Uncategorized

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الحادي عشر 11 بقلم فرح طارق

 رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الحادي عشر 11 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الحادي عشر 11 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الحادي عشر 11 بقلم فرح طارق

عاد احمد ِبهم للمنزل بعد أن عقد قُرآنه على سجى..
ودخل للشقة والتف لسجى التي وقفت بِمُنتصفها وهي تنتظر منه أن يقُل شيئًا بتوتر، واردف وهو يطالعها بجمود : أنا هدخل أنام لأن جيت من سفر وملحقتش أرتاح، وهطلب أكل ليكِ انتِ ومكة عُقبال ما أجيب حاجات واخليهالكوا ف البيت.
سجى بتلقائية : وأنت مش هتاكل؟
استدار أحمد واتجه ناحية غرفته وكأنه لم يسمع شيئًا منها، بينما هي لازالت واقفة تُطالع اختفائه من أمامها داخل الغرفة، والدموع تجتمع بعينيها.
نظرت سجى لتلك اليد التي حاوطت يدها، وما كانت سوى يد طفلتها، وابتسمت لها سجى واردفت : إيه يا حبيبتي؟
مكة : هو بابا زعلان أننا جينا؟
هبطت سجى بجسدها واردفت بإبتسامة باهتة : زعلان! لأ طبعًا بابا مبسوط خالص.
– أمال ليه شكلوا زعلان وبيكلمك وحش؟
نظرت سجى لتلك الطفلة بدهشة شديدة، ف كيف لِـ طفلةٍ مثلها أن تلحظ ذلك! 
– لأ طبعًا يا مكة، بس بابا زي ما قولتلك زعلان مني شوية وأنا حبة وهصالحه، اتفقنا؟
– ماما هو ليه كان سايبنا كل ده؟ هو احنا مكُناش بنوحشه ولا كان عاوز يشوفنا؟
– أنا مش قولتلك أنه مسافر؟ وهو دلوقت رجع من السفر! وأول ما رجع خلانا نيجي نعيش معاه على طول.
ثم أكملت : ويلا يا حبيبتي علشان تغيري هدومك وتلبسي هدوم جديدة من الي بابا جايبهالك، ويكون الأكل جه وتاكلي وننام.
حركت مكة رأسها بسعادة واتجهت مع والدتها لإحدى الغُرف..
في غرفة أحمد، جلس على الفراش بارهاق وتعب شديدان، يُفكر بما حدث وظهورها المُفاجئ بِحياته مرة أخرى! لا يدري ما هي لعبة القدر بما حدث وما سيحدث، ولكنه حقًا سئم من التفكير ف قرر تركهُ لنصيبه، ولكن ما يعلمه أنه قد تزوج بسجى فقط لأجل ابنته، ف مهما حدث بينهم يعلم نفسه أنه لن يقدر على غُفران ما فعلتهُ بِه.
في صباح يوم جديد..
في الشركة..
أوقف سيارته أمام الشركة، واتجه الحارس ناحيته بلهفة واردف بإبتسامة : جاسر بيه، حمدلله على سعادتك.
نزل جاسر من السيارة واردف بإبتسامة : الله يسلمك يا سلامة، أخبارك إيه؟
– الحمدلله يا بيه، نورت الشركة والله، ملهاش أي طعم من غير سعادتك.
– خلي قاسم يسمعك يقوم رافدك من الشركة بقى.
قاسم من الخلف : أنت بتقول فيها! مشوفش وشك هنا سلامة، بقى الشركة نورت بمجيت جاسر؟ وأنا كنت مضلمها!
– دا أنت الخير كلوا يا قاسم بيه.
اردف جاسر بإبتسامة : يلا أشوفك مرة تانية يا سلامة.
دلف جاسر وقاسم للشركة، وسط تحية الموظفين برجعة جاسر للشركة..
و وصل الإثنان للطابق المنشود بعدما دلفا للمصعد، وخرجَ منه واتجهَ لمكتب جاسر..
جلس جاسر على مقعده بأريحية واردف : ياااه وحشني أوي.
– الموظفين مستقبلينك استقبال، ولا كأني كنت بعُضهم ف غيابك!
جاسر بخبث : أو يمكن كنت بتعمل حاجة تانية وربنا نجدهم برجعتي.
قاسم بتوتر : قصدك إيه؟
أمسك جاسر بإحدى الأوراق الموضوعة أمامه، واردف وهو يتصنع انشغاله بالورقة التي وضعها بين يديه : مُجرد تفكير مش أكتر، مقصدش بيه حاجة.
– ماشي يا جاسر، أنا رايح مكتبي، وهبعتلك كل الصفقات الي تمت ف فترة غيابك، والي هيتم بحيث تاخد فكرة عنهم ويكون عندك عِلم بيهم.
كاد أن يرحل قاسم ولكن استوقفه صوت جاسر المردف بهدوء : اللعب الي بتلعبه ده يكون برة الشركة يا قاسم، لكن جوة هنا خط أحمر، ماشي؟
التف لهُ قاسم واردف وهو يعقد حاجبيه واردف : لِعب إيه؟
ولوهلة تذكر تِلك الفتاة التي جاءت الشركة لأجله..
واردف جاسر وهو يُطالعه بهدوء : أظن أنك فاهمني.
– أنت مراقبني ولا إيه؟
– مش مراقبك بس عيني ع الشركة يا قاسم ،وانت عارف دايمًا إني حتى وأنا مش موجود ببقى عارف كل حاجة بتحصل هنا من عند اصغر موظف، لأكبر مسئول ف الشركة.
ثم نهض وهو يتجه ناحيته و وقف أمامه و وضع يديه بجيوب بنطاله : ودي أهم الخطوات لِبداية إنشاء رجُل أعمال ناجح.
– وأنت حسبوك امتى من رجال الأعمال؟
– من وقت ما أنت للأسف حسبوك فرد ع الذكورية.
قاسم بغضب : تقصد إيه؟
أعدل جاسر من ياقة قميص قاسم واردف : ولا حاجة يا حبيبي، روح شوف شغلك وابعتلي الملفات علشان أشوف شغلي.
طالعه قاسم بغضب وخرج من المكتب، بينما ضحك جاسر عليه ورجع للجلوس على مقعده مرة أخرى؛ ليُباشر عمله الذي غاب عنه لاشهُر.
بعد وقت فاق من عمله الذي انهمك بِه، على رنين هاتفه الذي بدأ بالتعالي وقتًا بعد وقت..
– الو
– جاسر، المعلومات الي طلبتها جهزتهالك، ومفيش أي أمان أني ابعتهالك مع حد من البلد، أنت عارف الورق والفلاشة دول فيهم إيه.
– ماشي يا كيان، هبعتلك قاسم ياخدهم منك أو زياد.
– لأ بلاش قاسم الله يباركلك خليه زياد.
جاسر بضحك : بقى قاسم لأ وزياد أه!
– أيوة قاسم ده يبيع نفسه لأجل أي بنت حلوة قدامه، إنما زياد خلاص اتربت بمراته ف ميقدرش، دي فيها ضياع رِقاب دي!
– أه لو قاسم سِمعك، رقبتك أنت الي هتطير يا كيان.
كيان بخبث : وهو قاسم هيعرف منين يا صاحبي؟ العصفورة هتقوله ولا إيه؟
– عندك حق مين هيقوله! المهم هبعتلك قاسم ها.
كيان بضحك : يا أبني أسمع مني، ده يبيع نفسه، مش هيبيعك؟
– أنت عارف قاسم، برغم لعبه بس عنده الشغل شغل والجد جد.
– أيوة يا صاحبي، وأنا ف انتظاره.
– شكرًا ليك يا كيان.
– على إيه يا جاسر؟ وأنا وراك لو احتاجت أي حاجة بلغني على طول وهتلاقيني عندك.
أبتسم جاسر واردف : متحرمش منك، ومبروك جوازك.
– الله يبارك فيك يا صاحبي، وتجيب لقاسم كيان بقى.
مسح جاسر وجهه بغضب واردف : متفكرنيش، دا أنا لو خلفت تاني من قبل ما مراتي تولد هروح أسميه بنفسي.
كيان بتساؤل : هو مش أنت الي سميت قاسم؟
– الحيوان، بحكم أنه إبن عمي ويقدر يسمي الواد، وديته على أساس يسميه عُمر جالي مسميه قاسم على إسمه، لحد دلوقت كل ما أشوفه أبقى عاوز اقتله.
ضحك كيان بشدة واردف عِندما تحكم بضحكاته : والله قاسم ده نصيبتين.
– أنا هكلمه دلوقت واخليه يجيلك علشان محتاج الحاجة ضروري.
– تمام وأنا مستنيه.
أغلق جاسر مع كيان، ونهض مُتجهًا لمكتب قاسم..
قاسم : وحشتك؟
– قوم سافر لكيان، وهتجيبلي منه ورق مهم جدًا ومعاه فلاشة، الفلاشة دي فيها كل معلومة خاصة بفاروق وابنه، والورق فيه كل تواريخ الأيام الي قضاها فاروق ف السجن بأفعالها، وابنه بردوا والي عمله علشان يِوزن الشركة كدة؛ يعني الورق يكون جوة عينيك يا قاسم.
– ماشي، هروح البيت أخد شاور واغير و أروح.
– تمام.
– أنت هتمشي دلوقت؟
– آه علشان هروح لـ ليان اطمن عليها هي وأسر.
– تمام.
خرج جاسر من المكتب واتجه لمكتب، ولملم اشيائه من على المكتب، وخرج مرة أخرى مُتجهًا لشقة أخته..
بعد وقت..
كانت تقف بمطبخها داخل شقتها، وسمعت صوت رنين الجرس واتجهت لفتح الباب..
ليان بتأفف : أيوة شيل إيدك شوية من ع الجرس! 
فتحت الباب واردفت بضيق : إيه أول مرة تشوف حرس ف حياتك!
صرخت بسعادة ما إن رأت جاسر يقف أمامها وهو يضحك على ما اردفته للتو..
اندفعت ناحية أحضانه وهي تردف بسعادة : جاسر! وحشتني أوي، كل ده يا جاسر؟
رفعها جاسر بذراعه وهو يدلف بها للشقة، ولازالت ليان عالقة برقبته..
جاسر : وحشتيني يا لي لو.
ليان ببكاء : وأنت كمان وحشتني أوي أوي، كل ده؟ قولتلي هو شهر!
جاسر بحنو : هنعيط ليه دلوقت يا لي لو؟ أنا جيت أهو.
ليان ولازالت تبكي : وحشتني أوي، كان نفسي تكون موجود يوم فرحي! وكان نفسي استناك بس مكنش ينفع اسيب أسر لوحده ف أكتر وقت كان محتاجني فيه.
أنزلها جاسر على الأرض واردف بإبتسامة وهو يمسح دموعها : صدقيني فرحتي بيكِ متتوصفش، وفخور بأنك بنتي، وفرحتي الحقيقية إني شايفك ف بيتك دلوقت.
التف الإثنان على صوت أسر : صوت مين يا ليان؟ 
– ده جاسر يا أسر.
أبتسم أسر واردف : جاسر! ليك وحشة والله، حمدلله على سلامتك.
اتجه جاسر ناحيته واحتضنه واردف : الله يسلمك يا أسر، أخبارك إيه؟
أسر : الحمدلله.
ليان : تعالوا اقعدوا جوة.
دلفا ثلاثتهم للجلوس، واردف جاسر : اخباركوا إيه؟ 
ثم نظر لـ ليان واردف : عامل إيه معاكِ اوعي يكون مزعلك أو مضايقك؟ 
بهت وجه أسر الذي لاحظه جاسر ولكنه انتظر رد شقيقته التي اجابته بإبتسامة : الحمدلله يا حبيبي، كويسين جدًا، وأنت عامل ايه ومراتك؟ ماما قالتلي أنها تعبانة ونفسيتها تعبانة علشان حملت وربنا مارادش، خلي بالك منها لأنها أكيد نفسيتها تعبانة أوي يا جاسر، وخليك هادي أوي معاها، ماشي؟
أبتسم جاسر واردف : حاضر يا ليان.
أسر : ضايفتي جاسر يا ليان؟ شوفيه حابب يشرب إيه واعملهوله، عقبال ما الغدا يجهز.
– حاضر، تشرب إيه؟
جاسر بإبتسامة : الي تحبي تعملهولي أنا هشربه.
– عيوني.
ذهبت ليان ناحية المطبخ بينما نظر جاسر لأسر واردف : إيه الحكاية؟
– حكاية إيه؟
جاسر بجدية : الي بينك وبين ليان يا أسر.
أسر بتوتر : كنا هنطلق كذا مرة.
– ليه؟
تنهد أسر واردف بحزن :
بسببي يا جاسر، طول الوقت ببقى حاسس إني ظالمها معايا وأنا رابطها بيا وأنا مش عارف مصيري إيه ولا عارف مصيرها معايا إيه، ولو خلفنا؟ هتبقى حياتنا إزاي وأنا أعمى! هيبقى الحِمل كلوا عليها من جميع النواحي! الإحساس بالذنب تجاهها مسيطر عليا كُلي.
– يعني عاوزها تطلق؟
– أه يا جاسر.
– تمام أنا هقوم أقولها تجهز نفسها وهتصل بمأذون يجي هنا يطلقكوا وهاخدها ونمشي.
بهت وجه أسر وجف حلقه بخوف شديد، بينما ابتسم جاسر واردف : مالك يا أسر مش ده طلبك؟ وأنا مستحيل أرخص من أختي ايًا كان إيه الوضع بينكم ف أني أقولك أو اقنعك بانكوا تكملوا حياتكم ف ده إنساه حتى لو بينكم عيال مش عيل واحد! ما بالك لو مفيش خالص؟ 
أسر بهمس : م..مش قصدي يا جاسر أنا!
جاسر بجدية : أنت إيه؟ ظالمها وظالم نفسك! هتضيع عمرك وعمرها علشان حاجة لا ذنبك ولا ذنبها؟ هتعيشوا حياتكوا بين إنك كل شوية تقولها نطلق وهي تقولك لأ ونبي خليني جمبك؟ ف ده إنساه يحصل من بعد دلوقت، كلمة طلاق هتطلع منك ف أنا ف لحظتها هعمل الي قولته وهطلقها منك، ولو على أختي ف هي بنتي يا أسر مش أختي وأنا هعرف أجبِر جروحها إزاي واخليها تكمل حياتها من تاني.
أسر : أنا عاوز اعمل كدة علشانها، ليه مش عاوز تفهم كدة؟ هي الي هتتعب! ليه تختار حياتها مع واحد أعمى!
– ده نقص..
اردف جاسر بكلمته بحدة شديدة، وأكمل حديثه بجدية وعاد لهدوئه مرة أخرى : تفكيرك ده نقص، لما فقدت بصرك حسيت بالنقص وأنك مش هتكفي، مكانك الي مليته ف حياته حسيته نِقص لما فقدت بصرك، بقيت حاسس بنقص وفراغ ف ملوّ مكانك.
كاد أسر أن يتحدث ولكن قاطعه جاسر مُردفًا بجدية : بص يا أسر، أنا كلمتك كـ أخ مُستعد يعمل أي حاجة علشان راحة أخته وإنه لو إيه حصل مُستحيل أقِل منها مهما كان الأمر، أما دلوقت هكلمك كـ جاسر صاحبك الي وعينا على الدنيا وأحنا أربع ولاد أخوات أنا وأنت وقاسم وزياد، وبحُكم الأخوة دي هكلمك دلوقت بالطريقة دي..
تنهد جاسر وأكمل بجدية : الي حصل معاك ده كان قضاء وقدر من ربنا، وبإذن الله أنا كلمت دكتور روسي هعرض عليه حالتك وبإذن الله يكون ليك علاج أو عملية تسترد بيها بصرك من جديد، ثانيًا لو ده محصلش وكان نصيبك تكمل حياتك كدة، ف إيه ذنبك وذنب مراتك؟ ليه تضيع شبابك بتأنيب وجلد ذاتك لحاجة ملكش يد فيها وكلها بيد ربنا وبس؟ وليان! طول الوقت بتقنعها بالطلاق؟ مفكرتش ف إحساسها كـ بنت وجوزها كل شوية يقولها هطلقك؟ متقولش سبب مهما كان السبب بينكم إيه، ف هي سِت، ليها غريزتها واحتياجها أنها تحس بأنك عاوزها، وأنت كل شوية تقولها مش عاوزك؟ مهما كان درجة تحمُلها معاك ف هي هتوصل لنُقطة ف النهاية وهتبُص ليها كـ منظورها من ناحية سِت جوزها رافضها ومش هتبص من أي زاوية تانية يا أسر وهتلاقيها هي الي قالتلك نطلق.
أسر بحزن : ماشي يا جاسر.
جاسر : أتمنى يكون كلامي وصلك يا أسر، وده علشانك، علشان حياتكوا مع بعض، وأنا بكلمك كدة دلوقت لأني لو شاكك ولو واحد ف المِية لحُبك ليها ف انا مراته كلامي عمره ما هيكون كدة معاك.
– حاضر يا جاسر.
دلفت ليان للغرفة واردفت : الأكل جهز، أنا قولت تاكل الأول بعدين تشرب حاجة.
أبتسم جاسر بحنو وهو ينهض من مكانه واردف : ماشي يا حبيبتي.
اتجه الجميع ناحية المائدة الطعام، وجلسوا حولها وشرعوا بتناول الطعام..
اسر مع بهمس : مالك يا ليان؟
ليان : مالي!
– سرحانة ف إيه؟
ليان بدهشة : وأنت شايفني؟
– مش قولتِ إني شايفك بقلبي؟ ودلوقت قلبي شايفك سرحانة، حاجة ضايقتك؟
ابتسمت ليان واردفت : لأ يا حبيبي مفيش.
على الجانب الآخر، ابتسم جاسر وهو يستمع لهمسهم معًا، يعلم عِشق أسر لأخته ولذلك اختار أن يتحدث معهُ ويُعقله، وهو يعرف أيضًا أن أخته أصبحت عاشقة لهُ، وطلاقهم ما هو سوى دمارًا للاثنين..
مر الوقت عليهم، وسط ضحكهم ومرحهم معًا، وتذكر أسر وجاسر لأيام طفولتهم معًا، ومواقف أسر وليان بِصُغرهم..
ليان بحزن : هتمشي خلاص؟
قبل جاسر رأسها واردف : هجيلك تاني.
– وهاتلي قاسم معاك.
جاسر بإبتسامة : حاضر يا حبيبتي.
– وشيري معاك، عاوزة أشوفها بردوا.
جاسر بضحك : ما تيجي انتِ أسهل!
أسر بضحك : هنيجي إن شاء الله.
– بإذن الله، يلا مع السلامة.
– سلام يا حبيبي خلي بالك من نفسك.
قبل جاسر رأسها ورحل، بينما أغلقت ليان باب الشقة، ودلفت لغرفتها بهدوء تام..
أسر : ليان..
ظل يتحسس الأشياء حوله حتى وصل للغرفة التي شعر بأقدامها اتجهت نحوها، وفتح الباب ودلف للغرفة واردف : مالك يا ليان؟
– مالي يا أسر ما أنا كويسة أهو.
– لأ فيه حاجة، حصل حاجة ضايقتك؟ أنا زعلتك طيب؟ أو فيه أي حاجة تانية مزعلاكِ؟
ليان بسخرية : غريبة! مش كنت عاوز تطلقني؟ ودلوقت مهتم لزعلي؟
– أنا عاوز اطلقك!
ليان بصراخ وبكاء : أيوة، وكل مرة كنت بعرف من بابا أو ماما إنما دلوقت أنا سمعتك بودني وأنت بتكلم جاسر، وبقولك أهو لو عاوز نطلق ف ماشي يا أسر نطلق، هعملك الي أنت عاوزه.
أقترب أسر منها واردف وهو يتحسس وجهها كي يمسح دموعها : أنا قولت كدة؟ جاسر شكله كان جاي وابوكِ حاكيله، ف جه واتكلم معايا شوية، إنما مقولتش اطلقك يا ليان، وبعدين انتِ عارفة إني ده كنت بقوله كلام من ورا قلبي، وعمري ما كنت عاوز حاجة زي دي تحصل، وأنا كنت بتمنى اليوم الي نتجمع فيه سوى ف بيت واحد، هاجي دلوقت ونطلق! صدقيني كان من ورا قلبي وكنت كل مرة ببقى واثق إنك هترفضي.
– أيوة واثق، ليه بتقول بقى أما أنت واثق كدة! ولا هو جرح مشاعر وكرامة وخلاص! مُصر إنك كل مرة توصلي شعور وإحساس اسوء من الي قبله ليه؟
– انتِ سمعتي كلامي مع جاسر لحد فين؟
عقدت ليان ذراعيها واردفت ببكاء : لحد ما قالك إنه هيقوم يقولي أجهز علشان يجيب المأذون ونطلق وياخدني ونمشي.
خفق قلبه بحزن، وهو يستشعر نبرتها الباكية، ويتذكر حديث جاسر الاخير معه، ف ها هو كل كلمة أخبره بها تحدُث الآن بينهم؛ ليان الآن أخذت الأمر كله على محمل آخر مثلما أخبره من قبل.
أقترب أسر واردف وهو يمسح دموعها : مقدرش اسيبك يا ليان، وأنا من آخر مرة حلفت و وعدتك إنه مش هيحصل كدة مني تاني وقولتلك أنا آسف، وأنا فعلا شيلت موضوع الطلاق ده من دماغي.
– وليه قولت لجاسر تاني نطلق؟
– ف..فكرت إنك انتِ قولتيله وغيرتي رأيك وحبيتي نطلق.
– مش قولتلك إنك أعمى القلب؟
ضمها لصدره واردف بحزن : حقك عليا، و والله ما هتحصل تاني..
ليان بصوت طفولي : وعد؟
أبعدها أسر عنه وقبل رأسها واردف بإبتسامة : وعد.
– ماشي يا أسر أما نشوف.
– تحبي نخرج؟
ليان بسعادة : بجد!
أسر وهو يشعر بالفرحة تتسرب لنياط قلبه، لشعوره بسعادتها : أه، البسي وتعالي نخرج يلا.
صفقت ليان بحماس واردفت : هلبس على طول.
رحلت ليان حتى ترتدي ثيابها، بينما وقف هو مكانه، يفكر بما قاله جاسر لهُ، ف حتى كلماته لم تُبرد وقد حدثت بالفعل! قرر داخل عقله أن ينسى أمر طلاقهم، ودعى ربهُ بأمل أن يكون ذاك الطبيب الذي أخبره جاسر عليه سينجح حقًا باستعادة بصره.
في فيلا ماجد..”
دلف جاسر لغرفته هو وشيري، و وقف مكانه ما إن دلف واردف : بتعملي إيه يا شيري؟
انتفضت على أثره و اعتدلت بوقفتها وهي تحاول أن تداري ذاك الشئ الموضوع بيدها : و..ولا حاجة.
اقترب منها بأعين حادة، وببطئ شديد كان يبُث الرُعب بأوصالها، ومد يده ما إن وصل أمامها خلف ظهرها ليُمسك بذاك الشئ الذي تُخبئهُ منه..
جاسر بحدة وهو ينظر لذاك المسحوق الذي بين يديه : إيه ده؟
شيري بخوف شديد : د..ده ده
قبض جاسر على شعرها واردف : تاني! بقالنا سنين ف موال اغبر بسبب الزفت ده، وقعدت معاكِ ٣ شهور مُحايلة ومُدايدة فيكِ على أمل تبطليه، كل حاجة كنت بستقبلها منك وأقول معلش، هيجي بفايدة ونتيجة كويسة ف الآخر..
ثم ألقاها على الفراش بحدة تأوهت على إثرها واردف بصراخ : إنما تكون دي النتيجة ف الآخر! ترجعي للقرف ده تاني؟
أنهى كلماته الصارخة وهو يتجه ناحية الباب ويغلقه بالمفتاح، ورجع لها مرة أخرى وأخذ يخلع حزامه الجلدي، وتقدم منها ببطئ شديد وهو ينظر لها والغضب ينبعث من أعينه..
بينما كانت هي تندفع للوراء بخوف شديد، وجسدها كله ينتفض من كثرة خوفها..
تقدم جاسر منها وانهال عليها بالضرب وسط صرخاتها التي لم يُعيرها أي انتباه، وهو يصرخ بها بِـ لما فعلت ذلك! 
بعد وقت جلس على الأرض وهو يستند بظهره على الفراش، بعدما ألقى بالحزام الجلدي بجانبه واستند برأسه للخلف وهو يفتح ازرار قميصه، ويلهث بشدة.
بينما كانت شيري على الفراش بالاعلى وجميع معالِم جسدها تنزف دمًا وجسدها كله مُغطى بالكدمات وتبكي..
أرجع جاسر رأسه للوراء وتحدث بألم وهو ينظر لسقف الغرفة : فاكرة لما مديت أيدي عليكِ قبل كدة؟ يومها كانت أول وآخر مرة تحصل! فضلت أيام كتير أوي يا شيري بأنِب نفسي إني مديت أيدي عليكِ برغم إنك كنتِ انتِ الي استفزتيني بكلام جرح رجولتي! 
صمت وهو يستمع لصوت بُكائها الشديد، وتنهد بألم ويأس شديدان، وأكمل : صدقيني مكنش نفسي ف حاجة غير إني أكون عيلة بيكِ ومعاكِ، من يوم ما شوفتك ف المستشفى متمنتش غير كدة! 
شيري ببكاء شديد : أنا آسفة..
ضحك جاسر بألم وسخرية واردف : آسفة! على؟
حاولت النهوض من مكانها وهي تآن وتتآوة بألم شديد، بينما أغمض هو عينيه بألم وهو يستمع لتآوهاتها التي كان هو سببًا بها! 
نزلت شيري وجلست بجانبه و وضعت رأسها على صدره واردفت ببكاء : أنا آسفة، وأنا كمان نفسي، بس غصب عني صدقني يا جاسر، من وأنا صغيرة وأنا باخده! مش قادرة أبطل بالسهولة دي! 
قبلت عنقه ودفنت رأسها بعنقه واردفت ببكاء : أنا آسفة.
– اخدتيه كام مرة؟ وبتاخديه من امتى؟ ومين كان بيجيبه ليكِ اساسًا أو بتجبيه منين!
شيري ببكاء : لسة أول مرة كنت هاخده دلوقت بس أنت جيت، والي بيجيبه ليا واحد أعرفه كان بيشتغل مع جوز غادة.
أغمض عينيه وهو يضغط على أسنانه بغضب شديد، ومن ثم أدار رأسه وهو يقبض على رأسها من الخلف ويُقربها منه بحركة سريعة ويقبلها بعنف..
بينما كانت تبكي هي من عنفه، وحاولت دفعه ولكنه لم يتأثر بها..
بعد وقت فرق قُبلته عنها ونظر لها بأعين حادة واردف : هاتي موبايلك.
مدت يدها المُرتعشة على إحدى الطاولات الصغيرة الموضوعة بالغرفة وجاءت بالهاتف وأعطته لهُ بيد مُرتجفة..
جاسر بحدة : إسمه إيه الي بيجيبلك الزفت ده؟
شيري بصوت مرتعش : ف.. فادي، فادي الغريب.
نظر لها بصدمة شديدة، والغضب اجتمع بأعينه من جديد! فادي يعرف بأنها زوجته؟ آلد أعدائه يعرف بتعاطي زوجته بل وهو من يُحضر لها تلك الأشياء!
نهض جاسر من مكانه واردف : هتصل بالمستشفى يبعتوا حد ياخد منك العينة علشان أتأكد إذا كنتِ فعلا خدتي جرعة قبل كدة ولا لأ، لأني للأسف مبقتش أثق فيكِ يا شيري، أما حكاية فادي الغريب ف دي منتهتش، عارفة ليه؟
هبط لمُستواها واردف بصوت شعرت بإنكساره وحزنه من الداخل : لأن فادي ده يبقى الد أعدائي يا شيري، واحد علشان أشوفه واحطه ف دماغي واعمله وجود إتعرض لأختي وجوزها علشان أنا اطلعله واواجهه بنفسي! متخيلة انتِ خلتيني إيه قدامه؟
شيري ببكاء : ص..صدقني ك..كنت هاخد أول جرعة دلوقت، ومعرفش إن فادي ده يبقى..
قاطعها بصراخ : يبقى إيه!! متعرفيش إنه يبقى آلد أعدائي! طب ولو هو مش كدة، أكيد تعرفي هو مين، أكيد تعرفي إنه ليه شركة ف السوق بردوا! أكيد تعرفي عنه أي حاجة تُوحي بأنه ممكن يكون مُنافس ليا! 
أمسكت شيري بيده واردفت بصوت مرتعش : أنا آسفة، أرجوك آخر مرة، والله كنت أول مرة هاخده من بعد العلاج وأنت جيت، أرجوك يا جاسر أنا آسفة.
دفعها جاسر و اعتدل بجسده واقفًا واردف : هتفضلي محبوسة هنا ف الأوضة لحد ما تخفي خالص، ومفيش خروج، ولا هتشوفي قاسم نهائي، الباب هكون قافله بالمُفتاح عليكِ، وكان ممكن اخدك الشقة تقعدي فيها لوحدك بس رأفةً بيكِ هسيبك ف الفيلا هنا، أه ف أوضة لوحدك ومقفول عليكِ بس فيه حِس معاكِ والعيلة كلها هنا، لأن الشقة هتفضلي فيها لوحدك الـ 24 ساعة، ف أظن الفيلا احسن ليكِ، ولو عاوزة تخرجي وترجعي تاني لابنك يبقى تخفي خالص يا شيري، غير كدة ف أنا هقولك مع السلامة بشنطة هدومك ومع ورقة غصب عنك هتمضيها بأنك ملكيش إبن عندي و وجودك هيكون مُنتهي من حياته وحياتنا كلنا، وشوفي انتِ تحبي تختاري إيه، ودي آخر فرصة وآخر محاولة ليكِ بأنك تكوني مع إبنك..
ثم تنهد بيأس واردف بإنكسار : أما أنا بقى! ف للأسف يا شيري انتِ كسرتي بينا حاجة كبيرة أوي مش عارف إذا كان ممكن تتصلح ف يوم من الأيام ولا لأ.
اردف بكلماته وتركها وخرج من الغرفة وأغلق الباب عليها بالمفتاح، وما إن التف حتى وجد أبيه وأمه خلفه..
شروق : عملت أيه ف مراتك؟ ومش بخبط على الباب تفتحلي؟ هي دي امانتك لواحدة يتيمة أم وأب يا جاسر!
جاسر بجمود : ماما لو سمحتي، أنا ولا مرة سمحت لأي شخص مهما كان يتدخل بيني وبين مراتي، وبردوا دلوقت مش هسمح بكدة، وقاسم دلوقت مسئوليتك الفترة الي جاية، بجانب المربية بتاعته الي هتيجي من النهاردة.
شروق : ومراتك! طب ليه قافل عليها الباب؟ وقاسم هيكون مسئوليتي وهي فين؟ 
جاسر ولازال الجمود مُسيطرًا عليه : مش حابة خلاص هو كدة كدة المربية جاية.
شروق بغضب : جاسر أنت فاهم أنا قصدي إيه كويس أوي.
حرك جاسر كتفيه بلامُبالاة واردف : وأما قولتلك الي بيني وبين مراتي ايًا كان هحله بطريقتي يا ماما، ف لو سمحتي ارجوكِ سبيني دلوقت، ممكن؟
شروق بحزن على تلك الفتاة التي كان المنزل كله يستمع لصراخها : ماشي يا جاسر.
تركها جاسر ونزل الدرج، وخرج من الفيلا بأكملها وسط أنظار الجميع..
شروق لماجد : فين المفاتيح الاحتياطية الي معاك؟
ماجد بشك : ما تسبيه يا شروق هو حُر مع مراته علشان محصلش ليها هي مشكلة تاني لما يعرف إنك دخلتي! 
شروق بغضب : وأنت عاوزني بعد صراخها ده كلوا اسيبها؟ ولو بنتك هتسيبها؟ هات المفاتيح يا ماجد!
ماجد بتفكير ف هو يعلم صحة حديث زوجته، وذهب لإحضار المفاتيح وجاء مرة أخرى.
مروة : ادخلي انتِ لوحدك يا شروق، وكلميها وشوفي في إيه، وصبا هتقف على الباب هنا وأنا هقف تحت علشان لو جاسر جه اديها إشارة تقولك تخرجي على طول أحسن يضربها تاني.
هشام : أما انتوا يا حريم عليكوا شوية أفكار!
نظرت لهُ مروة بغضب بينما اردفت شروق 
:ماشي.
نزل الجميع للجلوس بالاسفل و وقفت صبا على باب الغرفة تنتظر إشارة من أمها إذا جاء جاسر على غفلة أم لا، بينما دلفت شروق للغرفة.
في الغرفة دلفت شروق و وجدت شيري جالسة على الأرض تضم جسدها المغطى بالكدمات والدماء لصدرها وتبكي..
شهقت شروق بفزع وتقدمت نحوها سريعًا واردفت : يا حبيبتي! شيري مالك انتِ كويسة؟ الحيوان ده عمل إيه فيكِ! 
أخذتها بأحضانها بينما ازدادت شيري بالبكاء وهي تتشبث بأحضانها واردفت : احضنيني يا ماما، خليكِ حنينة معايا ممكن؟ أنا محتاجاكِ أوي صدقيني، كان نفسي تكوني كدة معايا طول الوقت ومتكونيش بتضربيني وتعاقبيني دايمًا! كان نفسي ع الأقل تتجوزي واحد كويس ميخلنيش مدمنة! كل أخطائك أنا بتأذي بسببها دلوقت، أخطائك معاهم أنا الي بشيل ذنبها ليه؟ 
أخذت شروق تبكي على ما تقوله شيري وهي تتلمس جسدها الذي أصبحت حرارته مرتفعه بشدة، وايقنت أنها تُهلوس أثر حرارتها التي ارتفعت.
شيري ببكاء : وحشتيني اوي يا ماما، برغم قسوتك بس وحشتيني، سمعت حد قبل كدة قال لو الام بتكون حنينة على ولادها ف كل العالم بيكون حنين عليهم، وانتِ كنتِ قاسية معايا أوي، ودلوقت العالم كله بيقسى عليا زيك! 
تركتها شروق وخرجت سريعًا ونزلت للأسفل واردفت بصراخ : هات دكتور بسرعة يا ماجد، البت جسمها كلوا بيجيب دم وسخنة مولعة! 
هشام : الله يخرب بيتك يا جاسر! 
طلب ماجد الطبيب وبعد وقت جاء، وأجرى كشفه على شيري وضمد لها جروحها واعطاها خافضًا للحرارة، ومُسكنًا حتى يُريح عظامها ورحل..
ماجد : إيه الي حصل خلى إبنك يعمل كدة! 
شروق ببكاء : مش عارفة، البت صعبانة أوي عليا، مشوفتهاش فضلت تقولي ايه يا ماجد!
قصت عليه شروق ما اردفت بِه شيري بأحضانها، بينما نظر ماجد لشيري بحزن وصدمة واردف : جوز أمها خلاها مدمنة! 
ربط ماجد الأحداث جميعها ببعضها واردف : يبقى هي مكنتش حامل وكانت بتتعالج، وجاسر قال كدة علشان ميعرفش حد! 
شروق : طب أما هو وداها تتعالج وكان كويس كدة معاها، إيه الي حصل خلاه يعمل فيها كدة؟
– مش عارف يا شروق.
شروق بتمتمة : ما هو إبنك يا ماجد! هتوقع إيه من إبن ماجد غير إنه يكون بنفس الهمجية بتاعته! 
ماجد بصدمة : أما هِمجي! 
– أه نسيت كنت إيه ف بداية جوازنا ! أهو الي كنت بتعمله فيا إبنك بيعمله ف شيري بس الفرق ف الأسباب يا ماجد، وكلم إبنك وعقله وهو نفس دماغك وعقلك يعني هتعرف تعقله وتكلمه.
ألقت عليه كلماتها بحدة وخرجت من الغرفة وتركته واقفًا بصدمة مكانه، ومن ثم خرج هو الآخر واغلق الباب على شيري مرة أخرى.
في المساء كان يسير بسيارته بإحدى الطُرق مُتجهًا للبلد حتى يحضر ما أخبره به جاسر..
توقف بسيارته بصدمة عندما رأى تلك الفتاة تقف أمامه، ونزل من السيارة حتى يصرخ بها ولكنه وجدها اقتربت منه واندفعت خلفه واردفت بخوف : أرجوك الحقني منهم..
نظر قاسم أمامه و وجد مجموعة من الشباب أمامه يتضح على وجوههم التسول..
اردف واحدًا منه : تلزمك ف حاجة يا زميل؟
قاسم بحدة : امشي أنت وهو من هنا بدل ما اعرفكوا الزميل ده ممكن يعمل فيكم إيه.
رجلًا آخر وهو يقترب منه بإحدى الأسلحة البيضاء : لأ ده شكلك أنت الي متعرفش أنا ممكن أعمل فيك إيه يا زميل!
بلحظة رفع قاسم مُسدسه وصوبه نحوه واردف : عارف ده إيه؟ ده بطلقة منه افضي دماغك خالص! 
نظروا لهُ بخوف وجروا من أمامه سريعًا بينما التف هو لتلك الفتاة عندما وجدهم رحلوا واردف بصدمة : لينا!
والفتاة بالوقت ذاته : قاسم!
– بتعملي إيه هنا؟
لينا ببكاء : ك.كنت ف المستشفى عند بابا ونزلت ونسيت الشنطة بتاعتي ف الشركة وفيها الفلوس ومعييش فلوس أروح ف قولت أمشي وتوهت ولقيت نفسي هنا ودول بيجروا ورايا.
قاسم بغضب : ومحاولتيش تكلميني ليه؟
لينا ببراءة : نسيت الشنطة وفيها الموبايل وأكيد مش هكون حافظة رقمك يعني! 
– ماشي يا لينا اركبي.
صعد الإثنان بالسيارة واردف قاسم : انتِ عارفة إحنا بينا وبين بيتك قد إيه؟
– إيه؟
– ساعتين.
لينا بصدمة : إيه! طب هتوصلني ولا هتعمل ايه؟
قاسم ببراءة : للأسف مش هعرف، لأن عندي مشوار مهم جدًا لازم اروحه، وثانيًا أكيد مش هسيبك لوحدك ف الحل تيجي معايا المشوار وأبقى ارجعك بعد ما يخلص.
– طب ما تطلعني على أي طريق عمومي وركبني!
– الطرق العمومية ف المكان ده بتكون شبه مهجورة، هتركبي لوحدك؟
لينا بخوف :, لأ لأ مش عاوزة خلاص هاجي معاك.
أبتسم قاسم واردف : ماشي، إحنا رايحين بلد إسمها *** هقابل هناك واحد صاحبي هاخد منه ورق مهم للشركة.
– طب وهو مجاش ليه؟ أو كان بعته مع أي حد!
– هو لسة عريس بقاله يومين، والورق مهم جدًا مفيش حد موثوق فيه غيري أنا وجاسر نجيبه، وطبعًا جاسر لسة راجع من سفر ف مفيش غيري.
– أنت هتسافر وترجع ف نفس الوقت صح؟
قاسم ببراءة : هنسافر ونروح أي فندق نقعد فيه لحد ما النهار يطلع وبعدين نرجع القاهرة تاني.
لينا بتردد : ماشي.
اراحت بجسدها وأخذت تنظر للطريق المُظلم من النافذة، وقلبها يرقُص فرحًا بأنها معهُ بل وستقضي معه وقتًا طويلًا وهما وحدهم! لا يجمعهم عمل ولا ملفات تُريد امضته، لا يهُم ما سبب ما يجمعهم الآن وما الصدف التي فعلت بهم ذلك ولكنها حمدت الله عليها وقلبها ينبُض بعنف شديد لتخيلها للوقت الذي ستقضيه معهُ بعيدًا عن نطاق العمل.
في شقة أحمد وسجى..
دلفت لغرفته بتوتر وخوف شديد، و وجدت الغرفة مُظلمة ما بها إلا ضوء خافت صادر من عند النافذة..
نظرت نحوها و وجدت أحمد جالسًا بشرود وهو يُطالع النجوم كـ عادته، ف هو دائمًا يحب تأمُل السماء..
اقتربت منه بخطوات مُرتعشة، وتجمدت قدميها عندما استمعت لصوته : فيه حاجة يا سجى؟
سجى بصوت مرتعش : ممكن نتكلم؟ 
– اتفضلي.
تقدمت سجى وجلست أمامه بتوتر، وأخذت تفرك بيدها، بينما اردف هو : لو هتفضلي قاعدة كدة ف بدل ما تضيعي وقتي و وقتك، اخرجي وضيعيه ف حاجة أفيد.
ابتلعت كلماته المُهينة لها واردفت بصوت مرتعش والدموع اجتمعت بعيناها : صدقني لما مشيت كان غصب عني، م..مقدرتش اسامحك ع الي حصل، بس أنت دلوقت فهمتني إن مكنش ليك ذنب فيه، ممكن تديني فرصة يا أحمد؟ 
– وهو انتِ ادتيني فرصة زمان؟ انتِ مقدرتيش تسامحي، ولو كنتِ رجعتي دلوقت ومكنتيش عرفتي إن أمك هي السبب مكنتيش هتسامحي وكنتِ هتفضلي دايمًا تفكريني بالذنب الكبير أوي الي أنا عملته، ف فِكرك أنا هقدر أسامح إني قعدت ٦ سنين كل يوم أقول أنا السبب وأجلِد ف نفسي ومعرفش أنام من كُتر تأنيب الضمير وتفكير بأنك عايشة، طب جرالك حاجة! طب حد اذاكِ! مليون حاجة بمليون تفكير بيقتلوني وينهشوا فيا بدون ما يكون ليا ذنب، وانتِ ف الأخير محملاني ذنب مش ذنبي وخدتي بنتي وبعدتيها عني ودلوقت راجعة تقولي فرصة تاني؟ 
أمسكت بيده واردفت ببكاء : أرجوك يا احمد، فرصة واحدة، علشان مكة حتى!
– ومفكرتيش فيها ليه لما كنتِ حامل فيها وسبتيني ف وقت ما كنت بترجاكِ تفضلي؟ 
سجى ببكاء : أنا آسفة، أرجوك فرصة واحدة لينا.
نهض أحمد من مكانه واردف بحدة : اخرجي يا سجى علشان عاوز أنام.
نهضت هي الأخرى ونظرت لهُ بترجي وبكاء، بينما أدار هو برأسه وانتظر خروجها من الغرفة..
بينما نظرت هي لهُ بحزن وهي تعرف أنه لن يسامحها هكذا بتلك السرعة، ما فعلته معهُ ليس بقليل أو بهين! لن تستلم ستحاول مرة وأخرى حتى تُرجعهُ لها، ولكنها تعرف أحمد، امرًا ليس بسهلًا مُسامحة شخصًا وخاصةً أن فعلته شنعاء مثلما فعلت! 
في فيلا ماجد في غرفة زياد..”
خرج من المرحاض وهو يلف منشفة حول خصره، وبيده واحدة أخرى يجفف بها شعره، ورفع نظره وجد صبا تقف أمامه تنظر لهُ بأعين واسعة بصدمة وخجل بالوقت ذاته..
كادت أن ترحل ولكنه كان أسرع منها وأمسك بها سريعًا واردف بخبث : على فين يا حلو؟
صبا : سيب أيدي يا زياد وإلا والله انده لبابا وهو يقولك على فين.
زياد بضحك : وابوكِ تفتكري هيقول لمين؟ لواحد ف اوضته وخارج قالع من حمامه ف أمان الله؟ ولا لواحدة جاية لواحد اوضته وهو خارج قالع من حمامه ف أمان الله!
صبا بغضب : تصدق إنك متربتش! 
– وتصدقي إنك عايزة تتربي!
– ولاااا اتلم بدل ما المك يالا، واتمسى وقول يا مسا، أنا جيت بس أقولك إن فيه رحلة للجامعة وأنا عاوزة أروح وعاوزاك تقنع بابا، هتعمل كدة آمين مش هتعمل هشوف لغيرك الشغلانة دي..
حاوط زياد خصرها وقربها منه بحركة سريعة واردف بخبث : طب ولما أعمل الشغلانة دي إيه هيكون المُقابل؟
صبا بغضب : أما أنت مادي حقير بصحيح! 
زياد بصدمة مادي حقير! يا بنتي أم الألفاظ يخربيتك! 
صبا : بس إيه يالا العضلات دي! 
– أيوة أفرح لاعجابك بعضلاتي! ولا اجيبك من شعرك لكلمة يالا الي مسكهالي دي؟
ثم أمسك شعرها بخفة واردف : وتعالي هنا، إيه “ولا” و “يالا” الي مسكاهم دول؟ فيه واحدة تقول لجوزها كدة!
حركت كتفيها ببراءة واردفت : أه أنا.
زفر بيأس منها وقرر تغيير مسار الحديث لما يُريده واردف : بس بجد عضلاتي عجبتك؟ 
قربها منه أكثر حتى غصبًا عنها لامست يديها صدره العاري، وشهقت بخجل حينما استشعرت تلك الرعشة التي جرت بجسده أثر ملامستها..
صبا بهمس وخجل : ز..زياد..
مال زياد ناحية ثغرها وقبلها بنهم وشوق، قطعهم بصرخة وهو يتركها حينما شعر بضربتها لهُ
 “مش محتاجة أقول ضربته إزاي..????????”
زياد وهو يقفز بصراخ : يا بنت المجانين، يخربتي أهلك، والله لاقتلك يا صبا.
صبا : ما أنت الي قليل الأدب ومش متربي واحسن يا زياد 
خرجت صبا من الغرفة وأغلقت الباب خلفها وهي تضحك على ما فعلته بِه، وأنبت نفسها لوهلة ولكنها بادرتها بتفكير بأنه يستحق تلك الضربة حتى لا يكون وقحًا معها مرة أخرى..
يتبع…
لقراءة الفصل الثاني عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
للعودة للجزء الأول : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!