رواية عشق الغرام الفصل السابع 7 بقلم ندى ممدوح
رواية عشق الغرام الجزء السابع
رواية عشق الغرام البارت السابع
رواية عشق الغرام الحلقة السابعة
لحظة فارقة في حياة المرء قد يتغير بعدها كل شيء، ربما إلى الأسوء.. أو الأفضل من يدري ما النتيجة، وكلمة قد نتفوه بها دون تفكير قد تقلب حياتنا رأسًا على عقب.
أكثر شيء قد يسعد الفتاة هو الزواج وأن تكون مرغوبة، وغرام وجدت نفسها فجأة مرغوبة بعدما تم رفضها من اقرب الناس إليها، وحين علمت بطلب زكريا بالزواج منها وافقت دون تردد على أن يتم عقد القران خلال شهر، وها هي ذا تصبح خطيبة زكريا بن مختار صديق والدها وتسافر إلى القاهرة برفقتهم…
كل شيء تم بسرعة أدهشتها بسبب ضرورة تواجد مختار في شركته بعدما قضى وقت لا بأس به في أسيوط.
وهناك أنبهرت بكل شيء فالحياة في مصر كانت مختلفة تمامًا عمَّا تخيلت، ظلت ليومين بين خروجات برفقة غادة إلى أخرى برفقة عمها مختار وقد قام زكريا بتجنبها تمامًا في تلك الأثناء.
ما أن بدأ الفلق ينبلج في السماء؛ حتى كانت غرام قد أستيقظت لتبدأ أول يوم في العمل، وكانت تشعر بحماسٍ شديد يتمشَّى في أوصالها، وشغفٍ لتلك الحياة الجديدة المقبلة عليها.
كانت دائمًا تتمنى أن يكون لها دخلٌ خاص من تعبها هي، وكيانٌ خاص أيضًا وها هي ذا تنال بغيتها وما تمنت دائمًا، ما أن أدت فرضها حتى كانت ترتدي ملابس عملية نوعًا ما لا تخل من الأحتشام، وبينما هي تلف خمارها وتطلع في مرآتها تناهى لها طرقٌ خفيف على الباب، فأستدارت وسمحت للطارق بالدخول، لم تلبث أن طلت غادة من لدن الباب، وهي تقول بصوتٍ خفيض:
_صباحوا.. جاهزة ولا أيه؟ قُلت آجي أشوفك قبل ما تمشي.
أعقبت عبارتها بإغلاقها للباب ودلفت للداخل، وغرام تجيبها:
_حاسة أني خايفة أوي وعايزة أتراجع!
فتبسَّمت غادة تطمئنها، وقالت في هدوء:
_وليه الخوف اهدي كدا وخدي نفس عميق وأبعدي التوتر ده كله هيعدي تمام وأنا جنبك ومعاكِ خطوة بخطوة.
فزحف الأرتياح على ملامح غرام التي استكانت، وتنهدت تنهدًا عميقًا وأسبلت جفنيها في أرتياح، وغمغمت:
_حاضر.
ثم زفرت في ثقل ما يعتمل فؤادها من توتر، ونظرت إلى غادة في اهتمام.. وسألتها:
_أنتِ ناوية تعملي أيه النهاردة؟
تمتمت غادة في بساطة:
_ولا حاجة هروح النادي شوية وهقعد مع صحباتي وهرجع بس.
همَّت غرام أن تجيبها، لكن انبعث صوت مختار من الخارج يقول:
_غرام أنتِ جاهزة؟
فتحركت تجاه الباب، وهي تهتف:
_أيوة يا عمو جاية.
ووجدته في أستقبالها خارج الحجرة، وبادرها قائلًا:
_أيه يلا بينا ولا لسه؟!
فنقلت بصرها إلى غادة وقد عادها التوتر والتردد، فقالت غادة بدلًا عنها وهي تتأبط ذراعها:
_أيوة جاهزة وهوصلها لحد العربية عشان تستناكم هناك.
ثم مالت وهمست لها:
_يا بنتي أجمدي كدا دا شغل عادي هتستلميه مفيش أي قلق.
فدمدمت غرام:
_حاضر حاضر.
*********
في انبهار سارت غرام جوار مختار داخل شركته، عينيها تجولان في كل مكان إلى العملاء الذين أصطفوا وراء مكاتب صغيرة جميعهم وقفوا احترامًا له وتحية، ثم توجه بها مع يمان إلى مكتب فتح بابه وتنحى جانبًا مفسحًا لها الطريق وهو يقول في هدوء:
_وده مكتبك يا ستي.
فدلفت غرام للداخل بعينين تبرقان انبهارًا، ودخل في إثرها مختار الذي قال:
_أنتِ هتكوني مسؤلة من يمان، هيعلمك كل حاجة بصراحة هو افضل من زكريا ابني في الموضوع ده وباله طويل وانا..
وأتبع يقول وهو يضع كفه على كتف يمان بفخر:
_واثق فيه.
ثم دنا من غرام وقال بنبرة حنونة:
_أنا هسيبك دلوقتي وهروح مكتبي لو احتجتي أي حاجة متترديش تطلبيها من يمان أبدًا تمامًا.
اومأت غرام باسمة وهي تختلس نظرة إلى يمان الصامت الذي استرق النظر إليها ثم أشاح بوجهه بعيدًا، غادر مختار ووجدت غرام نفسها برفقة يمان فقط، وساد بينهما صمت مفاجيء، قطعه تنهيدة يمان، ثم تنحنح وقال ببسمة طافت على ثغره سريعًا ومرت كالسحاب:
_طيب أنا معاكِ وهنمشي وحدة وحدة عادي جدًا، شغلك مش هيكون صعب أنتِ بس هتحددي ليّ مواعيدي مع العملاء واوقاتي، وهتكتبي الإيميلات اللي هقولك عليها، وممكن نخرج في مقابلات عمل وهكذا و…
وسكت لبرهة وهو يزدرد لعابه وقد أرتج عليه الحديث، ثم أعاد البصر إليها كرةٌ أخرى، وتمتم متسائلًا في استدراك:
_أنتِ بتفهمي في الكمبيوتر كويس؟
هزت غرام رأسها نفيًا في حياء، وخجلت من النطق بعدم معرفتها باستخدامه جيدًا، فأكتفت بهز رأسها وفي تفهم اومأ هو بعينيه، وقال في استسلام:
_ولا يهمك مش مشكلة كله بيجي مع الشغل ومع الوقت هعلمك كل حاجه ونبدأ سوا.
ثم لاذ بالصمت لثوان وأشار إلى مكتبه القريب قائلًا:
_أنا هدخل المكتب وهسيبك ترتاحي وتاخدي على المكان وبعدين نبدأ.
وتحرك من أمامها بينما بقت هي متسمرة تشيع رحيله بشرود.
************
جالسة في شرود، تطلع إلى الفراغ، ترتكز بذقنها في راحتها ترتشف من فنجان القهوة، يتسلل إلى ذهنها صخب النادي وضحكات الأطفال من حولها، أحست غادة فجأة بمن يجلس بجانبها، ثم انبعث إلى أذنها صوت دافيء يهمس في حنان:
_عاملة أيه؟ طمنيني عليكِ؟
وازداد الهمس وهو يردف في هدوء:
_وحشتيني.
ازدادت دقات قلب غادة وهي تلتفت إليه في لهفة، فتلاقت الأعين في لقاء حنون، كان يتأملها بعينين مفعمتين بالأشتياق، أسبلت غادة جفنيها وأشاحت بوجهها بعيدًا وهي تكظم بسمة رائعة كانت تزين ثغرها كلا يفتضح أمر لهفتها لرؤيته.. وغمغمت بصوت مرتبك:
_أنت هتفضل غامض كدا عني، تظهر فجأة وتختفي فجأة.. مش هتقولي أنت مين؟
فشبك كفيه أمام وجهه، ومال إلى الأمام، واحتواها بعينيه وهو يقول بصوتٍ رخيم:
_أنا حبيب بيتنمالك كل خير.. أياكِ تخافي مني!
فالتفتت إليه وتلاقت أعينهم مرة أخرى وهي تلمع بالعاطفة، رفْرفت غادة بعينيها وأبتعدت بهما عن عيناه وهي تتمتم:
_أنت مين؟
فقال وهو ينهض:
_تيجي نتمشى ونتكلم أفضل!
فأومأت موافقة وهي تهب واقفة وتسير بجانبه في هدوء وكلاهما لائذ بالسكون، حتى قال هو في هدوء قاطعًا الصمت:
_قضيتِ وقت حلو في الصعيد؟
فأومأت له دون أن تلتفت، ثم سألته في حدة:
_أنت عرفت إزاي أني في النادي؟ أنت بترقبني؟
لكنها لم تتلقَّ ردًا، وظنت أنه لن يجيب فرفعت رأسها تنظر إليه، فرمقها بنظرة سريعة ثم قال بما جعلها تتوقف:
_يوسف.. اسمي يوسف نسيم.
وتوقف إزاءها فبرقت عينيها ولم تنبس ببنت شفة، وقرأ هو في عينيها أنها تريد معرفة المزيد عنه، فتبسم في حنان وهو يغمغم بود:
_إحنا متقابلناش قبل كدا ولا بينا سابق معرفة، ولكن شوفتك في مرة في البناية القديمة اللي كنتوا ساكنين فيها أنتِ وأخوكِ يمان من وقتها وأنتِ ليكِ مكانة عندي وتخصيني.
ازدرد يوسف لعابه، ثم تنهد وأتبع يقول:
_أنا ساكن في المنطقة هناك في بناية قريبة من البناية بتاعتكم عايش مع ابويا وامي ومليش إخوات.
وتطلع إلى عينيها في إمعان حان، ثم أردف:
_غادة أنا عارف إنك لسه متعرفنيش كويس، وهديكِ الوقت اللي تحدديه لحد ما تطمني ليّ ولكن خلينا قريبين.
وسكت لهنيهة، ثم هتف سريعًا:
_غادة تتجوزيني؟
وأطلت الصدمة من عينيها وهي تتقهقر خطوة مصعوقة للخلف وتطلع إليه في هلعٍ ثم رددت:
_أتجوزك؟
***********
خرج يمان من كتبه وتبسم في وجه غرام التي هبت واقفة ما أن رأته فأشار إليها بالجلوس وهو يتوجه نحوها قائلًا:
_خليكِ قاعدة، أنا طلبتلك فطار عشان عارف أنك مفطرتيش أكيد لما يوصل أبقي فطري.
ثم جلس أمام مكتبها وأدار اللاب إليه وهو يقول:
_ركزي معايا شوية هعلمك شوية حاجات مهمة والأساسيات..
وأنصتت غرام بكل حواسها، ورويدًا رويدًا كان شعورٌ بالأمان يسرى في أوصالها ويتخلل قلبها شيئًا فشيئًا، أسرتها جديته في العمل وشرحه المبسط بكل رفق وهو يعاملها في هدوء وعندما انتهى رفع بصره إليها، وأستوى في جلسته وهو يقول:
_لو في حاجه مفهمتهاش قوليلي وهعيدهالك.
فهزت رأسها سريعًا، وهي تقول:
_لا ابدًا كله تمام.. حضرتك وضحت ليّ كل حاجة.
أسترخى يمان في جلسته، وغمغم:
_بلاش حضرتك دي، وبرضو أنا معاكِ لو في حاجه حسيتها واقفة معاكِ.
كادت غرام أن تجيبه عندما أرتفع رنين هاتفها، فألتقطته وردت في لهفة تقول:
_نهلة عاملة أيه؟
لكن أتاها صوت جدتها، وهي تصيح:
_ازيك يا بت يا غرام، كدا يا بت تسافري ومتسأليش؟
ولم تمهلها فرصة للرد، بل أتبعت تقول على عجل:
_ويمان حبيبي يا بت عامل ايه كدا تاخديه مني يا بت؟! دا أنتِ حتى حتة خدامة هنا.
قهقهت غرام وقد تناست تواجد يمان الذي تطلع إليها وهي تضحك لثوانٍ ثم غض بصره، وسمعها تقول بنبرة صادقة:
_وحشتيني يا تيتا جدًا، عاملة ايه يا حبيبتي طمنيني عليكِ؟
فتنهدت الجدة وهي تقول:
_كويسة ياختي الحمد لله.. الواد يمان مفيش عندك يا بت ولا قولي له يكلمني.
فأختلست غرام نظرة حذر إلى يمان، وقالت:
_عايزة تكلمي يمان؟!
كانت تخشى أن ينزعج من الحديث مع جدتها، لكنها تفآجئت به يمد يده لها، قائلًا ببهجة أطلت من ملامحه:
_هاتيها.
وناولته الهاتف وراقبته وهو يندمج في الحديث مع جدتها بكل حنان ورفق فكان يضحك تارة وكان يصمت يستمع إليها في اهتمام ويوافقها الرأي على أي شيء.
ثم أغلق معها عندما وصل الطعام الذي طلبه لها، فاستأذن منها ليدخل إلى مكتبه لإدراكه أنها ستخجل من تواجده لكن ما أن هم بفتح باب المكتب حتى تسمرت يداه مع فتح باب مكتبها هي وصوت عمه مختار، يقول:
_يمان استنى تعال أنت وغرام عشان هعلن للموظفين خطوبة زكريا وغرام.
فتجهم وجهه وأسودت ملامحه وهو يستدير متطلعًا إلى غرام التي أطرقت في حياء ثم سارت وراء مختار الذي أشار إليها قائلًا:
_روحي مكتب زكريا اللي ورتهولك عند دخولنا وهاتيه وتعالي.
فاومأت برأسها إيجابًا وسارت شطر المكتب وهي تنوي إخباره.
وداخل المكتب كان زكريا يجلس وراء مكتبه وثمة فتاة تجلس فوق ساقيه ويفعل ما حرمه الله..
قالت الفتاة بضيق:
_يعني أنت خطبة البت الصعيدية دي وهتتجوزها!
فاومأ زكريا بعينيه إيجابًا، وقال في هدوء موضحًا:
_ايوة، ولكن إحنا هنتقابل في الشقة عادي وهنخرج ونطلع هي هتكون مجرد زوجة وبس.
كانت غرام قد اقتربت ومدت كفها إلى مقبض الباب وهمَّت بفتحه…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشق الغرام)