رواية النمر الجامح الفصل الرابع عشر 14 بقلم أميرة أنور
رواية النمر الجامح الفصل الرابع عشر 14 بقلم أميرة أنور |
رواية النمر الجامح الفصل الرابع عشر 14 بقلم أميرة أنور
بداخل المشفى، اقترب المسؤول من “محمد” وسأله عنـ:
_اتفضل قول لي بقى الكلام اللي الدكتورة بتقوله صح ولا لاء
قهقه “محمد” بقوة ثم حملق في “جلال” وقال بضحك:
_قول يالا ولا تعالى نقول في بوق واحد
ابتسم الآخر بعدم وعي، ليقول بعد ذلك:
_أيوا أنا اللي اتفقت عليها وكمان برغم حبي ليها إلا إني مش عاوز حد يبوظ خطتي وينقص فلوسي ودا عندي كان أهم منها حبستها هنا وخلتها هنا بعيد عن ولادنا
قام من مكانه بعد أن أغمض عينه حيثُ أنه فاقد إدراكه تماماً، أشار نحو “فوقية” ومن ثم واصل حديثه:
_دا أنا حتى خليت ولادي يكروها ويتعقدوا “جبل” بيكره صنف الحريم و “مرام” خايفة تتجوز اللي بيحبها وبتحبه عشان لو اتخانقوا بيقولها إنتي مـش هتجبيه من برا، أيوا أنا عملت كده وهي عارفة ليه أنا قولتلها تبعد عن طريق نجاحي
صرخت به “فوقية” بحدٍ شديد:
_وهو نجاحي يجبرك تخلي حياة أقرب الناس ليك في جحيم قول لي…
قهقه بشدة ثم قال لها بدون وعي:
_أيوا لو ابني أو بنتي هعمل كدا
شعرت “فوقية” بالقرف بل كل المتواجدين شعروا بنفس هذا الإحساس، كانت “لميس” تصور ما يحدث بالصوت والصورة لعلها تثبت ما يحدث، أشار لها المسؤول فاتجهت إليه ليقول بهمس:
_هما واخدين حاجة عشان يتكلموا
ردت عليه “لميس” بخفوض:
_ممكن نتكلم برا طيب
أومأ برأسه بعد أن أمر زميله بـ:
_اتصل بالشرطة فوراً وخلى لجنة تانية تيجي تشوف صحة التعبانين في المصحة…!
خرج من الغرفة ومعه “لميس” التي كانت منبهرة بشخصية الشخص المتواجد أمامها، ردت على كل الأسئلة المتعلقة بمخيلته بعد أن أخرجت المسجل الصوتي التي قامت بتسجيله لمدير المشفى:
_اتفضل يا فندم… دا تسجيل صوتي من الدكتور “محمد”
سمعه المسؤول كاملاً، هز برأسه بعد أن تنهد تنهيد عميق، لم يخرج من فمه أي رد، حيثُ أن بعد أنها المسجل قالت بهدوء:
_في علاج بيخلي الرأس واعية ومجهزة كل حاجة حصلت لكن الشخص بيكون غير واعي للي بيطلعه هو دا اللي قدرت أحطه في قهوتهم وقت ما استغليت انشغال الساعي
أنا عارفة جداً إني غلط بس كان لازم أعمل كدا عشان الشخصية اللي اتظلمت دي
ابتسم المسؤول ثم قال لها بثقة:
_ إنتي عملتي الصح وطبيبة زيك وبرغم سنها الصغير المفروض تمسك منصب كبير في المصحة
بخجلٍ جم وبطيف بسمة صغيرة ردت بـ:
_شكراً يا فندم على ثقتك بيا عن إذنك
دلفت لداخل الغرفة، بهذا الوقت جاءت الشرطة وأخذت كل من “محمد” و “جلال” المنشاوي، بينما “فوقية” فحملقت بـ “لميس” بحبٍ يملؤه الشكر الشديد على ما فعلته معها، تحدثت بخفوض:
_شكراً يا بنتي إنتي طلعتي أحسن مني وتستحقي تكوني بنتي بس مع ذني الوحش فيكي ماستحقش أكون أمك
أمسكت “لميس” يدها ثم قالت بكل رقة:
_لا يا طنط إنتي كان لازم تعملي كدا ومتثقيش فيا من اللي حصلك يالا بقى أنا جايبة ليكي طقم حلوة جداً يليق على “فوقية” هانم بنت الحسب والنسب ويالا عشان هتروحي معايا بقى
جميلة تلك الفتاة التي توضحي من أجل الجميع، تمنت أن تكون زوجة ابنها الوحيد، ستراعها كما راعتها، حدقت بالملابس التي جلبتها لها فوجدتها جيب يصل إلى الركبة وعليه قميص أبيض، ارتدتهم وعقدت شعرها كذيل الحصان ثم خرجت مستسلمة تماماً لـ “لميس”، خرجت من باب المشفى فشعرت بالفرحة تغمرها بشدة حيث أن الطرق الواسعة جعلتها تحن لحريتها، دمعت دموعها ثم نظرت إلى” لميس” وبصوت يملؤه الشكر:
_بجد جميلك دا عمري ما هنساه أبداً يا “لميس”
أمسكت “لميس” يدها ثم قالت بحب جم:
_ولسه هعملك كل حاجة حلوة تعالي هناك نركب العربية
أشار للسيارة فوجدت سيارة يخرج منها شخص مما جعلها تسألها باستفسار:
_هو دا السواق بتاعك
ضحكت “لميس” بشدة بينما الآخر فرد بضيق:
_لا أنا “مصطفى” صاحبها والمفروض إن ساعدها كتير أنا والصحفية الصغنون والحلوة الجميلة “ملاك” دي صاحبتنا وهي اللي هتكمل باقي كشف القصة في الإعلام لإن أكيد “جلال” هيمنع دا يحصل
انكمش حاجبيه عقب سماعها لاسم “ملاك” هذا الاسم الذي تعرفه جيداً، تذكرت الصغيرة التي كانت تسير خلفها، تحدثت بتلعثم:
_مـ.. مـ… “ملاك” إيه يا بني
_”ملاك” “ناصر” “الراشيدي
الاسم كامل أمامها، شهقت بشدة، أنفاسها أصبحت ثقيلة، خفقات قلبها تسرعت، أكمل” مصطفى” حديثه:
_ابنك اسمه “جبل المنشاوي” صح
انتبهت له ثم وببسمة صغيرة قالت:
_هو إنت يا بني تعرف ابني
أومأ برأسه وقال بنبرة جادة:
_معرفهوش بس “ملاك” كانت بتقبله مقابلات عمل وهو صديق شخصي ليها
تجمدت دمائها، تعلم ماحدث، اتفرح لقربهم أم تحزن لما سيحدث، ابتلعت ما في حلقها بخوف ثم قالت بتوتر:
_هو ابني حنين يا بني
أخافها برأيه عن ابنها حيثُ قال بسخرية:
_إلا حنين لدرجة انه قليل ذوق أنا مش عارفة “ملاك” مستحملة الشخصية دي ازاي
حزنت كثيراً لم تكون تتوقع أن أحد سيذم في صغيرها، لو كانت معه لكانت جعلت الجميع يشهد بتربيته.
…………………………………………………………….
استعدت “ملاك” لتذهب لمنزل “جبل” حيثُ أصبحت الساعة في تمام الواحدة ظهراً، وكان متفق معها “جبل” على هذا الوقت، ارتدت بنطال ضيق من اللون الأسود قصير نوعاً ما وعليه جاكت قصير من اللون البنفسجي، استعجلت المربية كثيراً:
_يا “سوسو” يالا عاوزين نخلص عشان نعرف البيه إن مواعيدنا مظبوطة أوي
ضحكت “سامية” على أسلوبها، بدأت تجعل الأفكار السيئة تتلاشى من رأسها، ردت عليها ببرود مصطنع:
_لازم أكون حلوة وأخد وقتي أنا راحة أشوف بيت بنتي
وقفت في مكانها، انكمش حاجبيه عقب سماعها لكلامها، أردفت بحنق:
_هو مين فينا العروسة أنا والا إنتي
قهقهت “سامية” عليها، وبنبرة سريعة ردت بـ:
_إنتي طبعاً يانور عيني ما فيش حد خالص في حلاوتك
ابتسمت كالأطفال على حديثها، ولكنها تذكرت شيءٍ ما فعادت تقول بتساؤل حتى تستفسر عما يدور في مخيلتها:
_شايفاكي انهارده مستعدة عشان تروحي بيت “جبل” برغم من إنه بالنسبة ليكي شخص بتكريه
فور سمعها لحديثها جلست على الأريكة، دمعت عيناها ثم تحدثت ولكن مع نفسها بصوت لا يسمعه غيرها:
_ياريتني أقدر أقول وأحكي وياريتني حتى أعرف أتكلم “جبل” إيه اللي ماحبهوش دا عندي زيه زيك بلاش تجرحيني يا بنتي
وجدتها شاردة فاستغربتها، أسؤالها يجعلها بتلك الحالة، تريد أن تعرف ما يدور في جمجمتها، صفقت لعلها تنتبه لها، فانتبهت لها، لوت “ملاك” فمها وعادت تقول بضيق:
_زي كل مرة مافيش إجابة لسؤالي وكأني شخص غير موجود بالمرة كلامك هيحدد مستقبلي خليكي فاكرة
شبكت “سامية” يدها في بعضهم بتوتر شديد، تلعثمت قليلاً في حديثها، لا تعلم ما هي الكذبة التي ستقولها:
_اا.. هو يعني
انفعلت “ملاك” قليلاً حيثُ أسلوبها جعلها تغضب، صرخت بهدوء؛ بعد أن جذت على أنيابها:
_هو يعني ايه عرفيني
ابتلعت “سامية” ما في حلقها بخوف ثم قالت ببسمة مصطنعة:
_كنت بسمع عنه كدا وبصراحة أبوكي كان بيسمع عن عيلة المنشاوي كتير بس كدا يا حبيبتي
لم تقتنع باجابتها قط، حيثُ أنها قالت بنبرة جادة:
_براحتك بس لو في يوم حسيت إنك كدبتي عليا والله يا دادة ليحصل حاجة مش هتعجبك يالا عشان نروح
شعرت المربية بالخوف ولكنها نزلت برفقتها، ركبت سيارتها ثم شغلت محركها وانطلقت إلى منزلها المستقبلي
……………………………………………………………….
في فيلا ال “عزمي:”
استيقظت “دنيا” في وقت متأخر على صوت رنين هاتفها، قامت على الفور فوجدت أن المتصل “أحمد”، حاولت أن تغير نبرة صوتها، تحدثت بخفوض:
_الو
رد عليها بهدوء:
_نعم إنتي لسه نايمة حضرتك الظهر اذن
تثاؤبت بشدة، وبعد ذلك أجابته برقة:
_سهرت ومنمتش بدري وأبيه” مالك” ماصحنيش!
استغرب “أحمد” حين قالت أن “مالك” هو من يُقظها أهي أبله أما أنها تصطنع ذلك، شعر بالغضب فجذ على نواجذه بكل انفعال وقال بجموح:
_مين بيصحكي يا “دنيا”
شعرت بالتوتر الشديد حيثُ أنها شعرت بغضبه هذا، استقامت قليلاً وببرأءة ردت عليه بـ:
_هو ساعات وساعات مامي وساعات دادة بس عادي يعني
صرخ بشدة:
_لا مش عادي هو محلل ليكي بصي أنا عارف إني لسه مش متأكد إنهم هيقبلوني أصلاً بس أنا بغير راعيني شوية هو يا “دنيا” محلل
ضحكت “دنيا” وأكملت بنفس نبرة البراءة التي تتكلم بها:
_متقلش هو بيحب “مرام” وبعدين بيشوفني العيلة الصغيرة اللي مربيها
لم يستطيع أن يتكلم في أنهى المكالمة بـ:
_قـومي صلي الكلام مش هيجب نتيجة
……………………………………………………………….لم يذهب “جبل” اليوم عمله، كان يشرف على كل شيء، أمر الجميع بتزين المنزل كترحيب بخطيبته، بتلك اللحظة نزلت “مرام” من غرفتها حيثُ أنها كانت حبيسة لها، استغربت من تغيرات المنزل فقالت:
_إيه اللي بيحصل يا “جبل” في الفيلا دا؟
ابتسم “جبل” وبهدوء تام قال:
_أصل أنا هتجوز والعروسة جاية تشوف الشقة
صدمة كبيرة انتابتها، هزت رأسها محاولة أن تستوعب ما يقول، هل أخيها موافق على الزواج، ردت عليه بعدم استواعب:
_إنتي بتتكلم جد ولا بتهزر
نظر لها بحد ثم قال:
_هو أنا عمري اتكلمت بهزار كلمتي واحدة يا “مرام”
ابتسمت له ثم قالت بحب:
_مش قصدي حاجة بس والله مش مستوعبة مبروك يا حبيبي
بتلك اللحظة سمع كل منهم صوت تكسير بغرفة الأشياء الغير مهمة يطلقون عليها المخزن، صرخت “مرام” بفزعٍ:
_ااه في إيه
بهذا الوقت خرج العامل ومعه صورة كبيرة، تحدث بتلعثم:
_أنا اا آسف يا بيه كسرت الصورة الكبيرة من غير ما قصد
اقتربت منه “مرام” ثم قالت بأمر:
_ورينا الصورة دي!!
أعطها لها، لتحملق بها وفجأة تنزلق الدموع من عينها:
_ماما
سمع “جبل” تلك الكلمة فشعر أن الدماء تجمدت في عروقه، تعلقت دموعه ثم صرخ بقوة:
_باااااس بلاش السيرة دي
ثم صرخ باسم الخادمة:_ يا “حرية”
أسرعت الخادمة نحوه وقالت بطاعة:
_نعم يا بيه؟
_مش قولتلك الصورة دي ترميها
هزت رأسها وقالت بهدوء:
_حطيتها في أوضة المخزن والله يا باشا
أمسكها من شقيقته ثم مزقها بعد أن قال بغضب:
_أنا بقى هخليكي ترميها بالذوق أهي أهي لميهم بقى
كانت “صباح” تراقبه من بعيد وتضرب بيدها على خديها ثم قالت بخفوض:
_يالهوي يالهوي الدنيا هتقوم حريقة دلوقتي ربنا يهديك يا بيه
لم تسطيع “مرام” أن تتحمل فانهارت بالبكاء، عقلها تغلب على الحنين لها ولكن الشوق الذي يحمله قلبها جعلها تبكي وتصرخ، لم تصدق حتى الآن أن السيدة الحنون التي كانت تطعمها وتعلمها خطوات السير تفعل هكذا بها، تنهد “جبل” ثم اقترب منها لياخذها بداخلُ أحضانه وبصوت هامس قال:
_بس يا حبيبتي أنا مش عاوزك تضعفي بالعكس عاوزك تتمني ليها الموت والعذاب مش الحنين
حملقت به وبصوت يملؤه الحزن قالت:
_بحبها أوي يا “جبل”
لا يستطيع أن يقول لها وأنا أيضاً، عقله يقول أبغضها وقلبه يقول شيءٍ آخر، إختار أن يسير وراء عقله كما يفعل معظم الرجال، رد عليها بجبروت وقال:
_كل ما تحسي إنك بتحبيها دوسي أوي على قلبك وافتكري هي عملت فينا إيه
حملقت به، لم تسطيع أن ترد عليه، هرولت نحو “صباح” واحضنتها لتقول بصراخ:
_هو ليه بيحصل فينا كل دا إشمعنا احنا
لوت “صباح” فمها وقالت لنفسها:
_أبوكوا ظلم كتير وأول اللي ظلمهم عياله مارحمكمش يا نن عيني
ملست على شعرها ثم قالت بحب:
_تعالي يا ضناية معايا
وقبل أن ترحل قالت لـ “جبل” بحنو:
_وإنت يا بني افرح بجوازك وركز في خطبتك اللي جاية.
……………………………………………………………….
جهز شيء يليق بها، اتصل بأحد حتى يجلب لها شيءٍ ما، فسأله عـنـ:
_يا بني عاوز كيس مصاصات عندك ولا لاء
رد الآخر عليه بهدوء:
_أيوا يا فندم عندنا
هز رأسه ثم قال بأمر:
_هتلي كل المصاصات اللي عندك وهات علبة شبسي عادي وعلبة فرنو وطبعاً غلفهم تمام وهات كل أنواع الشكولاتة اللي عندك بسرعة
أغلق الهاتف معه، ثم نظر إلى الحارس وقال له:
_عاوز كل أنواع الهداية اللي موجودة في محلات البنات بمعنى لبس وشنط وميكاج ولعب عاوزهم في علبة كبيرة وهنحط فيهم مصاصات وشبسي وشكولاتة هتاخدهم من السوبر ماركت دلوقتي
هز العامل رأسه ورحل لينفذ ما قاله رئيسه، بينما “مالك” فكان بسعادة يجهز بلون كبير مكتوب عليه كلمة “بحبك” وآخر “آسف”
وكأنها تشعر بذلك، تركت منزل شقيقها وجاءت حتى تبكي في أحضانه، صرخت باسمه:
_”مالك”…!
نظر لها باستغراب، الخوف سكن قلبه، اتجه لها وبهلع شديد قال:
_مالك يا حبيبتي
سكنت بداخل أحضانه حيثُ أنه الدواء لها، بكت كما لم تبكي من قبل وبهدوء قالت:
_خليك جنبي يا “مالك” وبالله عليك متسالني أبدا مالك
هز رأسه وأخذها نحو الأرجوحه وجلس معها ثم قال بحبٍ:
_مش هسألك بس هقولك بحبگ وآسف آسف على كل اللي قولته بس كنت خايف عليكي إنتي نفسي يا “مرام” إنتي حياتي يرضيكي أعيش من غير روحي يرضيكي أموت
نظرت له بعشق متيم وفي مقلتيه سرحت وبدون وعي قالت:
_سامحتك يا حبيبي..!
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية لا تعشقني كثيراً للكاتبة بتول علي