رواية ميراث الندم الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم أمل نصر
رواية ميراث الندم الجزء التاسع والعشرون
رواية ميراث الندم البارت التاسع والعشرون
رواية ميراث الندم الحلقة التاسعة والعشرون
خدناها بالسيف الماضى وأبوها ماكنش راضى وعشانها بيعنا الأراضى الحلوة اللى كسبناها، خدناها خدناها.. خدناها بالملايين وهما ماكنوش راضيين، عشانها بيعنا الفدادين.. الحلوة اللى كسبناها.
تلك الأغاني التي كانت تصدح بها الفتيات من أبناء شقيقاته والاقارب والأحباب، في استقبال صاخب يعبر عن فرحهم بعد عودته من منزل عروسه وعقد قرانه عليها؛ والذي تم منذ قليل، ليأخذ نصيبه الاًن من المباركات والتهنئة، قبل انخراطه في ليلة الحناء، وما تتضمنه من مظاهر اعدها وصرف عليها الاَلاف من الجنيهات، بغرض داخله لينتقل صداها على جميع البلدة.
يرسم ابتسامة بعرض وجهه، في تقبل تهنئة هذه، وقبلات الأخرى على وجنته، يمازح ويضحك في رودوده، عريس يغمره الفرح بحق
– مبروك يا خال، ربنا يتمملك بخيرر، الف مبروك يا ولدي العروسة حلوة وزي العسل، جوزاة العمر ان شاء الله، تخلف منها دستة مش عيل واحد.
– شالله يسمع منكم ربنا يارب، طب اسيبكم بجى ، عشان اللحج اغير جلببتي، واللبس اللي هحضر بيها عشا الرجالة، جبل فرقة الحنا ما تاجي كمان.
استأذن وذهب مغادرًا من أمامهم، وسط الصخب والزغاريط التي كانت تطلق لتملأ المكان ابتهاجًا وفرحًا به،
حتى اذا وصل إلى داخل غرفته، خلع هذا القناع متخليًا عن ابتسامته، ليزفر انفاس متقطعة قانطة خشنة، ليستند بكفيه على الطاولة المستديرة بوسط الصالة بوجوم صامت، ادخل قلقًا في قلب شقيقته التي دلفت من خلفه، حاملة الجلباب الأبيض المنشي
– عمر هو انت تعبان؟
سمع منها وارتفعت رأسه على الفور نحوها ، وكأنه استفاق من غفوته ليرسم ابتسامة مصطنعة في رده عليها:.
– اتعب النهاردة يوم فرحي، دا حتى يبجى فال عفش، هاتي الجلبية يا خيتي هاتي.
خطت اليه لتعطيه مطلبه، بأعين متفحصة له جيدًا، حتى وهو يتصنع الفرح امامها، بكذب مكشوف، لم تبتلعه، او تقوى على كبت ما يدور بداخلها، حتى خرج صوتها بتردد:
– مكنش ليه لزوم الاستعجال؟ انا من رأيي كنا صبرنا شوية على ما تاخد ع البت وتاخد هي عليك .
رمقها بابتسامة ساخرة يعقب ردًا لها:
– انتي جاية النهاردة الحنة وبعد ما عجدت ع البت ، تجولي كدة يا جميلة؟ دا بدل ما تسمعيني زغروطة زينة.
– اسمعك يا واد ابوي واسمعك احلى مبروك كمان، بس لما احس الفرحة طالعة من جلبك، مش تمثيل، انا مش عارفة بس ليه العند؟
قالتها لتفاجأ بتحوله، وقد اشتدت الملامح السمحة لأخرى بدأت تعتاد عليها من عودته، غضب يستبد به على أقل الأسباب:
– مش عند يا جميلة، كد ما هو استرداد للكرامة، انا مش هين عشان اعيش على ذكريات واحدة خاينة باعتني على اخر الطريج، بعد ما كنا خلاص وصلنا، وراحت غيرت وسبتني اتفلج لوحدي، مش هجعد انا للفكر والنار اللي بتاكلني كل دجيجة ومخي بيروح عندها…….
توقف برهة يتابع بشرود
– ،يا ترى بتعمل ايه معاه دلوك؟ بتديلوا من نفسها ومشاعرها اللي كانت من حجي، بتعيش معاه الوجت اللي كان مفروض تعيشه معايا….
هتفت توقف هذيانه:
– خلاص يا عمر، اعتبرني مسألتش، بس ياريت يا واد ابوي مدام قررت تتخطى وتنسى، يبجى من كله ، انا تبعتك رغم اني كنت معترضة في البداية، بس عشان ارضيك رضخت، هدير مربياها زي بناتي، ودي فرحتها بيك ولا اكنها عترت على فتى أحلامها. بلاش تشوه الحلم الجميل اللي عايشاه
– اشوه الحلم اللي هي عايشاه!
ردد بها ساخرًا من خلفها، لتتسع ابتسامته في رده مقللًا:
– والنبي انتي كمان يا جميلة، باين التليفزيون والخيال لحسوا عجلك، ما تسبيها تفرح يا ستي زي ما هي عايزة، هي كانت تطول اساسا.
بهتت تطالعه بعدم استيعاب، حتى تلجم فمها عن الرد، فتابع:
– جميلة، انا عايزة اغير هدومي واللحج الليلة اللي ورايا، مش ناوية تطلعي بجى؟ ولا اغير جدامك؟
– لا خلاص يا واد ابوي انا ماشية.
قالتها لتستأذن مغادرة على الفور من امامها، تغمغم بصوت واضح، وقد استغربت لما ينتظرها من أعمال:
– انا اساسًا ورايا هم ما يتلم، لبس البنات ولا الخدمة في عشا الحريم، ولا جوزي دا كمان اللي عايزني احضرله خلجاته عشان يتسبح.
ظل متابعًا لها حتى اغلقت باب الغرفة واختفت، ليزفر بتنهيدة اخيرة قبل ان ينهض لتغير جلبابه، ولكنه اجفل على انارة الهاتف بهذا الرقم الدولي المعروف ، تبسم ساخرًا في مراقبة الاتصال حتى انتهى، ليتناول هاتفه بعد ذلك، ثم يفتحه من الداخل مخرجًا بطاقة الخط، ليكسرها نصفين قبل ان يرمي المتبقي في سلة المهملات مدمًا:
– وادي الخط، عشان نخلص خالص بجى!
❈-❈-❈
الى متى الصبر ؟
لما يتفنن في تعذيب نفسه ولا يأخذ حقه الطبيعي منها، لقد مر ايام منذ زواجهما، وهو حتى الآن ما زال ثابت على موقفه، يشاكسها، ويلاطفها، يسقيها من حنانه كارتشاف الماء على دفعات، جرعات تجعلها عطشة للمزيد، عطشة للإرتواء.
يفترسها بنظراته الوقحة في معظم الاحيان ولا يقربها، حتى اثار دافع التحدي بها لتخفف من تحفظها وترتدي احلى ثياب العرس من اجل إغاظته، واختبار صبره، لا تنكر انه سيطر على حيز ليس بالهين على تفكيرها، نتيجة أفعاله.
حرك بها روح الأنثى وهذا الجزء اللئيم كي تعامله بمكر، تستفزه بمداومتها بالتبديل كل وقت لتشهر أهم أسلحتها فتكًا من اجل الإيقاع به، كما يحدث الاَن، وقد ارتدت منامة اكثر عريًا مما سبق، وأطلقت لشعرها العنان، وزينت وجهها، حتى صارت آية من الجمال كما ترى امامها الاَن في المراَة، لا تعلم السبب الحقيقي لفعلها ذلك، ولكن يبدوا أن اللعبة أعجبتها، لعبة الشد والجذب، واختبار قوة التحمل.
وكأنه شعر بها، رفعت رأسها فجأة على صوت صفيره من الخلف، لتجده واقفًا بمدخل الغرفة بميل مستندًا بكتفه على إطار الباب، يطالعها من أعلى الى الأسفل بتقيم وتمعن، لتعبس بوجهها أمامه، تدعي الضيق، فعقب لها بتسلية:
– اكيد مضايجة اني دخلت من غير إذن؟
اهتز كتفها بدلال ترد على قوله:
– إنت حر، بس يعني اعمل اي حركة، عشان احس ولا اخد بالي،
ردد من خلفها بمشاكسة:
– ما انا مش عايزك تحسي ولا تاخدي بالك….. عشان اخد راحتي.
تخصرت تكبت ابتسامتها بصعوبة توجه سؤالها له:
– راحتك في ايه في ان شاء الله؟ هو البص عليا من غير ما اخد بالي بجى فيه راحة كمان؟ دا كدة اسمه تربص.
أسعده هذه الروح الجديدة منها، ورد الكلمة منه بإثنين منها، بدأت تعتاد، بدأت تعطي لنفسها فرصة.
أكمله بمشاكسته، ليقترب متمتمًا:
– وبجى لسانك يطول كمان، بس بسيطة انا اعرف اجصوهولك زين.
قابلته بتحدي رافعًا ذقنها للأعلى:
– طب وريني يا عارف هتعرف تجصه ازاي؟
تبسم يعض على شفته السفلى يردد لها بتوعد، يغمره احساس بأنه قد حان الوقت!:
– من عيوني الجوز يا جلب عارف، اخلص بس جعدتي مع الجماعة اللي طبوا فجأة دول يباركوا في الوجت اللي مش مناسب أساسًا، جلست على طرف التخت واضعة قدمًا فوق الأخرى تقول بملوكية:
– تمام خالص وانا مستنية.
شملها بنظرة وقحة كالعادة ليومئ بغمزة من عيناه:
– حلو جوي، اشوف انا شجاعتك دي توصلك لفين؟
قالها ثم تبختر في خطواته خارجًا من الغرفة نحو جلسته مع بعض الزوار من أصدقائه، الذين أتوا من أجل تهنئته.
وظلت هي بجلستها بفكر شرد في مغزى كلماته، يكتنفها شغف شديد لما ينتوي عليه معها، يلوح بعقلها بعض الافكار والاشياء ال….. نفضت رأسها فجأة لتتناول هاتفها تشغل نفسها عليه، علّها تلهي ذهنها عن الانسياق وراء انحرافه .
كانت تتصفح لترى الجديد على وسائل التواصل الإجتماعي، حينما ظهر امامها هذا المنشور المفاجئ على جروب أبناء البلدة، ليس منشورًا واحدًا بل هو مجموعة منشورات عن عقد القران اليوم، واحتفال ضخم يقيمه، مع الفرقة المشهورة، وصوت المطرب المعروف على مستوى جنوب الصعيد كافة، اشعار تكتب عن المناضل ابن البلدة الذي تغرب ثم اتى الاَن ليُكمل نصف دينه، بالتزامن مع بدء قيامه بمشروع هام سوف يساهم في رفعة البلدة، وتشغيل مجموعة كبيرة الشباب من العاطلين،
قطبت بحيرة، وهذه الأسئلة التي طرأت فجأة بذهنها، متى خطب ليلحق بالزواج بهذه الفترة القصيرة؟ ومن أين له بكل هذه الأموال للقيام بهذه الاشياء الضخمة؟ والسؤال الأهم، متى قام بجمعهم؟ لقد انتظرته خمس سنوات، لماذا ظل كل هذا الوقت ليعود بهذه الأموال الضخمة؟……. لماذا تشعر وكأنها تراه رجلا غريبًا؟
لم تشعر بنفسها وهي تضغط بأصابعها على شاشة الهاتف لتكبر وجهه وتقربه اكثر ف أكثر، تبحث عن عمر القديم الذي تعرفه، اين الملامح السمحة، اين عمر؟
اخذها الشرود حتى غفلت عن الوقت الذي مر، ولم تشعر بمن وقف بجوارها، يرصد خلجاتها في المشاهدة والتفكير في رجل غيره، حتى اذا انتبهت اخيرًا لحضوره، وهذا الإظلام الذي حل على ملامحه، جحيم مُستعر في بحر عسليتيه، قادر على احراقها حية .
على الفور دفعت الهاتف من يدها تبرر بضعف:
– والله العظيم ظهر المنشور جصادي لوحده، انا مكنتش….
قطعت لتلحق به، بعدما اجفلها بالتفافه، ليذهب متجاهلا الرد او الاستماع لها، اوقفته بجذبه من مرفقه:
– عارف بلاش كدة، اسمعني وافهني الاول .
نفض يدها عنه بعنف هادرًا بصوت مخيف، يحذرها بسبابته:
– مسمعش نفس….. انا رافض أي تبرير ورافض أي كلمة منك اساسًا.
اومأت رأسها بأعين تحتجز بها الدموع، لتردف بصدق ما تشعر به:
– انت حر أكيد، بس انا عايزاك تاخد بالك، ان دا راجل اتجوز خلاص، وانا كمان اتجوزت، يعني كل واحد فينا راح لحاله، انا مليش غيرك دلوك يا عارف، انت بس اللي تخصني، لكن هو لا.
لانت ملامحه قليلًا، حتى هدير انفاسه هدأت وتيرته الى حد ما، محدقًا بها بحيرة امتزجت بغضبه، ثم ما لبث ان ينهي كل ذلك، بخروجه من امامها دون استئذان، يتركها وحدها، تمسح بإبهامها الدموع التي أصبحت تسيل منها بغزارة ودون توقف، لترتمي بثقلها على الفراش، مفرغة كبت حزنها بالبكاء بحرقة .
❈-❈-❈
خط بإمضته على الورقة الأخيرة بهذا الملف الذي راجع على بنوده جيدًا، لهذه الصفقة الهامة التي على وشك تنفيذ عقودها، بفضل شريكه الهمام في العمل، على الرغم من تواضع شخصه في الواقع، والذي كان يهلل له في هذا الوقت:
– برافوا برافوا، ايوة كدة شطور يا بيبي.
تبسم غازي رغم وعيده وتهديده ليردف محذرا له:
– احترم نفسك يا يوسف، انت عارفني مجبلش بالمياصة.
هتف الاخير معبرًا عن حنقه:
– يا عم وهو احنا لقينها المياصة؟ ما انت اللي وش فقر ومانع نجيب الأنثى اللي ترطب علينا الدنيا الناشفة دي، سيب الواحد يتوهم مع نفسه.
دفع غازي الملف من يده ليرد على قوله بضحك:.
– مشكلتي معاك ان بحبك يا يوسف، دا غير ان اساسًا مش عايز اعكر مزاجي.
– ما انا كمان ملاحظ.
– ملاحظ ايه؟
– ملاحظ ان وشك منور بقالك فترة كدة، من ساعة ما جيت معايا من البلد، البوز اللي كان بيقفل لنا اليوم من اوله، المرة دي مش شايفه، ايه يا عسل، تكونش بتحب جديد؟
قالها يوسف بفراسة، قابلها الاَخر بعدم انزعاج:
– وافرض بحب جديد، هجولك انت يا يوسف، دا انت تنشرها في الجرانين، هو انا معرفش لسانك الفالت يا حبيبي.
رد يوسف بدراما:
– لدرجادي انا صورتي وحشة في نظرك، مكنتش اتوقع المعاملة الوحشة دي منك يا صاحبي.
– لا اتوقع اللي اوحش منها كمان؟ جوم ياا.
– لا اله الا الله، هو انت ع القهوة يا عم ولا في وسط الغيط، بتنده ع العمال؟ يا ساتر عليك لما تقلب
اردف بها ناهضًا عن محله، يدعي الخوف، ترافقه ابتسامة الاَخر، ولكنه توقف فجأة ليسأله بجدية:
– الا قولي صحيح، هو انت إمتى مسافر البلد؟
انعقد حاجبيه يرد على السؤال بسؤال:
– ليه السؤال؟ ما انا جولتلك هما كام يوم ع اللي فاتوا عشان اشيل عنك الضغط شوية وبرضوا عشان حاجة في دماغي.
قال الأخيرة بابتسامة متسعة ليُعقب الاَخر بمكر:
– اه ع اللي في دماغك، اموت انا واعرف اللي فيها، المهم انا بسألك يعني عشان لما تقرر الرجوع تقولي اعمل حسابي.
– ليه؟ ناوي تسافر معايا؟.
اومأ على عجالة متهربًا:
– اه يا سيدي، ما انا قولتلك ع الحاجات اللي ناوبة انفذها هناك عشان مشروعنا الجديد، اسيبك بقى واروح اكمل الشغل اللي ورايا.
قالها وذهب على الفور، ليغمغم غازي في أثره بتفكير متسائلًا بحيرة:
– حاجات ايه اللي جالي عليها؟ هو انا اللي مش فاكر، ولا هو اللي بيبلفني، يا ما انت غريب يا يوسف.
نفض رأسه ليتناول هاتفه مقررًا التخلي عن أي شيء يصرفه عنها الاَن، اخرج اسمها من سجل المكالمات، وما هم ان يضغط يهاتفها، حتى ضغط مغيرًا ليتصل من الخط الاَخر.
❈-❈-❈
– التلفون بيرن يا نادية، يا بتي شوفي ليكون اخوكي بيتصل
هتفت جليلة منادية لها، لتجبرها على الخروج من مطبخها تاركة ما تعده من طعام، لتسألها وهي تبحث بعيناها عن مصدر الصوت:
– امال هو فين؟ انا مش فاكرة في اي حتة سندته
ردت جليلة بنعاس، وقد كانت نائمة على الاَريكة في هذا الوقت تريح جسدها المتعب:
– روحي شوفيه في اوضة معتز، اصله كان بيلعب بيه من شوية .
– بووو عليا وعلى سنيني، تاني برضوا، مش كذا مرة انبه عليكي انه مضر عليه، بتسيبي يلعب فيه ليه يس،
ياما؟
ظلت تفمغم متذمرة حتى وجدته على الفراش بجوار صغيرها الذي لعب عليه، حتى غلبه النعاس.
– انت كمان، هتشلني.
غمغمت بها نحوه قبل ان تجيب على الرقم الغريب
– الووو السلام عليكم.
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
انتبهت للصوت لتبعد الهاتف عن اذنها، تعيد على رؤية الرقم الغير مسجل فوصلها صوته بتسلية:
– أيوة يا نادية انا غازي متستغربيش.
كتمت بكفها على فمها، صوت اجفال منها، لتستوعب ببطء كي تجيبه برسمية:
– اهلا يا غازي بيه، بس دي مش نمرتك.
اجابها ببساطة:
– لا والله نمرتي ، بس دا الخط التاني، اصل لاحظت بصراحة انك بتردي بصعوبة على الخط المسجل، يارب ما تعمليها كمان مع ده.
وكأنها تسمع شخصًا آخر، لا تصدق هذه الجرأة منه، تمالكت لتذكره باتفاقه:
– يا غازي بيه ما انت بتتصل كذا مرة، فشيء طبيعي ان مكنش جمب التلفون دايمًا.
– لتكوني شيفاني جاصد يا نادية؟
رفرفت اهدابها بصمت لا تعرف بما تخبره، تود لو استطاعت التأكيد على قوله، ولكن خجلها منعها، ليستغل هو ويواصل:
– طب يعني انا غلطان اني بسألك على جدتي، ولا يمكن عشان بحب اطمن على حبيبي معتز، لا اوعي تجوليها دي عاد ، إلا معتز، انا جبل ما بتصل بكون مكلم البنات، وهما اللي بيسألوني عليه، وانا في كل الحالات بشتاجلوا، اصله حبيبي ونور عيني من جوا……… بس خليكي فاكرة، انا مش بضغط عليكي يا نادية.
– والنبي، امال اللي بتعمله دا اسمه ايه؟
ودت لو تستطيع الرد بها عليه، ولكنها كالعادة لم تجد بدا من التغاضي، لتردف باستسلام:
– ماشي يا غازي بيه، ولا يهمك، تحب ابعت التلفون لجدتي تكلمها بنفسك وتطمن؟
– يا ستي ما انا هطمن واكلمها، المهم خلينا في الأصول الأول، انت ازيك وعاملة ايه؟….. يا ناادية؟
– تاني برضوا ناادية، والمد اللي مش فاهماه في الأسم.
غمغمت بها داخلها، قبل ان تجبر نفسها على الرد بزوق لا يخلوا من جدية:
– زينة والحمد لله يا غازي بيه، تشكر ع السؤال .
– تشكري انتي يا غالية، على فكرة جدتي بتشكر فيكي جوي، بتقولي انك زينة وحتى نفسك في الاكل زين، دي هتجنن على طبق المحشي اللي باعتيهولها الصبح، تعرفي يا ناادية، انا من الوصف وشكرها فيه، نفسي انفتحت جوي وهموت وانا كمان ادوجه من ايديكي .
– ايه هو اللي تدوجه من يدي يا غازي بيه؟
هتفت بها غير مستوعبة لجرأته، ولكنه كالعادة لحق ليردف لها مصححًا:
– يا ناادية انا بتكلم ع الاكل ودا شيء عادي يعني، ميروحش ظنك لحاجة عفشة.
بهتت صامتة عن الرد، تجزم ان هذا الرجل ليس له حل، دائمًا ما يغلبها بمراوغته وتلاعبه بالكلمات.
– ناادية
– ايييوة
تفوهت بها حانقة لتصلها النبرة المتسلية:
– انا كنت بنده بس لما عوجتي عليا وانت ساكتة، هو انتي كنتي سرحانة في حاجة!
❈-❈-❈
توففت قابضة على طبق المسليات بين يديها بحرج يكتسحها، بداخلها رغبة قوية لتنضم معه في المشاهدة على الشاشة العملاقة للتلفاز،
طالعت هيئته، وقد كان جالسًا بنصف نومه باسترخاء ، فاردًا ساقيه بطولها حتى اعلى الطاولة الصغيرة، وهذه الملابس البيتية الأنيقة الذي يرتديها دائما، لا تنكر أنها تعجيها
مندمجًا في أحداث الفيلم الأجنبي، او هو قاصد ذلك لا تعلم
ولكنها مصرة على التقدم والتقرب اليه، لن يثنيها شيء هذه المرة .
ابتعلت تُجسر نفسها وتتقدم حتى جلست تجاوره على الاَريكة، لينهض بالتبعية هو منتبهًا لها، فقالت بارتباك :
– انا جولت اتفرج معاك، بصراحة مش جايني نوم…..
ااا، تحب تتسلى معايا؟ .
لم يجيبها بل زادها حرجًا بهذه النظرات المتفحصة والتي كانت تمر عليها بتقيم وجرأة، من بداية وجهها المزين بإتقان زاد من فتنتها، وشعرها المُتماوج حوله، ثم هذه البيجامة الخفيفة، ذات الربع كوم ، وبنطالها القصير لأعلى الركبة المرمرية، والتي شدت عليها بالقماش بفعل غريزي كي تخفيها، تهربًا من نظرته المكشوفة نحوها.
لترتفع ابصاره اليها قائلًا باقتضاب قبل ان يعود لنفس الوضع السابق:
– براحتك طبعًا.
لعقت شفتيها تريد المتابعة بفتح أي حديث ولكنه لا يعطيها فرصة بجموده، حتى يأست لتقرر المشاهدة معه بصمت الى أن يحين وقت الكلام ، تركت من يدها الطبق على الطاولة القريبة، لتضع همها في تناول حبات الكاجو التي ملئت كفها بها، وما ان همت لترفع ابصارها حتى توقفت الحبة في فمها بصدمة، بما تراه على الشاشة، لتنقل بنظرها نحوه فوجدته مندمجًا في المشاهدة وكأنه شيء عادي بالنسبة له،
أطرقت رأسها نحو الأرض بخجل حتى تنتهي هذه القبلة التي تجمع البطل والبطلة، غافلة عن ابتسامة خبيثة من خلفها شقت ثغره في مراقبتها، لتزداد اتساعًا حينما رفعت رأسها مرة أخرى، لتصعق بالمشهد الذي تطور لأكثر من الجرأة، شهقت لتنهض بفزع من جواره ولكنه أوقفها بأن جذبها اليه من مرفقيها، يطالعها بمكر قائلًا:
– رايحة فين؟ مش جولتي عايزة تتفرجي؟
تلجلجت بأنفاس متلاحقة تجيبه:
– ما انت ما انت مخلي على قناة جليلة أدب، هي ازاي القنوات تعرض الحاجات دي؟ قنوات ايه دي بالظبط؟
رد يجيبها بابتسامة مستترة، مستمتعًا بلون التفاح الذي انتشر على وجنتيها التي التهبت بالسخونة:
– دي قنوات أجنبية لمنصة منفتحة، والحاجات دي عادي، وأجل من العادي كمان عليها.
– يا مري وأجل من العادي كمان؟ طب سيبني، اروح اتفرج ع الشاشة اللي في اؤضتي، انا معنديش الحاجات دي.
قالتها وهي تجاهد لنزع مرفقيها عن قبضته، ولكنه زاد بتشبثه بها ليذهلها بقوله:.
– بس انا عايزك تتفرجي، دا فيلم رومانسي، وكل الحاجات اللي بين البطل والبطلة دي يعتبر شرعية.
رددت من خلفه بعدم فهم :
– شرعية كيف يعني؟ لا هما متجوزين صح؟
نفى بهزة خفيفة من رأسه، ثم خرج صوته بإغواء:
– لأ بس هما بيمثلوا انهم هما كدة فعلا، يعني مثلا دي…..
نزع يده عنها ليلف ذراعه حول خصرها ويقربها اليه حتى ارتطمت بصدره:
– دي تعتبر حاجة طبيعية بين الراجل ومراته، ومراته لازم تهدى على فكرة، مينفعش ترتجف كدة بين درعاته.
افتر فاهاها لتطالعه متسعة العينان بتشتت، فتابع يرفع يده الحرة، ليمرر ابهامه على شفتيها ، والتي تركزت ابصاره عليهم قبل ان يدنو ويلتقمهم بتمهل، حتى سحب استجابه منها ، ليتعمق بقبلته مشددًا بضمها اليه، حتى اذا انتهى اخيرًا، يبعدها بمسافة قصيرة حتى يتمكن من التطلع الى وجهها، وقد اختبئت عينيها خلف جدار أجفانها التي أسبلتهم عنه، بأنفاس لاهثة لا تقوى على النظر اليه،
اطبق على طرف ذقنها باصبعيه يرفع وجهها اليه هامسًا بخفوت:
– تحبي تعرفي بيعملوا ايه تاني كمان.
نظرت اليه متمتمة بغباء:
– ها!
بزغت ابتسامة بثغره، توسعت حتى اظهرت اسنانه البيضاء في الأمام، لتزيد من حرجها، ولكنها اليوم مقررة انهاء الأمر، لذلك لم تجد مفرًا من التجرأ لتبادره هو الفعل.
ابتلعت لتجسر نفسها وتقترب لاثمة بشفتيها على خاصتيه لتطبع قبلة صغيرة، على قدر بساطتها، ولكنها الهبت مشاعره، ليُطالعها بوجه تجهم باستفهام لها، وقد تذكر الاَن، عدم ارتجافها كالسابق بين يديه، والاَن تصفعه بهذه الوداعة، ونظرة كافية بإغوائها؛ ان تُذهب عقله بلا رجعة، تحمل بداخلها دعوة صريحة، وهو ليس بالاحمق؛ حتى يضيع فرصته، أو عدم تلقفها على الفور، ابدًا.
وبدون أي استفسارات أو مقدمات أخرى، وجد نفسه يكتسحها بقبلاته، والعجيب انها كانت تستجيب له، لتثير جنونه بها، ويأخذها بأول جولات عشقه لها، منهيًا بذلك عهدًا طويلًا من الصبر والانتظار، ولتبدأ الاَن مرحلة أخرى، مهما كانت بها الصعاب، ولكنها لن تكون أبدًا بمرار السابق، مرحلة جديدة يميزها العسل، حتى وان اوجعه قرص النحل.
❈-❈-❈
في اليوم التالي
استيقظت من نومها في الصباح الباكر، على اثر لمسات ومداعبات لم تتوقف سوى بعدما يأست من توقفه، لتزوم بحنق:
– يوووه، حرام عليك بجى عايزة انام .
قالتها تشد الغطاء عليها، تهم بالتقلب للناحية الأخرى، ولكنه منعها بجذب الغطاء مشددًا:
– اصحى بجى، هجعد اليوم كله اصحي فيكي ؟
اجبرها بصيحته لأن تفتح أجفانها تبصره بغيظ شديد، مرددة:
– طب وتصحيني ليه والشمس لسة محطتش نورها ع الأرض؟ انت لحجت امتى تنام اساسًا ،عشان تصحى؟..
تبسم مرددًا خلفها بتساؤل واندهاش:
– وانتي ايه عرفك ان الشمس لسة محطش نورها؟ دا انتي فتحتي عينك بالعافية، تشوفي خلجتي والطلعة البهية.
ردت بنزق رافضة الاستسلام للإستيقاظ:
– مش محتاجة زكاوة، شمس الصبحية اول ما بتنزل بتنشر ضيها على جزاز البلكون المجفول ، وبتنور الأوضة،…..
توقفت ولم تجد منه ردًا، مما جعلها تضطر لفتح أجفانها مرة أخرى ورؤيته، ولكنها تفاجأت بأنظاره التي كانت منصبة، على أسفل رقبتها، لتستدرك انحصار الغطاء عنها، وهذه البرودة الطفيفة التي كانت تشعر بها على بشرتها، لتعرف سببها الاَن فقط
فصدر صوت شهقتها بفزع وهي تسحب الملاءة لأعلى، لتثير ابتسامة متسلية على شفتيه ساهمت في ازدياد سخطها ، لتصيح به:
– عايز ايه يا عارف؟
قابل صيحتها بالضحك ساخرًا، حتى غضبت بالفعل، لتعطيه ظهرها، مما جعله يلطف كي يهادنها:
– انتي زعلتي؟
همس بصوته يلامس اذنها بقربه، فردت بعتاب:
– ايوة زعلت عشان انا دماغي تجيلة اصلًا من جلة النوم، وانت صاحي فايج وبتغلس كمان، طب استني على ما الجسم ياخد كفايته في النوم.
ضحك بصوت مكتوم ليعقب ردًا لها:
– يعني الجسم ياخد كفايته في النوم، واليوم يروح علينا، ولا انت عايزانا نسافر المسا ؟
التفت له عاقدة حاجبيها، لتسأله باستفهام:
– سفر ايه يا عارف؟ مين اللي جال ان احنا مسافرين اصلا؟ وايه السبب؟
كانت هيئتها توحي بالغباء التام، ولكنها كانت شهية بشكل موجع، حتى جعلته يتوقف متأملًا لها بصمت دام لحظات، يشبع عينيه من رؤيتها، كي يصدق ان الحلم اصبح حقيقة، وان ما يراه الاَن ليس دربًا من وهم صنعه عقله المريض بعشقها.
– يا عارف انا بكلمك ساكت ليه؟
خرج صوتها ليفيقه من سكرته، ولتجبره على الرد، مفندًا كل سؤال بإجابته:
– مين اللي جال ان احنا مسافرين؟ انا اللي جولت.
وعن المكان المقصود السفر ليه؟ فدا مفاجأة انا محضراهالك.
ولو عن السبب…… فدا عشان شهر العسل يا عسل ولا انتي نسيتي ان النهاردة اول يوم في جوازنا بجد؟
ابتلعت بخجل شديد، وقد ذكرها الاَن بما حدث ببنهما بالأمس، حينما بادرته هي طالبة قربه، وكأنه قرأ أفكارها، دنى ليطبع قبلة أعلى جبينها، يخاطبها بحنان محفزًا:
– كدة بجى مدام فوجتي وصحيتي لحبيبك، اجدر اصبح براحتي، عشان تجومي وتتشطري، تفطري وتجهزي نفسك…. صباح الفل يا عروستي، صباحية مباركة.
❈-❈-❈
والى سكينة التي لم تكن مصدقة حتى الآن لرؤية حبة قلبها، ابن حبيبها الراحل:
– يا حبيب ستك يا غالي، كبرت يا واد كدة في كام شهر وبجيت راجل .
ضحكت نادية باضطراب تردد خلفها بما يشبه السخرية:
– بجى راجل كمان؟! جولها الله يحظك يا ستي، بوس على يدها يا معتز، مدام هي شيفاك كبرت صح.
سمع منها صغيرها، ليزعن بطاعة وحركات مسرحية أثارت الضحكات على افواه الثلاث نساء ، هي وسكينة وجدته سليمة، التي لم تكن في حالتها الطبيعية على الإطلاق للترحيب بهم جيدًا، حتى سألتها بفضول، بعدما ابتعدتا قليلًا عن المرأة العجوز:
– ليه حساكي مش مبسوطة بجيتنا؟ هو انتي زعلانة من حاجة؟
اجابتها على الفور وبدون مواربة:
– ايوة زعلانة يا نادية، ايه اللي خلاكي تيجي من غير ما تديني خبر؟
اكتنفها حرج شديد فلم تكن هذه الإجابة التي تتوقعها على الإطلاق حتى دافعت مبررة:
– جيت فجأة عشان اشتاجتلك واشتاجت لجدتي سكينة اللي هتموت من الفرحة دلوك عشان شافت معتز، انتي كمان موحشكيش؟
ردت سليمة بحدة ولم تأبه:
– لاه يا نادية موحشنيش عشان انا كل يوم بكلمه فيديو لو تفتكري، وبخلي سته سكينة كمان تشوفه في التلفون وتكلمه، دا غير ان باجي بنفسي اشوفه كل اسبوع،
هذه المرة شكل رد المرأة لها صدمة بالفعل، حتى اطرقت رأسها تود الفرار من مكان غير مرحب بوجودها فيه،، يبدوا ان سليمة قد فهمت عليها، فتابعت موضحة لها:
– يا بتي افهميني وبلاش تتصرفي بطيبتك دي، انا ليا اسبابي اللي تخليني امنعك من الجية هنا، زي ما بيدي انا ماشيتك من هنا، انا مطمنة عليكي انتي والود هناك، تبعيني وريحي جلبي .
واجهتها سائلة:
– اتبعك في ايه طيب اكتر من كدة؟ ما انا بنفذ كل اللي بتجولي عليه، جات يعني على زيارة النهاردة، ما البيت هادي اها، لا عيسى ولا سند ولا حتى عماتي جاعدين.
– وانتي شايفة المشكلة في دول وبس؟
طالعتها باستفهام سائلة:
– امال في إيه تاني كمان؟
ابتسامة جانبية ساخرة ارتسمت على ثغر سليمة، خالية من أي مرح، بغموض غلف صفحة وجهها، زاد من حيرة الأخرى، وقد يأست من الرد على سؤالها، لتجفل على تبدل ملامحها، بحدة تطل من عينيها، نحو هذا الذي دلف اليهم:
– مسالخير يا جدة، ما شاء الله، دا معتز باشا، مشرف النهاردة كمان.
ردت سكينة بفرح غامر:
– شوفت يا مالك، الباشا نور بيته النهاردة مع امه كمان.
سمع منها وانتقلت عينيه نحو الكنبة التي جلست عليها الاثنتان:
– ايوة ما انا خدت بالي اها، ازيك يا نادية، دا فعلا البيت رجع ينور بوجودكم، انتي سبتيه ليه بس؟
ردت بسذاجة غافلة عن امتقاع وجه الأخرى بجوارها:
– الله يبارك فيك يا مالك، انا نفسي والله ارجع لشجتي من تاني ، بس الظروف بجى.
– ظروف ايه؟
سألها، فردت سليمة تسبقها:
– ظروف شخصية، أخوها هو منعها من الجية هنا، مش عايزاها تبجى طرف في اي مشكلة، ما انت عارف العرايك هنا في البيت مبتخلصش.
– عرايك ايه تاني؟
همست بها سائلة، قبل ان تزجرها سليمة بنظرة غاضبة اخرصتها، متمتمة بصوت بالكاد خرج من بين شفاهاها:
– اسكتي خلاص، متكلميش تاني.
ابتلعت تنصاع للأمر، وشعور بعدم الارتياح يستبد بها، توتر في الاجواء لا تعلم سببًا وجيهًا له، المرأة التي تعدها بمثابة والدتها، تصدمها اليوم بتعاملها الجاف معها، ثم هيئتها الاَن، وقد صرفت نفسها عن الانتباه لها، لتركز مع هذا الفتى، شقيق زوجها الراحل ، والذي صار يداعب صغيرها في حجر جدته، وكأنها تراقبه وتترصد أفعاله، لا تدري لما هذا الارتياب؟
ومن جانبها سليمة، فهي لم تكن غافلة، عن نظرات التساؤل والحيرة التي ترمقها بها، تستجدي منها استفسارًا لن تبوح به ابدا، وعقلها مشتت مع هذا الفتي، تعود بذاكراتها لمساء اليوم السابق.
حينما استيقظت في الثانية صباحًا على صوت المنبه الذي تفعله يوميًا من اجل قيام الليل وقراءة القرآن حتى تلحق بصلاة الفجر.
فضلت سليمة قبل القيام بكل ذلك ان تهبط الطابق السفلي من أجل الاطمئنان على زوجة عمها سكينة اولًا، فهذا الأمر تفعله منذ مرض المرأة ورحيل ابناءها واولادهم للبلاد التي يقطنون بها،
بخطواتها الرزينة مرت بالطرقة التي تؤدي الى غرفة نومها ولكنها وقبل ان تصل الى هناك، شعرت بصوت حركة بالكاد تصدر من داخل غرفة المكتب الخاصة بعمها الراحل، حتى توقفت تنصت قليلًا لربما كانت قطة بالداخل، ولكن مع تذكرها لغلق جميع النوافذ بالإضافة لهذا الباب الذي تقف بجانبه، زاد التوجس داخلها، لتسرع على الفور تتناول المفتاح الذي تعلم مكانه جيدا ، كي تفتح وترى ما يحدث، ولكن وبمجرد وضعه بغلق الباب، على صوت كركبة، وبعدها صوت أعلى، لم تعلم مصدره، سوى عندما دلفت الغرفة، لتفاجأ بالنافذة المفتوحة على مصراعيها،
ركضت تنظر منها للخارج ولكنها لم ترى شيئًا على الإطلاق، بحثت بعيناها يمينًا ويسارًا ، ولم تجد شيئًا ، حتى عادت تتأمل المحتويات القديمة المهجورة، وقد تأكدت لأثر العبث ببعض الاشياء التي تحركت من مكانها، وصل صوت نباح احد الكلاب في الشارع لتركض نحو النافذة مرة أخرى، فترى شبح الجسد النحيف، قبل ان يختفي في الشارع الاَخر، ولكنها عرفته، عرفته من ظهره،، ومع ذلك لن تخبر احد، تشعر بقرب اكتشاف الحقيقية، لقد اقترب الوقت.
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ميراث الندم)