روايات

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل السابع عشر 17 بقلم مايسة ريان

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل السابع عشر 17 بقلم مايسة ريان

رواية ملاك يغوي الشيطان البارت السابع عشر

رواية ملاك يغوي الشيطان الجزء السابع عشر

ملاك يغوي الشيطان
ملاك يغوي الشيطان

رواية ملاك يغوي الشيطان الحلقة السابعة عشر

أستيقظت زينة فى اليوم التالي مبكرا وعند الظهر كان قد أصابها الملل فقررت أن تذهب الى القارب فقد أشتاقت اليه وسوف تتناول الغداء مع بيدرو ومن هناك سوف تتصل بآدم ليعرف بمكانها حتى لا يحدث مثلما حدث بالأمس .
سارت مسافة طويلة حتى وصلت الى المرفأ وعبرت الطريق الى رصيف الميناء ووقفت حائرة تدور بعيناها على طول الرصيف واليخوت العملاقة متراصة فى صفوف على حسب أحجامها وتذكرت أن قاربهم يقف فى الصف الخلفي .. سوف تراه بسهولة وتستطيع تمييزه فهو مميز .. شقت طريقها الى عمق المرفأ ولمحت الصواري العالية لمجموعة من القوارب الشراعية فدارت حول مرسى اليخوت الصغيرة الى اليسار ورأت القارب واقفا بين قاربين شراعيين آخرين ..
كان بيدرو يقف عند المؤخرة يتحدث الى أحد أصحاب القارب المجاور لهم فزعقت زينة بأسمه فاستدار ومال على الحاجز وابتسم لها بترحاب قائلا
– مرحبا بالأنسة المرفهة نزيلة الفنادق الفخمة .
قالت ضاحكة
– مرحبا بالبحار الحقود .
– ما الذي جاء بك ؟
– ساعدني أولا على الصعود ومن ثم أخبرك .
نزل بيدرو السلم ومد يده لزينة التى قفزت وتعلقت بيده حتى أستقرت قدماها على الدرج وتبعت بيدرو الى الأعلى
قال بيدرو بسخرية مازحة
– يبدو أن البقاء فى غرف الفنادق الفخمة لا يروق للبعض .
– هذا لأنني لم أعتاد على تلك الرفاهية .. أعتدت على العمل فى الفنادق وليس العيش فيها .
سألته ومعدتها تقرقع من الجوع فهي لم تتناول طعام الأفطار
– هل تناولت غداءك ؟
قال لها من وراء ظهره
– كنت على وشك تحضيره للجميع .
توقفت زينة بغته وسألته
– ومن الجميع ؟ هل يوجد أحد غيرك هنا ؟
توقف واستدار اليها
– ألم أقل لك منذ قليل أن غرف الفنادق الفخمة لا يروق للبعض؟ سيد آدم هنا .. جاء بالأمس فى وقت متأخر ولحقت به الأميرة جليلة .. وأويا الى الفراش بعد الفجر وأستيقظا منذ قليل .
شحب وجه زينة وهاجمها شعورا مرا من الغيرة .. من حسن حظها أن بيدرو مشى بعد أن ألقى بقنبلته فى وجهها ولم يرى تأثير ذلك على وجهها .. ارادت العودة من حيث جاءت فهي لا تعرف كيف ستواجههما .. لقد قال بيدرو أنهما أويا الى الفراش ولم يقل ذهب كل منهم الى فراشه منفردا .. أرتعشت شفتها السفلى وصعدت الدموع الى عينيها ولكنها دعكت أنفها بقوة وأبتلعت ريقها وصممت أن لاتبكي .. لا يجب أن تحبه وهو ليس ملكا لها لتغار عليه ولم يعدها بشئ جاد حتى تحاسبه .
وقفت فى المطبخ تعمل بحماس زائد فى تحضير الطعام وقد طلبت من بيدرو أن يتركها تقوم بالعمل وحدها .
خرجت جليلة من جناح غرف النوم تتهادى فى ثوب سباحتها وفوقه مئزرا خفيفا ووقفت متفاجأة من رؤيتها لزينة وسرعان ما أشتعل الغضب على وجهها وقالت
– ما الذي تفعلينه هنا ؟
ردت زينة ببرود تداري غيظها وحقدها وهي مستمرة بعملها
– أحضر الطعام .
أقتربت منها جليلة بشراسة
– لا تتذاكي علي .. سألتك .. ماذا تفعلين فى القارب ولست فى غرفتك بالفندق ؟
ردت بتحدي
– أستطيع أن أكون فى أي مكان أريده لا شأن لك بي .
– هل تعتقدين حقا أنك ذو شأن ؟ .. أنت مجرد دمية سيلهو بها ويتركك عندما يمل منك .
كان الغضب قد أستبد بها وهاجمت جليلة قائلة بوقاحة يدفعها اليه حقدها على تلك الأميرة الجميلة
– لا أعرف ماذا تعنين .. ولكني متأكدة من أنني لست متاحة لتسلية أحد .. فأنا لست مثلك.
شهقت جليلة بقوة واقتربت من البار ورفعت يدها ترغب فى صفع زينة وهي تقول بغضب شديد
– كيف تجرؤين على أهانتي أيتها الخادمة الوقحة .
كانت زينة مستعدة لها وأرجعت رأسها الى الخلف وأمسكت بمعصم جليلة ودفعت يدها بعيدا عنها بقوة جعلتها تترنح الى الخلف فوقفت جليلة تنظر الى زينة وقد جن جنونها وكانت تهم بمعاودة الهجوم لولا أن ظهر آدم نازلا من أعلى الدرج ونقل نظراته بينهما بحدة وكانت كلتاهما تقفان بتحفز غاضب في مواجهة الأخرى فقال ببطئ وقد ضاقت عيناه
– ما الذي يحدث ؟
أستدارت اليه جليلة فى حين رفضت زينة النظر اليه , قالت جليلة
– لقد أهانتني تلك الخادمة .
ضمت زينة شفتيها بقوة تمنع نفسها من الرد عليها , تقدم آدم الى الداخل ووقف بينهما وقال بهدؤ موجها كلامه الى جليلة
– لنوضح شيئا أولا .. زينة ليست خادمة أنها صديقتي .
رفعت زينة وجهها اليه بدهشة فى حين أتسعت عينا جليلة وهو يتابع موجها كلامه هذه المرة الى زينة
– ماذا حدث ؟
قالت بتمرد
– هي من بدأت بأهانتي أولا فأجبتها بما تستحقه .
صرخت جليلة ثائرة
– أرأيت ؟ .. أرأيت وقاحتها ؟
رد آدم ببرود
– ما فهمته أن كلاكما قامت بأهانة الأخرى .. وهذا عادلا .
تعاظم غضب جليلة
– هل جننت لتساوي بيني وبين تلك ال ..
قاطعها آدم بحدة
– هذا يكفي .. اذا كنت ترينها أقل منك شأنا كنت ترفعت عن الوقوف أمامها ومجادلتها فلا أظن أنها ستسعى الى الشجار معك دون سبب .
شهقت جليلة ساخرة بغضب
– ومن قال أن ليس هناك من سبب .. ماذا فى رأيك أتى بها الى هنا ان لم تكن تطاردك وعندما وجدتني معك غضبت وغارت .
أحمر وجه زينة بشدة وأطرقت برأسها لا تريد النظر اليه وبعد لحظات من الصمت قال بصوت هادئ
– تعالي معي .
رفعت زينة رأسها اليه وندمت لأنها فعلت فقد كان يطلب ذلك من جليلة وليس منها والتى أصبح وجهها شاحبا ومتألما وكأنها تعاني من ألم ما .
راقبتهما زينة بحزن وهما يصعدان الى السطح وآدم يضع ذراعه على كتفها ويضمها اليه برقة .
عضت زينة على شفتيها بمرارة .. ففي لحظة يعطيها الأمل وفى الأخرى يأخذه منها ويظهر لها عدم أهتمامه بها ..
خرجت من المطبخ وتوجهت الى أجنحة النوم بخطوات مصممة .. شئ واحد تريد التأكد منه أولا .. ذهبت أولا الى غرفة جليلة ووجدت الفراش غير مرتب والغطاء يتدلى بكامله على الأرض .. لم تلاحظ الا الأن أنها كانت تكتم أنفاسها فاستدارت تاركة الباب مفتوحا وتوجهت الى الجناح الذي يضم حجرة نوم آدم وترددت بقلب خافق ويدها على ماسكة الباب ثم أدارتها ودفعته .. تقدمت الى داخل الغرفة ووقفت تنظر الى الفراش المرتب والذي لم يمس منذ آخر مرة رتبته فهذه طريقتها هي فى طي الغطاء .. أشتعلت النيران فى رأسها وصدرها وأمتلأت عيناها بالدموع .. آدم لم ينم فى حجرته .. وهناك حجرة واحدة فقط قد تم أستخدامها ليلة أمس .
لم تدري كم من الوقت قد مر عليها وهي فى هذا البؤس عاجزة حتى عن الحركة
– هل أنت فى أنتظاري حبيبتي ؟
جاء صوته ساخرا ومرحا من خلفها فجزت على أسنانها وحل الغضب محل الحزن والأسى وراحت تنعته فى سرها بكل الألفاظ النابية التى تعرفها .. أستدارت اليه ورأسها شامخا
– جئت لترتيب الغرفة .
ألتوت شفتيه بتسلية
– ولكنها لا تحتاج الى ترتيب .
قالت بمرارة
– نعم .. أنها لا تحتاج الى ترتيب لأنك لم تنم فيها ليلة أمس .
رفع حاجبيه بدهشة ثم أنفجر ضاحكا بشدة
– أهاه .. أنت تغارين بالفعل كما قالت جليلة .
شعرت بالغيظ من أستخفافه بمشاعرها وقالت بحدة ودموع الغضب والقهر تلمع فى عينيها
– أنا لا أغار .. وبمناسبة جليلة .. ألا تخشى أن تأتي حبيبتك وترانا معا فتغضب .
راح يقترب منها ببطئ وقال
– أنها ليست هنا .. لقد أرسلتها الى الفندق بصحبة بيدرو ..
على ما أستوعبت ماكان يقول كان قد أصبح يبعد عنها بضعة سنتميترات فقط وهو يتابع بعبث
– نحن وحدنا الأن .. ما رأيك ؟
وكان يمد يده نحوها .. وبرد فعل غريزي ضربت يده بقوة وأنتفضت مبتعدة عنه ووصلت بطريقة ما الى طاولة الزينة وحملت زجاجة عطر بيدها وقالت بشراسة وهي تواجهه
– ان حاولت الأقتراب مني سأضربك بهذه فى رأسك .
ضحك بأستخفاف وهو يعاود التقدم بثقة فطارت زجاجة العطر من يدها بقوة تجاهه دون سابق انذار ولكنه وبسرعة مال برأسه بحدة فى الوقت المناسب فمرت بجانب رأسه تماما ..
توقف ونظر اليها وقد ضاقت عيناه عليها بحدة وحذر وكانت قد تناولت زجاجة أخرى أكبر حجما وقالت بأنفعال
– هذه المرة لن أخطئ التصويب ان فكرت فى الأقتراب مني .
لدهشتها ضحك بمرح وقال
– حسنا .. لن أقترب .. أتركي ما بيدك ولنتحدث .
قالت بغضب
– في ماذا تريد أن نتحدث ؟
زفر بقوة ورد عليها بجدية
– أنا لم أنم مع جليلة .. فرغبتي بها ماتت منذ سنوات وحميد ما كان ليسمح لها بالتواجد هنا ان كان يشك فى أن لدي هذه النية .. لقد قضيت ليلتي نائما على الأريكة فى كابينة القيادة وأسألي بيدرو وسوف يؤكد لك كلامي .
– ولماذا لم تنم فى غرفتك ؟
– بصراحة .. منعا للفتن كما يقولون فقد فاجأتني بوجودها ليلة أمس .
– ولكن فى تلك الليلة عندما توقفنا فى باليرمو كنت تغازلها أمام عيني وكان واضحا أنكما ..
قاطعها ضاحكا
– هل ستصدقين لو قلت أنني فعلت ذلك فقط لمضايقتك ؟ .. لم أفهم دوافعي ولكنني وجدت أحمرار وجهك مسليا حينها .
هبطت يدها الى جانبها ببطئ وهي تفكر .. هل تصدقه أم لا ؟ بدا صادقا وهو كذلك مغرورا لدرجة لا تجعله يبرر تصرفاته ويكذب كي يرضي أحدا وخاصة هي بالتأكيد .
سألته بهدؤ
– ولماذا تركت الفندق وجئت الى هنا .. ماذا حدث ؟
زفر بقوة مرة أخرى وقال بضجر
– الكثير من الشجار والقلق جعل خلقي يضيق فجأت الى هنا لتستريح أعصابي .
سألته ساخرة وهي تفكر فى جليلة
– وهل أرتاحت أعصابك ؟
ضحك مرة أخرى وقد فهم مغزى سؤالها وأنها تقصد سهرته مع جليلة الجميلة
– لا لم يحدث وبالكاد أستطعت التخلص منها قرب الفجر .
بالكاد أستطاعت أن تمنع أبتسامة واسعة من أن ترتسم على شفتيها ولكنها لم تخفيها بشكل كامل فمد يده وقال
– تعالي الى هنا .
سألته وقد عادت الى حذرها
– ماذا تريد ؟
– أنا جائع وكنت أظن أنك أنهيت الغداء ولكني لم أجدك فى المطبخ فجأت للبحث عنك … أرأيت ؟ نيتي كانت سليمة جدا .
ولكنها لم تتخلى عن حذرها الا عندما فتح الباب ووقف خارجه ثم تبعته .
****
قضيا بقية النهار على متن القارب وسعدت زينة بالبقاء بصحبة آدم وبيدرو بعد أن أنجلى سؤ التفاهم الذي حدث بينهما وفى نهاية اليوم حضر فراس وكانوا جالسين على السطح وحيا زينة وبيدرو ثم نظر الى آدم وقد تجهم وجهه فشعرت زينة وبيدرو بالتوتر الذي ساد بينهما وقررا التصرف بتهذيب وتركهما بمفردهما ليتصافيا .
جلس فراس على المقعد الذي تركته زينة وقال
– هل سيظل الوضع بيننا هكذا لوقت طويل ؟
رد آدم
– أنا لست غاضبا من أحد
– نعم .. أنت لا تغضب من أحد ولكنك تتصرف طوال الوقت كوصي علينا جميعا .
– أنا لا أقصد أن أتنمر على أي منكم ولكن تصرفاتكم أحيانا ما تثير حنقي .
عقد فراس حاجبيه
– لو بخصوص زينة فقد أبعدتها عن تفكيري بمجرد أن أدركت أنها أصبحت تخصك وحميد أنت تعرفه جيدا .. سياخذ وقته وسينسى عندما يجد فتاة أخرى .
تململ آدم بضيق وقال بعصبية
– أكره أن تتحدثا عنها وكأنها غنيمة حرب نتنافس على من يستحقها أكثر من الآخر .
أبتسم فراس نصف أبتسامة وقال
– لأول مرة أراك تخشى على مشاعر أمرأة بهذا الشكل … فهل أحببتها ؟
رد بضيق
– عن أي حب تتحدث ؟ .. كل ما هنالك أنني أراها فى حاجة الى الرعاية .
وعندما لاحظ نظرة فراس الساخرة اليه تابع
– لا أنكر أنها تعجبني لنفس الأسباب التى جعلتك تعجب بها وكذلك حميد وان كنت سأفكر بالأرتباط لن أجد من هي جديرة بذلك مثلها وأيضا لنفس الأسباب .
وروى له ضاحكا محاولتها فتح رأسه بزجاجة العطر عندما أعتقدت أنه سيهاجمها
أتسعت أبتسامة فراس وقال بنظرات شاردة
– أروى .. زوجتى فى الديار كانت مثلها .. عندما خطبتها وجلسنا معا لأول مرة بمفردنا .. اردت أن أتودد اليها ولم أتوقع ما أقدمت عليه عندما تجرأت وأمسكت بيدها وحاولت تقبيل وجنتها .
تعالت ضحكته وتابع
– رفستني فى قصبة ساقي بقوة رهيبة ونعتتني بعديم الشرف .. وتركت منزلهم فى ذلك اليوم وأنا أعرج بالم وكرامتي تنزف وقد شيعتني نظرات أسرتها بفضول وريبة حتى أنني خشيت أن تخبرهم بما فعلته فأجد أحذيتهم تتطاير على رأسي وأنا خارج .
ضحك بشدة وشاركه آدم الضحك حتى دمعت عيونهما وتابع فراس بحنين
– كانت رقيقة كالفراشة ولكنها كانت تصبح شرسة وتتحول الى تنين مجنح عندما أتمادى معها .
– وهل تغيرت من بعد الزواج ؟
هز فراس رأسه وأحتارت نظرات عيناه وقال بعد تفكير
– ربما لم تتغير هي .. أنا من تغيرت .. أو ما أعنيه هو أنني أنجزت مهمة قد كلفت بها واصبح لي بيت وزوجة تنجب لي الأطفال وعدت أمارس حياتي كما أعتدت أن أمارسها.
ساد الصمت بينهما لبعض الوقت حتى قطعه فراس
– حميد فى حالة ضيق .. تعلم أنه لا يصبر على الخصام .. ما رأيك لو نقضي الليلة من دون النساء ونستمتع بليلة رجالية خالصة ونتصافى ؟
وافقه آدم وقد أستحسن الفكرة فقد أعتاد ثلاثتهم على قضاء تلك الأجازة وحدهم منذ سنوات .
****
عادت زينة بصحبة آدم وفراس الى الفندق وعرفت من حديثهم أنهم سيقضون الليلة وحدهم بدون السيدات وقد قال لها آدم وهو يتركها أمام باب غرفتها أنه لا يحبذ فكرة خروجها وحدها وأنها تستطيع طلب طعام العشاء فى حجرتها أو تناوله فى مطعم الفندق لو أرادت ولكن لا يجب أن تبتعد عن الفندق .. لم تجادله لأنها كانت متعبة ولم تنام جيد ليلة أمس واستيقظت مبكرا …
فى التاسعة والنصف كانت قد أنهت عشاءها وصعدت الى فراشها وسرعان ما راحت فى نوم سريع وخالي من الأحلام .
****
قال فراس بحماس وهو يسير بين آدم وحميد وهم داخلون الى أحد البارات الملحقة بالكازينو
– أتعلمان ؟ .. اشعر بالخفة والراحة ونحن بمفردنا هكذا .
أبتسم آدم فيما ظل حميد متجهما وبمجرد أن جلسوا حول البار حتى طلب زجاجة خمر كاملة وصب لنفسه وبدا يشرب وقد قرر فراس أن لا ييأس وأستمر فى الهزر واطلاق النكات وأستدعاء الذكريات التى جمعت بينهم منذ أن كانوا طلابا بالمدرسة الداخلية ببريطانيا فقال حميد ساخرا
– آه .. نعم .. كانت أيام رائعة من أفضل أيامك يا آدم ..
زجره آدم بطرف عينيه وهو يعيد كأسه على البار ليستمع اليه وقد أستبشر فراس خيرا لأن حميد قد بدأ يستجيب ويشارك بالكلام معهم
– كنت تمارس علينا هوايتك المفضلة .. أفعلوا ولا تفعلوا .. تحب السيطرة ولا تسمح لنا أن نرفض لك أمرا أو نخالف تعليماتك .
قال فراس بتجهم
– هذا غير صحيح .. آدم كان يساعدنا ولا تنسى أنه أخرجنا من الكثير من المتاعب .
أستمر حميد على سخريته ومط شفته السفلى وقال
– أمممم … صحيح .. حميد مراهق متهور ويحتاج لمن يضبط سلوكه وفراس غلبان وطيب ولا يجب أن يترك ليتصرف وحده أو يتخذ قرارا من دون آدم القوي العاقل .. أليس كذلك ؟
نهره فراس
– حميد .. كف عن سخريتك .
قال آدم بهدؤ وهو يرفع شرابه الى فمه
– أتركه .. أتركه يخرج ما بداخله .
ألتفت اليه حميد بغضب وقال
– هل كذبت فى شئ .. هل أفتريت عليك بالكلام مثلا ؟ .. حتى وان كنا فى حاجة اليك حينها .. ماذا عن الأن .. لما تصر على ممارسة السيطرة والضغط علينا وكأننا مازلنا أطفالا فى حاجة الى وصاية .. لماذا مازلت تحجر على مشاعرنا وتصرفاتنا وكأنك الوحيد الذي يفهم ووجهات نظرك وحدها هي السليمة ولا تحتاج للنقاش .
قال آدم ببرود
– ها قد أقتربنا من لب الموضوع .. استمر وهات ما لديك .
قال حميد بحنق وهو يضغط على كأسه بشدة
– معك حق .. أنا أقصد زينة .. لماذا لا تجعلها تختار بارادتها الحرة بيننا .
أشتعل وجه آدم بالغضب وقال وفى نبرته لهجة تحذير
– موضوع زينة أنتهى بعد أن أعطتك ردها .
– لقد أرهبتها .
– لا لم أفعل .
– بلى فعلت .. لقد رفضتني لأسباب أعرفها جيدا ولكني كنت قادرا على أقناعها عندما تدرك من خلال تصرفاتي أنني تغيرت وأنني جاد فى شأنها ولكنك اسرعت وأندسست بيننا مستغلا خوفها وضعفها ولأنها تراك الأنسب لها .. فأنت من بلادها وتتحدث لهجتها لهذا شعرت نحوك بالأنتماء على عكسي أنا وفراس .. ولكنك لا تريدها حقا .. أنت فقط تفعل ما تحب أن تفعله دائما .. أن تسيطر ولا تجعل شئ يتسرب من بين يديك .
تدخل فراس محاولا تهدئة الأمر
– هذا يكفي .. زينة وحدها من حقها أن تختار .
نظر اليه حميد وعيناه محمومتان
– وأنا معك .. نصارحها بكل شئ حتى يكون أختيارها عادلا .. فأنا من خاطرت بأستخراج أوراق رسمية لها لأنقذها من مطارديها ومن السجن .
قال آدم بحدة
– وهي على علم بذلك ومع ذلك رفضتك .
قال حميد بأنفعال
– وهل سوف يظل رفضها قائما بعد أن تكتشف كذبك ؟ هاه وتعلم أنك كذبت بشأن والدها .. الذي لم يستطع أجراء الجراحة ومات بسبب فجعته على أبنتيه .
ضم آدم شفتيه بشدة وهم بالوقوف ولكن فراس منعه بأن ضغط على ذراعه بشدة وقال لحميد
– لقد كان قرارا أتخذناه معا نحن الثلاثة .. بأن نخفي عنها الأمر حتى تستقر فى مكان آمن ونطمئن عليها أولا .
قال حميد بعناد ومكابرة
– لا .. كان قراره وحده ونحن وافقناه كالعادة ومن دون نقاش .
رد عليه فراس بغضب هذه المرة
– لقد أفسدت علينا ليلتنا بنواحك .. كف عن التصرف كطفل أخذت منه لعبته وأهدأ .. العالم ملئ بالنساء لم ينتهوا بعد عند زينة وحدها .
أشاح حميد بوجهه بمرارة فتابع فراس
– وكفى شربا .. لقد أنهيت الزجاجة كلها وحدك .
ثم نظر الى آدم الذي أصبح وجهه مسودا من الغضب ولكنه حتى الأن ظل مسيطرا على أعصابه
– دعونا نذهب من هنا .. ما رأيكم لو ندخل الى الكازينو لتلعبوا قليلا .
ثم أخرج محفظة نقوده ودفع ثمن الشراب للنادل
– وأنت منافق .
قالها حميد بأحتقارموجها حديثه الى فراس هذه المرة ثم أنهى ما فى كأسه وتابع
– هو كذاب وأنت منافق .
صفق آدم وقال ساخرا
– لقد جاء دورك يا فراس فأستعد .
نظر فراس الى حميد بسخط وقال
– كفاك هذيانا وهيا بنا .
ولكن حميد كان فى حالة من الصراحة والوقاحة لا تتكرر فى حياته كثيرا وكان يشعر بأنه فى مهمة لمعاقبة أصحابه فهم دائما يستخفون به ويروا أنفسهم أفضل منه فآن الأوان ليواجه كلا منهما بعيوبه فقال لفراس
– نعم أنت منافق .. أنت لا تشرب الخمر وتطلق عليه دائما أسم المنكر ولكنك تدفع ثمنه .. لا تلعب القمار وتقول عليه ميسر ولكنك تحفزنا على الذهاب والسهر فى الكازينوهات لتراقبنا بأستمتاع ونحن نلعب .. أنت لا تزني .. فالزنا حرام ولكن … عندما تعجبك أمرأة أيا كانت أخلاقها أو علاقاتها فأنت تتزوجها .. فى السر طبعا … وبذلك تتحايل على الشرع والدين وعلى الناس لتحصل عليها فى فراشك تحت مسمى الزواج …
وزوجتك أم أولادك .. تلك التى فى بلدك .. ترتدي النقاب ولا تخرج الا بمحرم … ممنوع أن تقود سيارة … والزوجة الأخرى التى أتخذتها للمتعة ترتدي البيكيني وتركب الطائرات والسيارات واليخوت وتتحرش بالرجال ..
وهنا مد آدم يده عبر فراس الذي تجمد فجأة وأمسك ساعد حميد وضغط عليه بقوة وصاح من بين أسنانه بغضب
– والأن أصمت ولا تتفوه بكلمة أخرى .
سحب حميد ذراعه بعيدا بعنف وصاح
– تريد حمايته مرة أخرى ؟ تخشى على أحاسيسه المرهفة من معرفة الحقيقة ومن أنه مجرد تيس .
كان وجه فراس قد أستحال بلون الورقة البيضاء وتابع حميد مهاجما آدم
– ان كنت صديقا حقا لوعيته وعرفته بحقيقة من جعل منها زوجة له .
ثم وجه حديثه الى فراس
– لقد تحرشت بي زوجتك الغير مصونة ولقد رأتنا زينة معا فى أول يوم لها على القارب وأسألها .. وآدم أيضا رآنا معا وضربني من أجل ذلك .. هل تذكر ذلك اليوم الذي قالت زينة أنني ضايقتها فضربني آدم من أجلها ؟ كانت تلك زوجتك .. تحرشت بي عارضة نفسها علي بوقاحة .. وطوال الوقت كانت تفعل .. حتى مع آدم .. لقد حاولت معه هو أيضا ولكنه ليس مثلي بالطبع فخافت منه ولم تكررها .. أسأله .. أنه أمامك أسأله .
أستدار فراس الى آدم وقال بصوتا ميتا
– هل ما يقوله صحيح ؟
أغلق آدم عيناه بقوة وعض على شفته فصاح فراس
– صحيح ؟
أجفل آدم من صراخه ونظر اليه بحذر وأرتبك المشهد من حولهم وعرف آدم أن سرعان ما سيأتي أمن الكازينو فقال بهدؤ وهو يحاول الأمساك بذراع فراس
– دعنا نذهب من هنا كما قلت وسنتحدث فى الأمر بهدؤ .
ولكنه فعل كما فعل حميد وسحب ذراعه منه بعنف وقال
– أي أصحاب أنتما .. أي أصحاب ؟
أدار نظراته المصدومة فيهما
– لا أريد أن أعرفكما بعد اليوم .. أنتهى كل شئ .. لعنة الله عليكما .
وخرج شبه مهرولا فدفع آدم حميد حتى أسقطه على البار
– هل أنت سعيد الأن ؟
تركه وهو يضحك ليلحق بفراس ولكنه لم يستطع اللحاق به ورآه وهو يستقل سيارة أجرة والتى أنطلقت به على الفور , أخرج آدم هاتفه وأتصل بجليلة وبسرعة شرح لها الأمر بأختصار وطلب منها أن تأخذ كاميليا عندها فى جناحها حتى يلحق هو بفراس لتهدئته قبل أن يقوم بشئ متهور .
****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك يغوي الشيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى