Uncategorized

رواية قتلوا طفولتي الفصل الثالث 3 بقلم ريم السيد

 رواية قتلوا طفولتي الفصل الثالث 3 بقلم ريم السيد

رواية قتلوا طفولتي الفصل الثالث 3 بقلم ريم السيد

رواية قتلوا طفولتي الفصل الثالث 3 بقلم ريم السيد

حين دخل المعلم كانت الصدمة الأكبر لي فقد كان الأستاذ إسماعيل كدت أموت حينها من الخوف ولم أكن على علم أبدا أنه يعمل بالتدريس وبهذه المدرسة بالتأكيد سيخبر والدي وكيف لمعلم من المفترض أنه ناضج وعلى وعيٍ تام أن يفكر بتلك الطريقة السطحية في الزواج من قاصر أراه ينظر إلي في صرامة ولا أدري لمّ!. اقترب من مقعدي …
=انتي ايه اللي جابك ؟
-انا ..يعني ايه ..جاية المدرسة عادي (كنت أتحدث بثقة دون أن أشعره بأي خوف يملؤني داخليا حتى لا يستغل ذلك )
=مش أبوكي قعدك من المدرسة 
-لا .. ازاي يمنعني وهو اللي جايبلي هدوم المدرسة (لا أدري لمّ قلت ذلك وأنا أجهل حينها عواقب ماسيحدث لي لكن تلك الإجابة ترتبت هكذا دون تفكير )
=اممم..طيب بعد الحصة تجيلي المكتب 
-ليه !؟ ..انا جاية المدرسة عشان عندي حصص مش عايزة أفوتها 
=..(أشاح بوجهه عني بنظرة توعد ) ..يلا عشان هنبدأ أول درس في مادة التاريخ 
وبدأ في شرح الدرس مع نظراته التي تلاحقني من هنا وهناك بالتأكيد هو إنسان غير سويّ كيف يكون تفكيره بهذه الخسة والوقاحة ولمّ أنا بالتحديد ؟ بالتأكيد لأنه يعلم أن والدي يستطيع بيع الجميع لأجل قرش واحد ولذا فأنا مادمت حية لن أسامح والدي على هذا فالفقر ليس عيبا فالفقراء كثيرون لكن ذوي العفة والعزة لأنفسهم قلة قليلة . مر اليوم الدراسي من حصة لأخرى لفسحة نتناول بها فطورنا ومن ثم باقي الحصص وانتهى اليوم حين عودتي كانت أمي تنتظرني خارجا لتلبسني عباءة حتى لا يعلم والدي بحقيقة الأمر وأخذت حقيبتي واضعة إياها في طبق بلاستيكي كبير ووضعت عليها بعض أكياس الخضار واللوازم التي يطلبها السكان يوميا من السوق ثم حملت الطبق على رأسها على عادة سيدات الريف أسندت الطبق بإحدى يديها وأمسكت بيدي باليد الأخرى وبدأت أسرد لها عن يومي بكل حماس ثم تذكرت ماحدث من الأستاذ إسماعيل وحين أخبرتها شهقت منتفضة حتى كادت تقع ثم أكملنا الطريقة وهي تدعو الله أن يسترها معنا وأن يمضي اليوم على خير …
=ازيك ياام رقية 
=•الحمد لله ياأستاذ جميل أخبار الست فاطمة ايه 
=بخير ونعمة الحمد لله …ازيك يا رقية 
-الحمد لله 
=خلي بالك من نفسك يا بنتي …وابقو اطمنو على فاطمة على طول 
=•الست فاطمة في عنينا ..هو حضرتك مسافر 
=خدي دول خليهم معاكي وهاني للعيال حاجة حلوة (كان قد أعطى لأمي مالا أخرجه من جيبه دون أن يعده)
ذهب ولم يرد على السؤال ويصعد السلالم وهو يذكر الله وينظر الى الأركان والأسقف وكل مايحوطه بات غريبا جدا .بعدها دخلت مسرعة وقد بدلت ملابسي وأخفت أمي حقيبتي وذهبت تسلم للجارات لوازمهن ثم بدأنا في إعداد الغداء وما أن دخل والدي وأتى حسن هو الآخر من مدرسته حتى سمعنا صراخاً في العمارة خرجنا مسرعين لنكتشف أن زوج الأستاذة فاطمة قد توفي دونما أي مرض لديه فقد كان لتوه يتحدث معنا وكأنه يودعنا ،كان آخر مافعله ذكر الله وصدقة ، وصيته كانت لزوجته التي لم يرزقها الله الولد لكنهما كانا يذوبا ببعضهما حباً ولم يفكر أبدا أن يتزوج بأخرى لينجب منها لأنه أحب زوجته عن حق وكان يعلم كل العلم أنه لو كان مكانها لما تركته أبدا . كان دائم الخير والتودد للجميع عطوف علينا رؤوف بحالنا كانت فاجعة حقا …
=اهدي يا ست فاطمة والله المرحوم كان آخر كلامه بيوصينا عليكي كأنه كان حاسس ياكبدي
=•هعيش من بعده ازاي ده كان أهلي وعيالي وكل ماليا 
=لا حول ولا قوة الا بالله ..وحدي الله في قلبك ربنا يصبرك 
=•ياريتني كنت أنا مكانه عشان ماحسش بكل القهر ده ..ده دخل سلم عليا وباس راسي ويادوب قمت أحضرله الغداء لقيته قاعد في مكانه بكلمه ماردش افتكرته نايم ..بس طلع ميت (بدأت في الصراخ من جديد واللطم على خديها)
=يا ست فاطمة اهدي …(كانت أمي تحاول تهدئتها بكل الطرق حتى أتى الجيران والتفوا من حولها )
=•ماحدش يقولي اهدي عشان ماحدش حاسس بالنار اللي جوايا انا ماليش حد بيسأل عليا ولا ياخد بحسي غيره اه كمان شوية هييجي اهلي واهله يعزو فيه لكن كانو فين طول السنين دي عمر ماسماعة التليفون اترفعت غير هو اللي كان بيود الكل ..(ثم قامت من مكانها )..انتو كمان هتطبطبوا عليا شوية وكل واحد يروح شقته ويكمل حياته انا بس اللي حياتي وقفت وهتقف عليه .. ولا عندي عيل ولا تيل يطبطب عليا وياخد باله مني ده انا مابتغمضليش عين وهو مش في البيت أومال هبات من غيره ازاي اللقمة مالهاش طعم من غيره هعيش معدومة منه ازاي (كانت تتحدث بصراخ يميت القلب وجعا)
كنت أنظر حينها في تعجب كيف هكذا في غمضة عين يغير الله من حال لحال ويقبض روحه دونما مرض به أهذه حسن الخاتمة أن روحه تخرج بسهولة دون منازعة ووجع وألم . رحمك الله أستاذ جميل بقدر رحمتك لمن حولك وصبر الله زوجتك على فراقك . بدأت أمي برفع السجاد المفروش ووضعت هي ووالدي كراسي العزاء وانخرطت في إعداد القهوة كانت حينها الست فاطمة لا تكف عن الصراخ والعويل وذكر محاسن زوجها وذكرياتها الجمة معه ولم يستطع أحدا إيقافها عن ذلك . طلبت مني أمي حينها أن انزل لغرفتنا أسفل السلم لأضع الطعام لوالدي وأخي وأتناول غدائي ثم أصعد مرة أخرى لمساعدتها . قمت بما أمرتني به أمي وحين هممت بالصعود استوقفني والدي…
=كنتي فين الصبح 
-انا..كنت في …كنت عند جارتنا بنضف معاها 
=اممم.. طيب ايه رأيك ان أستاذ إسماعيل كان واقف معايا من شوية 
-…(ارتبكت حتى كدت أبكي لكن تمالكت نفسي).. يعني ايه ؟ مش فاهمة 
=انت هتستعبطي…قسما بالله لو مانطقتي لأدفنك مكانك 
-صدقني كنت عند مدام هبة بنضف معاها الشقة 
=اومال هو بيقول كنتي في المدرسة ليه
-معرفش .. يمكن بيقول كدا عشان يوقعك في الكلام 
=يوقع مين ..انتي بتكلمي واحد صاحبك ..امشي ادخلي جوه مافيش طلوع تاني وماعدش ليكي خروج من الأرضة لحد مالراجل ييجي ياخدك على بيته 
-يا بابا حرام عليك ..انا اللي في سني بيلعبو في الشارع وبيتعلموا وانت عايز تدفني بالحيا ليه..لو عايز فلوس هشتغل في خدمة البيوت وأساعدك وأديلك بس بلاش كدة ..ده اكيد راجل مش عاقل عشان يتجوز واحدة في سني 
=انا متجوز أمك وهي عندها اتناشر سنة وانا كان عندي اربعين سنة …ده سلونا وماشيين عليه تتجوزي صغير ولا كبير ولا حتى  عجوز انا يهمني اللي يدفع 
-..(بدأت بالبكاء رغما عني من قسوته وعدم مبالاته )
=لو قعدتي تعيطي من هنا للسنة الجاية والله ماانا راجع عن اللي في دماغي وهتشوفي بقى تكسيرك لكلامي انتي وأمك هعمل فيكم ايه 
وددت حينها لو أقتله فأنا أكرهه كل الكره ليته مات بدلا من الرجل الوقور المحترم لكن كأن الله يترك شرار الخلق على وجه الأرض ويأخذ أرواح الأنقياء . أغلق الباب من الخارج وأخذ أخي حسن وخرج وحبسني داخل الغرفة وذهب .
بالتأكيد أمي الآن منشغلة ولا تدري ماذا حدث لي مسكينة أمي لطوال اليوم وهي بدوامة مابين عملها في العمارة وخدمة البيوت المجاورة وخدمة والدي ومحاولة حمايتنا من أذاه . بعد قليل سمعت صوت والدي ومعه الأستاذ إسماعيل خارجا …
يتبع…..
لقراءة الفصل الرابع : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!