Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل السابع 7 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل السابع 7 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السابع 7 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السابع 7 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

لم يتردد جلال في فتح الباب ، فوجده مغلق من الداخل ، شعر بالانفعال يزداد بداخل قلبه بسببها ، فتراجع عدة خطوات غاضبة إلى الخلف ولم يتراجع عن قراره في كسر الباب عليها .
وبالفعل كسره جلال بسرعة ، ثم دلف مسرعاً داخل المرحاض ، واتسعت عينيه بذهول صادم عندما وجد نافذة المرحاض مفتوحة على آخرها ……..!!!!
وفوجىء جلال بهروب مهجة من النافذة ولمح أصابع يدها متشبثة بالحافة ، وجسدها معلق بالخارج وهي ملتصقةً بالجدار بذعر .
انتفض قلب مهجة من الخوف وهي معلقة هكذا ، لتهرب من الفيلا قائلة لنفسها بتوتر: لازم تمشي من هنا بسرعة قبل ما أي حد يلمحك يا مهجة ، وبالذات الباشا الحليوة أبو ميه واحداشر.
نظرت مهجة بالأسفل فوجدت السلم الخشبي ، والتي كانت قد أتت به من قبل من الحديقة ، يستخدموه في تقليم الأشجارالعالية وهي تخطط لما تفعله الآن ، لتقوم بالتسلق عليه والهبوط من أعلاه من الطابق الثاني إلى الطابق الأرضي .
أغمضت عيونها وهي تضع قدميها عند أول درجةً به وأخذت تقول لنفسها مشجعة : يالا يا مهجة إعمليها ، إنتي قلبك جامد ودايماً بتحبي المغامرة ، يالا انزلي واحدة واحدة ، قبل ما يقع فيكي الباشا يبقى يومك إسود مش لون تاني .
تشجعت قليلاً ثم استعدت قائلة لنفسها: يالا واحد ، اتنين ، تلاتة ، وبدأت تهبط درجة ، درجة ببطء خوفاً من وقوعها من عليه ، وهي مغمضة العينين خوفاً من أن تنظر إلى الأسفل وتقع من أعلاه وكانت متشبثه به بقوة .
إلى أن فجأة إختل توازن مهجة وقدمها اليسرى إنزلقت من على درجة السلم الخشبي ، وهي تهبط إلى الأسفل .
وجدت مهجة نفسها تسقط  بين ذراعين قويين فوجئت بهما ، بدلاً من السقوط على الأرض ، فانتفض قلبها بقوة وعنف وهي تتحسس صدر من وقعت بين أحضانه دون أن تجرؤ أن تفتح عينيها من الذعر ….
فوجدته صدر قوي فوقع قلبها بين قدميها من الرعب ، وزاد رعُباً عندما شعرت بأنفاسه القوية  والغاضبة على وجهها .
قائلة لنفسها بذعر : يالهوووي ده مكنش يومك يا شابة ، أكيد هوه مفيش غيره سعات الباشا ، أبو عضلات ، إتشهدي على نفسك يا مهجة ، ده هيدفنك صاحية المرادي ، ده المقص والمسدس كانوا أرحم .
لم تجرؤ مهجة على فتح عينيها من الهلع التي شعرت به داخل قلبها ، شعرت بأنفاس خشنة بجوار أذنها ، قائلاً لها بغلظة : بجى إكده عايزه تهربي مني آني ، طب إستلجي إللي هتستحجيه مني .
لم تدري مهجة وهي خائفة منه هكذا بأنها متمسكة بكل قوة لديها ،  بمقدمة قميصة ، حتى كادت أن تقطعة إلى نصفين في قبضتيها الصغيرتين .
فتحت عينيها ببطء وهو يتحرك بها ، كان قابضاً عليها كالصقر الذي وجد فريستة بعد طول عناء .
تلاقت نظراتة المتقدة والشرسة الغاضبة مع نظراتها الخائفة فرمقها متشفياً بها ولم تستطع النطق .
أغلقت عينيها مرةً أخرى بسرعة وهي تقول لنفسها : يا وجعة مربربة يا جدعان ، دنا نفسي أصرخ وأقول إلحقوني ، بس هنا محدش سامع حاجه ، وأخذت تلوم نفسها مردفةً بقولها : كان لازم يعني تفتحي عينيكي وتشوفي نظراته ليكي ، إتفضلي إستلقي وعدك منه ، شكله زي اللي عايز ياكلك بعينيه .
بعد دقيقتين شعرت أنه يصعد بها إلى غرفتها ، فدب الرعب أكثر في قلبها وأطرافها التي تجمدت بين يديه .
شعرت به بأنه يتوقف أمام الغرفة وفتح بابها بقوة وأغلقه خلفه بعنف ، استمعت مهجة إلى تكة المفتاح بالباب فقالت بهلع لنفسها : هيموتك صاحية يا مهجة يا خسارة شبابك يا شابة ، دانتي ملحقتيش تفرحي .
انزلها جلال على الأرض ولم يتركها وقد سجنها بين ذراعيه بكل قوته حتى شعرت بالألم في عظامها .
كتمت تأوهاتها داخل قلبها خوفاً منه واستمعته يقول بثورة : استلجي وعدك مني يا مهجة ، ففتحت عينيها بتلقائية وارتعش قلبها فصدمت من نظراته المخيفة والشرسة لها ، فأشاحت بنظراتها بعيداً عنه ، فلمحت غرفة غير غرفتها التي كانت تمكث بها من قبل ، فخشيت أكثر ودب الهلع والذعر في أطرافها .
حاولت أن تبتعد عنه من الرعب ، فلم تستطع فهو قد قرأ أفكارها فقالت له بتلقائية : آني فين يا باشا دي مش إوضتي .
فقال لها بغموض أرعبها : منا خابر زين إنها مش إوضتك ، فهمست له بصوت مرتعش : أمال دي إوضة مين يا باشا .
جذبها جلال بقوة أكثر إلى صدره ، فصرخت بالرغم عنها ، اقترب من أُذنها وقال لها بغموض وتشفي : إنتي في إوضتي آني جلال اسماعيل المنياوي ، كبير بلده وعيلته .
ما أن إستمعت إلى هذا الفحيح الغاضب بجوار أُذنها حتى تهاوت بين ذراعيه فاقدة الوعي من جديد .
شعر جلال بالسخط بداخله قائلاً لنفسه : والله برتاح منيكي ومن لسانك الطويل ، بس مفيش وجت للي بتعمليه دلوك ، لساتك مخبراش وجعتي في طريج مين ولا بتتعاملي مع مين .
جلس يحيي بالمشفى وتابع بعض الحالات ، التابعة له والمشرف عليها بنفسه ، استمع إلى صوت طرقاتٍ على الباب .
دلف إليه فهمي قائلاً له : يعني جيت بدري النهاردة عن ميعادك ، تنهد قائلاً له : كان عندي حالات متابعاها من فترة إكده وكان لازم آجي بدري علشانها .
ابتسم فهمي قائلاً له : إنت لساتك مش هتجولي كان مالك إمبارح .
زفر بقوة وقال له : مجولتلك يا فهمي مفيش حاجه واصل ، وأديني أهوه ، جدامك مفنيش حاجه .
تنهد فهمي قائلاً له : آني هضطر أصدجك المرادي ، هجوم أنا بجى أشوف المرضى بتوعي عن إذنك .
نهض فهمي منصرفاً من الغرفة ، وعاد الشرود من جديد إلى يحيي ، إلى أن أخرجته ممرضة عن شروده تقول بهدوء : دكتور يحيي من فضلك رئيس  القسم عايز حضرتك .
قال لها : حاضر دجيجه وريحله .
تأخرت نوال في فتح المحل فوجدت من يطرق عليها الباب ، شعرت بأمل داخل قلبها ، قائلة لنفسها : معقولة تكون مهجة اللي بتخبط دي بس لأ دي بتخبط برجلها مش بإيدها .
فقالت نوال : مين اللي بيخبط ، أتتها إجابة سؤالها على لسان صاحبة الغرفة الأصلية قائلة لها : أنا أم ياسين يا نوال إفتحي الباب 
تنهدت نوال قائلة لها : حاضر يا أم ياسين جايالك أهوه ، ما أن فتحت لها الباب حتى بادرتها بقولها : ها يا بنتي مفيش خبرعن مهجة .
هزت نوال رأسها بالنفي قائلة لها بيأس : لا يا ست أم ياسين ومش عارفه أعمل إيه من غيرها ولا عارفه أدور عليها فين .
تنهدت أم ياسين بحزن قائلة لها : والله أنا كمان سألت عليها عند الناس إللي تعرفهم بس أعمل إيه ، مفيش بردو أي خبر عنها .
استغربت نوال بداخلها من هذا الاهتمام المفاجئ من جانب أم ياسين لمهجة وقالت لها بدهشة : معقولة يا أم ياسين دورتي على مهجة بنفسك ، بالرغم من إنك مخانقة معاها من كام يوم .
تنهدت قائلة لها بحزن : والله يا بنتي دورت عليها بنفسي بالرغم من زعلي منها ، ولسانها الطويل إلا إني بحبها زي بنتي تمام ، لأنها بنت بلد جدعة في وقت الشدة بلاقيها تسأل عليه ومبتسبينيش في أي موقف أقع فيه وألاقيها جنبي وتسأل عليه .
تفهمت نوال كلماتها وقالت لها : معلش يا أم ياسين إنتي عارفها عصبية بس قلبها أبيض من جوه . 
ظهرت لمحه من الحزن على وجه أم ياسين قائلة : عارفه يا بنتي عارفه وده اللي بيخليني مستحمله طبعها العنيف ، وأهيه في الآخر ملهاش حد غيرنا بعد ربنا .
فقالت لها نوال بتأثر : تسلميلنا يا أم ياسين ، إدعي بقى إننا نلاقيها ونعرف طريقها فين .
فقالت لها بأمل : يارب يا بنتي يارب ترجع لنا وتنور الحارة والسطوح من تاني ، عن إذنك أنا بقى هنزل وأروح أشوف ورايا إيه تحت قبل أبو ياسين ماييجي من شغله .
فقالت لها : اتفضلي يا أم ياسين ومتقلقيش من ناحية الإيجار هدفعولك في ميعاده ، صدمت أم ياسين قائلة بحزن : عيب يا بنتي تقولي الكلام ده ، ده إنتي زي بنتي .
انصرفت أم ياسين ، ثم استعدت نوال لكي تذهب إلى المحل ، وصلت إليه بعد قليل ، ورأت بالقرب من المحل ، حوده يجلس شارداً على مقهى .
فقالت لنفسها بيأس : حتى إنت يا حوده متأثر بغيابها ، أمال أنا أعمل إيه ، وحشتيني يا مهجة ووحشني شبشبك إللى كل يوم كنتي بتصحيني بيه الصبح للشغل .
قالت سالي بتذمر : يا بابي إحنا هنفضل هنا كتير في المنيا ، أنا عايزة أرجع القاهرة بقى ، تنهد مصطفى محرم قائلاً لها : أوام لحقتي تزهقي ده احنا لسه جايين مفيش أسبوع .
فقالت له بضيق : يا بابي أنا بتخنق من وجودي هنا لكن في القاهرة بسافر وباجي وأروح على مزاجي مفيش حد مراقبني ولا عينه عليه وقت ما أخرج .
شعر مصطفى محرم بأن ابنته على حق لكن عمله هو الذي جعله متمسكاً بالمكوث هنا منذ وقت بعيد ، وقبل أن ينطق بحرف ، استمعت إليه زوجته قائلة له : سالي معها حق يا مصطفى ، أنا نفسي زهقت وعايزة أرجع القاهرة .
زفر مصطفى قائلاً لها بضيق : ما إنتوا بتنزلوا وقت ما بتحبوا القاهرة إنتم الأتنين ، ثم ما فكرتيش في كلية بنتك ومستواها اللي ممكن يتأثر بعدم وجودها هنا .
هزت كتفيها باللامبالاة قائلة له : عادي أحولها القاهرة هيه في سنة تالتة كلية علوم يعني سنتين أو سنة ونص بما إنها في الترم الأول من  الدراسة لسه ، ومتنساش تحويلها ده سهل عليك إنت باتصال واحد منك تقدر تعمله .
شرد مصطفى قائلاً لها بضيق : خلاص سيبوني أفكر ، بس مش مستعد حد يعارضني في أي قرار أنا هاخده .
شعرت سالي بالسخط قائلة له : بس يا بابي ….. قاطعها قائلاً لها بصرامة : مفيش بس إللي أقول عليه يتنفذ من غير مناقشة .
أفاقت مهجة من إغماءاتها ، وفتحت عينيها ببطء شديد خوفاً من جلال .
تلفتت حولها فلم تجده ، تنهدت بارتياح قائلة لنفسها : الحمد لله مش موجود الباشا أبو ميه واحداشر ، بس ربنا يستر وميكنش بيدبر لي حاجه ولا مصيبة من مصايبه اللي اتوعدت بيها .
هبت من فراشها وهي تتذكر نظراته المهددة لها ، فخشيت على نفسها أكثر .
ركضت ناحية الباب ، مسرعة ، لتذهب إلى حجرتها من جديد ، لكنها فوجئت بإغلاق الباب عليها بالمفتاح من جديد من خارج الغرفة .
شعرت بالسخط بداخلها ومطت شفتيها بضيق ، فها هي تحبس بسبب غلطةً واحدة فقط ، عادت بضيق إلى الفراش من جديد .
جلست عليه تفكر ماذا عليها أن تفعل الآن ، مسحت بيدها على جبهتها قائلة لنفسها بضيق : مهجة إنتي لازم تفوقي لنفسك وتعرفي إنك فعلاً في مشكلة كبيرة ، إنتي خلاص ما تقدريش تعارضيه ، ده أمام الله ورسوله خلاص بقى جوزك فعلاً وغصب عنك ، ولازم تصبري وتشوفي إيه أخرتها معاه .
كان جلال في مكتبه شاعراً بالغضب من نفسه وبما فعله من زواجه من فتاة لا يعتبرها إلا فتاة مجنونة ومستهترة بالفعل ، غير مدركة لما تفعله معه وها هي كانت ستدمر بهروبها منه كل شىء فعله وأعده من قبل ومن أجل مخططه الهام ، لهذا قرر الإسراع في تأديبها أكثر وعقابها عقاباً أشد ، حتى لا تفكر مع الوقت أن تنهي بغمضة عين وغباءها هذا ، الذي يستحوذ على عقلها في أغلب الوقت ، ما فعله من أجل مهمته .
لهذا قرر عقابها اولاً ثم التحدث معها بصراحة أكثر من ذلك ، حتى لا تفعل ما تفعله من جديد .
بالرغم من إنه لا يريد ذلك ، وعلى عكس طبيعته ، قطع شروده دخول خادمه يقول : شريف بيه عايز حضرتك .
فقال له بتفكير : خليه يدخل بسرعة ، دلف شريف قائلاً بمرح : ألف مبروك يا عريس ، رمقه بغضب فتراجع عن مرحه قائلاً له بهدوء حذر : إيه بهزر معاك حتى الهزار ممنوع عندك .
فقال له بغيظ : شريف مش وجت هزارك إمعاي دلوك ، إنت خابر زين أنا ليه كتبت كتابي عليها إمبارح .
تنهد شريف وهو يجلس قائلاً له : عارف وفاهم كويس أوي بس دي أوامر وعلشان المهمة تنجح ومحدش يشك فيك ، ثم إنها كمان خطة مؤقتة وبس .
ثم صمت وزفربعمق متابعاً حديثة بقوله له متسائلاً : بس إنت ليه اتسرعت في كتب الكتاب عليها ، مع إن الخطة غير كده .
ذم شفتيه قائلاً بغموض وضيق : لأن مش مستعد إن المهمة تفشل ، ضيق شريف حاجبيه قائلاً له : تقصد إيه بكلامك ده ، ابتسم ساخراً ولم ينطق بحرف واحد .
فابتسم شريف قائلاً له : عارفك مادام سكت كده يبقى مش هتتكلم ، على العموم خلي بالك كويس .
ابتسم بغموض وقال له : متخافش عليه ، إنت خابرني زين ، فضحك شريف قائلاً له : فعلاً عارفك كويس ، بس عايز أعرف هتسافر بلدك إمتى .
شرد قائلاً له بهدوء : جريب …… جريب أوي ، ضحك شريف قائلاً له : حتى دي مش راضي تقولهالي .
تنفس بعمق وقال له : إنت هتعرف بنفسك لما تيجي ومتلاجنيش إهنه .
فقال له منبهاً : بس لأ لازم تبقى قايلي قبلها ضروري ، تنهد بضيق قائلاً له : خلاص يا شريف هبغلك جبليها ها إرتحت إكده .
هز رأسه بالموافقة قائلاً له : آه كده إرتحت أوي عن إذنك أنا بقى ورايا شغل .
كانت مهجة مازالت في غرفة جلال بالفيلا الخاصة به عندما إستمعت إلى صوت خطواته الرزينة بالقرب من الباب .
تلفتت حولها ماذا عليها أن تفعل إذا ما قام بشىء ما يعاقبها به من أجل محاولة هروبها منه .
حدقت بمقبض الباب بقلب منتفض من الخوف وهو يتحرك ببطء ، فتح جلال الباب بهدوء الذي يسبق العاصفة .
أغمضت عينيها من القلق وضمت قبضتيها بارتباك ، عندما شعرت بوجوده بالقرب منها بعد أن إسمتعت إلى صوت إغلاق الباب .
فتحت مهجة عينيها ، وهي خائفة من نظراته المهددة لها ، فأمسك بمعصمها بقوة وهو يتأملها عن قرب قائلاً لها : إنتي فاكرة إنك هتجدري تهربي مني يامهجة ، تبجي ما تعرفنيش زين ، وآني هنعرفك أني مين دلوك .
شعرت مهجة بألم في معصمها فأخرستها نظراته إليها من شدة الألم التي شعرت به .
فذم شفتيه قائلاً لها بتهديد : يا ويلك مني يامهجة …..!!!
فهمست بخوف مضحك قائلة له : طب العقاب يعني هيبتدي من دلوقتي ولا من إمتى علشان بس أبقى عاملة حسابي .
نسفت كل كلماتها تلك ، آخر تماسك أعصاب جلال أمامها ، فضغط على فكها فجأة ليخرسها قائلاً لها بقسوة : خاشمك ده ميتفتحشي تاني ، إلا لما آني أجولك .
تأوهت من الألم قائلة له : حاضر …. حاضر ….. ياباشا ، وقبل أن تعرف ماذا يحدث لها ، فوجئت به يجذبها بقسوة بيده وراءه ويفتح باب غرفته .
ويسحبها كالشاة التي ستذبح لعيد الأضحى ، من أعلى الدرج إلى الحديقة المحيطة بالفيلا ملقياً إياها على الأرض تحت قدميه بدون أدنى رحمة .
لم يعطيها جلال الفرصة لكي تتوجع ولا تتألم من جديد ، ولا أن تشعر بأي شعور لديها ، بل انحني عليها مسرعاً قائلاً لها بقسوة : شايفة الجنينة دي كلاتها ، فهزت رأسها بذعر فقال له بلهجة آمره ، غاضبة : عايزك تلفيها جري من أولها لآخرها ، لغاية ما أجولك أجفي مفهوم .
فهزت رأسها بطاعة وهبت واقفة بالرغم من الألم التي تشعر به ، في قدميها .
أتى سعد خادمه بكوباً من العصير وكوباً من الماء ووضعه بالقرب منه على منضدة صغيرة ، يجلس جلال على مقعداً بالقرب منها يراقب ركض مهجة كما أخبرها .
كلما حاولت أن تخطف النظر إليه ، تجد نظرات القسوة والغموض تسيطر عليه في هذه اللحظة ، ولامت نفسها بضيق على عصيان أوامره ، فها هي تحت أمره من جديد تعيش وهي مراقبة طيلة الوقت وهي غير معتادة على ذلك .
شعرت مهجة بالتعب من شدة الركض ، غير شعورها بالعطش ورأته يتناول رشفة من كوب العصير ، فبلعت ريقها بصعوبة قائلة لنفسها : أنا عارفة كان إيه إللي خبطني في نافوخي وخلاني آكل كشري في اليوم ده ، ماكنت أكلت أكل نوال المحروق ماله أكلها زي الفل ، بس انا اللي كنت هفتانة وريحة الكشري خلتني دخلت المحل وأكلت بشراهة زي ما يكون قلبي كان حاسس إن فيه مصيبة هتحصلي .
قاطع حديثها مع نفسها جلال الواقف بالقرب منها بأعين متقدة ، فسارعت بالركض من جديد من أمامه بطريقة مضحكة.
ذهبت مريم بمفردها إلى كليتها ، ولم تكن ولاء بصحبتها ، لأول مرة .
تأثر كلاهما بهذا الموقف كثيراً ، ودخلت مريم إلى قاعة المحاضرات وجلست مبتعدة عن ولاء .
استاءت ولاء من هذا الموقف وحاولت إمساك أعصابها لنهاية المحاضرة .
ما أن إنتهت المحاضرة حتى سارعت مريم بالإنصراف قبلها ، شعرت ولاء بأن لابد من أن تتأسف لها من جديد لعلها تسامحها .
جلست مريم في مكان مبتعد قليلاً عن إزعاج باقي الطلاب ، اقتربت منها ولاء مترددة .
وقالت لها بارتباك : بردو مش هتسامحيني يا مريم ….!!! فلم ترد عليها ، اقتربت منها أكثر قائلة لها : خلاص بجى ما يبجاش دمك تجيل إومال .
لم ترد عليها مريم إنما فقط تركتها وذهبت من أمامها ، شعرت ولاء باليأس من محاولاتها التي فشلت كلها في الصلح بينهم .
كان عادل بصحبة صلاح ، يجلس شارداً ، فقال له صلاح بدهشة : مالك يا عادل سرحان في إيه .
تنهد بضيق قائلاً له : أبداً عمال أفكر في طريقة أجيبهم بيها ، ضيق صلاح حاجبيه قائلاً له : إنت لسه مش ناسيهم ، وضع عادل يده على وجهه قائلاً : ودول يتنسوا بردو .
ومرة واحدة ابتسم عادل وقال بحبث : لقيتها وزي ما قلتلك أنا هخليها تيجي جري عليها وتبوس إيدي وتترجاني كمان .
ضحك صلاح وقال له : طب ما تقولي ورسيني على اللي هتعمله ، علشان أبقى عامل حسابي .
بادله عادل الضحك قائلاً له بتهكم : هقولك علشان تتعلم .
ذهبت مريم في أجازة يومين بعد أن انتهت من محاضراتها إلى منزلهم ، لكي تهدئ من ضيقها ، من ولاء .
استقبلتها والدتها نجاة قائلةً لها : مريم بنيتي ، إتوحشتك كتير يا جلبي  فقالت لها بحب : وإنتي أكتر يا أماي فين أبوي وأخوي .
فقالت لها : لساتهم براة البيت ، مجولتليش إيـــه اللي جابك في يوم غير ميعادك يا بنيتي ، جلجتيني عليكي ليكون في شيء ما آني خابراه .
فقالت لها بسرعة : لا يا أماي أنا بخير ، بس توحشتكم كتير فجولت آجي أجعد معاكم يومين أو أربعة أيام .
فقالت لها : ولا يهمك يا بنيتي نورتينا بس جولت أطمن عليكي الأول ، تعالي إمعاي علشان ترتاحيلك شوي .
قضيت مريم بعض الوقت في غرفتها ، وبعدها إستمعت إلى صوت والدها الحاج عبدالرحيم ، فارتدت حجابها وأسرعت لكي تسلم عليه .
قائلة له : إزيك يا أبوي ، حدجها عبدالرحيم باستغراب وقال لها : إيه إللي جابك دلوك يا مريم .
شحب وجه مريم من الخوف وقالت له بتوتر : وفيها إيـــه يا أبوي لما آجي في يوم مختلف عن اللي بجيهم .
حدق بوجهها وقال لها : لأ فيها يا بنت عبدالرحيم ، وآني منبه عليكي جبل سابج ، متسبيش المدينة بتاعتك إلا لما يبجوا عندي خبر ، وابعتلك حد يجيبك لهنه .
ترددت مريم ولم تعرف بماذا تجيب وجاءت والدتها وأنقذتها كالعادة قائلة له : وفيها إيه يا حاج ، لما تيجي ما هو بيتها ومطرحها بردك .
صرخ بها قائلاً لها : مية مرة جولت متدخليش واصل بيناتنا معندناش حرمه تمشي رأيها على رجالة الدوار.
حدقت مريم بحزن إلى أمها والتي شعرت بأنها تسببت بمجيئها إلى مشكلةً جديدة بينهم فوضعت ذراعها على كتفي والدتها وقالت له : خلاص يا أبوي آخر مرة .
نظر إليهم في ضيق وتركهم بعد ذلك ، اقتربت مريم من والدتها نجاة قائلة لها : آني آسفة يا آماي مكنتش أجصد إللي حُصل دلوك  .
شعرت نجاة بأن ابنتها حزينةً من أجلها ، وقالت لها : متجلجيش عليه يا بنيتي آني بخير وخلاص اتعودت على إكده من أبوكي .
احتضنتها مريم وهي ترى الذل والأنكسار في عيني والدتها ، فهذا هو طبع والدها القاسي الذي لا يرحم والدتها ولا يرحمها هي أيضاً ويتصرف معهم بتقاليده القديمة التي اندثرت  وعفى عليها الدهر مع مرور السنين لكن عبدالرحيم يتمسك بها إلى الآن هوه وابنه  .
جلس عبدالرحيم بصحبة ابنه الكبير حسين على الطعام ، ودون أن تجرؤ إحداهن على الجلوس بصحبتهم على الطعام .
فهذه عادت هذا المنزل ويشابه عادات منزل ولاء ، في هذا التزمت مع بعض الأختلاف قليلاً .
جلست مهجة على الفراش في غرفة جلال بعدما إنتهى عقابها لهذا اليوم ، وهي منهكة القوى وشعرت بأن كل عظام جسدها يأن من الوجع .
قائلة لنفسها : آه ياني يا رجليه إللي مش حسه بيها ياني ، بقى كده يا حليوة يا أبوعضلات أهون عليك وتعمل فيه كده .
آه يا عضمي اللي اتفشفش ياني آه يا جعانة ياني ، ومحدش سائل فيكي ، ياحلوه وما انتيش لاقية بختك حتى مع الباشا جوزك ولا مع خدامه يحس بيكي ويجيبلك أكل ، اسمعت فجأة إلى صوت طرقات على الباب .
ولم تستطع الفتح فالغرفة أغلقها جلال عليها بالمفتاح وقالت : مين اللي بيخبط ….!!!
فقال لها سعد : الأكل بتاعك قدام الباب وساعة والبيه هييجي .
قال ذلك وانصرف ، بلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بلهفة : أكل فيه أكل برة ، بس ليه كده يا سعد تقلد البيه بتاعك وتنشف ريقى غير ماهو ناشف على اللقمة اللي هاكلوها ، شكله بهت عليك إنت التاني وكمان شكلكوا كده بقيتوا بتبوصولي في الأكل .
مرت الساعة وهي تتحمل الجوع بالرغم منها ، وتضم بذراعيها على بطنها بقوة من شدة جوعها التي تشعر به .
أخيراً فتح عليها جلال الباب وبتلقائية هرولت ناحية الباب متناسية جلال ومتذكرة الطعام فقط الموجود أمام باب الغرفة .
أثناء ركضها تصادمت مع صدر جلال القوي ، الذي حدجها بغضب وهي متعلقة بكتفيه خوفاً من سقوطها على الأرض .
شحب وجهها وقالت له بتوتر: معلش يا باشا أصل آني جعانة أوي ، آني آسفه عن إذنك كده وسع لما أجيب الأكل .
أزاحته جانباً دون أن  تعي ماذا تفعل معه ، وأتت بصينية الطعام وجلست على الأرض تأكل بنهم .
راقبها جلال بعينين حادتين وضم قبضتيه بغضب قائلاً لها بغضب شديد : إيــه إللي إنتي بتعمليه ده …..!!!!
تجاهلت غضبه وقالت له وهي تأكل بنهم : باكل يا باشا تعالى كُل معايا ، تعالى كُل بسم الله خلي البساط أحمدي تلاقيك يا أخويه على لحم بطنك من الصبح زي حالاتي . 
وضع جلال يده على شعره بغضب وود لوألقاها بالأكل خارج الغرفة ، لكنه مجبر على تحملها للنهاية .
اقترب منها غاضباً ثم إنحنى ناحيتها قائلاً لها بعصبية : شوفي بجى يا مجنونة إنتي آني هدخل الحمام وهطلع إن لجيتك جاعدة إكده تاني ، هخليكي تشتهي لجمة واحده تاكليها .
قالها ودلف إلى المرحاض ، فقالت لنفسها : يا مُرك يا مهجة يا مُرك كلي بسرعة دانتي مش أده ولا حمله .
خرج جلال من المرحاض وتلفت عليها وجدها تجلس على الفراش في صمت ، مما جعله يتجه نحو الخزانة ويخرج باقي ثيابه .
كانت مهجة تراقب كل تحركاته بغرفته بترقب ، وقف جلال أمام المرآة يمشط شعره ، فراقبته بطريقة مضحكة وقالت له بعفوية : حليوة بجد يعني يا سعات الباشا ما شاء الله عليك وعضلات حاجه كده زي نجوم السيما .
إلتفت إليها غاضباً وقال لها بسخط : إنتي بتخطرفي بتجولي إيه إنتي فهزت رأسها بسرعة بذعر وقالت له : مش بقول حاجه ….. مش بقول .
ثم أتت باللاصق الموجود أمامها على منضدة صغيرة وقطعت منه قطعة صغيرة ووضعتها بنفسها على فمها بطريقة مضحكة ، وأشارت بيدها أنها لن تنطق .
حدجها جلال بدهشة من فعلتها تلك ، ثم تجاهلها قائلاً لنفسه : إكده أفضل خليني أرتاح منيها شوي .
تنهد جلال بضيق وقد قرر أن يخبرها ، بما ستفعله خلال مهمته بالصعيد ، بالرغم من إنه لا يرغب بذلك ، خوفاً من طبعها المجنون هذا .
لكنه سيفعل ذلك من أجل حماية مهمته وسيضعها صوب نظره طوال الوقت وسيحاول أن لن تغيب عن بصره .
أتى بمقعدٍ وجلس عليه بالقرب منها قائلاً لها بجمود غامض : إسمعيني وركزي معاي زين في كل كلمة هجولها دلوك .
فهزت رأسها بالموافقة ، فتابع قوله لها قائلاً بحزم صارم : بعد كل التدريبات دي ، اللي اتدربتي عليها ، أحب أجولك ، إنتي موجودة معايا إهنه وهتسافري كمان معاي الصعيد من بكرة بإذن الله علشان مهمة كبيرة جوي هنجوم بيها إحنا التنين .
اتسعت عينيّ مهجة بصدمةٍ كبيرة مما استمعته للتو، جعلت نبضات قلبها تعلو بقوة وعنف وانتزعت اللاصق من على فمها قائلةًبتلقائية مضحكة : مهمة كبيرة جوي ….. يا شماتة طنط ظاظا فيه ، ده كله مطلوب مني أنا ، إستنى كده يا باشا يمكن ما يغماش عليه دلوقتي .
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!