Uncategorized

رواية الملتهب الفصل الأول 1 بقلم نتالي جواد

 رواية الملتهب الفصل الأول 1 بقلم نتالي جواد

رواية الملتهب الفصل الأول 1 بقلم نتالي جواد

رواية الملتهب الفصل الأول 1 بقلم نتالي جواد

«المُقدمة»
كُتب له مصيره وعليه ان يعشه مرغما، سواء أحبه ام لم يفعل، نسجت له الحياة خيوطها، وصوبت نحوه رماحها، وخلقت له طريقا للعيش يمشي عليه، لكنه التنين المُلتهب، ولن يرضا بـ حياة لم يصنعها بنفسه.
حصان أسود أصيل به لمعة وكأنه عملة معدنية حديثة الصُنع، يمشي بغرور على الطريق الحجرية، وسط سوق المدينة، دافعا الناس لترك أعمالهم في محاولة التأكد من هوية الفارس المُهاب، يتفحصونَ فخامة هيئتهِ الملوكية بردائه الاسود المثبت على كتفيه، على خصره سيفٌ ذهبي مظلم، عريض، نُقش على غمده تنين مجنح ذا ذيل طويل ألتف على طول الغمد، ذا مقبض يشبه رأس التنين.
حوله هالةٌ من الغموض والهيبةِ الطاغية، يسير خلفه ثلاثة صفوف من الجنود، ملامحهم ثابتة لكن جزعة متجهمة، زيهم موحد، يمتطون أحصنة، متناسقة في مشيها، متشابهة في لونها البني، ولون أسرجتها أسوداء، حتى انك قد لا تفرق بينها لشدة تشابهها، بينما تندمج في وقع أقدامها المتناغم على الارض الحجرية.
اتساع أعينهم وتوتر حروفهم، كان كافيا لإظهار من هو ذلك الرجل، تداخلت الاصوات بهمس كفحيح الأفاعي السامه، امتزجت بالخوف والكره:
«ما لذي اتى بـ جلالة الامبراطور إلينا؟ هو لم يأتي منذ مدة طويلة.»
رد الاخر بصوت بالكاد يُسمع:-
«قُضي علينا حتما، أنهُ قاتل لعين.»
بينما زجرهم الاخير محذرا :-
«اصمتوا يا اغبياء، قد يسمعكم.»
أقشعرت أبدانهم لتلك النظرات الفاحصة بعدم مبالاة التي وجهت إليهم، نظرات اخترقت خبايا نفوسهم، كاشفة سرائر قلوبهم وسوء ظنونهم فيه، أعتاد تلك النظرات لا بأس بها لشخص كان مولده لعنه على الجميع وقبل الجميع نفسه.
انتقل بين الممرات، وكلما مر على فوج تظاهروا بالعمل الجاد كي لا يضطرون لنظر في عينيه، قد تغضبه نظراتهم دون قصدهم، لم تستريح قلوبهم حتى سلك طريقا ترابيا تاركا المدينة وبيوتها الرخامية واسواقها خلفه.
وصل الى بوابة حجرية مقوسة، أقل ما يُقال عنها عملاقة، متصلة بسور حجري (يفوقها ارتفاعا بعدة امتار) امتد على حدود عاصمة النجم الجنوبي (قنداليا) على كلتا الدفتين للبوابة يوجد نقش بارز لتنين مجنح ينفث النار من فمه، وقد انتشرت السنة اللهب حوله، فتح حرسها له الطريق، أشاح وجهه بضيق عن تلك النقوش، ثم أشار للحرس الذين لم يكن لوجودهم اي داع منذ البداية بالمغادرة، انصاعوا لأوامره بامتنان شديد، فأن يعودوا الى أهلهم وانفاسهم لا زالت تدخل وتخرج في صدورهم، بعدما كانوا برفقة التنين انه لحظٌ عظيم، اعتاد مرافقوه وجميع من يحتكون به ان يحملوا ارواحهم على كفوفهم، فلا يعلمون متى يفقدونها.
ما ان تخطى البوابة وأُغلقت خلفه، حتى أطلق العنان لـ ذلك الحصان الأسود لكي يُسابق الرياح التي كانت في بداية عصفها حين ذاك، انطلق الحصان بسرعته الخارقة، الصخور سُحقت تحت حوافره لشدة وقعه عليها، اطمأنت نفس (آرتان) عندما اختلى بنفسه برفقة حصانه، يستطيع ان يكون طبيعيا هنا دون أن يسبب الأذى والخوف لاحد.
ارخى آرتان لجام الحصان فأخذ الأخير يزيد سرعته حتى بدا انه كالبرق لا تكاد تراه حتى يختفي من ناظريك، أنبعث بين الأودية العميقة، وسفوح الجبال ألشامخة، والسهول الخضراء الواسعة، وباطن الغابات الأخاذة، استمر انطلاقه لساعات دون توقف ولا يمكن ان يتوقف ما لم يُطلب منه ذلك.
شد أرتان لجام كارلوس اثناء نزوله عن منحدر بسيط ليخفف سرعته تدريجيا حتى توقف بجانب بحيرة صافية، ساحرة تسلُب اللباب لجمالها، تشاهد ما في قاعها دون ان تشوب عينيك شائبة، زرقتها براقة، وازدادت جمالا فوق جمالها بانعكاس بريق غروب الشمس الآسر على مياهها، وخلطت بلون ارجواني جميل.
وثب عن ظهر حصانه الاسود بخفه، تبعثر شعره الفحمي بفعل حركته السريعة، أخذ يمسح على رقبت كارلوس وجبهته وهمس-
« أحسنت صنعا.»
صهل كارلوس بفخر وكأنه يتجاوب مع سيده الذي ترك لجامه ولم يربطه.
خطى نحوا البحيرة، جلس من وقفته على حافتها، نظر الى انعكاس صورته في المياه حدق في عيني نفسه وملامحه، ليتذكر الماضي اللعين، وتلك اللعنة التي يحملها بين جنبيه، مرت بذاكرته نظرات الناس له، وذاك الهم العظيم الذي يحمله منذ كان في الخامسة عشر من عمره، تبدلت ملامح وجهه الباردة بأخرى حزينة، تحمل تعب سنين طويلة، ومعاناة لا يمكن مشاركتها مع أحد،
عبس وجهه، و مد يده في الماء معكرا صورته متعمدا، وليأخذ حفنة ماء غسل بها وجهه يمسح عن ذاكرته تلك الافكار التي داهمت فِكره، ثم خلل يده في شعره يعيد ترتيبه بعد عبث الهواء به.
**
بخطوات سريعة متتابعة نزلت آدلين الدرجات الاخيرة الفاصلة بينها وبين مبتغاها.
بتردد طرقت الباب الرمادي، لتظهر من خلفه عجوز قد تكور جسدها وانحنى عظمها، لتقول بتوتر ممزوج باستغراب:
«سيدة آدلين؟! جلالتكِ هنا امام بابي؟! لو اخبرتني لأتيت لحجرتك بنفسي لا داع لنزولك لجناح الخدم»
لترد آدلين وهي تدخل لحجرة طبيبة القصر سيلفيا:-
« اخفضي صوتكِ ارجوكِ لا اريد لاحد ان يعلم بقدومي اليكِ»
همست الاخيرة:
«حاضر كما تشائين جلالتكِ »
بعد ان دخلت وقبل جلوسها اخذت تقص على الطبيبة سيلفيا سبب قدومها والامر الذي افقدها لذة نومها وشغل بالها منذ فترة
وبعد ان انتهت سألت بقلق وخوف
«ما الذي يحدث؟؟»
بينما ملامح الفرح و التفاؤل قد بدت على الطبيبة اخرى قانطة وحزينة قد اعتلت وجه آدلين زوجة الامبراطور آرتان اندريك او كما يسمى المُلتهب.
صعدت الدرج ببطء وكأنها تمنح لنفسها الوقت الكافي ليستوعب عقلها ما اخبرتها به الطبيبة، لعله حلم لعلها اخطأت، لكن هيهات كل شيء بدا واضحاً، رددت باكية ودموعها تتساقط
«لا، لا يمكن…»
وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها ولم تحملها قدميها فجلست على الدرج تبكي.
ما حدث الان تعتبره ادلين كابوس مُر لا يمكنها تحمله.
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية العشق الطاهر للكاتبة نسمة مالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!