روايات

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الفصل السادس 6 بقلم آية محمد

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الفصل السادس 6 بقلم آية محمد

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الجزء السادس

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) البارت السادس

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الحلقة السادسة

ثبت” عدي” طرف السلم الخشبي، وأشار له بنفاذ صبر تحسسه الأخير فتشبث بطرف الحبل وبدأ بالهبوط للأسفل ببطءٍ وحذر، فما أن وصل للدرجة الأخيرة حتى كادت قدميه بأن تنفلت فناداه بفزعٍ:
_عـــــــدي!
ضغط بأسنانه على شفتيه السفلية بغيظٍ كاد بقطعها، فأمسك حزامه الجلد الملفوف حول بنطاله الاسود المحكم، ثم جذبه للأسفل بعنوةٍ جعلته يقابل الأرض بحضنٍ دافين وكأنه لقاءٍ حميمي بينه وبين رسمته التي انطبعت بالأرض، هرعت إليه “آية”وعاونته على الوقوف وهي تعنف من يقف ببرودٍ من أمامها:
_أيه اللي بتعمله ده يا عدي؟
رد عليها بضيقٍ :
_قولتله خليك وأنا هجيب حضرتك بس هو اللي مصمم يجي معايا كأني واخد ابن اختي وطالع رحلة!!
_وليه تيجي لحد هنا أنت وهو من الأساس؟!
اتجهت نظرات”عمر” المذعورة تجاه أبيه الذي قطع المسافة القصيرة بينهما، فلعق شفتيه وهو يردد بارتباكٍ:
_أنا بعتذر لحضرتك إننا جينا بالطريقة دي، بس نور هتولد بعد بكره ومصممة إن ماما تكون موجودة جنبها.
مجرد سماعها لذلك، رددت بلهفة وهي تضم يدها لوجهها:
_حددلها؟!
ثم قالت بحزنٍ:
_زمانها خايفة.. احنا لازم نرجع قبل معادها.
قال من يتابعهما بثباتٍ قاتل:
_هما اللي هيرجعوا زي ما جيهم ولوحدهم.
احتدت نظرات “عدي” المسلطة تجاه أبيه، فكاد بأن يرد عليه فسبقته “آية” حينما وقفت قبالته لتعاتبه بذهولٍ:
_ازاي بس يا ياسين.. نور هتولد وإحنا مش جنبها؟
رد عليها ومازالت عينيه تقابل ذاك الشرس:
_وجودك هناك في الوقت المناسب مسؤوليتي وزي ما جبتك هنا هقدر أرجعك..
ثم وجه حديثه لمن يراقبه بنظراتٍ تحمل الضيق بين معالمه المنكمشة:
_وفر مساعدتك وخد أخوك وامشي، وتاني مرة تأخد إذن مني قبل ما تدخل أي مكان يخصني.
وتركه وكاد بالرحيل، فتوقفت قدميه حينما وجده يسأله بدهشةٍ ساخرة:
_أخد الإذن عشان أدخل مكان فيه والدتي!!
ضم يديه معًا من خلف ظهره، ثم عاد ليقف قبالته وبحاجبٍ مرفوع قال:
_طول ما أنا معاها يبقى مكان خاص بينا ومينفعش أي مخلوق يدخله مهما كان.
وأشار على الدرج المتدلي من طرف الطائرة:
_خد أخوك وإرجع.
كانت الأجواء مشحونة بعناد الأسد والشبل الصغير الذي يحمل نفس دمائه وسمات كبريائه العنيد، الموقف بحد ذاته مريب ومقبض لها، لذا قالت بحذرٍ:
_أنت فاكر إني هأمن أنهم يرجعوا في الوقت ده، لا مستحيل قلبي مش هيكون مرتاح.. وأنت أكيد مش هتسمحلي أركب معاهم يبقى تسيبهم هما اللي يرجعوا معانا عشان أكون مطمنة عليهم أكتر.
اعترض على اقتراحها حينما صاح بحدةٍ:
_هما مش أطفال صغيرين يا آية.. ثم إن ابنك لازم يكون جنب مراته بالوقت ده.. لو رجع بالطيارة هيوصل خلال ساعات لو رجع معانا باليخت هياخد وقت أطول بكتير.
لاح على وجه “عدي” بسمة ماكرة، فقال برزانةٍ مخادعة:
_هو خايف يستخدم الحبل هيتطلع ازاي من المسافة دي.
وصمت قليلًا ثم استطرد وعينيه تجابه من يتابعه بنظرة قاتمة كسواد الليل:
_أنا بقول نخلينا هنا لبكره ونرجع معاكم زي ما ماما حابة.
ترقبوا سماع تعليق “ياسين” على ما يُقال بينهم، فمنحه نظرة نارية قبل أن يغادر بثباتٍ طاغي.. وانتصارًا مبدئي للوحش الذي تحمس للقادم هنا.
********
انسحابه من البقعة التي جمعتهم بالحديث جعل “عمر” يلتقط أنفاسه بصورةٍ طبيعية بعدما كان يضيق داخل صدره خشبة من هيبة “ياسين الجارحي” التي لا يبالي بها من يقف لجواره، تأكدت آية من مغادرة ياسين للطابق السفلي فابتسمت وهي تخبرهما بسعادةٍ:
_وحشتوني والله.
التفت عمر خلفها برعبٍ:
_بلاش الكلام اللي يطير فيه رقاب ده الله يكرمك يا أمي عايزين نروح على رجلينا..
ضحكت حتى أحمرت وجنتها من فرط الضحكات التي استحوذت عليها، فجلس لجوارها على طاولة الطعام، بينما جلس “عدي” على مقدمتها يستمع لحوارهما بمللٍ، وخاصة حينما تساءلت آية باهتمامٍ:
_قولي يا عمر أخبار القصر، والبنات أيه؟
لوى فمه بتهكمٍ وهو يجيبها:
_البنات زي الفل الشباب بما فيهم أنا مش بخير أبدًا… نعاني من الظلم والاضطهاد من القرود الصغيرين وامهاتهم.. عندك ياسين مثلا كان من يومين عنده meeting مهم،ولما دخل عشان يلبس لقى نص هدومه كلها عليها دهان والعفاريت مطلعين النص التاني ينشوفه بالڤراند بعد ما خدوها فومين، اما رائد فامبارح كان هيرتكب جريمة لما نزل لقي عربيته اللي لسه شريها كلها رسومات سبونج بوب وميكي موس لا وأيه بالقطر والموس حرفية بلطجية.
وبتأثرٍ شديد اضاف:
_ولا أحمد.. العاقل الوحيد فين مبقاش ماشي في القصر غير وشايل بناته على كتافه عشان يحميهم من أي ضربة مرتدة من المسدس اللي مبيفرقش ايد ياسين حفيدك وماشي يقتل في خلق الله بالشطة اللي مالي بيها المسدس البلاستك ده.. ومحدش قادر يكلم ابوه ليه بقى لانه عارف ببلاوي ابنه وســـاكت وآ…
ابتلع باقي كلماته حينما طرق “عدي” على الطاولة بمعصمه:
_أنت جاي تحكيلها قصة حياتك ولا تحكي عن بطولات البلطجية اللي مالين القصر.
صاح عمر بانفعالٍ:
_ابنك زعيم البلطجية دول يا حبيبي.. لكن أنا بنتي اللهم بارك ملاك نازل من السما، مبتعملش غير بلاوي بسيطة تنفع تتحل زي تخريب الميكب اللي بشتريه بدم قلبي لنور وبراندات والله يا أمي..
هتفت بحنقٍ:
_مصدقاك يا حبيبي.
واستطرد عمر باستياءٍ استطاع أن ينفث عنه أخيرًا:
_وكله كووووم والغبي ابن حازم اللي ماشي يوقع الكبار والصغار في بعض ده كوووم تــــــــــاني خالص..
رفعت يدها على جبينها لتحارب صداع رأسها لمجرد تخيلها للاحداث ناهيك عن سماع حديثه الذي لا ينتهي، لذا أمسكت يده وهو يعد على أصابعه ليستكمل لها:
_كفايا يا عمر.. سيب حاجه تتحكي لما أرجع..
تهدل رأسه بحزنٍ مصطنع:
_بحكيلك المعاناة اللي بقينا فيها، احنا الاكل مبقناش عارفين نأكل زي الناس بيحدفوا علينا قنابل، مسيلة للدموع.. واغلب الوقت بنقضيه رياضة جري وراهم وكاننا بنقفش فراخ جمعية..الهيبة ضاعت عند الكل..
ومال على أذنيها ليهمسٍ لها بصوتٍ خافت:
_بالذات الوحش.. أول واحد فينا بيلبس مقالب سخنة..وأخر مرة هدد ابن رائد إنه هيسجنه متخيلة وصل بينا الحال لفين!! انتي لازم ترجعي وتشوفي الحوارات دي كلها قبل ما ابني يتولد ويتعلم منهم وأبص القيه واقف على باب القصر بمطوة يثبت اللي داخل واللي طالع!
دفع جسده للخلف ليزيح المقعد، وانتصب بوقفته ليشير إليه بضجرٍ:
_هروح أنام أحسن ما ارتكب جناية.
وتركه وهبط للأسفل، ومن ثم استكشف الطابق السفلي ليعثر على أحد الغرف المريحة لليلته المؤقتة، بينما ظل “عمر” لجوار آية التي تستمع إليه بابتسامةٍ صغيرة، لينتهي الحوار بينهما بالمطبخ حينما أخبرها بأنه جائعًا للغاية.
********
بغرفة “ياسين”.
جمع بعض متعلقاته الهامة بحقيبته الصغيرة استعدادًا للعودة بأي وقتٍ، وبينما هو يضع بعض الملفات وجد دفترها على مكتبه الخشبي الصغير، جذبه ببسمةٍ رسمت على جانبي وجهه، فحمله ليضعه بحقيبته، وكاد بأن يغلقها، فأثار فضوله ظرف أبيض مطوي بين أحد الملفات الخاصة به، فلم تنكمش تعابيره دهشة لوجوه ربما لأنه من وضعه بيديه، جذبه برفقٍ ثم اتجه لحافة الفراش، فجلس يقلب الظرف بين أصابعه بابتسامةٍ بارزة على وجهه، لينهي رحلته القصيرة حينما أخرج ما يحتويه بنفس الابتسام الهادئة التي استقرت على وجه ذلك الصغير الذي يرتدي لبس يلائم ملابس الشرطة، ويحمل بين يده سلاحًا بدى حقيقيًا للغاية، مرر”ياسين” أصابعه على وجهه بحنانٍ وحب اتبع نبرته التي لا تنم عن مشاكسته التي تربطه مع خصمه:
_طول عمرك عنيد يا عدي!
وازدادت ابتسامته حينما تذكر كم كان يعشق ضباط الشرطة وعملهم الذي أثار فضوله منذ أن كان طفلٍ لا يتعد عمره العاشرة عامًا، وبالرغم من حزم ياسين وتشدده بأنه سيكون محله بيومٍ من الأيام الا أن عدي لم يتخلى عن حلمه بالالتحاق بالشرطة، وطوال تلك المدة التي قضاها بعمله كان رجال ياسين الجارحي يرقبونه من بعيدٍ، فكم من محاولة قتل نجا منها ولم يعلم عنها شيئًا حتى الآن بفضل مراقبة أكثر حرس ياسين الجارحي دهاءٍ، كانوا يتخلصون منهم قبل أن يمسوا بخصلة من شعر من ورط أسيادهم خلف قضبان السجن المظلم، أعاد “ياسين” الظرف لحقيبته ثم أغلقها جيدًا، فاهتز الهاتف بجيب جاكيته ليعلمه بأن ثمة هناك رسالة سرية تود اخباره بشيءٍ هام، فتح هاتفه ليجد نفس الشكوة التي ترددت على لسان احدى بناته من قبلٍ، انعقد حاجبيه بغضبٍ وهو يتابع ما دون بالجروب السري الذي يجمعه ببناته، فوجد نفس الشكوة تتردد على ألسنتهم
«اتغيروا ومبقوش شايفنا غير امهات لتربية الاولاد..انكل ياسين ارجوك لازم تتدخل أحنا فاض بينا.. نظراتهم لينا وجعانا كلنا وبدل ما يقدرونا على اللي بنعمله بيستهزئوا بينا وشايفين ان شغلهم اهم من تفاهتنا!»
رسالة ختمت بها الرد على مائة وخمسون رسالة..
«منعتوني اني اتدخل قبل كده أيه اللي جد؟»
ردت عليه “شروق”
«اللي جد إني مبقتش أحس إنه سامعني ولا شايفني، كل كلامه عن الشغل والصفقات ولما طلبت منه انزل اساعده بحيث أكون جبنه رد باستهزاء وقالي ان ده شغل صعب الستات متقدرش عليه!!»
رسالة اضافية من مليكة
«ياسين بقى شايف اني انام ومفكرش غير في اللي ببطني.. حتى لما بيتأخر برة مش عايزني حتى أسأله كنت فين!!»
كتبت “رانيا” هي الاخرى
«انا كمان يا انكل رائد بقى طول الليل والنهار بيلومني على اتفه الاسباب اللي تخص اولادنا.. مش عارفة هيفهم امته ان الواجبات مش مفروضة عليا بس.. عليا وعليه»
وارسلت داليا
«وجاسم محتاج شدة أصلي من ايدك يا ناصف حقوق المرآة والغلابة، كل شوية ينتقدني اني اخدت الشهادة وقعدة في البيت يرضيك الكلام ده..»
أما نور فسجلت ريكورد صوتي نقل شحوب صوتها
«يا انكل انت لازم ترجع تربي الناس دي.. بقوا ظالمة وداسين فيها… وقبل كل ده تجيب طنط آية معاك الله يكرمك مبعرفش أولد غير وهي جنبي..»
ضيق عينبيه وهو يتابع بوادر خطته تجني ثمارها من أمامه، فكتب بثقلٍ تعمد الاطالة به لينتظرون رؤية رسالة واحدة منه تدعمهم، ولكن خاب أملهم حينما كتب
«وأنتي رأيك أيه يا رحمة! شايفك هادية يعني ومالكيش صوت انتي برة حزب المعارضة ولا أيه؟»
اتاه ردها يخبره
«لا معاهم طبعًا بس في شوية خوف بحاول يعني اتفادهم.. المهم ان احنا عايزين حضرتك تقف معانا..»
اتسعت ابتسامته وبخبث دون
«بكره راجع.. وهتشوفوا اللعب على أصوله..»
وتركهم يحتفلون بحفل طائل من الملصقات والريكوردات والرسائل وأغلق هاتفه ليعيده لجاكيته والريبة تحوم من حوله لما يخص أمر الشباب وبالأخص الشرس!
*******
ولج “عمر” للغرفة لينال قسطًا من الراحة قبل الصباح، فوجد “عدي” مستلقي على الفراش، ورأسه يتدلى على الوسادة باسترخاءٍ تام، لذا خلع جاكيته الجينز، ثم تمدد لجواره وجذب الغطاء بهدوءٍ ووضعه من حوله، انتبه إليه “عدي” فأبعد عنه سماعات الهاتف ثم ردد بدهشةٍ:
_انت بتعمل ايه هنا!
كان سؤالًا غير منطقي بالمرةٍ ومع ذلك أسر الشر، وقال:
_نايم!
رفع أحد حاجبيه ليماثل أبيه تمامًا وخاصة حينما نهره بضيقٍ:
_حد قالك اني اتعميت!! بتعمل ايه في الاوضة دي ما قدامك اوضتين تانين روح اتخمد في أوضة منهم.
رفض ببرودٍ:
_مينفعش.
بنبرة ساخطة تساءل:
_ليه إن شاء الله!
أجابه باعتراضٍ تفصيلي:
_انت جايبني في سفينة في عرض البحر وتقولي انام لوحدي.. مسمعتش عن سفينة تيتانك اللي غرقت بالبحر،والسفن اللي مش لقينها لحد دلوقتي بسبب مثلب برمودا.
ضرب وجنته بخفةٍ وهو يقاوم غضبه القاس:
_احنا فين والكلام الفارغ ده فين.. روح اتخمد يا عمر.
بعصبيةٍ أشار له وهو يجذب الوسادة ليعدل من وضعية نومه:
_ممكن يكون كلامك صح ونكون فعلا بعيد عن برمودا.. بس الهلاك كله واحد بوجود ياسين الجارحي معانا هنا.. وعلى رأي المثل تعددت الاسباب والموتة واحدة… تصبح على خير.
وجذب الغطاء بأكمله على رأسه فكشف جسد عدي بالكامل، كز على أسنانه بغيظٍ شديد، فجذب الغطاء عنه وهو يصيح به بشراسةٍ:
_انت مش جبان ومتخلف بس انت غبي يالا!
وتساءل باستنكارٍ:
_بتتحمى فيا!!!
بصدرٍ رحب أجاب:
_بالظبط كده.. يعني مضطر تستحملني للصبح لو طلع علينا ومكتوبلي اشوف ايني اللي وشه باين من اولها ده.. تصبح على خير.
لكمه عدي بالغطاء الذي كفنه بالكامل وهو يلكزه بعنفٍ:
_اتخمد.
وزفر وهو يتمدد لجواره بضيقٍ، فظل يتململ بالفراش كمحاولة لأن يغفو، ولكن احاطه الضجر وأرق نومه، فهمس له عمر قبل أن ينساق خلف نومه العميق:
_الحتة الطرية نسيتك حضن اخوك اللي كنت بتنام جنبه سبعة وعشرين سنة!!
حدجه بنظرةٍ قاتلة تفتت حينما وجده غفى بنوم نجاته، فابعد عدي عنه الغطاء ثم خرج من الغرفة وصعد للطابق الثالث ليحظى ببعض الهواء المنعش، فاتجه للسور الخارجي ثم وقف يتتطلع للمياه بنظراتٍ هائمة لم تلتقط من يجلس بركنٍ بعيدٍ عنه يتابع العمل على رسائله الخاصة وتفاجئ بما كان يود يحيى أن يخبره به، فبات على علم بأول خطوة خاطئة اتخذها عدي بالاختبار الذي وُكل به..
******
تمايل الهواء البارد بدلالٍ، حتى انجرف ليلامس وجهه، حتى المياه خيم عليها البرودة بالرغم من اعتدال الأجواء بالصباح، ومع ذلك لم يستسلم للبرودة التي تحارب لجعله يعود لغرفته احتماءٍ منها، وضع يديه بجيب جاكيته الرياضي الخفيف ثم وقف يتأمل القمر الذي يلمع بالسماء ولجواره النجوم تحتفل بكماله، فقاطع جوه الهادئ خشونة صوت بات يعرفه حق المعرفة:
_اختيارك غلط.
ابتسم وتمكن من اخفاء ذلك حينما استدار إليه، فتعمق بالتطلع إليه، وكأنه يحاول استكشاف ما يقصده بحديثه، فقال بعد أن تمكن بنجاحٍ:
_حضرتك اللي سلمتني المقر فأعتقد إن القرار والمسؤولية بين ايديا دلوقتي ولا أيه!
تربع المكر بين حدقتيه العسلية، فاقترب منه ثم قال:
_صح.. بس سبق ونبهتك قبل كده إن متخدش أي قرار متهور ممكن يهد اللي أنا بنيته والا ساعتها هتلاقيني في وشك ولا أيه؟
لاعبه على نفس الوترة التي اختارها، فكبت الاخير غيظه وقال بهدوءٍ:
_عارف.. زي ما أنا واثق ان حضرتك اخترت الصفقتين دول بالذات عشان تحطني في الموقف ده.
ببرودٍ أثلج صوته الساخر:
_والخروج منه إنك تحط رائد في مواجهة أحمد!.. لا حقيقي اختيارك أثار اعجابي شابو بجد.
تحكم في غضبه بالنهاية أباه له كل الاحترام وحتى إن ازداد بينهما التحديات فلم يتخطى أبدًا أدب الحوار والتعامل فقال:
_أنا مسؤول عن اختياراتي.. وواثق إن الصفقتين مش هيضعوا مننا.
تأمله بنظرةٍ تجابهه بساحة المعركة وقبل أن ينسحب للأسفل قال باستهزاءٍ:
_اتمنى..
وما أن غادر من أمامه حتى لكم حافة العمود الحديدي وهو يردد بغضبٍ:
_بيعرف اللي بيحصل ازاي! أنا مبلغتش حد بقراري لسه يدوب كتبته على ورق!!!
اهتدى عقله لشخصٍ ما فهمس لذاته بذهولٍ:
_معقول!
*****
ولج ياسين لغرفته فما أن وجدها تغفو يسكينة حتى أخرج هاتفه، ليجد عدد من الاتصالات من رفيقه، فجلس على أحد المقاعد ثم وضع قدمًا فوق الاخرى ليضغط على زر الرد، ومن ثم قال:
_أهلًا بالكوماندا..
أتاه ردًا يتلعثم بقوله:
_وحشتني.. بقالك كتير مش بتسأل عليا انت نسيت حفيدك الوحيد!!
………. يتبع…………….
#الجارحي5.. #بقلمي_ملكة_الابداع_آية_محمد_رفعت…
احيط حضراتكم علمًا بأن روايتي الورقية الاخير #إيكاتا… هتكون موجودة بمعرض القاهرة الدولي بجناح ابداع صالة٢… جناحb15.. وسعرها ٧٥ج بعد الخصم ولو مش هتروحوا المعرض الحقوا اطلبوها اون لاين من دلوقتي لان بعد فترة المعرض الاسعار هتتغير،.. فاحجزوا نسختكم على رقم 01001631173…
وجبتلكم اقتباس من العمل ونبذة عنه..
النبذة 👇🏻
ماذا لو عشت طيلة عمرك وسط البشر، وبين ليلة وضحاها تكتشف انك لست بشري؟
وكل الفترة المنقضية لم تكن تعشها بين اهلك وعشيرتك كما كنت تعتقد؟
“إيكاتا” والعالم الخفي، الممر السري وارض غير البشر……
الاقتباس 👇🏻
أفل نَجمُ سمائي واحترق، ففي عينيكِ يولد الليل، ويراودني ألف حُلم كل مساء، وحينما يُسدل الستارُ أظلُ وحيدًا متلهفًا لسماع صوتك الدافىء، ومن توقي لكِ شيدت صرحًا جداريًا لقلبي، فويلي من فرات عينيكِ فمازالت تسكن أفاقي، ولعنتي تتبع هذا القلب الذي يخفق لكِ ويشرع الأبواب، فحبك يا ملاكِ كالبرعم زهر بأضلوعي، وأناتُ عشقكِ تقضُ مضجعي كلما ظهر طيفك في أحلامي!….

اقتباس تاني برضه جديد وحصري🙈😍
اتسعت حدقتاها بذهولٍ من تأمل ذلك الباب الضخم المذهب بالفضة اللامعة، وتلقائيًا انتقلت نظراتها لما يحمل من خلفه، فأغلقت عينيها تأثيرًا لبريقٍ العرش الذهبي الذي اخترق أجفانها فور تحرر الباب، وعاودت فتحهما بعد ثلاث ثوانٍ، فعجزت عن استيعاب كل هذا الجمال الذي تتلاقاه دفعة واحدة، واخترق مسمع أذنيها صوت “تيام” وهو يشير لها بابتسامته المعتادة:
_اتودين رؤيته عن قربٍ؟
هزت رأسها بكل تأكيدٍ والحماس يلمع بعينيها، فابتسم وهو يتحرك للداخل:
_اتبعيني.
لحقت به حتى اصبحت قريبة من مقعد العرش، فمررت يدها على النقوش المتدلية من أطراف المقعد المطول، حتى الجزء الذي يتوسطه، فأعجبها كثيرًا قماشه البنفسجي الغريب، فوقفت بعد أن انتهت من جولتها المتفحصة، وضمت يدها معًا وهي تخبره بانبهارٍ:
_إنه رائعًا حقًا.
ضحك بصوتٍ مسموعًا وصادمًا للجنود المتفرقة بالقاعة والخدم من حوله، وأشار لها بعينيه قائلًا:
_ما رأيك بتجربته؟
جحظت حدقتاها في صدمةٍ:
_أنا! ولكن آ…
قاطعها بصرامةٍ وكأن نقاشه بتلك النقطة محسومًا:
_اصعدي.
صعدت من خلفه بتوترٍ، فظلت قريبة من المقعد تتأمله بارتباكٍ، فدفعها “تيام” حتى سقطت بالجلوس عليه، ثم انحنى تجاهها بجسده، فرفعت وجهها إليه ووجدت عينيه العاشقة تحيط بها وكأنهما بعناقٍ طويل، فسرقت شفتيه ابتسامة عاشقة لأدق تفاصيلها ثم تتبعه همسه الخافت:
_قريبًا سيكون هذا مكانك الطبيعي.. جواري يا ملكتي العزيزة!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!