رواية هالة والأدهم الفصل الثاني عشر 12 بقلم هدى زايد
رواية هالة والأدهم الجزء الثاني عشر
رواية هالة والأدهم البارت الثاني عشر
رواية هالة والأدهم الحلقة الثانية عشر
كاد أدهم أن يصفعه لكن يد هالة منعته و هي تقول برجاء
– بلاش يا أدهم ارجوك، بلاش تلوث ايدك مع واحد زي دا
ابتسم محمود بتهكم و هو يغمز بطرف عينه قائلًا بوحاقة:
– دلوقت مبقتش اعجب !! الله يرحم زمان ما كنتي بتقولي إن ارجل واحد في حياتك، فاكرة هالة سرير حمزة اللي عشنا عليه أحلـ….
بترت باقي حديثه بصفعة مدوية و هي تهدر بصوتها قائلة:
– اخرس با حيو.ان يا قليل الأدب، أنا اشرف منك و من ناسك كلهم، الظاهر إن الذوق و الأدب ما ينفعش مع واحد زيك !
رفع محمود كفه في الهواء و قبل أن يسقط على وجهها توقف أدهم بينهما قابضًا على رسغه بعنفٍ نظر محمود ليده ثم عاد ببصره
تحدث أدهم بكل ما اوتي هدوء أعصاب
– المرة اللي فات أنا طردتك من المستشفى المرة دي أنا هخرجك على ضهرك
توقفت هالة أمام أدهم و قالت من بين دموعها
– لا بالله عليك متلوثش ايدك بد..مه سيبه يمشي يا أدهم
قام أدهم بثني ذراع محمود ثم ضغط عليه بقوة اقترب من أذنه و قال هامسًا:
– سوء حظك بيوقعك فيا دايمًا، المرة دي قرصة ودن المرة الجاية الله اعلم هايحصلك إيه بس طول ما أنا عايش انسى تقرب لها
قام بكـ..سر ذراعه ثم طرحه أرضًا، ظل يتأواه
و صرخاته تملئ المكان، أشار أدهم للحارس و قال:
– دا حرامي يتعمل له محضر سرقة
– سرق إيه يا فندم ؟!
– ا تهجم على مدام هالة و كان عاوز ياخد منها الدهب
كادت أن ترد لكن أدهم حدجها بنظراتٍ نارية التزمت الصمت حتى يمر الوضع العصبية هذا
هدرت بصوت مرتفع ما إن هدأت الأوضاع و بقت معه بمفردها:
– ليه عملت كدا ؟
– هو أنتِ مش شايفة عمل إيه و لا كان ناوي يعمل إيه ؟! و لا أنتِ عجبك اللي عمله ؟!
ردت هالة بعصبية مفرطة
-و هو كل واحد قليل الأدب هنمد ايدنا عليه هتبقى غابة في حاجة اسمها قانون يا دكتور يا متعلم
رد أدهم و قال بنبرة لا تقل عن نبرتها:
– و عمل لك إيه القانون لما البيه حاول يرمي عليكي مية نا ر ؟!
سألته بنبرة ساخرة و قالت:
– و المفر ض إنك كدا دكتور متعلم بتفكر تفرق إيه أنت بقى عن البلطجية اللي ماشين يضر..بوا الناس في الشوارع ؟!
رد على سؤالها بعدم إكتراث:
– ايوة أنا بلطجي عاوزة حاجة ؟!
سارت بخطواتها الواسعة و السريعة و قالت بنبرة مغتاظة:
-و ها عوز منك إيه شكرًا
مادت ينادي بإسمها لكنه حرك رأسه بيأس و تركها تفعل ما يحلو لها، فهو كلما فعل شئ لا يعجبها
عاد إلى قاعة التي يقام فيها حفل الزفاف، جلس على أحد المقاعد وهو يطالعها بنظراتٍ تملؤها الغيظ و الغضب تمامًا كما تفعل هي، جذبتها أخته لتتراقص معه وسط القاعة، كانت تتبختر في مشيتها و قبل أن تهز بجسدها سقطت، ابتسم أدهم بداخله و تمتم بخفوت:
– احسن تستاهلي و الله
تحول المشهد لمشهد كوميدي من الدرجة الأولى
و مر اليوم على خير، وصلا أخيرًا إبراهيم إلى باب شقته و قال بإبتسامة واسعة:
– حمد الله على سلامتك يا عروسة
نظرت ليالي له ثم عادت تنظر أرضًا و هي تقول بإبتسامة خجولة:
– الله يبارك فيك يا هيما
تابعت بجدية و كأنها شخصًا آخر و قالت:
– بقى أنا اللي افضل اتحايل عليك عشان تروح تكلم أدهم اخويا و اقولك طول بالك عليه ؟!
سألها بنبرة داهشًا:
– هو أنتِ ملبوسة و لا مجنونة؟!
أجابته بإبتسامة سمجة وقالت:
– لا يا روحي أنا الأتنين مع بعض
ابتسم لها وقال:
– سبحان الله نفس ابتسامة أخوكي هو أنتِ تقربي له ؟!
حملها بين ذراعيه و قال مضيقًا حدقتاه
-الظاهر كدا و الله أعلم إني اتدبست
لكزته في كتفه و قالت:
– إبراهيييم !!
رد بإبتسامة متراجعًا عن كلامه و قال:
– مش فيكي ياروحي اقصد اخوكي إنما أنتِ مرهم يتحط على الجر.ح يقيد نا.ر
******
في الشقة المجاور
كانت هالة تسرد لوالدتها ما حدث منذ صباح اليوم و حتى هذه اللحظة التي تحتسي فيها القهوة الساخنة خاصتها، تنهدت الأم ثم نظرت لها و تسألت بنبرة حائرة قائلة:
– طب و بعدين بقى في اللي اسمه محمود دا، دا مش راضي يهمد ابدًا ؟
– يهمد بقى و لا لا أنا خلاص زهقت منه و من الدنيا كلها أنا بفكر اسيب البلد و اسافر
ردت والدتها قائلة بحدة قائلة:
– تسافري ؟ على في العزم بقى إن شاء الله إلا اخوكي الراجل عملها تعمليها أنتِ؟!
– يا ماما جاي لي عرض حلو اوي في الكويت و خسارة ارفضه
– لا ارفضي يا حبيبتي مافيش خسارة إن شاء الله ، و اعملي حسابك طول ما أنتِ هنا بيت أبوكي مفيش سفر لما تبقي تتجوزي إن شاء الله يعني ابقي سافري إن شاء الله المريخ اسمها مع جوزك
ردت هالة بضيق و قالت:
– إيه يا ماما التحكمات دي ؟!
ردت والدتها بكل ما اوتيت من هدوء و برودة أعصاب
– أنا ولية مفترية و مابيهمهاش حد و قاسية، عندك حاجة تاني تحبي تقولي ؟!
ردت هالة بتذمر قائلة:
– لا
احتست والدتها القهوة و هي تلوح بيدها بلامبالاة
و قالت:
– خلاص رفعت الجلسة على كدا
******
بعد مرور تسعة أشهر
كان يقف إبراهيم أمام غرفة العمليات يجوب الردهة ذهابًا إيابًا و القلق يدب في قلبه، جلس جوار والدته و قال بنبرة متوجسة:
– ليالي اتأخرت قوي يا ماما
ختمت والدته آخر آيات القران الكريم، ربتت على كتفه و هي تقول:
– اهدأ يا حبيبي متقلقش دا طبيعي هي كدا البكرية بتاخد وقت، أنا يوم ما ولدتك قعد اولد فيك يوم بليل و اهو بقيت راجل زي الفل قول يارب
وثب إبراهيم عن مقعده و قال بتوسل :
– يارب خليك معاها يارب
هرولت هالة و هي تحمل حقيبة المولود في يدها
وقفت أمام أخيها و قالت من بين أنفاسها المسموعة قائلة:
– خير يا حبيبي ليالي ولدت ؟
اختنق صوت إبراهيم و عيناه ازدحمت بالدموع التي ابت أن تنسدل حرك رأسه و قال:
– لسه يا هالة لسه
ربتت هالة على كتفه و قالت بإطمئنان :
– متقلقش خير إن شاء الله
تابعت بنبرة بحزنٍ دفين :
– بيقولوا إن الولادة الأولى بتاخد وقت خير إن شاء الله يا حبيبي
صاحت بصوتها قائلة:
– الدكتورة طلعت يا هيما
تسابق الأثنان على الوصول إلى الطبيبة، توقف إبراهيم وخلفه أخته تسأل بتوجس قائلًا:
-خير يا دكتورة ليالي عاملة إيه ؟!
ردت الطبيبة بإبتسامة واسعة:
– مبروك ولد زي القمر
سألها بنبرة لا تقلق عن نبرته الأولى التي لا تخلو من التوتر:
– و هي عاملة إيه ؟! المهم هي ؟!
أجابته بذات الإبتسامة الواسعة:
– اطمن هي زي الفل ساعتين و هتتنقل أوضة عادية مبروك و حمد لله على سلامتها
تركتهم الطبيبة بعد أن باركت لهم، خرجت الممرضة و هي تحمل بين يدها الصغير، وضعته بين ذراعيه و قالت بإبتسامة واسعة:
– مبروك يتربى في عزك يارب
حمله بين ذراعيه نظر له ثم نظر لوالدته التي قالت بسعادة:
– كبر له في ودنه يا هيما و بعدها قول اسمه
سارت هالة تجاه والدتها تبعها إبراهيم، وقف مقابلة والدته وضعه بين ذراع والدته و قال:
– مهمتك دي يا ست الكل
أذنت له بالقرب من أذنه بصوتٍ خفيض، ثم قالت بنبرة حانية:
– ربنا يخليه لك و تفرح بي يا حبيبي
تناوله منها ثم و ضعه في حضن شقيقته و قال بنبرة حانية:
– ابنك يا لولو ربي زي ما تحبي
انسدلت دموع هالة إثر كلمات أخيها، حملت الصغير بيدٍ مرتعشة نظرت لأخيها و قالت بنبرة متحشرجة إثر البكاء:
– و أمه راحت فين يعني يا حبيبي ربنا يخليه لها
وتربي و تشوفه أحسن الناس
ابتسم لها و قال بنبرة حانية:
– ابني محظوظ أكتر مني و من أي حد في الدنيا دي كلها لي أب واحد و بدل الأم اتنين واحدة
لم تتحمل هالة كلماته المؤثرة تلك، وضعته بين يده و قالت بجدية مصطنعة و هي تكفكف دموعها بظهر يدها:
– أنت واد نصا ب و بتضحك عليا بكلامك دا عشان تأكل عليا الحلاوة يا حبيبي بس على مين دا أنا هاخدها منك مرة و مراتك مرة
بتفرقوا الحلاوة من غيري مش كفاية كبرتوني و بقيت خال و أنا لسه صغير ؟!
أردف أدهم عبارته و هو ينضم لحديثهما، نظر لابن أخته الذي يتئثاب و هو يتمطع و كأنه كان مُقيد في بطن والدته، ابتسم له و قال ساخرًا:
– شوف زي ما يكون مقيدنه يا عيني
رد إبراهيم ساخرًا و قال:
– أختك قوية و تعملها دي كان عليها ما تسكت بقى تعبتني كانت بتخليني احط ايدي على بؤقي من كتر الخوف
ضحك أدهم و هو يقول بغطرسة:
– دي سيطرة بنات الشرقاوي يا حبيبي و تمشي على أي حد حتى لو لسه في بطن أمه
تابع بجدية مصطنعة هامسًا:
– بس بيني و بينك كانت عليها واحدة أنا تعبت يا أدهم كانت بتخلي أنا شخصيًا اترعب
ختم حديثه قائلًا بمزاح دون قصد:
– هي كدا الستات تفضل هادية و طيبة في نفسها و أول ما تحمل تلاقيها اتحولت هرمونات مضطر تتحملها ضريبة الأمومة بقى ياهيما
ابتسم إبراهيم بتردد محاولًا لفت نظر أدهم الذي اختفت إبتسامته و هو يعتذر من الجميع، ابتعد قليلًا تبعه زوج أخته الذي وقف خلفه و قال:
– متزعلش يا أدهم مكنش قصدي احرجك بس
استدار أدهم و قال بإبتسامة واسعة:
– متزعلش أنت مني يا هيما مكنش قصدي اجرحها و الله
تنهد أدهم و هو ينظر لها ثم عاد ببصره له و قال:
– هي لسه بردو مش موافقة ؟
– للاسف لسه
– طب هي رافضاني ليه ؟ إيه سبب الرفض إني مسافر يعني ؟
– هالة مش رافضاك أنت بس هالة أي حد بيتقدم لها بترفضه مش حابة تكرر التجربة بتقول كفاية عليا تجربتين
رد أدهم و قال بضيقٍ مكتوم:
– بس أنا غيرهم يا إبراهيم أنا بحبها
رد إبراهيم و قال بسخرية :
– ماهم هما كمان يا أدهم كانوا بيحبوها وكانوا يتمنوا لها الرضا ترضى و في الآخر أخدت منهم إيه ؟!
– يعني إيه يا إبراهيم ؟ يعني بردو مش هتخلي هالة توافق؟
رد إبراهيم و قال بعقلانية:
– بص يا أدهم أنت اخو مراتي و صاحبي كل دا على راسي من فوق، بس دي حياة أختي تتطلق من دا تتجوز دا هي حرة، أنا بنفذ قرار هي بتاخده و بقف جنبها عشان أنا اخوها و ملهاش غيري فـ موضوع الغصـ.ب دا مش هتلاقي عندي عشان كدا شايف إنك تصبر يمكن ربنا يكتب لكم نصيب مع بعض مين عارف .
********
بعد مرور أسبوع
داخل شقة إبراهيم كانت ليالي تصافح المدعوين لعقيقة ابنها، بينما كانت هالة واقفة في المطبخ مع والدتها تنظم الصحون وضعت آخر صحن و قالت بتذكر:
– أنا نسيت اعمل طبق أدهم أنا فاكرة إنه بيحبه بـصلصة كتيرة زي هيما
ردت والدتها و قالت:
– متعمليش حاجة أدهم مش هيأكل دا مسافر خلاص
سألتها هالة قائلة بلهفة:
– إيه مسافر ؟ هو لحق
تابعت بنبرة متلعثمة:
– اقصد يعني مش كان قال هايقعد شهر ؟!
ردت والدتها بخبث قائلة:
– لا قال إنه مش عاوز يتقل على حد و كفاية كدا و إنه زعلان إنه هايفرقنا و هو محققش اللي نفسه في
تابعت والدتها بتذكر:
– فين السلطة ؟ و المخلل قومي هاتيها من عند هيما نسيت و حطتهم هناك وقت د.بح العجل
ردت هالة بإحباط و هي تقف عن مقعدها:
– حاضر
عادت و قالت بتذكر:
– صحيح أدهم هناك و قاعد لوحده روحي أنتِ أو ابعتي ليالي
لو كان للحظ الأسود عنوان لكُتبَ عليه أدهم
مر اليوم أخيرًا بعد ركض هنا و هناك، تجمعت العائلة من جديد في هدوء لتناول القهوة المسائية، ربتت ليالي على كتف إبراهيم قائلة:
– هيما
التقط كفها و طبع عليه قُبلة حانيةقائلًا:
– قلب هيما من جوا
ابتسمت له و قالت:
– هو ربنا يخليك ليا بس مكنش دا قصدي أنا كان قصدي اطلع اشرب السجاير برا عشان ابنك
رد إبراهيم بإحراج و قال:
– ايه الإجراح دا ؟!
تابع بجدية مصطنعة و قال:
– ماشي بس متبقيش تجيبها لي في وشي كدا أنا ليا وضعي بردو في البيت
خرج من حجرة الضيوف و هو يحمل قدح القهوة بيد و الأخرى بها لفافة التبغ خاصته
جلس جوار أدهم الذي أشار له كي يجلس فوق الأريكة و قال:
– تعال يا حبيبي مكنش لازم تتفرد قدامهم و تقول إنك مسيطر دي أختي و أنا عارفها
جلس إبراهيم و قال بجدية مصطنعة:
– لا أنت فاهم غلط دا أنا لاقيتك غبت قلت ادخل اطمنك عليك مش أكتر
مد أدهم علبة لفاف التبغ و قال بإبتسامة واسعة:
– طب خُد يا مسيطر قبل ما تدخل جوا
ابتسم له و قال:
– لو مكنتش تحلف
******
في مساء أحد الأيام
جلس إبراهيم يقرأ جريدته المسائية باهتمام
بينما كان صغيره الذي تجاوز العام بأيام معدودة يجوب حوله، وضع الجريدة على سطح المنضدة الزجاجية و قال:
– أنت بتفرك كتير كدا ليه و بتزن ليه و فين أمك ؟!
حمله عن الأرض وجده يأكل التبغ المحتر.ق الذي وضع في المنفضة، اتسعت عيناه و قال من بين أسنانه :
– كدا يا أنس كدا ؟! دا هالة هتربيني قبل ما تربيك من جديد تعال بسرعة اغسل لك وشك
ركض إبراهيم حاملًا ابنه و هو يتجه نحو المرحاض، بدأ ينظف وجهه بينما الصغير كان يرفرف بساقيه و يده تختر.ق المياه و صوت
ضحكاته يدوي المكان، ظل يبحث عن منشفة
ليجفف قطرات المياه المتناثرة على وجهه
فـ لم يجد تركه علي الارض و اتجه نحو غرفة والدته نظر الصغير للمغطس، فتح فاه بسعادة ثم قام بوضع الصحن البلاستيك وقف عليه ثم قفز داخل المغطس، ظل يحرك جسده داخل المياه، صرخات عالية دوت المكان هرع
إبراهيم نحو المرحاض ليجد أخته تشير بيدها تجاه الصغير و قالت بعصبية:
– من اللي سابك تدخل الحمام؟!!
لوى إبراهيم فاه يمينًا و يسارًا قبل أن يتحدث بغضبٍ مصطنع ليمرر الموقف :
– ازاي سايبين الواد كدا لوحده ؟! لولا إن جيت ادور عليه كان راح فيها
هرع تجاه ابنه و حمله من المغطس، كاد أن يخرج من المرحاض لكن سؤال أخته جعله يبتسم و هو يقول بكذب:
– ماهو أنا كنت بقرأ الجرنال وهو كان بيسحف جنبي على الأرض
اتسعت أعين هالة و قالت بصوت مرتفع قائلة:
– ازاي تسيبه ينزل على الأرض يا مهمل أنت ؟!
تابعت بعصبية مفرطة:
– و طبعًا فضل يمشي و يسند على الحيطة لحد ما دخل الحمام و فتح المياة
رد إبراهيم مدافعًا عن نفسه قائلًا:
– لا لا مش كدا دا هو كان بيأكل الطفية بتاعت السجاير وكـ…..
يا نهارك أبيض و كمان قاعد بتشرب جنبه سجاير و هو بيأكلها ؟!!
أردفت هالة عبارتها و هي تأخذ بن اخيها من بين أحضان والده الذي لا يعرف قيمة ما بين يده ظلت تمتم بكلماتٍ لاذعة عن الإهمال و اللامبالاة التي يغرق فيها إبراهيم، ما إن ولجت غرفتها اجلسته على الفرش الوثير و قالت بجدية مصطنعة و هي تضع سبابتها على ثغرها:
– ششش و لا كلمة يا منكاش أنت
وضع أنس سبابته تمام كما فعلت عمته و قام بتقليدها قائلًا:
– ششش
ضحكت هالة على حركاته تلك، استطاع تغيير حالتها المزاجية، أنس يفعل ما يحلو له و بإبتسامة صغيرة منه يصالحها و ينتهي الأمر
تسقط جميع حصونها و صرامتها عند أعتاب ابتسامته الجميلة، جلست جوار و بدأ في تشغيل الحاسوب النقال له، أتاها اتصال من أدهم ضغطت على زر الإجابة و قالت:
– و عليكم السلام، الحمد لله بخير أنت إيه اخبارك ؟ صوت مين دا صوت أنس اه بقي احسن الحمد لله اه كنت مرعوبة من دور البرد بس الحمد لله عدا على خير يارب ماشي مع السلامة.
********
بعد مرور عدة أيام
كان أمام باب شقة أخته يقف في انتظار أحدهم يفتح له لم يخبر أحد بعودته لمصر قرر أن يصنع مفاجأة لهم، فتحت له هالة كانت متخشبة أمامه نبضات قلبها تتسارع و كأنها طبول الحر.ب تقرع بسرعة فائقة، اتسعت إبتسامتها حتى كشفت عن نواجزها
عامًا و عشرة أيام كاملة لم تراه فيهم، فرغ فاه ليحدثها لكنها اوصدت الباب في وجهه، خطت بخطوات واسعة و سريعة تجاه المطبخ لكنها عادت من جديد و فتحت له اعتذرت له عن مابدر منها بينما رد هو و قال:
– هالة أنا عاوز اتكلم معاكي ارجوكي اسمعيني بقى ولو مرة واحدة
هو إبراهيم رجع و لا إيه يا لولو ؟!
أردفت ليالي سؤالها و هي تخرج من المطبخ
اتسعت عيناها بسعادة و فرح، ركضت نحو أخيها عناقته بقوةً ربتت عليى ظهره و كلماتها لا تتوقف أبدًا:
– حمد لله على سلامتك يا حبيبي ماقلتش ليه إنك جاية كنا رحنا استبقلناك في المطار ؟
رد أدهم باسمًا و قال:
– محبتش ازعاجكم قلت اعملها لكم مفاجأة
ردت بسعادة و هي تحتوي وجهه بين كفيها و قالت:
– أحلى مفاجأة يا حبيبي حمد لله على سلامتك دا هيما هايفرح اوي برجوعك
تنحنحت هالة و هي تتجه نحو باب الشقة و قالت:
– عن أذنكم هاشوف ماما
رد أدهم بسرعة و قال برجاء:
– هالة أنا عاوز اتكلم معاكي من فضلك
ردت ليالي و هي تجلسها عنوة قائلة:
– طنط نايمة و أنس باشا كمان نايم اتفضلي بقى اقعدي و اسمعي الكلمتين اللي عاوز يقولهم على ما أروح اخلص الأكل
غادرت ليالي و بقت هالة جالسة تنظر في اللاشئ تنهد أدهم ثم قال بهدوء:
– مالك يا هالة رافضة ليه نبقى مع بعض رغم إن علاقتنا حلوة جدًا ؟! و تقريبًا مافيش حاجة غلط !
جاهدت نفسها حتى لا تخبره بما يعتمل في صدرها لكن وجدت نفسها تحدثه عن مخاوفها
قائلة:
– خايفة يا أدهم
– من إيه ؟! و ليه ؟!
– خايفة اكرر التجربة للمرة التانية
تابعت مصححة بسخرية قائلة:
– قصدي للمرة التالتة، خايفة كلام عمك يأثر عليك بعد جوازنا
ختمت حديثها قائلة بمرارة:
– خايفة اخوض التجربة و أملي بإني أكون أم يختفي المرة دي بجد، أنا عشت فوق العشر سنين بقول لنفسي إن طالما الحب موجود جوزك مش هيفكر يبص لغيرك، اكتشفت إن الحب لوحده مش كفاية و اكتشفت إني أنانية معاهم
سألها بنبرة متهكمة قائلًا:
– أنانية معاهم ازاي ؟!
أجابته بمرارة و قالت:
– يعني كان المفروض أقبل بجوازهم و اعترف بي هما من حقهم يشوفوا ذرية ليهم بس أنا مقدرتش اتحمل افضل مع حد فيهم مقدرتش ابقى صفر على الشمال و دي بردو أنانية مني
رد أدهم و قال بنبرة صادقة:
– احلف لك بإيه أنا مش هاممني موضوع الخلفة دا و لا في دماغي هالة أنا بحبك
ابتسمت بمرارة و قالت:
– أنا أكتر واحدة سمعت كلمة بحبك أكتر واحدة كان نفسها فعلا تلاقي إنسان يحبها بجد بس و لا واحد حبني
تابعت بحزنٍ دفين قائلة:
– تجربتي مع محمود خلتني أكره الجواز و الحب عشت معاه أسوء شهرين في عمري
ختمت حديثها بتقزز قائلة:
– واحد مقر ف سادي و حقـ ـير عيشني أسوء أيام عمري معاه كرهت فيها اسمي و جسمي كرهت قلبي اللي طيب مع الكل و ملاقش اللي يحبه بجد
كفكفت دموعها و قالت بهدوء عكس الضجيج الذي يسود قلبها:
– عشان كدا صدقني يا أدهم مش هقدر أكرر التجربة للمرة التالتة للأسف قلبي ما بقاش في مكان للفرحة، روح اتجوز بنت صغيرة تكون أنت أول واحد في حياتها، أنا مش هنفعك من كل النواحي
سألها بغضبٍ مكتوم :
– مين قال كدا ؟
أجابته قائلة بذات النبرة:
– عمك و محمود و حمزة و الناس و المجمتع كله المجتمع شايف إن المطلقة دي عار و لازم يندفن تحت التراب، ملهاش الحق تعيش وتشوف نصيبها الحلو في الدنيا، خروجها ودخولها بحساب ولو اتنفست لازم تدي تقرير بدا ولو ضحكت بس دي مش كويس اومال اطلقت ليه ؟! وليه اطلقت عشان مبتخلفش وليه و ليه و ليه الف كلمة ليه و الف سؤال كل واحد نفسه يسأله بس خايفة ليلاقي رد ميعجبوش
كادت أن تقف عن مقعدها لكنه لحق بها و قال بتوسل يفيض من عيناه:
– مش ها قلك بحبك لأنك مبقتيش حاساها زي ما بتقولي بس كفاية عليا اقلك خليكِ جنبي أنا محتاج لك جنبي محتاج وجودك في حياتي هالة أنتِ مش عارفة أنتِ بالنسبة لي
أتت ليالي من المطبخ و قالت و هي تضع الثهوة على سطح المنضدة:
– انا بقول اغير القهوة و اجيب شربات ؟!
وقفت جوار هالة محاوطة كتفيها بذراعها و قالت:
– ما تحن بقى يا جميل الواد بقى شبه وحيد القرن من غيرك
ابتسمت هالة رغم محاولاتها في عدم إظهار ضحكاتها و لكن على ما يبدو أن زوجة أخيه لن تهدأ حتى توافق على هذه الزيجة، ابتسمت ليالي وقالت بعفويتها:
– ما هو بصراحة ربنا بقى مش أنتِ تدبسيني في اخوكي و أنا اسيبك تعدي كدا عادي من تحت ايدي
تابعت بخفوت قائلة:
– دي فرصة عشان هيما يرد كل اللي عمله في زمان بس الصراحة أنا خايفة على هيما من اخويا
ردت هالة بإبتسامة واسعة:
– اخويا يعمل اللي يعجبه و بعدين احنا ما بنتهزش يا ماما احنا جامدين قوي
ولج إبراهيم وجد ثلاثتهما في الردهة و الإبتسامة لا تفارق شفتاهم، ابتسم و قال بجدية مصطنعة:
– ليالي و هالة و الأدهم استر يا اللي بتستر
في مساء نفس اليوم
كان أدهم يختم حديثه بهدوءٍ قائلًا:
– أنا كدا عرفتكم دنيتي فيها إيه و مش محتاجة من هالة حاجة غير شنطة هدومها حتى دي مش عاوزاها كمان
ردإبراهيم و هو يضع ساق فوق الأخرى و قال بغطرسة:
– و الله يا أدهم ياخويا أنا كان بودي أخد وادي معاك في الكلام عادي كدا بس أنا للأسف
واخد عهد على نفسي إن استشير أعضاء العيلة الملكة بتاعتي و لأني راجل قانون أولًا و ديموقراطي مش ديكاتوري زيك قررت إني اخد رأي الست الوالدة و بعدها رأي اختي و في الآخر رأي أختك و بما إن اجتمعت الآرار بالموافقة بالاجماع، و عليه تمت الموافقة المبدئية أما الموافقة النهائية فدي تخصني أنا
رد أدهم و قال بغضبٍ مكتوم:
– ما تخلص يا إبراهيم هو أنت بتُخطب خُطبة مجلس الشعب !! الفرح إمتى ؟!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هالة والأدهم)