روايات

رواية رحمه تقي الفصل السابع عشر 17 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الفصل السابع عشر 17 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الجزء السابع عشر

رواية رحمه تقي البارت السابع عشر

رواية رحمه تقي الحلقة السابعة عشر

عادت رحمه و رُبىٰ إلى البيت و طوال الطريق يتحدثون و يضحكون … سعداء أنهم أصبحوا يسكنون فى نفس البنايه يذهبان معاً و يعودان معاً
و طوال اليوم معاً أيضاً … لكن منذ خروجهم من الجامعة و الفتاتان صامتان كل منهم بداخلها إحساس قوي بالقلق لا تعلم سببه
لكن رُبىٰ لم تتحمل ذلك الإحساس خاصة و هي تشعر بأن ذلك الشعور له علاقه بغازي
حين دلفت إلى غرفتها مباشرة إتصلت به … رغم خجلها و عدم تصديقها حتى تلك اللحظة أنها أصبحت زوجته إلا أن خوفها و إحساسها جعلها تتصل به لتطمئن
كانت تستمع لرنين الهاتف و عيونها تدور فى كل أنحاء الغرفة
حين وصلها صوته قالت بلهفه
– أنت كويس ؟
و كان هو في تلك اللحظة يقود السيارة و بداخله نار تشتعل بين حزن شديد … و ضيق شديد
حين علا صوت هاتفه و لمعت عينيه ببعض الراحه و السعادة حين وجد إسمها ينير شاشة هاتفه
أوقف السيارة على جانب الطريق و ترجل من السيارة و أستند على مقدمتها و أجابها بابتسامة
– اه كويس … مالك يا رُبىٰ و مال صوتك
– مش عارفة بس خايفه عليك
أجابته بقلق ليبتسم بسعادة و هو يقول ببعض المرح المصطنع
– ده أنتِ بتحبيني بقى .. و بتخافي عليا
لم تجيبه بشيء لكنها كانت تبتسم بخجل و لم تجيب على كلماته ليقول هو بجديه
– تعرفي أنا فرحان جداً بمكالمتك دي …. جت فى وقتها زي ما بيقولوا
– مالك يا غازي ؟
قالتها بخوف حقيقي و قلق قلب محب لامس قلبه وروحه و ربت ولو قليلاً على ذلك الألم النابض بداخله
ظل يتحدث معها دون أن يخبرها عن أي شىء كل ما قاله أن والده مريض و أخيه طلق زوجته و يحاول إنهاء الأمور بشكل جيد و لائق
أغلقت الهاتف و هي تشعر ببعض الراحه و السعادة
كذلك هو لم يكن يعلم أن وجودها فى حياته سيكون أحد أبواب الجنة التي تهون عليه نار الدنيا و عذابها
صعد إلى السيارة من جديد و قال لماهر
– أيه رأيك نتصل بالحج متولي و نروح له النهاردة تخلص الحكاية دي طالما حكاية عمك أتأجلت
أومىء ماهر بنعم دون رد فعقله سارح في كل ما يحدث حوله … يشعر أنه لا يستطيع التحمل و لا يستطيع التفكير فى حلول أو ماذا سيكون شكل الحياة خلال الفترة القادمة
*******************
كانت رحمه لا تختلف كثيراً عن صديقتها تشعر بحاله من القلق لا تعلم سببها أو لماذا ذلك الشعور يتصاعد بداخلها لكنها ليس لها ملجىء إلا الله فبعد أن ألقت السلام على والديها دلفت إلى غرفتها توضئت و وقفت بين يدي الله تصلي و تدعوه أن يطمئن قلبها و روحها و لكنها لم تكن تنتهي من صلاتها إلا ودخل والدها ينظر إليها بوجه غير مفسر ليسقط قلبها أسفل قدميها خوفًا
لتقف سريعاً حين دلف عبدالرحمن إلى الغرفة و أغلق الباب خلعت عنها إسدالها و قالت بقلق
– خير يا بابا في أيه ؟
أقترب منها و هو صامت و أمسك يدها بحنان و سار بها إلى الأريكة و جلس و أجلسها جواره و ظل ممسك بيديها و ذلك جعل الدموع تتجمع في عيونها من كثرة القلق و التوتر لتقول مره أخرى
– في أيه يا بابا ؟
رفع عبدالرحمن عينيه لأبنته وقال
– أنا سألت عن تقِي .
ليعلوا صوت تنفسها و تسارعت دقات قلبها و أرتعشت يديها بين يد والدها ليشفق على حالها خاصة و هو يعلم أنها خلال تلك الأيام أظهرت موافقه على تقِي
ليخبرها مباشرة بكل ما علم عنه
– كل إللى فى الجامعة بيقولوا عليه إنسان محترم و ملتزم دينياً لكن ده بعد ما كان السبب فى موت أبن بنت عمه إللى مكملش خمس سنين بسبب جرعة مخدرات .. ده غير أنه كان بيشرب و كان حوليه شله فاشله كانوا بيعملوا كل المحرمات و بعد ما الولد الصغير مات بنت عمه دخلت مصحه بسبب الصدمه و هو عمل حادثه و فضل فى عمليات و بعدين رجع الكليه و بعدين تعب تاني و عمل عمليه أخيرة من كام شهر
كانت تستمع لكلمات والدها بصدمه و عدم تصديق لكن … كل هذا كان في الماضي هل الأن هناك ما يدينه
و قالت سؤالها بشكل مباشر لوالدها الذي نظر إليها باندهاش وقال
– أنتِ مفرقش معاكي كل الكلام ده
إبتسمت إبتسامة صغيرة و أقتربت أكثر من والدها وقالت
– أنت عارف أول حاجة قالها ليا لما حضرتك سبتنا في المقابلة الشرعيه
ظهر الأهتمام على وجه عبد الرحمن لتكمل هي كلماتها
– قالي أنا عندي ماضي … ضميره تاعبه يا بابا و مخليه يلوم نفسه طول الوقت … ممكن لما يتصل بيك تسمحله أنه يجي و أتكلم معاه مره كمان و أسمع منه و بعدين نقرر
ظل عبد الرحمن صامت ينظر إلى إبنته بوجه غير مفسر … يفكر بعمق … أنها تريد إعطائه فرصة و أيضاً لكل إنسان أخطاء و ذنوب و خير الخطائين التوابين و هو قد تاب و أناب و عاد إلى طريق الحق
أومىء بنعم لتبتسم بسعادة و هي تنحني تقبل يد والدها بأحترام و حب ليربت على رأسها بحنان و هو يقول
– كبرتي يا رحمه .. و عقلك بيوزن الأمور بس يارب متكونيش بتحكمي على الأمور بقلبك بس
كادت تجيبه إلا أنه وقف و هو يقول
– خير إن شاء الله … رب الخير لا يأتي إلا بالخير
و غادر الغرفة لتريح ظهرها على الأريكة و هي تردد خلف والدها
– رب الخير لا يأتي إلا بالخير … يارب
~~~~~~~~~~~~~~
وصلوا إلى منزل الحج متولي … وقبل أن يدلفوا إلى البيت كان ذلك الحارس الذي وضعه غيث عند الباب قد ركض حتى يخبر سيده بوصولهم كما أمره
و فى دقائق قليله كان يدلف إلى غرفة الصالون الخاصة ببيت عمه الذي يجلس أمام الرجلين بين ضيق و ترحيب لكنه أبدا لا يظهر ما بداخله
كان دخول غيث متحفز جداً جعل التوتر يسود الجلسه لكن غازي تحكم فى إحساسه بعد فهمه لنظرة غيث الموجهه لماهر و قال بهدؤه المعتاد
– يا حج متولي أنا جاي النهارده و كان المفروض الحج هيكون معانا لكن هو فى الحقيقة تعبان و الدكتور مانع عنه أي توتر أو ضغط
ليقاطعه الحج متولي قائلا
– الف سلامه على الحج راضي ان شاء الله نبقى نيجي نزوره
– تشرف و تنور فى اي وقت يا حج متولي أحنا هنفضل أهل مهما حصل … و متنساش أن لينا ولاد عندكم
قالها غازي بمرح ليقول غيث بتحفز
– ده تهديد و لا أيه ؟
رفع ماهر عينيه ينظر إلى غيث لأول مره منذ دخوله فهو كان سارح فى أفكاره التي أقتربت أن تصيبه بالجنون
كذلك نظر إليه غازي و لكن قبل أن يجيب أجاب الحج متولي قائلاً
– أهدى يا غيث غازي ما يقصدش إللى يقصده أن حبل الود هيفضل موصول لجل العيال و مصلحتهم
ظلت حرب العيون قائمة بينهم غيث يخشى أن تعود سعاده إلى ماهر … أو يقوم بالضغط عليها بالأولاد و يضيع حلمه للمره الثانيه فيها
و كان غازي يريد إنهاء الأمر بهدوء و دون زيول و حتى يحافظ لسعاده على كرامتها و حياتها فما عاشته و مرت به طوال فترة زواجها من أخيه ليس بهين أبدا
و ماهر غارق فى أفكاره السوداء
أخرج غازي دفتر شيكاته و كتب به المبلغ الذي أتفق عليه مع والده و مد يده به إلى الحج متولي وقال
– ده مؤخر الصداق و ثمن القائمة و بزيادة و الدهب بتاعها معاها مش كده
أومىء الحج متولي بنعم ليكمل غازي كلماته
– و زي ما قولتك مصاريف الولاد هتوصلهم أول بأول
ثم نظر إلى ماهر وقال بأسف
– ماهر طلق سعاده رسمي عند المأذون و خلال أيام ورقة الطلاق هتوصلها
– لا حول و لا قوة إلا بالله
قالها الحج متولي بقلب أب حزين على حال إبنته و ما وصلت إليه
لكن غيث كان يبتسم بسعاده حين سمع تلك الكلمات من غازي فحلمه يقترب منه خطوات و خطوات
وقف غازي و أشار لأخيه أن يقف هو الآخر … فهو يشعر أن أخيه فيه شيء غريب فقال
– ممكن بس ماهر يشوف الولاد أحنا هنستناهم فى الجنينه بره
أومىء الحج متولي بنعم وقال لغيث
– أطلع معاهم على ما أطلع أجيب الولاد
أومىء غيث بنعم و أشار لهم وقال
-أتفضلوا …. كان لقاء ماهر بأولاده غريب … مليء بالعاطفه و الحزن … ظل يحتضنهم و يقبلهم و كأنه لم يراهم منذ زمن طويل
كانت سعاده تنظر عليهم من نافذة غرفتها …. الدموع تغرق عينيها لم ينتبه لها من ملك قلبها و كان سبب تلك الدموع
ولكن من سكنت قلبه منذ نعومة أظافرها دون أن تشعر به رآها و تألم بسببها و يتمنى أن يقتل ماهر الأن فداء لتلك الدمعات و نظرة الحزن التي تجرح رجولته
كان غازي يلاحظ نظرات غيث … و يحلل كل حركه و نظره منه … و الأن تأكد أن غيث عاشق و غارق فى ذلك العشق حتى أذنيه … ليبتسم و هو يرفع عينيه إلى سعاده و يدعوا الله أن يسعدها
بعد الكثير من الوقت كان الأثنين بالسيارة كل منهم صامت و لكن غازي كان يشعر أن أخيه ليس بخير حين أوقف السيارة فى مكانها المخصص و نظر إلى أخيه الذي قال مباشرة
– متقلقش يا غازي أنا كويس … بس بفكر و أعيد حساباتي
– كلنا بنغلط يا ماهر و إللى حصل مش ذنبك لوحدك
قالها غازي فى محاوله منه لمواساته ليبتسم ماهر بحزن و قال
– عارف يا غازي … عارف
أخذ ماهر نفس عميق و قال
– أدخل أنت أنا هاخد العربيه بتاعتي و أروح مشوار صغير كده و أرجع
أومىء غازي بنعم و ترجلا من السيارة و كل منهم ذهب فى إتجاه
****************
إذا كان توقف القلب دليل على الموت فهو الآن ميتًا
و إذا كانت تلك الرعشه الذي يشعر بها هي رعشه خروج الروح من الجسد إذاً فروحه قد غادرته و بلا عوده
و إذا كان الإنسان فى آخر لحظات حياته يرى أكثر أخطائه فهو يرى الأن جسد مروان وقد فارقته الحياة بين ذراعي والدته
و إذا كان الإنسان يرى أجمل شىء فى حياته فهو الأن يرى أمام عينيه عيون رحمه حين زارها في منزلها لأول مره و الأخيرة لأنه من المؤكد الأن لن يراها مره أخرى
مر الوقت بطىء لا يعلم … سريع جداً لا يستطيع أن يجزم لكن صوت الشيخ و هو يقول
(( بارك الله لكما و بارك عليكما ))
جعله يصدق الأن كل ما حدث و يفهم لعبة القدر
*******************
وفي تلك اللحظة و هو يتذكر كل ما مر بحياته من تجارب سيئه و أخطاء سطع نور قوي أغشى عينيه تمامًا و حجب عنه الرؤية و في ثواني كان كل شىء قد أنتهى
و كل مساوئه ، ضعفه ، ضياعه و أختياراته الخاطئه ترتسم أمام عينيه التي أغلقت بأستسلام لذلك الظلام ‏ و ببعض الراحه و إبتسامة كبيرة

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحمه تقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى