رواية بنى سليمان الفصل الثامن 8 بقلم زينب سمير
رواية بنى سليمان الفصل الثامن 8 بقلم زينب سمير |
رواية بنى سليمان الفصل الثامن 8 بقلم زينب سمير
.. ! سفـر ! ..
‘ التاع قلبي بالحب.. وتشوقت عيني بالرؤية.. زار الحنين القلب.. انتفض العقل بالذكري، باتت حواسي جميعها يقظة.. منتفضة عند حضرتك يامحبوبة ‘
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مازالت بيسان تحاول ان تبتعد عنه لكنه آبي ان يفعل ذلك، نطقت بخفوت:-
_سليمان…
قاطعها بصوت مثقل بمشاعره التي تسيطر علي كامل وجدانه بحضرتها.. مشاعر الحب وفقط:-
_بيحبك.. سليمان بيحبك يابيسان
انتفضت بين ذراعيه بمفاجئة من حديثه، ومن الكلمة التي سقطت علي مسامعها.. كان الأعتراف خطيرا بحق، صادما ولم تتخيله، حُب! بتلك السرعة احبها؟!
ابتعدت عنه وسمح لها هو اخيرا بذلك و:-
_انت بتقول اية؟
قالت العبارة بصوت متسأل.. مزهول، وهي تطالعه بعينيها الفيروزتين بأتساع واضح من الصدمة التي لم يزول أثرها بعد..
أبتسم واقترب منها، كادت تبتعد ألا انه لم يسمح بذلك، ضم وجهها بين كفيه وهو يقول بصدق:-
_بحبك يابيسان، صدقيني انا مكنتش فاهم انتي بالنسبالي اية بالظبط، لية بشتاق ليكي اول ما اسيبك؟ لية لمعة عينك اللي شايفها دلوقتي مش بتفارق خيالي؟ لية بشوف كل البنات انتي؟ ومفيش في خيالي غير صورتك؟ لحد ما دخلت عندك من دقيقتين وانا مكنتش فاهم مشاعري، انا لقيت لساني بيعترف لنفسه.. لقيته فسر مشاعري كلها بالكلمة دي، اللغبطة اللي في مشاعري واللي شاغلة تفكيري بسببك.. انتي خطفتي مني عقلي يابيسان، انا فعلا مش عارف حصلي اية من اول ما شوفتك، بـ اتغير وبس.. بـ ابتسم من غير سبب اول ما افتكرك وبس
ابتلعت ريقها الذي جف بارتباك، وقد اولت كام تركيزها علي عباراته التي تخرج من شفتيه بأنسيابية فتدخل الي قلبها بهجوم سافر.. تؤلمه بدقات الحب التي رغم وجعها مقبولة، كل ما قاله أرسل فيها رعشات خفيفة.. وجعل كهرباء تسري بين اوردتها من تأثرها بما قال، يحبها؟ كم ان تلك العبارة انعشت روحها الوحيدة بعالم كبير، لا تملك فيه سوي هي وفقط، هل يقطع هو تلك الوحدة عليها؟ يكَون معها عالم كبير، اسرة فعائلة كما تتمني دوما؟
هل احبته حتي تفكر بتلك الطريقة..؟
_مش هتردي..؟
قاطع سكوتها سؤاله.. فنظرت له بأرتباك لـ لحظة قبل ان تعاود النظر الي الارض مرة أخري
سليمان ببسمته الرزينة:-
_انا عارف اني صدمتك بكلامي، هسيبك تفكري براحتك ومستني ردك، بس متتأخريش عليا لو سمحتي
لم يترك لها حرية الاختيار، حيث اقترب يقبل جبينها بحنان قبل ان يبتعد سريعا، قال قبل ان يرحل:-
_هسيبك دلوقتي علشان ورايا شغل.. هاجي تاني ومش همشي قبل ما اسمع كلمة ‘ بحبك ‘.. فاهمة؟
قال اخر كلمة بتحذير ضاحك.. فوجدت نفسها تؤمي له بالايجاب بدون شعور..
خرج من المحل وعلي شفتيه بقيت الابتسامة، حتي بعدما دخل سيارته وسارت به، ظلت البسمة السعيدة مرتسمة علي شفتيه، كل سعادته هذة وكل ما مـر.. مـر تحت مرمي عينا ليان وشيري المزهولتين، التي بلغت بهم الصدمة الي حد كبير، العازب المشهور في وسطهم.. حتي هو دخل في براثن الحب، التي يبدو انه لن يرحمه وسيذيقه من جماله الكثير.. وربما من آلمه ووجعه..
فتحت ليان باب السيارة، فقالت شيري لها قبل ان تهبط:-
_رايحة فين يابنتي؟
اجابتها:-
_هروح اشوفها تستاهل حب سليمان توفيق ليها ولا لا
نظرت لها شيري بقلق.. فقالت ليان وقد فهمت نظراتها:-
_متخفيش، هروح كأني هشتري عطر وبس، مش هعمل مشاكل
اصاب شيري الحماس ايضا، والفضول في التعرف علي الفتاة عن قرب، فاؤمات بحسنا وهي تفتح بابها أيضا و:-
_تمام.. وانا كمان هاجي معاكي
دخلت من الباب وهي تقول:-
_صباح الخير..
بيسان التي كانت شاردة فيما حدث منذ قليل، ببسمة خفيفة:-
_صباح النور
اقتربت ليان وشيري منها عدة خطوات، ظلت شيري ترمقها بنظرات متفحصة، كذلك ليان، لكن حاولت ليان ان تتحكم في نظراتها وهي تقول:-
_عايزة ازازة برفيوم لو سمحتي
بيسان برقتها المعتادة:-
_اوك.. تحبي ماركة معينة ولا اوريكي حاجة علي ذوقي!
تدخلت شيري في الحديث:-
_ورينا من ذوقك
بيسان وهي تتوجه نحو إحدي الارفف:-
_حاضر، لحظة واحدة
ظلت لحظات تنظر لـ قنينات العطر وتتفحصهم، حتي وقع أختيارها اخيرا علي قنينة باللون الازرق الغامق، اخذتها وعادت لهم، منحتها اياهم.. فتناولت ليان القنينة وفتحتها، وضعت القليل منها علي يدها وقربتها من انفها، كانت تفعل كل ذلك بآلية، فهي لم تأتي لاجل العطر.. هي جائت فقط لتري الفتاة، لكن توغل العطر ذو الرائحة الجميلة من انفها لـ روحها، مـس فيها الكثير لـ جمال رائحته، قربت القنينة من شيري و:-
_شمي كدا!
قامت شيري باستنشاقه هي الاخري، فحاز علي اعجابها كما الاولي
قالت لـ بيسان بحماس:-
_البرفيوم ريحته مش معقولة.. دا تحفة جدا.. جدا، ماركة اية دي؟!
وضعت بيسان خصلة من شعرها البني الفاتح خلف اذنها وهي تنطق بخجل:-
_ماركة بيسان
نظرا لها بتعجب فاكملت بتوضيح.. حرج:-
_اقصد هو مش لـ ماركة مشهورة
صمتت ثم تابعت:-
_انا اللي عاملة التركيبة دي
توسعت عيناهن زهولا واعجابا بها، قالت ليان بصدق:-
_علي فكرة الريحة مش طبيعية، بتغمر الروح كدا بشعور فظيع، برأيي تعرضيهم علي خبير عطور واصل وهو هيعرف يسوق ليكي
احمرت وجنتيها لأطرائها علي عطرها الذي من صنع يدها و:-
_ميرسي علي رأيك
سرحت شيري في جمالها لـ وهلة قبل ان تنطق بلا وعي:-
_انتي حلوة اوي
زاد احمرار وجنتيها ولم ترد من فرط خجلها، فمن طبيعتها علي الرغم من اندفاعها المعتاد، انها تخجل من الاطراءات ك تلك
ليان وهي تمد يدها لها بالقنينة:-
_لفيها لو سمحي علشان هاخدها
اخذتها منها وهي تؤمي بنعم، توجهت نحو مكتبها واخرجت مغلف أنيق وبدات بتغليفها
همست شيري لـ ليان بخفوت وهي ترمق الاخري بعينيها:-
_البنت علي القرب حاجة تانية خالص، دا انا ك بنت مزهولة بيها
ليان وقد ذهب عنها كل الضيق الذي كان متوجه نحو بيسان:-
_وكيوت اوي بجد.. من حقه سليمان يقع فيها
كادت ان تتحدث شيري، لكن اقتراب بيسان منهم قطع حديثها، قدمت بيسان المغلف لها وهي تقول ببسمة خفيفة:-
_اتفضلي..
اخذتها من بين يديها و:-
_شكرا.. بكام بقي
بيسان:-
_لا دا عربون محبة
نظرت لها برفعة حاجب متعجبة، فقالت بيسان بخجل وهي تنظر ارضًا:-
_انا لما بستريح لشخص من اول مرة بعطيه العطر ببلاش خاصة لو انا اللي عاملاه
ابتسمت ليا وهي تردف بمرح:-
_تمام ياستي، عربون مقبول
مـدت يدها لها و:-
_وانا استريحت ليكي كمان.. فتسمحيلي نبقي اصحاب؟
مدت يدها لتسلم عليها وهي تردف:-
_اكيد.. انا بيسان
_وانا ليان
مدت شيري يدها ووضعتها علي يدا الاثنان وهي تنطق بمرح:-
_وانا شيري
. . . * . . .
_سوزي..
قالها ادهم لجدة والده ‘ سوزان ‘ وهو يقترب منها بخطوات راكضة، اخذته بين احضانها، وقبلت وجنتيه بحب وهي تنطق بعيون حنونة:-
_حبيب قلب سوزي، مادام قولت سوزي تبقي عايز حاجة يابكاش
ظهر علي وجهه الخجل وهو ينطق بصوت خافت:-
_خلي ماما تجيبلي sweet ياسوزي بليز.. هي مش بترضي تجيبلي غير لما انتي تقولي ليها
اشارت لـ اسنانه التي تحول معظمها لـ اللون البني أثر التسوس الشديد الذي يعاني منه واردفت بحنق:-
_وليك عين تطلب sweet واسنانك بالشكل دا؟
ذم شفتيه بحزن وقد شعر من حديثها انها حتي هي لن توافق علي جلب الحلوي له، ما ذنبه ان اسنانه ضعيفة! ولا تتحمل ان يأكل عليها الحلوي.. هو ملزوم بغسلها يوميا بمسحوق المعجون ويفعل ذلك بالفعل، اذن عليه ان يكافئ بتناول ولو قليل من الحلوي..
دخل سليمان لغرفة جدته بتلك اللحظة وهة ينطق بسعادة ظاهرة جيدا في عينيه:-
_روح قلبي عاملة اية؟
ظهرت الدهشة عليها وهي تردف بزهول:-
_روح قلبك؟ انت مبتقولش الكلمة دي غير لما تبقي رايق، ورايق اوي كمان
اقترب منها وقبل وجنتيها، ثم اخذ ادهم من بين احضانها وقبلة أيضا
سليمان بضحك:-
_انا فعلا رايق، وفرحان، وسعيد اوي.. اوي كمان
نطقت بحب له:-
_دايما يارب تكون فرحان ياحبيبي
قَبل وجنتي ادهم من جديد وهو يقول:-
_عامل اية يابطل؟
اردف ادهم بحزن وقد قرر ان يستغل فرصة سعادة سليمان في طلب ما يريد فربما يوافق:-
_زعلان..
سليمان بحاجبين يضيقان بتسأل:-
_زعلان من اية
ادهم بحزن طفولي:-
_محدش عايز يجيب ليا sweet ياعمو
اهبطه علي الارض وهو يقول بينما يمسد علي ظهره:-
_روح لدادة وجيدة واطلب منها اللي عايزه، وقولها عمو سليمان هو اللي قالي اعمل كدا
نطق بسعادة وهو ينظر له بعدم تصديق، فسليمان اكثر واحد كان يتأكد من انه سيرفض ك والدته تناول الحلوي:-
_بجد..!!
سليمان بضحك:-
_اها بجد..
لم يكمل عبارته وغادر الطفل بخطوات راكضة، سوزان وهي ترمق حالة سليمان العجيبة:-
_حالك كدا بيقول ان في حاجة ياسليمان.. مش هتقولي في اية بقي؟
اقترب منها وهو يقول بحب عارم لها:-
_مفيش ياتيتا، الشغل بس ماشي زي ما انا عايز
قالت بنظرات متفحصة:-
_وبـس..
اؤما بنعم، وقدر قرر تأجيل اخبارها بأمر حبه، حتي يعلم بأجابة بيسان هي الاخري، وكم يتمني ان تكون الاجابة هي ‘ نعم أحبك ‘.. حقا كم يتمني
. . . * . . .
قـرأ سليمان التقرير الطبي بتركيز شديد، حتي كُتبت كل كلمة في عقله وعُلقت، لا يوجد فيه ما يفيد، ماس كهربائي ناتج عن الأهمال.. هذا ما سيجول في عقل الجميع، حتي انه جال في خاطره لـ لحظات، لكن نظرات الانتصار في عيني واجد التي رمقه بها فيما بعد، اوضحت له انه الفاعل، نظرات يعلمها هو جيدا.. حسنا، لقد بدأ واجد الحرب وهو آهلًا بها ومستعدًا لها
خرج صوت الضابط ‘ رشاد ‘:-
_تحب نعمل تحقيق مع عمال المصنع و…
قاطعه سليمان وهو يشير بيده بـ لا:-
_لا.. شكل الموضوع فعلا نتيجة اهمال، اقفل المحضر خلاص
نظر له بـ شـك، ثم سأله بعدم تصديق:-
_متأكد..؟!
قال بنبرة ساكنة.. هادئة لـ الغاية:-
_اها طبعا، انا معنديش اعداء اشك فيهم، والناس المنافسين انا عارفهم كويس.. متخرجش منهم الحركات دي، احنا بنتنافس في السوق بشرف، وبنحاول نتنافس في تقديم الافضل، لكن مش بنلعب من تحت الطربيزة يارشاد بية
اؤما رشاد بتفهم وهو يقول بأيجاب:-
_تمام.. هقفل المحضر ياسليمان باشا
أستقام في وقفته ومـد يده ليسلم علي رشاد الذي بادر بالقول:-
_أتشرفت بمقابلة حضرتك سليمان باشا
أبتسم له سليمان بسمة خفيفة، ثم غادر
بمنتصف الليل..
كانت ممددة علي فراشها، وبيدها هاتفها تلعب به بملل وضيق من الوحدة والسكون الذي يغمر المكان حولها من كل أتجاة، قطع عليها ما تفعله، رنين الهاتف الذي افزعها، القته بعيدا عنها من الفزع، قبل ان تستوعب الامر وتعاود امساكه من جديد، وجدت ان الرقم المتصل جديد عليها ولم يسجل من قبل، ضيقت حاجبيها بتعجب، قبل ان تضغط علي زر الايجاب وتضعه علي اذنها قائلة بصوتها الرقيق:-
_آلـو..
جاءها الرد من الطرف ألاخر:-
_أحلي آلـو سمعتها في حياتي..
أنتفضت من مدتها.. لتجلس علي فراشها بأعتدال وهي تقول بأسم المتصل بدهشة وقد علمت هويته من صوته:-
_سليمان..؟!
رد بنبرة هائمة:-
_روحه
سألت بدهشة:-
_انت جبت رقمي منين؟!
سليمان ضاحكا:-
_شكلك متعرفيش لسة مين هو سليمان توفيق ياحبيبتي
خجلت لـ نعته أياها بلفظ ‘ حبيبتي ‘ فصمتت ولم تتحدث، تفهم لحالتها فقال متفهما:-
_طيب علشان مكسفكيش اكتر من كدا، كنت عايز اقولك اني مسافر بكرة اليابان وهغيب تلت أيام، اول ما هرجع اول حاجة هعملها اني هجيلك واسمع ردك علي كلامي.. تمام؟
لم ترد كذلك، فقال ضاحكا قبل ان يغلق:-
_يبقي تمام..
فكان عليه السفر الي اليابان ليأكد علي طلبه لـ الآلات التي يحتاج إليها بأسرع وقت، فما لديه تحتاج الي صيانة مكثفة، وبعد الجهد التي ستبذله بتلك الشهور القادمة الثلاث تلك الجهود التي نتجت عن حرق المصنع.. من المحتمل ان تتعرض بعضها الي التلف، لذا عليه باسرع وقت، ان يجدد آلياته..
وما خفي غدًا كان أعظم..
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد