روايات

رواية ورد الفصل الرابع 4 بقلم ندا سليمان

رواية ورد الفصل الرابع 4 بقلم ندا سليمان

رواية ورد الجزء الرابع

رواية ورد البارت الرابع

رواية ورد الحلقة الرابعة

كنت مستنية أسمع صوت ممدوح، وفجأة سمعت واحد من عمامي بيقول لجدي إنه عنده حل، فرحت والفرحة ماتمت، كنت فكراه هيرحمها من الموت لقيته بيقترح على جدي طريقة لموتها من غير ماحد يعرف إن ليهم يد ولا إنها اتقتلت عشان يغسلوا عارهم؛ لحسن لو حد عرف كده سوق بنات العيلة كلهم هيقف، كنت حاسه بالقرف منهم كلهم ومنه هو تحديداً وهو بيقترح يحرقهوها حية ويقولوا نار الفرن مسكت فيها وهي بتخبز، هو ازاي ده أب بيضم بناته لحضنه ازاي؟ ، طيب أبويا ازاي قدر يستحمل يخططوا لقتل بنته بالشاعة دي!
قررت في اللحظة دي اتدخل بعد مالقيتهم كلهم موافقينه، اقتحمت عليهم الجلسة وقلت “اتقوا الله فيها دي بنتكم يا جدي” زعقلي عشان دخلت واتكلمت في وجود الرجالة، بصيت لممدوح ولقيته بيهرب من نظراتي فقلت “ممدوح ممكن يتجوزها هو بيحبها وهيسترها”، ممدوح اتفاجيء بس مانطقش لكن عمي هو إللي اتكلم، قال “وولدي ذنبه إيه تلبسوه مصيبتكم! مفيش حاجة اسمها بيحبها ولدي هيتجوز بت شريفة برقبتها” بعدين نده لمراته تاخدني بره، كانت بتسحبني وأنا متبته في المكان بصرخ وكإنهم صمٌ بكمٌ عمي! آخر حاجة صرخت بيها” احنا وصية أمي ليك يا أبا ماتفرطش في لحمك ماتفرطش في بنتك يابا ”
خلاص انتهت كل الحلول، رحت لأزهار وأنا ببكي بحرقة وأقولها تساعدني اتصرف ازاي، ورغم إللي هي فيه قالت بحنان” دموعك بتقطع قلبي يا وردي ماتبكيش” انتبهت للهجتها فقلت “من امته بتتكلمي صعيدي!”، ضحكت وقالتلي “هتكلم بلهجة الأرض إللي هندفن فيها “، جملتها بكّتني فقولت” مش هسمح بكده يا أزهار، هنهرب سوا ونمشي من البلد دي، هنحقق حلمنا سوا، مش هسمحلهم يمسوا شعرة منك”

 

 

قالت بهدوء” خلاص يا وردي المكتوب ع الجبين شيفاه عيني، أنا عارفة إنهم هيقتلوني وأنا خلاص راضية، ماتعمليش حاجة تاني، خليكي جنبي نلحق نشبع من بعض قبل ما أروح لأمي”
قولتلها” عشان خاطري ماتقوليش كده، إنتِ مش وعدتيني يوم ما ماتت أمي هتكونيلي أم، هتسيبيني ازاي لوحدي يا أزهار! ” أول مرة أسمعها بتبكي من يوم إللي حصل، قالتلي” حقك عليا يا ورد أنا إللي عملت فينا كده، على عيني إني أسيبك لوحدك، ماكنتش أعرف إن ده إللي هيحصل، إوعي بعد ما أموت تسمحيلهم يتحكموا في مصيرك زي ما عملوا فيا”سكتت شوية وبعدين كملت” واوعي تثقي في راجل يا ورد، اوعي تسمحي لقلبك يحب، الحب ضعف ومهانة اوعي تلوثي قلبك الجميل بيه” قلت” عشان خاطري ماتبكيش، مش هسيبهم يقربوا منك، خلاص أنا عرفت الحل فين، خدي بالك من روحك لحد ما أجيلك” مشيت خطوتين وسمعتها بتنده رجعتلها فقالت “أنا بحبك أوي وردي، كان نفسي أعيش وأشوفك بتكبري قدام عينيا ونشيب سوا، خدي بالك من نفسك عشاني، حتى لو قتلوني أنا هفضل عايشة جواكِ يا وردي، كلميني دايماً واشكيلي همك أنا هسمعك”، وداني رافضة تسمع الوداع إللي في صوتها، سبتها وجريت ع المركز، مابقاش عندي حل غير ده، هبلغ عنهم وأول ما الحكومة تنجدها هنهرب سوا، كنت سرحانة في أحلامي وأنا في الطريق، شاورت لعم منسي بتاع الخضار وركبت معاه العربية الكرو عشان المركز بعيد أوي ولو رحت مشي هتأخر.
أول ما وصلت دخلت للظابط إللي في المركز، كنت بحكي بحروف ملغبطة وأنفاس مكتومة، طلب مني أهدي وجابلي كوباية ماية، حاولت أهدى وطلبت منه يجي يلحق أختي بس أصر أحكيله الأول الحكاية كلها، حكيتله كل حاجة وطلبت منه يجي معايا يلحقها، ماترددش لحظة، ركبت معاه العربية، واحنا في الطريق حاول يشغلني عن الخوف فحكالي إنه لسه جديد في الخدمة، بقاله أسبوع، ماكنش هاممني أسمع حاجة عنه كل همي نلحق أزهار وبس، وصفتله الطريق بالتفصيل وأول ما دخلنا شارعنا لاحظت إن الناس بتجري ناحية بيتنا تحديداً ناحية الحوش إللي مراة أبويا بتخبز فيه.
عقلي كان بيقولي نفذوا خطتهم وقلبي كان رافض يسمع، مسكين كان لسه عنده أمل!
العربية كانت ماشية، ماحستش بنفسي لمّا لمحت لسان النار والدخان، فتحت الباب ونزلت، وقعت ع الأرض، ماحستش بألم وقفت تاني وجريت، كنت بقع كل خطوتين، الصدمة مصممة تتقل رجليا ورجليا لسه بتعاند، الناس كانوا واقفين بيحاولوا يطفوا النار، سمعت الستات إللي واقفه بتتفرج بيتهامسوا بالكدبة إللي كدبوها أعمامي “أزهار كانت بتخبز والنار بقالها ساعة ماسكة فيها”، جريت على جوه، مسكني الظابط ومنعني أدخل، قولتله “ماخلاص قتلوها، سبني ألحق إللي فاضل منها سبني حتى أودعها”، جت مراة أبويا مكملة في التمثيلية بدموع التماسيح، لسه هتحضني زقتها بعيد عني وقلت “إنتِ

 

 

السبب، ذنبها هيفضل متعلق في رقبتك ومش هتشوفي يوم هنا في حياتك “، محدش قدر عليا، دخلت وسط النار إللي بدأت محاولاتهم تنجح ويهدُّوها، لمحتها وماقدرتش اتحرك خطوة، صورتها مش قادرة أنساها، جسمي كان تقيل أوي، قلعت عبايتي بالعافية وجريت عليها أحضنها بيها بس أنا اتأخرت أوي، صبغت النار جسمها بالسواد، ماكنش باين منها غير عيونها الزرق، كان لسه فيها النفس، حطتها في حضني ومش عارفة أحضنها، جلدها كان بيقع، كانت بتشاورلي أحضنها وكنت خايفة تتوجع أكتر، مسكت إيديها بالراحة، لا حاسة باللهيب إللي في جسمها ولا حاسة بألم، أصعب حاجة لما حد بتحبه يبقى بيتألم وإنت بتتفرج عليه وروحه بتطلع ومش عارف تعمل حاجة، ماكنتش قادرة غير إني أحضنها وألبي طلبها الأخير، حضنتها ولفظت أنفاسها الأخير في حضني، آخر حاجة نطقتها “أنا آسفة يا أزهار” بعدها ما قدرتش أنطق تاني ولا فاكرة حاجة من إللي حصلت بعد كده غير ومضات بفتكرها بصعوبة، فاكرة وأنا في المستشفى ومعلقينلي محاليل، فاكرة إني اتخرست، فاكرة كمان إني لما رجعوني البيت حاولت انتحر مرتين، مرة كنت هشنق نفسي بحبل ومرة كنت هولع في نفسي، زمان كنت بقول لأزهار إني بخاف من المقابر وخصوصاً بالليل بس التراب إللي كنت خايفة منه بقى حاضن أماني الوحيد في الحياة، أنا مابقتش بعرف أنام غير جنب تربة أمي وأختي!
فضلت ع الحال ٦ شهور، ٦ شهور مروا من غير أزهار!
معرفش ازاي كنت لسه عايشة! البلد كلها كانت بتحكي عن نهاية جمالها المأساوية بسبب نار الفرن، كنت بشوف مراة أبويا ومرتات اعمامي وهم بيحكوا بدموع التماسيح وينصحوا الستات مايحطوش قش جنب الفرن!
وطبعاً الظابط ماقدرتش يعمل حاجة، ولاقدر يثبت حاجة من كلامي، حتى شهادتي مابقاش ليها لازمة وأنا خرسا!
بدأوا كلهم يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي إلا أنا، كل يوم بيمر كنت بموت فيه ألف مرة، كل ما أحاول أغمض عيني أشوف أزهار وهي مولعة، طول الوقت قلبي مفزوع، ماكفاهمش إللي عملوه في أزهار قرروا يموِّتوني بالحيا!
رجعت من المقابر في يوم لقيت فستان أبيض في أوضتي، قرروا يجوزوني صغيرة عشان ماجيبلهمش العار زي أختي، هيجوزوني لواحد ضِعف عمري ومتجوز!

 

 

محدش سألني عن رأيي، في عيلتنا البنت لا ليها رأي ولا كلمة ولا معتبرينها فرد عايش وسطهم من الأساس!
كنت مسلوبة الإرادة، مابقاش فيا نفس أعافر، لبسوني الكفن ومسكوا إيدي يمضوا بيها على قسيمة جواز طفلة!
زفوني لبيته، وأنا ولا سامعة ولا شايفة، جسم ماشي بروح مدفونة تحت التراب، كنت سامعة في وداني صوت أزهار وهي بتقولي “إوعي بعد ما أموت تسمحيلهم يتحكموا في مصيرك زي ما عملوا فيا”، هي قالتلي قبل كده إن إللي يموتله غالي كإنه عايش مبتور بعاهة، بموتها أنا مابقتش بعاهة أنا بقيت ميتة، طاب هو فيه ميت بيعافر أو يتحكم في
مصيره!!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ورد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى