Uncategorized

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثالث 3 بقلم نهال مصطفى

 رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثالث 3 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثالث 3 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثالث 3 بقلم نهال مصطفى

” رفيقة الظلام ” 
دفعها العكسري بكل قوته داخل الغرفة المعتمه لايوجد بداخلها الا مصدر ضوء واحد وهو شُرعه صغيره فى الباب الحديدي 
طافت عينيها في الحجرة يمينا ويسارا الي ان هلع جسدها علي صوت  قفل الباب الحديدي وقفت ثابته في مكانها 
” اجمدي يا(فجر) اجمدي .. خليكي واثقه ان الضلمة دي اهون عليكي مليون مرة من نعيم (زيدان) ..  “
تجوب زنزانتها ذهاباً واياباً محاوله استجماع قوتها وهناك صوتا مرددا بداخلها
” طول عمرك انتي والضلمه صحاب مستغربه ليه دلوقتي .. اهدي كده واتأقلمي زي ما اتأقلمتي علي حاجات كتير زمان “
جلست بهدوء كالقرفصاء ثم ارتسمت ابتسامه باهته مرددا تحيي بداخلها الامل
” حتي في بطن الحوت كان فيه امل .. لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين  ” 
ظلت مردده لتلك الكلمات الى أن خلدت في سبات عميق وهي تضم ساقيها الي احضانها وتنكمش حول نفسها بين شلالات دموعها المنهمرة علي وجهها حتي ابتلت ملابسها.
■■■
-” انت فين ياهشام تعالى حالا ” .
بنبرة آمرة اردف مأمور القسم بمحافظه بنى سويف جملته فى مكالمته الصوتيه مع هشام الذي تأهب فى قيادة سيارته على الفور قائلا 
– خير يافندم .. جد جديد ؟! 
– تالت بنت تتقتل فى البلد ياهشام ولا كأنها سايبه !! 
رد بعجله وهو يزود من سرعة السياره ويكسر الاشارات 
– انا جاى حالا يافندم .. بمجرد ما إذن النيابه يطلع هكون عندك … 
■■■ 
ارتدت ناديه ثوب الحزن الملازم لحياتها وهى تضرب على وجهها وتنوح الما وقهرا .. انعقدت دائرة الستات الاتى جاءن من كل صوب وحد مهرولين ليسارعوا التعازى والمواساه … انطلق من بركان الحزن صرخه تردد صداها فى ارجاء البيت .. 
– اختك مااتت ياخالد !! بتى ؟؟!!!! 
اقتحمت مجلسهم مهجه زوجه زيدان مرتديه ثوب الحزن الخداع لتربت على كتفها 
– الله يصبرك ياام خالد .. يلا هى اللى كانت حركاتها مش مظبوطه وبتحب تخرج فى نص الليل .. قال بتكتب قال؟! 
لكزتها نورا ضرتها وبنظرة حاده معاتبه 
– جرالك اى يامهجة ياتقولى كلمه زينه ياتنقطينا بسكاتك .. 
تعيش فى عالم بعيدا عن عالمهم .. عالم خيم فطر المرار فيه على ايامها .. حياة كر وفر .. إقبال وادبار .. مد وجزر .. نمتلك لنفقد ونفقد لنفسح مكانا لشيء آخر ، كل ما يقابلها وظنت انه كارثه بات لا شيء منذ اللحظه التى سمعت فيه خبر وفاة ابنتها فلذة كبدها … فقدت قدرتها على النواح على الصراخ على الوقوف على ادارك العالم حولها .. 
دائما ما تتعمد الحياه ان تختبر صبرنا بطرقا اكثر الما .. اختباراتها مرايا لنرى من فينا يصلح للحياه ومن لا يصلح .. تجبرنا ان نتجرع سُمها دفعه واحده فيضمر دواخلنا و تنهال علينا بالمصايب حتى تخرج مننا شخص غير صالح للحياه مع تذكرة سفر لعالم المفقود ..  
– ايوب ياحبيبي .. خديجه كانت معاك صح .. قول لى انها لعبه من لعبكم سوا .. 
حياة كل البشر لابد من أن تتكفنها سواد الحزن حتى انها لم ترحم الطفل المُقبل على الحياه بل سلبته منه اعلى ممتلكاته واثمن اوقاته وقف الصغير صاحب السبع سنوات صامتا مزهولا محاولا ادارك صعوبه الفجعة التى حلت على بيتهم .. على رفيقته التى تكبره ب خمسه عشر عاما وتصل لسنه عندما يمرحان سويا … تركها ايوب راكضا مغادرا دخان احزانهم منفرد بدموع وحدته .. 
■■■
بعد مرور ساعتين 
فى محل الواقعه .. كالطائر المذبوح الذي لطخ بدماء شرور البشر محموله على السرير المتحرك التابع لسيارة الاسعاف .. محاوطه برجال الشرطه والنيابه العامه .. وصل هشام السيوفى مهرولا .. فالقى نظرة على وكيل النيابه قائلا 
– معالى الباشا .. اى الحوار .. 
وقف وكيل النائب العام بجواره صامتا ولكن عيونه قالت كل شيء .. ففهم مغزاهم هشام قائلا 
– بنفس الطريقه !! 
اومئ رفيقه رأسه بالايجاب الى أن اقتحم زيدان نصير مجمعهم محمحما بفظاظه 
– مسا عليكو يابهوات ..
رد محمود وكيل النيابه قائلا 
– اتفضل ياحضرة العمده .. 
– ممكن افهم اى اللى حصل فى بت اخوى !! 
لا يمكننا ان نتحكم فى عواطفنا ولكن يمكننا ان نتحكم فى طريقه ظهورها يخفى .. هتف هشام بغل مكبوت 
– نفس اللى حصل للبنتين اللى قبلها ياعمده !! 
تراجع زيدان خطوه للخلف وهو يدخل كفه بسترته وبنبرة تهديديه 
– كيييف ده يابيه !! بت اخوى لسعت فى الجنينه .. وما كتر من التعابين والعقارب فى البلد .. 
كانت جملته تحمل سيالا من التوعد والشر ونظراته مشحونه بنيران تأكل القريه بأكملها اذا اصر على اقواله .. دنى منه هشام رافعا راية التحدى 
– هنشوف راى الطب الشرعى ايه !! 
– الطب الشرعى مش هيقول غير اللى انا عاوز الناس تعرفه .. 
جملة اشبه بثقب كبريت اُلقي فى حقل بترول كان كافيا ان يتوهج بنيران تحرقه هو ورجاله .. تدخل وكيل النائب العام سريعا ليضع يده حاجزا ليعوق اندفاع هشام قائلا 
– هشاااام .. هنشوف الطب الشرعى هيقول اى .. 
انفجر هشام كالبركان : دى مش اول جريمه اغتصاب وقتل الضحيه يامحمود !! وهو بيتكلم ببروووود ..
تحرك زيدان نحوه بهيئته الضخمه الموازيه لارتفاع هشام قائلا بهمس 
– خليك تحت الحيط ياابن السيوفى ومرق ايامك على خير ..
ثم رفع صوته هاتفا 
– يلا يارجاله عشان نلحقوا ندفنوا بت اخوى …
ادرك هشام ان الجدال معه خاسرا للحد الذي يجعلك ان تحوك زيا من خيوط العنكبوت ..رجل شرير بطبعه اعتاد ان يخدع عندما يعجز .. ويظلم عندما يقدر .. احيانا الانسحاب امام التيران انتصار .. تراجع هشام للخلف منسحبا صاعدا سيارته تاركا تلك القريه التى يرتوى زرعها بالدم .. 
ذبل قرص الشمس وغُمر باللون الاحمر حتي عاد صراع النهار مجددا بينه وبين حلول الليل ليرفع الظلام رايته منتصرا .. اصبح حدث اليوم كالمضغه في افواه اهل القريه .. ومازالوا رجاله باحثين عنها في ربوع القريه  ظل ( زيدان ) يجوب في غرفة مكتبه الملكيه حائرا متوعدا اوشك ان يفقد عقله متجاهلا ما حدث لبنت اخيه  محدثا نفسه 
– بقي حتة بت صغيره تضحك عليٌ وتضربني في مقتل !!
قطع شروده صوت رنين هاتفه الذي تلهف نحوه املا في الحصول علي اخبار سارة ليتفاجئى بذلك الصوت البدوي القوي 
– زين الرجال كيفيك .. ها علي معادنا الليله ؟!
امتعض ( زيدان ) منكث الراس 
” خطتنا باظت وماينفعش اطلع حته النهارده الحكومه عينها عليا وانا مش مستعد اسلم الحكومه روحي للمرة التالته ” 
ليزمجر ( سلطان هزاع ) كبير جماعه من البدو والممول الرئيس لكبار الجماعات الارهابيه 
– كيف يصير اكده يارجال .. انت واعي لحديتك زين ؟!
زفر (زيدان) قائلاً
” السلاح والبضاعه كانوا هيطلعوا في دوشة الفرح والناس مشغولين فالوكل ( الاكل ) والزيطه .. دلوق مافيش ولا فرح ولا زيظه بقي ميتم ” 
اغمض (سلطان) عينيه غاضباً
– والعمل .. مافي قدامي وقت علي آخر عمليه.
(زيدان) مسايسا :اديني يومين اكده هتصرف فيهم
(سلطان ) محذرا : مش اكتر من يومين يارجل ..!!
امتعض ( زيدان ) وازداد غضبه : تمام .. اتفقنا .
■■■
”  جلسه عائليه ” 
بات باقي نهاره في كدر يتجول جميع بين شوارع بنى سويف حتى وصل للقاهره .. اعتلت الطيور علي الاغصان وزينت السماء بمصابيحها دخل بسيارته بهو تلك الفيلا متوسطه الاتساع ثم نزل منها متقدما نحو الباب فزعت اخته الجالسه امام التلفاز إثر صوت مفاتيحه فاعتدلت في جلستها 
” حضرتك جيت ياابيه !!” 
لمست اقدام زياد العاريه المندلفه من فوق درجات السلم ارضيه ساحه المنزل في ذلك التوقيت ليقول ممازحا وهو يصفعها على عنقها
– لا لسه مجاش ، بطلي اسئله غبيه بقي .
ليوجه حديثه الي اخيه 
– حمد لله علي سلامتك يا ( اتش ) كده تعملها وتتجوز من غير ماتعزمنا ! بس قولي هي مين بقي اللي خطفت قلب ابن السيوفي؟
( هشام ) متجاهلا لحديثهم تماما جلس بجوارهم وهو يشعل سجارته بحنق.. هتفت ( رهف ) بدهشه : 
-انت بتشرب سجاير من امتي ياسياده الرائد!!
قفز زياد بحركه رياضيه من خلف المقعد جالسا فوقه عاقد ساقيه ممازحا
– بيحاول يعمل زي الرجاله المتجوزين وشايلين الهم وكده يعني هههه .
انفجرت ( رهف ) ضاحكه هى وزياد : 
– ياعيني ياخويا حالتك بقيت صعبة اوي .. هو الجواز بيعمل كده في الواحد ؟!
( زياد ) بثقه : عشان تعرفوا انا مقضيها مرقعه وبس ليه .. انا كده باشا في نفسي .
نفث دخان سيجارته بقوه بعد ما نفذ صبره منهم 
” انتو بتغنوا وتردوا علي بعض ليه !! ؟!” 
هتف ( رهف ) لتحسم شُعل فضولها :
–  (Final answer)  حضرتك اتجوزت ولا لا؟!
مد يده ليأخذه مفاتيحه 
– لا ياستي متنيلتش.
ردت عليه بفرح
” يعني الفرح علي معاده !!” 
قام متأهبا بالذهاب من ثرثرتهم المزعجه بضيق
– تصبحوا علي خير .
( رهف ) بنبرة صوت مرتفعه : بس مين دي اللي قالت (لمياده) انها مراتك ياابيه ؟!
لم يلتفت اليها قائلا في ضيق : خليكي في حالك يابت انت  .
قطبت حاجبيها ممتعضة 
” انا غلطانه اني مهتمه بيكم اصلا ” 
(زياد) سحب من كفها الريموت كنترول قائلا 
– انتي مابتذاكريش ليه يابت ؟! 
وضعت وجنتها فوق كفها ناظرة اليه بعيونها الغزلاني
” وهو الواحد مننا لما يكون عنده واي فاي شغال وشاحن جمب السرير هيجيله نفس يبص في كتاب ياخويا ياحبيبي  .. ” 
رفع حاجبه ساخرا : منا واخد بالي ٢٤ ساعه اون لاين فيس وواتس وانستا .
( رهف ) ارتسمت معالم الجدية علي وجهها : نسيت التويتر والتليجرام يادكتور .. عشان تعرف بس انا مشغوله اد اييه .
ابتسم ساخرا : قابليني لو نفعتي هتبقي صحفية فاشله اصلا.
نظرت له بعيون ضيقه وقالت بثقه اشبه بالغرور
” هفاجئكم كلكم اصبروا عليا بس اتخرج كده وهوصل اسم عائله (السيوفي) لأخبار هوليوود ..  “
منشغلا في مشاهدة التلفاز بسخريه
* ها هوليوود !!.. اتنيلى. 
وضعت كفيها علي خصرها قائله .. 
– الله الله ! انت بتشكك في قدراتي ولا ايه يادوك.
* يحينا ويورينا ياختي !! 
قطبت حاجبيها مستنكرة
– مع اني شامه (  a sarcastic tone ) بس هعديها عشان انا مليش مزاج اتخانق معاك .. 
(زياد ) ممازحا : طب خلاص خلاص الطيب احسن .. تعالي نتكلم جد شويه بقي .
( رهف ) بتفكير : نتكلم جد بصلي كده طيب مابحبش اكلم حد مش مركز معايا .. تيجى اعمل معاك حوار صحفى !! 
( زياد ) مازال مهتما ب التلفاز : اتكلمي سامعك .
( رهف ) باهتمام وهي تُخرج روح الصحفية الساكنه بداخلها : دكتور زياد السيوفى قولي وصلت لفين في بناء مستقبلك  ؟
( زياد) ابتسم بسخريه : اسكتي مش المقاول خد الفلوس وخلع .
دخلا اثنيهما في نوبة ضحك وعلي حدا كان (هشام) قد وصل الي غرفته المظلمه دون ان يهتم بإضاءة نورها القي بجسده فوق مخدعه  بإرهاق شديد شاردا في تلك التي قهرت جيوش قوته ووقف امامها صامتاً عاجزا حتي اندلعت الحرب بينهم بأسوة سيناريو  وثب قائما ينزع ملابسه بضيق الي ان وقف امام ركنه الذي يفرغ فيه كل طاقته بالشجار مع -كيس الملاكمه- العالق انقض عليه بالضرب بكل قوته كإنه ارتسم صورتها عليه يريد ان يفتك بها وهو يصدر صدي اصوات النيران بداخله
بعد مرور بضعة من الوقت اردفت والدته السيده ( عايدة النورماندي ) ذات القوام الممشوق والوجهه الملاكي النضر فبالرغم من كبر سنها الا انها تبدو فتاة عشرينيه في جمالها واناقتها ، صاحبة اكبر شركه في صيحات الموضة والفاشون .
تقدمت نحوه بخطوات ثابته هادئه بلبسها الفاتن الانيق والكندرة العاليه لتقف امامه عاقدة ساعديها 
” ايه اللي بيحصل  يا ( هشام ) .. ممكن تفهمني اي لعب العيال دا ” 
لازال غائصا في بحر صراعه وشجاره اجابها بلا اهتمام 
– حصل ايه ياماما ؟! 
رجعت للخلف تجلس علي حافة مخدعه 
” في تسيب واستهتار ودلع .. في ان حضرتك دمرت بريستيجي قدام صحابي والعيله كلها .. في انك مش علي بالك كل دا وعايش بدماغك ” 
ابتعد عن ركنه المظلم ليقترب من ثلاجته الصغير يخرج منها زجاج مياه يرتشفها بانفاس متصاعده
-اكيد عايش بدماغى اومال هستلف دماغ مين اعيش بيها !! 
جزت على اسنانها وبصوت نفذ صبره
– هشاااااااااام 
– انا بجد مش فاهم في ايه وليه كل العصبيه دي !
رفعت عينيها اليه 
” اللواء (كامل ) لسه مكلمني .. وكمان ( ميادة ) خطيبتك منهارة من العياط .. انا مش فاهمه انت ازاي تعمل كده ومين اللي اتجوزتها دي ؟!” 
اغمض عينيه متأففا 
– مافيش ولا حاجه من اللي حضرتك قولتيها حصلت كان سوء تفاهم وراح لحاله .. خلصنا ؟!
* ومادام هو سوء تفاهم ياسيادة الرائد ماروحتش تفهمها ليه .
اقترب من مقبض باب الحمام 
– لما افضي هابقي اروح .
جن جنون والدته من اعصابه الثلجيه
” انا مش عارفه اي برود الاعصاب اللي بتتكلم بيها دي .. دي تالت مرة نطبع كروت دعاوي فرحكم ويتلغي بسبب استهتارك ” 
قطب حاجبيها متساؤلا
– والمطلوب ؟
( عايده ) بنبره آمرة 
” تروحلها وتصلح اللي انت نيتله مع ابوها اللي مش ناويلك علي خير دا”
اومأ راسه بالموافقه 
– حاضر حاجه تاني ؟
زفرت بنفاذ صبر
* بس انت نفذ اللي قولته .
تركها متوجها الي حمامه تاركاً للماء مهمه اضفاء مابداخله من نيران غادرت امه الغرفة وهي مغمومة بفعله تضرب كف علي الاخر 
– انا مش عارفه الواد دا هيعقل امتي ؟!
قالت جملتها الاخيره عندما خرجت من غرفته متجه لاسفل نحو ( رهف ) و ( زياد ) تقول متأففه 
– انتوا مش وراكم غير الضحك والتفاهه هو دا اللي فالحين فيه .
تضع (رهف) ساق فوق الاخر بفخر 
– لعلمك حالة التفاهه اللي احنا فيها دي مش اي حد يوصلها .
نهض ( زياد ) ليجلس علي مسند مقعدها واضعا ذراعه فوق كتفيها 
– السيده (ديدا النورماندي ) مين اللي مزعلها بس وبعدين اي الوش الخشب دا ؟! 
زفرت بحنقه : اخوكم هيجنني ربنا يسامح ابوكوا زرع القسوة والقياده جواه ونسي يعلمه اهم حاجه وهي الحب والتفاهم .
(زياد) التف اليها 
– بس دي حاجه مش وحشه وكانت سبب في تكوين كيان  ( هشام ) ووصوله لمكانه غيره بيحلم بيها في الداخليه في وقت قياسي .
رهف بتلقائيه : وعلي راي المثل ياماما يموت الزمار وصوابعه بتلعب .. وبابا زرع كل دا في ( هشام ) عشان يكمل من بعده وبالعكس انا مع بابا جدا في طقوس تربيته لهشام.
قالت بضيقه ممزوجة  بتنهيده طويله 
– علمه ازاي يكون قائد في الحرب وعمله ان الحرب دي مش بتنتهي ولازم يفضل يحارب لاخر نفس في عمره .. بس نسي ان الحرب مسيرها هتنتهي ومافيش حاجه هتستمر حتي بعد موتنا غير الحب . 
لم يكد ( زياد ) يجيبها الا ان قطعهم صوت رنين هاتفه الذي اخذه وانسحب سريعا تاركاً مجلسهم
رهف ساخره :  ياتليفوناتك ياازيزو ! اوعدنا يارب .. سلم لى عليها 
تنهدت ( عايده ) تنيهده اقوي علي حال ابنها الاوسط 
– حتي زياد حالته بقيت انيل من هشام .. انا تعبت منهم .
التفت اليها رهف بااهتمام : ماشاء الله ياماما ربنا محرمكيش من حاجه عطاكي القفل والمفتاح .. واحد فاتحها كباريه والتاني عايش في صحرا .
تنظر لها والدتها بعيون ضيقه 
” وانتي يااخرة صبري مين في دول! “
انفجرت ضاحكه لتقول بفخر وغرور
– والله ياكوين السيوفي علميا واللي متأكده منه يعني .. اني مش هتجوز جواز صالونات .
قطبت ( عايده ) حاجبيها مندهشه : اومال ؟! 
اكملت ( رهف ) مسيرة الفخر لديها 
– ومافيش امل بردو اتجوز علي حب طول مانا اخت سيادة الرائد ( السيوفي الكبير ) والدكتور ( السيوفي الصغير ) لانهم عاملين رعب للي يحاول يقرب مني .
ارتفع ضغط والدتها منهم لتقف متأهبة بالذهاب 
=انا همشي احسن ماتجننوني ياولاد (عماد السيوفي) . 
– ماانتي قااعده يامامتي لسه مشبعتش منك .
توقفت ( عايدة) لبرهه :” طب ومجدي؟!” 
انتفض كيان ( رهف) بمجرد سماعها باسمه 
” مجدي .. قصدك مجدي مجدي ؟! ” 
= اه قصدي مجدي مجدي !!
– هو مش حضرتك كنتي ماشيه وكده يعني اتفضلى اتفضلى مش عاوزه اعطلك .
تجاهلت حديث ابنتها مغمومة وواكبت سيرها لغرفته 
وعلي حدا تسحبت ( رهف ) علي طراطيف اصابعها للخارج عند (زياد) الهائم في هاتفه حبا قائلا
– طب والله انتي الوحيده اللي لقيت فيها كل حاجه بدور عليها .
لم يكد ينهي جملته الا ان قاطعته ( رهف ) ساخره بصوتها المرتفع
” لا والله الاخت جوجل وانا معرفش! ” 
جز ( زياد ) علي اسنانه بنفاذ صبر وعيون متسعه ليحذرها
” طيب اقفلي دلوقتي انتي عشان في دبور وزن علي خراب عشه دلوقتي ” 
ابتعدت عن طريقه بسرعه ويعلو صوت ضحكها
– والله بهزر يازيزو انت بس اللي كلامك استفزني انا مش عارفه ازاي في بنات بتصدق الهبل دا !!.
اقترب منها وهو يعض علي شفته السفليه
” انتي مالك يارخمه هاا ماالك!! اخوكي كل البنات بتحبه وبتجري وراه وانا عشان طيبة قلبي مبرضاش اكسفهم ” 
(رهف) الواقفه خلف المقعد في الجنينه تحتمي به 
– حرام عليك والله يادكتور .. الفليسوفه الصغننه اللي جوايا بتقول لاتزرع ورده في قلوب احداهن الا ان ترعاها . 
لم يكد ان يجيبها قطعهم صوت قفل الباب الحديدي بقوه 
استدارت ( رهف ) بجسدها للخلف 
– هو ابيه هشام خرج ؟! 
* الظاهر كده ..  بس ياتري راح فين ؟؟
_ حسي الاعلامي مش مطمن .
اقترب منها بخبث وتوعد
– وانا حسي الطبي نفسه يوصل ناس المشرحه دلوقتي????
*نيم الجزار اللي جواك ياابن( السيوفي) دانا اختك برضو انت هتكفر يا جدع .
قالت ( رهف ) جملتها بثقه وهي ترتسم معالم الغرور رافعة أنفها وانظارها للسماء مستنده بكوعها على كتفه  .. ارتفعت صوت شهقتها واتسعت عينيها لفعل ( زياد) المفاجئ الذي سكب كوب الماء فوقها ..
” عشان نفوق بس من أحلام اليقظة اللي بقيت اوفر دووز دي “
■■■
” وحده “
لم تكن قمراً رائعاً لو لم يحاصرك كل هذا الظلام ؛ مر يومها بخطوات سلحفية في الغرفه المعتمه البارده جالسه كالقرفصاء مغرورقت العينين مناجيه ربها طالبه منه صبر ايوب لتحمل هذا البلاء  حتي  اهلك البرد جسدها وعصر الجوع معدتها لتفقد كل قوها وتسقط مكانها مغشي عليها لا حول لها ولا قوه .
■■■
وصل ( هشام ) الي فيلا اللواء ( كامل بشير ) داخل اكبر منتجع سكنى في مدينه نصر .. دلف من سيارته وتقدم بخطوات متثاقله ليدق جرس الباب 
فتحت له ( house keeper ) الفلبينيه لتشير له بكفها 
” اتفضل ” 
دلف ( هشام ) داخل المنزل ذو الطراز الحديث شاسع الاتساع جالسا علي اقرب مقعد في بهو الفيلا أتاه ذلك الصوت القوي من الخلف
– وكمان جاي بنفسك لحد هنا ياهشام!
وقف (هشام)  في ثبات والقي عليه التحيه 
– سياده اللواء اهلا بحضرتك .. لو سمحت اسمعني.
نهره اللواء ( كامل ) بقوة 
” مش سامع حاجه يا(هشام) ولو كنت استحملت كل اللي حصل .. دا اكراماً  لسياده الجنيرال (عماد السيوفي) واخواته .. بس عند بنتي ومش هعمل اعتبار لحد ياهشام ” 
هشام مقاطعا
– معاليك افهم بس وانا جاي عشان اتكلم مع (مياده) وافهمها سوء التفاهم اللي حصل .
سياده اللواء بنبره تحذيريه 
– خلاص ياهشام كل حاجه بينك وبين مياده انتهت وانا معنديش بنات للجواز .
اقتحمت مياده مجلسهم تلك التي اهلك البكاء عيينها وشحب وجهها 
” بابا لو سمحت ممكن اتكلم مع سياده الرائد شويه ” 
نظر لها والدها بحده فقابلته  بنظرة توسل وعيون راجية.
– لو سمحت ياسياده اللوا ..
ترك والدها مجلسهم وغادر متأففا .. جلست مياده بجواره وهي تستجمع شتات قواها 
” جيت ليه ياهشام بيه ” 
قطب هشام حاجبيه 111
” اي السؤال الغريب دا واي الطريقه الرسميه دي!! ” 
– معلش استحملني وجاوب .. جيت ليه ياهشام ؟!
فرك كفيه ورفع عينه اليها ببرود
– انا مش فاهم حصل ايه لكل دا !! ومش ملاحظه كمان كل ما معاد فرحنا يقرب خناقتنا بتزيد. 
(مياده) ساخره
– لا شكلك انت اللي مش ملاحظ ان موضوعنا من اول مابدء وهو علي الحال دا .. هي دي طبيعة علاقتنا من الاول ياسيادة الرائد .
حدق النظر اليه بعيون متسعه بسخرية : لا أفهم بقي .
عقدت ساعديها واتكأت علي مقعدها للخلف 
– افهمك ايه بالظبط ؟! انت شايف نفسك انك طبيعي !
زفر بنفاذ صبر : ياريت تتكلمي دغري عشان انا مش فاضي لكلام الالغاز دا.
ردت بسخرية  : دانت كمان مكابر ومش عاوز تعرف خطأك او عارفه وعامل مش واخد بالك .
مازال محافظا علي هدوءه
– لا شكلك انتي اللي مش واخده بالك من طريقة كلامك يابنت اللواء .
* علي فكره احنا في البيت مش فالقسم ولا اجتماع في الداخليه عشان الرسميه الكدابه دي .
قام متأهبا بالذهاب بعد ما اشتعلت النيران بداخله 
– شكل اعصابك تعبانه وانا غلطان اني جيت اشوف مالك .
وثبت قائمه امامه بتحدي
– لا استني اسمع كلامي للاخر عشان هتكون اخر مرة نتكلم فيها .
ابتلعت ريقها واكملت حديثها 
– هشام لازم تعرف انك مش مخليني اعيش معاك ولا مع غيرك ..
كاد ان يحرك شفتيه للرد عليها ولكنها وضعت حداً لكلامه بكفها 
” سيبني اكمل لو سمحت .. هتعامل معاك انك مش واخد بالك من تصرفاتك مع اني اشك! .. بس عاوزاك تتأكد اني عملت المستحيل عشان استحملك طول ١٥ شهر اللي فاتوا .. يعني ايه ارن عليك متردتش وبعدها لما تفتكر تكلمني بعد اسبوع كده ولا حاجه سوري يامياده كنت مشغول .. ومياده مغفله طبعا وبتحبك بتنسي كل دا بمجرد ماتسمع صوتك .. بفضل كل يوم مستنيه منك مكالمه تطمني عليك او حتي تطمن عليا ودا مابيحصلش .. نروح فرح طيب قوم نرقص ياهشام ولا بتبعرني بحجه انك مابتحبش الرقص ولا الهيصه.. طيب نخرج لوحدنا نتكلم في مكان هادي تقولي مش فاضي يامياده وغيرو وغيرو ” 
( هشام ) مقاطعا : والله انتي كنتي عارفه طبعي وشخصيتي من الاول ووافقتي واتقبلتي دا .
استدارت حوله نصف دورة 
– كنت مغفله ومستغربه ازاي تخطب مرتين  قبلي وكلهم مايستحملوش طريقتك دي كام شهر .. قولت لا هستحمله لحد مايتغير واقف جمبك .. بس اكتشفت اني مش مجبره علي كل دا انا من حقي اتحب زي مابحب .
رفع حاجبه مستنكرا 
– والمطلوب ؟! 
ابتلعت ريقها 
* انت حبتني ياهشام ؟! 
صمت لبرهه يستوعب صاعقه السؤال ذلك الشخص الذي لا يؤمن بوجود ماتتحدث عنه الا انه وهم اخترعته قلوب النساء لتقيد به عقول الرجال .
اكملت ( مياده ) كلامها 
– طبعا مكابر ومش هتجاوب!! .. عارف ليه لانك ماحبتش ياهشام اللي بيحب بيتغير .. وانا بجد مابقتش عاوزه العلاقة دي .
قطب حاجبيه مستفهما
– انا مش عارف الصراحه اعملك اي عشان اراضيكي .
ارتسمت ابتسامه باهته علي ثغرها 
” اللي كنت عاوزاك تعملهولي ميتقالش ياسياده الرائد .. بس هسيبك للايام وهي تجاوبك وهتعرف كويس اوي انا قصدي ايه ” 
اومأ راسه ايجاباً في هدوء تام 
– خلصتي كلامك ؟! 
نزعت كلبشاته المتجسده في محبسها العالق بين اصابعها لتفتح كفه وتضعه بداخله 
– دبلتك اهي ياهشام .. وبجد من كل قلبي بتمنالك كل خير ، انا خلصت كلامي تقدر تتفضل .
تجمدت الدماء في عروقه ليشعر بخيبة امل جديده ، ليس هناك من تتحمل طِباعه .. لم يجد التي ترك ادم من اجلها الجنه ، مازال في انتظار التي يفتح لها باب قلبه علي مصرعه ولكنه عجز عن ايجاد ذلك في اغلبهن .. انصرف من امامها حائرا في بحر افكاره ومازالت رأسه مرفوعه علي يقين شديد بان شىء جميل يكمن بداخله لم يلتق من تستحقه .
■■■
” انتقام ” 
جالسا في بهو قصره الضخم يضرب الارض بقدمه ويخرج دخاناََ من جميع اجزاء جسده  .. اقتربت منه تلك السيده الاسكندرانيه ( مهجه ) زوجته بدلال وفخر 
” اخير العزا خلص … ما ياحبيبي بس ماعاش ولا اتخلق اللي يشغل بال زيدان نصير كده ويعكر وشه ” 
قالت ( مهجه ) جملتها الاخيره وهي تدنو منه وتجلس بقربه 
نفث دخان شيشته بقوة 
– حتة بت تضحك عليا انا ياموهجه . 
ردت بمداعبه : لعلمك بقا محدش مبسوط باللي حصل دا غيرى والله ياحج اقلها هتكون في حضن مهجتك حبيبتك علي طول .
شاردا في بحر السحب الدخانيه التي ينفثها من فمه وانفه معا
قطع شروده صوت  الخفير ( سيد ) ليضرب له التحيه
” جناب العمده عرفنا الست ( فجر ) هربت فين ومع مين .
اعتدل ( زيدان ) في جلسته باهتمام وبنبرة 
– انطج ياولد المحروق انت لسه عتحكي في حواديت .
ارتجف جسد ( سيد ) ورجعَ خطوتين للخلف ليجيبه بصوت مهزوز
– هحكيلك يابيه اصل انا خدت الواد ورحت اطقست وعرفت البت (فجر) هربت مع مين .
قام ملتهفا بعد ما نفذ صبره منه ممسكا بلياقته 
– انت هتنقطني بالكلمة ياواكل ناسك انطج .
ابتلع ( سيد ) ريقه بعد ما هلع جسده
– هربت في عربية ظابط من القسم ودا اللي اطقست وعرفته من العساكر لما وصفلهم الواد شكل العربيه 
نظر له باهتمام 
– ومين الظابط دا ؟! 
* يبقي ابن السيوفي .. اسمه هشام السيوفي الظابط اللي مستقصدك من اول ماجيه.
(مهجه) بقلق : انت متأكد من الكلام دا ياغفير الغبره انت .
اتسعت حدقة عيني (زيدان) وهو يجلس علي مقعده 
– الظابط دا تجيبلي قراره وتعرفلي اي ميته فهمت عشان حسابه تقل قوي معاي ؟! 
* اؤامرك يابيه اؤامرك .
انصرف ( سيد ) من امامه يلملم شتات شمله تاركاً (زيدان) في شروده 
مهجه : مالك يازيزو بتفكر في ايه !! 
( زيدان ) بحسره : مصيبه لو طلع الظابط دا ملهوش تمن ومعصلج كيف ابوه . 
ازداد فضولها 
” ماترسيني علي الفوله يمكن اساعدك ياابو( ايوب) ” 
رفع عينيه اليها بعيون ضيقه غارقا في تفكيره فاردف 
– ناديه عامله اى !! 
– ايوووووه مالنا بالسيرة العكره دى .. بتها وماتت خلصنا تحزنلها شويه وهتفوق وترجع اقوى من الاول .. خلينا فى موضوعنا …
– خلينا فى موضوعنا يا مُهجة 
تمازحا سويا وهما يضحكان بصوتٍ مكتوم فى حديقه المنزل الى أن قطع خلوتهم قدوم خالد المنبوذ .. ركل المقعد الخشبي بقدمه قائلا 
– اختى مااتت ازاى !! 
يتبع…
لقراءة الفصل الرابع : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى