روايات

رواية الشيطان شاهين الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين البارت التاسع والثلاثون

رواية الشيطان شاهين الجزء التاسع والثلاثون

الشيطان شاهين
الشيطان شاهين

رواية الشيطان شاهين الحلقة التاسعة والثلاثون

صرخ عمر بنفاذ صبر في وجه الطبيب
الذي يتابع حالته منذ سنتين و هو يلقي
بحزمة الأوراق التي تتضمن تحاليله الطبية
قائلا بغضب:”بقالي سنتين.. سنتين و انا
بسمع منك نفس الكلام….أصبر و استنى،
خذ الدواء داه.. إعمل كده و متعملش كده
سنتين و مفيش حاجة تغيرت…صارحني
و قلي إذا حالتي ميؤوس منها انا حفهم
و حتصرف بس متودينيش و تجيبني زي
العيل الصغير و في الاخر مفيش حاجة….
متدينيش أمل كذاب يخليني أحلم بحاجة
مستحيلة انا خلاص زهقت و مليت و صبري
نفذ و معادش ليا طاقة…. لا انا و لا مراتي….
إرتمى جالسا على الكرسي ليفرك وجهه بتعب
غير مهتم بنظرات الطبيب المتأسفة لحاله….
مد له الاخر كوب ماء و هو يحاول تهدئته قائلا
بعملية :”إهدى يا أستاذ عمر انا فاهم و مقدر
حالتك بس صدقني النرفزة و الزعل مش
كويسين علشانك…إنت بقالك سنتين بتتعالج
عندنا و الحمد لله حالتك بقت أحسن بكثير
و إن شاء الله حنسمع اخبار كويسة قريب
بس لازم تكون صبور و هادي أكثر من كده في ناس بتقعد تتعالج بين خمس و عشر سنين و أحيانا
أكثر….
رمقه عمر بحنق و هو يضع الكوب فوق
المكتب متمتما بغيض:”لسه بيقولي اصبر
طبعا ماهو مش اللي رجليه في المية…
يلا إكتبلي لو في دوا او تعليمات عشان
عاوز أمشي من هنا انا كرهت ام المكان
داه…
إبتسم الطبيب و هو يخفض رأسه
ليدون بعض الملاحظات بسرعة في ملفه قائلا :”
إنت حتستمر على الأدوية القديمة و إن
شاء الله المرة الجاية حنسمع اخبار كويسة
موعدنا كالعادة كمان أسبوعين “.
صافحه عمر على مضض قائلا:”إن شاء الله”.
تنهد بعمق و هو يغلق باب المكتب وراءه
ليسير في البهو بخطوات متثاقلة و قد بدأ
يتملكه اليأس من حالته فكلام الطبيب
لاجديد فيه… في كل مرة يلقي على مسامعه
نفس التعليمات و النصائح…
توجه نحو إحدى الكراسي الموضوعة في
إحدى الزوايا ليجلس عليه بعد أن أحس
بثقل ساقيه و عدم إستطاعته إكمال السير
دفن رأسه بين كفيه و قد تهدلت أكتافه
بعجز…شعر بغصة في حلقه عندما تذكر
هبة التي تنتظره ليهاتفها و يطمئنها
ماذا سيقول لها الآن..
من أين سيأتي بالقوة و الصبر حتى يهدئها
و يقنعها بقرب الفرج إذا كان هو نفسه قد
تعب و بدأ الياس يتسلل بداخله رويدا رويدا
كيف سيواجه والدته و عائلته الذين لا يكفون
عن طرح موضوع الأطفال أمامه دون مراعاة
مشاعره او مشاعر زوجته التي تحاول دائما
إخفاء ألمها و تجاهل إيحاءاتهم حول فشلها
في أن تصبح أما و تحريضهم له أحيانا
بالبحث عن زوجة أخرى تهب له أطفالا…
نزلت دموعه دون وعي منه و هو يناجي
ربه في سره لييسر أمره و يفرج عنه… أدار
رأسه للجهة الأخرى ليمسح دموعه عندما
شعر بيد أحدهم تربت على كتفه ثم تنحنح
لينظف حلقه قليلا لا يريد لأحد أن يرى ضعفه و إنكساره الذي يخفيه عن الجميع
رفع رأسه ليجد هبة تحدق فيه بصمت و عيونها تتفرسانه بلهفة….
ما إن رآها حتى إنهارت جميع
حصونه الواهية ليجذبها نحوه معانقا إياها
بقوة متشبثا فيها كطفل صغير يبكي
في حضن أمه…كتم صوت شهقاته
بيده لكن هبة أحست باهتزاز جسده
في أحضانها لتربت على ظهره بحنان
محاولة مواساته بعد أن فهمت فحوى
الحوار بينه و بين الطبيب في الداخل….
نجحت أخيرا في تهدئته بعد دقائق طويلة
ليبتعد عن حضنها و هو يجفف عبراته
بيديه قبل أن يردف بصوت مختنق:”انا
آسف يا بيبة مش عارف إيه اللي حصلي
فجأة إنهارت و معتش قادر أكتم جوايا…
ناولته هبة منديلا ورقيا ليأخذه منها
و هو يحاول رسم إبتسامة خفيفة
على وجهه لتقول هبة بصوت هادئ
:” متحملش نفسك أكثر من طاقتها
و بعدين انا مليش دعوة بكلام الدكاترة
الفارغ داه… أنا أملي في ربنا كثير و انا
كل يوم بدعي عشان يحقق حلمنا و انا
متأكدة إنه مش حيخيب ظننا…دي
آخر مرة تيجي فيها المكان داه..من النهاردة
مفيش لا أدوية و لا تحاليل، حنسيب كل
حاجة لربنا لو قدر لينا إننا نخلف فالحمد
لله و لو مقدرش نقول بردو الحمد لله…..
ضمت يديه بين يديها و هي تضيف
بنبرة عاشقة حنونة:”مش قلتلي إنك
حتعتبرني بنوتك الكبيرة و مش عايز
من الدنيا حاجة غيري و إلا إنت غيرت رأيك
بقى….
رفعت يده ببطئ إلى شفتيها لتطبع على
باطنها قبلة و هي تنظر في عيني عمر الذي
إرتفعت زاوية شفتيه بابتسامة فخورة
رغم وجهه المتعب إلا أنه شعر براحة نفسية
كبيرة لسماعه كلماتها الحنونة التي تخرجه
في كل مرة من ضيق أحزانه و تعوضه
عن شعوره التقصير ناحيتها
طوال سنوات زواجها به لم تحسسه
و لو مرة واحدة بالنقص تواجه كل إهانات
عائلته بصبر و لاتشتكي له ابدا…
هذه هبة التي عشقها و إختارها من بين
آلاف الفتيات يوما بعد يوم تثبت له
أنه لم يخطئ ابدا عندما وهبها روحه و حياته
و توجها ملكة على عرش قلبه….
لم يشعر بنفسه إلا و هو يحاوط وجهها
بين يديه و يقبل جبينها قبلة خفيفة
قبل أن يجذبها إلى أحضانه ليعتصرها
بقوة و كأنه يخاف أن تختفي..
أخذ نفسا عميقا يستنشق رائحتها بادمان
و هو يتمتم بصوت مسموع :”بحبك يا أحلى
حاجة في حياتي…. بحبك و مش عايز غيرك
في الدنيا….
أجابته هبة:” و انا كمان يا قلب هبة”.
_________________________________
بعد اسبوع……
مساء في مستشفى البحيري :
فركت ليليان عنقها بتعب و هي تنحني
برأسها قليلا لتستند بجبينها على سطح المكتب
تنهدت و هي تغمض عينيها بارهاق من احداث
الاسبوع الماضي….عملها الذي إستمر في المستشفى
بعد أن رفض أيهم إستلام الإدارة و إكتفائه بالعمل
بالشركة بعد إنسحاب سيف و عودته للعمل
مع والده لم تذق طعم النوم منذ يومين
لكثرة العمل و الذي إضطرها للمكوث
في المشفى أغلب وقتها و من جهة أخرى
أيهم الذي لا يكف عن ملاحقتها و محاصرتها
في كل مكان بهداياه و مفاجآته الغريبة
باقات ورود و مجوهرات ثمينة و فساتين
ووو…
فتحت أحد ادراج المكتب لتخرج منها
علبة مخملية زرقاء داكنة لتفتحها فيظهر
بداخلها خاتم ألماسي رقيق يخطف
الانظار وجدته صباحا فوق مكتبها و معه
وردة حمراء نسيت حتى اين وضعتها
بسبب إكتظاط مكتبها بباقات الورد
التي تصلها منه كل يوم…
تذكرت الرسالة المرافقة لها و التي كتب فيها
ايهم لها عن رغبته في رؤية الخاتم في يدها
و سيعتبر ذلك دليلا على موافقتها على
الرجوع له و البدء معه من جديد حياة جديدة
مختلفة كليا عن الماضي الأليم الذي لم تستطع
لحد الان نسيانه…
همست بداخلها و هي تعبث بالخاتم الذي
زين إصبعها و كأنه صنع خصيصا لها
:”يا ترى هو فعلا تغير و إلا لعبة من ألاعيبه
القديمة…إزاي حد زي أيهم مغرور و قاسي
و زير نساء حيتغير… بس هو بقى بيصلي
أنا شفته كذا مرة و بسمع صوته كل ليلة و هو
بيرتل القرآن… و بيحفظ ايسم السور القصيرة
بس رغم كل داه مش قادرة أصدق إنه….
يووووه انا تعبت من التفكير تعبت من كل
حاجة…. يا ريته مارجع كان زماني مرتاحة “.
إلتفتت بجسدها للوراء لتضع العلبة
في حقيبته و هي تحاول طرد تلك الأفكار من راسها ثم عادت لتتصفح أوراقها لتغرق
في عملها من جديد رغم إحساسها الشديد
بالتعب و الإرهاق…
هزت رأسها بترقب عندما سمعت صوت
مقبض الباب و هو يدار ليدلف أحدهم دون
طرق الباب و الذي لم يكن سوى طفلها الصغير أيسم
أسرعت نحوه لتلتقط بين ذراعيها قبل أن يسقط
على الأرض بسبب ركضه بخطوات غير
متوازنة و هو يحمل في يده وردة حمراء
في غاية الروعة…فكان مظهره لطيفا
قابلا للإلتهام…. قهقه الصغير بصوته
الطفولي ووالدته لا تكف عن تقبيله و
دغدغته جلست به على الاريكة و هي
تسأله بصوت لاهث :”مين اللي جابك هنا
طنط أميرة و إلا انكل محمد…..”.
إستقام أيسم ليقف على الاريكة متعلقا
برقبتها و هو يقول مشيرا باصبعه نحو الباب
:”بابي هنا….
حولت ليليان نظرها نحو مكان إشارته
لتجد أيهم مستندا بجسده على الباب و يتابع
حركاتهما منذ دلوف الصغير و على وجهه
إبتسامة سعيدة…
رفع كفه ليحييها :”اهلا…
ثم خطى للداخل ليبحث عن حقيبة يدها
حتى وجدها معلقة وراء مكتبها ليأخذها
ثم يسير نحوها مكملا كلامه :”يلا خلينا
نروح الوقت تأخر…..
تابعته ليليان بعينيها حتى وصوله أمامها
لتجيبه :”لسه عندي شغل كثير مش حقد….
قاطعها و هو يجثو أمامها ليمسك يدها التي
كانت تضعها على
ركبتيها قائلا بنبرة حنونة مشفقة:”الشغل مش
حيطير و إنت بقالك يومين منمتيش حتى
وشك تعبان و عنيكي مرهقة…محتاجة ترتاحي
عشان تقدري تكملي و انا أوعدك بكرة حاجي
بدالك المكتب و أكمل كل الشغل المتعلق و إنت خذي اجازة…أيسم مشتقالك كثير مش كده يا بابي….
حول نظره نحو الصغير الذي أومأ له بالايجاب
ليقرص أيهم وجنته المكتنزة الحمراء بخفة
قبل أن ينحني نحوه ليحمله و يقف منتظرا
ليليان التي لم تستطع معارضته فهي فعلا
متعبة جدا تشعر بأنه سيغمى عليها في أي
لحظة…
خلعت معطفها الطبي ثم وضعته على الاريكة
قبل أن تسير باتجاه الباب و تخرج بعد أن أشار
لها أيهم بأن تسبقه…. أطفأ الانوار و أحكم إغلاق
الباب بالرقم السري ثم توجها معا نحو الخارج
وافقت ليليان على مرافقته في سيارته دون
جدال بسبب عدم قدرتها على القيادة…
راقبت أيهم من مرآة السيارة و هو يضع الصغير في كرسيه المخصص له في الخلف ثم دلوفه بجانبها
على مقعد السائق..
أشار لها لتضع حزام الأمان
الذي نسيته لتومئ له بالايجاب ثم تلتف إلى
جانبها لتخرجه من وراء المقعد و تضعه حولها….
راقب أيهم ملامحها المتعبة بقلق مؤنبا نفسه
للمرة الالف ففي كل مرة يكون هو السبب في
ألمها و تعبها….سألها بصوت خافت بعد أن
لاحظ أنها تغلق عينيها من حين إلى آخر
:”إنت كويسة؟
أجابته ليليان دون أن تلتفت إليه :” دماغي
مصدعة….
وزع نظراته الخاطفة بينها و بين الطريق
و هو يهتف مطمئنا:”داه من قلة النوم…اول مانوصل
تعشي و نامي على طول …
أومأت له قبل أن تجيبه:” لا انا حنام على طول
مش عاوزة عشاء…ممكن تنيم أيسم معاك الليلة
دي لو وسمحت؟ …..
أخفي أيهم إبتسامته المستهزءة على آخر كلماتها
ليردف :”طبعا…متقلقيش عليه داه إبني بردو”.
تابع قيادته بهدوء و من حين لآخر يلقي
نظرة على المرآة التي تعكس صورة الصغير
خلفه و الذي كان يلعب بأحد الألعاب التي أحضرها
لها أيهم أثناء جولتهم في النهار..
كانت الساعة تشير إلى السابعة و النصف
مساء عندما دلفت سيارة أيهم بوابة الفيلا
نظر نحو ليليان التي أغمضت عينيها باستسلام
لسلطان النوم الذي تمكن منها بشدة…
فتح باب السيارة الخلفي لينزل أيسم و يضعه على
الأرض قائلا له : “حبيبي إنت إسبقني على جوا
و قول للدادة رحمة تخلي باب الفيلا مفتوح عشان
أجيب مامي…أصلها نامت في العربية….
اجابه الصغير ببراءة قبل أن يركض للداخل
:” حاضر يا بابي…
سار أيهم ليفتح باب السيارة الأمامي بهدوء
حتى لا يصدر صوتا مزعجا و يجعل تلك النائمة
تستيقظ… ليحملها بخفة و يدلف بها إلى الداخل
حيث وجز الباب مفتوحا كما توقع…
صعد درجات السلم و هو يشير لكل شخص
من العائلة يراه في طريقه ليصمت تاركا أيسم
يخبرهم انها نامت في طريق العودة من شدة
تعبها في العمل…
أغلق أيهم باب غرفته بعد أن أوصى والدته
بالاعتناء بالصغير و إرسال طعام العشاء نحو
غرفته…. وضع ليليان على الفراش ثم نزع
عنها حذائها و حجابها ثم تجرأ بعد تردد
طويل في فتح اول أزرار قميصها حتى تشعر
بالراحة أثناء نومها..
غادر نحو غرفتها ليحضر لها بعضا من ثيابها
البيتية المريحة بيجاما قطنية باللون الوردي
الهادئ…ثم عاد ليجلس بجانبها ليبدأ في إيقاظها
:”ليليان… قومي يا حبيبتي عشان تغيري هدومك هدوم الشغل حتضايقك و إنت نايمة”.
تململت ليليان في نومها لتلتفت للجهة الأخرى
و هي تجيبه بصوت ناعس دون أن تفتح
عينيها :”سيبني انام مش…. قادرة أحرك….
إيدي حبقى اغير بعدين”.
ايهم ضاحكا:”إمتى بعدين…يلا بلاش كسل قومي
غيري هدومك و تعشي و بعدين إرجعي نامي “.
همهمت ليليان دون أن تجيبه ليزفر أيهم
بيأس قائلا و هو يهزها :”طيب قومي شوية و أنا حساعدك”.
تأففت قليلا قبل أن تستقيم في جلستها و تبدأ في
رفع قميصها بأعين مغمضة…امسك أيهم
بطرف القميص و يساعدها في رفعه ليخرج
رأسها من ياقته الضيقة….إبتلع ريقه
بصعوبة عندما ظهر له جسدها الناعم
الذي لطالما إفتقده ليدير عينيه بسرعة
للجهة الأخرى متحسسا جبينه المتعرق
بيديه الباردتين… تمالك نفسه بصعوبة
و هو يعود من جديد ليساعدها
في إرتداء بقية الملابس ثم يبدأ في
إطعامها رغم تذمرها و رغبتها الملحة في
العودة للنوم….
تنهد بصوت مسموع قبل أن يقف من جانبها
و في يده الصينية متوجها نحو الاسفل..
_____________________________
في فيلا الألفي…..
قبل شاهين جبين كاميليا بعد جولة
حميمية طويلة هامسا بصوت لاهث:”مش عارف… ليه كل يوم بتحلوي أكثر…حطيري عقلي من
مكانه”.
إبتسمت كاميليا بشقاوة قبل أن تغمر وجهها
داخل أحضانه قائلة :”أحسن.. حتبقى
مجنون كاميليا”.
قهقه شاهين و هو يحتضنها بقوة حتي
تأوهت :”بالراحة حتكسر في إيدك
مش كفاية من شوية كنت حت….
شهقت باحراج و هي تضع يدها على
فمها دلالة على صمتها لتزداد ضحكات
شاهين التي زادت من خجلها مردفا:” كملي
سكتي ليه…كنت بعمل إيه من شوية…
ضربته على كتفه قائلة بحنق:”قليل
الأدب…. انا عارفاك بتدور على حاجة عشان
تمسكهالي ذلة….
حرك شاهين رأسه نافيا :”بريئ و الله…
إنت اللي بتجيبيه لنفسك….
رفعت كاميليا جسدها قليلا إلى الأعلى
لتضع يديها على وجه شاهين هامسة
بصوت خافت :”غمض عينيك….
أطاعها دون تفكير و دقات قلبه تزداد سرعة
ليشعر بأناملها الرقيقة تتحسس وجهه… عينيه ،
وجنتيه، فكه.. و أخيرا شفتيه…
أخذت كاميليا نفسا عميقا قبل أن تبدأ
في الحديث :” عارف… اول ماتجوزنا
كنت بفكر اقتل نفسي….
فتح شاهين عينيه معترضا على كلامها
ليحاول الحديث لكنها أسرعت لتضع
إصبعها على شفتيه و يدها على
عينيه تطالبه بغلقها من جديد و عدم
مقاطعتها:” شششش خليني أكمل…
أومأ لها بالايجاب رغم رغبته في مقاطعة
حديثها لتستأنف من جديد :” كنت بقول
أنا إزاي حساحمل البني آدم داه…كنت
دايما ببقى لوحدي بفكر ياترى آخرتي
حتكون إزاي معاه حيقتلني بعد مايزهق
مني و إلا حيطلقني و يرجعني لبيت أهلي
و إلا ياترى حيعمل معايا إيه؟؟ كنت عايشة
في رعب كل ما بشوفك و كأني شايفة
وحش كبير قدامي مش بيرحم حد … ما إنت بصراحة كنت عامل زي الوحش بس بعدين
لما بقيت بتحبني كل حاجة تغيرت و لحد
النهاردة انا مش مصدقة إزاي الوحش
تحول لأمير جميل….
قضم شاهين إصبعها الذي كان يداعب
شفتيه بخفة قبل أن يفتح عينيه ليحدق
فيها بنظرات عاشقة قائلا:”أنا كنت قبلك
الشيطان شاهين بس دلوقتي بقيت
الملاك شاهين و داه بفضلك يا ملاكي..”.
……………………………………………………
صباحا إستيقظ أيهم ليجد نفسه يحتضن
ليليان التي كانت تغط في نوم عميق..
إبتسم بسعادة غامرة ليتكئ على ذراعه
ليقابله وجهها الفاتن الذي إشتاق ان يبدأ
صباحه برؤيته….
مد يده ليزيح خصلات شعرها الذي
غطت رقبتها و جزءََ من وجهها ليبقى على
حاله يتأملها وقتا طويلا قبل أن يطبع
قبلة طويلة على وجنتها مستنشقا رائحتها
و كأنها إكسير الحياة بالنسبة له….
إستقام من مكانه مكرها ليتجه صوب
خزانته ليخرج ملابسه و يتجه نحو الحمام
ليقوم بروتينه اليومي و يرتدي بدلة رسمية
باللون الأزرق الداكن ثم يغادر نحو المستشفى….
بعدها بساعتين….مطت ليليان ذراعيها بكسل
دون أن تفتح عينيها ثم مدت يدها نحو الطاولة
بجانب السرير بحثا عن هاتفها ظنا منها انها
في غرفتها…
فتحت عينيها اخيرا بعد أن فشلت في إيجاده
لتدور بنظراتها أرجاء الغرفة…إتسعت مقلتاها
بذعر و هي تتلمس ثيابها البيتية لتشتم نفسها
بصوت عال :”يخرب بيت غبائك يا ليليان.. يانهار
إسود دي مش اوضتي و حتى هدومي متغيرة
هو إيه اللي حصل انا مش فاكرة حاجة خالص”.
قفزت من الفراش بسرعة قبل أن تتمتم مستدركة
لتعود لتنظيم غطاء السرير بحركة سريعة ثم تتجه
نحو غرفتها لتغير ملابسها و تنزل للأسفل…..
في صالون الفيلا كانت كريمان تجلس مع إبنتها
أميرة تتجاذبان أطراف الحديث….
القت عليهما تحية الصباح..
ليليان :” صباح الخير…ياطنط صباح الخير يا
ميرو”.
كاريمان و قد إرتسمت على وجهها إبتسامة
واسعة:”صباح الخير يا حبيبتي…انا مش قادرة
اوصفلك فرحتي قد إيه… و أخيرا ربنا إستجاب
لدعائي و رجعك إنت و أيهم لحضن بعض الحمد لله
ربنا يهنيكو و يهدي سركم….
أضافت أميرة:” احنا كده إطمنا على أيسم
على الاقل حيعيش حياة طبيعية مع أمه و ابوه…..
أشارت لهما ليليان بيديها ليتوقفا عن الحديث
و قد إرتسمت على ملامحها علامات الاستفهام
:” إنتوا تقصدوا إيه معلش أصل انا مش فاهمة
حاجة “.
قهقهت كاريمان بصخب و هي تضع فنجان
القهوة من يدها على المنضدة لتلتفت بجسدها
نحو ليليان و تمسك بكلتا يديها قائلة :”إحنا
نقصد عنك إنت و أيهم..مبسوطين عشان
رجعتوا لبعض”.
رمشت ليليان بأهدابها عدة مرات قبل أن
تهتف ببلاهة:” حضرتك مين قال إن إحنا
رجعنا لبعض؟؟؟؟
أميرة بخبث:” محدش قالنا بس إحنا
عرفنا لوحدنا يعني إنت نمتي في أوضته
و أيسم نام عند ماما و بابا… و الدكتور أيهم نزل الصبح ياااه لو شفتيه يا لولو الفرحة كانت
بتنطط من عينيه و بيضحك مين غير
سبب “.
ليليان بغضب مكتوم :”يعني هو اللي قالكم
إننا رجعنا لبعض”.
أميرة بتريث:” بصراحة هو مقالش كده
خالص داه حتى سيف قعد ساعة و هو مستلمه
عشان يعترف بردو مفيش فايدة “.
كاريمان بلهفة:” مش مهم… المهم إنهم رجعوا لبعض
و…
ليليان بمقاطعة:”إستنوا بس الحكاية مش كدة….
كاريمان و هي تقطع كلامها:” رجعتوا بس مش
عاوزين تقولوا لحد…. ماشي إحنا مش حنتكلم
في الموضوع داه لغاية ما إنتوا تقرروا….
ليليان برجاء :”يا طنط لو سمحتي….
وقفت كاريمان من مكانها لتستأذن بالمغادرة
قائلة :” أنا طالعة عشان أطمن على سومة
زمانه زهق من اللعب و عاوز ينام… لولو جوزك
راح المستشفى و قال إحتمال إنه يتأخر النهاردة “.
نظرت ليليان في أثر زوجة عمها و هي تصعد
درج الفيلا قبل أن تلتفت نحو أميرة التي
إنشغلت بوضع سماعات الهاتف في أذنيها
كطريقة للهرب من التحدث معها بعد
إن إتفقت مع والدتها أن يضعا خطة تجعلها تعود لأيهم….
نفخت ليليان خديها بضجر بعد أن يئست في
جعلهما تنتبهان إليها حتى تشرح لهما حقيقة
ما حدث البارحة…إستقامت من مكانها لتغادر
نحو المستشفى و في داخلها تتوعد لأيهم….
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في المركز الرياضي الذي يملكه محمد…
ضرب محمد سطح مكتبه بقوة حتى كاد
يقسمه إلى نصفين بعد أن بلغ غضبه عنان
السماء لحديث نور المستفز و الذي ظل
يتجاهلها طوال الاسبوع الماضي…
:”مش حطلقك يانور و وريني حتعملي إيه؟؟
وقفت من كرسيها لتتراجع إلى الوراء مخفية
خوفها من هذا الوحش الذي إنقلب فجأة
لتردف بصوت مسموع :” و أنا قلتلك مش عايزاك…إفهم بقى…. انا بقالي أسبوع و انا بعيدلك نفس الكلام و إنت مش عاوز تفهم تبقى دي
مشكلتك… طلقني و خلي كل واحد مننا يروح
لحاله زي مادخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف”.
حملق فيها محمد بعينين حمراوتين و هو
يشد على أسنانه بقوة قائلا بهسهسة:” و انا
قلت مش حطلقك غير لما إفهم السبب….
نور بصراخ :”و إنت مالك انا حرة… مش عايزاك
و بكرهك….
قفز محمد بحركة خفيفة من وراء مكتبه حتى
أصبح أمامها ليأسرها بينه و بين الحائط
هادرا بصوت مرعد :” إنطقي… في حد ثاني
في حياتك غيري”.
صرخ بها و لأول مرة ترى هبة وجه محمد
الغاضب الذي يحاول في كل مرة مهما كان
منزعجا منها أن يتمالك نفسه مخافة أن
يأذيها لكنه لم يستطع هذه المرة فقد فاض
الكأس و إنفجر البركان و لم يعد باستطاعته
العودة إلى الوراء…يريد فقط أن يفهم
سر تغيرها قبل أن يقدم على تنفيذ
أهم قرار في حياته ألا وهو تحريرها منه….
همهت نور بصوت شبه مسموع و هي لا
تستطيع السيطرة على إرتجاف جسدها
من الخوف :”و الله مفيش حد… انا مش
عاوزة ارتبط… ارجوك خليني أمشي انا
مش عاوزة أقعد هنا…”.
إبتعد عنها ليتلفت إلى الجهة الأخرى
نافثا الهواء بقوة حتى يستطيع السيطرة
على أنفاسه الغاضبة….
تحدث بصوت مقهور رغم صلابته :”دي عاشر
مرة تهيني كرامتي و رجولتي بكلامك
و انا بسامح و اعدي و أقول صغيرة بكرة
حتكبر و حتتغير بس الظاهر مفيش فايدة
أنا بقى اللى مش عايزك بعد كده على قد
ماحبيتك و عشقتك بقيت بكرهك و مش
قادر أبص في وشك….بكرة حضري نفسك
عشان المحامي حيكلمك نتمم إجراءات
الطلاق…من النهاردة إنت برا حيلتي
حياتي … كل اللي بينا إنتهى و حاجتي اللي عندك إحتفظي بيها مش عاوز اي حاجة تفكرني بيكي حتى. الدبلة و دلوقتي إطلعي برا و متورينيش خلقتك ثاني “.
سمع صوت الباب و هو يغلق وراءها ليغمض
عينيه بأسى عن حاله مستندا على الحائط
بضع دقائق قبل أن يستقيم متجها نحو
مكتبه متمتما في داخله :” ملعون ابو الحب
اللي خلي الواحد يفرط في كرامته بالشكل
داه…كان لازم أعمل داه من زمان “.
…………………………………..
بعد خروجها من المركز الرياضي قادت نور
سيارتها نحو الجامعة لتبحث بعدها عن صديقتها
بسمة وجدتها أخيرا لتجذبها من ذراعها
متجهة بها نحو مكان ناء بعيد عن الجميع…
إنفجرت بسمة غاضبة في وجهها بعد أن
حكت لها نور ماجرى معها :”إرتحتي.. اهو حتبقي
مطلقة على صغر سنك….
أجابتها نور بلامبالاة :” أحسن ما ابقى مطلقة
ومعايا عيل او إثنين….
هزت بسمة رأسها بياس من عنادها الفارغ
قائلة بحنق :”يارب طول في عمري عشان
اشوفك ندمانة و دمعتك على خدك و تقولي
ياريت يرجع بيا الزمن ماكنت هببت اللي
هببته…. يا بنتي إنت إيه دماغك دي مصنوعة
من إيه ماتفهميني عمالة تدمري في حياتك
بايديكي بسبب عنادك و غرورك اللي حيوديكي
للهلاك”.
نور بضجر :”بقلك إيه بطلي تزني في دماغي
اللي حصل حصل و إنتهى خلاص و انا مش حرجع لمحمد لو إنطبقت السماء على الأرض. خاصة
بعد اللي شفته النهاردة اكدلي كل شكوكي
محمد و اخوه و عمر و اصحابهم حكلهم
نسخة من شاهين الألفي اللي عذب أختي
و هانها و كسرها ايام و شهور… أختي
اللي مفرحتش بجوازها زي أي عروسة
أنا مش عاوزة أفتكر اللي حصل عشان كل
مرة بفكر إيه اللي كان بيحصل معاها زمان
أول ماتجوزت بتمنى الموت الف

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى