روايات

رواية وختامهم مسك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نور زيزو

رواية وختامهم مسك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نور زيزو

رواية وختامهم مسك الجزء الثالث والعشرون

رواية وختامهم مسك البارت الثالث والعشرون

رواية وختامهم مسك
رواية وختامهم مسك

رواية وختامهم مسك الحلقة الثالثة والعشرون

بعنــــــوان ” قــــدر مكتــــــــــــــــوب ”
أوقفت “مسك” السيارة على الطريق وترجلت منها بخوف، فى الأمام توجد “غزل” وما زالت تصارع الموت وتحتاج إلى رعايتها وفى الخلف “تيام” ويهدد “بكر” بقتله، تعلم جيدًا أن هذه الرسالة مجهولة الهواية جاءت من “بكر” وحدها من اخبرها سابقًا بأنه يريدها وسيأخذها حتى لو قتل زوجها والآن يقرر جملته، وقفت حائرة بين أختها وحبيبها ولا تعلم إلى من تذهب، تذهب لرعاية أختها أم تذهب لحماية “تيام” لتغمض عينيها بعجز فى التفكير إيهما الصواب وفى نهاية المطاف أتصلت على “جابر” الوحيد الذي سيساعدها وقالت بجدية:-
-أنا مسك ولو جنب تيام متوضحش دا
تنحنح بحرج ثم قال:-
-أدينى نص ساعة وأكلمك
هزت رأسها بالنفي والخوف يتملكها وقالت:-
-لا الموضوع ضروري
نظر “جابر” إلى وجه “تيام” الذي ينظر إلى الأوراق وقال:-
-طب ثواني… خمسة وراجعلك يا تيام بيه
أومأ “تيام” إليه بنعم دون أن يرفع نظره إليه، خرج “جابر” من المكتب ووقف فى الرواق الطويل الهادي وقال:-
-أتفضلي

 

أرسلت له صورة من هاتفها تحمل الرسالة التى وصلت إليها من “بكر” ليُصدم “جابر” من هذا التهديد الصريح ووضع الهاتف على أذنيه من جديد وقال بفزع:-
-مين دا؟
-بص الموضوع طويل جدًا ومش هعرف أحكيهولك دلوقت، هوصل القاهرة وأكلمك بس بالله عليك تخلي تيام تحت عينيك دايمًا متخليش حد يأذي وأنا هخلص كام حاجة وأجيلك
قالتها بذعر وهى تجلس فى سيارتها ليومأ غليها بنعم ثم قال:-
-متقلقيش علي تيام، هو تحت عيني طول الوقت بس انا عايز أعرف مين دا عشان أحطه هو كمان تحت عيني
-بكر!! اللى جالي الأوضة وأنت شوفته
قالتها بقلق شديد ثم تابعت بقلب مُنقبض ويرتجف خوفًا:-
-الراجل دا سيء جدًا يا جابر وقتل أختي وقبلها أخويا، لو وصل لتيام هيأذيه بجد
أومأ إليها بنعم ثم قال بجدية وطمأنينة:-
-متقلقيش عليه، تيام رئيسي دلوقت وحمايته من أولوياته
أغلق الهاتف معها ثم أمر رجاله بأن يجمعوا كل المعلومات عن “بكر” وأعطاهم صورته من كاميرات المراقبة، كاد أن يدخل إلى المكتب لكن أوقفه صوت “زينة” تقول:-
-جابر!!
أستدار “جابر” إليها بجدية وقالت بحزم:-
-أنا موافقة على عرضك
تبسم “جابر” لها بحماس ثم قال بلطف:-

 

-يبقي أتفقنا بس هتستني لحد ما يجي زين من شهر العسل
أومأت “زينة” إليه بنعم وأدخلها إلى مكتب “تيام” الذي علم بما فعلته وما كانت تنوى أخذه منه ليقول بجدية ساخرًا منها:-
-شوف مين اللى جه الرئيسة زينة
تنحنحت “زينة” بضيق شديد فنظر “جابر” إليه بحزم وقال:-
-اللى فات خلاص، أنسة زينة جاية تمد أيدها لينا وأنت محتاج خبرتها فى إدارة المكان هنا وتتعلم حل الأزمات منها
عاد “تيام” بظهره للخلف بأشمئزاز وتطلع بها من الأعلى لأخمص القدم وقال:-
-وأنا أضمن منين بقى أنها متغدرش بيا إذا كان غدرت بأخوها اللى من لحمه ودمه
-أنا ماشية
قالتها “زينة” بتذمر من حديثه ليوقفها “جابر” بحدة وقال:-
-وبعدين بقي معاكم، أنت كل ما تقعد مع حد تطفشه منه، إيه هتدير المكان لوحدك… دا جدك نفسه معملهاش ومفيش أحسن من اللى من لحمك واللى دا كمان مالهم زيك تثق فيهم
تأفف “تيام” بضيق شديد لكنه تحل بالصبر ليس لأجل حديث “جابر” بل لأنه تذكر حديث “مسك” عن العائلة وأنها لن تقبل به وحيدة وعليه أن يصلح ما أفسده من الروابط القوية بينه وبين عائلته، هز رأسه بنعم ثم قال:-
-ماشي
-خلي بالك أن أنت اللى هتصر على وجودها فى المكان قصاد زين
قالها “جابر” بعد أن جلس على المقعد المقابل للمكتب وأشار إلى “زينة” بأن تجلس هى الأخر، أندهش “تيام” من جملته وقال بحزم:-

 

-أنا!! وأنا مالي بقي بالعلاقات الأخوية دى، طب الشغل وهحتاج خبرتها لكن الأخوية دى أنا مالي بيها
رفع “جابر” حاجبه بحدة إلى “تيام” لتأفف بقوة غيظًا من تحكم هذا الرجل به فقط لأنه يملك السلطة الآن عليه، دلف أحد الرجال إلى “جابر” وقال:-
-نزل عندنا من فترة ودى بياناته الموجودة فى الفندق
أعطه ورق تحمل معلومات عن “بكر”، أومأ “جابر” إليه بنعم ثم وضع الورقة على الطاولة بلا مبالاة حتى ينهي حديثه مع هذا الرجل الغليظ أولًا وقال:-
-مالك أنهم عائلتك يا تيام بيه، وأنا بقي….
قاطعته كلمة “زينة” الهادئة:-
-بكر
نظر الأثنين إليها ليراها “جابر” تمسك الورقة وتنظر بها فسألها بحيرة وأندهاش من معرفتها بهذا الرجل:-
-أنتِ تعرفيه يا أنسة زينة
اومأت إليه بلا مبالاة ولا تعرف لما يبحثون عنه، تركت الورقة على المكتب ببرود وقالت:-
-اه من أهم النزلاء هنا وكمان هو اللى عرفني على متولي … أصلًا متولي أبن أخته
صُدم الأثنين من معرفتها القوية بهذا الرجل وزادت صدمة “جابر” عندما علم بأن “متولي” قريب هذا الرجل ليدرك شيئًا واحدًا أن كل ما حدث حتى الآن بسبب “بكر”، تمتم بصدمة:-
-يبقي متولي هو اللى هرب الرجالة من المخزن، الرجالة اللى هجموا عليك فى السقيفة !!
-اه فاكرهم، بس وقتها أنا قولتلك أنهم طرف من اللى عمل فى ورد كدة.. يعنى بكر هو اللى عمل فى ورد كدة؟
قالها “تيام” بصدمة لا يستوعب الأمر وخصيصًا أنه يعرف أن “بكر” قاتل “غزل” ويسعى خلف “مسك”، تنحنح ” جابر” بحيرة أكبر ولا يعرف أيخبره بأن هذا الرجل يسعي خلف “مسك” ويريدها إليه ويهددها بقتله أم يلتزم الصمت الآن فقالت “زينة” بحرج من هذان الأثنين:-
-متولي هو اللى بعت رجالة وراء ورد ومسك وهو اللى خلاني أفكر فى حكاية المنصب دي
أتسعت عيني “تيام” و”جابر” على مصراعيها بصدمة ألجمتهما الأثنين مما يسمعوه الآن، تمتم “جابر” بضيق:-
-ومكتفش بكل دا، له عين يهدد

 

نظر “تيام” إليه بعدم فهم ليخرج “جابر” هاتفه من جيبه وأعطاه لـ “تيام” كي يري الرسالة التى وصلت إلى “مسك”، صُدم “تيام” أكثر وقلبه توقف عن النبض بهذه اللحظة ثم وقف من مكانه لكى يذهب إليها كي المجنون لكن أوقفه “جابر” بحزم وقال صارخًا به:-
-أهدا أنت رايح فين؟
-رايح لمسك ولا أستنى لما يأذيها
قالها بذعر وخوف شديد عليها ليُجيب عليه “جابر” بهدوء قائلًا:-
-مش هيأذيها يا سيدي، اللى بيعوز واحدة مبيأذيهاش هو بيهدد بقتلك أنت
نظر “تيام” إليه بقلق شديد ليس لأجله بل لأجل “مسك”، لن يهدأ قلبه الآن وهى بمحافظة أخري بعيدًا عنه….
____________________________
تقدمت “غزل” فى الشفاء أكثر خلال هذان الأسبوعين التى بقت فيهما “مسك” جوارها وأستطاعت أن تقف على قدميها من جديد لتبتسم “مسك” بسعادة وقالت:-
-أنا كنت عارفة أنك قوية، إذا كان أنتِ اللى علمتني القوة
تبسمت “غزل” إليها بلطف وقالت:-
-أنا علمتك القوة لكنك تفوقتي على معلمك يا مسك
ضحكت “مسك” بعفوية على جملتها وفتح باب الغرفة ليدخل والدهما “غريب”، تبسم فور رؤية “غزل” تقف أمامه وحدها دون أى مساعدة من أحد لتبسمت إليه بهدوء وقالت:-
-بابا

 

فتح ذراعيه إليها لتهرع إليه كطفلة صغيرة وعانقها بسعادة، رن هاتف “مسك” باسمه لتتسلل خارج الغرفة وذهبت إلى المطبخ بخجل من والدها وقالت:-
-قولتلك لما أروح هكلمك
تأفف “تيام” بزمجرة شديدة على هذا الحديث وقال:-
-بقالك ثلاثة ساعات عند غزل وأنا فين من دا كله ها، فتحتي الموضوع مع والدك
-مش قولت مش هتعرف تسيب القرية غير لما زين يرجع
قالتها بضيق شديد فهي أشتاقت إليه طيلة هذان الأسبوعان ولم تراه واكتفت بمحادثته على الهاتف، تبسم “تيام” بحماس وقال:-
-جاي النهاردة وأخيرًا
تذمرت على كلمته وقالت بتعجب:-
-وأخيرًا!! لتكون هتبطل شغل يا أستاذ
أجابها بنبرة دافئة ودقات قلبه تصل إليها مع نبرته:-
-لا يا حبيبتى بس على الأقل هعرف أجي أطلبك وتبقي مراتي بقي بدل المعاناة اللى أنا فيها دي، أسبوعين بحالهم مشوفتكيش يا مسك.. وحشتيني والله ولا أنا موحشتكيش بقي؟
تنحنحت بحرج من هذه الكلمات وألتزمت الصمت ليتحدث هو من جديد قائلًا:-
-حرام عليكي يا مسك اللى بتعملي فيه دا، حتى كلمة وحشتنى مقولتهاش مرة وحبيبي نفسي أسمعها منك، أنتِ عارفة أخر مرة سمعت كلمة بحبك منك أمتى وأنتِ ماشية من عندي وبتودعينى، أنتِ بتشفني دمى معاكي ليه يا بنتى… هو أنتِ واخدني غصب ولا تخليص حق
قهقهت ضاحكة على كلمته الأخيرة وقالت:-
-أيوة كان باقي لي مبلغ من الفندق عندكم ومكانش في باقي فخدتك أنتِ تخليص حق
-مسك!!

 

قالها بتهديد ونبرة قوية، غمغمت “مسك” بنبرة خافتة بخجل شديد من هذا الحديث قائلة:-
-تيام خلاص بقي..
-أمري لله، أقسم بالله أنا بس أكتب عليكي يا مسك وأبقي قوليلي تيام من هنا للصبح وورينى مين اللى هسمع لك بقي… وربنا لأطلعه عليكي
قالها بتهديد خبيث ويتوعد لها بالأنتقام مما تفعله به وخجلها الشديد من لفظ كلمة واحدة له، دلف “غريب” للمطبخ يناديها قائلًا:-
-مسك
أغلقت الهاتف سريعًا دون أن تودعه ونظرت إلي والدها بأرتباك لينظر “غريب” بأندهاش على تصرفها وقال بفضول:-
-كنتِ بتكلمي مين؟
تنحنحت “مسك” بحرج من والدها وتحاشت النظر إلى عينيه بعد أن قبض عليها كمراهقة تُحدث ابن الجيران خلسًا….
______________________________
(المدينة الزرقاء blue city )
جلس “زين” فى السقيفة حيث النجاح الملكي ومعه “جابر” و”تيام” و”زينة” وأخبره “جابر” بكل شيء وأن العدو الحقيقي لهم جميعًا هو “بكر”، تحدث “تيام” بجدية يخبرهما بأنه تسبب فى قتل أخوات “مسك” وقص لهما حكايتها دون أن يخبر أحد بنجاة “غزل”، ظل “زين” يستمع إلى هذا الحديث فى هدوء دون أن يصدر أى رد فعل فقال “جابر”:-
-أسمحولي أقولكم أن واحد منكم ميقدرش عليه وأديك جربت يا تيام بيه وخرج منها رغم كل حاجة لكن لو أتحدتوا أنتوا الثلاثة يبقي مفيش قوة فى الكون ممكن تغلبكم
صمت الجميع وكلا منهم كبرياءه يمنعه على مد يده إلى الأخر فقال “جابر ” مُتابعًا بجدية:-
-يا أستاذ زين، أنت عرفت اللى عمل كدة فى مراتك هتسيبوا وتسيب حقها، ولا حضرتك يا تيام بيه هتسيبه لحد ما ياخد مسك مراتك سابقًا واللى إن شاء الله هترجعلك، بلاش عشانكم لكن أنتوا كرجالة لازم تحموا حريمكم وشرفكم، ولا حضرتك يا أنسة زينة هتسيبي متولي اللى خسرك كل حاجة حتى أخوكي
مدت “زينة” يدها أولًا إلى الأمام وقالت بجدية وغضب سافر:-
-أنا أول واحدة بمد أيدي
نظر “زين” إلى “تيام” والأخر مثله ومدوا يديهما معًا لأجل الأنتقام فتبسم “جابر” بعفوية ثم قال:-
-يبقي أستعننا بالله، بس عشان نكون صفي يا لبن بقي وميبقاش فيها رجعة، أنا عرضت على أنسة زينة تكون المدير العام وتترقي من وظيفة السكرتيرة العامة
أتسعت عيني “زين” على مصراعيها وقال:-

 

-بس أنا فصلت من شغلها هتترقي أزاى
-وأنا رجعتها
قالها “تيام” بغرور شديد، ألتف “زين” إليه بأندهاش من حديثه وقال بسخرية:-
-ودا بصفتك أيه أن شاء الله
-الرئيس
قالها بحزم وقبل أن يبدأ شجارهما المعتاد تحدث “جابر” بجدية يمنع هذا النزاع قبل أن يبدأ:-
-دا الموضوع التاني، رسميًا باقي شهرين لتنصيب تيام فى منصب الرئيس
-ليه مر سنة على جوازه وأنا مش واخد بالي
قالها “زين” بسخرية شديدة من حاله ليتحدث “جابر” بحزم لهجة قوية:-
-فى الواقع موضوع الذكري السنوية دى كانت من أختراعي أنا، الوصية بتقول زى ما قولت قدام عبدالعال بيه، أنه يتجوز بنت وينصلح حاله بس
أنتفض “تيام” من مكانه غاضبًا على تلاعب الجميع به وقال بصراخ:-
-أنت أتجننت، أزاى تدي لنفس الحق دا وبصفتك أيه؟ بتلعب بيا
-عشان مصلحتك وشوف دلوقت بقيت أيه وفين؟ والشهرين دول لحد ما التطويرات اللى هتعملها تخلص
قالها بهدوء شديد وكاد أن ينفجر “تيام” من الغضب لكن “جابر” كان هادئًا يقابل عاصفته بالهدوء وكاد أن يغادر لكن أوقفه صوت “جابر” يقول:-
-أقعد خلينا نخلص كلامنا دا..
جز “تيام” على أسنانه بغضب سافر ولم يجلس مكانه وظل واقفًا بعيدًا ليقول “جابر” بهدوء:-
-أنا عرضت على أنسة زينة تكون المدير العام والرئيس ونائب الرئيس ليكم وبعلاقاتكم دى مش هتفلحوا ولا رئيس ولا نائب رئيس
نظر الأثنين فى صمت بهدوء، لأحدهما سينازل عن منصبه والأخر سيأخذ منصب كبير كهذا بعد أن تلاعب الجميع بيه…..
________________________

 

-هو عايز يجي يقابلك ويطلبنى منك
قالتها “مسك” بتوتر شديد وهى جالسة أمام والدها الذي أستمع لحكايتها فى صمت دون ان يتفوه بكلمة واحدة، سألها بحزم شديد:-
-أنتِ عايزة تتجوزيه يا مسك؟
نظرت إلي والدها بأرتباك ولم تجرأ على الحديث أمامه فأومأ برأسه بتفهم وقد علم بجوابها دون أن تتحدث نهائيًا، وقف من مكانه وذهب ليتركها حائرة فى رد والدها لم يخبرها بموافقته أو رفضه على “تيام” أستمع لكل شيء منها ثم ذهب دون أن يُجيب مما زاد من قلقها وتوترها، غادرت “مسك” المنزل وذهبت إلى منزل والدتها بقلق يحتلها من أن يرفض والدها إذا كان ما زال يحمل فى طياته غضبًا من “تيام” فرغم مسامحته لها لكنه حازمًا وصارمًا جدًا معها، دلفت إلى غرفتها وألقت بجسدها على الفراش بحزن، ولجت “بثينة” خلفها وجلست جوارها بقلق وسألت:-
-مالك يا مسك؟
-مفيش يا ماما
قالتها “مسك” بضيق قوى وخنق يكتم أنفاسها بداخلها، مسحت “بثينة” على رأسها بلطف وقالت:-
-هو انا مش عارفاكي يا مسك، أيه اللى مزعلك
-مفيش يا ماما صدقينى
قالتها “مسك” بزمجرة أكثر من إصرار والدتها على الحديثوأغمضت عينيها بحزن يحتلها…
__________________________
وصل “تيام” إلى القاهرة فى اليوم التالي وذهب إلى حيث منزل “غريب” وجلس فى الصالون ينتظره، راسلها فى الهاتف بقلق وتوتر شديد قائلًا:-
-والدك مش عايز يخرج لي يا مسك!!
خرجت “مسك” من غرفتها بعد رسالته لترى والدها يخرج من الغرفة وحدق بها بنظرة قوية أوقفتها مكانها وجعلتها تزدرد لعابها بقلق، وقفت “غزل” خلفها تربت على أكتافها وقالت:-

 

-متقلقيش يا مسك
خرج “غريب” إلي الصالون وكان “تيام” جالسًا مع “جابر” ووقف بسرعة مع خروجه أحترامًا له، مد يده إلى “غريب” وقال:-
-أنا تيام الضبع
لم يصافحه “غريب” وجلس على المقعد، نظر “تيام” إلى “جابر” بحيرة وهذه البداية لم تكن تسر القلب أبدًا، وقفت “مسك” تراقب كل شيء من بعيد وبعد أن رأت مقابلة والدها تجمعت الدموع فى عينيها بخوف من تجمده، تبسم “تيام” رغم كل شيء وبدأ يتحدث عن نفسه وعن عمله فى القرية كونه رئيسًا لها ومالكها، وبعد أن أنهي هذا الحديث قال بعفوية وسعادة تغمره:-
-أنا جاي لحضرتك النهار دا عشان أطلب أيد دكتورة مسك على سُنة الله ورسوله
هز “غريب” رأسه يمينًا ويسارًا بالرفض القاطع وقال:-
-أسف أنا معنديش بنات للجواز
-أمال اللى جوا دى أيه، أدخل أجبهالك بنفسي لو مش واخد بالك منها
قالها “تيام” بسخرية من كلمته ليربت “جابر” على قدمه بلطف حتى يهدأ ولا يتحدي هذا الرجل وقال بعفوية:-
-ممكن بس تأخد وقت وتفكر إحنا مش مستعجلين وأسال العروسة… أنا أسف فى الكلمة بس هم اللى هيعيشو ا مع بعض
-أنا كلمتي واضحة، أنا مش هجوز بنتى لواحد زي دا
قالها “غريب” بحدة صارمة، نظرت “مسك” إلى أختها بحزن شديد رغم علم والدها بحبها إليه وهو وحده من شهد على معاناتها فى بُعده، هو من دفع بنفسه تكاليف المرضي وسمح بفتح غرفة العلميات لها فقط حتى تتعافي من الفراق وتنشغل عن الألم الذي بداخلها والآن يحكم عليها أن تعيش فى هذا الألم مدي الحياة، ربتت “غزل” على كتفها بلطف ولا تعلم ماذا تفعل أو تقول لها؟
وقف “تيام” من مكانه غاضبًا من هذا الرجل وصرخ به وقد فاض به الأمر ولن يتحمل فكرة فراقها أو رفضه:-
-أنت فاكر أنى معرفش اتجوزها، أنا عملتها قبل كدة وأقدر أعملها تاني وثالث ومحدش هيقدر يمنعني
-متقدرش تتجوزها، أدخل انا أجبهالك وتشوف هتتجوزها ولا لا

 

قالها “غريب” بحدة صارمة ليصرخ “تيام” بغضب قاتل:-
-هتجوزها غصب عنك وعن اللى يتشدد لك ….
قاطعته صوتها الحاد تقول بقسوة غاضبة من طريقة حديثه مع والدها وصوته العالي فى وجه “غريب”:-
-تيــــــــــــــــــام
توقف عن الحديث فى حضرتها ونظر إليها ليراها تقترب منه وترتدي فستان وردي اللون وتضع مساحيق التجميل وتزينت كعروسًا لاجله بهذه اليوم وعينيها تلوثت بدموعها بعد أن سمعت رفض والدها القاطع لهذا الأمر، لم يقوي على رؤية دموعها بهذه اللحظة وقال بهدوء ونبرة مُرتجفًا خائفًا من فقده:-
-بيقولي مش هتجوزك يا مسك
حاولت أصطنع القوة أمام الجميع وقالت:-
-وأنا قولتلك أيه؟
أبتلع لعابه بأرتباك وقال بضيق شديد من رفض والدها:-
-مش هتتجوزينى غير بموافقة باباكي.. بس هو
-لما تزعقله مش هيوافق يا تيام، أنت عايزاه ميوافقش
قالتها بهدوء شديد حتى يهدأ من روعته وتخمد نيران غضبه الذي أحتله للتو فهز رأسه بالرفض إليها، تطلع “غريب” بهما وهكذا “جابر” الذي يشفق على هذا الثنائي، وقف “غريب” من مقعده بحزم رغم رؤيته لدموع أبنته التى هزمتها وتساقطت من جفنيها أمام الجميع وترمق “تيام” بنبرة دافئة مُطمئنة رغم بكاءها وقال:-
-أنا قراري مفهوش رجوع عايزة تتجوزيه من ورايا تاني يبقي براحتك لكن بعدها تنسي أنك بنتي عمري كله وحتى جنازتك متمشيش فيها
نظرت “مسك” إلى والدها بعجز شديد يتملكها ثم تمتمت بلهجة واهنة وصوت يكاد يخرج من بين ضلوعها:-
-أمشي يا تيام
ركضت إلى غرفتها باكية بأنهيار تام، دلفت “غزل” وراها لتراها تقف باكية أمام المرآة وقالت بحزن:-
-ليه؟ ها ليه؟ أنا بحبه يا غزل، قسيت عليه كتير ووجعته ليه بابا كمان يقسي عليه ها… ليه أنا بحب تيام يا غزل….
توقفت عن الحديث عن سقطت على الأرض فاقدة للوعي تمامًا من هول الصدمة التى أحتلت قلبها وعجزها عن الذهاب إليه بسبب حديث والدها..

 

فى الخارج رأها “تيام” تركض للداخل باكية وضعيفة، عاجزة عن الذهاب إليه فقال بضيق:-
-ليه؟ إيه اللى مش عاجبك فيا وأنا هغيره؟ أشرط عليا أى شرط حتى لو طلبت حتة من السماء أقسم بالله لاجبهالك عشان مسك، أطلب وأمر باللي عايزه مهما كان صعب ومستحيل وهحققه لك عشان مسك..
قاطعه صراخ “غزل” التى خرجت مهرولة من الغرفة وقالت بذعر شديد:-
-بابا مسك واقعة جوا ومش بترد عليا …..
هرع الجميع للداخل بصدمة ألجمتهم جميعًا، حملها “تيام” على ذراعيه ونزل إلى السيارة مع والدها و”جابر” أخذوا للمستشفي وتركه “غزل” مُختبئة فى المنزل، ظل الطبيب بالداخل كثيرًا يفحصها و”تيام” يكاد يتوقف قلبه من الخوف مُرتعبًا من أن يحدث لها شيء ويفقدها، خرج الطبيب بوجه حزين إلى “غريب”.. رمقه “غريب” بقلق من وجهه وملامحه الحزين بينما هرع “تيام” إليه وقال:-
-مسك بقيت كويسة؟
نظر الطبيب إليه بأسف ثم نظر إلى “غريب” لا يعلم كيف يخبره بحالة أبنته التى لطالما عالجت المئات والآن هى من تحتاج للعلاج، تمتم الطبيب بنبرة هادئة حزينة:-

 

-دكتورة مسك عندها ورم فى الدماغ
أتسعت عيني “غريب” على مصراعيها بصدمة ألجمته وقد فهم الآن سبب الإغماءات الكثيرة وحالة الضعف التى أصابت أبنته مؤخرًا، ربما كانت تحمل هذا الورم من فترة طويلة لكن لم تسوء حالتها ولم يظهر ضعفها إلا عندما فارقت “تيام”، الفراق وألمه تملك من مرضها وأخبرها جسدها بكل مرة تسقط فاقدة للوعي عن حالته المتدهورة لكنها لم تعري أهتمام إلى لقلبها العاشق الذي يبكي من الفراق بينما نظر “تيام” إلى الطبيب وتساقطت دموعه كالفضيان من جفنيه لا يستوعب ما يسمعه وما أصاب محبوبته وكأن كل شيء بالحياة اليوم أجمع على تدمير هذه اللحظة التى أنتظرتها معه، جاء اليوم من الغردقة فقط ليتزوجها ويلبسها خاتم زواجهما لكن بدأ الأمر بقسوة والدها والآن قسوة القدر عليها…….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وختامهم مسك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى