روايات

رواية ساكن الضريح الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الجزء الثامن والثلاثون

رواية ساكن الضريح البارت الثامن والثلاثون

رواية ساكن الضريح الحلقة الثامنة والثلاثون

انه اليوم الخامس له بعيداَ عنها، تعودت في غيابه ان تستيقظ على رنة هاتفه، و تنام بعد أن يغلق معاها.
لكن في هذا اليوم قد ارقها النوم و لم تنعم بالراحة بعد أن هاتفها ليلاً، فهى في الآونة الاخيرة مزاجها كان متقلب، واليوم تشعر بالغثيان دون أن يلمس الطعام فمها.
و تريد الا تبرح فراشها ثانية واحدة، نائمة معظم الوقت يتملكها الوهن و لا تعرف السبب.
لتلج عليها خالتها مرتابة من رقدتها المستميتة هذه.
-بت يا شذى ما تقومي يا بت احنا بقينا الضحى، قومي فوقي كده الا هو جوزك اتصل بيكي ولا لسه.
فتحت عينها نصف فاتحه ليغلب عليها النعاس مره اخرى.
-التليفون كان بيرن بس انا مش عارفه هو و لا مش هو يا خالتو.
-يخيبك يعني التلفون رن وانتي ماردتيش يا خايبة، يوه انتي مالك يا بت مفستكه كده. رفعت رأسها محاوله الاعتدال ليتغلب عليها الوهن و ترقد مره اخرى.
-مش عارفه يا خالتو انا تعبانه من امبارح باليل، و معدتي بتوجعني، و حاسه اني عايزة انام قوي.
شهقت الحاجة مجيدة بفرحة غريبة، و ازعنت انها تعرف السبب.
-هاه لا تكوني حامل يا شذى.
اتكأت على نفسها محاولة الاعتدال بريبة مندهشة هامسة
-حامل!!!
معقول بسرعة كده.
– يا الف نهار ابيض، يا الف نهار مبروك، أما اقوم افرح الشيخ حسان و ماجده، وانتِ خليكي نايمة يا حبيبتي وانا هاطلع ليكي الاكل لحد عندك.
تفاجئت بفرحتها السريعه و حاولت إيقافها.
-استنى بس يا خالتو حامل ايه عرفتي منين اصلاً.
كما لو كانت فتاة بسن العشرين، تسارعت خطواتها البطيئة و السعادة ترافقها هاتفه لها
-مش مصدقاني يا بت و لا ايه، دا باين علي وشك زي الشمس يا عين خالتك، و على العموم هابعت اجبلك اختبار حمل ونتأكد و تفرحينا كلنا.
اوقفتها سريعاً قبل أن تختفي من امامها هاتفة.
-خالتو استنى من فضلك، اوعي تعملي حاجه من دي.
وقفت خالتها على الباب ملامه عليها..
-ليه يا شذى يا بت سيبيني افرحهم و اقولهم خلينا نفرح و كفاينا نكد و مشاكل بقى.
-معلش ياخالتو استنى لما اروح اعمل تحليل عند الدكتور و نتأكد الاول.
عادت إليها و ربتت على كتفها مطمئنه لها.
-عين العقل يا حبيبتي و أهو لما تتأكدي تبلغي جوزك و تفرحيه
❈-❈-❈
ترجلت على الدرج مستندة على دربزينه، لتلحق بخالتها يبدو على وجهها الوهن و الوجوم، و عندما رأتها والدتها تسائلت.
-الله مالك يا شذى وشك اصفر كده ليه يا حبيبتي.
حاولت التماسك و جلست بجانبها مهدئة لها، مافيش يا ماما انا كويسة يا حبيبتي ماتخفيش عليا.
– كويسة ازاي بس دانتي شكلك باين عليه التعب خالص.
نظرت الي خالتها لتتدخل و تنقذ الموقف، فاتفهمت عليها و اردفت ضاحكة.
-بيانها واخده برد يا ماجدة ماتخفيش انا هاخدها و نروح للدكتور نكشف عليها وبالمره اكشف انا كمان على رجلي اخر النهار.
اومئت لها و هي تربت على ذراع ابنتها الجالسة بجواره ومريحة رأسها المستكينة على كتفها.
-كده طيب زي بعضه الله دا تليفونك بيرن في ايدك يا شذي، ردي ياحبيبتي لا يكون جوزك.
نظرت الي الهاتف بيدها لتجده هو بالفعل زوجها فهمست بتعب.
-ايوه هو خدي ردي عليه يا خالتو.
-لاء ردي انتي لو حد فينا رد عليه بدالك هيقلق عليكي خصوصاً انه بيتصل من بدري وانتي مش بترضي عليه.
اومئت لها و اعتدلت جالسه مبتعدة عنهم قليلاً لتفتح الهاتف و تجيب الاتصال.
❈-❈-❈
-الو
-الو يا شذى انتي مابترديش علي تليفونك ليه قلقتيني عليكي.
-مافيش حاجة انا بس كنت نايمة يا مالك.
-مش عادتك يعني مانتي كل يوم بتكوني نايمه واول ما برن عليكي بتصحي انتي فيكي ايه طمنيني.
-صدقني يا حبيبي انا كويسة و مافيش حاجه.
-شذى اوعي يكون في حاجة حصلت وانتي مخبية عليا امي و ابويا كويسين طب انتِ حد زعلك و لا اتخانقتي مع حد تاني.
-ابداً و الله يا مالك انا مش اتخنقت مع حد و خالتو و عمو حسان كويسين جداً.
و على ذكر اسمه وجدته يدلف من الباب الرئيسي للمنزل، و هو يهتف بأسمها مبتسماً.
-مالك ده اللي بتكلميه يا شذى!
تفاجئت بأبتسامته و طريقته المرحه معها فبادلته اياها مجيبة عليه.
-ايوة يا عمو هو.
-طب هاتي اما اكلمه احسن دا وحشني اوي.
أعطته الهاتف و هي مزهوله من طريقته معها، ليبدء الحديث مع ابنه بمحبه.
-الو ايوة يا مالك ازيك يا حبيبي، عملت ايه في المؤتمر طمني.
ابتسم على لهجة ابيه الذي أظهر له خوفه عليه و محبته الخالصة له.
-اطمن يا حاج و ماتقلقش عليا ابنك هايشرفك و هايرفع راسك دايماً.
-انا متأكد من ده يا حبيبي ربنا يوقفلك ولاد الحلال دايماً يا بني و ينجيك للصالح.
-طب طمني على شذى يا ابويا، انتو زعلتو تاني مع بعض و لا ايه.
التفت اليها ضامماً حاجبيه، ثم اردف له بهمس.
– ابداً بالعكس يا بني دا من ساعة ما اتكلمت انا و انت وانا اعتبرتها بنتي تماماً، و صفيت قلبي من ناحيتها هي قالتلك حاجة و لا ايه؟
سريعاً ما نفي سؤاله واردف مجيباً عليه.
-لا لا أبداً انا بس قلقان عليها اكمن يعني صوتها مش عاجبني وحاسس ان فيها حاجه مش طبيعية.
تمعن النظر فيها ليلاحظ وهنها و اشارة زوجته له بألا يبلغه بشئ.
-هاه ابداً ابداً يا مالك هي قاعدة قصاد عيني اهو زي البدر ومفيهاش اي حاجه، هي بس تلاقيها بتدلع عليك عشان وحشتها مش كده يا شذى.
للمرة الثانية يفاجئها بمرحه معها فأجابته مكتفية بأيمائة من رأسها.
ليستمع الي ابنه الذي كان ينهي معه المكالمه و هو يجلس في مقابلها.
-كده طب مع السلامه دلوقتي يا ابويا وهبقي اكلمكم تاني.
-طيب يا حبيبي مع الف سلامه.
❈-❈-❈
ظل جالساً امامها ينظر إليها تارة ويلتفت إليهم تارة أخرى محاولاً التعرف على ما يدور بينهم.
-الله مالكم يا جماعة فيه ايه و شذي مالها وشها اصفر كده.
تحدثت ماجدة مؤيداه الرأي مجيبة.
شوفتي يا مجيده حتى الشيخ حسان لاحظ وشها ازاي.
تنهدت مجيدة محاولة أخبارهم بما تشعر به فرمقتها الاخري بتحذير.
-خلاص خلاص انا كنت هاقول بس اني هاخدك للدكتور اكشف عليكي و هو يطمنا.
التفت الشيخ حسان إليها ببلاهه منزعجاً مما تقوله.
-دكتور ليه يا بنتي بعد الشر، انتي حاسه بحاجة يا شذى.
-أه يا عمو شوية ضعف كده وخالتو قالت نروح للدكتور احسن.
-طب و تروحي مع خالتك ليه هو انا مش في مقام ابوكي يا شذى، سيبي خالتك قاعدة مع والدتك، و انا معاكي اهو اروح انا و انتِ ما طرح مانتي عايزة، يلا يلا اطلعي اجهزي وانا هاخدك يا بنتي و نروح سوي.
لو كان اي احد جاء في يوم و قال لها أن هذا الشيخ سيبتسم في وجهها يوماً ما لكانت لقبته بالمعتوه.
لكنها الآن التي تستمع اليه بأذنيها، لتمتلكها فرحة عارمه و تقف تبادله الابتسامه مجيبة عليه و تناديه كما يناديه زوجها.
-حاضر يا ابويا انا هاطلع البس النقاب بتاعي و اروح معاك للدكتور.
و في طريقهم الي المشفى برغم ارهاقها إلا انها كانت سعيدة لكن كان السؤال يلح عليها فحاولت ان تسطرد الحديث معه بهدوء.
-عمو حسان.
التفت إليها ضامماً حاجبيه ببسمة رقيقة.
-الله مش نادتيني بأبويا في البيت غيرتي رأيك تاني ليه بقي.
احنت رأسها بحزن وحاولت ان تفهمه ما بها و تفهم ما بداخله ايضاً
-بصراحه يا عمو انا كنت عايزة اعرف انت ليه طريقتك اتغيرت معايا.
-هاقولك يا شذى، عارفة لما تكوني دايما حاسه ان ابنك مكسور و مافيش حاجة تفرحه،
حتى لما اتجوز برضو كان غصب عنه أي نعم امه كانت حاسة ان ده الصالح ليه بس برضو ماكنش لازم يبقى بالطريقة دي، و انا بصراحة كنت شايفك عاكسه بكل حاجه،
مش شبهه هو هادي اوي و انتي شقية اوي، هو بيدور علي تقدمه في العلم و العمل، و انتي يعني يا بنتي ماتأخذنيش عيلتك و القضية و موت ابوكي بالطريقة دي.
و فوق دا كله انكم دايماً في مشاكل مع بعض، لحد ماجالي قبل مايسافر المسجد، واتأكدت من حبه ليكي، و حبك انتي كمان ليه، ساعتها بس عرفت انك انتي اللي هاتسعديه و تريحي باله يا شذي.
اومئت له برأسها وابتسمت من تحت نقابها، هادئة مطمئنة وأخيراً بدئت الحياة تبتسم لها.
❈-❈-❈
خرجت من عند الطبيبة وجلست بجانبه في هدوء ليتسائل هو.
-ها يا شذى طمنيني يا بنتي.
-لسه يا عمو الدكتورة سحبت مني عينة دم، وقالتلي استنى نتيجة التحليل.
-تحليل اي دا يا شذى هي شاكة في حاجة يعني.
-استنى بس يا عمو، شوية و هنعرف كل حاجه.
-ما هو لو الدكتور مالك ابني هنا كان زمانه سحب ليكي هو العينة و بعت عملك التحليل و انتي في البيت، دا مش بعيد كمان كان عرف انتي فيكي ايه من غير تحليل اصلا.
ضحكت من قلبها مندهشه على حب هذا الرجل وتفاخره بأبنه، فالتفت لها مصتنعاً الازعاج.
-بتضحكي على ايه؟
-ها ابداً يا عمو، اصل انا بحب اسمع مدحك في مالك اوي، بحس انك بتحبه اكتر من روحك.
-طبعاً يا بنتي دا مالك ده هو كل دنيتي ويا سلام بقى لو شدتي حيلك كده و جبتلنا نونو صغير كده شبه،
هيبقى عندي اغلى من مالك زات نفسه كمان.
و هنا ترجلت لهم الممرضة و معها نتيجة التحليل، لتردف بسعاده لها.
-الف مبروك. التفت إليها بعدم فهم ليسألها قبل أن تذهب.
-مبروك على ايه يا بنتي.
-بنتك حامل يا حاج ربنا يكمل ليها على خير و يقومها ليك بالسلامه.
انتفض الرجل العجوز فرحاً يخرج من جيبه بعض الاموال و يعطيها لها دليلاً عن مدى سعادته هاتفاً.
-بجد الله يخليكي يا وش السعد يا وش الخير انتي،
خدي يا بنتي هاتي لأولادك حاجه حلوه وفرحيهم النهاردة،
شوفتي يا شذى كرم ربنا استجاب لندائي ازاي.
ادمعت عينيها فرحاً على سعادته واردفت هامسه.
-شوفت يا بابا شوفت.
❈-❈-❈
امسي البيت كله في سعادة، مهنئين أنفسهم، قبل أن يهنؤها هي.
سيأتي إليهم حفيد يكون مصدر الحياة في هذا البيت حتى والدتها التي كانت في حالة شد وجذب معها، هدئت بينهم الأوضاع وسعدت بها كثيراً.
و ها هي الان تجلس منتظرة اتصاله، ليرن الهاتف و تجيبه هادئة.
-الو يا حبيبي.
-صوتك بيضحك دلوقتي شكلك بقيتي احسن من الصبح.
-اه الحمد لله يا مالك.
-طب مش هتقوليلي بقى كان فيكي ايه الصبح.
-هاقولك طبعاً انا حامل يا مالك
-ايه.
تفاجئت برده المبهم عليها، و الذي زاد من توجسها حين يعلم بهذا الخبر، فرددت سريعاً.
-ايه يا مالك شكلو الخبر ده زعلك.
بالفعل ما توجسته كان حقيقي، حين أجاب ردها بطريقة باردة التعبير بعد صمتٍ طال لدقائق.
-لاء ابداً بس انا ماكنتش مستعد لخبر زي ده دلوقتي، يعني ماكنش في حساباتي.
بطريقة لا إرادية، انسابت عبراتها على وجنتيها، ولا تعلم أن كان هذا من هرمونات الحمل ام من برودة كلماته.
-اسفه اني لخبط ليك حساباتك، و ضايقتك بخبر زي ده، عن اذنك انا هاقفل التليفون.
-استنى يا شذى ماتقفليش انا ماقولتش كده.
-انت قولت اللي في قلبك يا دكتور، يمكن عشان بتفكر دايماً انك ماتكملش ارتباط بيا، و فاكر اني بكده بتمسك بيك اكتر.
تعصب عليها من كلماتها اللازعه و هاجمها مبرراً.
-ممكن ماتفكريش بدالي و لا تقولي كلام على لساني، و تسمعيني.
-مش عايزة اسمع منك كلام تاني كفاية عليا اللي انت قولته، و اه كنت هنسي قبل ما اقفل اشكرك علي كلمة مبروك اللي حتى مافكرتش تقولها مع السلامه يا دكتور.
-استني يا شذى ماتقفليش الموبايل، الو، الو، الو….
اغلقت الهاتف دون أن تستمع مبرراته، وجلست على فراشها تبكي وحدها.
❈-❈-❈
تحملت ألم قدمها و ثقل هذا الجبس الموضوع حولها، و صعدت الدرج متكأه على الدربزين الخشبي بيد، و باليد الاخري ممسكة بكأس في يديها، قاصدة غرفة ابنتها.
-جبتلك بقى كوباية عصير فراولة بالبن اللي انتِ بتحبيها، الله مالك يا شذى بتعيطي ليه يا حبيبتي.
حاولت تجفيف دموعها الغزيرة قبل أن تلاحظها والدتها لكن بعد فوات الأوان.
-تعالي يا ماما، تعبتي نفسك ليه بس، و طلعتي السلم لوحدك، ماندتيش عليا ليه بس.
ارتابت ماجده فيها، وضعت الكأس من يدها على الكومود الملتصق بالفراش و جلست بجانبها.
-انادي عليكي! قوليلي انتي فيكي ايه يا بنتي طمنيني عليكي بتعيطي ليه بس.
-مافيش حاجه يا ماما انا كويسة.
-كويسة ازاي بس، و انتي دموعك مغرقه وشك كده، قوليلي هو جوزك لسه ماكلمكيش،
طب هو كلمك و قالك حاجه زعلتك، طب في ايه يا بنتي بس قوليلي.
-كلمني يا ماما اطمني بقى.
-كلمك! طب هو قالك حاجه تزعلك.
و كأنها ضغطت على جرح مفتوح منذ زمن، لكن ابنتها كانت موارياه عن الجميع، لتهمس وسط شهقاتها.
-اه قالي… صرخت و امطرت عيناها بغزاره.
-كنت فكراه اول ما يعرف بخبر حملي هايفرح اكتر منكم كلكم، لكن فاجئني بردو.
-ليه هو قالك حاجة تضايقك، طب قالك ايه زعلك كده.
-ماقالش يا ماما! كل اللي قاله كلمه واحده بس، حامل! و بعدها سكت و لما سألته سكت ليه، قالي اصل الموضوع ده مش في حساباتي دلوقتي.
-ايه الكلام ده معقول يقول كده، ماتزعليش يا حبيبتي، انا ليا كلام تاني معاه لما يرجع من السفر، بس برضو عايزكي تفكري كويس مش يمكن يكون في حاجة في شغله مضيقاة.
-ماتدوريش ليه على أعذار يا ماما، و هو ليه يتصل بيا و هو مضايق و لا تعبان، كان وفر اتصاله لما يرتاح و بعدها يبقى يكلمني.
رفعت ماجدة قدمها لتريحها على الفراش و أمسكت بيد ابنتها تربت عليها، لتفهما أكثر شئ واضح في عقلية الرجال، و مع ذلك لا تعرفه كثيراً من النساء.
-بصي يا شذى، هاقولك على حاجة يا حبيبتي كتير من البنات ما يعرفهاش.
أي راجل مهما كان سنه كبير أو عقله حكيم، دايماً تلاقي فيه حته كده طفوله مستخبية.
لما بيفرح او بيحزن او حتى بتكون عندو حاجه صغيرة بيفكر فيها، تبصي تلاقيه بيجري على أول حد هو بيحبه و بيرتاح معاه و يشكيله و النوع ده زي عمك حسان كده، شوفتي هو متعلق بخالتك مجيدة و بيخاف عليها ازاي.
-ايوا يا ماما هو فعلاً بيقعد يحكي و يضحك معاها و بيسمع كلامها كمان، يا ريت ابنه كان زيه كده.
-ما هو ابنه بقى من النوع التاني.
-نوع تاني يعني ايه يا ماما؟
– اصل الأطفال يا حبيبتي نوعين، نوع تلاقيه دايماً ياخد برأيك و بيسمع كلامك و نوع تلاقيه قيادي، بيحب يمشي رأيه و بيعند في كل حاجه و كمان تلاقيه دايماً كتوم و مش بيحب يبان ضعيف قصاد حد.
-تصدقي يا ماما عندك حق، مالك فعلاً كده دايماً بيحب يكون مسيطر و قوي، و ساعات لما كنت بحاول افتح معاه كلام عن أي حاجه تخصه زمان كان بيقفل معايا و يصدني في الكلام.
-و عشان كده يا حبيبتي لازم تاخديه بالسياسة، زي ما كنت بتعامل مع ابوكي كده.
-لاء يا ماما دا بابا كان صعب اوي، و انتي كنتي بصراحة شخصيتك ضعيفة اوي معاه.
-انتي كنتي شايفة ان شخصيتي ضعيفة، طب بزمتك كان بينفذ كلام مين في الاخر.
-ههههههه صح يا ماما كنتي بطريقتك بتعرفي تخليه يعمل اللي انتي عايزاه.
-شوفتي بطريقتيييي، و بالمسياسة، اهو جوزك بقى عايز الطريقة دي تتبعي معاه اسلوب السياسة يا عبيطة كلمة حاضر بتريح.
-يا ماما و دا ايه علاقته بخبر حملي، واحده اول مره تحمل و بتقول الخبر لجوزها لاول مره يقوم يرد عليها بالرد البارد ده، و حضرتك بتقوللي اخدو بالسياسة، ازاي بس يا ماما؟
-زي الناس يا شذى، يا بنتي الوحده بتعرف جوزها زعلان و لا فرحان، من نبرة صوته، يعني جوزك لو صوته جد و بيرد عليكي الكلمه بالعافية، يبقى تصبري لما تعرفي ماله واذا كان عايز يشكيلك او يكلمك بهدوء و العكس برضو يا شذى.
انا مش بقولك كده عشان افهمك انه صح في رده لاء هو غلط و ازعلي منه براحتك لكن برضو خدي بالك منه و اتعاملي معاه بهدوء يا حبيبتي.
-فهمتك يا ماما، انا هاعرف اتصرف معاه بطريقتي و اعوده على طبعي انا.
❈-❈-❈
طيلة الثلاثة ايام يحاول الاتصال بها، لكنها فضلت عقابه بهذه الطريقة!
الإبتعاد هو الحل الوحيد حتى تعرف مدى حبه لها و تقبله لهذا الخبر الذي سيربطهم ببعض للأبد.
و اليوم قد عاد الطبيب إليهم، بعد اسبوع عمل متواصل و قد حقق نجاح في هذا المؤتمر كما كان يتمنى.
أوقف السيارة في ساحة البيت، و ترجل منها متلهفاً لرؤيتها و الاعتذار منها قبل أي أحد منهم.
فتح الباب و ولج عليهم و هم جالسون بالداخل.
و كانت والدته اول من رأته لتنتفض فارحة تهتف بأسمه.
-مالك ابني حمدلله على السلامه يا حبيبي…
كانت عينيه تتلفت يمين و يسار عليها و اذا به يسأل عنها متلهفاً.
-الله يسلمك يا ماما، فين شذي؟
لتصيح والدتها بضجر.
-بتسأل عليها ليه بعد ما زعلتها يا مالك.
استدارت شقيقتها بريبة، لتفهم معنى كلماتها.
-زعلها ازاي هو انت زعلتها يا مالك وانت مسافر.
حاول كبت احتقان و زمجرته ملقياً عليها السلام.
-الله يا سلمك يا ماجدة، مش هي دي برضو حمد الله على السلامة اللي بتقوليها ليا.
-طب و عايزني اقولهالك ازاي، و انت مزعل بنتي.
لتهتف والدتها صاخبة.
-ما تفهموني يا ولاد في ايه، زعلتها امتى يا واد، و ازاي تزعلها و هي في اول حملها كده.
ليصيح هو فيهم.
ممكن تقولولي مراتي فين، و تبقو تقعدو تحكو مع بعض براحتكم.
اردفت مجيدة و هي تجلس بجانب شقيقتها.
اهي عندك فوق نايمة في اوضتكم، اطلع يا اخويا شوف بقى هاتصالحها ازاي.
تركهم يجلسون يتسامرون، او كما يقال يقطعو في فروتهم و صعد سريعاً للأعلي.
❈-❈-❈
فتح باب الغرفة المظلمة عنوة و دلف بداخلها.
ترك حقيبته من يده، شلح جاكته و حل كارفاته من حول عنقه، و جلس بجانب تلك الذاهبه في ملكوتٍ اخر، لا تشعر بأي شئ، فقط مستسلمة لهذا النعاس الذي بدي يلازمها من اول حملها.
وسط نومها الهادئ شعرت بشئ يأرقها، حيث ظلت تمسح على وجنتها هذا الشئ الذي يمشي عليها بنعومه خفيفه.
فتحت عيناها سريعاً منتفضة بقلق عندما ظل ذلك الشئ يقلقها، لتتضح امامها الرؤيا كاملة أثر هذا الضوء الخافت القادم من المصباح الجانبي.
و سريعاً ما التفتت للجهه الاخري وهي تجهش بالبكاء حين رائته.
ليجذبها هو رغماً عنها على قدمه، محتضنها بيد و باليد الاخري يقدم لها تلك الوردة التي كان يداعبها بها ليعبر عن اسفه.
-انا اسف يا قلبي، والله ما كنت اقصد ازعلك انا بس كنت مضغوط جداً من شغلي، و الخبر جالي نجدة عشان يفرحني و ينتشلني من تعبي بس خاني التعبير ليكي يا حبيبتي.
حاولت زجه و الابتعاد عنه، والتملص من بين يده الا انه ابي و تمسك بها اكثر، وبدئت تصرخ وسط شهقاتها.
-ابعد عني ملكش دعوه بيا مش عايزك تفرح و لا حتى تزعل.
بدء يسيطر عليها بتقبيل وجنتها و امتصاص دموعها بشفاه.
-اشششش مكن تهدي عشان ماتتعبيش، كل اللي انتي عايزة تقوليه قوليه و انتي في حضني ماتحوليش تبعدي عني، عشان انتي وحشاني اووووى.
بالله كيف تقول لها والدتها ان تتعامل معه و كأن جزء من عقله يكمن بداخله تفكير طفل،
و هي عقلها بالكامل عقل طفله ذات الخمسة اعوام.
-اوعي بقى سيبني، مش عايزة اوحشك و لا عايزاك تيجي جانبي و لا حتى تلمسني.
-يا سلام يا ختي، ابعد عنك ايه حرام عليكي يا شيخة دانا كنت بعد الثواني من ساعة ما ركبت الطيارة لحد ما دخلت هنا بس عشان اشوف وشك الجميل ده و المس شافايفك الحمره دي.
بدأت تلين و تلقى رأسها على صدره تغرق قميصه بدموعها.
-لاءه اوعي سيبني، انت ماحولتش تفرحني، و انا اللي كنت مستعجله اقولك عشان اسمع كلامك الحلو ليا، ماكنتش متوقعه ابداً منك انك تصدني بالكلام كده.
ضمها اكثر اليه بحنان، و بدء يربت على ظهرها بكل رقه.
-و حياتك انتي عندي، دا احلى خبر سمعته في حياتي، انتي متخيله لما تقوليلي اني هبقي اب دي سهله عندي، انا ساعتها ماكنتش مستوعب الخبر، للحظة فكرت شذى بتقولي انها حامل معنى كده اني هبقي اب بس انتي مادتنيش الفرصه اني اشرحلك شعوري يا شذي.
دفنت وجهها بالكامل في طيات عنقه، تحاول كتم شهقاتها، و تلومه بدموعها.
-انا خلاص مابقتش مستحمله اي حاجه تزعلني من فضلك بقى كفايه حزن و وجع فيا.
-حقك عليا يا روحي والله ماكنت اقصد ازعلك، بالعكس دانا نفسي اجبلك حته من السما اخبيكي فيها لحد ما تقومي ليا بالسلامة انتي و البيبي.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ساكن الضريح)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى