Uncategorized

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السادس عشر 16 بقلم دعاء الكروان

 رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السادس عشر 16 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السادس عشر 16 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السادس عشر 16 بقلم دعاء الكروان

قام يحيى بمساعدة يوسف على الجلوس حتى يستقبل الزائرين، و بعد قليل دخل مجموعة مكونة من خمسة أفراد منهم رامز و العم ابراهيم ، بينما زينة لم تدخل و وقفت قليلا بجوار الغرفة تستعيد رباطة جأشها فقد كان قلبها ينبض بسرعة رهيبة غير مصدقة أنها أخيرا ستراه.
بعدما سلم عليه الجميع دخلت زينة تحاول ان تُخفى فرحتها برؤيته، فابتسم يوسف تلقائيا و رفرف قلبه لرؤيتها، فرفع يحيى حاجبيه بتعجب من حال أخيه و قال فى نفسه: “دا انت شكلك واقع لشوشتك يا يوسف… اول مرة أشوفك كدا!!” . 
رمقته بابتسامة خجلى : 
حمدالله على سلامتك يا مستر يوسف. 
أجابها بصوت طبيعى و كأن ليس به تعب: 
الله يسلمك يا زينة.. مبروك الحجاب. 
أجابته بابتسامة: 
الله يبارك فى حضرتك. 
أشار على مقعد بعينيه قائلا: 
اقعدى.. هتفضلى واقفة كدا. 
جلست على إحدى المقاعد تسترق النظر له كل حين و آخر.
تحدث يوسف مع الموظفين فى أمور العمل قليلا، و كان يختلس النظر لزينة بين الحين و الاخر و بالطبع تحت مراقبة يحيى لهما. 
استأذن الزوار بالانصراف، و وقفت زينة فى آخر الصف المتأهب للمغادرة تمشى ببطئ لعله يستوقفها و يتحدث معها قليلا، فقد اشتاقت لنبرته العطوفة معها و افتقدت اهتمامه بها، و بالفعل حدث ما أرادت و استوقفها فقال يوسف قائلا: 
زينة خليكى انتى.. احم عايزك عشان موضوع كورسات المحاسبة. 
أومأت بفرحة، فها هى سوف تسرق بعض اللحظات تُشبع ناظريها برؤيته، و سمعيها بصوته الحنون الذى يعزف لها أحلى سيمفونية من كلمات الحب المتوارية خلف قناع الإهتمام.
انصرف البقية و بقيت زينة مع يوسف و يحيى. 
جلست على المقعد المجاور لسريره و فى الجهة المقابلة كان يجلس يحيى. 
نظر لها يوسف و اشتياق الدنيا فى عينيه لا يصدق أنها أمامه الآن و هو الذى كاد أن يصيبه الجنون بسبب غيابها عنه بضعة أيام، حاول جاهدا ان يسيطر على جسده المتحفز لاحتضانها الآن و قال لها بنبرة تحمل بين طياتها عشق جارف:
عاملة ايه؟! .. كويسة؟! 
رمقته بابتسامة عاشقة:
انا كويسة الحمدلله.. اهم حاجة حضرتك. 
قال لها و هو يدور بعينيه فى ملامحها باعجاب: 
شكلك حلو بالحجاب.
أجابته بخجل و توتر من إطرائه: 
احم… البركة ف حضرتك.
هم يوسف بالرد عليها إلا أن يحيى قاطعه قائلا بنبرة تحذيرية:
على فكرة عمو راشد و سهيلة فى الكافيتريا و زمانهم على وصول.
فهمت زينة ما يرمى اليه يحيى، فمن الواضح أنه لا يريدها أن تحتك بسهيلة مرة أخرى.فقامت من مقعدها و قالت و قد كسى الوجوم وجهها: 
طب أستأذن أنا بقى.. و الف حمدلله على سلامتك يا مستر يوسف. 
رمق شقيقه بضيق، ثم عاد بنظره لها مجيبا بملامح لا تقل عنها وجوما:
الله يسلمك… شكرا على الزيارة.
أجابته بارتباك طفيف: 
احم.. انا مش هقدر اجى لحضرتك تانى… تسمحلى اطمن على حضرتك بالتليفون؟! 
يوسف مرحبا بذلك: 
أيوة طبعا .. لو فتحتى تليفونك هتلاقى فى رقم اتصل عليكى كتيير امبارح…. دا رقمى. 
فغر فمها من تلك المفاجأة و أومأت بفرحة خفية: حاضر.. هسجله و هبقى اتصل بحضرتك أطمن عليك. 
أومأ لها بابتسامة دون رد و ألقت عليهما السلام و انصرفت. 
و بمجرد ذهابها اقترب يحيى بمقعده من شقيقه و قبل أن يسأله باغته يوسف بقوله:
أنا حاسس إن روحى رجعتلى لما شوفتها، نسيت كل الوجع اللى كنت حاسس بيه اول ما سمعت صوتها و شوفتها بخير.
رسم يحيى على شفتيه ابتسامة ساخرة:
أهلا هو شرف؟!
قطب جبينه يسأله باستغراب: 
هو ايه؟!
يحيى بمزاح: 
الحب الحب ، الشوق الشوق.
يوسف: 
انت بتهزر يا يحيى؟!… ثم تعالى هنا… انت ازاى تحجز و تيجى من غير ما تقولى..
يحيى بمرح: 
تعالى انت هنا و متهربش و قولى الحكاية كلها من الألف للياء: 
سأله بمراوغة: 
حكاية ايه؟!
يحيى: 
حكايتك انت و زينة.
يوسف: 
هحكيلك بس لما نروح البيت.. مش هينفع هنا.. او على الأقل لما نكون لوحدنا.
يحيى: 
اوكى معاك حق… 
بعد قليل حضر راشد و سهيلة، و قام العم بإعطاء هاتفه له بعدما تسلمه من موظف الاستقبال.
قام يوسف بفتح الهاتق و فعّل الوضع الصامت حتى لا ينتبه أحدا منهم ان اتصلت زينة به.
انقضى اليوم و غادر راشد و ابنته الى الفيلا و بقى يحيى مع شقيقه ليبيت معه.
أما عند زينة ظلت ممسكة بهاتفها تريد أن تطمئن عليه فهى لا تستطيع أن تنتظر للغد حتى تهاتفه، أصبحت فى حيرة من أمرها فالوقت متأخرا الآن.
و على الجهة الأخرى يوسف أيضا ممسكا بهاتفه و يريد أن يتحدث معها و لكن بأى حجة سيحدثها، زفر بعنف من الحيرة التى انتابته فنظر له أخيه قائلا : 
ايه يا چو مالك؟!… مش طايق نفسك ليه؟!
يوسف بكذب: 
مفيش زهقت بس من رقدة السرير.
يحيى بمراوغة:
رقدة السرير بردو؟!
سأله يوسف مضيقا عينيه:
عايز توصل لإيه يا يحيى؟!
يحيى: 
عايز أعرف كل حاجة؟!.. من أول ما عرفتها لحد دلوقتى.
قص له يوسف ما مر به مع زينة بداية من مجيئها الى الشركة مرورا بأمر سكنها بملهى ليلى انتهاء بغيابها أربعة أيام عنه، حكى له كل شيئ بالتفصيل و لم ينسى شيئ فيحيى ليس فقط شقيقه و انما هو صديقه الوحيد و توأم روحه.
بعدما انتهى من الحكى، وجد علامات الصدمة بادية على ملامح شقيقه فقال له:
انت مالك مبلم كدا ليه؟!
يحيى بضيق:
معقول يا يوسف بتحب دى؟!
احتدت نبرته مجيبا: 
مالها دى يا يحيى… من فضلك اتكلم عنها كويس.
قال يحيى بجدية: 
انا مش قصدى أسيئ لها لا سمح الله.. انت فاهم قصدى كويس…
سكت قليلا، ثم باغته بسؤاله:
و آخرة الحب دا ايه؟!
أجابه يوسف بحيرة و أسى:
مش عارف يا يحيى.. بجد مش عارف.
..أنا عارف انى مينفعش اتجوزها و عارف ان مفيش اى تكافؤ بينا نهائيا، بس مش قادر ابعد عنها، بحاول اتجاهلها بس بلاقى ان انا بكدب على نفسى و بتعلق بيها أكتر.
يحيى بجدية تامة يحاول أن يثنيه عن أمر حبه لها: يوسف انت لو ارتبط بيها عمك ممكن يروح فيها… يعنى تسيب سهيلة عشان واحدة منعرفش أصلها و لا فصلها، لا و كمان متربية ف مكان قذر زى دا، و الله أعلم صاحبت كام راجل قبلك؟! و لا كلمت كام واحد دا ان فضلت محافظة على نفسها أصلا؟!
أثارت كلمات يحيى اللاذعة حنقه و أردف بعصبية: خلاص يا يحيى كفاية.
استرسل يحيى بإصرار: 
لا مش كفاية يا يوسف.. انت لازم تنهى الموضوع دا و تمسحها من حياتك بأستيكة… انت فاهمنى يا يوسف؟!
يوسف بأسى: 
انا فاهمك و فكرت ف كل اللى قولته دلوقتى، بس مش بايدى، أعمل إيه؟!
يحيى:
انت عمرك ما كنت أنانى يا يوسف.. فكر فى عمك اللى ضحى بعمره عشانا و مرضيش يتجوز عشان ميهملناش، فكر فى سهيلة، دى ممكن تموت نفسها لو سيبتها و اتجوزت زينة، انت مشوفتش بتغير منها قد إيه؟!
يوسف: 
انا ممكن مكونش أنانى مع حد … بس أنا أنانى ف حبها، مش عارف أفكر فى أى واحدة غيرها، مش عارف أشوف غيرها…
رجع برأسه للخلف مستندا على ظهر السرير، و رفع وجهه للسماء و استأنف حديثه قائلا: انا تعبان أوى يا يحيى، ساعات بقول لنفسى يا ريتنى ما كنت شوفتها و لا عرفتها، بس برجع أستغفر ربنا و أقول ليا نصيب أتعذب بحبها، لا أنا قادر أبعد و لا قادر أقرب.
أشفق يحيى على حال شقيقه مردفا بحنان:
يا حبيبى انا مقدر اللى انت حاسس بيه، بس ليس كل ما يتمناه المرء يناله، صلى يا يوسف و ادعى ربنا كتير انه يكتبلك الخير و يصرف عنك الشر.
تنهد بقلة حيلة متمتما:
يااارب.
يحيى:
حاول تعاملها عادى و متخلهاش تحس ان انت بتحبها، لحد ما نشوف هتقدر تتخطاها و لا لأ.
ابتسم بسخرية مريرة:
هى لسة هتحس انى بحبها؟!.. دى زمانها متأكدة.
يحيى: 
طالما مصرحتلهاش بكدا يبقى خلاص انت كدا مفيش عليك لوم….. 
استرسل كلامه برجاء حقيقى: 
عشان خاطرنا يا يوسف بلاش.. بلاش زينة يا يوسف، بلاش تهد حياتنا و تفرق لمتنا.
زفر بعنف، فقد فاض صدره بما لم يعد يطيقه من أوجاع مردفا بألم: 
حاضر… حاضر يا يحيى، بس انت ادعيلى.
يحيى و قد خطرت له فكرة: 
هقترح عليك اقتراح، أحسن حاجة هتخليك تعدى المرحلة دى انك تخطب؟!
أجابه باستنكار: 
أخطب؟!
أومأ مؤكدا: 
أيوة… انت لسة هتستنى ايه؟!… انا كلها كام شهر و هخلص الرسالة و هاجى أمسك معاك شغل الشركة، أظن كدا خلاص ملكش حجة.
يوسف بعدم اقتناع: 
انت يبنى عايز تاخدنى كدا من الدار للنار؟!
يحيى بجدية: 
انت لازم تحط نفسك قدام الأمر الواقع.
يوسف باستهزاء: 
و دى مين بقى ان شاء الله اللى هخطبها؟!
أجابه ببرود:
سهيلة.
جحظت عيناه و زم شفتيه بضيق: 
انت بتهزر… صح؟
يحيى بجدية: 
لا مش بهزر على فكرة… و الله انا شايف طالما كدا كدا مش هتتجوز اللى قلبك اختارها، اتجوز بقى أنسب واحدة، و انا شايف إن سهيلة أنسب واحدة ممكن تتجوزها.
صمت يوسف و لم يرد فليس لديه ما يرد به على هراء أخيه كما يرى.
فاستأنف يحيى حديثه قائلا: 
بص لسهيلة من زاوية تانية، بنت جميلة و ملتزمة، انت اللى مربيها على ايدك، ملهاش أى علاقات مع اى حد قبلك و فوق دا كله بتحبك و بتموت فيك، عايز اكتر من كدا ايه يا يوسف؟!
بدأ يوسف يتأثر بنصيحة أخيه فقال له يحيى:
فكر….. فكر مرة و اتنين و تلاتة، و ان شاء الله هتلاقى ان دا أنسب حل.
يوسف بشرود: 
هفكر….ثم تنهد بقلة حيلة داعيا ربه بأن يعينه على تخطى هذه الأزمة.
ترك يحيى أخاه قليلا حتى يتيح له الفرصة ليفكر فى اقتراحه، و راح ليقف فى شرفة الغرفة، فتذكر ديما على الفور و أخذ يوبخ نفسه على عدم مهاتفتها و طمأنتها على وصوله فنظر فى ساعة هاتفه فوجدها العاشرة مساء فقال لنفسه: 
” أكلمها دلوقتى؟!.. بس ممكن تكون ف الجامعة او عندها محاضرة “
حك مؤخرة رأسه بتفكير قائلا ” أحسن حاجة أبعتلها رسالة “. 
قام بارسال رسالة نصها” صباح الخير يا قمرى.. آسف جدا.. لما وصلت لقيت اخويا يوسف عامل حادثة و انشغلت بيه و مقدرتش أكلمك ، لما تكونى فاضية كلمينى، دومتى ديمة قلبى ♥”
أتم كتابة الرسالة و ارسالها، ثم تنهد بعشق و شرد فى ديمة قلبه كما أسماها. 
بعد فترة ليست بقليلة من شرود كل منهما فى أحواله، خلد الشقيقان الى النوم فى انتظار نهار جديد حافل بالأحداث و المفاجأت. 
أما عند ديما كانت تجلس فى مقهى الجامعة عندما وصلتها رسالة يحيى ففتحت الرسالة و قراتها ثم تنهدت براحه و ابتسمت و هى تردد كلماته ” ديمة قلبى”.
فى فيلا راشد سليمان…. 
جلس الاب مع ابنته فى حديقة الفيلا بعدما انصرفوا من المشفى فجاءت سعاد مدبرة المنزل و سألتهم على حالة يوسف فطمئنها راشد و دعت له بتمام الشفاء و العافية و انصرفت فقالت سهيلة لأبيها:
البنت اللى كنت قولتلك عليها يا بابا اللى يوسف مشغلها عنده ف مكتبه، فاكرها؟! 
راشد:
ايوة.. مالها. 
سهيلة:
تصور يا بابا جاتلها الجرأة تيجى كمان المستشفى وراه بحجة انها جاية تتطمن عليه؟! 
الاب بضيق من مبالغة ابنته:
انتى مكبرة الموضوع اوى يا سولى.. عادى يعنى ما فى مجموعة موظفين من الشركة راحولو المستشفى يزوروه و لسة فى غيرهم هيروحولوه، يعنى هى جات عليها؟! 
هزت رأسها ببنفى: 
لا لا يا بابا، انا مش مرتحالها خالص، حاسة كدا انها عايزة تلفت نظره بأى طريقة.. شكلها كدا فقيرة و عايزة تعلى عن طريق يوسف. 
أجابها راشد بنفاذ صبر:
لاااا دا انتى دماغك ضربت خالص، صفى قلبك يا حبيبتى، يوسف يستاهل ان الكل يحبه و يسأل عليه، أكيد ساعدها و هى عايزة تردله الجميل بس مش أكتر.. 
سهيلة بتفكير:
يمكن يا بابا…. محدش عارف. 
سألها راشد بفضول: 
و يوسف عمل ايه لما جات زارته؟
أجابته ببلاهة: 
لا يا بابا ما هو يوسف كان لسة مافاقش من الغيبوبة و مشافهاش.
تنهد راشد بأسى لحال إبن شقيقه مردفا بدعاء:
ربنا يقومه بالسلامة… البيت وحش اوى من غيره.
سهيلة بشرود: 
عندك حق يا بابا، ربنا يرجعه بالسلامة و ينور البيت من جديد.
عند زينة…
نامت زينة بعد عراك ضارى بينها و بين قلبها الذى كان يصر عليها بأن تتصل بيوسف، لتسمع صوته الذى يهتز له قلبها و يتزلزل له كيانها، و لكنها استطاعت ان تنتصر على قلبها و ترجيئ الاتصال به للغد.
فى صباح اليوم التالى…
قام يوسف بالاتصال بالأستاذ عادل لكى يبدأ مع زينة دورة المحاسبة ابتداء من اليوم، فهو قد قرر نقل زينة لقسم الحسابات فور عودته للشركة حتى تكون بعيدة عن مرئى عينيه عله يشفى من عشقها ، فقد  اقتنع بحديث شقيقه فهو لا يريد أن يخسر عمه بسبب حبه لزينة، فليربط على قلبه الآن حتى يحافظ على عائلته و ألا يكون هو سبب تشتتها. 
أنهى المكالمة مع الاستاذ عادل و من ثم قام بالاتصال على زينة…. 
يوسف بجدية:
السلام عليكم.. ازيك يا زينة؟! 
زينة بسعادة:
الحمد لله.. أخبار حضرتك ايه، انا كنت لسة هتصل بحضرتك عشان أتطمن عليك بس كنت مستنية لما اوصل الشركة. 
رد باقتضاب يقصده: 
انا تمام الحمدلله.. انا بكلمك عشان أعرفك ان الاستاذ عادل هيبدأ معاكى كورسات المحاسبة النهاردة، يا ريت اول ما توصلى تروحيله قسم الحسابات و تركزى معاه كويس عشان ف خلال اسبوع هتستلمى الشغل ف الحسابات رسمى ان شاء الله . 
زينة باحباط و خيبة أمل:
يعنى مش هشتغل ف مكتب حضرتك تانى؟! .. ثم أسرعت قائله قبل ان يرد:
أنا.. أنا ممكن انضف لحضرتك المكتب و اعملك القهوة الصبح قبل ما أروح للقسم. 
أحس بحزنها و اختلاقها لاى سبب لكى تراه و لكن هذا ما يريده، أن تنساه و ألا تراه فقال لها و قلبه يعتصره الألم، و لكنه ارتدى قناع الصرامة و الجدية و قال: 
ايه اللى انتى بتقوليه دا؟! .. لا طبعا ميتفعش، يعنى أنا عايز أرقيكى و انتى عايزة تفضلى زى ما انتى؟! 
ردت بأمل فى أن يلبى رغبتها:
عادى يا مستر يوسف أنا راضية. 
أجابها بحسم :
بس انا مش راضي.. زينة انا خلاص قررت و يا ريت تلتزمى لو عايزة تكملى ف شركتى. 
ردت بألم و إنكسار: 
حاضر.. اللى حضرتك تشوفوه. 
اعتصر قبضته السليمة و أغمض عينيه بعنف من الألم الذى حل بقلبه و قلبها، فهو يشعر الأن بمدى تألمها لفراقهم و الخذلان الذى أصابها.
أغلقت زينة معه الخط و الدموع تنهمر من مقلتيها فى صمت حيث كانت فى ذلك الوقت راكبة بالسيارة الاجرة فى طريقها للشركة ، ظلت على هذا الوضع الى أن وصلت الشركة فجففت دموعها، و حاولت أن تستعيد رباطة جأشها، و دخلت الى الشركة متوجهة لقسم الحسابات، فالتقت بالأستاذ عادل بالفعل و عرفت نفسها له فرحب بها بشدة و أخبرها أن مديره أوصاه عليها توصية كبيرة فرفرف قلبها لذلك و لكن ما الفائدة و هى نادرا ما سوف تراه، و بالفعل بدأت زينة فى تلقى المعلومات بتركيز شديد و أشاد الأستاذ عادل بهمتها و ذكائها .
أما عند يوسف، بعدما أنهى المكالمة مع زينة دخل عليه شقيقه حاملا كوبا من الحليب و هو يقول بمرح: 
صباح الورد يا چو، عامل ايه النهاردة؟!
يوسف:
الحمد لله أحسن من امبارح.
يحيى:
طيب الحمد لله.. اشرب بقى كوباية اللبن دى عشان تخف بسرعة، بصراحة وحشنى هزارك أوى..قالها و هو يحك جانب رقبته مشيرا لضرب يوسف له عليه أثناء مزاحهم. 
ضحك يوسف مردفا بمرح:
متقلقش راجع و بقوة.
يحيى بمزاح: 
بس ابقى راعينى بس… دا انا حبيبك.
يوسف: 
و قلبى كمان.
أجابه يحيى بنبرة تمثيلية و هو ممسكا بصدره: 
لالالا.. قلبى الصغير لا يتحمل.
يوسف:
طب يا صغير قولى بقى كنت بتكلم نفسك ليه امبارح و انت واقف ف البلكونة؟!
زم شفتيه بضيق مردفا: 
الحادثة بتاعتك لخبطت لى كل تخطيطى… انا اصلا نازل عشان أفاتحك انت و عمو راشد ف موضوع خطوبتى.
شقت الابتسامة وجهه الحزين و أردف بسعادة: 
بتتكلم جد؟!…و دى مين بقى سعيدة الحظ؟!
يحيى:
البنت الفلسطينية اللى حكتلك عنها قبل كدا.
يوسف بفرحة:
كويس جدا… مع انك كنت معترض لما هزرت معاك و قولتلك ترتبط بيها.
يحيى:
اهو بقى.. القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.
يوسف: 
و نعم بالله… و أخدت موافقتها و موافقة باباها؟!
يحيى:
  انا كلمت والدها  …هو ف الاول مكانش موافق عشان هتعيش فى بلد غير بلدهم، بس عمار كتر خيره أقنعه ان هو كدا كدا مستقر ف لندن و مش هيرجع بلده تانى… فمش هتفرق بقى ان اتجوزت ف مصر او فلسطين.. و وعدته ان الموضوع لو  تم هنزوره علطول كل كام شهر، و الحمد لله وافق بس عايز الخطوبة تبقى ف لندن.
يوسف بجدية: 
مفيش مشكله يا حبيبى نروحلك لندن مخصوص.
ربت على فخذه مردفا بحب: 
اطمن عليك الاول و بعدين نبقى نسافر كلنا سوا.
يوسف: 
اوكى يا حبيبى.. معليش يا يحيى حظك كدا بقى… كان زمانك خطبتها دلوقتى.
أجابه بضيق مصطنع قاصدا المزاح:
أنا عارف حظى… نحس دايما.
ضربه يوسف بمزاح على جانب رقبته قائلا: 
دا بدل ما تقولى اهم حاجه تقوم بالسلامة ياض.
ضحك يحيى:
بهزر يا أخى.. الله!!… احنا هنبدأ الهزار بتاعك دا بدرى كدا؟! 
يوسف بمرح: 
مش قولتلك راجع و بقوة.
استمرت وصلة المرح و المزاح  بينهما لمدة ليست بالقليلة، فيحيى بالنسبة له نبراسه الذى ينير حياته  و بئر أسراره، يراه عِوض الله له عن والديه.
يتبع…..
لقراءة الفصل السابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى