Uncategorized

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دعاء الكروان

 رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دعاء الكروان

أغلق يوسف الخط مع عمه وجلس بجانب زينة الساكنة تماما و كأن على رأسها الطير، بينما عيناها لم تكفان عن ذرف الدموع التى تنحدر فى صمت قاتل، يكاد يخلع قلبه من بين ضلوعه و يقسمه أشطارا، يطالعها باشفاق بالغ و ندم شديد و شعور مضنى بالخذلان من جهته، لانه عجز عن حمايتها و كان السبب الرئيسى فيما حدث فى حقها من جرم صعب الإحتمال. 
ظلا على هذا الوضع إلى أن أتى الطبيب الذى أوصلته سعاد إلى غرفة زينة. 
استقبل الطبيب برسمية و أخذه و خرج من الغرفة، وقفا على مسافة بعيدة منها حتى لا تسمعهما، و بدأ فى سرد ما حدث لها باختصار شديد قائلا: 
زينة مراتى اتعرضت للخطف و المجرم اللى خطفها صورها و هى عريانة بعد ما خدرها بس كانت شايفة اللى بيحصلها و طبعا مش قادرة تقاوم بسبب المخدر اللى وخداه، و من ساعتها و هى لا بتتكلم و لا بتتحرك و لا بترد، دموعها نازلة بس مفيش أى تعبير على ملامحها، مش عارف حصلها حاجة تانية و لا لأ، معرفش إذا كان أذاها جسمانيا أو فى حاجة بتوجعها.. مش عارف. 
هز الطبيب الخمسينى رأسه بتفهم و أردف بنبرة مطمئنة: 
متقلقش يا يوسف يبنى.. أنا هفحصها فحص شامل، و ان شاء الله خير.. بس اللى فهمته من كلامك انها ممكن تكون دخلت فى صدمة نفسية لسة مش عارفين حدتها هتبقى عاملة ازاى و لا تأثيرها إيه عليها… أنا هدخل دلوقتى أكشف عليها بس يا ريت متكونش موجود علشان ممكن تكون مش عايزاك تشوفها أو تتكلم معاها، ممكن تكون مش قادرة تواجهك بعد اللى حصلها.. بس هاتلى سعاد معايا تساعدنى. 
اومأ يوسف بعدما كسا الحزن و الألم ملامح وجهه، و ذهب ليخبر سعاد بحضور الكشف مع الطبيب و مساعدته. 
بعد مرور حوالى ساعة و هى مدة كشف طبيب العائلة و الذى يدعى عبد الله الشريف على زينة خرج الطبيب من الغرفة تلته سعاد، فأقبل عليه يوسف متلهفا يسأله بقلق:
خير يا دكتور عبد الله…حضرتك اتأخرت اوى كدا ليه؟!
عدل من وضعية نظارته الطبية و اردف بثبات:
طيب نقعد أحسن عشان عشان نتناقش بهدوء؟!
هز يوسف رأسه عدة مرات بتأكيد:
أيوة طبعا.. اتفضل ننزل نقعد ف المكتب تحت.
جلس يوسف بجوار الطبيب بالأريكة الكائنة بغرفة المكتب فاستطرد الطبيب بعملية:
زى ما توقعت يا يوسف.. زينة دخلت فى صدمة نفسية أفقدتها القدرة على النطق و دخلتها ف حالة اكتئاب حاد، و لازم تخلى بالك منها كويس جدا، لأن مش بعيد الإكتئاب يوصلها للإنتحار…دا بالنسبة للحالة النفسية 
كان يستمع للطبيب جاحظ العينين و فاغر الفاه، مشدوه الملامح، نياط قلبه تتمزق مع كل كلمة تخرج من فم الطبيب..ابتلع ريقه بصعوبة مردفا بصوت متحشرج:
و الحالة دى هتطول يا دكتور؟!
أجابه الطبيب بأسف:
و الله يا يوسف أنا رأيى تعرضها على دكتور متخصص ف الأمراض النفسية و تتابع معاه و هو أكيد هيطمنك أحسن منى.
أومأ بتفهم، ثم سأله بترقب:
طيب و الحالة الجسمانية؟!
أجابه بابتسامة:
كويسة جدا…. مفيش اى اصابات و لا جروح أو خدوش حتى.
سأله يوسف بصوت مهزوز يخشى ان يكون كلام على صحيح:
حـ حضرتك متقدرش تحدد إذا كانت اتعرضت للاغتصاب أو لا؟!
رفع الطبيب حاجبيه مستنكرا: 
اغتصاب!! 
أومأ يوسف بإيجاب دون رد، فاسترسل الطبيب قائلا: 
الحقيقة أنا كشفت عليها كشف دقيق، و مكانش فى أى آثار إعتداء. 
أجابه يوسف بأسف: 
ماهو أكيد مفيش اعتداء لأن مكانش فى مقاومة أصلا. 
هز الطبيب رأسه بتفهم و أطرق رأسه مليا بتفكير، ثم رفعها مردفا بعملية: 
بص يا يوسف أنا هتصل بدكتورة نسا كويسة جدا و أنا أعرفها معرفة شخصية، هخليها تيجى تكشف عليها عشان تبقى متطمن، بس يا ريت مش قبل ما تاخد الأدوية اللى مكتوبة ف الروشتة دى، لأن الأدوية دى فيها مهدئات و منوم هيرخى أعصابها المشدودة دى شوية، و بعد ما تنام الدكتورة تشوفها، كدا أفضل علشان حالتها النفسية متسؤش أكتر.
أخذ يوسف ورقة الأدوية و هو يومئ بتأييد:
معاك حق يا دكتور عبد الله….
استطرد الطبيب:
أنا هبعتلك ممرضة من عندى تديها الأدوية و تفضل معاها شوية و تروح، و لو احتجتلها تانى اتصل بيا و أنا هبعتهالك، بس هى مبتباتش برا بيتها.
اومأ بالموافقة و أردف بامتنان:
متشكر جدا لحضرتك يا دكتور… حضرتك عملت اللى عليك و زيادة..بس ليا رجاء عندك!!
يا ريت الموضوع دا يفضل سر محدش يعرفه نهائيا.
أجابه الطبيب بتأكيد:
عيب يا يوسف… من غير ما تقول يبنى…دى عشرة طويلة من أيام المرحوم والدك.. و بعدين دى أمانة مهنتى سواء ليك أو لغيرك، حتى الدكتورة اللى هبعتهالك متقلقش منها، هى عارفة ان المواضيع دى حساسة و بتعرف تتعامل مع المواقف اللى زى دى كويس أوى.
أردف بنبرة ممتنة:
تمام يا دكتور… بجد أنا عاجز عن الشكر.
ربت على كتفه مجيبا بابتسامة:
و لا يهمك يا حبيبى دا واجبى… و لو حصل أى حاجة كلمنى و أنا هجيلك فورا.
أومأ عدة مرات:
ربنا ميجيبش حاجة وحشة ان شاء الله.
أردف الطبيب:
يا رب…أستأذن أنا بقى.
نهض يوسف و فتح له باب الغرفة و أوصله إلى باب الفيلا و قبل أن يخرج قال له:
هبعت لحضرتك الفيزيتا على رقم حسابك كالعادة.
أومأ الطبيب بالإيجاب:
ماشى يا بنى براحتك…مع السلامة.
أعطى يوسف الحارس ورقة الأدوية ليصرفها من أقرب صيدلية و عاد أدراجه إلى غرفة زينة.
فى منزل رأفت….
بعدما عاد من عمله و ولج إلى الشقة، وجد لينا فى استقباله برداء ملفت و تسريحة شعر مختلفة و وجهها مزين بعناية بمستحضرات التجميل، فابتسم بسعادة و لكن سرعان ما أخفى ابتسامته، فهو يريد أن يذيقها من نفس الكأس ألا و هو كأس البرود، حتى تشعر بمدى خطأها و استخفافها بمشاعره.
تناولوا العشاء فى صمت لا يخلو من نظراته المعجبة لها فى الخفاء، و نظراتها له التى تستعطفه و تستجديه ليعود لسابق عهده معها، فمنذ ذلك اليوم الذى أتت فيه زوجته السابقة و هو يعاملها بجفاء، مما أخافها ذلك الأمر كثيرا و جعل القلق يتسلل إلى جوارحها خوفا من إمكانية عودته لها.
بعدما انتهوا من العشاء، جلسا يحتسيان الشاى فأدار رأفت دفة الحديث مردفا بجدية و ثبات:
اعملى حسابك ان نهى هتيجى كل جمعة تزور الولاد و تطمن عليهم.
غلى الدم فى عروقها و أجابته بعصبية:
يعنى ايه تيجى كل جمعة؟!.. دلوقتى افتكرت إن ليها ولاد؟!… اومال مكنتش بتيجى قبل كدا ليه؟!
أجابها رأفت ببرودة قاصدا استفزازها:
علشان كانت متجوزة و مسافرة مع جوزها السعودية، و لما اتطلقت رجعت هنا تانى..و طبيعى يعنى تشوف ولادها طالما موجودة جنبهم.
جحظت عيناها، إذن هذه النهى تخطط لسرقة زوجها، خاصة و أنها أصبحت تحل له الآن بعدما نكحت من زوج غيره و طلقها، إذن شرعا عودتها له جائزة.
اصتكت أسنانها بغضب و أردفت بحدة:
طالما الست هانم بقت خالية ما تاخد عيالها عندها تربيهم هى بدل ما كل شوية تيجى تنطلنا هنا.
رمقها رأفت بغضب جم و أجابها بنبرة أكثر حدة:
لينا…انتى كدا زودتيها أوى…عيالى محدش هيربيهم غيرى، و يكون فى علمك هى كانت عايزة تاخدهم بس أنا اللى رفضت، لأنى عايز عيالى يبقو قدام عينى علطولى و أربيهم بطريقتى.. و اللى انتى متعرفيهوش إن نهى مستهترة و مهملة و مآمنش على ولادى معاها، و إذا كنتى حاسة إن حملهم تقيل عليكى… فأنا هعفيكى من مسؤليتهم رغم…
قاطعته لينا برجاء:
متكملش يا رأفت… انت عارف كويس إنى بحب الولاد و بعاملهم بما يرضى الله، و اتجوزتك و أنا راضية من كل قلبى بالوضع دا… و انت عارف ان دا مش قصدى من كلامى… أنا بس خايفة لـ..لـــ..
كان رأفت يستمع لها بسعادة عارمة و عندما توقفت راح يحثها على إكمال عبارتها بأمل يسألها بنبرة حانية:
خايفة من إيه يا لينا؟!
أطرقت رأسها بخجل، فأحاط وجنتيها بكفيه يرفع وجهها أمام عينيه يحثها على الحديث مردفا بابتسامة عاشق:
قولى يا حبيبتى خايفة من إيه؟!
نحت خجلها جانبا و نظرت فى عينيه مباشرة و أردفت بخفوت:
خايفة تاخدك منى…خايفة ترجع تحوم حواليك علشان ترجعها تانى.
ابتسم بسعادة بالغة و سألها بترقب:
و هيفرق معاكى أوى الموضوع دا؟!
زمت شفتيها بغضب و أردفت بعتاب:
على فكرة دى تانى مرة تقولى الكلمة دى.
اتسعت ابتسامته أكثر، و أجابها بهدوء:
ما انتى لو كنتى جاوبتينى أول مرة، مكنتش قولتهالك تانى.
أطرقت رأسها لبرهة ثم رمقته بابتسامة أطاحت بعقله و قالت بغنج:
طبعا تفرق معايا و أوى كمان… هو مش انت جوزى بردو؟!
قطب جبينه باستنكار يسألها بتوجس:
جوزك بس؟!
أجابته بابتسامة خجلى:
احم.. و كمان….
هز رأسه مترقبا لجوابها، فحثها أكثر مردفا:
أيوة..و كمان ايه بقى؟!
ردت بخجل واضح:
و حبيبى…ألقت بكلمتها سريعا و فرت من أمامه و هى تشعر أن دقات قلبها تتسارع بطريقة لم تعهدها من قبل، و تركت الآخر ينظر فى أثرها جاحظ العينين، غير مصدقا التطور التى وصلت له زوجته العنيدة العصية.
فى فيلا راشد سليمان….
بعد نصف ساعة من انصراف الطبيب أتت الممرضة و شرعت مباشرة فى إعطاء الأدوية لزينة كما وصفها الطبيب مع مساعدة سعاد و فى حضور يوسف.
بعدما انتهت الممرضة من عملها بدأت أعصاب زينة فى التراخى رويدا رويدا حتى غطت فى سبات عميق.
جلست الممرضة بمقعد بجانب فراشها لتراقب تطور حالتها بعد تلقيها الجرعة الأولى من الدواء قبل انصرافها، بينما يوسف غادر الغرفة بعدما تأكد من أن زينة قد نامت.
أغلق الغرفة برفق، ثم أطلق زفرة عنيفة تنم عما يختلج بصدره من هموم و أوجاع ألقيت على عاتقه حتى أثقلت كاهله، و ما كاد ينزل الدرج حتى وجد عمه و سهيلة يصعدان الدرج و يبدو على وجهيهما القلق الشديد، فتنهد بحرقة و انكمشت ملامحه بألم، فلم تعد لديه طاقة لاحتمال رد فعل عمه عندما يعلم ما حدث، او بالأحرى لا يدرى من أين يبدأ لسرد تلك الفاجعة الأليمة.
يصعد راشد الدرج بخطوات سريعة و هو يلهث، يصيح بيوسف بهلع:
زينة مالها يا يوسف؟!…ايه اللى حصل؟!
تلحق بع سهيلة من خلفه و هى تقول بلهاث:
اهدى يا بابا..هتتعب تانى كدا.
نزل يوسف يسنده و صعدوا جميعا و وققوا أمام غرفة زينة، فقال لراشد برجاء:
أرجوك يا عمى اهدى.. هى نايمة دلوقتى و الممرضة قاعدة جنبها بتاخد بالها منها.
اومأ عمه و لكنه أصر على رؤيتها و قال بتصميم:
هبص عليها بس يا يوسف علشان قلبى يطمن.
خضع له مردفا باستسلام:
حاضر يا عمى..اتفضل
فتح باب الغرفة و دخلوا واحدا تلو الآخر و اقترب راشد من فراشها و تمعن النظر بها و بكفيها الموصولتين بالمحاليل الوريدية، فهز رأسه بأسى لحالتها المذرية و من ثم تركها نائمة و خرج من الغرفة بهدوء حتى لا يزعجها، تلته سهيلة بعدما ألقت عليها نظرة هى الأخرى ثم تلاهم يوسف و نزلا جميعا إلى بهو الفيلا.
بعدما جلس الجميع شرع راشد فى استجواب يوسف يسأله بهلع:
أنا عايز أعرف إيه اللى وصلها للحالة دى يا يوسف، دا مش تعب عادى اللى يعمل فيها كدا فى أقل من يوم واحد …البنت وشها أصفر و لونها مخطوف..فهمنى اللى حصل بالظبط يا يوسف.
ارتبك ارتباكا شديدا و أخذ يفرك يديه بتوتر مما زاد قلق راشد أكثر فحثه على الحديث:
ما تقول يبنى…انت كدا قلقتنى أكتر.
ابتلع ريقه بصعوبة و أردف بتوتر:
حاضر يا عمى..هقولك بس أرجوك اهدى و متتعصبش و..
قاطعته سهيلة مردفة بقلق:
انجز بقى..قلقتنا يبنى.
أجلى حنجرته ثم بدأ يسرد لهما ما حدث بالتفصيل وصولا إلى ما قاله الطبيب عن حالتها و طبيبة الأمراض النسائية التى سوف تأتى بعد قليل لتتأكد ما ان كانت قد تعرضت للإغتصاب أم لا.
كان راشد يستمع بقلب منفطر على ابنته التى لم تكد تهنأ بحياة كريمة، و كأن الشقاء أصبح حليفها، ضاق نفسه و لكنه تظاهر بالثبات حتى لا يقاطع حديث يوسف إلى إن انتهى و وصل لأمر الإغتصاب، فلم يعد يحتمل أكثر من ذلك حتى زادت وتيرة تنفسه بدرجة كبيرة جدا و شعر بألم فى موضع قلبه يصدح بكتفه و صدره فنهض يوسف و سهيلة سريعا يهرولان إليه بهلع ينادونه بقلق بالغ فصاح به يوسف:
عمى… أرجوم يا عمى فوق…حاول تاخد نفسك براحة.
تحدثت سهيلة ببكاء:
أنا هطلع بسرعة أجيب حبوب الطوارئ بتاعته و هتصل بالدكتور ييجى يشوفه.
يوسف:
ماشى.. بس بسرعة يا سهيلة.
قام يوسف بفك ربطة عنقه و نزع عنه سترة حلته و أخذ يدلك له موضع قلبه و هو يهتف به يستجديه ليهدأ حتى لا يخسروه و تخسره زينة قبلهم.
بعد مرور نصف ساعة تقريبا….
كان راشد ممددا فى فراشه و الطبيب قد انتهى لتوه من اجراء الكشف عليه و يكتب الآن الأدوية التى سوف يداوم عليها بعد ذلك.
بينما راشد ممددا بفراشه لا حول له و لا قوة، يختلج بصدره حزن شديد و اشفاق بالغ على ابنته المكلومة.
أوصل يوسف الطبيب لباب الفيلا و أرسل الحارس بورقة الأدوية لأقرب صيدلية، بعد إحضار الدواء قامت سهيلة بإعطائه له كاملة و نام بعدها من تأثير الدواء.
دثرته جيدا بالغطاء و خرجت بهدوء و أغلقت الغرفة عليه.
وجدت يوسف بوجهها فقال لها:
دكتورة النسا جات يا سهيلة، عايزك تبقى مع زينة و هى بتكشف عليها، هى كدا كدا هتبقى نايمة بس لازم تكونى موجودة.
أومأت بتفهم:
أكيد طبعا يا يوسف هحضر الكشف… متقلقش خير ان شاء الله.
تنهد بحرقة مردفا:
يا رب…طيب تعالى يلا الدكتورة مستنية فى قوضتها و الممرضة كتر خيرها خلصت شغلها و مشيت.
سهيلة:
تمام…يلا..
قامت الطبيبة باجراء الكشف على زينة و هى نائمة بمساعدة سهيلة و بعد اتمام الكشف خرجت من الغرفة لذلك الذى يذرع الأرض ذهابا و إيابا لا يهدأ له بال، يخشى عليها كثيرا من العواقب التى ستحدث لها إن ثبت اغتصابها بالفعل.
بمجرد أن رأى الطبيبة تخرج من الغرفة، أقبل عليها و علامات القلق تكسو ملامحه بوضوح فأردفت بابتسامة مطمئنة:
اطمن يا أستاذ يوسف…آنسة زينة كويسة جدا و زى الفل… مفيش أى اعتداء أو اغتصاب أو أى علامة تدل على كدا…مشكلتها الحالية مشكلة نفسية هتاخد وقتها و هتتخطاها ان شاء الله.
تنهد بارتياح ثم تمتم فى نفسه:
الحمدلله… انا متشكر جدا لحضرتك يا دكتورة
أجابته بابتسامة:
العفو..دا شغلى.. ألف سلامة عليها…عن إذنكم.
أوصلها يوسف إلى باب الفيلا و ولج مرة أخرى، فوجد سهيلة تجلس ببهو الفيلا تبكى فى صمت، فأقبل عليها و جلس قبالتها و أدار دفة الحديث مردفا:
أنا مش مصدق اللى بيحصلنا دا يا سهيلة..حاسس ان انا ف كابوس.
أجابته بصوت متحشرج من البكاء:
حبيبتى يا زينة…كل دا يحصلها قدام عينها و هى مش قادرة تعمل حاجة و لا حتى تصرخ؟!… آاااه.. الله يكون فى عونها..بجد انا كمان مش مصدقة… ربنا ينتقم من اللى عمل فيكى كدا يا حبيبتى.
أردف يوسف بغل و غضب:
مش هسيبه يا سهيلة…و هوريه النجوم فى عز الضهر.. بس حظه الحلو إن أنا مش فايقله دلوقتى.
أسترسلت ببكاء مرير:
حسبى الله و نعم الوكيل.. معقول فى ناس شر كدا… و بعدين دا انت عمرك ما أذيت حد يا يوسف، ليه يعمل معاك و معاها كدا؟!
زاغت عيناه فى الفراغ و أردف بشرود:
نصيب… نصيب يا سهيلة.
فى المقهى العربى بلندن….
يجلس يحيى و عمار و ديما على احدى الطاولات يعدون قائمة المدعوين لحفل الخطبة و بعدما انتهوا من القائمة قال عمار:
هيك كتير منيح…ما نسينا حدا من الجالية العربية و لا من زملاء يحيى و لا صديقات ديما.. مو هيك؟! 
أومأت ديما بسعادة بالغة: 
ايه… كله تمام التمام. 
ضحك يحيى على حماستها، ثم أردف بجدية: 
و أنا اتفقت مع تيم تنظيم حفلات علشان يزينو الكافيه و يجهزوه و إن شاء الله هيخلوه أحلى من قاعات الحفلات. 
اردف عمار بمداعبة:
إيه و الله أخيرا راح نفرح فيكون.
أجابه يحيى بمرح:
عقبال ما نفرح فيك انت كمان.
أردف الآخر بمزاح:
لا والله أنا هيك كتير منيح… ما بدى.
ضحكوا جميعا بصخب، و بعد وصلة طويلة من المزاح و الفكاهة، باغتته ديما بسؤالها:
صحيح يا يحيى.. خيك و عمك حجزوا تذاكر الطائرة؟!…المفروض انهم يكونو هون بكرة بالمسا..مو؟!
أجابها و كأنه كان ناسيا:
صحيح فكرتينى يا ديما…كنت فاكر اتصل بيوسف لما أروح علشان أشوف ميعاد الطيارة اللى حجزوا فيها…خلاص هكلمه دلوقتى أحسن..بدل ما انسى تانى..
أومأت بايجاب:
أوكى… هيك أحسن.
اتصل يحيى بيوسف و كان فى ذلك الوقت يجلس فى بهو الفيلا يتحدث مع سهيلة…و حين ظهر اسم يحيى على شاشة هاتفه أغمض عيناه يعتصرهما بمزيد من الأسى و الحزن، لا يدرى ماذا يقول لأخيه الذى طال انتظاره لإقامة حفل خطبته التى تم تأجيلها عدة مرات…ماذا يقول له تلك المرة…حقا لا يدرى..لقد طفح الكيل..
يتبع… 
لقراءة الفصل الثالث والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!