روايات

رواية طوق نجاتي الفصل الخامس عشر 15 بقلم ابتسام محمود الصيري

رواية طوق نجاتي الفصل الخامس عشر 15 بقلم ابتسام محمود الصيري

رواية طوق نجاتي الجزء الخامس عشر

رواية طوق نجاتي البارت الخامس عشر

رواية طوق نجاتي الحلقة الخامسة عشر

صمت “ريان” المفاجأة اذهل “تولاي” فقد كان مغض العينان بقوه حتى ظهر خطوط بجانب عينه من كثرة غلقهما، قابض على معصم يده الذي يضعه تحت مقدمه رأسه، فكان غارق داخل محيط لم يجد منجا ولا فرار كل حواسه متجمده، ومشاعره متجلطه، يتمنى يد تنتشله من هذه الهواجز التي بمثابة قضبان حديد صلبه مانعه الصوت المستغيث من الضياع، ذكرى واحده كانت اقوى عليه من قطع رأسه، فالألم والحزن يظهر بوضوح على ملامحه العابسه المتشنجه…..
شعرت “تولاي” بشيء غريب فيه عندما كسا وجهه الحزن والقهر، نهضت بتعجب وقلق من هذا الشخص متقلب المزاج، قابلها “زين” ومرسوم على وجهه السعادةوكانت معه “كوكي”، فسألها بطاقه وحماس:
– شوفتي ريان؟
اومأت برأسها وأشارت عليه:
– اه قاعد هناك.
تحرك نحوه “زين”، و وقفت “كوكي” معاها وسألتها بتعجب:
– مالك انتي وريان شوية تتخانقوا، وشوية الاقيكم مع بعض تحت شجرة ؟!
شردت قليلا في شخصيته وحالته التي تركته عليه واخبرتها:
– بصي هو ريان طيب بس احيانا بيعصبني… تتخيلى اصر اكل معاه من نفس طبقه، وبعد لحظات لقيته ساكت وفي عالم تاني ؟!
زوت “كوكي” بين حاجبيها متعجبه:
– غريبه!
– أنا كمان استغربت جدا…
– ايه اللي غريب! ده من ساعة ما شوفته ملقتش حد غريب غيره.
يا بنتي “ريان” بيقرف جدا ومش بياكل مع حد في طبق واحد، الوحيده اللي كان يسمح ليها كانت خطبته.
اغمضت “تولاي” عينيها بتخبط بين جدران عقلها، تشعر انها داخل دوامة مع هذا الريان !!
من هو حقا، من يكون، لما يتعامل معاها بهذه الطريقة، اسلوبه تعامله مع الناس، فعل ام رد فعل؟ اسأله كثيرة طرقت باب عقلها….
عند “ريان” كان صوت صاحبه طوق نجاه تعلق به من ذكرياته المهلكه، افتح عينه ببطئ وظهر عليه علامات النعاس، قائل:
– خير يا زين…
– طالما قلت زين يبقى مش خير، مالك يا صاحبي بقالك يومين مش عاجبني.
– بنهار يا زينهم تعباااان اوووي، الجرح لسه بيوجعني.
– عشان اتقفل على تلوث… ياما نصحتك تبعد خالص.
تنهد من نار قلبه وابلغه بصوت مليء بالقهر:
– صدقني عدم بعدي نهائي عنها ده السبب اللي بيخلينى منساش ابدا اللي عملته، عشان عمري ما احن ولا اضعف ليها…. انت عارف انها بتحبني بجد، بس اللي عملته دبحني.
جلس بين قدم “ريان” وامسك يده بقوه المت “ريان”:
– الوجع بيروح مهما كان قوته، بس لازم نبعد عن مصدر الألم …
انهى حديثه وابعد يده عن “ريان” المتألم وأكمل بجدية:
– قوم يا صاحبي وخلينا منبصش ورا ضهرنا، قوم وشوف نجاح شركتنا، ابعد عن الماضي… الماضي مهما كان حلو وطعمه عجبك لازم تبعد وتجرب تدوق الحاضر عشان تتأكد أنه أحلى ويبقى ليك دافع للحيا… دوق يا ريان وبلاش تدفن نفسك جوه اكله expire واخره موتك اللي جاي بالبطي.
تحركت تفاحه ادم بحلق “ريان”، اكدت ل “تولاي” التي تراقبهما بأن به شيء كبير، وعليها أن تعرفه عاجلاً وليس اجلا….
نهض “ريان” و”زين” سويا، وامسح “ريان” وجهه، فحضنه “زين” بقوة وأبلغه بسعادة:
– مبروك يا صاحبي بكره اكتمل الحجز السفاري.
ابتعد “ريان” عنه بملامح فرحه وعيون مازالت تحمل حزن من غدر حبيبته:
– مبروك علينا يا زين الرجال.
انهى حديثه وعينه قابلت عين “تولاي” المليئه بالتساؤلات، اقترب منهما وقال ل “تولاي” و”كوكي”:
– استعدوا يا بنات بكره أول رحله سفاري.
فرحت “تولاي” المتشوقه لرحلة تسترجع بها ذكرياتها التي تحدثها عنها والدتها كل ليلة، فرحتها كانت تشبه فرحة الاطفال، ظلت تقفز وتخبرهم بحيوية:
– واووو نفسي اروح سفاري من زمان… اخيرا.
– مش هحرمك من حاجه كلنا هنطلع منه شغل وفسحه.
ثم قال وهو يصوب عينه العسليه عليها، ويهرش بذقنه البنيه:
– واهو تفرجينا على مغامراتك على تسلق الجبال وصيد العقارب…
رفعت “تولاي” حاجبها الأيسر بصدمه وهلع وقالت عندما وجدت كل من يقف معهم متحمس لكلامه:
– واطي صوتك، ايه الفرح ده كله انت ليه محسسني انها ليلة دخلتي على كبير العقارب.
اقترب منها خطوه واخبرها بنبره هامسه امام مقلتيها التي تمتص نور المكان وزادت سواد بؤبؤها عينيها لمعه خاصه بها:
– امال فتحه صدرك علينا، وبتحكي مغامراتك ولا كأنك على ناشونال جيوغرافيك.
ارتبكت من وقوفه بمقابلتها وأجابته بتلعثم وتوتر:
– لا ما خلاص أنا كبرت على الكلام ده.
– ايه؟!
كان ارتباكها يشعل ثورة فرح بداخله ولا يعلم لماذا فتعمد أنها تتحدث مره ثانيه حتى تشبع غزو قلبه، فقالت بتوتر بصوت منخفض وهي تعض على شفتيها:
– كبرت أنا… أنا كبرت.
تدخلت “عائشة” لتنقذ “تولاي” من اخيها، قائله بحماس:
– ايه ده انتي بتصطادي عقارب؟
بحلقت “تولاي” بها بصدمه على معرفتها هي ايضا هذه المعلومة المشكوك في امرها منه هي نفسها وقالت بصوت لا يسمعه إلا من كان قريب منها:
– الله يهدك يا ريان زي ما مسوء سمعتي.
– وتهديني ليه؟ يعني انتي تصطادي وأنا اللي اتهد؟
كسا ملامح وجهه الضيق قائله بأقتضاب:
– لا خلاص يا عائشة ربنا تاب عليا.
– مستحيل تبطلي… يا ينتي يموت الزمار وصوابعه بتلعب، أنا كمان بحب اصطاد هنشجع بعض، ونرجع الروح الشريره بتاعة زمان.
ابتسمت لها وهي تدعي بداخلها على “ريان” وأبلغته بصوت واطي:
– خاف مني.
ضحك بصوت مسموع تعجب منه الجميع والتف وهو يرفع سبابته يمسح مقدمه انفه قائل:
– ليه ماشيه بمسدس في ايدك…. يا بيره.
رفعت سبابتها أمام وجهه عندما سمعت لقبه الجديد لها لثاني مره، وهذه المرة لم تكذب سمعها لكن سألت لتفهم:
– قلت ايه؟!
رسم ابتسامه كامله على محياه اظهرت غمزاته مجيب بكل تأكيد:
– بيره.
زوت ما بين حاجبيها باستغراب:
– ايه بيره دي؟!
لم يرد عليها والتف بجزعه نظر للجميع، تعصبت من تجاهله لها وتحركت خطوات متشنجه، نادى عليها وقال بجدية:
– استني…..
ثم نظر على “زين”:
– يالا يا جماعه تصبحوا على خير، خد خطبتك وصلها وأنا هوصل تولاي وعائشة في سكتي .
ردت “عائشة” :
– لا تشكر يا ذوق….. أنا هروح مع جوزي اهو وصل، تصبحوا على خير.
اخذ “زين” خطيبته في جو مليء بالضحك والمشاكسات بينهما…
وانصرفت “عائشة” مع زوجها الذي كان يتمنى أن تظل معهم لكن حكم القوي بعدما اتصلت به وطلبت منه حضوره ليصلها هو، حتى تتيح الفرصه ل”ريان” و”تولاي” الانفراد مع نفسه.
وجد “ريان” “تولاي” تقول بهمس وهي تتركه:
– وأنا هركب تاكسي.
استفزه حركتها فذهب خلفها وأمسكها من شنطتها الموضوعه على كتفها:
– امشي قدامي من غير ولا صوت… مش عارف هو خطيبك ده سايبك وهاجج فين…. مش بعيد تكوني مغصوبه عليه وبيهرب من لسانك الطويل اللي زي القطر ولا بيقف ولا بيعمل حساب لحد.
عندما انهى حديثه نزع الجاكت والقى على كتفها، اندفعت قائله بغيظ:
– مسمحلكش تغلط فيا…. ومش هركب يعني مش هركب… وخد جاكتك ده…. ولا اقولك خلي عشان سقعت فجأه.
انهت حديثها وقالت بصوت عال:
– تاكسي…
وقف السائق، لكن “ريان” اغلق الباب بكف يده وسحبها من حقيبتها بطريقه اخافتها، جعلها تجلس داخل سيارته بعدما المفتوح سقفها بعدما افتح الباب لها، وسند بكف يده على نافذة الباب بيده مبلغها من بين أسنانه بتهديد:
– مسمعش بقى صوتك لحد ما نوصل لاخلي دماغي الفاضيه اللي انتي عرفاها تسيب عليكي كلاب سعرانه .
رجعت بجزعها للخلف من طريقة المخيفه:
– لا وعلى ايه انا اصلا فقده النطق من صغري.
– عال الله ينور استمري.
تحرك وصعد امام عجلة القيادة وقبل أن يتحرك بالعربه حرر شعره ولوح رأسه لليسار واليمين وهو مغمض العين، ثم ارجعها للخلف، حركاته جعلتها تميل رأسها تتفحصه ولفت انتباها تفاحة ادم التي تتحرك داخل حلقه، جعلتها تبتلع ريقها تلقائيا، ثم رأت الغمازه التي تستقر وجنته اليمنى ابتسمت بصمت ونظرت أمامها عندما وجدته مال بجزعه كله عليها حتى يربط لها حزام الأمان، كانت انفاسه تحرقها، وتكاد انفاسها في ذمة الله برغم دقات قلبها التي تتسابق لتقفز وترفع في صعود وهبوط صدرها بسرعة…
– الحزام تقيل في السحب هعمله ليكي ..
انهى جملته ثم تقابلت عينه مع عينيها السوداء غام عقله بسحابه بيضاء كثيفه، وامتلئت رئته بعطرها الذي لأول مره يستتشقه من كثرة قربهما، كانت رائحته جديده تشبه الفاكهه الطازجه..
كانت تكاد تشق المقعد من كثرة ارجاعها للخلف بجسد متصلب متجمد، وأبلغها بصوت هامس:
– عينك.
جحظت عينيها أكثر بتسائل بدلا عن لسانها المتحجر، فقال بهمس:
– خطيرة.
افاقهما بوق التنبيه السيارة التي خلفهما، اكمل سحب الحزام وادخله مكانه ورجع مكانه زفر الهواء و ادار المفتاح وتحرك، مازالت على وضعها لكن صدرها تسارع اكثر في الصعود عندما اخذت أنفاسها..
كانت مقلتيها كل ثواني تراقب تغير ملامحه، اخذ باله من عينيها الحائره فقال بهدوء:
– مالك ؟
ربشت عدة مرات واخبرته بتوتر:
– لا مافيش..
ثم عزمت على قول على ما يدور داخل عقلها:
– أول مرة اشوفك لابس بدله وشعرك مفكوك.
ابتسم وهو يمرر يده على شعره وابلغها:
– البدله عشان الافتتاح… وبليل مش بحب اي حاجه تقيدني بحب اكون حر.
اومأت رأسها بتفهم، وظلت صامته حتى أن وصلت، قلعت جاكت البدله واعطته له في يده، وابلغته بصوت ناعس:
– شكرا.
اجابها بنفس النبره من كثرة الصمت بينهما طوال الطريق:
– العفو.. نامي على طول وبلاش تفكري.
ضاقت عينيها بأستفهام:
– افكر في مين؟!
– في اللي هاجج منك.
قال جملته بخبث واطلق ضحكته وتركها تشتعل غضبا…. يا له من كائن مفسد كل شيء ينسجه عقلها من تخيلات…
صعد غرفته وهو يمسك جاكت بذلته وقبل ان يضعه اشتم رائحتها المتعلقه به كما تعلقت برئته؛ ابتسم ابتسامه جانبيه على المتطفله التي تترك اثرا في كل شيء يخصه…
دخلت “تولاي” الفيلا بشرود قابلتها والدتها:
– حبيبتى اتأخرتى كده ليه ؟
امسكت يدها قبلتها وحضنتها بفرحه وابتسامه تزين وجهها:
– حقك عليا الحفله طولت وكنت لازم استنى الكل يمشي.
ربتت عليها بحنان واطمئنان:
– المهم أنك بخير ومبسوطه يا ضي عيوني.
ابتسمت وهي تجلس هي و”يسرا”:
– بحب اووي اسمع منك ضي عيوني.
– انتي كل حياتى يا تولاي… الحياه من غيرك مش ليها طعم.
وضعت رأسها على صدر أمها الحنونه المعطاءه الكثير من المشاعر والحب:
– أنا اللي من غيرك ولا حاجه يا روح الروح انتي.
ثم رفعت رأسها وامسكت يدها:
– تعالي اغير واحكيلك على اللي حصل.
وقفت معاها وصعدوا ممسكين يد بعضهما بحب، حتى أن دخلت غرفتها وبدأت بتغير ملابسها:
– مش ريان كتب أول حرف من أسمي في شركته.
– مبروك يا ضي عيوني…. ريان ابن اصول مأصل.
– وكمان هنطلع بكره سفاري، أنا مبسوطه اوي، اخيرا هطلع اشوف النجوم والقمر من غير اي تدخل من البيئة على نورهم الطبيعي.
– حبيبتي ربنا يسعدك واشوفك متهنيه دايما.
ثم قبضت حاجبيها بتقزز وشمئزاز وجلست بجوارها:
– اسكتي مش مُصر إني اصطاد عقارب !!
– ما انتي طول عمرك بتحبي المغامره دي… ومهما كنت ارفض تتحايلي على باباكي ياخدك من ورايا الصحراء وتصطادي.
– ماما اكيد وقتها كان عندي adhd، مستحيل كنت اكون طفله طبيعيه.
زوت والدتها بتعجب:
– يطلع ايه ال adhd؟
ابتسمت وهي تضع رأسها على قدم والدتها التي بدأت تمسد على شعرها الأسود الطويل وقالت بتوضيح بسيط:
– ده مرض نفسي بيكون عند الاطفال، بيكون اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، وغالبا بيستمر في مرحلة البلوغ، والحمدلله مستمرش معايا، وبيكون من اسبابه نقص الانتباه زي مثلا تحصيلي الدراسي مش قد كده مع أن كل اللي يشوفني اول مره يقول دي ذكيه، وكمان فرط النشاط بيكون عندي طاقه وبتحرك كتير جدا، زي مثلا بكون راجعه من التمرين ولسه جوايا بور، والتركيز بيكون في ذمة الله ومش بركز في اي كلام او شرح بيتقال، وممكن ارد على حد بطريقة مش لطيفه واحرجهم مع أن بيكون مش قصدي والرد بيطلع لوحده من غير قصد، ده غير بقى البوص بتاعهم السلوك الاندفاعي، يعنى مثلا اعدى شارع سريع بتهور ومن غير ادنه خطورة للي عملته، اصطاد عقارب سامه ممكن غلطه توديني في حته تانيه خالص.
فتحت “يسرا” عينيها على الآخر وتذكرت كل شيء مر وقالت:
– تصدقي انتي كنتي كل ده.
ضحكت “تولاي” على طفولتها التي حمدت ربها انها نسيتها:
– اكيد لان كل ده حاليا مستحيل اعمله، والحمدلله التركيز والانتباه بقيت كويسه فيهم جدا واقدر ابدع، والسلوك الاندفاعي هو اللي بقى في ذمه الله وبقيت احسبها صح.
شعرت “يسرا” بوجزه داخل صدرها وقامت بعدما رفعت “تولاي” رأسها وأبلغتها:
– ربنا يحفظك يا ضي عيوني… نامي يالا وارتاحي وأنا هحضر ليكي شنطتك اللي هتروحي بيها، هيكون فيها كل حاجه هتحتاجيها هناك.
– بجد كتر خيرك والله انقذتني لأن مش عارفه اخد معايا ايه ؟
– متشليش هم حاجه وأنا معاكي.
انهت حديثها ثم قبلتها وخرجت ذاهبه لغرفتها بعدما اطمئنت على بنتها، دخلت لمحها زوجها بملامح تائه سألها:
– مالك يا يسرا ؟
– مش عارفه حاسه أن قلبي وجعني، حاسه فيه حاجه غلط، بس مش عارفه هي ايه ؟
– وحدي الله أنا ما صدقت الحالة دي راحت بعد رجوع تولاي.
– لا اله الا الله محمد رسول الله.
قلعت حذائها ومددت جسدها بحضن زوجها وكل يوم تزيد الوجزة بصدرها، وضعت يدها مكان الألم بمنتصف صدرها ونامت.
★*****★

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية طوق نجاتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى