رواية النمر الجامح الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أميرة أنور
رواية النمر الجامح الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أميرة أنور |
رواية النمر الجامح الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أميرة أنور
حدق بها بذهول، ولكن تذكر حين كانت أمه تقول وتفعل هكذا، من الممكن أن تفعل مثلها، تنهد بقوةٍ ثم وبهدوء قال:-
_طيب طالما هريح من الشغل سبيني أنام!!!
شعرت بأنه لا يصدق حديثها، ولكنها ستظل بجانبه، ستغير له حياته وستعلم قريباً ما الذي يخفيه عليها ويجعله مجروح، صرخت به بعلو وقالت بتمرد:
_مافيش نوم في آكل وعلاج حضرتك لأزم جرحك يلم يا أستاذ
لا يتجرأ أن يقول لا حيثُ تمردها يتغلب دائماً عليه، اعتدل في جلسته ثم قال بضيق:
_هاتي الصنية!!
أعطتها له وبدأت تراقب تصرفاته وشكل وجه بعد أن يتذوق الطعام، كان فمها يتزين ببسمة الخوف تريد أن تعلم رده على صحن الشربة، نظر لها “جبل” باستغراب ومن ثم قال بتساؤل:-
_ بتبصي كدا ليه؟!
اتسعت ابتسامتها ثم تقدمت لتجلس على الفراش ومن ثم قالت:-
_مافيش يا حبيبي بس بشوف هتعجبك ولا لاء أول مرة أعمل آكل في حياتي
رفع حاجبه بتعجب، لم يستطيع أن يمتع نفسه من الصراخ، تحدث بهلعٍ مصطنع:
_يا نهار أسود وجاية تجربي عليا أنا لا خدي يا ست أنا مش جعان
انكمش حاجبها وقالت بصراخ:
_كل هي شربة مغزية جداً وهتعجبك على فكرة
رفع حاجبه بعدم اقتناع ثم قال بيائس:
_مقدميش غيرها هجربها وربنا يستر بس اتصلي بالإسعاف..!!!!!
ابتسكت بسخرية على ما يقول، لم ترد عليه بأي شيء، ظلت تراقبه، وبالفعل بدأ يرتشف من صحن الشربة ولكن سعل بقوة، أشار لهغ حتى تناوله الماء، أسرعت ووضعت بعض الماء في الموب ومن ثم أعطته له وقالت بذعر:
_في إيه يا “جبل” اللي حصل؟
نظر لها بضيق ثم قال بانفعال طفيف:
_كنت حاسس إن هيكون في حاجة وحشة في الشربة إيه دا يا “ملاك”؟
استغربت حديثه فقالت بانزعاج:
_مالها الشربة يا” جبل”
مد يده بصحن الشربة وقال بأمر:
_دوقي كدا
أمسكت الصحن وتذوقته فشعرت بالخجل الشديد حيثُ كان ملح الطعام به زائد بشدة، تحدثت بتوتر:
_آسفة يا “جبل” والله بس الخدامة اللي تحت داقتها وقالت حلوة جداً والله أنا كنت عملها بمحبة وعشان الدواء لو كنت أعرف كنت عملت واحدة تاني
ابتسم على توترها وخجلها من هذا الموقف، تحدث بهدوء:
_والله يهمك هي بس ماحبتش تزعلك وبعدين هي مش وحشة بالنسبة إنها أول آكلة تعمليها
تغيرت ملامها من الخوف للسعادة، ابتسمت له فهذا الذي يتحدث لم يكن نفس الشخص القاسي معها بليلة أمس، عاد وآكل الخضروات التي كانت مع الشربة، تحمل الملح، انكمش حاجبها وقالت يرجاء:-
_خلاص يا “جبل” بلاش الشربة وخليني اكلم أي مطعم يعملها أو أخلي حد من الشغالين يعملهالك
حدق بها وعلى وجهه بسمة صغيرة ثم قال بصوت هامس:-
_لا هشربها عجبانها!
ابتسمت له حيثُ شعرت بأنه يتقرب منها مرة أخرى بل وتلك المرة قلبه يدق لها بكل حب، هتفت بخفوت:
_طيب هروح أغير هدومي عشان مش بعرف أقعد بلبس الشغل وأنا في البيت
أوما لها برأسه لترحل من أمامه بعدها، تنهد بقوةٍ ثم قال بحب:
_مش عارف ليه فيكي حاجة بتشدني لدرجة إني مش عاوز أذيكي حاسي إنك قريبة مني أوي ومني كل ما بحس إني فيها حاجة قلبي بيوجعني
قاطع حديثه دخول “ملاك” بملابس قصيرة اعتادت على ملبسهم في منزلها، ابتلع ما في حلقه بضياع حيثُ كاتا تشبه الأطفال وله أنوثة طاغية، استغربت نظراته فقالت:
_مالك؟!
_ها ما فيش يا “ملاك” أنا خلصت الشربة
هذا ما قاله بعد أن انتبه لها، مد لها صنية الشربة، أخذتها منه، وأعطته الدواء، شعرت بأن حرارته زادت، انكمش حاجبها بخوف وقالت بفزعٍ:-
_إنت سخن كدا ليه؟!
……………………………………………………………….
وصل إلى منزله، صف سيارته بمكانها، أمر “أحمد” بالنزول ثم قال بترحيب:
_نورت بيتك يا صديقي
ابتسم “أحمد” له، لم ينظر إلى الفيلا محاولٍ حتى لا يقول “مالك” بانه يريد ابنه عمه من أجل المال، دلف للداخل لتأتي عينه على ملاكه حيثُ كان الخوف يظهر على ملامحها، شعر بالذعر الشديد، فأسرع باتجاهها وسألها بهلعٍ:-
_مالك يا “دنيا”!!!
تفاجئت” دنيا” من وجوده وبالأخص أنه مع ابن عمها، اقتربت من “مالك” وقالت برجاء:
_اطلع ليها يا “مالك” خلاص لبست وهتمشي
أومأ “مالك” برأسها ثم قال بهدوء:
_هطلع شوفي إنتي “أحمد” هيشرب إيه؟
ابتسمت في وجه “مالك” حيثُ شعرت بأنه سيحقق لها ما يتمنه قلبها، وبالفعل اتجهت نحو المطبخ بعد أن أشار لـ “أحمد” لغرفة المعيشة حتى يجلس بها حينها سالته بحزن:
_تشرب إيتجبيه
رد عليها بحب:
_اللي تحبي تجبيه
هزت برأسها وطلبت له عصير ليمون وعادت لتجلس معه، طال الصمت بينهما حتى قطعه بقوله:
_إنتي زعلانة مني يا “دنيتي”؟
تنهدت ” دنيا ” بقوةٍ ثم نظرت له بحزن وقالت:
_كسرتني بكلامك أنا عملت إيه يعني عشان تقول كدا
أشارت نحو قلبها وقالت بصوت باكي:
_إنت كسرت قلبي بكلامك عدم ثقتك بأني مش عاوزة أعيش معاك تعباني وبعدين
توقفت عن الحديث حين سمعت صوت “عبير” تقول بغضب:
_وبعدين إيه مين دا إنتي تعريفيه ميت مرة قولت متقعدوش مع حد متعرفهوش
قامت “دنيا” من مكانها بتوتر ثم قالت بتلعثم:
_دا دا دا دا
قاطعها “أحمد” ورد بـ:
_أنا “أحمد” صديق “مالك”
انكمش حاجبي “عبير” باستغراب حيثُ أنه أول مرة يأتي المنزل، فكرت قليلاً ثم ابتسمت، ظنت أنه سيشارك “مالك” في مشروعٍ ما ولكنها استغربت من تصرف ابنتها وتقطع حديثها، تحدثت ببسمة مصطنعة:
_منور يا حبيبي!!
ثم نظرت لابنتها وقالت بأمر:
_خليكي قاعدة معاه طالما صاحب “مالك” !
بالفعل نفذت “دنيا” ما قالته والدتها بينما “أحمد” فابتسم بهدوء وقال بشكر:
_شكراً يا فندم تسلمي البيت منور بصحابوا
هزت رأسها وقالت لابنتها:
_هروح أقابل صحابي يا “دنيا” خلي بالك من “ريري” وساعديها في الهومورك بتاعها…!!
أومأت “دنيا” برأسها ووافقتها على حديثها، رحلت “عبير” بسرعة فتنهدت “دنيا” ثم استدارت لتنظر له مرة أخرى وقالت:
_دي مامي
ابتسم على توترها وقال:
_عارف سمعتك وإنتي بتقولي لها يا ماما
أمسكها من يدها وقال بحب:
_بغير عليكي عشان كدا غيرت عليكي من “مالك” أما دخل الأوضة وكنت متعصب لكن صديقيني عمري ما زعل منك أبداً وأما جيتي مكنتش حابب إنك تشوفيني أبداً وتشوفي بيتي عاوزك تقعدي في مكان أفضل من اللي أنا قاعد فيه
حدقت به بغضب وردت عليه بعتاب:
_ليه مفكر إني مش حابة وجود بيتك وعيلتك في حياتي ليه حاسس بكدا أنا بحبك زي ما إنت ببيتك وأخواتك وحياتك وجرانك أنا بحبك
نظر لها بفخر فكيف لا يفتخر بها وهي ملاك يطير على الأرض يزين حياته، يجعل قلبه يدق بعشقه، ابتسم لها وقال بحنو:
_إنتي أغلى حاجة في حياتي كلها فخور بكلامك يا روح قلبي بجد إنتي حياتي كلها
خجلت من حديثه المعسول معها، نظرت للأرض بخجلٍ ثم قالت بحب:
_مش بقدر ازعل منك المهم بقى احكيلي إي اللي حصل مع “مالك” عشان يحبك
………………………………………………………………
صعد للغرفة التي كانت سكنها بليلة أمس، سمع صوت بكائها من خلف الباب، سمعها تقول لكل من “سامية” و “صباح”:-
_يا جماعة أنا بقيت احس إننا مش هنكمل علاقتنا مليانة خناق والخناق بيكون على أتفه الاسباب هو دا يصح برضه
لا يعلم لما غضب منها هي لم تفعل شيءٍ، ظل يستمع لهم ولرد” سامية “التي قالت لها بحنو:
_ليه يا قلب أمك بتقولي كدا دا الخناق هو روح العلاقة
بينما” صباح” فقالت بيقين:-
_إنت نفسك عارفة كويس إن “مالك” عمره ما حب زيك ولا هيحب هو أصلاً ميقدرش يستغني عنك اعترفي إنك غلطانة إنك خبيتي عنه
استغرب من الصمت الذي حدث، كلام “صباح” تحديداً جعله متلهفً حتى يسمع ردها، ولكن بدون فائدة حيثُ أن كل ما خرج من فمها:-
_طب يالا نمشي!!!
بتلك اللحظة لم يستطيع أن يصبر أكتر من ذلك، أمسك مقبض الباب ليدفع بقوة ويدخل، أشار بعينه للمربيات وقال بأمر:-
_بعد إذنكم يا جماعة سبوني معاها شوية؟!
وبالفعل نفذت كل منهن كلامه، حدقت به “مرام” وموعها تنزلق بشدة من عينها، انتظرت حديثه ولكن لم يتحدث، كانت عينه تعاتبها وكأنها اذنبت بمفردها، قاطعت السكوت الذي حل على الغرفة بقولها:-
_نعم يا “مالك” محتاج حاجة قبل ما امشي
رفع حاجبيه ثم مط شفتيه للأمام وقال ببرود:-
_لا بس حاسك خارجة إيه يا حبيبتي راحة في حتة بدون إذني ولا إيه؟!
حملقت به “مرام” ولم تفهم ما يقصده بطريقته معها، لديها يقين بأنه يعلم بمغادرتها وعودتها لمنزلها، كانت ستصمت وبالفعل سكتت قليلاً عن الحديث وكأنها تفكر في الرد، وأخيراً وبعد دقائق قالت:
_ إنت اللي حسستني إنك مش عاوزني بدل ما تتكلم معايا براحة اتعصبت عليا ومافتكرتش حتى إني مكنتش بكلمك واتصرفت صح لما قولت لأخويا خلاص الدنيا هتقف
اقترب منها وعلى وجهه بسمة صغيرة، تحدث معها بكل حب:
_آسف وبعدين إنت نفسك عارفة عصبيتي
أمسك يدها بعد أن توقف عن حديثه قليلاً ثم جعلها تجلس بجانبه على الفراش ليكمل حديثه بـ:
_هو إنتي مش عارفق قيمتك عندي تعرفي إني زعقت لنفسي عشان زعقتلك
ابتسمت على حديثه، تأملته قليلاً ولم تشعر بنفسها وهي تدخل بين ذراعيه وتقول ببكاء:
_أنا بحبك يا “مالك” وعمري ما تخيلت حياتي من غيرك بلاش قسوتك دي عليا
ملس “مالك” على ظهرها ثم قال بصوتٍ هامس:
_أنا كمان بحبك وأنا آسف يا حبيبتي آسف لإني شكيت فيكي وآسف لاني زعقتلك
حدقت به بعشقٍ متيم له فقط، زادت دقات قلبها وبدون أي مقدمات قالت:
_ما تيجي نكتب كتابنا ونتجوز زي “جبل” يا “مالك”
قفز “مالك” من مكانه بسعادة ثم قال بصراخ:-
_الله أكبر أنا موافق جداً هكلم أخوكي وهقوله وكمان نكتب كتاب البت “دنيا” على الواد “أحمد” بالمرة
حدقت به بعدم تصديق حيثُ أنها لم تتوقع بأنه سيوافق قط، ابتسمت بحب ثم قالت بفخر:
_بجد بحبك ومبسوطة إنك وقفت مع “دنيا”
توقفت عن الحديث قليلاً حيث تذكرت شيءٍ، انكمش حاجبها بضيق فسألها باستغراب:-
_مالك يا “مرام”؟
ردت عليه بانزعاج:
_طنط عبير هتوافق؟!
رفع حاجبه بضيق ثم قال بانفعال:
_هي ملهاش دخل وبعدين مش أنا وافقت يبقى مش مهم هي يالا بقى لإن” أحمد” تحت قاعد مع “دنيا”
رفعت حاجبها بعدم تصديق، بالفعل لم تتوقع من حبيبها أن يجعل ابنه عمه تجلس مع حبيبها….
…………………………………………………………….
_لا يا حبيبي متروحش لابني وانتي يا “لميس” هو استناكي برضه ولسه بيستنكي اتخطبوا يا حبيبتي
هذا ما قالته “فوقية” برجاء لكل منهم، بتلك اللحظة أشار “مصطفى” على “فوقية” ومن ثم نظر إلى “لميس” وقال:
_هي نفسها موافقة خلصي بقى نفسك يا “لميس”
رفع حاجبها بحيرة حيثُ لا تعلم حتى الآن ما هو قرارها، تنهدت بقوةٍ ثم قالت بهدوء:
_سبني افكر بس يا “مصطفى” مش عاوزة اكتر من كدا وبعدين لازم نشوف ماما هتقول إيه وبعد كدا يحل لها الحلال
أومأ برأسه ثم قال بضيق:- تمام أما تكوني جاهزة هتلاقيني مستنيكي سلام
خرج من المنزل أمام عينها، تنهدت بقوةٍ ثم دخلت لغرفتها، لحقت بها “فوقية” التي قالت بعتذار:
_أنا آسفة يا بنتي لو سببت ليكي أي مشكلة مكنتش أعرف والله
رفعت “لميس” رأسها ونظرت لها، أجابتها بحب:
_لا يا طنط بس إحنا اللي بنحب نتخانق كتير مش أكتر المهم أنا هحاول أشوف “ملاك” لإن محكمة “جلال” هتترفع قريب وإحنا عاوزنها تعرف قبل ما “جبل” يعرف إن أبوه مسجون و يروح له ويتألف له حاجات محصلتش
هزت رأسها متمنية أن ينتهي كابوسها وتعود لاولادها قريباً، مالت من هذا الوضع، تشتاق لضمة من أولادها تجعل الدفء يعود مرة أخرى إلى صدرها، هما حياتها والآن هي تعيش بلا حياة
يتبع..
لقراءة الفصل الرابع والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية لا تعشقني كثيراً للكاتبة بتول علي