رواية بنى سليمان الفصل الثالث عشر 13 بقلم زينب سمير
رواية بنى سليمان الفصل الثالث عشر 13 بقلم زينب سمير |
رواية بنى سليمان الفصل الثالث عشر 13 بقلم زينب سمير
.. ! عـدو عـدوي ! ..
‘ عـدو عـدوي.. صديقي ‘
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ها هي الان كُتبت علي اسمه، كما اراد وتمني منذ البداية، كالعادة تحركت جميع الخيوط لتنفذ أوامر آل سليمان، خضعت الظروف له.. وحققت له ما يريد، نفوذه السبب؟ أصراره السبب؟ ارادة الله؟ لم يعد اي من تلك المسميات له اهتمامًا، المهم الان النتيجة وانها باتت زوجة له كما أراد، علي اسمه وتحمل كنيته، ملكًا له وتخصه، وان تكون أمرأة تخص رجلًا مثله يعني هناك مئات من القيود ستلتف حول اعناقها، من الان وصاعدًا سيبقي لـ نَفسها حسابًا!
كلماتها الحمقاء التي قالتها منذ ساعات، وانها ستكون حرة قرارات نفسها وان لا يتدخل فيها، كانت عبارة عن هرار تناساها منذ ان مضت علي عقود الزواج..
التفت لينظر لها بينما يقود بها، وجدها قد شردت في اللا شئ، وسندت رأسها علي زجاج الشباك، تأملها مطولًا، رأي فيها ملامح تدل علي بداية ذبول زهرة، كانت يافعة منذ ايام وفي طريق موتها بسببه، تنهد مطولًا وهي يقول بداخل نفسه ‘ سأعوضك بلا شك.. بيساني ‘ وهل يفعل؟
ربما يفعل..
طاحت به الذكريات لحيث قبل ساعات، عندما توسعت عيناه جراءة طلبها، لكن سرعان ما تمالك نفسه وهو يوافق علي طلبها، موافقته السريعة التي صدمتها، لدرجة ان الزهول الذي كان عنده انتقل لها، لا تعلم انه بالفعل غارق فيها.. لحد انها اذا طلبت كامل نصيبه سيعطيها اياها بكل طيب خاطر، عندما رأت تلك الموافقة، قالت بنبرة باردة بينما تركته لتدخل غرفتها لتستعد:-
_مش عايزه نصيبي دلوقتي، هخليه ك تعويض ليا علشان لو سيبتني في يوم.. يعني هتكتبه ليا في المؤخر ياسليمان
ولانه لا ينوي الطلاق.. وافق، وان كان ينوي الطلاق.. كان ايضا سيوافق
_انت رايح بيا فين؟
قالتها وقد انتبهت لـ الطريق فجأة ووجدت انه ياخذ طريق غير الذي يجب ان يسلكه الي منزلها
_لبيتنا الجديد
اعتدلت في جلستها فجأة ك مَن لدغتها أفعي سامة و:-
_بس انا مش عايزة أسيب بيتي
نطق بكلمات مضغوطة، ماكدًا علي معني كل حرف بها:-
_مراتي مش هتقعد غير في ملكي يابيسان
نظرت له بطرف عينيها وتنهدت عليًا بزفر، اغمضت عينيها لـ فنية من الزمن بأرهاق قبل ان تفتحها من جديد
بيسان بقلة حيلة:-
_بقيت رسمي من ممتلكات سليمان.. صح؟
نظر لها لـ لكظة، تقابلت فيها عيناهم سويًا وحكت الكثير، ثم عاد ينظر الي طريقة دون رد.. لكن نظرات عيناه كانت قد اجابت بدلًا عنه وكانت الاجابة ‘ نعم.. صحيح، انتي بتِ ملكا لـي ‘
بعد ثلاثة عشر دقيقة تقريبا، توقفت السيارة في منتجع سكني فخم، كان فارغا قليلا من السكان، علي ما يبدو انه جديد، صف سيارته امام فيلا صغيرة فيه وهبط من السيارة اخيرًا، هبطت هي خلفه وسارت متابعة اياه، فتح باب الفيلا الخارجي ودخلوا، سلكوا الممر الفاصل بين حديقة صغيرة ومبني البيت، وصلوا الي الباب الداخلي اخيرا، فتحه ودخلوا، فتح انوار المنزل فوجدت ان الفيلا مجهزة باحدث الاجهزة والاثاث العصري، وبذوق خاص مميز..
استراح سليمان علي مقعد موجود بـ بهو الفيلا، بينما ظلت هي واقفة، اشار لها بأن تجلس و:-
_اقعدي، عايز اتكلم معاكي شوية
جلست اخيرًا و:-
_عايز تقول اية
تجاهل نبرتها الجامدة التي تحادثه بها وزفر نفسا طويلًا قبل أن يقول:-
_انتي هتروحي محلك كل يوم زي ما انتي عايزة، من الصبح لـ المغرب..
جائت لتعترض الا انه اوقفها باشارة من يديه:-
_اعتقد ان كدا مناسب اوي، زايد انك مش هتروحي الجمعة، كل جمعة هنقضيه سوا مع بعض
صاحت باندفاع:-
_انت قولك انك هتسيبني براحتي
سليمان بنبرة هادئة:-
_انا فعلا سايبك براحتك، بل انا كدا يعتبر بخالف قوانيني علشان اراضيكي
اطلقت زفرة متضايقة، توضح بها كامل ضيقها الذي تجاهله وهو يتابع:-
_متنسيش في اي خطوة انتي بتخطيها انك مراتي وان اي غلطة هتعمليها ليها مني رد فعل معتقدش هيعجبك، وافتكري ان مش معني زواجنا في السر ان فيه اي خلل، هو بس لفترة محددة.. وبعدها هيتزاع في كل مكان
بيسان وقد بدأ صبرها ينفذ:-
_انت كدا بأوامرك دي خالفت كل الشروط اللي انا حطيتها
اؤما بالنفي و:-
_انا بعرفك بس مجرد اساسيات انتي مفروض عرفاها يابيسان
_طيب انا عايزه انام
كانت تقصد.. غادر الأن أذا سمحت
نهض عن مكانه بالفعل مستعدًا لـ المغادرة، إلا انه قال قبل ان يغادر:-
_هسيبك علشان ترتاحي، بكرة هبعت خدامة ليكي، وعلي فكرة كلامنا لسة مخلصش
قال تلك العبارة ثم انصرف من المنزل، تاركًا اياها وحيدة فيه، تنظر لـه رغمًا عنها بأعجاب وأمان تعجبت لشعورها به بين تلك الحوائط التي يملكها هو..
امام المنزل..
هتف سليمان لزاهر الذي وصل تـوًا:-
_محدش يعرف بوجودها يازاهر وعلاقتي بيها كيف شكلها.. فاهم؟
اؤما بنعم فقد كان واحدًا من الشاهدان الذين شهدوا علي عقد الزواج.. تابع سليمان:-
_عينك متفارقش البيت لحظة.. ولو حصلت أي حاجة غريية بلغني فورًا
. . . * . . .
‘ فيـلا رشـدي ‘
دخل حسان لغرفة المكتب ليقع نظره علي واجد، أبتسم بسخرية وهو يطالعه بنظرات مُقّلة، توجه نحوه وسلم عليه سلامًا باردًا يشبه سلام واجد، ثم استراح علي مقعده
حسان:-
_تشرب اية ياواجد باشا..
قال لفظ ‘ باشا ‘ ببطء مستفز، بينما نفي واجد برأسه وتظاهر بأنه لم يلاحظ سخرية حسان، ثم اخرج من حقيبته مجلد ورقي
واجد:-
_انا مش جاي اشرب حاجة ياحسان باشا
نظر له بعينان متسائلتان، فمنحه واجد المجلد و:-
_ارض السخنة واللي الكل بيحارب علشان ياخدها، ومطلوب من كل واحد يقدم ورق بأفضل مشروع ممكن يتعمل عليها يحقق ارباح لـ الدولة قبل الشركة.. دا بقي أفضل مشروع أتعمل لدلوقتي
اخذه ليقرأه وثم نظر له هاتفا:-
_شركات سليمان جروب؟!
اؤما بنعم وهو يبتسم بخبث، قبل ان يتابع:-
_المجلد دا، سليمان ملحقش يعمل غيره، يعني انت دلوقتي الوحيد المالك لافضل مشروع، لو عدلته بالافضل.. او سلمته زي ما هو.. المشروع هيبقي ليك وبس
ضيق حسان عينيه واعتدل في جلسته، حيث اقترب برأسه من رأس واجد، تعلقت عيناه المتشككة في عينا واجد الملئية بالمكر و:-
_مش شايف انك بتقدملي فرصة ذهبية اكسر فيها ابن عمك وشركتكم؟!
واجد ببساطة:-
_ودا المطلوب..
حسان:-
_والمقابل؟
واجد ببسمة رائقة:-
_مش عايز اكتر من عشرة في المية من الارباح..
طالعة بزهول، يبيع مشروع بالملايين ك حد أدني كانت سـوف تُوضع في جيوبهم لـ يأخذ عشرة بالمئة فقط من عـدو؟!
لم يفكر كثيرا، بل اؤما بنعم و:-
_انت عارف ان دي مش طريقتي، بس الحقيقة العرض مُغري، فأنا موافق وليك كمان عشرين في المية مش بس عشرة
ابتسم واجد وهو يمـد يده ليضعها بيـد الاخر، التي تلاقها الاخر وهو يحاول جاهدًا لرسم بسمة علي شفتيه، بينما بداخله يـود ولو بصق عليه، لحظات وغادر واجد
فهتف حسان وهو ينظر لأثره بقرف:-
_سليمان توفيق دا عايش مع شياطين، لا يمكن الناس دي تكون بني آدمين، وتجمعهم مع سليمان علاقة قرابة ودم.. دول ذئاب جعانة بتاكل في بعض
قطع عليه حالة عصبيته تلك طرقات علي الباب ثم دخول ‘ نـدي ‘ زوجته، راحت جميع ملامح الغضب وظهرت مكانها ملامح هادئة.. ساكنة.. محبة، اقتربت منه وعلي وجهها ارتسمت بسمتها الرقيقة المعتادة التي لا تتخلي عنها
نـدي بتسأل:-
_مين كان هنا ياحبيبي؟
اجابها وعينيه مثبتة علي المجلد الورقي:-
_عـدو عـدوي
ظهرت علامات عدم الفهم علي قسمات وجهها، فنهض عن مكانه واقترب منها، حاوط كتفها وتوجه بها نحو الخارج وهو يقول:-
_سيبك من الشغل وقوليلي انتي حلوة زيادة انهاردة ولا انا شايف كدا؟
ضحكت بخجل وهي تضع وجهها في جوف كتفه لتخفي عينيها عنه، فما زادت حركتها سوي من اتساع شفتيه وهو يرمقها بحب، تلك الفتاة.. التي تعد زوجته حاليا، هي الوحيدة الجائرة الكبري التي نجح بها بتلك الحياة، كان يملك جائزة اخري لم تكن سوي صداقته بسليمان.. لكنها تحولت من صداقة الي عداوة، فـ بالتالي لم تعـد جائزة..
. . . * . . .
الساعة الان تصل الي الثامنة ليلا، حيث تجمعت شباب آل سليمان علي طاولة الطعام مع جدتهم وفقط، بينما منال وسلمي فقد تخلفا عنه بأوامر من الجدة، كانت نظرات كل شاب منهم معلقة علي طبقه، بداخل عابد مشاعر حائرة تتراوح بين تفكيره الشارد بجني والذي كاد يجعله يجن، فقد ظن بعد موت حبيبته الخائنة انه لن يفكر في غيرها او في الحب قط.. فقد جعلته يكره الحب إلا منذ ان رأي تلك وتبدل حالة..
وغارق في ما حدث صباحا بجوف المصنع وتحركه فيه والعمل به بـ همة وتركيز وكأنه خائف عليه وعلي مصلحة العائلة، سري بداخله احساس رائع وهو يري ازدهار اعمالهم بشكل ملحوظ، وآلاف من البشر تدعو له كلما مر من جوارهم، علي ظن منهم انه إحدي مالكي المصنع والخائف عليهم.. فما علمه أن سليمان يهتم بكل عامل بوجه خاص، يوفر لكل منهم بعض الأحتياجات ويعطيه حوافز ويمنحه عطلات مفاجئة، اشياء تزيد من حبهم لـ العمل بـلا شعور، وجد نفسه فخور بذلك الصرح العملاق، ومبهور بـ طريقة سليمان في الأدارة، علم حقا بداخل نفسه انهم اذا تحالفوا سيفعلوا ما لا يأتي علي بال أحدًا، لكن هل سيجتموا معًا في يومًا ما؟
كان يفكر واجد في شئ اخر، كان سعيد لأنه سيكسر سليمان في القريب العاجل بشيئًا ك اختفاء مجلد هام كذلك، هذا بالطبع غير الصدمة التي يجهزها له الأن، والتي ستفاجئه بلا شـك..
افكار سليمان كانت غير، كان غارق في تلك التي باتت زوجته منذ ساعات، هل حقا هو لا يحلم؟ حبيبته ملكًا له وزوجة له.. ربما هي متضايقة قليلا منه الأن لكن هذا بالنسبة له أمر سهل، سيتفرغ لها كثيرا وسيفعل المستحيل ليجعلها تسامحه، وقتها بلا شك سيحيا حياة سعيدة لا توازيها أُخري..
قاطعت سوزان احبال افكارهم تلك بحديثها:-
_مبسوطين وانتوا قاعدين كدا ساكتين، محدش فيكم هاين عليه يوجه كلمة لـ التاني؟!
لم يرد عليها احد.. فقط تعلقت عيونهم بها بصمت، بينما قالت هي بنبرة حادة:-
_حالكم دا مينفعش، مش كل يوم همسك مجلة انا والأقي اخبار آل سليمان منورة الصفحة الرئيسية، وكل يوم يكتبوا عن خناقة جديدة بينكم
هتف سليمان مقاطعًا أياها:-
_انا بعرف اسكتهم ياتيتا..
سوازن:-
_انا مش عايزاك تسكتهم، انا عيزاهم يكتبوا عن تحالفكم سوا، وحبكم لبعض، مش خناقاتكم
تدخل واجد بحدة:-
_احنا لا يمكن يجمعنا الحب
نظرت له بغضب و:-
_لية بقي؟ مش من دم واحد انتوا؟
واجد:-
_والله وصية جوزك هي سبب الكرة دا
نظرت له بغضب من حديثه الغير مهذب هذا، لم تستطيع ان تكتم غضبها منه ومن تصرفاته جميعها فراحت تصيح بـه:-
_طول عمري مش بستريحلك ياواجد علشان قلبك الاسود دا، طول عمرك قليل ذوق ومليان شر، عمرك ما كنت زي عابد اخوك حتي، اللي رغم كل اللي بيحاول يظهره من سواد لسة في جواه نبتة خير وضمير صاحي، انت غير كل احفادي، جواك أسود وانت زي الشيطان في تقكيره، انت الوحيد اللي هتكون سبب دمارنا، شرك هو اللي هيوقعنا
ظنت.. انها بحديثها قد توثر فيه، لكن لا.. لم يجدي حديثها أي نفعا، بل زاد من سخطه وغضبه وهو يهتف:-
_طالاما انا مليان شر كدا، يبقي ادوني حقي الشرعي وطلعوني من بينكم للأبد بقي
نظر له سليمان لـ لحظات، قبل ان يهتف بصوت جاد:-
_مع اول وقعة لـ الشركة، واللي هتثبت عدم كفائتي هنفتح الوصية التانية، ان كانت بتنص علي توزيع الورث بالشرع انا هعطيك نصيبك، وان منصتش، انا هقدره وهعطيه ليك من فلوسي الخاص.. وبعدها عايزك تنسي آل سليمان وللأبد.. فاهم؟
_فاهم..
قالها بجمود، بينما بقيت سوزان تحرك عيونها بينهم بحسرة، جمعتهم لتقطع النبـذ الذي بينهم، فوجدتهم قرروا بأن ينفصلوا والي الأبد، لكن ربما هذا الحل الأفضل ياسوزان.. ربما حقا هو الأفضل..
الساعة الواحدة ليلا.. قبل ان يضع سليمان رأسه علي وسادته جاءت له رسالة محتواها كان عبارة عن ‘ عبارة ‘ فقط
‘ تم ياباشا ‘ جعلت بسمته الواثقة تتسع علي شفتيه ونام بعدها قرير العين..
بمكان اخر، ارتفعت ألسنة اللهب بذلك المكان وقد بدأ يتحول تدريجيا الي كوم من الرماد، ذلك المكان الذي كان يدعو بـ مخزن شركة ‘ وليد امجد السامري ‘ الجديدة بينما هو بالحقيقة ملك لـ ‘ واجد اسعد السليماني ‘.. المالك السري لشركة ‘ W . A . S ‘ التي يمسك فقط أدارتها الصورية ذلك المدعو بوليد..
السيد اسعد والد واجد له أسمين، سميح وهو المشهور به في العائلة وبين المعارف وأسعد المكتوب بشهادة الميلاد..
يتبع..
لقراءة الفصل الرابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد