رواية مهمة زواج الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم دعاء فؤاد
رواية مهمة زواج الجزء الثالث والعشرون
رواية مهمة زواج البارت الثالث والعشرون
رواية مهمة زواج الحلقة الثالثة والعشرون
خرج معتصم لتوه من المرحاض ليجد نرمين قد بدلت ملابسها الى بيچامة حريرية بحمالات رفيعة..
ارتدى ملابسه ثم أخذته من يده نحو طاولة الطعام و هي تقول بحماس:
ـــ يلا يا حبيبي نتغدى… الأكل لسة سخن و تحفة..
نزع يده من يدها برفق ثم قال بضيق:
ـــ انا ماليش نفس مش هقدر اكل.
اقتربت منه حتى التصقت به و أخذت تتحسس صدره و هي تقول بدلال:
ـــ عشان خاطري يا عصومي تعالى نتغدى سوى… من زمان مأكلناش مع بعض.
زفر بضيق ثم اضطر لمجاراتها و جلس قبالتها على الطاولة و شرع في الطعام و أكل بعض لقيمات بسيطة و هو شاردا حتى أنه كان لا يدري ماذا يأكل و نهض سريعا و اتجه نحو غرفة الاستقبال ثم جلس بأحد الأرائك ينتظرها حتى تنتهي لينهي مسيرته معها.
بعد دقائق أتت اليه ثم جلست قبالته على حافة الطاولة الصغيرة القريبة من أريكته حتى يكون وجهها قريبا من وجهه ثم مدت يدها اليمنى تتحسس لحيته النامية الناعمة و هي تقول برقة:
ـــ مالك يا حياتي؟!… مزاجك مش حلو ليه؟!
نظر لها يتأملها قليلا بشرود و هو يفكر ثم تحدث بنبرة جادة و هو يزيح يديها من على لحيته:
ـــ لحد هنا و كفاية بقى يا نرمين.. انتهينا
نظرت له مقطبة الجبين باستنكار، فاسترسل بجدية تامة:
ـــ أنا قررت أتجوز.
للحظة انتابتها صدمة قاتلة و لكن سرعان ما استعادت رشدها لتبتسم باصطناع ثم قالت:
ـــ و ماله يا حبيبي… اتجوز.. و انا زي ما اتفقنا قبل كدا مش هتدخل في حياتك مع مراتك التانية ولا هأثر عليها.
رد عليها ببرود:
ـــ دا كان على أساس اني هتجوز في البلد و هسيبها في الدوار مع أمي… انما البنت اللي عايز اتجوزها من هنا من القاهرة و مش هتقبل انها تكون زوجة تانية.
تحولت ملامحها للوجوم ثم قالت بتجهم:
ـــ بس دا مكانش اتفاقنا..
رفع كتفيه لأعلى و هو يقول:
ـــ أنا فعلاً مكانش في نيتي ابدا اني أخلف اتفاقي معاكي… و كنت باقي عليكي لآخر لحظة في عمري.. لكن..
ردت تسأله بنبرة أليمة:
ـــ لكن ايه؟!… متقوليش انك حبيتها..
هز رأسه بموافقة، فضحكت نرمين بسخرية بملئ فمها ثم تحولت ملامحها للوجوم فجأة و هي تسأله بتهكم:
ـــ هو انت بتحب زي الناس عادي كدا؟!… طاب يا ترى شوفتها فين و حبيتها امتى؟!.. شكلها ايه دي اللي قدرت توقع معتصم البدري؟.. أحلى مني مثلا؟!
أخذ يطالعها بنفاذ صبر ثم رد ببرود:
ـــ لو على الحلاوة انتي أحلى… لكن القلب بقى و ما يريد.
سكتت تتنفس بوتيرة سريعة و هي غير قادرة على ابداء أية ردة فعل… هي لا تريد خسارته، فحتما حبه لأخرى مجرد نزوة و ستمر أو هكذا تظن..
بركت على ركبتيها و استندت بذراعيها على فخذيه ثم تحدثت و هي تتوسل إليه:
ـــ معتصم انا… انا مقدرش اعيش من غيرك.. انت كل حاجة ليا… انت الحاجة الحلوة اللي في حياتي.. حِب و اتجوز بس متسبنيش… انا هضيع من غيرك يا معتصم.
رد برجاء و هو ينظر لعينيها:
ـــ لو بتحبيني بجد متقفيش في طريق سعادتي… و سيبيني أعيش اللي معرفتش أعيشه معاكي.
ردت بانفعال طفيف:
ـــ ايه اللي انت معرفتش تعيشه معايا… انا اديتك كل حاجة.. كنت بفهمك من نظرة عينيك..كنت محتارة اسعدك ازاي.. معصتش ليك أمر.. ايه اللي كان ناقصك معايا يا معتصم؟!
هب من مكانه يرد عليها بانفعال أشد:
ـــ ناقصني استقرار…ناقصني حب… ناقصني بيت و اولاد.. ناقصني حياة كاملة مشوفتهاش معاكي يا نرمين.
أغمضت عينيها بألم من سهام كلماته القاتلة، ثم ابتلعت ريقها بصعوبة محاولة السيطرة على موجة غضبها و نهضت لتقف أمامه و تقول بانكسار:
ـــ معرفش مين فينا اللي أناني.. بس اللي انا عارفاه و متأكدة منه اني بحبك بجنون و مهما تعمل حبك جوايا مش هيقل.
رد بنبرة معذبة:
ـــ احنا الاتنين أنانيين…كل واحد فينا عايز يرضي قلبه و بس مهما كانت الطريقة حتى لو هيدوس على التاني…بس صعب عليا اكسر قلبي و قلب الانسانة اللي حبيتها عشان مكسرش قلبك يا نرمين…يا ريت تقدري تفهميني.. يا ريت.
عم عليهما صمتا بليغا.. نرمين تنظر لمعتصم بلوم و عتاب و معتصم يناظرها ببرود و كأنها تذكره بخطيئته التي ربما تحول بينه و بين حبيبته الى أن نطق أخيراً و قال بثبات:
ـــ انتي طالق يا نرمين.
بدأت الدموع تغشي عينيها و هي تنظر له و تهز رأسها بعدم تصديق، فاسترسل بمزيد من البرود:
ـــ لو عايزة تنهي الشراكة اللي بينا و كل واحد ياخد نصـ…
قاطعته بوضع سبابتها على شفتيه ثم قالت ببكاء:
ـــ متكملش…انت كمان عايزنا ننهي الحاجة الوحيدة اللي هتربطني بيك!!.. لا.. مقدرش.. كفاية اني هشوفك حتى لو مش هتكون من حقي.. كفاية اني هسمع صوتك هشم ريحتك هشوف ملامحك اللي بتوحشني حتى و انت معايا…و حياة العشرة اللي بينا خليني جنبك حتى لو هنكون مجرد شركا.
تأثر كثيراً من تلك الحالة الموجعة التي أصابتها حتى أنه شعر بمدى أنانيته معها، فهو قد جرب الحب و يدري جيدا كم هو موجع فراق المرء لمن يحب… و لكنه أيضاً ليس بامكانه التضحية بمن عشقها من أجلها.
مسد على شعرها و هو يقول باشفاق:
ـــ خلاص يا نرمين اهدي… خلاص شراكتنا هتستمر بس مش عايز أي تجاوز منك… عايزك تعامليني كأني شخص غريب عنك.
ارتمت بحضنه و أجهشت في بكاء مرير و هي تضرب ظهره بكفيها و تهذي بلاوعي:
ـــ ازاي.. ازاي.. ازاي..
أخذ نفسا عميقا محاولا لملمة شتات نفسه ثم زفره ببطئ و هو يبعدها عن حضنه و يقول برجاء:
ـــ لو بتحبيني و عايزاني مقطعش علاقتي بيكي اسمعي كلامي..
ثم أخذ يهزها من ذراعيها و هو يصيح بعصبية و غضب:
ـــ متخلنيش أتخنق منك يا نرمين…قولتلك خلاص انتهينا.
أطبقت جفنيها محاولة السيطرة على سيلان دموعها ثم فتحتهما لتقول و هي تهز رأسها عدة مرات:
ـــ حاضر… هسمع كلامك و مش هضايقك..
أشاح بوجهه للجهة الأخرى و هو يزفر بضيق من نفسه و من الموقف برمته ثم عاد ينظر اليها ليقول بنبرة جادة:
ـــ انا هسيبلك الشقة دي تعيشي فيها و انا هقعد مع عيشة لحد ما اشوفلي شقة تانية.
أخذت تمسح عبراتها بيديها ثم قالت بنبرة متحشرجة من أثر البكاء:
ـــ لا انا هرجع الفيلا بتاعتي… بكرة الصبح هلم هدومي و حاجتي و هروح على هناك.
أومأ بوجوم و هو يقول:
ـــ تمام اللي يريحك.. أنا لازم أروح الشركة دلوقتي…. و انتي اقعدي مع نفسك و راجعي حساباتك و بلاش تيجي الشركة النهاردة..
هزت رأسها بموافقة دون أن تتحدث، فلم يعد لديها طاقة للكلام بعد تلك الصفعة القاسية التي تلقتها منه على حين غرة.
تركها بمكانها و دلف غرفة النوم ليرتدي بدلة رسمية سوداء بدون رابطة عنق ثم أخذ هاتفه و مفاتيح سيارته و غادر الشقة متجها الى شركته.
بعد حوالي ربع ساعة وصل شركته و أخذ يتفقد ملفاته و جدول أعماله مواصلا العمل مع زوج شقيقته بلا انقطاع الى أن بدأت الشمس في المغيب و حينها رن هاتفه برقم أدهم، دق قلبه بقلق ربما.. و لكنه لا يدري لما انتابته تلك الحالة حين رأى اسمه على شاشة الهاتف و لكنه أجابه على أية حال:
ـــ ألو أدهم باشا عامل ايه؟!
ـــ بخير يا معتصم بيه… أنا كنت عايز أقابلك بس يا ريت نكون لوحدنا على انفراد.
سكت معتصم مليا يفكر ثم قال:
ـــ تمام يا باشا… ايه رأيك تشرفني في شركتي… هنكون براحتنا أكتر.
استحسن أدهم الفكرة ثم أومأ بموافقة:
ـــ تمام مفيش مشكلة… فاضي أجيلك دلوقتي؟!
ـــ و لو مش فاضي أفضالك.
ابتسم أدهم بسخرية متوعدا له في نفسه ثم قال:
ـــ طاب يا ريت تبعتلي location بتاعك و انا نص ساعة بالكتير ان شاء الله و هكون عندك..
ـــ تمام يا باشا في انتظارك.. مع السلامة..
اغلق معتصم المكالمة ثم أرسل له موقعه عبر رسالة نصية ثم عاد يستكمل أعماله بذهن شارد بعدما أعطى اوامره للسكرتيرة بحسن استقبال الضيف القادم في خلال نصف ساعة.
بعد حوالي خمسة و ثلاثين دقيقة حضر أدهم و قد استقبلته السكرتيرة بحفاوة ثم أدخلته الى معتصم الذي استقبله استقبالا حارا و أجلسه في الصالون ذي الأرائك الجلدية الفاخرة و طلب له القهوة.
جلس أدهم و هو يدور بعينيه في انحاء الغرفة ثم قال بنبرة جليدية:
ـــ ما شاء الله المكان فخم أوي يا معتصم… اسمحلي اقولك معتصم من غير القاب؟!
ـــ أه طبعاً يا أدهم باشا احنا اخوات.
هز رأسه عدة مرات ثم تحدث بنبرة ذات مغذى:
ـــ بجد انا مبهور من شاب زيك لسة في مقتبل العمر و قدر يأسس شركة فخمة زي دي بدون مساعدة حد.
أحس معتصم بعدم الارتياح من نبرته التي يتحدث بها، و لكنه تجاوز ذلك قائلا:
ـــ انا بايع كتير من ورثي من ابويا الله يرحمه في تأسيسها.
تجاوز أدهم رده و كأنه لم يسمعه ثم استرسل بنبرة مبطنة بالسخرية:
ـــ بس انت فعلاً عاجبني… جريئ.. جريئ أوي..
بدأت نبرته تحتد و هو يقول:
ـــ جريئ لدرجة انك تتقدم لأختي و انت متجوز غيرها و بتخدعنا كلنا.
سكت معتصم بصدمة و أحس أن الأرض تهيم به، فقد انسحب البساط من تحت قدميه دون أن يشعر، و لكنه حاول التحلي بالثبات ثم قال:
ـــ انا طلقتها… و بعدين مكنتش ناوي أخبي عليكم.. كنت هقول في الوقت المناسب.
لوى أدهم فمه بسخرية:
ـــ كنت هتقول امتى و انت المفروض مستني مني الموافقة.. انت انسان كداب.
ابتلع ريقه ثم تحدث بثبات:
ـــ الموضوع دا يخصني انا و ريم…كنت هقولها و هفهمها انا اتجوزت ليه و ازاي..
ـــ لا متتعبش نفسك… انا هفهمها انت اتجوزت ليه و ازاي..جوازة رخيصة زيك بالظبط عشان متعتك و مزاجك.
أخذ يهز رأسه بنفي و هو يتحدث بانفعال نوعا ما:
ـــ لا يا أدهم باشا مش انا…يعلم ربنا ان الست اللي اتجوزتها دي مكنش في نيتي أبداً اني أطلقها… بس الظروف فاجئتني و حبي لريم لغبطلي كل حاجة… حبيتها و عايزها معايا علطول.. ايه يا أخي الحب معداش عليك؟!
رد أدهم بانفعال أشد:
ـــ الحب اني اصارح اللي حبيتها بكل حاجة من اول لحظة.. مش أعلقها بيا و بعدين أقولها اسف انا كنت هقولك..
أخذ معتصم يتنفس بوتيرة عالية غير قادرا على تعزيز موقفه أمام أدهم، فاسترسل أدهم بنبرة جليدية باردة:
ـــ بس الحمد لله ان ربنا كشفك ليا في الوقت المناسب… مكنتش اتوقع انك دنئ و حقير كدا.
وقف معتصم بعصبية يجذبه من تلابيبه و يصيح بغضب:
ـــ أنا مش حقير.. انت فاهم؟!
ناظره أدهم ببرود ثم نزع يديه الممسكة بياقته و هو يقول ببرود:
ـــ ايه؟!.. وجعتك؟!.. معلش.. اصل دايما الحقيقة كدا بتوجع..
أخذ معتصم يطالعه بشر يود لو يلكمه في وجهه لعله يسترد بعضا من كرامته التي بعثرها له و لكنه تراجع فقط لأجلها، فاسترسل أدهم و هو ينوي انهاء ذلك الحوار السخيف:
ـــ اسمع يلا… ريم دي أغلى حاجة في حياتي و بحبها أكتر من نفسي.. معنديش استعداد أجوزها لواحد second hand.. و اياك…. اياك تحاول تقرب منها او تكلمها… ساعتها همحيك من على وش الدنيا.. كفاية الصدمة اللي هتحصلها لما تعرف حقيقتك.
ألقى بكلماته ثم استدار مغادرا من أمامه و عروق رقبته منتفخة من فرط الغضب، فخرج من الغرفة و هو يسير بسرعة حتى أنه اصطدم بنرمين و لم يلتفت اليها حتى ليعتذر، فصرخت به بعدما تخطاها:
ـــ ايه قلة الذوق دي؟!
لم يكترث لها و انما استمر في طريقه الى ان سمع صوت السكرتيرة ترحب بها قائلة: “أهلا يا مدام نيرمين”.
قاده فضوله لمعرفة شكلها فوقف بغتة و استدار يطالعها بنظرة شمولية، فقد كانت طويلة القامة ذات قوام أنثوي لا يقاوم، ترتدي بنطال اسود جلدي يلتصق بساقيها تعلوها كنزة قصيرة للغاية بنصف كم بالكاد تغطي بطنها و شعرها الأشقر المموج منسدلا على ظهرها علاوة على مستحضرات التجميل الصارخة التي صبغت بها وجهها، فأخذ ينظر اليها باشمئزاز و هو يتمتم بصوت خافت:
ـــ ” ليه حق يريل عليها ” ثم بصق على الأرض من شدة اشمئزازه منهما و استكمل طريقه مغادرا الشركة بأكملها.
بينما معتصم اخذ يدور بالغرفة بعصبية و هو يجذب خصلات شعره من شدة انفلات اعصابه، ثم قام بالاتصال بهشام و بمجرد ان رد عليه صرخ به:
ـــ شوفلي شوية البهايم اللي في الشركة ازاي يطلعوا اسرارنا براها… ازاي دا يحصل؟!.. انا مش عايز أشوف وشهم تاني في الشركة.. اقسم بالله حسابهم هيكون عسير معايا..
اغلق المكالمة دون أن يستمع لرده، فقد كان في حالة لا تسمح له بجدال أي شخص حاليا، علت وتيرة تنفسه للغاية و هو يشعر بالضياع… لا يدري كيف سيصلح تلك المعضلة و كيف سيكون موقف ريم ان أخبرها أخوها بما علم..
فقام بالاتصال بها ليكون هو أول من يخبرها قبل أن تعلم من غيره حتى يتمكن من شرح مبرراته و أسبابه ربما تلتمس له العذر و تتجاوز عن ذلك الذنب الذي اقترفه في حق نفسه و حقها..
ـــ ألو.. ريم أنا عايز أقابلك دلوقتي.
ـــ دلوقتي؟!.. ليه في ايه قلقتني..
ـــ هقولك بس لما أقابلك… مش هينفع اقول اي حاجة في التليفون.
سكتت قليلا تفكر بحيرة و لكنها أحست من نبرة صوته أن الأمر جلل، فحثها معتصم قائلا برجاء:
ـــ عشان خاطري يا ريم لازم اشوفك دلوقتي…متقلقيش مش هأخرك..
تنهدت بقلة حيلة ثم قالت:
ـــ حاضر يا معتصم… اقابلك فين؟!
ـــ قبل اي حاجه متقوليش لأدهم انك هتقابليني لأنه أكيد هيرفض و هيمنعك… أنا آسف اني هحطك في الموقف دا بس صدقيني غصب عني.. مضطر.
ـــ ماشي يا معتصم… بس يكون في علمك مش هقابلك تاني ابدا بدون علم أدهم..
ـــ ماشي يا حبيبتي… ابعتيلي بس اللوكيشن بتاعك و انا هستناكي في العربية برا الكومباوند.. عربيتي چيب سودا.
ـــ تمام هلبس و هرن عليك.. باي.
أغلقت الهاتف و هي في حالة من القلق من مقابلة معتصم من ناحية و من خروجها بدون علم شقيقها من ناحية أخرى.
بينما معتصم التقط مفاتيح سيارته ثم خرج مسرعا من غرفة مكتبه ليصطدم هو الآخر بنرمين حيث كانت في طريقها لغرفته و لكنه تجاوزها دون أن ينبس ببنت شفه مستكملا طريقه خارج الشركة الى حيث يصف سيارته.
اخذت نرمين تضرب الأرض بقدميها بغيظ منه، فخرجت هي الأخرى لتستقل سيارتها ثم أخذت تسير في الطرقات بلا وجهة محددة تحاول التفكير بهدوء أعصاب ربما تجد حلا تستعيد به معتصم الى أن اهتدت الى الاتصال بشقيقها المقيم بالامارات العربية المتحدة ربما يستطيع مساعدتها.
اتصلت به و بمجرد أن أجابها أخذت تبكي و تتحدث بانهيار:
ـــ الو… الحقني يا نادر معتصم طلقني.
ـــ ايه؟!… طاب اهدي يا حبيبتي بس و فهميني.. ايه اللي حصل؟!
ـــ اتعرف على بنت و حبها و عايز يتجوزها… طلقني عشان يتجوزها يا نادر..
أخذ يعتصر كفيه بغضب ثم قال بهدوء مصطنع:
ـــ طاب سيبيني شوية كدا يا نرمين أفكر في حل… لازم يبعد عن البنت دي عشان يرجعلك تاني.. يا إما لو عايز يتجوزها يسيبك على ذمته.
ـــ قولتله يتجوزها و يخليني معاه بس رفض… قالي انها مش هتقبل تكون زوجة تانية.
ـــ خلاص يبقى هو اللي جابه لنفسه و يستحمل بقى اللي هعمله فيه..
ـــ لأ… لأ يا نادر اوعى تأذيه.. أنا بحبه و عايزاه يرجعلي بأي طريقة و بأي تمن.
ـــ متخافيش يا قلبي مش هأذيه… و هرجعهولك يا نيرو… و غلاوتك عندي هيرجعلك و هيندم على اليوم اللي فكر يسيبك فيه و من غير ما أذيه متقلقيش..
تنهدت بارتياح قليلا ثم قالت بامتنان:
ـــ ربنا يخليك ليا يا نادر… مش عارفه لو انت مش موجود في حياتي كنت عملت ايه..
ـــ حبيبتي انتي اختي و حتة مني و ان موقفتش جنبك مين يعني اللي هيقف جنبك في مشكلة زي دي… مش عايزك تفكري و سيبي الموضوع دا عليا… هحسب حسبتي كدا و هكلمك تاني عشان افهمك هتعملي ايه بالظبط.
ـــ حاضر يا حبيبي… هستنى مكالمتك بفارغ الصبر.. بوسلي هايدي و سلملي عليها..
ـــ حاضر يا قلبي… مع السلامة
بعد حوالي ربع ساعة انتهت من تجهيز حالها ثم التقطت هاتفها وضعته في جيب بنطالها ثم خرجت من غرفتها تتفقد أمها فوجدتها نائمة بغرفتها و أيضاً ندى كانت نائمة، فاتجهت نحو باب الشقة تفتحه في نفس اللحظة التي كان يفتح فيها أدهم الباب لتتفاجئ بمثوله أمامها، فتحدث و الغضب يكسو ملامحه:
ـــ رايحة فين؟!
سكتت تنظر له و هي تبتلع ريقها بخوف ثم لم تجد بدا من البوح بالحقيقة حيث قالت بتوتر:
ـــ مـ معتصم كلمني عايز يقابلني دلوقتي في موضوع ضروري و أناااا…
قاطعها و هو يجذبها من رسغها الى داخل الشقة يجرها خلفه بعدما أغلق الباب حتى دلف غرفتها ثم تركها ليقول بحدة:
ـــ أنا هقولك هو كان عايزك ليه؟!
تطلعت اليه باستغراب و خوف في ذات الوقت في انتظار ما سيقوله ليتحدث أدهم بانفعال:
ـــ الباشا طلع متجوز و مخبي علينا… و سيادته طبعاً عايز يقابلك عشان يعترفلك بنفسه قبل ما تعرفي مني..
اتسعت عينيها بصدمة بالغة و هي تهز رأسها بعدم تصديق:
ـــ متجوز!!… ازاي… لأ… معتصم ميعملش كدا… كان هيقولي.. لا أكيد انت فهمت غلط يا أدهم… في حاجة غلط.
هزها من كتفيها و هو يصرخ:
ـــ هي دي الحقيقة… متجوز من خمس سنين ست أرملة و أكبر منه بعشر سنين..
ازدادت وتيرة تنفسها للغاية و أخذ صدرها يعلو و يهبط من فرط الصدمة، فاسترسل أدهم بمزيد من الحدة:
ـــ الواطي الحقير متجوزها جواز متعة و لما حب غيرها رماها و طلقها و كل دا و احنا نايمين على ودانا و بيخدعنا.
انتبهت حواسها لهاتين الكلمتين “جواز متعة” فسألته:
ـــ يعني ايه جواز متعة؟!
سكت أدهم لا يدري كيف يشرح لها معناها الى أن قال:
ـــ يعني متجوزها بغرض اشباع رغباته مش بغرض الاستقرار و تكوين بيت و أسرة… و دا في حد ذاته فيه شبهة شرعية دا ان مكانش جواز باطل من الأساس.
اتسعت عينيها بصدمة أخرى لتشعر بمدى دنائته و انحطاطه و انتابها شعور آخر بالاشمئزاز منه و من نفسها أن انساقت خلف أكاذيبه و وقعت في حب ذلك الحقير.
في تلك اللحظة رن هاتفها في جيبها، فقال أدهم:
ـــ هو اللي بيرن؟!
اخرجت الهاتف من جيبها تتفقده فوجدته هو فهزت رأسها بايجاب، فرد أدهم بجدية:
ـــ ردي عليه انهي معاه كل حاجة…و فهميه ميحاولش يتصل بيكي تاني.
ألقى بأوامره ثم استدار مغادرا الغرفة، ففتحت المكالمة ليأتيها صوته الملهوف:
ـــ ريم انتي اتأخرتي كدا ليه؟!.. انا مستنيكي عند بوابة الكومباوند.
حاولت السيطرة على أنفاسها المتسارعة لتقول بغضب مكتوم:
ـــ خلاص مالوش لزوم… مفيش كلام يتقال بعد اللي عرفته.
علم من ردها أن أدهم قد سبقه و تحدث معها، فرد عليها بعصبية:
ـــ لا يا ريم انتي متعرفيش حاجة… لازم تسمعي مني.
ـــ مش عايزة أسمع حاجة من واحد واطي و كداب زيك..
ـــ ريم أدهم فاهم غلط…اه انا كنت متجوز و خبيت عليكي بس لازم تعرفي مني القصة كلها مش من اخوكي… الكلام اللي أدهم قالهولك عني مش صحيح.. هو حلل اللي عرفه عني بطريقته.. بس انا مش حقير زي ما فهمك… انتي لازم تسمعيني يا ريم.
صرخت به و هي تبكي:
ـــ خلااااص… مش عايزة أسمع اي حاجة… كفاية بقى.. كفاية.. ابعد عني و انسى انك عرفتني في يوم من الأيام…
أغلقت المكالمة قبل أن يرد ثم أغلقت الهاتف بالكلية ثم ارتمت على سريرها تدفن وجهها في وسادتها و هي تبكي بحرقة… تبكي حبا قد تملك منها حتى ظنت أن السعادة قد فتحت لها بابها لتعيش معه حالة من العشق كم حلمت بها و لكن صار الحلم هباءا بل تحول لكابوس.
على الناحية الأخرى أخذ معتصم يضرب عجلة القيادة بقبضة يده مرات كثيرة يفرغ بها غضبه بعدما انقلبت مخططاته كلها ضده في لمح البصر.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)