رواية هذا المصير الفصل الثاني 2 بقلم مريم السيد
رواية هذا المصير الجزء الثاني
رواية هذا المصير البارت الثاني
رواية هذا المصير الحلقة الثانية
-الحالة إللي جوة هي والأطفال شدو حيلكم عليهم.
صرخت في وشة وقلت:
-بس!! أنتَ بتقول إيه، ماما وأخواتي كويسين أنا عارفة إنها بتحب المقالب والله.
روحت عند بابا وأنا بشد في قميصة:
-يابابا والله ماما كويسة بس هي بتحب تهزر كتير قولهم وغلاوتي عندك إنها بتهزر وبتحب المقالب.
قعدت على الأرض زي المجنونة أصرخ، يعني إيه في لحظة تختفي فجأة كد، دي مقالتش ليا ولا حتي حضنتها، أنا محتاجاها والله، محتاجاها أكتر من نفسي، عدى شهر وأتنين وتلاتة على وفاتها وأنا زي ما أنا قاعدة مكاني، بابا دخل عليا وفي إيديه صينية الأكل، قرب مني وقال:
-يلا يا حبيبتي كُلي علشان علاجك.
هزيت رأسي بنفي وقلت:
-بابا أرجوك سبني لوحدي أنا مش عاوزة أي حاجة.
-يحبيبتي مش هينفع كد أنتِ بصي لنفسك بقيتي إزاي؟… خسيتي ومنظرك بقي يصعب على الكافر.
صرخت وقُلت:
-ممكن تسيبني لوحدي مش عاوزة حد ولا عاوزة أكل…<هديت شوية> بابا حقك عليا بس والنبي والنبي تسيبني لوحدي.
هز رأسه بإيجاب خرج وسابني، الحياة مُرّه أوي، تعشمك بحبايبك وفي ثانية واحدة تخدعك وتحرمك منهم زي الرعد، تعشمك بــِ حُب الصحاب وفي ثانية تلاقيهم غدروا، في ثانية تثبتلك قد إيه إيه إنك قوي وفي ثانية تهدك، تعشمك بقصر الراحة والحب وفي لحظة البرق تهدمة.
<لا اسْتَطيعَ تجاوز مَن كانَ بِـــــ رِفقتي في كُلِّ الأوْقاتِ>
-يا دكتورة بقولك مريم بقيت في عالم تاني!!…. لا بتاكل ولا بتشرب ولا حتى بتخرج من أوضتها، ده أنا مش بقابلها غير لما تبقى رايحة الحمام.
الدُكتورة قامت من مكانها وقعدت في الكُرسي إللي قدامة، إبتسمت ثم قالت:
-أولاً يا سَيِّد بلاش كلمة دكتورة دي، إحنا ولاد عم برضوا.
أكملت حديثها مع تغيير نبرة صوتها للجِديّة:
-مريم كانت متعلقة جامد بأمها، فصعب تتقبل حكاية وفاتها ومين كمان إخواتها إللي يعتبر كانوا ولادها في معاملتها معاهم، فـــ صعب خالص تتقبل إنها تبقى لوحدها من غير الركن الأساسي إللي كان ساندها.
بص ليها مستفسر:
-والحل يا رشا؟
أخذت نفس عميق وكملت كلامها:
-في دايمًا مقولة بتقول <لــ تَخطّي مشكلة عليكَ إختراقَ مشكلة جديدة> يعني بمعنى الأصح إنه مريم علشان تتقبل إنه فعلا والدتها مبقتش في حياتها لازم تصدمها صدمة تقدر تشغل ده، في البداية هتتعب بس بعدها هتتأقلم وتعرف إنها خلاص بقيت مع الواقع.
كانتْ طفلةً صغيرةً مُدللّة أُمَّها، عاشتْ قَوية لــ سَنْد أُمَّها، كانَت تَظُن بأنّ العُمرُ دائِم وليسَ فاني، وعِنْدَما كَبِرت ظنُّها خابْ، وأصْبَحتْ ضعيفةٌ بــِ بُعد فُؤادُها عنها.
لقيت منّه قعدت جمبي وقالت:
-كُنت عارفة إنك هتبقى هنا.
أبتسمتلها وقلت:
-إزيك؟
ضمت بإيديها حوالين إيديا وقالت:
-مودِ مش عاجبني علشان خطيبي مبيكلمنيش!!
-عُمر؟!
نسيت أقولكم إنه منّه وعمر مخطوبين بس وفاة والدتي أصرّوا إنهم ميعملوش حاجة وده طبعا لولى إني روحت لمنّه وقولتها إنها لازم يقرأو فاتحة وإنه العمر مش مضمون وفي لحظة الحبايب بتختفي إفرحي ومتخليش الحزن يسيطر على مشاعرنا.
-كل ده عاملُه معايا قال علشان هزرت مع أوبا.
ضحكت وقولت:
-معلش يعني هو في حد يهزر مع أوبا يا منّه؟!!…. عموما يستي متقلقيش بليل أصلاً هيلاقي نفسه مخنوق وهيكلمك وبعدين عُمر بيحبك وإستحاله هينيمك زعلانه!!
أخذت نفس عميق وقالت:
-ياريت علشان طهقت من العلاقة الخنوقة دي.
الإنسان بجانب كل المُرّ إللي بيمر بيه والآسى، هيمر علية طمأنينة حُب من إنسان أنتَ متتخيلش كمية الحُب إللي هتبقى بيقدمها ليك، لدرجة ممكن تقول <هو أنا ربنا عوضني بالعوض ده للدرجادي> فلحظتها تمر عليك فلاش باك وإنك جربت الإحساس ده بس زي ما بيقولوا الحلو مبيكملش، فــ بتقرر تبعد علشان قلبك مبقاش قد أي جروح تانية.
نزلت أقدم في الكُلية بعد ما منّه رنت عليا وقالتلي إنه التقديمات فتحت، وقفت قدام مكتب التسجيل والطابور كان طويل دخل شاب يدل على هيئته إنسان محترم، بس متحكمش على الكتاب من غُلّافة، قرب منّي وقال:
-لو سمحت ده مكاني ممكن ترجعي ورا!!
بصيتله بقرف وقُلت:
-أفندم؟!! مكان مين هي حضانة حضرتك تقولي ده الديسك بتاعي وعلية إسمي… العب بعيد يشاطر هي مش نقصالك.
رفعلي حاجبة وقال بـــــ نرفزة:
-شاطر؟!، قدامك عشر ثواني ملقتكيش رجعتي ورا في الطابور هزعلك وأنا لما بزعل حد بيبقى زعلي وحش أوي.
إتضايقت من طريقة كلامة كإنه ليدر المكان:
-تزعلني؟!… لا لا بقولك إيه يعمري الكلام ده ميخشش عليا ياريت بقى تنجر بعيد عني لإني بجد جاية ومش طايقة ومش شايفة قدامي.
قال ببرود:
-والله أنا مش هرد عليكي بس إتظاهر إنه إللي رباكي معلمكيش إزاي تحترمي نفسك وتعرفي يعني إيه مكان غيرك، بس إتظاهر والدتك ولا والدك مكنوش فاضيين ليكي.
عيوني دمعت وقلت وأنا بزعق في وشه:
-إياك ثم إياك تجيب سيرة أهلي على لسانك أنتَ فاهم، عيلتي علموني يعني إيه أرد على واحد زيك مشفش تربية وجاي يشوف نفسة عليا.
رميت الورق في وشة وخرجت، منّه قربت مني وقالت:
-بتعيطي ليه، هو أنتِ لحقتي تقدمي علشان تخافي لتترفضي.
قُلت وأنا بعيط:
-ده قل منّي يا منّه، قلل من تربية والدتي، أنا تعبت ومبقتش قادرة بجد.
منّه حضنتني وقالت:
-بس إهدي يحبيبتي، كل حاجة هتعدي وبعدين هو في زي تربية طنط يعني، ده تلاقية بس عنده نقص في حياته يحبيبتي.
هديت شوية وأنا بشرب لقيته قدامي وبيمدلي الورق، قمت بغضب وقُلت:
-قولي كمان جاي تكمل إهانتك ليا.
فرك في شعره وقال:
-حقك عليا والله بس أنا لما بتخنق أو أبقى متضايق بيحصل معايا كد، ممكن متزعليش وحقك عليا بجد، وهاتي رأسك أبوسها.
رفعت حاجبي ليه:
-أفندم تبوس إيه؟!
ضحك:
-بهزر يا ستي عموما متزعليش منّي وحقك عليا بجد ولو على التقديم فأنا قدمت مكانك وقلت إنك أختي.
جات بنت وقفت جمبه وقالتله بـــ ضيق:
-مين دولا يا محمد وواقف معاهم ليه؟!
-مفيش يا ريم دولا ناس زمايلي كانوا معايا ف السنتر أيام الثانوية وساعدتهم في الورق بس.
هزت رأسها بإيجاب وردت علينا السلام، إستأذن بإنه يمشي، منّه بعد ما مشي مسكت إيديا وقالت بعفوية:
-شكلي إستعجلت لما وافقت بــ عُمر يا يبتت.
ضربتها على جبينها:
-يا شيخة إتنيلي وخفي شوية على نفسك.
أخدنا الورق ومشينا وقفنا قدام بتاع عصير قصب منّه طلبت واحد قصب وأنا تمر، ده لإني بحب التمر بس مش أكتر، منّه هزت كتافي وهي بتشاور على ست واقفة بتشتري عصير:
-مريم مريم قريبتكم الدكتورة رشا أهي؟!
بصيت عليها لقيتها هي فعلاً قربت منها وقُلت:
-إزيك يا طنط رشا؟
بصت ليا وإبتسمتلي:
-مريوم حبيبتي إزيك عاملة إيه؟
-الحمدُ لله بخير، مش هتيجي تزورينا تاني زي الأول ولا إيه؟… ولا أنا مش زي ماما بردوا.
إبتسمت وقالت:
-قُريب يا حبيبتي، وهجيب الولاد معايا تتعرفوا على بعض.
هزيت رأسي بإيجاب وإبتسمت ليها، مشيت وسبتها وروحت أنا ومنّه، طلعت الشقة فوق لقيت بابا بيصلي، قعدت جمبه لحد ما يخلص أول ما خلص حضنته، كنت محتاجة حضنه أوي، الركن السند إللي في حياتي، بصلي بإستغراب وقال:
-الغزال مزاجه رايق ولا إيه؟
ضحكت:
-هتبقى رايقة بس طول ما أنتَ جمبها يعمري…. هقوم أعمل كوباية شاي أعملك معايا؟
هز رأسه بنفي:
-لا يحبيبتي أدوبي أنزل الشغل الوقتي.
-ماشي يحبيبي وإبقى رن عليا كتير.
هز رأسه بإيجاب ومشي، فتحت موبايلي ولقيت منّه منزلة إستوري على البوكس إللي جابة ليها عُمر، بعت ليها مسج مع إيموشن يغمز أحد طرفي أعينه:
-أيوه يعم ناس تتمني وناس تتهنى بس نقول إيه للي مخلص جامعة وبيتدلع مع خطيبة.
مكملتش دقيقة ولقيتها بعتت:
-يختي خلصي أنتِ بس كلية ولا عدي من تانية وأنا عريسك هجيبهولك لحد عندك.
بعت ليها إيموشن مضحك بعدها قفلت الفون <هكمل لغة عربية علشان دي مش جاية معايا سكة>.
أغلقت الهاتف وخرجت إلي المشرفة الخاصة بــ غُرفتي، أخرجت صورتها من شئ يحمي الهاتم مصنوع من البلاستيك الجامد مما يُسمّى”جِراب” ونظرتُ لها <لو كنتُ أعلمُ بأن حبك وتَعلّقي بِكِ سيضعفني هكذا ما كنت أحببتك هذا الحب، لو كنتُ أعلم بأن مصيري هذا بمفدري، لكنت وضعت خططٍ بمفردي بدلٍ من أنّي وضتعتها على يقينٍ بأنكِ بجانبي.>
فتحتُ عيناي ووجدتُ رسائل من “منّه” صديقتي وهي ترسل لي بعض الفساتين الملونة وبعضٍ منها مُطَرّزٍ يدويًّا، ثم أضافت بعد إرسالها الصور:
-أرجوكي أرجوكي بجد غيري إستايل لبسك ولوني حسسيني إني بكلم بنت مش ولد، مش بروفايلك إسود وشبابي والعربية إسود حتى مكتبك يا هانم!!
عقّبتُ على قَولُها:
-منّه إستايل لبسي مش هيتغير، ولون الإسود مش هقعله فريحي قلبك بقى يعمري.
أرسلت لي رمزًا تعبيرًا بالغضب على “الواتساب” ثم مضيفة قائلة:
-براحتك يا مريم بس هييجي اليوم إللي هيغير إستايل لبسك ده وتقولي إن الله حق.
-ده لو جه يا عمري!!
أغلقتُ التطبيق وقمتُ لإرتداء ملابسي حتى أذهب للكورس الخاص بالكلية للتدريب حتى يمكننا الإلتحاق بالكلية وتجاوز إمتحان القبول، قبل أن أخرج من المنزل وجدتُّ والدي يعطيني شئ يشبة البِطاقة الشخصيّة، قمت بإحتضانة عندما قال:
-ميرضنيش بردوا بنتي في أي كمين توقف وتتبهدل، خدي يستي دي رخصتك الجديدة ومبروك عليكي عربيتي.
أردفتُ بمرح قائلة:
-أنا بحبك أوي يا بابا…. ماما كانت هتفرح أوي بالرخصة.
قال بيأسٍ:
-ألف رحمة ونور عليها.
رددتُّ مثله ثم إتجهت نحو الباب للخروج، ركبتُ السيارة وإتجهتُ نحو الأكاديمية،إتجهت للداخل وجلستُ على إحدى الكراسي الموضوعة في الغرفة، أتت فتاةٌ إليّ قائلة:
-لو سمحت ده مكاني ممكن تقومي.
نظرتُ لها مُستفسرة، فأكملت حديثها قائلة:
-بصي يحبيبتي ده مكاني جمب حبيبي يعني ياريت تقومي من هنا.
زفرت بضيق قائلة:
-أولاً لما جيت قعدت لا لقيت إسمك مكتوب ولا حتى شنطة، وبعدين بتقولي حبيبك يعني لما يبقى جوزك ولا خطيبك ليكي الحق تقعدي جمبه وتقوميني ده لو مكانك فعلاً.
نظرت لي بغضب قائلة:
-يعني؟
أمسكتُ الهاتف وقُلت:
-يعني إلعبي بعيد يشاطرة.
-أوكاي أنا بقى هخلي محمد يتعامل معاكي كويس.
رحلت ثم أمسكت الهاتف لطلب رقم منّه، لم يكمل جرسين حتى وجدتها ترد على الهاتف:
-إياكي يا مريم تقولي إنك مروحتيش.
-لا لا يختي روحت كنت هرن عليكي بدل الملل إللي محاوطني ده، والقرف إللي بشوفه هنا.
-ليه حصل إيه؟
-قال البت جاية تقولي قومي من المكان ده علشان حبيبي قاعد هِنا، كان هاين عليا أقوم أمسكها من أنوثتها الأوڤر وكلامها المسهوك ده وأضربها والله.
قهقهت منّه من حديثي ثم أضفتُ قائلة:
-ما أنتِ مشوفتيش المصيبة نفس البنت إللي قابلناها عند مكتب التقديم بتاع الولد إللي خلص ليا الورق، أينعم قليل الزوق بس والله خُسارة فيها، دي عاوزة واحد بتاع بابا وماما يجماعة.
وجدتُّ أن حديثي أصبحَ عاليًّا، ثم أخفضتُّ صوتي قائلة:
-أنا هقفل دلوقتي علشان بتاع الكورس ده جه.
جاء أستاذ الكورس الخاص بنا، وجلس بجانبي نفس الشاب الذي قابلته في مكتب التقديمات، وجلست خلفنا الفتاة وهي يمتكلها الغضب بأكمله، إستمر الكورس حتى 4ساعات حتى يمكن القول بأن عقولنا لا تستطيع الإستمرار أكثر من ذلك.
إنتهى الكورس وقبل الرحيل سمعت قول هذا الشاب للفتاة يقول لها:
-ريم أنا بجد مش ناقص نكدك ولا المصيبة إللي عملتها أمي، قال عاوزة تتجوز إبن عمتها علشان تقدر تعالج بنت بتتوهم إنه مامتها لسه ممتتش، إيه الهم ده يا ربي.
رحلتُ وتركتهم وأنا في عقلي أيعقل أن في فتاةٍ مثلي مازالت تظن بأن فُؤادها مازالت حيّة وهي في الحقيقة ميّتة، اللهم صبر قلوب من رحل أحبابه.
وصلت عند بناية منزلي وأتجهت للأعلى وجدتُّ والدي يتحدث مع رجل غريب، فأقتربت من أبي بعدما إنتهى حديثة مع الرجل:
-في إيه يا بابا وليه الشنط دي، إنتَ مسافر البلد ولا إيه؟!
صمت عدة دقائق ثم قالَ:
-مريم أنا بعمل كد علشان رايح الشقة في وسط البلد علشان…. علشان هتجوز!!
ضحكتُ على حديثه ثم أكملت:
-بس هزار بقى يابابا أنا هدخل أغير وأحضرلك الغدا.
قبل أن أرحل من أمامه وجدتّهُ يقول:
-مريم أنا بجد هتجوز.
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هذا المصير)