رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم |
رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
تسمرت مهجة من مكانها تحت الشجرة ، متسعة العينين بذهول وذعر شديدين ، تطلعت إليه بأعينً جاحظة فاغرة الفم ، فاهو يأتي فارسها وفارس أحلامها على جواده مهرولاً به من بعيد ، بطريقة مختلفة ، عكس ما كانت تحلم به الآن .
تكاد ملامحه تتحول إلى قطعة من النار تريد الانفجار بي وجهها ، فأسرعت تقول لنفسها بهلع : جالك الموت يا تارك الصلاة .
ارتجف قلبها مع كل خطوة يخطوها وهروله يهرولها الجواد منها ، حاولت منع نفسها من هذا التجمد التي تشعر بها وخاصةً أنه قد قارب منها بكثير ، فأسرعت تحاول جذب نفسها من مكانها .
ركضت باتجاه والده لعله يدافع عنها أمامه ، لكن قلبها يكاد يتوقف عن النبض وهي تجد نفسها محملة بيدين قويين ويجلسها أمامه على أعلى الجواد .
كتمت شهقة صدمة كادت تخرج من فمها ، ومن صدمتها التي تشعر بها الآن وأنفاسه الغاضبة ، الحارقة التي تشعر بها بجانب أذنيها، اترتعد جسدها كثيراً لما سيحل بها، وعليها أن تفعل شيئاً لتنقذ نفسها من غضبه ، لكنه لم يمهلها كثيراً للتفكير ، إذ أسرع بها ناحية الدار ، دون أن تتفوه ببنت شفه .
وصل بها جلال إلى الدار، مترجلاً هو أولاً من على جواده، ثم حملها بين ذراعيه كالريشة الخفيفة الطائرة في الهواء، من على ظهر جواده .
كاد أن يحملها ويدخل بها إلى داخل المنزل ، لكن خوفها منه ، لم يتركها تهنأ بين هاتين الذراعين إذ انتزعت نفسها من على ذراعيه ، راكضة إلى الداخل .
أسرع جلال خلفها وهو في قمة غضبه منها ، مما جعلها تسرع في الركض ، من سوء حظها العاثر، أنها لم تجد والدته هذه المرة .
شعرت بالهلع أكثر ، فأسرعت تركض إلى منزلها بالأعلى ، دخلت إلى غرفتها وقلبها ينبض بعنف مع ارتعاد جسدها ، أغلقت خلفها الباب بسرعة .
وقفت تستند إلى الباب لا تعرف كيف تتصرف في هذه المصيبة الجديدة التي أوقعت نفسها بها هذه المرة بسبب تصرفاتها الحمقاء.
استمعت لصوت خطواته الغاضبة بالخارج وظهر في صوت إغلاق الباب ، أغلقت عينيها بسرعة مفكرة ، فسارعت إلى الإختباء تحت الفراش في غرفتها .
فتح جلال باب غرفتها بعنف صائحاً بإسمها ، فقالت لنفسها : إوعي تردي يا مهجة إعملي نفسك من بنها ، ده العمر واحد يا ختي .
صاح جلال بها مرةً أخرى ، وهو يضم قبضتيه بعنف ، قائلاً لها : إنتي يا اللي اسمك مهجة إنتي ، تعالي إهنه بسرعة .
لكنها شجعت نفسها على عدم الرد عليه، مرة أخرى وهي تقول لنفسها : لا يا مهجة اثبتي المرادي هيقتلك يعني هيقتلك ، ده صعيدي ومخه حجر ، ده غير إني مسبباله في مصايب كتيرة قبل كده .
صمت برهةً باحثاً عنها في المرحاض ، وداخل الخزانة وخلف الستائر ، وفي الشرفة .
لكنه لم يجدها ، شعر بنار غضبه تستشري في أوردته أكثر من ذي قبل ، فصرخ بها قائلاً بصوت هادر : مههههجة …. تعالي إهنه حالاً ….. قطع باقي عبارته فجأة ، عندما تذكر أمراً ما .
كانت مهجة تغمض عينيها برعب وتوتر ، تحت الفراش ، كأنها تحمي نفسها منه .
وهي تردد الشهادة على نفسها ، في هلع ، وجدت نفسها تجذب بقبضتين قويين تعرفهما جيداً، من ذراعيها بعنوةٍ شديدة ، فتحت عينيها بجحوظ تام قائلة له بعفوية خائفة : يا لهوي يا عمدة إنت جفشتني دايماً إكده عاد ، بتفهما جبل ما تطير .
اتسعت عينيّ ياسين بصدمة عائلة ، قائلاً لمها : إيه الكلام ده ، أسرعت تقول : زي ما سمعت يا أبيه ، أنا ملقتهاش في إوضتها ومن الواضح كده ، إنها ممكن تكون سمعت كلامك دلوقتي مع ماما .
أسرع ياسين بالركض خارج المنزل تحت بصر شقيقته المذهولة ، جلست والدته بصدمة هي الأخرى على المقعد خلفها قائلة : آدي نتيجة عمايلك السودة يا ياسين .
نزل ياسين بأسفل البناية وهو يتلفت عليها يميناً ويساراً كالمجنون ، ولكنه لم يجدها ، ركب سيارته بسرعة ، مسرعاً بها للبحث عنها .
كانت نوال في هذه اللحظة تختبأ خلف أحد الأبنية المجاورة لمنزله ، تنهمر دموعها في صمت ، لكن قلبها يختنق من الداخل .
وصلت نوال بعد حوالي نصف ساعة إلى غرفة متوسطة الحال على احد الأسطح القريبة من البناية التي يقطن بها ياسين لكنها بشارع آخر .
تنهدت بحزن وهي تفتح الباب تستند إليه وهي تضع ، حقيبتها بجوارها ، جلست في الأرض تجهش بالبكاء المرير ، مطلقة العنان ، لمشاعرها الحزينة .
قائلة بصوت مجروح : تعالي بقى يا مهجة أنا محتجالك ، اتشردت من بعدك ، مبقاش ليه حد وبقيت وحيدة ، مليش غير ربنا ، حتى الأنسان اللي ناويت أديله قلبي وحياتي كلها قسى عليه وطردني بره حياته للأبد من جوازه من واحده تانية غيري .
كان ياسين يضرب المقود أمامه ، وهو يبحث عنها في كل الشوارع القريبة من شارعهم دون فائدة .
رن جرس هاتفه فكانت نهى ، فأسرع بإغلاق هاتفه بعنف ، فلم يفكر إلا بهروب نوال في هذه اللحظة .
قائلاً لنفسه بغضب : يا ترى إنتي رحتي فين دلوقتي يانوال ، إن ما وريتك وربيتك زي ما وعدتك مبقاش أنا ياسين .
قالت والدته لمها بتوتر : اتصلي على أخوكي وطمنيني لقيها ولا لأ ، فقالت لها : اتصلت عليه وتليفونه مقفول .
أتت الغرفة إياباً وذهاباً قائلة : ربنا يستر عليها ، أنا مش عارفه أتصرف إزاي ، ده انا وعدتها إني مش هتخلى عنها وأديني أهوه اتخليت عنها ببساطة .
اقتربت منها مها قائلة لها : ما تقوليش كده انتي عملتي اللي عليكي بس أبيه السبب ، ولازم يحس بخطأوه .
تنهدت قائلة لها : ربنا يستر يابنتي ، ده انا هاين عليها أروح ابوظ خطوبته دي اللي ماشفت منها خير أبداً ومغيرة أخوكي علينا ومغيره أخلاقة .
وقف ياسين بسيارته في أحد الأماكن ، ساخطاً بداخله ، باحثاً عنها ولم يجدها إلى الآن .
وصل بعد حوالي ساعة ، عائداً إلى منزله ، راكضاً إلى أعلى الدرج ، فتحت والدته الباب عندما أبلغتها مها بوصول سيارته أسفل البناية .
قائلة بلهفة : ها لقيتها يا ياسين حدق بها بصمت ولم يجيبها صاعداً إلى منزله بالأعلى .
صُدمت والدته قائلة لمها : يعني أخوكي طلع على طول على فوق ، من غير ما يرد عليه .
هزت كتفيها باستغراب قائلة لها : معلش يا ماما يمكن يكون مضايق من اللي حصل .
زفرت بقوة قائلة بحده : هوه السبب في كل ده وأنا مش ههدى غير لما أعرف نوال راحت فين ، انتهت من عباراتها وأسرعت إلى حجرتها ، هرولت ابنتها خلفها قائلة : طب انتي ناوية تعملي إيه دلوقتي ، فقالت لها بنفاذ صبر : هروح أدور عليها بنفسي .
فقالت لها برجاء: طب اصبري لغاية ما ابيه يعرف مكانها ، فقالت لها باستنكار : مها إنتي إيه الكلام اللي بتقوليه ده ، أنا استحاله مدورش عليها بنفسي .
وقف يحيى أمام عبدالرحيم وولده حسين ، جامد الملامح ، لا ينبىء وجهه بالخير ، هذا ما شعر به حسين .
فقال له عبدالرحيم بهدوء مفتعل : أهلاً بالدكتور يحيي ، الدار نورت بوجودك يا دكتور اتفضل …. اتفضل اجعد .
جلس يحيى معهم في غرفة خاصة بالضيوف، وجلس في مواجهته حسين، الذي لم ينطق إلى الآن.
حاول يحيي أن يكون هادئاً في حديثه قائلاً لهم : طبعاً إنتم تلاجيكم بتسألوا نفسيكم آني إيه اللي جابني عنديكم النهاردة.
فقال له عبدالرحيم بارتباك : ده بيتك ومطرحك يا دكتور، تيجي في أيُها وجت تحبه، تجاهل يحيي كلماته قائلاً له بجمود : آني جاي علشان أخبركم خبر إكده ، لازم تكونوا خابرينه زين .
قطب حسين حاجبيه وتحدث أخيراً قائلاً له باستغراب : وخبر إيـــه ده يا دكتور المهم اللي جيت علشانه.
زفر بقوة قائلاً له بثبات : بنتكم مريم عملت حادثة وهيه موجودة دلوك في المستشفى .
اتسعت عينيّ عبدالرحيم بصدمة وهب واقفاً من مكانه ، وجحظت عينيً حسين بصدمة أكبر وأسرع يقول : حادثة ميته محدش بلغنا ، فقال له بجمود : بصراحة إكده هيه عملاها من أكتر من أسبوع .
هتف به والدها قائلاً بغضب : ولساتك بس فاكر تبلغنا يا دكتور، فقال له بضيق : دي كانت رغبتها يا حاج عبدالرحيم .
شعر حسين بالغضب وقال له بعصبية: وإحنا ومن ميته بنمشي رأي الحريم يا دكتور يحيى.
هبّ يحيى من مكانه بنرفزة قائلاً بحدة : هيه كانت تعبانة يا حسين ، وخايفة عليكم من الخبر.
وقف حسين حائراً لا يعرف بأي شىء يجيبه ، وفجأة استمعا إلى صوت ، إنكسار أكواب ، على الأرض عند باب الغرفة الموارب.
التفتا هما الثلاثة إلى مصدر الصوت، فوجدوها والدتها التي استمعت إلى كلماتهم وهي آتيه بثلاثة أكواب من الشاي، مما جعلهم منعوا حديثهم، فنطقت هي قائلة بجزع شديد: بتي مالها يا دكتور يحيي.
أسرع يبلغها قائلاً لها بثبات: بتك بخير اطمني عليها، هيه بس رجليها متكسرة وجربت تطلع من المستشفى .
انهمرت دموعها قائلة لولدها : آني علشان إكده جلبي كان واكلني عليها وجلتلك طمني عليها ، وانت وعدتني ولساتك مرحتش لدلوك ، علشان تبجوا خابرين إن حديتي صوح .
جاءت لتنوح من أجل ابنتها ، هتف بها زوجها قائلاً بحده : إخرسي يا حرمه واصل، بيجولك إنها بخير، وإنتي هتنوحي وهتفضجينا .
فقالت له ببكاء : آني عايزة أشوف بتي ياحاج، ودلوك ، فقال لها بجمود حاد: مفيش طلوع ليكي خارج الدار، وآني وحسين ولدك هنشوفها دلوك ونبجى نطمنك عليها.
هزت رأسها برجاء قائلة له بتوسل : علشان خاطري يا حاج ، آني عايزة أروح وياكم .
صاح بها قائلاً : آني منيش هعيد حديتي مرتين يا مره وغوري من جدامي دلوك .
كان يحيى يقف مندهشاً من هذه المعاملة القاسية من جانب الأب، وشاهد بعينيه ردة فعله عندما أبلغه بالخبر.
إلتفت إليه قائلاً له : بينا يالا من إهنه دلوك ورينا بتي يا دكتور يحيى ، فأومئ برأسه موافقاً ، وهو يشعر بالأشفاق ناحية والدتها.
جذبها جلال من ذراعيها بعنف من تحت السرير، دون أن يعيرها أي اهتمام وتجاهل حديثها المضحك الخائف، فقد كان كل تفكيره في عدم إطاعة أوامره.
وقف أمامها كالفهد الذي سينقض على فريسةً هزيلة لا يوجد لديها أي مقاومة من جانبها، جذبها من شعرها بعنف عندما وجدها تبتعد عنه هاربة منه، وقربها من وجهه، صائحاً بها بغضب بقوله : إنتي لميته هتفضلي إكده متسمعيش حديتي وأوامري… ها ، شحب وجهها وكتمت آهة ألم كادت أن تخرج من شفتيها ، قائلة بألم : آني آسفه يا سعات الباشا مجصدش واصل اللي عملته، آني بس حسيت بالملل شوية فاستأذنت من أمي الأول وأبوي وافج على إني أروح وياه .
أجابها بغلظة شديدة قائلاً لها : إنتي صدجتي نفسيكي عاد بجى، إنك مرتي وتدوري هنا وإهنه على حس أبوي وأمي كأنك مش جايه لحاجه معينه وخلاص وبعديها هطلجك.
امتقع وجه مهجة وهي تستمع إلى كلماته التي نزلت على قلبها كالسياط، فأغمضت عينيها شاعرةً بالدوار، وارتعد قلبها بعنف من قسوة حديثه إليها ونظراته الغاضبة والمملؤة بالكبرياء والشموخ ، مما جعلها تشعر بعذاب حُباً يائس لم يقدر له الظهور منذ البداية .
حاولت أن تدافع عن حبها قائلة له بقلب موجوع : خابرة زين يا بيه ، منيش ناسية آني جايه إهنه ليــه …… وخابره كمان إنت مين وآني مين …… بس طالما آني موجوده إهنه….. يبجى آني لساتني مرتك جدام ربنا، وهفضل مرتك جدام كل الخلج بردك زي ما انت جولتلي جبل إكده.
حدق بها ونيران الغضب تعصف به، يشعر بها بشدة ، فهي الوحيدة التي تعارضه إلى الآن، فجذبها بشدة أكثر من شعرها ناحية صدره، حتى إلتصق كليهما بالآخر، مما زاد من إرباكها أكثر، وأنفاسه الغاضبة تلفح وجهها.
صرخت مهجة من أثار إمساكه لشعرها هكذا، وظهر جلياً الألم التي تشعر به على وجهها.
لم يشعر ناحيتها بالشفقة أبداً قائلاً لها بقسوة صارمة : ولما إنتي خابرة زين آني أبجى مين بتعارضيني ليـــه من البداية ، بس من الواضح إكده إن آني اتساهلت كتير وياكي ، ومن هنا ورايح مفيش خروج من باب الشجة لا تحت عند أمي ولا تتحدتي مع أبوي فاهمة .
تطلعت إليه ودموعها تنهمر صامته ، وأزاحها بدون رحمة على الفراش وراءها .
مردفاً بقوله الحازم : بعد ما تخلصي بُكى ، إبجى جهزي الغدا علشان هاكل وخارج تاني بسرعة فاهمة .
ما أن تركها حتى وضعت مهجة وجهها في الفراش ، تنتحب أكثر من ذي قبل ، وقلبها يشعر بلوعةٍ كبيرة بين جنبات صدرها .
وضعت له مهجة طعام الغداء على المائدة، بعد أن صنعته على الموقد بسرعة كبيرة حتى لا يصرخ بوجهها أكثر ويعنفها، نادته بتردد ليأتي ليتناول طعامه.
جلس جلال على رأس المائدة، ووقف هي تصب له فنجاناً من الشاي، وقربته منه متردده .
ثم تركته وابتعدت عنه بسرعة وكادت أن تدخل إلى غرفتها ، فصاح قائلاً لها بغضب : إنتي ياللي إسمك مهجة تعالي إهنه ، توقفت في مكانها ولم تلتفت إليه ، مشجعة نفسها على تحديه من جديد ، فقد أهانها كثيراً اليوم ولهذا ستنتقم لكرامتها ولقلبها الجريح.
طال الصمت فقطعه هو قائلاً بحدة : إيه مالك مبجتيش بتسمعي كمان ، إلتفتت إليه باعتراض قائلة له بثبات : لا يا بيه بسمع زين وأظن آني إكده نفذت أوامرك وملكش صالح بيه بعد إكده عاد .
كانت تعلم أنه سيغضب لكلماتها، فلهذا أشاحت بوجهها ناحية باب الغرفة، متحاشية نظراته النارية لها.
أسرعت بالركض ناحية غرفتها، عندما لمحته يهب من مكانه مغلقة الباب خلفها بقوة بالمفتاح من الداخل.
وقف جلال متجمداً في مكانه قائلاً لنفسه بغضب : لولا إني لساتني مش فاضي وورايا شغل كتير لكنت وريتك جيمتك يا اللي اسمك مهجة انتي .
كانت مريم معها الممرضة عندما دلف إليها يحيى قائلاً بجمود : ويايه ناس عايزين يشوفوكي دلوك ويطمنوا عليكي، تطلعت إليه بتساؤل ، لكن والدها قد أجاب هو وشقيقها على تساؤلها عندما وجدتهم يقفون بالقرب من يحيى من خلفه.
تجمدت نظراتها الزائغة على وجوههم ، شاعرة بصدمة عارمة بداخلها قائلة بخوف وقلق : أبوي … آني…. آني ….
قطع عليها حديثها شقيقها حسين قائلاً لها بجمود : إزيك يا خيتي عامله إيـــه دلوك .
لم تستطيع الرد على شقيقها ، فقد ازداد الذعر في عينيها وقلبها ، خشيةً من يحيي ليكون قد تحدث في أمرها مع أهلها .
ابتلعت ريقها بصعوبة فقال لها والدها بحدة : مبترديش ليه عاد على أخوكي الكبير، تمتمت بصوتٍ خفيض بالرغم منها قائلة بارتباك : آني …. آني بخير جوي يا أبوي .
تركهم يحيي معها وكادت أن تناديه ، أن لا يتركها وحيدة معهم ، لكنه شعر بأنه يريد أن يجعلها بمفردها في مواجهتم كعقاباً لها مما فعلته ببه وبنفسها، وأشار للممرضة أن تستبقه إلى الخارج .
تنهد حسين وهو يقترب منها قائلاً لها : ولما انتي عاملة حادثة من كذا يوم ، منعتي الدكتور يحيى يبلغنا ليه عاد ، إنتي لساتك ماشية بمخك بردك وكأنك ملكيش لا كبير ولا كاسر يشكمك .
ارتجف قلبها بقوة وأسرعت تدافع عن نفسها ، فهي تعلم بأن يحيى تركها بمفردها ليعاقبها على ما فعلته ،لهذا أبلغهم بذلك ، فقالت بسرعة : لا يا أخوي آني بس علشان ما تجلجوش عليّ ده كان جصدي الوحيد.
زفر حسين وهو يحدق بوالده الذي يتابعهم بصمت ، قائلا له بضيق : عجبك إكده يا أبوي نبجوا آخر من يعلم ، تنهد بضيق قائلاً له : خلاص يا ولدي أجّل أي حاجه دلوك ، لغاية ما ناخدوها ويانا البيت ، وبعد إكده تبجى تحدت وياها براحتك.
حدق بها حسين قائلاً بغلظة : ما جولتلك يا ابوي جبل إكده هيه مالهاش علام ، هيه كنا نجوزها ونرتاح منيها ومن عنادها إللي مالوش آخر ويانا .
فقال له بشرود : جولتلك جَفل دلوك عل أي حاجه متنساش إحنا في مستشفى .
زفر غاضباً وقال له: حاضر يا أبوي آني مش هفتح خاشمي واصل علشان أبجى أعجب الست هانم .
تطلعت إليه والدموع في عينيها تخشى أن تنهمر ويرى ضعفها وهي تقول لنفسها بلوعة : الله يسامحك يا أخوي حتى منيش صعبانه عليك وآني في حالتي إكده .
قال لها والدها بحزم : إحنا هناخدك ويانا وكفاياكِ إكده عاد ، فقالت له بطاعة : حاضر يا أبوي تحت أمرك .
دخل ياسين إلى غرفته تداهمه مشاعر شتى ، ولا يدري ماذا يفعل ، تنهد بضيق قائلاً : يا ترى إنتي فين يا نوال ، بس لما أشوفك ، بقى أنا تعملي معايا كده ، يعني هتروحي مني فين ما انتي أكيد هتفتحي المحل بكرة .
وجد هاتفه يرن كثيراً ومتواصلاً من جديد فقال بضيق : دي نهى ومش هتسكت أكيد وهتحقق معايا كنت قافل تليفونك ليه ، ومنيش فاضي .
لم يجيبها وتركها ترن للنهاية ثم أغلق هاتفه مرةً أخرى، تمدد ياسين بضيق على فراشه محدقاً بالفراغ أمامه .
فكر قليلاً إلى أين تذهب بمفرده هكذا وفي هذا التوقيت ، فهي من المفترض أن تكون في محلها ولكن من الواضح بأنها لم تذهب اليوم ، أو ذهبت وعادت مرةً أخرى إلى المنزل وعندما سمعته أصرت على الأنصراف بسرعة تاركة له المنزل بكامله.
صاح فجأة قائلاً بصوت مسموع : إنتي السبب في كل اللي أنا فيه دلوقتي ، وانتي السبب في اللي إنتي فيه من البداية .
كانت نوال تعد ثيابها في خزانة قديمة ، أخرجت بعدها صوراً لها مع مهجة وهم يبتسمون ويضحكون دون أن يحملوا هموماً وأعباءاً للدنيا .
أغمضت عينيها بحزن عميق قائلة : من ساعة ما ممشيتي يا مهجة وسيبتيني والدنيا مبقتش رحماني ولا البني آدمين كمان اللي فيها حتى الأنسان الوحيد اللي ظنيت إنه هيعوضني سنين الحرمان اللي عيشتها في حياتي، خذلني وطلع بيحب واحدة تانية وهيتجوزها كمان.
تنهدت بحرارة شديدة، وهي تنساب دموعها بغزارة ناظرةً إلى وجه مهجة في الصورة التي بين يديها .
عاد جلال في المساء إلى منزله ، لم يدخل ويبحث عنها كالمعتاد بل دخل إلى غرفة مكتبه ، تحدث قليلاً إلى شريف قائلاً له بسخط: جولتلك يا شريف جبل إكده حطه تحت مراجبتك طول الوجت .
فقال له شريف بسرعة : عملت زي ما انت ما بتقول يا جلال بس حوده بصراحة ، ومكنتش عارف ليه مهتم بيها أوي كده وزيادة شوية عن اللزوم ، ده تقريباً كل يوم في القسم عندنا إلا لما سألته وقالي آخر مرة إنها خطيبته وده اللي خلاني أكلمك.
ما ان استمع جلال إلى كلماته الأخيرة حتى ، لم يعد يسمع ولا يرى أي شيئاً أمامه، فكل ما يعرفه أنه يريد إنهاء موضوع حوده هذا وبأي شكل، فأغلق الهاتف في وجه شريف بسرعة، استغرب الأخير قائلاً لنفسه باستغراب : مجنون يا جلال مخك صعيدي فعلاً زي ما أنا بقول عليك .
دخل غرفتها كالعاصفة الهوجاء ، أراد أن يفرغ ما به من نار مستعرة بداخله، بوجهها دون أي ذنب تقترفه الآن .
قفزت مهجه من مكانها على الفراش من منظر ملامحه الغاضبة وابتعدت إلى الوراء بوجه شاحب وهلع شديد فقال لها بغضب عارم : إيه اللي بينك وبين حوده ده.
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بتوتر : مفيش يا بيه منا جايلالك جبل إكده على اللي فيها .
جذبها من قدمها فصرخت بذعر وسقطت على الفراش بقوة على ظهرها، فسحبها ناحيته من قدمها مرةً أخرى وهو يقترب منها جاثياً على ركبته ممسكاً إياها بقبضتيه بقوة من كتفيها قائلاً لها بصوت هادر : أمال إيه الإصرار اللي عنديه ده لدلوك ، إلا إذا كنتي تبجى معشماه بأي حاجه جبل إكده ، جوليلي معشماه بإيه .
تطلعت إليه بذهول من ظنه السيء بها ، دافعت عن نفسها بسرعة قائلة له بجزع : منيش رخيصة يا سعات الباشا علشان أعشمه بأي حاجه ، وجولتلك جبل إكده إن جلبي خلاص جفلته.
حبست دموعها التي قدأت في الظهور على أهدابها خوفاً من إظهار ضعفها أمامه، تجاهل جلال كل هذا ، متفرساً في وجها بنرفزة قائلاً بصوت كالفحيح : كدابة….كدابة …. ده بيجول إنك خطيبته تبجى معشماه ولا لأ بإنك تتجوزيه.
حملقت به بصدمة شديدة لهذا الافتراء من جانب حوده ، فهي لم تكن يوماً ما قد مالت إليه ، أو وعدته بأنها قد تتزوجه في يوم من الأيام .
فهزت رأسها بالرفض نافية ما يقوله لها قائلة بلهفة : لا يا بيه أني عمري ما حبيته ولا وعدته بالجواز ده تأليفه هوه ، وآني والله ما بكدب عليك يا سعات الباشا ، ده أنا كنت بضربه بالشبشب والمجشة ساعة ما بس يجرب مني ولا يتعدى حدوده معايا .
أغلق جلال عينيه بقوة ، شاعراً بحيرةً ومشاعر شتى ، بداخله لا يدري أيصدقها أم يكذبها .
ابتعد عنها جلال ووقف على الأرض ، عقله تتداخله الأفكار والظنون ، ارتبكت مهجة للحظه واعتدلت في فراشها ، جالسة تعدل من ثيابها وشعرها المشعث من أثر ما حدث .
وقفت بالقرب منه وهي تطلع إليه برجاء والدموع بعينيها قائلة له : صدجتني يا بيه ، تطلع إليها بنفس حيرته السابقة ، صامتاً يشعر بأن الصمت هو أفضل حل الآن في حالته تلك .
هو نفسه لا يدري ماذا عليه أن يفعل ، فهذه أول مرة يحدث معه هذا الأمر ، فلما طال هذا الصمت بينهما إلتصقت به مهجة بعفوية شديدة ، تحدق بعينيه الواسعة، حادة النظرات ، وضعت أناملها برقة شديدة على ذراعه ، يحركها حبها العميق له وقلبها الذي يرتجف بقوة كشاةٍ ذبيحه.
قائلة بخفوت : لساتك مش مصدجني صوح ، تمعن بوجهها دون أن يتحدث ببنت شفه ، فأمسكت بقبضته بكل جرأة ووضعتها على قلبها الذي ينتفض بسرعة مع ازدياد إلتصاقها به ، والتمعت عينيها بالدموع قائلة له بهمس : صدجت يا بيه إن جلبي مجفول وعمري ما هفتحه تاني .
تجمد جلال بمكانه بصدمة كبيرة ، لا تعبر ملامحه عن شيء يذكر ، مما جعل مهجة تشعر بالجفاء في معاملته لها مهما تقربت منه ، فهو لن يتغير في معاملته تلك، وسيظل قاسياً مهما أظهرت ما أخفته في قلبها من مشاعر.
أومأت بعينيها للأسفل ، بحزن شديد ثم تطلعت إليه مرةً أخرى قائلة له بيأس حزين: واضح يا بيه إني مهما جولت ومهما عملت بردك مش هتصدجني.
قطب حاجبيه بضيق واضح ، فابتعدت عنه ببطء شديد ثم أشاحت بوجهها بعيداً عنه وتركت قبضة يده بهدوء مفتعل .
ابتعد عنها هو الآخر دون أن يتفوه ببنت شفه ، ما أن غادر الغرفة حتى أجهشت بالبكاء ، منهارةً على الفراش وراءها قائلة بعذاب : يارب ساعدني أن تعبت أوي .
دخل جلال إلى غرفة مكتبه جلس بها فترةً طويلة، لا يدري ماذا يفعل معها، ولا إلى أين تقوده بجنانها هذا.
قاطع تفكيره صوت رنين هاتفه، أجاب قائلاً بهدوء ظاهري : تمام أوي لغاية إكده ثم أغلقه بعدها باختصار واضح.
في حوالي الواحدة صباحاً، دخل جلال إلى غرفة مهجة، وجدها تغط في نوماً عميق.
لكنها في الحقيقة لم تكن نائمة فهي تداري عينيها التي تورمت من كثرة البُكاء، أبدل جلال ثيابه ثم تمدد بجوارها على الفراش.
ارتعش قلبها من الخوف منه وهي تشعر به، فزادت من إغماض عينيها بقوة.
زفر جلال وهو يغلق عينيه هو الآخر محاولاً النوم، نام جلال بعد محاولته بقليل ، مما زاد من إرتباكها ، فكانت تخشى النوم ليحدث منها أشياء مزعجة التي اعتادت على فعلها معه .
في الصباح الباكر أتى يحيى من المشفى بعد أن اطمئن لخروج مريم من المشفى ، فتح باب غرفته وأغلقه خلفه بسرعة كأنه يهرب من نظرات عينيها المتوسلة له .
وهي تنصرف من أمامه من المشفى ، راقبها من نافذة مكتبه وهي تغادر مع والدها وشقيقها .
تطلعت إليه من مكانها داخل السيارة كأنها ترجوه أن يسامحها ويصدقها في كل كلمة قالته.
تنهد بقوة ، قائلاً لنفسه : لميته يا يحيى هتفضل إكده ، من ساعة ما شوفتها وإنت زي اللي في دوامة ملهاش آخر .
فتح شرفة غرفته متطلعاً إلى ضوء النهار الذي قد بدأ يشرق من جديد ، أغمض عينيه وهو يستند إلى سور شرفته ، مستنشقاً نسمات الهواء العليل .
قائلاً بحدة مفاجئة : بس بردك كل اللي إنتي فيه دلوك ، إنتي السبب فيه ، ولساتك يا مريم مخبراش بتتعاملي مع مين .
استيقظ جلال على ثقل على ذراعه الأيمن ، شاعراً بأنفاس هادئة بالقرب من أذنه اليمنى .
قطب حاجبيه مستغرباً، وفتح عينيه يتطلع إليها، وجدها تضع رأسها على ذراعه، وهو يضمها عليه، وتضع ذراعها على صدره .
كان شعرها مبعثراً على ذراعه، مما جعله حائراً ماذا عليه أن يفعل ، حدق بها متمعناً بوجهها ، وشاهد آثار تورم عينيها من البكاء .
ذكره هذا الموقف ، بموقف مشابه معه عندما استيقظ ذات مرة ووجدها تضع رأسها على صدره وشعرها متناثر على وجهه .
شعر وقتها بالحيرة مثل الآن تطلع إليها لا يدري أيوقظها أم يتركها ، لكنها لم تتركه كثيراً في حيرته ، إذ رفعت مهجة رأسها بخجل مشوباً معه التوتر والخوف من معاملته لها .
كاد أن يتظاهر جلال بالنوم لكن شيئاً ما جعله، لا يريد أن يفعل ذلك، إنما تطلع إليها، فتلاقت أبصارهم في صمتٍ بالغ.
شعرت مهجة بالإحراج ، وارتبكت فرفعت رأسها بسرعة من فوق صدره ، هامسة بخجل وتوتر بقولها : آني آسفه يا بيه ، مجصدش أعمل إكده.
لم يبعد جلال ذراعه عنها بالرغم من إحراجها ، فابعدته هي عنها بالرغم منها لتبتعد عنه خوفاً منه.
كاد أن ينطق جلال بشىء ما لها ، لاحظته هي ، لكنه أعدل عن ذلك ، وهب من مكانه مبتعداً عنها داخلاً إلى المرحاض .
أما الآن فهي ما تزال نائمه على ذراعه وهو محتضنها بجانب صدره ، تأملها جلال بتمعنٍ شديد دون أن تتفوه بأشياء لا تليق به.
أزاح خصلات شعرها المتناثرة على وجهها وذراعه، برقة وهدوء ، مما جعل قلبه يسرع على غير عادته .
فاقترب من وجهها أكثر، محدقاً بشفتيها الحمراء ، شاعراً بانجذاب غريب ما نحوهما ، فانحنى أكثر وأكثر باتجاههم ، كاد يتلمسهما بشفتيه بنعومة هو الآخر عندما فتحت مهجة عينيها بصدمة عندما شعرت بأنفاس منتظمة على شفتيها.
لم يرتبك جلال مثلما ظنت إنما واجهها بثبات قائلاً : آني صحيت لجيتك نايمة إكده .
جف حلقها ، وأبعدت رأسها سريعاً قائلة له بتوتر : معلش يا بيه سامحني النودبادي كمان ومش هتتكرر تاني واصل.
حدق بها بصمت بطويل قطعه قائلاً لها بجمود : جومي جهزيلي الفطار علشان نازل رايح شغلي بدري .
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بتردد : حاضر ….. حاضر يا بيه ، هبت ناهضة بسرعة ، كي تفعل ما أمرها بها .
استيقظ ياسين على صوت هاتفه فكانت نهى من تتصل به فرد عليها بنعاس قائلاً لها : أيوة يا نهى فيه حاجه .
فقالت له بغضب : إيه يا ياسين لسه فاكر تكلمني دلوقتى ، تنهد بضيق قائلاً لها : معلش مكنتش فاضي اتكلم .
فقالت له بغيظ : وكنت مشغول في إيه بقى إن شاء الله علشان متردش عليه وقافل تليفونك ..
تأفف ياسين بغضب قائلاً : نهى هوه إنتي هتحققي معايا ولا إيه ، ممكن أعرف انتي عايزة إيه على الصبح كده .
حزنت نهى قائله : لا مش هحقق يا ياسين بس على الأقل كنت شوف أنا عايزة إيه من خطيبتك اللي كلها يومين وهنحتفل بالخطوبة بتاعتنا.
زفر ياسين بقوة ووضع يده على وجهه قائلاً لها : خلاص يا نهى أنا أول ما هكون فاضي النهاردة هكلمك مع السلامة .
أغلق معها الهاتف وألقاه بجواره على الفراش ، حدق بالسقف غاضباً .
فهو لم ينم جيداً طوال الليل بل ظل ساهراً يفكر بها ومكانها الآن ، هب من مكانه ودخل إلى دورة المياة ليستعد للخروج .
انتهى من ثيابه ونزل بالأسفل ولم يطرق منزل والدته، بل ركب سيارته مسرعا.
توقف بسيارته على مقربة من متجر نوال ، التي لم تفتحه إلى الآن ، حدق بساعة يده فوجدها قد تخطت العاشرة صباحاً ولم تأتِ بعد.
ظل منتظراً لها حوالي ساعة وعندما لم تأتي عاد إلى منزله ، شاعراً بالغضب أكثر من ذي قبل .
استيقظت نوال من نومها متأخرة ورأت الساعة ولم تهب من مكانها قائلة بضيق : منيش رايحه المحل النهاردة مش قادرة ثم صمتت برهةً وأردفت بقولها وهي تعبث بخصلة من خصلات شعرها : ياترى يا ياسين هتدورعليه تاني ولا خلاص كده.
تنهدت بحزن وعذاب قائلة لنفسها بوجع : انسيه يا نوال مش معقول بعد كل اللي عمله فيكي هترجعي تفكري فيه تاني وكمان خلاص خطوبته كمان يومين.
تذكرت الفستان التي أهدته إياها والدته قد تركته هناك في غرفته التي كانت تقطن بها طوال الفترة الماضية .
تذكرت الثوب وهي ترتديه عندما لمحها به ياسين فهي لن تنسى تفحصه لها في هذا اليوم ونظراته التي تنطق بالكثير رغم معاملته القاسية لها.
زفرت بقوة قائلة لنفسها بألم: ياريت تعاملك معايا كان زي نظراتك ليه يا ياسين .
أعدت لنفسها إفطاراً سريعاً بدون نفس وأرغمت نفسها عليه ، فهي لم تأكل بالأمس جيداً من أثر ما تعانيه.
دخلت مها غرفة والدتها فوجدتها ترتدي ثيابها فاستغربت قائلة لها : ماما رايحة فين كده على الصبح .
تنهدت قائلة لها : يعني هروح فين ، هدور طبعاً على نوال بس هشوفها في المحل الأول يمكن تكون موجوده هناك .
توترت مها قائلة لها : طب اصبري لما أبيه يلاقيها الأول وأكيد لو عرف مكانها هيبلغنا .
حدقت بها قائلة بحنق: لا يا مها… نوال كانت مسئوليتي أنا مهما يكون اللي عمله أخوكي فيها .
استعدت والدتها للخروج من الغرفة، فزاد توتر أعصاب مها ، حاولت منعها بإصرار لكنها أصرت على البحث عنها بنفسها .
أسرعت مها بالوقوف عند حافة باب غرفتها لتمنعها قائلة بتلعثم : لا…لا يا ماما… خليكي هنا أرجوكي دلوقتي .
حدقت بها باستغراب قائلة لها بتساؤل : فيه إيه يا مها ممكن أعرف بتمنعيني ليه عن نوال .
أشاحت بوجهها قائلة لها باضطراب : أبداً … يا ماما يعني هيكون في إيه يعني .
أمسكتها من كتفيها وواجهتها قائلة لها بدهشة: مها … شكلك مخبيه حاجه عني مش كده ، إنتي بنتي وأنا عارفاكي .
أطرقت بنظراتها للأسفل قائلة بتوتر : ماقلتلك مفيش …. قاطعتها قائلة بحزم صارم : لأ فيه ونص كمان وشكلك كده عارفه مكان نوال ومخبيه عليه .
شحب وجهها قائلة لها بقلق : وأنا هخبي عليكي ليه حاجه زي كده ، حدقت بها بغضب قائلة : لأن فاهماكي وفاهماها كويس أوي…. صمتت والدتها برهة قصيرة ثم أردفت تقول بصرامة : إنطقي وقولي فين نوال ، إنتي أكيد عارفه مكانها ومخبيه عليه لأنها أكيد موصياكي متبلغنيش .
ابتلعت مها ريقها بصعوبة قائلة باستسلام وتوتر: هيه …. هيه …. أنا بصراحة كده … عارفه مكانها … بس هيه … قالتلي بلاش أقولك علشان …. علشان … قاطعتها بغضب قائلة لها : علشان ياسين مش كده انطقي.
فأومأت برأسها بتردد بالموافقة فقالت لها بحزم: طب إنطقي واتكلمي بسرعة وقولي هيه فين قبل ما ييجي أخوكي .
فقالت لها بارتباك : هيه موجوده في …. في …. بترت مها باقي عبارتها عندما رأته يحدق بها بانفعال غاضب، مقبلاً باتجاههم فشحب وجهها وجحظت عيناها قائلة له بصدمة شديدة: أبيه ياسين …..!!!
فتحت سماح باب منزلها بعد أن استمعت إلى صوت طرقات متتالية على الباب ، اتسعت عينيها بذهول تام قائلة بدهشة: مصطفى ….!!!!
تمعن بوجهها وقال لها بتهكم: مالك فيه إيه مستغربة كده ليه ، ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة بصوت متحشرج : عرفت مكاني إزاي ، ابتسم بسخرية قائلاً لها : اللي يسأل ميتهوشي مش كده بردو ولا إيه ، مطت شفتيها تحاول أن تلملمم شتات نفسها قائلة له : عندك حق …. اتفضل إدخل .
دخل مصطفى متأملاً المكان حوله وقال لها : أنا مش ناوي آخد من وقتك كتير.
أشارت له سماح بالجلوس ، جلس قائلاً بغرور : إتفضلي انتي كمان الأول اقعدي علشان عندي كام حاجه كده عايز اتكلم معاكي فيهم .
جلست على مقربة منه قائلة بثبات: اتفضل عايز تتكلم في إيه ، تنهد وهو يضع قدم على قدمه الأخرى قائلاً لها بحزم: أول حاجه عايز أعرفها، صور لبنتي وكمان شوية معلومات عنها وأظن إن ده من حقي.
أشارت سماح إلى الحائط بجوارها قائلة باختصار: صورها أهيه معلقه قدامك على الحيطة ، من ساعة ما كانت صغيرة لغاية ما كبرت ، بس طبعاً مش كل الصور، اتفضل شوفها براحتك .
هب من مقعده متجهاً ناحيتها ووقف أمام بعض الصور لابنته ودار ببصره بينهما وهو يتطلع إليها ، إلى أن وصل لصورة لها مع زوجها، فاتسعت عينيه كالصاعقة قائلاً بذهول : مش معقول ده جوزها….!!!
يتبع..
لقراءة الفصل السابع والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي