Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

هنا احتد جلال عليها قائلاً بانفعال: رايحة فين اكده بمنظرك ده… فهتفت به والغيرة تعميها قائلة بغضب: رايحه أجيبها من شعرها الحيوانة دي.
هز رأسه بحدة غير مصدق ما تفعله قائلاً لها بحنق: مين دي اللي هتجبيها من شعرها، فوضعت يدها في خصرها قائلة له بجنون: السنيورا  يا عمدة مرتك الجديدة.
جحظت عينا جلال بصدمةً كبيرة، غير مستوعب ما تقوله… واستغرب في نفسه كثيراً… إلى هذا الحد وصل بها الجنون إلى هذا الشكل المقلق، أخرجته من شروده هذا قائلة بحدة: اوعاك إكده من وشي أشوف الست هانم اللي جيبهالي في نصاص الليالي وجايه تاخدك مني اكده على الجاهز…. فاكراني عبيطة جوي هتنازل عنيك بسهولة.
لم تكن مهجة على دراية لما تتفوه به… وحاول جلال بشدة أن يضبط أعصابه بقوة وهو يمسح بكفيه على وجهه بنفاذ صبر، هو يدري انها مجنونة ولكن ليس إلى هذا الحد الذي سيجننه هو الآخر منها.
لأول مرة لا يعرف كيفية التصرف معها… لهذا اقترب منها بخطوات مهددة كي يخيفها فقالت له بضيق: إيه فاكر نفسيك انك بسكاتك ونظراتك دي هتخوفني، لاه فوج يا سعات البيه ده آني مهجة اللي محدش يجدر ياخد حاجه منيها غصب عنيها واصل،  يالا اوعاك من جدامي خليني اعلمهالك الأدب.
هدر بها بنفاذ صبر قائلاً لها بصرامة غاضبة: مهجة اخرسي انتِ مش فاهمة أي حاجه وبتتحدتي ومنتيش واعية للي بتجوليه.
تذمرت قائلة له بنرفزة: طبعاً ما آني مجنونة بجى… وهيه دلوك ست العاجلين.
حاول تهدئة اعصابه دون فائدة قائلاً بغلظة: أولاً إزاي عايزة تخرجي للبلكونه إكده…. وسنيورة مين دي اللي هجيبها اوضتي في نصاص الليالي.
صرخة به باحتداد… قائلة بسخط: وماله شكلي دلوك مبجتش عاجباك إياك…. طبعاً ما انت لازم تجول اكده علشان الغندورة اللي جيبتها.
هز رأسه بغضبٍ وانفعال واتجه بسرعة نحوها وأمسكها من كتفيها بقسوة من الخلف وأزاحها أمامه بعصبية، وأوقفها أمام المرآة عنوةً وانحنى نحو أذنها هامساً بصوتٍ كالفحيح: بصي وشوفي نفسيكِ اكده… ينفع تخرجي في البلكونه وانتي بخلجات النوم…. يا ست هانم…!!! 
قطبت حاجبيها بصدمة وهي تتطلع إلى نفسها في المرآة ثم عادت وتأملت وجه جلال الغاضب في المرآة أيضاً، ورأت كتفيها بدون شالها التي كانت ترتديه منذ قليل … فأحست بالدوار المفاجئ، وشعرت بأن الأرض تميد من تحت قدميها وحالت بينها وبين النطق….. من كثرة خجلها من الحقيقة التي من فرط عصبيتها لم تراها إلا الآن، وعلى يد من… زوجها.
همس جلال ساخطاً عليها: ما تنطجي يا أم لسان طويل… راح فين صوتك دلوك.
أخذ تنفسها يتقطع من كثرة احراجها، وشعورها بالأغماء يزداد…. وبسرعة وضعت ذراعيها تدراي به صدرها قائلة بتساؤل مذهول: آني إيه اللي جابني اهنه… اوعى اكده بَعد عني… آني مخصماك ومش طايجاك.
فقدَ جلال السيطرة على أعصابه هذه اللحظة قائلاً بانفعال: يا صبر أيوب هوه آني اللي جيبتك اهنه ولا إنتِ اللي جيتي برجليكِ…. لغاية عندي.
ابتعدت عنه كأنها وعت لما تفعله وحقيقة ما ترتديه أمامه فأبعدته عنها بحدة وهي تقاوم امساكه لها…. باحثة بعينيها عن شالها لكي تضعه على كتفيها.
وجدته مُلقىَ على الأرض بجانب الفراش، فانحنت لتلتقطه بسرعة، فشعرت بالدوار يزداد هذه المرة…. كان جلال واقفاً يراقب تصرفاتها بغيظ شديد قائلاً لها بسخط وضيق: انتِ مالك إكده مش على بعضيكِ ليــه.
اعتدلت في وقفتها ممسكةً بالشال والأرتباك يسيطر عليها ثم هتفت به بحدة: ازاي يعني آني وياك، بمنظري ده وانت غريب عني… لم يتركها جلال تسترسل في حديثها الذي أبغضه كثيراً في هذه اللحظة.
واقترب منها بخطوات سريعة غاضبة، جاذباً اياها من معصمها ناحية صدره بعنف، مقرباً وجهه من وجهها، ثم تناول من يدها الشال وألقى به على الأرض وهو يدعسه تحت قدميه، هامساً بقوله الساخط: مهجة فوجي لنفسيكِ إكده وبلاش الهبل اللي بتعمليه دلوك، آني جوزك ومش مع راجل غريب… ولو عايزاني أفكرك… أني مستعد.
ارتعد قلبها وجسدها وهي تتذكر معنى حديثه له وبأنها قد أصبحت زوجته بالفعل وليس على ورق كما كان الأتفاق بينهم، فقالت له بحدة: لاه لساتك غريب عني طالما جايبلي دُرتي إهنه، ومخبيها عني… قاطعها بعنف هذه المرة وشدد على ذراعها حتى تأوهت من الألم مكان إحكام قبضته عليها.
قائلاً لها بانفعال: هوه آني مجنون أتجوز تاني عليكِ، هوه آني للدرجادي أهبل، بدل يبجى عندي مصيبة واحدة، يبجى مصيبتين هوه آني ناجص بلاوي كمان تتحدف فوج راسي…. ده انتِ واحده بس ومنيش جادر عليكِ،  بسبب جنانك ده اللي ملوش آخر ولغاية دلوك بتوجعيني وياكِ من مصيبة للتانية.
شعرت مهجة بخطؤها هذه المرة وبأنها بالفعل قد تصرفت بإسلوب مستفذ معه هذه المرة، لهذا أسرعت تقول له للتهرب منه: طب اوعاك اكده بَعد عني…. آني لازم امشي من اهنه بسرعة اروح اوضتي….
تنهد جلال وهو يحدجها بنظرات قاتمة هذه المرة دون أن يتركها، كما طالبته، شاعراً بالغضب الحاد من اسلوبها الذي استفذه كثيراً الآن… ووضع يده الأخرى فوق شعره مفكراً بحيلة… تفرض عليها البقاء معه رغماً عنها… دون اللجوء الى العنف معها أكثر من ذلك حتى لا تعانده مرةً  أخرى.
جلس ياسين في غرفته يتأفف فهو منذ منتصف الليل يحاول الاتصال على نوال التي تزيد صعوبة غربته في بلدٍ غريب.
ولم ترد عليه تارةً يجد هاتفها مغلق وتارة أخرى يجده يرن ولا تجيبه.
تنهد بغيظ منها قائلاً لنفسه: بقى بتعاقبيني يا نوال على حاجه أنا معملتهاش…. لأ وبتعاقبيني يوم ما أنا مسافر… علشان يبقى حرمان من كله وفوقيهم غربتي.
أمسك هاتفه للمرة العشرون يحاول الإتصال عليها ولم ترد أيضاً ، بعد وجده يطلق رنينه المتوالي ولا تسأل به….. فقال بحنق: آه منك يا نوال… كان نفسي تكوني قدامي… دلوقتي وأنا كنت هشوف شغلي معاكي… كام مرة أقولك ابقى ردي وبردو دماغك ناشف وخلاص وبتعندي علشان سبب ملوش أي اساس من الصحة.
ألقت نوال الهاتف بجوارها على الفراش…. بعد اتصالات ياسين عليها المتعددة دون أن تجيبه قائلة بضيق: هوه مفكر هسامحه ولا إيه بسهولة ده انت لسه ماشي من شهر ان ما شهيتك صوتي.
تمددت في فراشها ونفضت رأسها عن الشرود به طيلة الوقت قائلة لنفسها: سيبك منه يا نوال… دي فرصة ليكي تاخدي حقك منه…. وآدي انتِ من بكرة بإذن الله هتروحي المحل وعيشي حياتك ولما يبقى ييجي يحلها ربنا بقى ساعتها.
حاولت النوم لتستيقظ مبكراً…. فوجدت من يطرق عليها الباب… فاستغربت قائلة: مين بيخبط… فقالت مها: أنا مها افتحي… فتحت لها بسرعة قائلة بدهشة: في حاجه يا مها… فقالت لها بنعاس: آه أبيه بيقولك ردي على التليفون.
فقالت لها بجمود: قوليله مش هترد عليك… فا متخلهوش يتعب نفسه معايا.
اتسعت عيناها بصدمة قائلة: معقوله يا نوال عايزاني اقوله كده ده يموتني مقدرش.
تأففت قائلة لها بيأس: اكتبي هاله في رسالة وريحي نفسك ولا قوليله نايمة يمكن ساعتها يرتاح.
هزت رأسها بالموافقة قائلة لها: حاضر الأمر لله…. هروح اكتبله في رساله انك نايمة.
ابتسمت نوال لأول مرة منذ أن سافر منذ شهر فها هو يسعى خلفها وستلعب عليه إلى أن يأتي من سفره.
وستدفعة ثمن ما فعله بها فرصةً لها…. الآن لن تعوض… مرةً أخرى.
حاولت النوم لوقتٍ طويل إلى أن نامت وغطت في نومٍ عميق.
جلست مريم تذاكر ساهرة، وتراجع محاضراتها الأخيرة التي أخذتها من إحدى زميلاتها، والتي قد قامت بتصويرها وأتت بها إلى مريم… قبل أن تبدأ الإمتحانات…. التي ستبدأ بعد يومين فقط.
بعد أن أصر يحيى على عدم ذهابها إلى الكلية وقد وافق فقط على ذهابها إلى الإمتحانات وعلى مضض من جانبه.
وجدت هاتفها يرن فظنت أنها ولاء… لكنه كان يحيى… ترددت في الإجابة على اتصاله أم لا في هذا الوقت.
لم تجيبه فعاد الإتصال عليها مرةً أخرى فردت هذه المرة فبادرها قائلاً بخشونة: إيه مالك إكده مش بتردي عليه عاد… وآني محذرك جبل إكده من عدم ردك عليه.
فقالت بتردد: أبدا مفيش حاجه واصل… أصل كنت بذاكر…. تنهد قائلاً: طب كويس على العموم آني هبجى أوصلك للكلية بعربيتي.
ارتجف قلبها قائلة بسرعة: لاه آني خابرة الطريق كويس…. وهبجى…. قاطعها بحدة: مريم ما تسمعي حديتي من أول مرة… ده يعتبر آني جوزك مش راجل غريب عنيكِ.
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة: ماشي موافجه… موافجه بس آني خايفة من حسين أخوي ليبجى عنديه خبر.
أغمض عينيه بضيق قائلاً: متجلجيش آني حدته امبارح ووافج ارتحتي اكده.
تنهدت بارتياح قائلة بتلقائية: آه اكده ارتحت ربنا يريح جلبك…. صمت يحيى هامساً: من جلبك الدعوة دي يا مريم.
شعرت بالإحراج ولم ترد فعاد نفس السؤال بضيق قائلاً: ما تنطجي يا مريم… مش بتردي عليه ليه….!!!
شعرت بالاحراج فقالت بتلعثم: طبعاً…. طبعاً.. يالا بجى روح نام خليني أكمل مذاكرة.
تنهد بخبث قائلاً: آني خابر إنك مش هتذاكري بعد حديتي وياكي بس يالا كفاية عليكِ اكده…. النهاردة..
بالفعل صدق حدثه لقد جلست شاردة الذهن به بهيام…. لأكثر من نصف ساعة وبعدها أرغمت نفسها على المذاكرة بالقوة.
همست مهجة بصوتٍ مرتجف: هيه الكهربا مالها اكده جطعت ليه مرة واحدة…. لم يرد عليها جلال وتركها هي من تبحث عنه وسط هذا الظلام الحالك.
فخافت كعادتها من ذلك… فازداد ارتجاف صوتها قائلة له باضطراب: جلال…. مش بترد عليه مش تنطج.
طال الصمت ولم يجيبها فتحسست بيديها أمامها لا تعرف طريقها ناحية الباب.
فارتعد قلبها بخوفٍ شديد قائلة بفزع: روحت فين يا جلال… انت خابر زين اني بخاف جوي من الضلمة دي.
ولمّا لم يرد عليها وقفت مكانها ثابتة تبكي…. شاعرةً بالضياع قائلة بفزع: جلال أرجوك انطج روحت فين آني حاسة بخنجه.
بالفعل كان هذا شعورها فقد تزاحمت الكوابيس في رأسها… والأفكار الغريبة لذا ازداد تعبها وإذا لم يظهر جلال حالاً.
فا بالتأكيد سيغشى عليها الآن مع احساسها بهذا الدوار اللعين الذي يصيبها منذ يومين إذا تحركت أي حركة….
صرخت بإسمه بهلع هذه المرة وهي تبحث عنه بيديها وبغتةً وجدت نفسها تلتصق بصدره فتمسكت به بقوة.
وأذرفت دموعها بين ذراعيه مستندة برأسها في منتصف صدره، هامسة بصوتٍ مرتعش: جلال آني خايفة جوي ليه مش بترد عليه…. آني حاسه بخنجه بسبب الضلمة دي…
أغمض جلال عينيه يحاول تمالك أعصابه هو الآخر فمنذ أن تركها بعقابه لها منفصلين كلاً منهما داخل حجرة منفصلة… كان يشعر أنه يعاقب نفسه هو الآخر في بُعدها عنه.
إنه الآن يعاني مثلها الحرمان ولكن لن يخبرها عن معاناته في بُعدها عنه…. فكبرياءه كرجل صعيدي وفي مركزه هذا تمنعه عن ذلك.
فضمها إليه وهو يقاوم مشاعره الجارفة نحوها…. التي تجددت عندما رآها الآن وبهذا الشكل أمامه… وخصوصاً انها قد تغيرت فكلما فعلت حركاتها المجنونة تلك هذه الليلة.
كلما زاد اشتياقه ولهفته عليها…. فهي تجننه معها بحركاتها الطائشة هذه…. من غير أن تدري وتجعله يريد القرب منها دائماً.
وأخذ يلوم نفسه على أنه لم يستطع التحكم إلى الآن على أعصابه وهو يضمها إليه بهذا الشكل المتملك…. والقاسي كأنه يعاقبها على هذا الهجر والحرمان الذي يعانيه بسببها.
ارتعد جسدها وهو يحتجهزها بقوة بين هاتين الذراعين…. هامسةً بصوتٍ زاده تملك لها: جلال اوعاك تسيبني…. في الضلمة دي…. آني مرعوبة منيها.
تسارعت أنفاسه بهذا القرب اللعين لها والتصاقها القوي به …. فا كلما زاد ارتجافها وتعلقها به…. انهارت مقاومة قلبه لها… أمامها.
فعبث بشعرها الطويل وبعثره بأنامله…. الذي يحرك قلبه معه،  كلما رآه أمامه لهذا كان يرغمها كثيراً على ارتداء الحجاب في بداية زواجه منها أمامه بسبب ذلك.
لكن الآن وهي بهذا الشكل…. لا يريد إلا أن تظل في احضانه يبثها شوقه إليها والذي يعانيه كلما ابتعدت عنه.
هامساً لها بجوار أذنها صوتٍ متحشرج: آني وياكِ متخافيش مش هسيبك واصل.
أغمضت عينيها بأمان ناسية أي شىء آخر في ذاكرتها…. من ناحيته.
قبلها في جبينها هابطاً إلى شفتيها التي ترتجف في انتظار تقبيله لها…. بهدوء.
اختلطت انفاسهم المتقطعة هذه اللحظة وهو يقترب من شفتيها ببطء… كانت مهجة لا تعي ماذا يسيطر عليها الآن…. وكل هذا الإنجذاب من ناحيته لها.
قبلها بنعومة وعذوبة مما جعلها تنسى كل شىء حولها، هائمة بين ذراعيه…. في عالم مثل السحر، ابتعد عنها كي يهدأ من تنفسه هو ثم عاد مرةً أخرى إلى تقبيلها من جديد بأكثر شوق ولهفة…. هذه المرة.
وهو يضمها بقوة…. يريد حصارها حتى لا تتجرأ وتهرب من حضنه إلى غرفتها أبداً.
شعر جلال أنها الآن تحت سيطرته الكاملة وهذا ما أراده فحملها ببطء شديد بين ذراعيه…. وهي وضعت يديها حول رقبته تريد البقاء للأبد.
وضعها برفق على الفراش…. مستسلماً لمشاعره الجارفة نحوها…. جاذباً إياها بين ذراعيه…. شاعراً بالاشتياق نحوها أكثر من أي وقت مضى.
هامساً بعذوبة أذابته هو قبلها: اتوحشتك جوي…. يا مهجة.
ثم بدأ يقبلها مرة ثالثة بعد أن تاهت من همساته لها وهي بين ذراعيه… كانت مهجة سعيدة بعد كل هذا الحرمان التي مرت به بسببه…. تستمع بلحظات نادرة بالنسبة لهما هما الإثنان…. مستسلمة لهذا الشوق البادئ بوضوح في تصرفاته معها الآن.
وفي الصباح الباكر استيقظ جلال قبلها وهي مازالت نائمة بين ذراعيه…. يتأملها بحرية دون قيد من تصرفاتها المجنونة.
فأخذ بخصلة من خصلات شعرها ووضعها خلف أذنها ليتفحص وجهها دون عائق.
شارد الذهن بكيفية الحد من كثرة جنانها هذا…. وعنادها الذي كثر هذه الأيام وبالتحديد منذ أن أصبحت زوجة حقيقة له…. كأنها تعاقبه على حقه بها…. لقد صبر عليها كثيراً… دون أن يلمسها وأخذ يقاوم طيلة الوقت.
لكنه بشر في النهاية مثل أي انسان عادي يريد أن يصبح وضعه مستقراً مع زوجته.
بالرغم من أن زواجه منها كان بإسلوب مختلف عن ما كان يتمنى دائماً.
انحنى نحو جبهتها يقبلها برقة….  وقرر في نفسه أن يتصرف معها الآن بحرية شديدة قبل أن تستيقظ وتعود لطبيعتها المجنونة مرةً أخرى.
جاء موعد الامتحانات التابعة لمريم ووجدت يحيى بانتظارها خارج منزلهم في عربته… ابتسم بغموض عندما رآها… جلست بجواره تتحاشى النظر إليه.
أمسك بيدها برقة خشيت على قلبها منها فتيبست يدها في قبضته، ثم نظر إليها كأنه يقرأ أفكارها قائلاً لها بعبث: مالك إكده مرتبكة ليــه….!!!
هزت رأسها باضطراب قائلة بتردد: مفيش حاجه يمكن بس علشان… علشان الأمتحان أول يوم النهاردة… فقرب يدها من فمه وقبلها ببطء… فارتجف قلبها قائلة بخجل: مش هنمشي بجى…. الأمتحان فاضل عليه ساعة.
ابتسم يحيى بخبث قائلاً: آدي انتِ جولتيها ساعة يعني جدامنا وجت نبجى مع بعض شوية ولا إيــه.
أحمر وجهها قائلة برجاء: لاه يا لا نمشي من اهنه… ضحك وهو يقترب من أذنها قائلاً بخفوت: هنمشي بس بردك مش هسيبك اكده.
كاد قلبها يصرخ من شدة خفقاته…. شاعرةً بهذا التحول الطارئ على تصرفاته معها قائلة بنبرة مرتجفة: يحيى ارجوك بلاش تتصرف اكده حد يشوفنا وكمان عندي امتحان.
ابتسم بخبث قائلاً بصوت متحشرج: منا بعمل اكده علشان عايزك تركزي وانتِ بتحلي الأمتحان.
هزت رأسها بالرفض سريعاً… هو لا يعرف ماذا يفعل بها الآن ولا بأعصابها وإلى أي مدى تأثيره عليها.
قائلة له برجاء: أرجوك يا يحيى بَعد عني، حد يشوفنا.. قاطعها قائلاً بمكر: بصي اكده حواليكي… ففعلت ما قاله لها… فأردف قائلاً: ها حد اكده يجدر يشوفنا غير ربنا وانتِ مرتي مش اكده.
تنهدت وهي تفهم مقصده فزجاج السيارة غامق اللون من ينظر إليهم من الخارج مهما فعل فلم يراهم.
لكن يحيى قال بخفوت: وبردو آني هسكت دلوك خليكِ تركزي في الأمتحان… بس بعد اكده هتلاجي حاجه تانية خالص.
توردت وجنتيها وهو يحدق بها وبشفتيها الحمراوين، مبتعداً عنها وقاد السيارة إلى الكلية.
نفضت عن رأسها ما عانته منذ قليل حتى تركز بامتحانها… كان يحيى يراقبها بطرف خفي مبتسماً داخل نفسه وهو يرى مدى تأثيره على أعصابها ومن قربه منها.
فتحت نوال المحل في ذلك اليوم وبدأت بعض الزبائن يهلون عليها من جديد….شغلت تفكيرها بعيداً عن ما مرت به مع ياسين بالأمس وإرساله بعض الرسائل على هاتفها دون أن تقرأهم أبداً.
مما جعلها تغلق هاتفها إلى أن تأتي برقمٍ جديد لا يعرفه ياسين… جعل ذلك يشعره بمزيدٍ من الغضب والحنق عليها… فدخلت عليها مها اليوم في الصباح الباكر قائلة بإلحاح: يا نوال أبيه هيتجنن وعايزك تردي عليه وتكلميه ولا حتى تبعتي ليه رسالة.
تنفست بضيق قائلة بجمود: مش عايزة أكلمه يا مها، وريحي دماغك منه وقوليله لا يبعت رسايل ولا فيديوهات ولا أي حاجه لأنك مهما عملت وهتعمل مش هترد عليك ولا هتكلمك أبداً.
فقالت لها بحيرة: ده هيولع يا نوال بقاله كذا يوم على كده، وبيبقى ناقص يطلعلي من التليفون، ابتسمت بسخرية قائلة لها بتشفي: خليه كده علشان يبقى يعمل كمان وكمان زي اللي عمله فيه قبل ما يسافر.
استمعت اليهم والدته قائلة بشماتة: والله برافو عليكي يا حبيبتي ،خليه يتأدب ويتربى من جديد، ويحرم يعمل اللي بيعمله ده ومن قبل ما يخطبها وهوه نازل فيها عذاب واهانة…. جدعة يا نوال يا بنتي اثبتي على كده.
أفاقت من شرودها على دخول حوده عليها إلى المتجر… مع رؤيته تذكرت مهجة قائلاً لها بهدوء: ازيك يا نوال… فابتسمت بهدوء: ازيك انت يا حوده عامل إيه… تنهد بحزن وهو يتلفت حوله بداخل المحل قائلاً بمرارة: شايفه المحل من غيرها وحش ازاي.
زفرت بضيق قائلة بألم: عارفه يا حوده واحنا بإيدينا ايه نعمله ومعملنهوش… بس غريبة انك لسه منستهاش.
ابتسم بحزن شديد قائلاً: وهيه ست البنات تتنسي بردو يا نوال، هزت رأسها بمرارة قائلة :ومين سمعك يا حوده أنا عن نفسي مش بنساها وبتمنى اشوفها في اقرب وقت انت متعرفش أد إيه هيه وحشتني ومشتاقة أوي لحضنها حتى ضربها ليه مشتقاله.
شعرت مهجة بأن جلال قد هدأ من ناحيتها كثيراً هذه الأيام… حتى أنه أثر عليها وبدأت هي أيضاً لا تعانده كثيراً كالأيام السابقة.
وتكرر شعورها بالدوار والقيء فداخلها شكٍ غريب بأن هناك خطب ما يحدث لها من تكرار هذا الأمر.
وكانت نظرات جلال تتساءل من حين إلى آخر… عن ما يحدث معها لكنها سرعان ما تلهيه بحديثها عن أي شيء يجعله ينشغل عن التمعن في وجهها و أسئلته الكثيرة.
وبعد مرور أسبوعاً آخر عليهما وبالتحديد في نهايته لاحظت مهجة عليه رجوعه إلى طبيعته الغاضبة كعادته… فاستغربت في نفسها وتساءلت عن السبب وأرجعته إلى عمله الذي يتحتم عليه السفر يومياً إلى القاهرة.
وخصوصاً بعدما تم ترقيته إلى مقدّم بعد نجاح مهمته الأخيرة…. فزادت مسئولياته أكثر وأكثر.
وفي نفس ذلك اليوم وبالتحديد في الصباح بعد مغادرة زوجها… إلى عمله، شعرت مهجة بنفس الأعراض وهبت من مكانها سريعاً إلى المرحاض لتتقيأ.
فأتت لها نعيمة ببعض الأطعمة الخفيفة فرفضتها قائلة بضعف: لاه يا نعيمة هاتيلي فنجان شاي أحسن مليش نفس.
فقالت نعيمة: حاضر يا ستي…. جلست مهجة على فراشها قائلة لنفسها بصدمة: معقولة اللي أنا حاساه ده دلوقتي صحيح… ووضعت يدها على بطنها شاردة لا تدري أتفرح أم تحزن لهذا الشعور الجميل التي تتمناه أي فتاة مثلها، والذي يزداد بداخلها بكونها حامل في مولودها الأول من زوجها وحبيبها جلال.
وقالت بقلق: طب وجلال هقوله ازاي دلوقتي… معقوله ممكن يقولي نزليه أول ما يعرف….هزت رأسها غير مستوعبة واستطردت تقول: لا استحاله… استحاله مهما عمل مش هنزله… ده هيبقى حته منه ومني جوايا…. للدرجادي لو عرف ممكن توصل قسوته عليه للحد ده ويجبرني على كده.
ارتشفت بعدها فنجان الشاي وتمددت لترتاح على فراشها بتعب وحاولت النوم قليلاً.
وقبيل العصر كانت قد استيقظت من نومها وأخذت حماماً وخرجت ترتدي منامة جميلة كانت أول مرة ترتديها عندما اصبحت زوجه بالفعل لجلال فابتسمت وهي تنتقيها لارتدائها.
جاء جلال مبكراً من عمله على غير عادته فتهلل وجهها وهي ترى سيارته بالأسفل من نافذة غرفتها… وقررت أن تخبره بالأمر وترى ردت فعله ماذا سيقول، لكن خوفها وقلقها عاد إليها من جديد.
دخل عليها جلال متجهم الوجه… قائلاً ببرود: كيفك دلوك.. اقتربت منه بتساؤل قائلة بحيرة: آني بخير… مالك يا جلال شكلك إكده فيه حاجه واعرة جوي وده مش ميعادك اللي بتيجي فيه من شغلك كمان.
زفر بحرارة قائلاً بصرامة: اسمي المقدم جلال المنياوي فاهمة… إوعاكِ تنسي، ارتجف قلبها بقوة… متزامناً مع شحوب وجهها ثم تحاملت على نفسها قائلة له بتردد: ليه بتجولي اكده هوه آني عملت حاجه عفشه ولا مصيبة جديدة وآني مش واعية.
أشاح بوجهه بعيداً قائلاً بجدية: لاه معملتيش بس بعرفك حدوك فين معاي بعد اكده.
ضمت قبضتيها شاعرةً بالدوار يلفها من جديد… وتساءلت كثيراً ما هذا الذي تسمعه منه… ما هذه الإهانة الجديدة الذي يريدها ان تعرف به مكانها لديه.
اقتربت منه تطلع إليه بصدمة هائلة غير مستوعبة، ولا مصدقه ما تسمعه منه الآن، تتساءل أهذا جلال الذي كان بين ذراعيها بالأمس… أهذا جلال الذي عشقته وشعرت في حضنه وعلى صدره بالأمان وأنقذها من المطاريد… أهذا هو أم شخص آخر يشبهه في الشكل فقط.
فقالت له برجاء: طب جولي انت ليه اتغيرت اكده… فهتف بها بعصبية: آني إكده وهفضل إكده ومتنسيش حدودك معاي في الحديت عاد.
لمعت عينيها بالدموع وهي تتأمله كأنه شخصٌ غريب عنها، وابتلعت ريقها بصعوبة وهي تضع يدها على بطنها والتي كانت ستخبره بالأمر…. لكن الآن لن تخبره ومن الواضح أنه عاد إلى طبيعته القاسية من جديد.
أولاها ظهره ثم وضع يديه في جيب بنطاله قائلاً بحدة غاضبة: ومن دلوك لمي خلجاتك كلاتها… علشان خلاص اكده مهمتك خلصت ونتهت معاي ومنيش عايز أشوف وشك اهنه تاني واصل سامعة.
هزت رأسها بسرعة غير مصدقة ما يحدث… وهي شاحبة الوجه كالموتى قائلة بخفوت: يعني إيــه.
فالتفت إليها وعينيه تطلقان الكثير من الشرر قائلاً بانفعال حاد: يعني خلاص اللعبة انتهت وهتمشي وهتعاودي على مكانك وحياتك من جديد… خليني آني كمان أشوف حياتي وشغلي اللي هملتهم بسبب واحدة زييكِ.
هنا لم تعد تتحمل أعصابها أكثر من ذلك وانهارتمقاومتها قائلة له: كفاية…. كفاياك… مش عايزة أسمع حاجه تاني منيك… كفاياك إهانة وذل ليه… كفاياك حرام… حرام عليك…. آني تعبت.. تعبت منيك جوي.
هدر بها قائلاً: وحرام عليه ليه… مش ده كان اتفاجنا من البداية انك هتجضي مهمتي وهتطلجي بعديها… لأنك لا من أهلي ولا من مكانتي الحساسة كمان اني ارتبط بواحدة مصيبة زييك طول حياتي مهمتك خلاص وانتهت يعني خلصت الحدوتة….
ابتعدت عنه بانهيار ودموعها تنهمر بغزارة… شاعرة بأن كل أحلامها الوردية التي رسمتها لنفسها معه قد ذهبت أدراج الرياح.
فقالت له بلوعة: طب وآني مفكرتش فيه…. إيه هيحصلي بعد اكده وخصوصاً إنك أخدت كل حاجه مني حلوة كانت في حياتي… مش من حجك وضحكت عليه كتير جوي… وآني زي الهبلة صدجتك، ومشيت وراك بعد ما حسيت بالأمان من تاني في عينيك وفي حديتك لدرجة اني نسيت نفسي وافتكرتك انت وبس ومكنش ورايا غير اني اسعدك وحتى لوعلى حساب نفسي.
زفر جلال بحرارة قائلاً لها بغضب: ده كله حديت ماسخ ومفيش منيه فايدة… فوفريه على نفسيكِ يالا من اهنه… نعيمة هتلملك خلجاتك… ومجدي هيوصلك لمطرح ما جبتك من تاني.
أغرقت الدموع وجهها قائلة بقلبٍ موجوع: خلجات …. خلجات إيه اللي أخدها…. آني معنديش خلجات يا بيه وآني همشي زي ما جيت بالبلوزة والبنطلون بتوعي بس…. فاكرهم… فاكرهم يا بيه.
صرخ بها قائلاً بثورة: مهجة اسمعي حديتي ونفذي أوامري وبس فصرخت به ودموعها تنهمر قائلة بوجع: كفاياك بجى إنت لساتك هتأمر وتنهي… مش من حجك دلوك تصرخ في وشي… اوعاك تكون فاكر اني هتحايل عليك لاه… يبجى ما فهمتنيش صوح الفترة اللي فاتت يا سعات الرائد جصدي يا سعات المقدم…. لاه آني ما هصدج امشي من الكدبة الكبيرة دي اللي عشت وياك فيها لدلوك.
أغمض عينيه وهو يضم قبضتيه بقوة قائلاً بثبات واختصار: إنتِ طالج يا مهجة…. 
نادت والدة ياسين من المطبخ قائلة: نوال…. يا نوال… افتحي الباب… الباب بيخبط… شوفي مين.
فقالت لها: حاضر يا ماما هفتح… اتجهت نوال صوب الباب بهدوء ثم فتحته وهي تبتسم على أن القادمة مها من الخارج… لكن عينيها اتسعت بعدم تصديق وتيبست في مكانها لشدة ذهولها قائلة بصدمة كبيرة: مهههجة….!!!
يتبع..
لقراءة الفصل السادس والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!