. تعالي قعدي جمبي…….”
فتحت سمر الباب ودعتها للدخول ثم جلست جوارها وابنتها على حجرها واغلقت الباب بعدها ناظره لها بابتسامة صفراء……..
“خليها تقعد جمب خطيبها مفيش مكان….”ثم اشارت عليها هي وابنتها و تابعت بلؤم وهي تنظر اليها باشارة العين……
“الكرسي اللي ورا دا بياخد اتنين……. وحرباية…..”
توسعت عينا صفاء فقالت
بصدمة….
“انتي قصدك إيه….. انا حرباية……”
رجعت سمر للخلف بظهرها وهي تدعي الاندهاش قائلة ببراءة….
“انتي يالهوي… دا انتي اميرة الامرة ياختي….اخص عليكي يام حبيبة…. دا انتي مفيش في طيبة قلبك….اكيد سمعتي غلط…….”
برمت صفاء شفتيها وهي تلقي عليها نظرة
احتقار بطرف عينيها…… “جايز…….”
في خارج السيارة سألها أحمد بحنق…..
“ممكن افهم عينك حمرة كدا ليه….. كل ده عياط
هي قالتلك إيه…….”
هزت حبيبة رأسها هاربة من نظراته
القوية…..
“ولا حاجة……يا أحمد… ”
المه قلبه لرؤيتها حزينة مكسورة الخاطر بهذا الشكل فتهور ومسك يدها في الخفاء ولفظ بانفاس
غاضبة… “حبيبة…….”
نظرت ليده المطبقة عليها فهمست
برجاء…
“احنا في شارع يا أحمد…….سيب أيدي.. ”
ترك يدها قائلاً بزفرة تعب……
“ربنا يهون بقا انا تعبت……. وصبري نفذ بصراحة بذات من ناحية أمك…….”
نظرت اليه حبيبة بتحذير قائلة…..
“أحمد لو سمحت غير اسلوبك وانت بتكلم عنها دي امي…….”
جز على اسنانه قائلاً….. “امك مش بتحبني……”
قالت حبيبة مبتسمة
بحزن…
“مش مهم كفايه انا بحبك……”
تافف أحمد قائلا بجدية…..
“يووه ياحبيبة افهميني….. دي بتحاول تخرب الجوازه……”
قالت حبيبة برجاء حزين…..
“مش هيحصل طول مانا وانت عايزين بعض… انا مستحمله عشانك…… وانت كمان استحمل واصبر عشان خاطري…….”
اردف أحمد بصدق مس قلبها المجهد….
“مش محتاجه تقوليها انا معاكي للآخر يابيبه….”
ابتسمت في وجهه بحب ثم لاحت نظرة على
سيارة الاجرة خلفه فقالت بحزن…….
“خسارة انك بعت العربية…. انا كنت حباها اوي…”
لمع بريق عيناه فقال واعداً….
“بكره هجيب احسن منها وشبها بظبط….. بس
هتبقى هدية مني ليكي……”
“هديتي الحقيقه انك معايا……” ثم توهجت عينيها الحمراء الشاجنة بحماس قائلة…..
“تعرف متحمسة اوي اني اشوف الشقه…. بصراحة
الفيديو اللي بعتهولي بعد ما صورتها شوقني اكتر
حابه اشوفها أوي……”
اشار لها ان تركب جواره ودخل السيارة محتل
مقعد السائق وهو يقول…….
“ادينا رايحين وهتشوفيها….. ويارب تعجب حماتي……”نظر لصفاء عبر المرآة فالقت اليه
نظرة باردة واشاحت بوجهها عنه بتكبر…….
فقلب أحمد حدقتيه بملل وغيظ وهو يدير محرك السيارة بتافف من تلك المرأة بغيضة الملامح والنظرات دوماً……..
بدأت سمر تتحدث في الهاتف بصوتٍ عالٍ مزعج
حتى تعطي مساحة لاخيها بتحدث باريحية
بعيداً عن أذان والدة حبيبة……
القى أحمد عليها نظرة خاطفة فوجدها شاردة
بحزن عنه فحاول اخراجها من قوقعة الكآبة
تلك وسالها مشاكساً……
“واي اخبار الشغل يابشمهندسه……”
إبتسمت والبسمة كانت تعطي روح لوجهها وعيناها الحزينة خصوصاً مع سؤاله ذات اللهجة الخبيثة المعروفة بينهما….فقالت بخجل رقيق…..
“الحمدلله….كويسه……بس عندي مشكلة……”
حرك حاجباه وهو ينظر للطريق بلؤم…
“حقك قولي طالما انا اللي متوسطلك في حوار الشغل ده……..يبقا لازم اعرف سلبياته……”
عادت تشاكسه بحلاوة روحها البريئة…..
“ممم بصراحة….. مش حاجة سلبية اوي…يعني
في بشمهندس معماري معايا في الشركة بس إيه
رخم اوي…. وبيحب يغلس عليا كل شويه… واحيانا
لما ميبقاش عنده شغل يجي يعطلني……دا غير
حوار النسكافية ولا الهوت شوكلت ده تصور
اي حاجة يلقيها قدامي على المكتب يشربها…….”
نظر له بطرف عيناه وقال بمراوغة…
“اي قلة الذوق دي…..دا بشمهندس عسل اوي… خدي في بالك المهندس الفرفوش رزق….وبذات لو كان بيحبك……”انهى الجملة بغمزة شقية….
فضحكت دون صوت قائلة….
“متأكد ان بيعمل دا كله حب فيا……”
أومأ قائلاً بمداعبة صبيانيه….
“امال…..بلي انتي بس ريقه وتعالي مكتبه مرة من نفسك……وهو هيعوضك عن النسكافيه والشوكلت اللي شربهم منك……”
مررت يدها على حجابها وهي تقول
بخجل….
“مم…..دا تعويض مغري….وانا ممكن افكر…..”
تحدث أحمد بجدية مضحكة….
“تفكري إيه……من بكره تكوني على مكتبي
مفيش وقت للتفكير…….”
“ليه يعني؟……”
دللها بالكلمات هامسا باللهجة العاشق….
“اهوه أحب فيكي شويه تغيير بدل مااجي المكتب احب فيكي قدام زميلك شكلي بقا وحش…..”
قالت حبيبة مبتسمة بفخر….
“بالعكس دول بيحسدونا…….”
لوى شفتيه معقباً بأسى…..
“ايوا مالحسد واضح……..ودليل على كده امك….”
انتبهت صفاء من وسط ثرثرة سمر المزعجة في الهاتف لجملته فقالت بملامح بغيضة كنظراتها نحوه…..
“مالها امها بقا ان شاء الله بتقول اي عليا….”
قال أحمد بملاطفة زائفة وهو ينظر لها عبر
المرآة….
“ولا حاجة ياحماتي بشكر فيكي لولا دعواتك
مكناش وصلنا لهنا……ربنا يديكي على قد نيتك يارب……”
توقفت سمر عن الحديث بالهاتف وهي ترفع يداها
مؤكده خلفه بحرارة……
“يارب ياخويا….. يارب على قد نيتها…….”ثم
نظرت لابنتها وقالت بخبث…..
“ادعي انتي كمان ياكوكي عشان الدعوة
تستجاب….”
قالت الصغيرة ببراءة…..
“يارب……”
وجدت سمر السيارة تنحدر فجأه فتوسعت عينيها وهي تجد اخيها يتفادى دراجة بخارية كانت على وشك الاصطدام بهم…. ثم تابع بعدها طريقه
بشكلاً طبيعي بينما نظر من خلال المرآة
الصغيرة وحدث أخته ساخراً…
“كفاية دُعى….. هتيجي على دماغنا كلنا……”
كبحت حبيبة ضحكاتها وهي تشعر بان امها قاربت على الانفجار بسببهم……..فقد احتقن وجهها
أحمراراً يشاركه نظراتها الكارهة لتلك
الصحبة والزيجة بأكملها…….
……………………………………………………………
دخل بسيارته لأحد الشوارع الهادئة الراقيه نوعاً
ما….والتي تختلف كلياًّ عن الحي الذي تربى فيه
فكان الشارع عبارة عن ابراج شاهقة الارتفاع
انيقة الشكل…. مؤسسة جوار بعدها بشكلاً منظم وعلى كل برج لوحة يكتب عليه اسم البرج وبوابه يحرصها وعمال نظافة………
القت صفاء نظرة تتفحص بها الشارع التي وقفت به السيارة وكذلك البرج شاهق الارتفاع والتي
أشار عليه أحمد……..
تهللت ملامح حبيبة وهي تنظر للمكان عبر النافذة السيارة كذلك وسالته بلهفة…..
“هي الشقه الدور الكام يا أحمد……..”
رد وهو يحل حزام الأمان…….
“العاشر…….”
تدخلت صفاء بوجهاً حانق…..
“العاشر !!…..احنا هنطلع كل ده……..”
لوى أحمد شفتيه وقال بقلة
صبر….
“في اسانسير ياحماتي متقلقيش……..”
قالت بعدائية واعتراض مبالغ فيها…..
“انا مش قلقانه عليا ياخويا انا قلقانه على بنتي…
لي شقتها تبقى في العلالي كده…وافرض الاسانسير
عطل تعمل اي ساعتها……”
زفرة سمر وهي تضرب كف بالاخر قائلة…..
“لا حول ولا قوة إلا بالله انتي بتعترضي من قبل حتى تخرجي من العربية جر إيه يام حبيبة اهدي مش كده بلاش شغل الحموات ده ياختي…….”
برمت صفاء شفتيه بغل وقالت…..
“انا مبعملش شغل يدلعدي انا بتكلم في الأصول….”
احتدت نظرات سمر وقالت بصرامة……
“اصول إيه ان شاء الله قولتي عايزه سكن لبنتي في شقه لوحدها…. اخويا باع عربيته وداين نفسه عشان يجبهالها والشقة طلعت في الدور العاشر نعمل إيه
بقا اي ذنباً……مش عارفه بطلعي القطط الفطسه في الحاجة من قبل حتى ما تطلعي من العربية هو انتي ناويه على خرابها ولا إيه………”
قالت صفاء بلؤم…..
“انا حره دي بنتي اخربها امشيه بمزاجي…..”
زاد توهج عينا سمر غضباً وقالت بتهديد…..
“لا مش بمزاجك ياحبيبتي دا كلام رجالة… وبنتك بتحب اخويا وعيزاه وهو كمان…. تبقي بقا تخليكي محضر خير بينهم ومتكسريش فرحتهم…….لحسان
انا اخر ما يفيض بيا هشتكي للكبير وهو بقا يتصرف في وقف الحال ده…….”
زفر أحمد بجزع وهو يلتفت لاخته
بنظرة حانقة…..
“خلاص ياسمر كفاية……”
انصاعت الى اخيها وصمتت بوجوم……..ففعلت حبيبة مثله وقالت لامها بصوتٍ مكسور
خافت….
“خلاص ياماما عشان خاطري……”
رفعت صفاء سبابتها وهتفت في ابنتها
بقسوة….
“اخرسي انتي السبب في دا كله…….”
شعر أحمد بالغيظ اكثر بعد معاملته الجافة
لابنتها……فقال ببرود
“جرا ايه يا حماتي……ما تخفي علينا شويه…..”
رمقته صفاء بجمود وقالت….
“انا مش حماتك….. دي حياله قراية فاتحه……”
رد بابتسامة مستفزة……
“بكرة يبقا جواز وعيالنا يقلولك ياتيته وحاجة
اخر حلاوة……..”ثم خرج من السيارة محدث
أخته……..
“سمر هاتي حماتي وتعالي…..وانا هاخد حبيبة ونطلع…….”
خرجت صفاء من السيارة بسرعة قائلة
بضجر…
“يعني إيه تاخد حبيبة وتطلع شايفني إيه
شوال بطاطس قدامك…….”
رد وهو ينظر لحبيبة التي خرجت ووقفت بينهما بحيرة وحزن……
“حاشى لله يا حماتي الاسانسير بس صغير ومش بيطلع غير اتنين……..فهنقسم بعضينا انا هطلع مع خطبتي وانتي مع سمر ها اي رأيك……”
نظرت لابنتها بقوة قائلة….. “اطلع مع بنتي……”
رد أحمد ببرود……
“كان بودي بس انتي مش عارفه الشقة……”
تدخلت سمر بملل قائلة…..
“اطلع يا أحمد واحنا وراكم……..”
مسك كف حبيبة سريعاً ودلف بها من باب البرج ومنه
على الاسانسير مغلق الباب وهو يتنفس الصعداء معقباً وهو ينظر لحبيبة بملل……
“اعوذ بالله…..امك دي…….”
“أحمد…..”نزلت دموعها فور نطق اسمه وكان قوتها خارت أخيراً بعد الابتعاد عن معاملة امها الجافة
ونظراتها القاسية التي تكاد تبتلعها من شدة
هجومها وعنفها….
أقترب منها وضغط على الدور العشرون حتى يطيل
فترة بقاءهم هنا أكثر……..مسكها من كتفها وقربها
منه ثم مد يده و مسح دموعها قائلاً برفق…..
“ممكن تبطلي عياط……هي قالتلك اي ضايقك احكيلي……..”
نظرت اليه وقالت ببراءة……
“مش هينفع…….. عشان متشلش منها…..”
مط شفتيه قائلاً بوجوم…..
“هو بعد عمايلها دي لسه ماشلتش…….”
همست اليه بصوتٍ حزين….. “أحمد……..”
“ياقلب أحمد بطلي عياط……”
اغمضت عينيها وهي تشعر بشفتيه تطبع على جبينها
بحنان يواسيها ببعض الكلمات الحنونة…….حتى ابتسمت بحب و رآحه…وقد طال التصاق شفتيه
على بشرتها…..بينما يداه الاثنين تعانق يداها في تلاحم شاعري جميل لا يحتاج إلا لفرشاة رسام
يوثق هذا المشهد الجميل في صورة متكالمه
كحبهما لبعضهما……
أبعد شفتيه عنها ونظر لعينيها هامساً بعيون تشع عشقاً رغم عبثها الفطري……..
“بعشقك يابيبه…….”
بلعت ريقها وارتجف جسدها وهي تتلون بإبتسامة نابعة من صميم قلبها المدله في حبه……
“وانا كمان يا أحمد…….”
اقترب منها بوقاحة فتراجعت للخلف حتى التصقت بحائط المصعد لتجده يتابع اقتربه حتى اوشك ان تحتك الأجساد ببعضها لكنه توقف في اخر
خطوة…قائلاً بمراوغة……
“وانا كمان يا أحمد……بس….. مفيش بوسة حضن….
اي حاجة كده لحد ما كتب الكتاب……”
حاولت ازحته بكف يدها الصغير
بتردد……
“أحمد أبعد شويه انت لازق فيا كده ليه……”
رفع حاجبه وقال ببراءة…..
“الله !! الاسانسير اللي ضايق مش ذنبي……”مرر
اصابعه على وجنتها….فضربت كفه وهي تقول باعتراض………
“يا أحمد……بس…..”
قال بمداعبه صبيانية…..
“هات بوسه ياصغنن حن عليا…. اشتقنا والله………”
صدح هاتف حبيبة فجأة فنظرت فيه وهي
تصرخ بفزع وكانها رات شبح….
“أحمد يالهووي……..امي بترن…. ”
ابتعد عنها سريعاً وهو يلوح بغضب…..
“لا حول ولا قوة إلا بالله…..لا كده كتير…..دا نظام تطفيش بقا…….”
كبحت حبيبة ضحكتها وهي ترد على أمها……فسحب أحمد منها الهاتف سريعاً ووضعه على اذنه فسمع صفاء تصرخ عليها بغضب…….
(بتعملي اي يامقصوفة الرقبة…… كل ده بتطلعوا
الدور العاشر……)
رد أحمد بغيظٍ مكبوت….. “ياوليه اتهدي بقا…….”
توسعت عينا حبيبة بصدمة وخوف وضربته في صدره فقال مصححاً وهو يجز على أسنانه……
“احم لمؤخذة ياحماتي كنت بكلم جاريتنا ام فاروق
ساكنه في الشقة اللي جمبنا بس إيه وليه لا تطاق قرشانه…..بس احنا تمام وصلنا والاسانسير في
السكه نزلك….. ”
اغلقت صفاء الخط في وجهه فانزل أحمد الهاتف
وكور يده وعض على أصابعه صائحاً بعنف
مكبوت….
“امك دي فضلها معايا تكه……. والله تكه……”
ربتت على صدرها برجاء يشفق عليه
القلب….. “معلش ونبي استحملها……”
نظر اليها بقوة ثم قال
واجماً….
“هاتي بوسه وانا استحملها……”
“تصدق انك رخم……..هو الاسانسير ده بطيئ ولا وقف ولا اي حكايته……”نظرة للوحة المنيرة
امامها وعندما ابصرتها لاحت الصدمة على
وجهها فقالت بذهول…..
“احنا في الدور العشرين…….”
اشاح أحمد برأسه عنها ببراءة مضحكة….
فصاحت تناديه بغضب…..
“أحمد……”
نظر إليها وادعى البراءة……
“انا مالي يابيبه هو اللي بيعد مع نفسه…….”
ضربت حبيبة على وركيها بتوتر أكبر……
“أحمد اقسم بالله هتطلع تجبني من شعري…..
حرام عليك….. ”
ارتفع حاجب وبملامح تنذر بالشر قال….
“متقدرش…….دا اللي يقرب منك انسفه من
على وش الدنيا……”
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت بحنق…
“دي امي على فكرة….”
اتكا على الزر العاشر قائلاً بوجوم…..
“ما دا اللي مصبرني عليها……..انها أمك…..”
وصلا الجميع للشقة وتمت مشاهدة كل ركن بها وقد
انبهرت حبيبة بجمالها فكانت عبارة عن ثلاث غرف
الاول صالون خاص بهما والثانية غرفة للأطفال والثالثة غرفة النوم الخاصة بهما…..وهناك صالة كبيرة مقسم منها ركن لسفرة الطعام وجزء اخر لاستقبال الضيوف الغرباء به…….واساسي بها
الحمام والمطبخ والذي كان بمساحة متوسطة وديكور فخم….موضة العصر………..
كانت جاهزه من كل شيء تتوقف فقط على الدهان وقد تركه أحمد لها حتى تختار ما يناسبها ويبلغ
به مهندس الديكور الذي تكلف بتشطيب الشقة
بهذا الشكل المذهل……….
“وشقة دي قدامها قد إيه على ما تخلص….”
سالته صفاء وهي تسير في انحاء الشقة بتريث
ورغم انبهارها بها إلا انها لم تفصح عن الأمر
قط……
“انا بقالي شهر شغال فيها من ساعة ما شترتها….
وقدامها شهر زيه……..”رد أحمد وهو ينظر الى حبيبة التي كانت عكس امها تتألق ابتسامتها على محياها وتلمع عينيها بالفرح والحماس…..فرؤية شقتها هي وأحمد أحد الأحلام البعيدة التي اتمها ﷲ وأسعد قلبها بها……
” اي رأيك……”همس أحمد في اذانها فابتسمت
اليه بجذل وقد اوشكت على القفز من شدة
الفرح وهي تخبره…..
“حلوه اوي وعجباني اوي أوي…..بجد ذوقك يجنن…المكان والشارع الشقة والديكور….كل
حاجة تحفه…….تجنن…. ”
ارتاح قلبه بعد حديثها فقال بحب……
“ولسه لما تخلص خالص وتتفرش هتبقا
احلى وأحلى…….”
تدخلت سمر قائلة لهما بمحبة….
“ربنا يسعدكم وتبقى وش الخير عليكم……..”
ترددت حبيبة كثيراً قبل ان تسأل امها….
“اي رأيك في الشقة ياماما……”
“مش بطاله…….”ثم نظرة لأحمد وقالت بقوة…..
“وانت بقا معاك مصاريف لفرشها والجواز ولا
هتمد المهلة سنه ولا اتنين…….”
سحب أحمد نفساً عميقا ثم اجابها بصبر خرج
بمعجزة…..
“كله تمام ياحماتي ادعيلنا بتيسير الحال انتي بس وهتفرج…….وبعدين حبيبة وشها حلو عليا دايما والجيب عمران…….”
تدخلت سمر بحنان وهي تربت على كتف اخيها
بدعم مساندة اياه في مسألة الزواج تلك……
“وبعدين كده كدا انا وابراهيم هديتنا ليهم هتكون القاعه وفستان العروسة وبدلت العريس…..وتزويق العروسة طبعاً عليا……يعني هو مش قدامه بس غير يكمل تشطيب الشقة ويجيب الفرش اللي عليه وانتوا الباقي ولا إيه يام حبيبة الأصول محدش يعديها برضو…..”
عندما نظرة اليها سمر ببرود قالت صفاء
بانف مرفوع بغرور……..
“مش محتاجه تقولي انا بنتي مجهزاها من كله… وعزالها الحته كلها هتحلف بيه…..”
تنهدت سمر بملل قائلة بملاطفة
زائفة….
“اصيله يام حبيبة وفي نهاية كله رجعلهم…..”
مطت صفاء شفتيها ببغض وقد اشاحت وجهها
بعيداً عنهم………
……………………………………………………………
بعد أسبوع كانت جالسة خلف مكتبها تنحني على
الحاسوب تعمل عليه بسرعة وتركيز شديد…..
نهضت أحد زملاؤها في العمل الجديد وكانت فتاه محجبة تدعى (منار)قالت لها وهي تحمل الحقيبة على كتفها…….
“اي يا حبيبة مش هتنزلي الكفتريا ترتاحي شويه دا وقت بريك…….”
نظرت لها حبيبة قائلة بابتسامة…..
“هنزل مع أحمد……..”
ثم رفعت كوب النسكافية الخاص بها واخذت منه رشفة وهي تنظر لها من فوق حافة الكوب لتجد
منار تغمز لها قائلة بغل…..
“ماشي ياست چوليت……اوعدنا يارب بروميو
زي أحمد……”
وضعت حبيبة الكوب جانباً وقالت عابسة
“ماتبطلي قر يامنار…….”
ضحكت الفتاة بسماجة قائلة…..
“انا مش بقر انا بحسد…….صحيح فرحكم امتى… ”
قالت حبيبة بهدوء وهي تعود للعمل على الحاسوب……
“لسه والله محددناش………بس قريب ان شآء آلله…”
قالت الفتاة بغيرة واضحة “مبروك ياچوليت…..”
خرجت الفتاة فزفرت حبيبة بقرف وهي تقول ممتعضه……
“ياساتر عليكي…….”
تهللت اساريرها في اللحظة التالية وهي تراه يدخل عليها المكتب بطلته الخاطفة لقلبها ووسامته التي تبعث ذبذبات لجسدها الهش…….
دخل المكتب بصمت وحانت منه نظرة خاطفة على المكتب الفارغ من حولها….فابتسم بعبث وهو يجلس في المقعد المقابل لها ومد يده بغلاظة ممسك كوب
النسكافيه الخاص بها وارتشف منه عدة رشفات
بتمهل ثم وضعه امامها بعد ان أفرغ نصفه
قائلاً بتافف….
“هو حلو….. انا مش قولتلك كذا مرة اني بحبه
سكر زيادة……….”
تركت العمل واحتفظت بالكوب بين كفيها وارتشفت منه هي أيضا وهي تقول بطريقة طفولية…..
“النسكافية دي بتاعي أصلا…….وانا بشربه معلقه واحده…….”ارتشفت منه رشفة فمد هو يده
وسحبوا منها بغلاظة وشرب منه قائلاً
بمناكفة…
“انا بشربه تلاته بعد كده تحطي تلات معالق……”
دبدبت بقدميها بالأرض وقالت بوجهاً
مغتاظ…..
“بطل غلاسة بقا……هات.. ”
ضحك عليها بعدما أحمر وجهها وقاربت على البكاء
فاعطاها الكوب قائلاً بسخرية…..
“طلعتي عيله…..خدي النسكافية بتاعك مش عايز حاجة منك……..”
اعطاها الكوب ولم يبقى منه إلا رشفتين….فشربتهم وهي تقول بحسرة…….
“هو بقا فيه……….خلصته…..”
ابتسم قائلاً بحنان…..
“هجبلك كوباية تانيه على حسابي…عدي الجمايل….”
اومات براسها واجمه….فابتسم أحمد
قائلاً……”مش هننزل نفطر سوا ولا…..”
“عشر دقايق بس وننزل……”عادت للحاسوب
سريعاً تنهي اخر شيء لديها……
فضاعت عيناه العاشقة بها وتأملها لبرهة بجحابها الجميل وملامحها الانثوية الصغيرة بملابسها الانيقة المحتشمه تأملها ملياً في حسن بهائها وبابسط الأشياء مميزة بجمالها الرقيق كطبعها وحبها……..
“هتفضل تبصلي كتير……..في حاجة فيا مش عجباك…… “قالتها دون النظر اليها وهي تخفي
خجلها لكن توهج وجنتيها احمراراً كشفها
عنده…….
قال بصوتٍ شقي عابث….
“كلك عجبني ياصغنن…. ومن زمان كمان……”
عضت على شفتيها تخفي ابتسامتها الجميلة بصعوبة فقال أحمد بشقاوة……
“اموت انا في المدلع…. لم يتقل عليا…… اضحكي يابيبه اضحكي…..انا شوفتها خالص…..”
وكانه اعطى للضحكة الأذن فانفجرة وهي تضع يدها على فمها……. فشاركها الضحكة دون صوت وهو يشعر بقلبه يقفز مع صدى ضحكاتها الجميلة…
وعندما انتهت نظرة اليه فقال هو بهدوء….
“على فكرة انا كلمت ابوكي وآخر الاسبوع….. هاجي أحدد معاد الفرح وكمان كمان يومين كده هننزل انا وانتي عشان اشتريلك الشبكه بتاعتك…..”
اومات برأسها بخجل الأيام تركض من حولهما وقد
اتى اليوم الذي سيحدد موعد الزفاف المنتظر……
رفعت عينيها إليه حينما قال بتردد…..
“يعني بما اننا لسه في أول شهر فانا ناوي اخلي فرحنا الشهر الجاي أكون ظبط اموري وبنسبة
لليوم فانا عايزك انتي اللي تحدديه……”
سالته ببراءة تشع استغراب…
“وليه انا اللي احدد أليوم……”
“قربي مني عشان محدش يسمعنا…..”
نظر حوله بقلب غرفة المكتب ثم أشار لها ان
تميل عليه قليلاً ففعلت بارتياب…… فهمس لها بسلاسة وكأن التحدث في الأمر عادياً بنسبة
لهم…
توسعت عينا حبيبة بقوة وهي تعود للخلف فجاة
ناظرة اليه بقوة تشتبك بصدمة هائلة بعد جملته الوقحة…….
ادعى أحمد الدهشة قائلاً ببراءة وهو يلوح بكفه
امام وجهها المجمد كتمثال من شمع بينما حدقتيها
تكاد تخرج من مكانها من شدة توسعها……
“في اي يابنتي لا حياء في العلم…. لا إلهَ إلاّ الله….
اجبلك ماية بسكر….. حبيبة……”
لم تبدي اي ردة فعل بل ظلت تنظر اليه بصدمة
وعدم تصديق…….
نهض من مكانه ببطء قائلاً بملل بعد ان طال صمتها ونظراتها الغائرة بصدمة….
“لا كده كتير…….انا رايح على مكتبي لما تفوقي من صدمتك ابقي تعاليلي…….”
عندما استدار وجدها تناديه سريعاً قائلة بتردد
وخجل وبحديث مبطن اجابته……
“استنى عندك……..بما ان لا حياء في العلم ياوقح فحدد الشهر الجاي يوم خمستاشر……”
التفت اليها مستفسراً بسفالة….
“هي بتجيلك قبل ولا بعد……..”
لا يعرف كيف ومتى القت بدفترها الصغير في وجهه كل ماشعر به هو اصطدام الدفتر في منتصف جبهته
وصياحها الحانق…….
“انت قليل الأدب……..ووقح……”نهضت عن
مقعدها وركضت خارج المكتب بوجهاً أحمر
وحدقتي تترقرق بهما الدموع…….
حك أحمد في جبهته وهو ينظر لهروبها بدهشة وتمتم بحسرة….
“انا وقح !!…….ينهار اسود امال ليلة الدخلة
هتقولي عليا إيه……احتمال تطلبلي بوليس
الأدب…. ”
ذهب خلفها مدعي الاسى قائلاً….
“استني بس يابيبه مش قصدي حاجه والله…..”
………………………………………………………………
الرزق…..لم يكن الرزق يوماً مال او جاه….. الرزق الأجمل هو الحب العائلة راحة البال والسعادة
الأبدية…
عن شعورها سنحكي…. فتاة وقعت في الحب وهوى قلبها في يد شاب عابث فتعب قلبها واهلك عزمها واستنزف مشاعرها فقررت الفرار لكن مع مرور السنوات اكتشفت ان الحب غالب وطبع في القلب كالوشم فأصبح العذاب في الفراق ، والضياع في لقاء……
كيف عادت إليه وعاد اليها نادماً واعداً إياها بوعود
لا تحصد مقدم قلب لا يتمنى سواها… واتضح بعد العودة انه تعذب في بُعدها وتعلم كيف يكن وفي
في حبها…
أليوم مميز بنسبة لهما فقد أقترب توثيق حبهما بعقد زواج شرعي وستكون بعد نصف ساعة زوجته امام
ﷲ والجميع…….
في فندق ضخم بطراز فخم أنيق وبداخل أحد الغرف
المميزة تقف حبيبة بالفستان الأبيض والحجاب المماثل له والذي التف حول وجهها فازدادت به
جمالاً ورقي مع الكومة البيضاء الانيقة والتي
كانت تبرق كوجهها وعينيها في تلك اللحظة
تلامس الكومه الأرض بدلل كصاحبتها في
الحب……
وفي اللحظة التالية دخل ابراهيم عليها بحلة انيقه وشعراً مصفف يحمل بين يده دفتر المأذون بداخله قسيمة الزواج الخاص بها والتي تتوقف على امضتها…..
اطلقت سمر زغاديد عالية واقتربت من زوجها بفستانها الاحمر الطويل البراق وشعرها الغجري المتدلي خلفها في تسريحة مميزة…. ولم يخفي الفستان هذا البروز المميز في بطنها اثار حملها
بتوائم………
أبتسم ابراهيم لها بعيون توهجت عند رؤيتها فهو
لم يراها منذ الصباح الباكر فقد أخذت مكه وحبيبة
وبعض العاملات معها من صالون التجميل الخاص بها وذهبت للفندق حتى تتمكن من تجهيز العروس كما يجب……..
وربما فكرة الفندق كانت فكرتها وهو كان مرحب جداً بتقديم شيءٍ لهما معنوي اكثر من مساعدة عرسان في مقتبل العمر في خطوة زواج كهذه لا يتخذها الكثير بنفس جديتهما……
إبتسمت سمر وهي تقول بالهفة……
“اي يابراهيم هتاخد امضتها خالص………”
نظر ابراهيم لحبيبة قائلاً بمشاكسة…..
“اي رايك ياحبيبة اخد امضتك ولا امشي المأذون والعريس……..”
ضحكت صديقتيها والعاملات مع سمر….. فاسبلت حبيبة جفنيها وقالت بصعوبة من شدة الخجل….
“اللي انت شايفه يابيه……”
أراد التلاعب باعصابها قليلاً فقال…..
“انا شايف اني انزل امشيهم ونروح بيتنا…. انتي
لسه صغيرة برضو على الكلام ده……”
توسعت عينا سمر وهي تراه يستدير مغادراً وعندما تلاقت اعينهما غمز لها بشقاوة فضحكت وتابعت معه وصلت التمثيل …..
“والله عندك حق……… انا برضو شايفه انهم لسه صغيرين…….”
رفعت حبيبة عينيها بصدمة ناظرة لسمر بقوة
فضحك ابراهيم وكذلك الفتيات خلفه ثم عندما تلاشت الضحكة قال بجدية خشنة……
“طب تعالي امضي قبل ما أغير رأيي……..”
بالفعل مسكت القلم وبدأت تمضي وتبصم في الورقة
وفي الخانة الذي يشير عليها ابراهيم حتى انتهت
فتعالت الزغاريد ودخلت على اثارها والدتها التي دخلت تعانقها وهي تبكي بدموع الفرح…… وكذلك
بدأت مباركة صديقتيها وسمر……
وقبل ان يخرج ابراهيم اقترب من حبيبة وقبل
راسها مباركاً لها بحنان الاخ الأكبر…..
“مبروك ياحبيبة…… الف مبروك يابنت عمي…..”
لمعة عينا حبيبة بدموع وهي ترد عليه بخفوت
وخجل……
“الله يبارك فيك يا ابيه……..”
أبتعد عنها ثم نظر لزوجته والتي اقتربت منه
فهمس هو لها بشوق…….
“وحشتيني……”
ابتعدا عن الضجيج قليلاً وردت عليه
بحب……. “وانت اكتر ياحبيبي……”
كانت عيناه تسبح في بهاء حسنها بينما لسانه
يعاتبها باشتياق….. “مشفتكيش من الصبح……”
“معلش مانت عارف بقا فرح……” ثم ابتسمت
وقالت بشقاوة…… “هيما فاكر يوم كتب كتابنا….. ”
غمز لها بوقاحة لذيذة….
“انا فاكر الأحلى يوم دخلتنا…….”
عضت على شفتيها فأبتعد عنها ابراهيم
قائلاً……
“هنزل الدفتر عشان العريس يمضي…….”
قالت سمر بإبتسامة شقية……
“قول للعريس اختك بتقولك امضي وبصم بذمه…..”
اقتحمت حنين الغرفة وطلت براسها من فتحت
الباب قائلة بمرح….
“متقلقيش دا قاعد تحت مستني على نار…….”
نظر ابراهيم لحنين وللمرآة الانيقة الشقراء التي تدخل برفقتها غض بصره وهو يسلم عليها حديثاً
قبل ان يتجاوزهم…….
“إزيك يام آدم عامله إيه…….”
ردت حنين بابتسامة ترحيب….
“الحمدلله الف مبروك يابراهيم عقبال ماتفرح بمكه…..”
عندما خرج ابراهيم اغلق الباب خلفه فاتجهت
اليهم سمر وعانقتهما بترحيب حار ……قائلة بعتاب….
“والله انتوا اندال انا قايله تيجوا الصبح جايين
زي الغرب بليل……..”
ردت آية بصوتها الاذاعي الرقيق…….
“انا عن نفسي لازم تعذريني انا قايلالك الصبح ان
عندي تصوير النهاردة و والله لسه مخلصه البرنامج من ساعة…..يدوبك غيرت هدومي وجتلك……”
سالتها سمر….. “جبتي ولادك وجوزك معاكي……”
اجابتها آية بإبتسامة هادئة…..
“خالد تحت وطبعاً تالين وتمارا بسنهم ده مستحيل يجوا معايا…. هما مع الداده وخالي فؤاد معاهم كمان….علي بس اللي جه معايا…..ولم قابل مكه تحت قعد معاها هو و آدم…..”
اومات سمر براسها وهي تنظر لصديقة
عمرها….
“طب آية وليها عذرها…… انتي بقا ياحنين……”
انعقد حاجبي حنين بأسى وقالت……
“تعبانه والله ياسمر اعذريني أول شهور الحمل دي مقرفه….وانتي عرفاني الحمل يعني ترجيع وعياط
وقرف…..اسكتي بقا عشان ان عز مستحملني الفترة دي بالعافية…….”
قالت آية بمناكفة لذيذة…..
“الله يكون في عون اخويا بجد ….الغريبة ياسمر انها تقعد ترمي اللوم على الحمل في حوار النكد والعياط وهي اصلا من يوم ما شفتها وهي كده……”
قالت حنين بانف مرفوع بكبرياء…..
“دا عشان انا انسانه حساسه وبتأثر بسرعة…..”
ضحكت سمر معقبها…. “وجهة نظر برضو……..”
ابتعدت حنين عنهم بفستانها الأسود البراق والذي
يصل لبعد الركبة بقليل وكان مرسوم على قدها
بحياء مع انسياب شعرها البني الناعم على ظهرها
وقد اتقنت في وضع زينة رقيقة تناسبها….تلائم
الثوب واطلالتها اليوم بجوار زوجها وامام
الجميع…..
قالت حنين اثناء اقترابها من حبيبة……
“آآه اتسلوا عليا بقا….انا هروح اسلم على العروسة القمر دي…….اي الجمال دا يابيبه الف مبروك……”
عانقتها حنين وهي تقول بسعادة……
“قمر عروسة اخويا وآلله…….عيزاكي تاخدي بالك
من أحمد….دا اخر العنقود ده……حبابنا كلنا… ”
ردت حبيبة بحياء….. “احمد في عنيا…….”
ابتسمت حنين وهي تربت على كتفها….
“وانتي في عنيه والله دا بيحبك أوي…وباين عليه اوي واحنا طلعين نبص عليكي……”
بالخلف نظرة سمر لثوب آية ذات اللون الفيروز
طويل بذيل متدلي من الخلف باناقة كفخامة الاميرات كان التصميم قريب من ثوب سمر
لولا اختلاف الألوان……..
“حلو الفستان يا آية……..بجد……”
ردت آية بمجاملة صادقة وهي تنظر لفستان سمر القرمزي الأنيق والذي يلائمها بشدة وكانه صنع خصيصاً لها….
“وانتي كمان ياسمر اللون الاحمر يجنن عليكي…….”
اومات سمر وهي تلامس فستانها برضا تام
عن اختياره اليوم في عرس اخيها……
“انا بحب اللون دا أوي……..بحسه بيشبهني…..”
زادت ابتسامة آية وهي تقول بود….
“خدت بالي……وخدت بالي كمان ان مكه لبسه
زيك النهادرة……”
قالت سمر وهي تهز راسها باستياء…..
“مكه دي مشركاني في كل حاجة…..لو حطيت روچ عايزه تعمل زيي….. لبست خلخال زيي…. هدوم
زيي…..وفي الآخر ابراهيم بيقولي انتي
بوظتيلي البت…….”
اكدت اية بضحكة عذبة….
“البنات كلها كده تمارا وتالين حالياً بيدخلوا من ورايا يلعبوا في الميكب يقلبوا الدنيا ويخرجوا……”ثم
اخرجت شهقة رقيقة وهي تتجه الى حبيبة
قائلة بتوبيخ لنفسها…..
“بجد انا قليلة الذوق نسيت ابارك للعروسة….”
وقفت امامها آية ومدت يدها وهي تبارك
لها بصوتٍ هادئ….
“الف مبروك ياحبيبة……”
عرفت حنين سريعاً عن آية…..
“دي ياحبيبة آية….اخت عز الدين جوزي…..”
ردت حبيبة بحرج…..
“الله يبارك فيكي….. تشرفنا يامدام آية……”
تبادلا السلام فدخلت في تلك الأوقات عفاف توزع الزغاريد الغالية وهي تقول………
“الف مبروك ياحبيبة بقيتي مرات احمد جمال…. رسمي نظمي فهمي كمان زغارتوا يابنات…..”
اطلق الجميع الزغاريد فاقتربت عفاف من سمر قائلة…….
“اي ياسمر مش هتنزلي امك محتاسه لوحدها تحت……”
قالت سمر ممتنعه…….
“مش هنزل دلوقتي خليكي انتي معاها….
وخالي عارف معاها برضو….”
لوت عفاف شفتيها وقالت بازدراء…..
“عارف ونبي ما نقطني غير خالك عارف ده…تصوري اللي بشكر فيه قدام الناس كلها طلع زي كل الرجاله
وبيبص على الستات من تحت لتحت…….”
حركت سمر راسها سريعاً اليها وسألتها
بشك…. “الله !!…. وانتي شغله بالك بي ليه؟……”
توترت حدقتي عفاف وكانها فتاه في
العشرون…….مع انها في الحقيقة جدة
لحفيده في عمر العاشرة !!…..
“هشغل بالي بيه ليه…انا بقولك بس دا راجل
كبير وصحته على قده…….”
قالت سمر بلؤم متباهية به……
“بالعكس انا خالي دا أسد وقمر كمان بس مشكلته
انه مش لاقي واحده تطلعه من الحزن اللي هو فيه…….”
مطت عفاف شفتيها قائلة….
“ياختي لو كان دور كان لاقها……”
لكزتها سمر في كتفها سريعاً وهي تبتسم
بمكر….
“عندك عروسة ليه….”
نظرت لها عفاف وقد انتبهت للمعة الؤم في
عينيها فقالت بعتاب وحرج……
“اخص عليكي ياسمر…. عمالة تدحلبيني بالكلام..
اه ياسوسه……..”
ضحكت سمر وهي تجاريها في الحديث
قائلة….
“من امتى وانتي حطه عينك على خالي ياعفاف….”
ادعت عفاف الصرامة قائلة……
“احط عيني عليه ليه بتاع إيه…انا بعد المرحوم جوزي مش بفكر في الكلام ده أبداً….”
“عيني في عينك كده…….”نظرة لها سمر بقوة وبادلتها عفاف بتردد فقالت سمر بخبث…..
“المرحوم ميت بقاله خمستاشر سنه وانا شايفه ان كفاية حزن لحد كده…..انا هجوزك خالي واهوه
تداوى جروح بعض وزيتنا في دقيقنا……”
ابتعدت عنها عفاف وهي تقول بحزم….
“ياساتر عليكي ياسمر جواز إيه وبتاع إيه….بعد المرحوم لا يمكن…….انا نزله اقف جمب امك
لحد ما تخلصي……….”
مسكت سمر ذراعها قائلة بلؤم……
“خدي بالك من خالي….على فكرة مفطرش من الصبح لو تعرفي تجبيله حاجة من البوفيه ياكلها
يبقى كتر خيرك اوي……”
رمقتها عفاف بوجوم وقالت وهي تسحب
ذراعها……
“خلاص انتي هتشحطي…..هنزل اجبله…اهو بنادم برضو من لحم ودم….انا نزله…….”
عندما خرجت عفاف تمتمت سمر
داخلها بدهشة…..
“إزاي مخدتش بالي الفترة دي كلها……غريبة اوي
الحكاية دي… ”
يبدو ان الالوان الزاهية اتيه لتعطي روح وشكلاً
لحياتك التي ظننت انا انها لن تتبدد بسبب
وصولك لسن اليأس كما يقال وعدم وجود ونيس معك طوال سنواتك العجاف الطويلة والتي قد
تابعت فيها الحياة بمفردك يائساً متعباً ضائعاً
بعد موت الأحبة …. لكن اليوم علمت علم اليقين ان لا يأس من رحمة الله على عبادة…….العوض ياخالي ياتي…. مهم طال سياتي لكل نفسٍ منهكة يأتي في لحظة يندهش بها المرء ويخر ساجداً من رحمة
الله واحساسه بالعباد……
قال الله تعالى….
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ
لَا يَحْتَسِبُ)
………………………………………………………………
تدق الطبول وتُعزف الزمامير على أوتار الحبيب الواقف في اخر الدرج ينتظر العروس وعيناه
تتوهج بالفرح والحب وهو يراها تنزل برفقة ابيها تتأبط ذراعه بخجل والسعادة تطل من عينيها الزيتونية الكحيلة البراقه بالحب…….كل خطوة تخطوها على الدرج بتمهل يخفق قلبه شوقاً معها
وكانها تسير على حافة قلبه الملتاع…… وصوت الزفة يكمل جمال المشهد وتأثيره عليهما مع الزغاريد الغالية المنطلقه حولهما من الأحبة
كانت جميلة اليوم اكثر من اي يوماً مضى جمالها راقي بريء كثوبها الأبيض وحجابها الناصع وآه من طلتها بالابيض عليه فقد خطفت قلبه اكثر من السابق واعجزت حواسه فظل واقفاً مكانه متسمر ضائع في جمالها يتأملها من أول زينة وجهها الرقيقة مع لفة الحجاب الرائعة حتى اطرف تنورة ثوبها المميز والذي يليق بملكة الثلج……..تلك التي اعطته أكبر درس… في الحياة ألا وهو
(انها هي الحب ولن يكن الحب دونها حباً !..)
رفعت حبيبة عينيها عليه وخفق قلبها بجنون وهي تراه يقف عند آخر درجات السلم ينتظرها بحلة العرس الانيقة والتي ازداد بها وسامة كنجوم السينما
وكانها صممت خصيصاً له حتى يتمكن من خطف قلبها اكثر من السابق…….انتبهت للبسمة الجذابة على محياه وتوهج عيناه بالحب والسعادة وقد لاحظت باقة الورد البيضاء الصغيرة الذي يحملها بين يداه منتظر قدومها حتى تاخذها منه……..
لا تعرف لماذا ترقرقت الدموع بعينيها لكنها شعرت ان السعادة في قلبها كانت أكبر وأجمل مما تحتمل
لذا تجمعت في مقلتيها دموع السعادة والشكر لله على تلك النهاية الرائعة فقد جمعها في نهاية
بالحلال بمن تحب بعد سنوات عجاف من البعد….
ربت والدها على كتفها وهو يهمس لها بسعادة الأب
وعيناه هو أيضاً كانت معلقة بهم دموع الفرح وتاثر بفراقها عنه وانتقالها لبيت آخر……. بيت زوجها….
“الف مبروك ياحبيبة بابا…….”
نزلت دموع حبيبة وعضت على شفتها السفلى فابتسم حامد عندما وصل لأخر درج السلم
احتضن وجهها بيداه وطبع قبل على راسها
ووجنتيها ثم قال بسعادة الأب……
“كبرتي يابيبه…وبقيت عروسة زي القمر…….مبروك
مبروك ياول فرحة دخلت قلبي……”
نزلت دموعها مرة اخرى وقد مسكت يد والدها وقبلتها ثم القت نفسها في احضانه……
تأثر الجميع بهذا المشهد وخصوصاً والدتها التي تقدمت منها كذلك وظلت في احضانها لفترة….
وحينما شعر حامد بسخافة الموقف وبكاؤهما كالاطفال في يوماً كهذا جعل ابنتهما تحزن بدلاً
من ان تفرح……
اخذ حامد يد زوجته وقال بصوتٍ متحشرج…..
“كفاية صفاء……..سيبي البنت تدخل القاعه مع عريسها……”
مسحت صفاء دموعها وانصتت لحديثه وابتعدت….

🦋خاتمة 🦋
مسحت صفاء دموعها وانصتت لحديثه وابتعدت….
فتقدم أحمد منها وأخيراً اتى الدور عليه لمباركة زوجته فقدم أحمد لها باقة الورد بصمت فاخذتها منه بخجل وتوتر….. لتجده يقترب منها ويطبع قبله على جبهتها طويلة حسية عميقة المعاني جعلتها تغمض عينيها ويخفق قلبها بجنون مع لذة اللحظة……..
لتجده يبتعد عنها ناظراً لعينيها الزيتونية يأسرها فتركت لعينيها حرية تأمله اكثر من اي يوماً مضى… فكان وسيم لدرجة ضاعت في نظر اليه لبرهة
لتجده يهمس بصوتٍ أجش…….
“مبروك يابيبه……. بقيتي مراتي على سنة الله ورسوله…….”
ابتسمت حبيبة وضاعت نظراتها الهائمة به أكثر لتجده في اللحظة التالية يعتقل خصرها رافعها
عن الأرض لاحضانه ليدور بها صائحاً بجنون وسعادة…….
“بـــــــحــــــبــــــكــــ………..”
صفق الجميع لهما وصاح اصدقاؤه الشباب بتشجيع
له……وقد اطلق كرم صفير عالٍ وهو يصفق لهما
وكذلك نور التي كانت تقف جواره تتأنق بثوب
أسود طويل يلائم ذوقها الرفيع وترفع شعرها الأسود للأعلى كما امر الغيور خطيبها…….رفعت كف يدها
ونظرة لخاتم الخطبة المزين اصبعها فازدادت ابتسامتها الحالمة جمالاً وهي تلكز كرم بكتفه
بشقاوة تفتن قلبه بها أكثر………
“عارف لو معملتش الحركة دي ياكرم يوم كتب كتابنا هعمل فيك إيه…… لازم تشلني وتعترف قدام الناس كلها انك بتعشقني مش بس بتحبني…….”
نظر لها كرم بعيون عاشقة وقال بمداعبة
الحبيب………
“ما قولنا دايب يانوري مش عاشق بس……”
اشاحت بوجهها وهي تكبح صيحة مجنونة….
فمسك كرم يدها قائلاً….
“تعالي نسلم على العريس والعروسة….”
اتجهت معه داخل القاعة المقام بها حفل الزفاف
ليبدأ الاحتفال كما يجب……….
بداخل القاعة جلست زينب عند أحد الطاولات وهي تمسح دموعها فلكزها اخيها عارف الجالس جوارها
بتوبيخ…
“جرالك اي يازينب…..كفاية نكد النهاردة فرح ابنك……افرحي شوية وبطلي عياط…. ”
نظرة له زينب ثم لابنها الجالس جوار
عروسته……….فمسحت دموعها وهي تقول
بسعادة الأم…..
“فرحانه والله ياخويا بس كان نفسي جمال يكون موجود معانا…. ويفرح بابنه…. شايف ياعارف احمد
زي القمر ازاي بالبدلة ولا عروسته قمر اربعتاشر وهادية وطيبة ربنا يحفظهما ويحميهم
لشبابهم….. ويبعد عنهم عيون الحسود الله اكبر عليهم……… لايقين على بعض اوي ما شاء الله…..”
انهت الحديث بإبتسامة راضية…..
فقال عارف بتاكيد داعياً لهم…..
“ربنا يسعدهم يازينب ويكملها ليهم على خير…”
أكدت زينب بمحبة…..
“يارب ياخويا…..باركة ليه عليه كان بيسأل عنك….”
أومأ عارف براسه….
“هقوم اباركلة هو وعروسته دلوقتي…….”
اقتحمت عفاف الجلسة وجلست جوار عارف
واضعه طبق مليئ بالطعام امامه…..قائلة
بوجوم…..”كُل…….”
نظر لها عارف مشدوهاً……. “نعم……”
قالت عفاف بحنق…..
“سمر قالت انك جعان فجبتلك أكل تاكل لحد مالبوفيه يتفتح……..”
امتنع عارف بهدوء وهو يبعد الطبق عنه
واضعه امامها….
“كتر خيرك ياست عفاف بس مش عايز………”
ارجعت الطبق امامه وقالت بحزم……
“لا هتاكل انت مش شايف ياخويا وشك اصفر إزاي……رم عضمك لحسان تقع من طولك… دا
اليوم لسه في أوله…. ”
ابتسمت زينب متدخله في الحديث بتأكيد……
“انتي كنتي فين من زمان ياعفاف…..دا انا غلبت
معاه دا بيشرب شيشيه اكتر من الاكل والشرب….”
برمت شفتيه اكثر ونظرة له بقوة
قائلة…..
“شيشية مادى اللي جايبك ورا…..كل ياعم عارف….كل………”
ارتعد عارف للخلف قائلا بتوجس
منها….
“هاكل براحة…..الله في ايه ياست عفاف……”
تحدثت عفاف سريعاً بانفعال……
“كل خير…… كل بس لحسان تتعب مننا……انت متعرفش لو جرالك حاجة انا هيحصلي إيه….
قصدي يعني كلنا ممكن يجرالنا حاجة….”
نظر عارف لاخته مشدوهاً فوجدها تنظر له ثم لسمر بلؤم والتي كانت تقف عن بعد برفقة زوجها وحينما التقت عيناه في عينا ابنة اخته الخبيثة فهم المؤمرة المقامة عليه فتوعد لها بصرامة فضحكت سمر وهي تشيح بعينيها عنه ببراءة ناظرة لزوجها الذي يحمل ابنتهم على ذراعه ويدللها كالعادة ……..
…………………………………………………………….
اتجهت شذى وهنا عند الركن الواقف به كرم ونور وقالت شذى بحماسية…..
“اي ياجماعه الفرح السكويتي ده هو احنا مش هنقومهم يرقصوا ولا إيه……….”
صفقت نور مؤكدة بلهفة الفرح…..
“ايوا ونبي ياكرم قوم أحمد وانا وشذى وهنا هنقوم نور…. بس شغلوا اغنية حلوة……”
اوما كرم لهم قائلاً…….
“ماشي يلا بينا…. لحسان فعلاً الفرح بقا كئيب…….”
وصى كرم منسق الحفلة ان يشغل أحد الأغاني المفضلة لدى أحمد……….. ثم اتجه الى صديقه والعروس والذين كانوا غارقين في الهمسات والضحكات حتى توقفا بعد رؤية الجميع يقترب منهم……. قال كرم بابتسامة مشرقة وهو يسحب صديقة لساحة الرقص وكذلك فعلت الثلاث فتيات…….
فساله أحمد بتوجس……
“في اي يابني بتشدني كدا ليه………”
اخذه كرم على جنب هامساً……
“فرحك يابو حميد هس هس ودي مش حلوة في حقك… فين ايام ما كنا بنخربها في الأفراح…
هنيجي فافرحنا ونخيب………”
ابتسم أحمد قائلاً…….
“نخيب اي ياعبيط…… هو انا لازم اصيح عشان
اكون فرحان……..”
“ايوا تصيح وترقص وتهيص مش فرحك ده مين هيصيح ويفرح غيرك……مبروك ياصاحبي…..”ربت كرم عليه وعانقه بمحبة وسعادة حقيقة لأجله…
فبادله أحمد العناق مربت على ظهره قائلاً………
“الله يبارك فيك يابو المكارم….عقبالك ياض….
هشهيصك ففرحك…….”
على الجانب الاخر تحدثت شذى بغيظٍ منها….
“انتي قعده تلوكي تلوكي معاه……. وكانكم مش هتقعدوا مع بعض تاني….. احنا قولنا اي ياحبيبة قولنا هنخربها في فرحك ومش هنبطل رقص……..”
قالت حبيبة ببراءة… “ايوا بس انا مبعرفش ارقص……..”
لوت شذى شفتيها قائلة…….
“ونبي لو تحيه كارويكا لبسه الفستان ده ما هتعرف ترقص برضو……..بلاش تخلقي حجج احنا اتفقنا هنخربها يعني هنخربها…… ”
قالت نور أيضاً بلهفة حالمة….
“ايوا ياحبيبة دي ليلة العمر مش بتتعوض….عقبالي……”
قبلتها حبيبة بود داعيه معها….
“عقبالك ياحبيبتي يارب…….”
قالت هنا ضاحكة…..
“انا بقا كلها شهرين وسبقك………”
تهلل وجه حبيبة بالفرح وربتت على كتف صديقتها
قائلة بمباركة……..
“مش هنسيبك برضو ياهنون هبقا معاكي انا وشذى…..”
صدحت الأغنية حولهم وقد أقترب أحمد وكرم منهم وكذلك الفتيات وبدأ الغناء والرقص…….
(حلوة وبتحلي أى مكان وتنوره
والله ما تلاقوا زيها لفوا الدنيا ودوروا
دى جمالها معدى واللى يشوفه بيقدره
والله ما تلاقوا زيها
زيها مين بتهزروا……..)
مسك احمد كف حبيبة وادارها عدت مرات وهو يغني مع الاغنية بسعاة……
(تؤمر تتأمر ما هى دى اللى عليها منمر
طبعاً حقها تدلع، تتبغدد قوى، تتمنع…..)
مسك كرم كف نور أيضاً ورقص معها وهو يشارك أحمد الغناء للاميراتين الجميلتين واللتينِ خطفوا قلوبهم منذ أول لقاء………
(قصاد الغمزة إحنا تلامذة، قصاد المشية إحنا الحاشية
ودى السلطانة وتتسلطن، نغنى معاها ونتسلطن
قصاد الغمزه إحنا تلامذه، قصاد المشية إحنا الحاشية
ودى السلطانة وتتسلطن نغنى معاها
ليل يا عين يا ليل يا عين يا ليل
عين يا ليل يا عين يا ليل يا عين…..)
مسك أحمد كفي حبيبة ونظر لعينيها وهو يردد مع الأغنية بشقاوة وهي تموت خجلاً وسعادة من جمال اللحظة بين يداه وتمنت كثيراً ان يقف عمرها هنا ولو قليل ولا تنتهي أجمل اللحظات بينهما……..
(الورد إتنقى بالواحدة عشان خدها
يا جماعة مش ممكن لأه
دى لا قبلها ولا بعدها
مبتدلعش ما هي دلوعه لوحدها
الرقه يا ناس ربانى
ربانى يا ناس بُعدها…..)
بأخر جملة ضحكت حبيبة بقوة وهو أخذ باله من الجملة فغمز لها سراً…..وجواره ردد كرم باقي الأغنية امام عينا نور والتي كانت تتمايل امامه بتناغم وسعادة مع اوتار الموسيقى……
(أنا مش هتكلم أنا رافع إيدى مسلم
القد يا ناس يتدرس منه الغزلان تتعلم
ده أنا مش هتكلم أنا رافع إيدى مسلم
القد يا ناس يتدرس منه الغزلان تتعلم……)
تبدلا الشباب الرقص فاصبحت حبيبة ونور والفتيات مع بعضهن والشباب في الجزئية الأخرى وصياح الشباب كان أعلى وهما يرددون الباقي من الأغنية……
(قصاد الغمزة إحنا تلامذة، قصاد المشية إحنا الحاشية ودى السلطانة وتتسلطن نغنى معاها ونتسلطن قصاد الغمزة إحنا تلامذه، قصاد المشية إحنا الحاشية ودى السلطانة وتتسلطن نغنى معاها
ليل يا عين ياليل يا عين يا ليل
عين يا ليل يا عين يا ليل يا عين…….)
ضحكت حنين وهي تشاهد ما يحدث من بعيد وقد عانقت ذراع عز الدين معقبه بجذل…….
“بحب اوي الافراح اللي من نوع ده……العريس الفرفوش دا رزق…….. واحمد طول عمره عسل…….”
رفع عز الدين حاجب مكفهر….. “والله…….”
انتبهت لما قالته فعدلت الحديث قائلة بمحبة
الأخت….
“مش قصدي ياحبيبي….انت عارف انه عندي زي محمود اخويا….انا قصدي يعني انه ماشاءالله عليه بيعمل بهجة وجو في اي حته بيبقا فيها…ربنا يسعدهم حبيبة كمان بنوته جميلة ورقيقة
وتستاهل كل خير……”
لمح عز الدين سر الحزن في عينيها فهمس في اذنه
مقترحاً بتطيب خاطر تعويضاً عن بدايتهما
معاً……
“تحبي أعملك فرحك زي دا ياعيوني ونرقص انا وانتي فيه للصبح…….”
رفعت راسها اليه قائلة ببتسامة حانية……
“موافقة بس يكون انا وانت بس مفيش حد معانا…..”
أحاط خصرها بيده متكأ عليه وهو يقول بنبرة
لعوبة…..
“يبقا تحضري نفسك للمفاجأة اللي مستنياكي
ياعروسة…”مالى عليها وقطف قبلة من
وجنتها…..
اسبلت حنين جفنيها وعضت على شفتيها
هامسة……”عز……..”
رد سريعاً بحرارة وهو يعود بنظر لعينيها الشبيهة بالوزتين طازجتين…. “ياعيون عز……..”
قالت بتوله وهي تعود لعسليتاه الضاريه
بحب…….. “بحبك………”
سارت عيناه على خطوط وجهها بتأني عاشق ثم همس حينها بلوعة الحب….. “وانا بموت فيكي ياعيوني…….”
وجد من يشده من ساق بنطاله فنظر للأسفل بحنق
ليجد آدم يبتسم له بسماجة قائلاً…….
“بابا عايز أروح الحمام……..”
اندهش عز الدين قائلاً……. “دلوقتي……..”
رد الصغير بحاجب معقود ببراءة…
“أمال كمان شوية……..”
نظر عز الدين لحنين فضحكت وهي تشيح
بوجهها عنه…
فجز على اسنانه وهو ينظر لابنه بغيظٍ……..
“امشي قدامي يالمض……..”
بعد ان اخذ خطوتين تقابل هو وابراهيم في
منتصف الطريق و الذي عقد حاجباه
سائلاً……..
“اوعى تقولي انك ماشي……”
رد عز الدين بنفي قائلاً……
“لا ياسيدي لسه شويه…..آدم عايز يدخل الحمام……”
اقترح ابراهيم بهدوء…..
“خليك طيب هنادي على حد يدخله…….”
هز عز الدين راسه رافضاً وهو يداعب شعر ابنه
بحنان……
“لا مش لازم انا هوديه وهرجعلك عشان في حوار في الشغل عايز اكلمك فيه……”
اوما ابراهيم بفتور……. “خلاص هستناك……….”
عندما ابتعد عز الدين برفقة ابنه سالت حنين
ابراهيم بهدوء….
“ابراهيم هي فين سمر مش شيفاها من ساعة
ما نزلنا……..”
بحث ابراهيم عنها بعيناه قائلاً……
“كانت هنا من شويه تلاقيها بتسلم على حد من
ضيوفها…..”
أشار أحمد لامه وسمر ان يتقدما من ساحة الرقص ففعلوا وصدحت بعدها اغنية هادئة بسيطه عميقة المعاني إهداء لهما الإثنين وقد اتخذت حبيبة والفتيات ركن للمشاهدة وعلى الناحية الأخرى وقفت سمر وامها جوار بعضهما ليجدا أحمد يمسك يد كل واحدةٍ منهن ويردد مع الاغنية التي جعلت الدموع تترقرق في مقلتيهما …..
(بعد الحب ده إيه إللي تعمل كل ده تستاهل إيه
بعد الحب ده إيه إللي تدي حنان كده من غير حساب
نبوس التراب إللي ماشيه عليه……)انحنى قليلاً وقبل يد والدته ثم يد اخته الكبرى تكريماً بسيط لهم على كل شيء جميل فعلوه لأجل ان يصل لهنا……..
فلم تقاوم زينب رغبتها الشديد في ضمه لصدرها
وبالفعل شدته من ذراعه لاحضانها تضمه بحنان وهي
تبكي بدموع الفرح والحب والفخر بابنها… فبكت سمر بتأثر وهي تشاهدهما لتجد أحمد يسحبها لاحضانه أيضاً وبقى ثلاثتهما متعانقين في رباط أسري متين…..فاكتملت كلمات الأغنية بنفس الوتر الرقيق الحسي……..
(أمي ثم أمي لحد آخر يوم في عمري حضن من أول حياتي وهمه همي إللي كتر خيرها داب خيرها في دمي وعايش فيه
اعمل لها تمثال إللي طيبة قلبها فوق الخيال
اعمل لها تمثال إللي سهرت وإللي تعبت وإللي ربت
وإللي شالت حمل جبال أمي ثم أمي لحد آخر يوم في عمري حضن من أول حياتي وهمه همي….)
صفق الجميع بتأثر والبعض نزلت دموعه من شدة المشاعر المختلطه بين المشهد والالفة والدفء
المشع من ثلاثتهما مع كلمات الاغنية التي تطرب الأذان وتمس القلب من شدة جمالها ومعانيها العميقة……
………………………………………………………………
اقتربت منه بفستانها ذات اللون الفيروزي الرقيق
ووقفت جواره وشبكت اصابعها باصابعه في عناق
محبب لقلبه فنظر لها بعيناه الخضراوين شهوانيتين بالفطرة وقد طال النظر اليها حتى تبسمت شفتيها السخية وعيناها العسلية أيضاً قائلة برقة…..
“شكلك زهقت…….”
مط شفتيه مدعي الأسى……
“كل عشان خاطر عيونك يابسكوته…….انا أصلا في مكان معرفش حد فيه…….”
انعقد حاجبيها متذكرة…..
“بس انت قولتلي انك تعرف ابراهيم راضي…..وكان في بينكم شغل قبل كده……”
رد خالد موضحاً…….
“دي كانت مرة وماتكررتش تاني….وبعدين في الاجتماع مقعدتش معاه غير نص ساعة…..هعرفه إزاي عشان اجي فرح بنت عمه……”
عضت آية على باطن شفتيها قائلة….
“دا واضح اني ضغطه عليك أوي…..بس والله سمر
عزمتني وعزمتك……”
ابتسم خالد وترك يدها وعانق خصرها بذاعه
قائلاً بتوله…..
“انا مش مضايق يا آية….انا مبسوط اني معاكي…
لو في اي حته…….اهم حاجة اني معاكي….”
ابتسمت آية بحب فقال خالد مداعباً اياها بهمس
وعيناه الخضراء تلمع بخبث….
“وحشتني حصص النحو معاكي يابسكوتي….. مش ناويه تحني عليا وتاخدي حصة معايا……..”
قالت بشقاوة تجاريه حديثاً ونظرات….
“افكر ياستاذي………”
اتكا على خصرها في الخفاء بوقاحة…..
“ماتيجي نفكر انا وانتي في بيتنا……. اي رأيك…”
اقترحت بهدوء…… “تحب نمشي….”
زفر خالد مجيباً بصراحة…..
“ياريت….. بصراحة زهقت وعايز امشي… واديني صبرت ساعتين بحالهم لو مش كفاية بنسبالك…
وحبى تكملي السهرة مع صحابك هـ……”
قاطعته آية بدهشة قائلة….
“اي هتخليني اكمل السهرة وتمشي !!……”
أسر عينيها بنظرات قائلاً…..
“انا اقدر هستناكي يايويو……. انا اسيب كل
حاجة ولا افرط فيكي تاني……”
“حبيبي…..” اقتربت منها وطبعت قبلة على
وجنته ثم ابتعدت عنه قائلة بابتسامة حانية
راضية……
“انا هاجي معاك كفاية كده…. ادينا عملنا الواجب… وجيت عشان سمر متزعلش خلينا نروح عشان
أطمن على البنات……..وعلي يلحق ينام عشان المدرسة…..”
نظرت آية خلفها لتجد ابنها يرقص مع مكه
الصغيرة على اوتار اغنية غربية محاول بمهارته في الرقص ان يراقصها بشكلاً متقن لكن الصغيرة
كانت تتعثر أحياناً وأحياناً تتوقف عن الرقص وتظل تضحك عليه فكان وسيم بالحلة السوداء الصغيرة والشعر الاشقر والعيون الخضراء وحركات ساقاه ويداه مع الموسيقى الغربية تجعلها تقهقه عالياً
مما جعل علي يسألها بحيرة…..
“مش بتحبي رقصة التانغو…….”
قالت مكة ببراءة…… “بحب حكيم……..”
لاحت البلادة على وجهه فسألها…
“إيه !!….. دي رقصة…….”
هزت مكه راسها ولم تجبه….. فقال علي بيأس….
“طب تعالي نلعب….. انا ممكن اجري وراكي
واشوف همسكك ولا لا……..”
اومات الصغيرة برأسها بالموافقة وركضت بفستانها الأحمر الجميل بين الطاولات فركض علي خلفها يحاول الإمساك بها لكن اثناء ركضهما خبطت
الصغيرة في ساق أبيها الذي حملها سريعاً قائلاً
بتوبيخ لها……
“احنا قولنا اي ياكوكي….. مش قولنا بلاش جري عشان متقعيش……..”
اشارت الصغيرة بيدها الى الأسفل قائلة….
“علي…..”
“مين ده…..” قالها ابراهيم وهو ينظر في الاسفل ليجد طفل أنيق في عمر السابعة تقريباً بحلة صغيرة سوداء وشعر اشقر ناعم مصفف باتقان للخلف… وعيناه خضراوين براقتين…….. طفل مهندم وأنيق وسيم…..عندما وقعت عيناه عليه ظن لبرهة انه يصور إعلاناً هنا ؟!…..فهذا الطفل الاشقر مستحيل
ان ينتمي لأحد من العائلتين اطلاقاً !!…
تردد علي قبل ان ينظر الى ابراهيم
قائلاً ببراءة….
“ممكن إلعب معاها…….”
رفع إبراهيم حاجبه سائلاً
بخشونة….
“وانت مين بقا…… وتبع مين بظبط……”
رد الصغير بهدوء بريء…..
“انا علي…… علي خالد فؤاد العربي……”
رفع إبراهيم عيناه للأعلى بتذكر…..فالاسم هذا تردد
امامه اكثر من مرة في العمل لكن اين؟……
“خالد فؤاد العربي…… آآه عرفتك….. طب فين أبوك انا مسلمتش عليه…. هو جه معاك؟…….”
اوما الصغير وهو يشير لأحد الزوايا
البعيدة….
“ايوا بابا واقف هناك هو ومامي… ممكن العب
مع مكه……”
ساله ابراهيم بغيرة الأب…
“وانت تعرف مكه منين بقا……”
رد الصغير ببراءة مطلقة……
“هي البيست فرند بتاعتي…. بنلعب سوا لما طنط
سمر بتيجي النادي…….”
لوى ابراهيم شفتيه واجماً مردداً……..
” سمر بقت طنط !!…..ومكه بقت البيست فرند بتاعتك ماشاء الله !! واي كمان…. ”
توتر الصغير من هذا الكائن الضخم و الحاد
شكلاً وطبعاً فقال ببراءة…..”ولا حاجة……”
انزل إبراهيم ابنته أرضاً بحرص ثم جثى على
ركبتيه نازلاً لمستوى الصغير وقرب راسه منه
قائلاً بخشونة جادة…..
“انت راجل مش كده……”
اوما علي سريعاً بتأكيد…….ربت ابراهيم على
كتفه قائلاً…….
“هسبها معاك وهروح أسلم على أبوك وهاجي تاني اياك ثم إياك تخليها تتحرك من مكانها….بلاش
تجريها عشان محدش يخبطها او تقع منك…فاهم.. ”
اهتزت حدقتي الصغير برهبة لكنه هز راسه
سريعاً بالموافقة…….فاضاف إبراهيم
باستحسان……
“شاطر لو سمعت الكلام هخليها تلعب معاك شوية……..”ثم ضيق عيناه واضاف بغيرة
الأب….
“بس متقوليش البيست فرند بتاعتي عشان انا بنتي مش بتصاحب ولاد ومش بتاعت حد….سااامع……”
اوما الصغير قائلاً بارتعاد…..
“اوكي يأنكل…….”
عاد الاستهجان يلوح على وجه ابراهيم فعقب ممتعضاً وكانه يحدث رجل راشد…..
“انكلّ…..انا انكل….. وسمر طنط.. ومكه بيست فرند……انت مش هتنفع معانا…..فبلاش تفكر مرتين…… ”
ساله علي ببراءة….. “مش فاهم يأنكل……..”
زفر إبراهيم قائلاً بسخرية…..
“بكرة انت تفهم وانا افهم…. والبست فرند
دي تفهم……..”نظر لابنته ثم أمرها بحزم…
“مكه خليكي وقفه مكانك هنا جمب علي….
لحد ما اجي…….”
اومات الصغيرة وهي تقف جوار علي وتشبك يدها بيده ففصل ابراهيم ايديهما عن بعضها سريعاً
قائلاً بغيرة وهو يحمل ابنته على ذراعه مغير
رايه فوراً……
“انتي بتمسكي ايديه !…. وقدامي كمان والله ولا
ما هتقعدي معاه ثانية واحده بعد كده…….”
ثم أشار للصغير ان يسير امامه وقال بجدية….
“قدامي ياستاذ انت وريني ابوك فين خليني
أسلم عليه……..”
عندما سار الصغير امامهما نادت الصغيرة على ابيها الذي يحملها على ذراعه ويرفض النظر اليها
واجماً …….. “بابا……”
نظر لها قائلاً بغيرة جميلة……
“ولا كلمة بتمسكي ايد الواد قدامي انتي اتهبلتي يابنت سمر……..”
ضحكت الصغيرة ودفنت راسها في عنق ابيها
وكانها أحبت غيرته عليها كأمها تماماً……فضحك ابراهيم دون صوت وربت على ظهرها بحنان
قائلاً بهمساً مجهد…..
“آآه يامكه امال لما تكبري هتعملي إي فيا…..”
وصل إبراهيم لخالد فرحب به قائلاً بود….
“نورت ياخالد بيه المكان……والله لسه عارف بوجودك دلوقتي من ابنك…….”أشار على علي الذي اتجه ووقف بين امه وابيه وعيناه معلقة على مكه التي تنظر اليه وتبتسم ببراءة جميلة تخطف القلوب
بشعرها الأسود الناعم والذي يلامس عنقها بجمالا
وبه مشبك شعر موضوع على جنب على هيئة
جنية حمراء الثياب إضافة للفستان الأحمر الرائع والاسوار الحمراء الصغيرة المعلقة في ذراعها كما
تحب الصغيرة…….كانت جميلة بشكل يفتن القلوب والعيون….. كانت تشع شيءٍ فطري يجذب الجميع لها….. مما جعل آية تمد يدها تداعب وجنتها
بمحبه قائلة له بلطف……
“كوكي عامله إيه….والقطه بتاعتك فين سبتيها
في البيت……”
اجابتها مكه ببراءة…..
“بسبوسة نايمه…….”
كادت آية ان تخرج قلوب من عينيها وهي
تحدثها…..
“بسبوسة دي قمر وانتي قمرين….”ثم نظرت آية لابراهيم قائلة بمودة…….
“ربنا يخليهالك……..مكه دي بونبوناية زي مامتها….”
اوما إبراهيم مردد التحية…
“الله يخليكي…..ربنا يباركلك في ابنك…اتشرفت بمعرفتك يامدام…….”ثم نظر لخالد قائلاً بهدوء…
“المكان مكانكم……. يعني مش محتاجين عزومة
ولا إيه…..”
تدخلت آية قائلة بود…..
“طبعاً يابو مكه احنا أهل…….”
عندما ابتعد إبراهيم بابنته التي لوحت لعلي
بوداع مؤقت….مما جعل علي يهتف
لوالديه بوجهاً عابساً بعد ابتعادها عنه
“انا مش بحبه يا آية…….”
رفعت آية عينيها عليه بدهشة….
“لي بس ياعلي……”
عقد علي ذراعيه امام صدره قائلاً…..
“مرضاش يخليني إلعب مع مكه لما قولتله انها البيست فرند بتاعتي…….”
صعق خالد مما سمع فأدار رأسه لابنه محدقا به
بقوة متسائلاً بصدمة……
“انت قولت لابوها ان بنتك تبقا البيست فرند بتاعتي ؟!…….”
قالت آية بفتور…. “اي فيها ياخالد عادي…….”
زفر خالد قائلاً بحنق بالغ…..
“عادي إيه…….دا ابراهيم راضي…دا انا قعدت معاه نص ساعة في الاجتماع فهمت دماغه….دا راجل
من زمن الحرافيش……..مش بيتعامل غير
بنبوت……..”
عقب علي سائلاً امه
بتعجب…
“يعني اي يامامي نبوت…….”
نظرت آية لعلي بحيرة ثم عادت لخالد سائلة
بنفس براءة ابنها……
“مش عارفه……يعني اي ياخالد؟……”
تحرك خالد خطوتين قائلاً…..
“لا دا موضوع يطول شرحه نكمل كلامنا
في السكه واحنا مروحين………”
دب علي بقدمه على الأرض قائلاً
بتزمر طفولي…
“بس انا عايز العب مع مكه يابابا……”
مسك خالد ذراع ابنه ومالى عليه هامساً
بدهاء……
“مش قدام ابوها ياعلي….لم تحب تتشاقى
اتشاقى في الدرا…….”
هتفت آية من خلفهم
بحنق…..
“انت بتقوله اي ياخالد……”
نظر لها خالد قائلاً بحزم…..
“كلام رجالة ملكيش دعوة انتي…….يلا بينا… ”
خرجوا امامها فلحقت بهم آية وهي تهز راسها باستياء وتجهم فالابن وابيه نسخة متطابقة مهما انكرت دماء الخولي الممزوجة بحب النسوة تجري في عروق رجالها…..وتتوارثها الأجيال !!….
…………………………………………………………….
“انتي فين ياسمر……مش عارفه اتلم عليكي….”
استدارت سمر ناظرة الى ابراهيم متجهم الملامح
فقالت بقلق وهي تفصل آخر خطوتين بينهما
وتتقدم منه……..
“في اي ياحبيبي مالك…….شكلك مضايق…..”
“مفيش……”اعطاها الصغير لتحملها وقال بجدية
والغيرة تشع من عيناه الحادة…
“خدي بالك من بنتك ومتسبهاش مع اي حد…..”
انعقد حاجبي سمر بتعجب…..
“اي حد مين ما كلهم قريبنا……سبها تلعب مع ولاد
رحمة ولا رباب…….”
زمجر بخشونة قائلاً……
“مش عايزها تلعب مع ولاد خالص…قولتلك خدي
بالك منها…….”
ضحكت سمر مشدوهة من تصرفه الغريب
المبالغ فيه….. وسألته…..
“جرالك اي يابراهيم……مالك بس…….”
لم يرد عليها بل أشاح بعيناه بوجوم…فنظرت
لابنتها متسائلة…….
“في اي ياكوكي……..مالوا بابا…….”
ردت الصغيرة باختصار شديد……
“علي…….”
“علي هو فين……..”ثم نظرة لإبراهيم وارجعت
راسها للخلف بتفهم……
“هو دا اللي مضايقه غيران عليكي يعني……”
وفي نفس اللحظة تقدم مصور الحفل ووجه عدساته
نحو سمر فلاحظ ابراهيم ما يفعله سريعاً فاتجه اليه بخطوات غاضبة وانزل الكاميرا بكف يده حتى
تصور الارض ثم نظر للمصور بعدائية عنيفة
وكانه غريمة…..
مما جعل جسد الرجل ينتفض بخوف امام
هذا الهجوم الغريب وحدثه بتلعثم…..
“في اي ياباشا…….انا بشوف شغلي…….”
تشدق ابراهيم بغضب…….
“شوف شغلك هناك عند العريس والعروسة….محدش قالك ان احنا عايزين نطلع في الفيديو……..”
تحدث الرجل بسماجة موضحاً……
“ياباشا الكاميرا لازم تجيب كل الحبايب هي مش الانسة اخت العريس برضو………”
توسعت عينا ابراهيم بغضب بالغ وهز كتف
المصور هادراً………
“آنسه !!…..ليه انا والعيله اللي على درعها دي شفافين بنسبالك…..”
نظر الرجل اليه ثم للصغيرة التي تحملها سمر على ذراعها….. ثم قال بارتياع…
“لمؤخذه ياباشا معرفش انها المدام…….”
خبط ابراهيم على كتف الرجل عدت مرات قائلاً بهمجية….”اديك عرفت شوف شغلك بعيد عننا……”
ابتعد الرجل سريعاً عنه……فاتجه ابراهيم اليهما
بملامح خشنة وعيون متوعدة فكانا الإثنين معاً
هالة من الجمال والانوثة متطابقتين شكلاً وروحاً
وشقاوة بالفساتين الحمراء التي ازدادا بها جمالاً
وجاذبية إضافية……ماذا يفعل في نساء عائلته……يبدوا انه بحاجة للتوائم الأولاد حتى يساعدوه في حماية نسائة عند غيابة………
“اعمل اي فيكم انتوا الاتنين اعمل إيه……”
ابتسمت سمر معقبة
بمحبة….
“خليك كده دايما سندنا وضهرنا…….”
زم شفتيه بحنق شديد قائلاً بصرامة….
“الكلام دا مش هياكل معايا….الفستان اللي انتي لبساه ده هحسبك عليه لما نروح…..لا وملبسى البت
زيك هلاحق على مين ولا مين فيكوا…….”
قالت سمر بدهشة…….
“الله مالوا الفستان ماهو طويل وواسع اهوه
وبعدين انا قسته قدامك من يومين وكان عجبك ووفقت عليه اي اللي حصل بقا…..وكمان فستان
مكه كان عجبك وقولتلي ان حلو…….”
لم يرد عليها ابراهيم وظل واجماً بملامح صلبة فضحكت سمر وهزت راسها باستياء
قائلة…..
“جرالك اي ياهيما…….طلعت غيور اوي……”
رد سريعاً باللهجة حاسمة……
“وليه مغرش…….اللي بيقا عنده اتنين زيكم لازم يغير…….مفيش أفراح بعد كده لا ليكي ولا ليها…”
رفعت حاجبها بتمرد…… “هتحبسنا يعني…….”
أكد بنبرة خشنة……
“ايوا روحي قعدي جمب امي وامك واوعي
تتحركي من مكانك لا انتي ولا هي سااامعه……”
ابتسمت سمر ببرود قائلة بسخرية……
“انت تؤمر ياسي ابراهيم……..تحب اربط نفسي بالكرسي ولا استناك تيجي تربطني انت…….”
هتف بحنق…… “سمر……..”
زفرة بوجوم وهي تدير وجهها بعيداً
عنه بتبرم….
“خلاص هربط نفسي بنفسي…………اووف…..”
ضيق مابين حاجباه ومسك يدها
قائلاً….. “انتي نفختي……..”
هزت راسها سريعاً بخوف….
“محصلش انا كنت بتنفس عادي…….”
ترم يدها قائلاً بأمر….. “طب على التربيزة يلا……..”
ابتعدت عنه بخطوات غاضبة وعندما وصلت
للطاولة الجالسة بها والدتها وحماتها جلست
على أحد المقاعد جوارهم بعصبية بالغة ثم
وضعت ابنتها امامها على سطح الطاولة…..
فسالتها نوال بقلق عليها……
“مالك ياسمر جايه قلبه وشك كدا ليه……”
قالت سمر بشفتي مقلوبة
بعصبية……
“كله من ابنك وغيرته وتحكماته……..انا زهقت….”
ضحكت نوال عليها وقالت……
“جرالك إيه…انتي اول مرة تعرفيه….دا انتوا عشرت سنين…….”
هزت زينب راسها قائلة باستياء……
“قوللها ونبي يانوال ريقي نشف معاها….ياهبلة دا بيحبك وبيغير عليكي………”
زمت سمر شفتيها وافصحت
بجهد……
“وانا كمان بحبه بس مش كده……”
ضحكت نوال اكثر وقالت بلؤم…..
“انتي كمان بتحبيه وبتغيري عليه اكتر من كده…
يابت دا انا بقيت حفظاكي اكتر من بناتي…..”
عقبت سمر بأسى…..
“دفعي ياماما دفعي ماهو ابنك في الآخر……”
ربتت نوال على كتف سمر قائلة بحنان…..
“هو ابني وانتي مراته وام حفيدتي……دا انا بقعد اتكلم معاكي اكتر منه…….”
لمعة عينا زينب بدموع فقالت لها بود…..
“ربنا يباركلك في صحتك وعافيتك يانوال وتفضلي
محوطه عليهم كده دايماً……”
نظرت لها نوال داعية لهم بمحبة……
“انا وانتي يازينب ياختي هما ليهم مين غيرنا يعني ربنا يهديهم ويخليهم لبعض…ويبارك في عيالهم.. ”
حانت نظرة من سمر على ابراهيم الذي كان يقف
عن بعد وعيناه معلقة عليها يحاصرها بنظراته
بقوة تربك قلبها في حضوره…فالقت عليه نظرة
استهجان وابعدت عينيها سريعاً عنه…..ولم تلاحظ ابتسامته الخبيثة التي تحكي عن انتصاره العظيم
كلما راوض جموحها ولو قليل……
فرغم عشقه لشراستها وتمردها إلا انه يهوى ترويضها كما يريد وكم يحب ويذوب في غرامها حينما تنساق
مغمضة خلفه راضية بهذا الترويض وكانه علاجها معه !!……..
فهو يعلم منها دون كلام انها تريد من يكن الاشد منها قوة وعناد وفي نفس الوقت يفرد جناح
الحماية عليها ويراوضها بحب…..وهو رغم طباعة الحادة وتصلب راسها أحياناً معه يظل الحب قائم بينهما دون منازع………وهو يفعل هذا دون ان يمس كبرياؤها الأبي…….فهو عاشق للأبية وكل ما بها يظل بهي أبي يسعد قلبه ويزداد عشقه بها……
……………………………………………………………
ضحكت حبيبة واشاحت براسها للناحية
الأخرى قائلة بخجل….”احمد بس بقا……”
ابتسم أحمد ومسك يدها الرقيقة بين قبضة يده الكبيرة قائلاً بهمسٍ أجش……
“بحبك يابيبه بحبك اوي….. ومش مصدق ان
احنا مع بعض…….. احنا بجد النهارده فرحنا…….”
قالت ببسمة اندهاش….. وهي تنظر حولها…..
“بعد كل ده وبتسأل في اثبات اكتر من كده……”
نظر لها قائلاً بوقاحة وجدية……
“فيه لما اخدك في حضني والمسك براحتي من غير ما عيب يا احمد والناس يا أحمد…….بعد كده مسمعش غير اومرك ياسي أحمد… ”
رفعت حاجباها باستنكار…
“سي أحمد !!……. انت عايش في بين القصرين
ولا إيه….”
رد أحمد بحزم زائف…..
“هو دا اللي عندي اذا كان عجبك…..”
ابتسمت ولم ترد عليه…..فقال هامساً بمرواغة…..
“بطتي……”
نظرت اليه بتردد والخجل يزحف لوجنتيها بقوة
فقال بنبرة لعوبة شقية……
“هتموتي يابطتي النهاردة…….. هتتاكلي أكل……..”
شهقت دون صوت واشاحت بوجهها هامسة
بخجل صارخ……”يا احمد بس…..”
رفع كف يدها الى شفتيه وطبع قبلة داخله هامساً بعدها بحب وعيون تشع عواطف جارفة…..
“بحبك يابيبه……… بموت فيك ياصغنن……”
جن قلبها في خفقات متسارعه فابتسمت لعيناه
بحب قائلة…….
“وانا بموت فيك ياحبيبي…….” ثم عوجت شفتيها قائلة بميوعة زائفة…… “ياسي أحمد…….”
ضحك لها أحمد غامزاً لها بشقاوة…..
“على هادي يامدلع مش كده…… ”
ضحك الاثنين معاً وظلت ايديهما مشتبكه ببعضها بتناغم جميل…….. حتى اتى مهنئاً لهم لم يكن أبداً في الحسبان رؤيته هنا الآن لكنه اتى وجعلهما للحظة يتركوا ايديهما ناظرين له بصدمة وتردد……..
وقف أحمد ولحقت به حبيبة وحدقا في هذ الضيف… الذي اتى بحلة أنيقه ومظهر مهندم رافع راية السلام لأحمد قائلاً بنبرة صافية اصابتهما بالدهشة لدقيقتين……
“مبروك يا احمد….. الف مبروك يابشمهندسة……..”
نظر أحمد وحبيبة لبعضهما ثم ليوسف وكان أول من تحدث بعد ان ذأبت الصدمة من عليه أحمد الذي تبادل معه السلام باليد قائلاً بترحيب فاتر ومزالت الدهشة تلوح في عيناه وصوته…….
“الله يبارك فيك يايوسف عقبالك………”
لم ترد حبيبة او ترفع يدها اليه بل اخرجت شبه ابتسامة على محياها وهي تهز راسها كعلامة شكر لحضوره هنا….
القى يوسف نظرة أخيرة عليهما قائلاً
بصعوبة….
“ربنا يسعدكم……… مبروك مرة تانيه……..”
أبتعد بعد تلك الجملة ليجد كرم ياتي عليه ويسحبه
من ذراعه قائلاً بدهشة وابتهاج بعد رؤيته…..
“يوسف…… جيت امتى…..مقولتش ليه كنا جينا مع بعض تعالى……. تعالى قعد معانا…..”
سار معه يوسف سائلاً بفتور…..
“هقعد مع مين بقا……”
عندما تقدما من أحد الطاولات اشار كرم
بتعريف عن الجالسين بصحبته……
“دي ياسيدي اختك اللي هي خطبتي……”
ابتسم يوسف وهو ينظر لاخته قائلاً
بمناكفة….. “دي غنية عن التعريف…….”
ضحكت نور قائلة بمشاكسة….. “طول عمري ياچووو…..”
ابتسم كرم وتابع وصلة التعريف……
“ودا ياسيدي حسين جارنا ودي خطبيبته وبنت حطتنا وكمان صاحبة العروسة هنا…. ودي شذى صاحبتها…..”
اوقفته شذى بهجوم مبالغ فيه وهي ترفع راسها بغرور قائلة….
“اي صاحبتها دي جايه على قفاها يعني…. انا كمان صاحبة العروسة البيست فرند……..اصحاب الروح بروح….تشرفت بمعرفتك يايوسف……انا قبلتك قبل كده في فرح سمر وابراهيم بس انت شكلك
نسيت…. ”
نظر لها يوسف بحيرة…..
“لا فعلاً مش واخد بالي يا…..”
اكملت عنه مثرثرة كالعادة……
“شذى…. متغيرتش كتير عن الأول… لسه زي مانت….”
همست داخلها سراً……
(موووز يابن اللذينه…….)
ابتسم يوسف بترحيب وشاركهما الجلسة فظلت شذى كالعادة تثرثر في عدت اشياء وببراعة تجذب اهتمام الجميع لها حتى هو أحيانا كان ينجذب لحديثها ومزاحها الظريف…. وأحياناً يشرد في العروس البعيدة الجالسة جوار زوجها في كاملة اناقتها وسعادتها بثوبها الأبيض…….
ثم يعود لمن يجلس معهم وتاتي عيناه في عينا
شذى ذات الامعة البنية والملامح الجميلة
والحجاب الرقيق…… فتجذبه لوهلة نظراتها
الصريحة رغم الهدوء البادي عليها…نظرة صريحة تخبره ببساطه انها تعلم سره……والحب الذي يكنه للعروس !!..
بلع ريقه وهرب من عينيها الصريحة فابتسمت شذى
واخرجت من حقيبتها ورقة صغيرة وكتبت عليها في
الخفاء شيءٍ ما ثم نهضت من مكانها وعندما مرت من جوار يوسف القت الورقة جوراه فاخذها هو سريعاً ثم نظر لمن يشاركهم الجلسة ليجد كل شخصاً مندمج مع حبيبته ففتح الورقة بتريث ليجدها كتبت فيها ببساطه….
(الحب الأول لا يموت بل ياتي الحب الحقيقي
ليدفنه حياً…….)
رفع عيناه عند الركن الواقفه به شذى فوجدها تنظر اليه وتبتسم برقة ثم تشيح بعينيها عنه متابعة
رقص العرسان على اوتار اغنية رومانسية بالغة المشاعر والحب………متعانقاً بشكلاً شاعري والتناغم سر تواجدهما معاً وسعادة الجميع بي تجمعهما أخيراً…….
(وماله لو ليلة توهنا بعيد، وسيبنا كل الناس
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني دا الاحساس وانا هنا جمبي أغلى الناس، جمبي احلى الناس حبيبى ليله….. تعالى ننسى فيها اللى راح تعالى جوا حضنى وارتاح دى ليلة تسوى كل الحياه……..)
ضمها أحمد لصدره هامساً مع كلمات الاغنية جوار اذناها فذابت حبيبة على همسات صوته العذب واغمضت عينيها مرتاحه على صدره ونست كل شيءٍ من حولها إلا هو صوته احضانه رائحته الرجولي ضربات قلبه الشاعره بها تضرب صدرها بشوق……..انها تضيع وتنسى كل شيءٍ من حولها
إلا شيءٍ واحد حبها لأحمد وعقد الزواج الذي مضته ووثق امام الجميع انها اصبحت زوجته على سنة الله ورسوله فيحق لها الآن ان تلمسه وتشعر به اكثر من الازم وتتباهى علناً بحبها له امام الجميع دون خوف او قيود…….فهي زوجته…..هي الآن حرم المهندس( أحمد جمال) حب المراهقة والصبا
وشريك الحياة حتى يجتاح الشيب راسها معه……………
(حبيبي المس ايديا عشان اصدق اللي أنا فيه
ياما كان نفسى اقابلك بقالي زمان، خلاص وهحلم ليه
مانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس
حبيبى ليله تعالى ننسى فيها اللى راح
تعالى جوا حضنى وارتاح دى ليلة تسوى كل الحياه ومالى غيرك ولولا حبك هعيش لمين حبيبى جاية اجمل سنين وكل مادا تحلى الحياه………..)
شعرت بمن يجلس جوارها ويعانق كتفها بذراعه ثم يضمها لصدره قليلاً وعيناه كانتا معلقة على العرسان في ساحة الرقص……رافضاً النظر اليها الآن……
ابتسمت سمر ونظرت لجانب وجهه بتوله…..فمهما فعل سيظل قلبها هائم به متيم بحدة طباعه قبل ان يغرم بلين قلبه……..
تبدلا نوال وزينب النظرات مبتسمين بمحبة بعد رؤية ابراهيم جالس جوار زوجته يعناقها بذراعه يطيب خاطرها دون كلام تارك لافعالة الصادقة حرية البوح بمشاعر عشقه الجياش لها…….

ازداد خفقان قلبها بخوف بعد ان ودعت والديها عند باب الجناح ودخلت برفقة أحمد الذي اغلق الباب بعد
رحيلهم…….
واستدار لها ناظراً إليها بصمت مبهم….. بلعت
حبيبة ريقها بتوجس ونظرت إليه بخجل
وخوف……
فحينما طالت نظراته البالغة عمقاً…… صاحت بخجل…….
“والله لو ما بطلت البصه دي هصوووت……”
اندهش أحمد ورفع حاجباه معاً ووضع يده
بخصرة قائلاً……
“هتصوتي من بصه ؟!…. امال في الجاي
هتعملي إيه……..”
دبت بقدميها الأرض بتشنج وهتفت ببراءة وهي
تعقد ذراعيها امام صدرها…..
“بطل قلة آدب انا أصلا تعبانه وعايزه أنام……”
ارجع راسه للخلف قائلا وهو يقطع المسافة
بينهما
“آآه قولتيلي….. لا… لا ياماما…. انا دافع ومكلف…
وبعت اللي ورايا ولي قدامي عشان اتجوزك يبقا تطلعي جدعة وتسبيني أبوس……”
ازدردت ريقها قائلة….. “هتبوس بس…..”
“دا سؤال ولا معلومة………”اقترب منها أكثر فرجعت
براسها للخلف فغمز هو لها قائلاً بشقاوة…
” لو سؤال فاحب اقولك اني هجر رجلك بس ببوسه ولا اتنين وبعدين…….”عض على شفتيه مضيفاً
بسفالة..”هقطعك يابطتي…….”
ركضت حبيبة سريعاً بعيداً عنه وصعدت على
الفراش ضامة ثوب الزفاف في يدها كاشفه عن السروال الضيق الذي ترتديه والذي يلتصق في ساقاها النحيفة…….
“يالهووي…… لا لا انا مش جاهزه دلوقتي……”
برقة عينا أحمد بصدمة وتشدق…..
“نعم ياختي مش جاهزة…دا النهاردة الدخلة…
هتجهزي امتى اكتر من كده…….”
قالت حبيبة بتوتر……
” كمان شهر او شهرين… سنة ولا اتنين على راحتي ياخي هي الدنيا هطير…… ”
اوما أحمد براسه مؤكداً بوجوم…..
“آه هطير…..فوقي يابنتي النهاردة دخلتنا….يعني.. ”
قاطعته بهجوم بالغ…… “يعني إيه…..”
حاول ترويضها فقال…..
“يعني هبوسك……. بوسه واحده بس…..”
“واحده بس يا أحمد ومن هنا…..” اشارت على جبينها بتردد…
فجز أحمد على أسنانه وتقدم منها محاول الإمساك بها……..فصعد هو على السرير ونزلت هي الأرض ووقفا لبرهة ينظروا لبعضهما بغيظٍ…..فقال
أحمد برفق محاول اقناعها…….
“يابيبه….طب اديني فرصة اوضحلك……طب والله
هتحبي الموضوع أوي…..اديني ودي لنفسك
فرصة…….”
نزل على الأرض فصعدت هي على السرير مجدداً
رافعه سبابتها بحزم……
“لا يمكن…..انا هفضل زي مانا كده…..مش هعمل اي
حاجة معاك……..انا ممكن احضنك بس وابوس من خدك…….”
كاد ان يصاب بوعكة صحية وهو ينظر لها
بغيظٍ شديد…….
“تبوسيني من خدي انتي قعده مع ابن اختك…انزلي بس خلينا نتفاهم…..طب أقولك اي رأيك نغير الاول هدومنا وبعدين نتكلم لحسان انا اتخنقت من البدله دي….”
أكدت سريعاً باستحسان….
“ايوا نغير اطلع برا عشان اغير……”
قال احمد بلؤم…..
“طب مانغير سوا….اي رأيك اهو اساعدك تقلعي الفستان…….”
قالت حبيبة برفضاً….. “انا هعرف اقلعه لوحدي…..”
زفر أحمد محاول التاثير عليها عاطفياً……
“يابيبه مش كده…..الرحمة ياصغنن ارحميني انا استويت منك…….”
عضت على شفتيها قائلة بتردد…
“لما اغير……….لما اغير الفستان نتكلم…….”
“يابيبه……”ناداها مرة أخيرة محاول استهداف
قلبها الضعيف……….فهربت من عيناه مجدداً
قائلة بتوتر….
“لما اغير يا أحمد ابوس ايدك متوترنيش…….”
زفر أحمد واتجه للخزانة ثم سحب طاقم بيتي
مريح وضعته اخته له وهي ترتب لهم الجناح الخاص بهم والذي حجزة ابراهيم هدية لهما بمناسبة الزواج…….
نظر لها أحمد فوجدها مزالت واقفه على السرير بتردد وتنظر اليه بخوف وكانه وحش سينقض
عليها الان……..لوى شفتيه وهو ينظر لها ثم
عقب بسخرية….
“ربنا يشفيكي ياهبلة…….ياللي اقصى طموحك
في الجواز تبوسي جوزك من خده…….”
لم تجاري كلماته بل سألت في الأهم بنسبة
لها….
“انت هتغير فين……”
خلع السترة امامها قائلاً باللهجة لا تقبل
النقاش….
“هغير هنا….. وانتي ادخلي غيري في الحمام…”
اومات براسها سريعاً وركضت للداخل صاح أحمد بمشاكسة خلفها……
“لو في اي حاجة معصلجة في الفستان قولي بس يا احمد هتلاقيني عندك….انا خدوم اوي في الحاجات
دي… جربيني ومش هتندمي….”
اغلقت الباب في وجهه وهي تاخذ انفاسها بصعوبة
وصدرها يعلو ويهبط بجنون وكانها في سباق لا
نهاية له…… رفعت عينيها الزيتونية على علقة الملابس بالحمام فوجدت قميص نوم أبيض اللون حريري وناعم الملمس…… معلق عليها قد وضعته
سمر لها ووصتها ان ترتديه بعد ان تخلع ثوب
الزفاف…….
بلعت حبيبة ريقها بتردد وهي تمد يدها وتلامس قماش القميص بتوتر فكان قصير وصغير وله فتح واسعه من عند الصدر والظهر……عضت على
شفتيها بتوتر وحرج قائلة…..
“البسه إزاي واخرج قدامه كده…لا لا….انا هطلع اجيب حاجة محترمة البسها…..مش هلبس انا
ده…. مستحيل طبعاً….. ”
عندما تشجعت وعزمة النية على الخروج فتحت الباب نصف فتحه تقريباً لتجد أحمد يقف امامها
عن بعد عاري الصدر يستر نصفه السفلي بقطعة داخليه فقط….. وعندما تلاقت أعينهما شهقت
حبيبة بصوتٍ عالي…..واغلقت الباب سريعاً
بحرج.
فضحك أحمد وهو يتناول بيده البنطال يرتديه
وهو يقول بوقاحة غليظة…..
“شوف مين طلع مستعجل اكتر من التاني……”
احمرت وجنتي حبيبة وقالت من خلف الباب
بغيظٍ…..
“احترم نفسك…. انا كنت عايزه أجيب هدوم غير الهدوم دي……”
سالها بتعجب…..
“هدوم إيه…. ومالها الهدوم اللي عندك……”
قالت بخجل وهي تنظر للقميص المعلق
امامها…
“دي مش هدوم دا قميص نوم وقصير و…..”
قاطعها بتشجيع وقح…….
“الله اموت انا في القصير….. طب البسيه……”
هزت راسها من خلف الباب بعناد
وتصميم….
“لا مش عايزه البسه……”
ابتسم بمكر قائلاً……
“يازين ما فكرتي….. اخرجي كده وهتبقا احلى واحلى…….”
شهقت بقوة وهي تزمجر بحنق……
“ياقليل الادب…….. اخرج يا أحمد من الأوضة
خليني أجيب حاجة تانيه غير دي……”
ازداد اصراره امام تصميمها الاهوج في ابعاده عنها في هذا اليوم……..
“طب والله ماخرج…. واهوه اختاري يتخرجي بيه
يتخرجي من غير حاجة ودا مُناي والله….ياما تخرجي زي مانتي بالفستان وديني فرصتي…..اهو اعبرلك عن مشاعري وانا بقلعك طرحة الفرح ياعروستي….تختاري إيه…….”
جزت حبيبة على اسنانها وانتفخت اوداجها
قائلة بغضب……
“عارف انا عايزه اعمل إيه…..عايزه اضربك…..”
رد ساخراً باستهانه…..
“طب وريني شجعتك وطلعي وريني نفسك بدل مانتي بتكلميني من ورا باب الحمام كده…..”
اوشكت على البكاء وهي تترجاه….
“يا احمد عشان خاطري اطلع……”
رد ببرود….. “مش طالع……”
صاحت بتزمر قائلة بتهديد…..
“يعني اي يعني هو افترى وخلاص…… انا انا
هقول لابراهيم و……”
لوى شفتيه هازئاً من تهديدها…….
“اتنيلي…….. ابراهيم بنفسه اللي حجزلنا الجناح… عارفه ده معنى إيه……”
سالته ببلاها….. “معنى إيه……”
اجابها أحمد بقلة صبر……..
“تقريباً ملوش غير معنى واحد… اني جوزك…..”
قالت بحنق…. “طب مانا عارفه انك جوزي…..”
رد عابثاً….. “حلوو…. اخرجي من غير حاجة بقا…..”
“حرام عليك……… ماشي….. ماشي……”
عندما توقفت عن التحدث حل الصمت بينهما للحظات جلس وقتها أحمد على حافة الفراش ممد الساقين عاري الصدر عاقد ذراعيه امام صدره
مثبت عيناه على سقف الغرفة بملل……زافراً
بوجوم……..
“عارف انا اليوم معاكي طويل…. بس ياريت يبقا بفايدة………”
بعد ساعة تقريباً خرجت من الحمام…فرفع أحمد عيناه عليها…….
“لسه بدري ماتباتي جو بالمـ……..”
توقف عن الكلام ولا يدري ماذا حدث له كل مايشعر به ان لسانه انعقد و قلبه ازدادت نبضاته….وعيناه تاهت في تفاصيل الجمال المتحرك امامه…..وجسده هيهات شعور غريب أصأب جسده سخونة جديدة عليه اندلعت للأوردة فسيطر عليه شعور ملح في الاحتياج….. احتياج قوي ورغبة ملحة في الاقتراب من جميلته الفاتنة التي ايقظت وحوش الرغبة داخله لم يكونوا يوماً بمثل هذه الشراسة من قبل…….ماذا حدث له !!……ومتى ازدادت انوثة وجمالاً بهذا الشكل……هل كان اعمى من
قبل !!….
كانت تخطو بتوتر والخجل يفترسها….وبعد نقاش قوي مع النفس خرجت اليه بقميصها الابيض والذي ينافس بياضه لون بشرتها الحليبية مرسوم على قدها الصغير الناعم……وكان يكشف اكثر مما يستر وهذا ما كان واضح على أحمد الذي ظل محدق بها للحظات بعدم استيعاب……مررت يدها بتوتر على شعرها البني الفاتح كستار من الحرير مرتاح على كتفها….
كانت جميلة شهية فاتنة……. كالحلوى هي تسيل لعابه كلما اقتربت منه بخطوات حريصة مترددة…..يبدو انها عرفت أخيراً ان لا مفر من افراغ اشوقهما المكبوته لسنوات……..
“أحمد……..”
جلست على حافة الفراش امامه بعد ان ظل متصلب بمكانه ولم يتحرك….وبعد النداء الحاني منها…….
بلع ريقه وعيناه تسبح في جمالها الهادئ ومفاتنها الرقيقة……مد يده ولامس شعرها
البني الناعم فقالت حبيبة فجأة ببراءة……
“انا خايفه يا أحمد…. خايفة أوي……..”
أومأ براسه بتفهم وحاول ان يجاريها في الحديث وفي نفس الوقت يزيل اي حرج بينهما… فخروجها
بهذ الشكل بعد كل ما حدث منها يعني انها تحاول
الوصول اليه لكن خوفها والخجل منه يقيدها…
فبلع ريقه وحدثها بهدوء يبث الطمأنينة
لقلبها…
“اي رايك نحاول انا وانتي نقرب من بعض
شوية…”
سالته بحيرة……. “إزاي……”
مسك يداها بين يداه قائلاً…. “مش انتي قولتي انك ممكن تسبيني احضنك.. و ممكن تبوسيني……”
قاطعته سريعاً بتوتر…….”من خدك……”
اوما براسه مبتسماً…. “موافق اعملي كده……”
مد راسه لها قليلاً…..فخفق قلبها بجنون وهي تقرب شفتيها منه لتلامس صدغه الناعم بعد الحلاقة وهيهات من تلك المسه والرائحة الرجولية الممزوجة بشذا عطرة المميز والتي غزة انفها سريعاً وهي تطبع قبلة رقيقة عليها…….
ابتعدت حبيبة عنه بخجل والحمرة تزحف لوجنتيها فنظرت لعيناه فوجدتها تظلم وتلمع بشكلاً غريب ومختلف حتى نظرته لها باتت مهددة لكيانها من
شدة معانيها العميقة………
اتكأ أحمد على يدها قائلاً بهمساً أجش….
“تعالي……”
وكان عيناه كالمغناطيس تجذبها إليه…..انصتت
اليه واقتربت منه فوجدته يجلسها على ساقيه
في احضانه….. اهتزت حدقتيها بتوتر عند النظر
اليه فكان قريب جداً لدرجة ان انفاسة الساخنة تلفح وجنتيها بقوة…..عاد الخوف يلوح في عيناها
وصوتها وسألته……
“بتعمل إيه…….”
همس أحمد امام عينيها الجميلة…..
“هاخدك في حضني….مش انتي قولتي عادي
اخدك في حضني……”
اومات براسها بتأكيد…فاحاط خصرها الناعم الغض
بذراعيه وضم جسدها شديد الانوثة والنعومة
لصدره….. ثم اغمض عيناه متاثراً من هذ القرب الحميمي بينهما فلأول مرة يلامسها ويعانقها بهذا الشكل….فكان لسحر اللحظة المميزة ألف شعور
يكتب في أبيات شعر !……..
ارتاحت حبيبة على كتفه واغمضت عينيها هي أيضاً
ضائعة مع للذة الشعور وهي تحاط بذارعي صلبة وجسد خشن رجولي يشع منه الدفء والرائحة الرجولية المميزة همهماته الخشنة تيقظ مشاعر
مبهمة غريبة داخلها لم تتعرف عليها يوماً إلا
الان معه !…….
وبين تلامس اجسادهما وخفقات قلوبهما
الصاخبة….شعرت حبيبة به يدس وجهه في عنقها…..ولم تلبث إلا ووجدته يطبع على عنقها القبلات الحارة بتريث وتمهل محاول بمهارة القضاء على اي فرصة او حجة للرفض او الإبتعاد عنه فهو يحتاجها بشدة…..وهي كذلك لكنها تجهل الأمر…..
همست حبيبة بضعف…….
“أحمد…..ابعد…….”
همس بصوتٍ متهدج من شدة مشاعره الصاخبة
ورغبته بها…..
“مش قادر…..انا بحبك يابيبه……”سارت شفتيه على ملامحها بتاني مقبل كل زاويا منها بحب وشوق مكتشف النعومة والمذاق من خلالهما….وحينما وصل لمبتغاه التقط بنهم تلك الشفاه الناعمة الصغيرة التي عذبته في احلامة وتلفت عقله من كثرة التفكير بها……..
كانت كل قبلة منه على شفتيها الناعمة تزداد نهم ولهفة وهي معه تضيع متأوه بضعف من هجومة الذيذ !!…….
لم يكن قادر على التوقف كان يدلل شفتيها بقبلات
تائقة حارة يجتاحها الشغف…. يبث من خلالها لهفته وعشقه لها….. فكل ما يحدث الان بينهما كان حلم بعيد صعب المنال ولا يصدق انه حصل عليه أخيراً……وحبيبته في احضانه تذوب معه بخجل
دون اعتراض او هروب……….
ارتاح ظهرها على الفراش وهو معها يقبل كل انشاء بوجهها الناعم وعنقها الشهي….. ثم يعود لشفتيها ويدللها بقبلات نهمة طويلة…..حتى تتوحد معه
جسدياً………
وبالفعل كان كل شيءٍ قادر على تخدير حواسها
وعقلها فهو يبث بمهارة شوقة واحتياجه الملح لها فتضيع هي اكثر عن طيب خاطر معه وتترك لجسدها ومشاعرها حرية الغرق في عالمهما الجديد محاولة بصعوبة ان تبادله القبلات والمسات بحيائها الفطري…….
وتمر اللحظات الخاصة بينهما بمنتهى الانسياب الحميمي ومع حرارة الأجساد ولهفة القلوب
وشعلة الرغبات اليقظة تصل معه لأعمق نقطة
في العلاقة الجسدية وتكن اخيراً زوجته قولاً
وفعلاً…….
………………………………………………………………
بعد ان بدلت ثيابها وأخذت حمام دافئ ارتدت بعدها
منامة بسيطة للنوم…. ورغم البساطه بثيابها إلا انها
كانت تشع انوثة وترسم قدّها الجميل المتناسق…..
جلست على المقعد امام طاولة الزينة وبدات تمشط شعرها الأسود الغجري الطويل بالفرشاة بعد ان جف بمجفف الشعر……… قد زالت الزينة من على وجهها فأصبحت اكثر جمال ونضارة دون تكاليف زائدة وهو يحبها هكذآ……. ان تظهر أحياناً كثيرة بشكل بسيط بدلاً من مظهرها الانثوي الفاتن حينما تشهر اسلحتها الفتاكه في وجهه فينفذ صبره وقوة تحمله
وينهام منها كما يحب وكما تريد…
عليه ان يعترف حتى وهي بهذا الشكل البسيط تحرق صبر وتشعل رغباته……فأين الخلاص منكِ
يا بهية ومن قوة عشقك………
زفر بحنق وهو ويطفئ السجارة في المنفضة ويرتاح اكثر على الفراش نائم على ظهره وواضع ذراعه أسفل رأسه واليد الأخرى وضعها على عيناه يخفي شوق يحترق في قربها ورغبات ملحه في نيلها…..
وكانه لم ينال منها يوماً ماهذا الشعور ؟ !…..
تركت سمر الفرشاة ونظرت لنفسها في المرآة نظرة اخيرة وانتبهت حينها لصورته المعاكسة في المرآة
فوجدته يتظاهر بالنوم….في الخصام يفعلها كثيراً
يتجاهلها واضع يده على عيناه ويدعي النوم حتى
لا يتشاجرا مجدداً…….
الغريب انه ليس من عادته الهروب وتلك الحركة تراها هروب….وليتها تعرف ان تلك الحركة تعني
نفاذ صبر وشوق لها………
زفرة وهي تتجه لزر الاضاءة لتغلقه….ثم رفعت غطاء الفراش جواره وندست داخله وقبل ان ترتاح راسها على الوسادة….قالت باقتضاب……
“هات دراعك يابراهيم…….”
لاحت ابتسامة منه في ظلام وشعور دافئ يتسلل لقلبه……..ولم يقدر على الاعتراض فقد اخرج دراعه
من خلف راسه وفرده نحوها على الوسادة……
وضعت راسها على ذراعه وندست داخل احضانه بصمت جعله يقول عابساً…..
“هو اللي زعلان ده……..مش بياخد موقف برضو……جايه تنامي في حضني ليه…..”
قالت ببراءة تتناقض معها…..
“انا مش نايمة في حضنك….انا نايمة على
دراعك…”
لوى شفتيه في الظلام قائلاً… “هتفرق يعني…….”
اخرجت همهمة ناعمة بسيطه وهي تدعي النوم….فاعتدل ابراهيم نائماً على جنبه ووضع
يده على خصرها مقربها منه بشدة واحده وهي
لم تمانع…..بل اضطراب انفاسها وخفقات قلبها أكد
له انها مثله وأكثر……
بلعت ريقها وهي تدعي الثقل……
“أبعد عني…….”
“لا…..”أجابها وهو يضمها اكثر له دافن انفه بشعرها
المعطر برائحة المسك الناعمة …..
همست بعذاب وقلبها يذوب في احضانه… “ابراهيم……”
همهمات خشنه منه كانت الرد……فقالت بصوتٍ حزين…..
“انا زعلانه منك……..”
“عشان……..”سألها وهو يمد ذراعه للناحية الآخرى
ليضيء (الابجورة) التي اصدرت ضوء خافت جعلته يراها بوضوح وهي في احضانه…..
فقالت وهي تنظر لعيناه باستياء….
“طبعك زفت وعليك تحكمات بتخنقني……..”
مد يده وداعب شعرها قائلاً ببساطه مفعمة
بعواطف جياشة……..
“بحبك وبغير عليكي……استحملي…..استحملي حبيبك……وبلاش تنشفي دماغك قصادي…..”
مسكت يده التي داعب شعرها وشبكتها في يدها
ثم قربتها لشفتيها وقبلتها قائلة برجاء حاني……
“مستعده استحملك العمر كله….بس انت حاول
تتغير عشاني ياحبيبي……”
نظر لعينيها الراجيه وحدثها
بهدوء….
“اي اللي مش عجبك فيا ياسمر…….”
قالت بحاجب معقود بيأس……
“كل حاجة فيك عجباني إلا عصبيتك….طبعك
حامي أوي………”
أجاب بفتور…… “نبرده………”
ارتفع حاجب واحد لديها وقالت
عابسة….. “انت بتتريق………”
تحسس بشرة كتفها الناعمة بيده وهو يقول
بهدوء “مش بتريق هحاول بس موعدكيش…….”
ذابت مع لمساته فسالته وهي تبلع
ريقها بتأثر….. “بتحبني بجد ياهيما……..”
ضاع في جمال عينيها السوداء كمسافر بلا
رجعه…..وهو يقول باللهجة صادقة تحمل غرابة
من أمره بعد ان أحبها بهذا القدر…….
“تصدقي بالله انا عمري ما جه في بالي ولا ثانية حتى اني أحب واحده الحب دا كله……..”
انتبهت اكثر لحديثة…… فسالت بأستغراب……
“إزاي يعني والجواز كان بنسبالك إيه….اي
واحده وسلام……..”
اثناء حديثه كانت يأسر عينيها بنظراته الهائمة
ويده تتحسس كتفها بشرود……
“يعني تبقى بنت ناس محترمة…… تصوني وترضي اهلي وتربي عيالنا صح….اما الحب فـ…..مكنتش
حطه في دماغي اللي كان مهم بنسبالي اني
ارتاح معاها وبس…..”
تشدقت سمر بدهشة…… “لدرجادي…….”
اوما براسه قائلاً بصوتٍ رخيم……
“واكتر….. جيتي انتي بقا وقلبتي كياني…… من أول ما وقعت عيني عليكي وانا اتشقلب حالي…… وسكك تاخدني وسكك توديني لحد مافي الاخر بقيت انا
وانتي هنا….. ساعتها عرفت اني مش بس حبيتك
انا عشقتك ياسمر…….”
تحسست وجنتيه بكفيها وهي تقول
بابتهاج…..
“ياقلب سمر……. وانا بموت فيك……”
قرصها من وجنتها قائلاً بمزاح مدعي
الغرور….. “مش محتاجه تقولي انا عارف… ”
طبعت عدت قبل سطحية على شفتيه قائلة بالهفة الحب………
“يالهوي على التواضع بحبك يابن راضي…. بموت فيك…….. ياقلبي… ياخويا وابويا وصاحبي وحبيبي وجوزي وابو بنتي وكل حاجة ليا في الدنيا……”
نظر لعينيها بقوة قائلاً…..
“اوعي تبعدي عني في يوم مهما زعلنا……”
هزت راسها بحب قائلة…… “مقدرش طبعاً…….”
بنفس النظرة القوية ونبرة الخشنة
أوضح…..
“انا مش باخد رأيك انا بأمرك…….”
رنت ضحكتها الانثوية بقوة في انحاء الغرفة
قائلة باستياء منه….
“والله مافي فايده فيك……. بس بحبك…..”
طل عليها في نومتها بمكر وسند جبهته بخاصتها مداعب انفها بانفه وهو يختصر مشاعره بـ….
“وانا عاشق ياسمر………”
نال من شفتيها بقوة فضاعت معه وسط لذة الشعور
تاركه لقلبها وجسدها حرية الغرق في نهر عشقه
تروي مشاعرها بالقدر الكافي…و يعزز هو الثقة
داخلها بشوقه الدائم والرغبة المُلحه نحوها…..
وتمنحه هي بالمقابل الراحة والحب بالقدر الذي
تكنه له….وبعد لحظات قليلة انصهرت اجسادهما في تلاحم حميمي وضاع الإثنين معاً ضياع أبدي فكان لعشقهما سيمات خاصة وقصتهما كان عنوانها منفرد غمرة عشقك
تمت بحمد الله

لقراءة حلقة خاصة 1 : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى