رواية معشوقه الليث الفصل السابع والعشرون 27 بقلم روان ياسين
رواية معشوقه الليث الجزء السابع والعشرون
رواية معشوقه الليث البارت السابع والعشرون
رواية معشوقه الليث الحلقة السابعة والعشرون
///بـعـد مـرور ثـلاثـة أشـهـر
تخطو بخطوات واثقة محدثه صوت رتيب بكعب حذائها و هي تلف المكان بعينيها بنظرات جامدة واثقة كـ صاحبتها ، توقفت أمام باب مكتب مكتوب عليه ” رئيس التحرير ” لتأخذ نفس عميق و هي تغمض عينيها بملل ، طرقت الباب بخفة ثم فتحته لتدلف بهدوء ، وقفت أمام مكتب جلال قائلة بهدوء مفتعل :
– قالولي أنك عايزيني يا ريس !
أشار لها جلال بـ الجلوس لتلبي هي رغبته بسرعة ، تشدق جلال بهدوء ما يسبق العاصفة :
– نشرتي برضو الموضوع !
أبتسمت بثقة من زاوية ثغرها لتضع ساق فوق الأخري و هي تقول بحاجب مرفوع :
– أنت عارفني مبخفش من حد !
صاح جلال بنفاذ صبر مغلف بـ الحنق :
– يا بنتي أنتي لية عايزة تقعدينا كلنا في بيوتنا ، قلتلك الموضوع دا يمس ناس كبار و ممكن يأذوكي و يأذوا كل اللي في الجريدة !
ضربت علي المكتب بكفها صائحة بحنق :
– و جرايم الخطف اللي بتحصل كل ساعة دي أية و اللي بيظهر بعديها بكام سنة أن الأطفال دي لا خدوا أعضائهم لا سرحوهم في الشوارع أسبها كدا ، ما هو لو اللي كانوا بيتخطفوا حد فيهم من عيالك مكنتش سكت كدا !
مسح جلال علي وجهه و هو يتمتم بسخط :
– ما هي جريدة نظمي مخربتش من شوية !
أنفرجت أساريرها في إبتسامة صغيرة تبعها قولها المتعجرف :
– هه ، دا بس عشان سبتها مش أكتر ، عشان تعرف يا أستاذ جلال أنك معاك كنز ميتفرطش فيه !
ضرب جلال كفي يديه ببعضهما ثم أبعدهما قائلاً بحنق :
– كنز ، كنز أية دا يا رُسل دا أنا معايا مش صندوق متفجرات بس لأ دا مغااارة ملغمة ديناميت !
أرتفع حاجبيها للأعلي بدهشة ليكمل هو بنزق :
– أعملي حسابك أنتي لو أستمريتي علي الوضع دا مش بعيد أشيلك من مكانك دا و أديكي عمود طبخة اليوم !
شهقت مرددة بجزع و إستنكار تام و هي تشيح بيدها :
– طبخة اليوم ، أناااااا رُسل الغمري علي سن و رمح آخد عمود طبخة اليوم ، لية جايبين الشيف نجلاء الشرشابي هنا ؟ !
وضع جلال كفه علي وجهه بنفاذ صبر من تلك صاحبة الرأس المتيبس ، فهي لم تكد تقضي ثلاثة أشهر معهم بـ الجريدة لكنها أخذت وضعها بـ المكان و جعلت لنفسها وضع يهابه من حولها !
أشار بيده لها و هو يقول :
– قومي يا رُسل ، قومي رفعتيلي الضغط منك لله !
مطت شفتيها للجانب بعدم رضا ثم خرجت من المكتب متجهه لمكتبها هي التي تتشاركه مع زميليها ، فهي الوحيدة من الفتيات في ذلك القسم لهذا كل زملائها من الرجال..
***
حدقت مريم بـ الطبيبة بعدم تصديق ، تمتمت بإبتسامة بدأت بإنارة وجهها :
– يعني ، يعني أنا حامل يا دكتور ؟ !
أبتسمت الطبيبة ببشاشة و هي تقول :
– أيوة يا مدام مريم ، ربنا جزا صبرك خير و أتحسنتي في مدة أقصر من اللي كنت محدداها كمان ، دا شئ عظيم أن في 8 شهور بس أتحسن فيهم الرحم و رجع قابل أن يحمل طفل تاني !
وضعت كف يدها علي بطنها المسطح تتلمسه برقة و إبتسامتها تزداد إتساعًا ، تشدقت الطبيبة بعملية و هي تدون بعض أسماء الأدوية في الروشتة :
– نخلي بالنا من نفسنا بقااا و منتحركش كتير و تنغذي كويس عشان البيبي ينزل وزنه كويس و يكون بصحة كويسة إنشاء الله !
أومأت مريم بحماس و من ثم هتفت بلهفه :
– طب هو ولد و لا بنت ؟ !
مطت الطبيبة شفتيها قائلة بتقرير :
– حاليًا مش هنعرف نتابع غير النمو بتاع الجنين ، لكن حكاية بنت و لا ولد دي لسة شوية عليها ، خصوصًا أن حضرتك لسة في أول شهر !
هزت مريم رأسها و قد تجمعت الدموع في مقلتيها ، فهي لم تكن تتخيل أن تشفي مما هي فيه بهذه السرعة ، فكان بمخيلتها أنها يمكن أن تظل سنين بدون أن تحمل مرة أخري لكن وسعت رحمة الله كل شئ و خالف ظنها ليرزقها بذلك الجنين مخيبًا ظنونها..
بعد دقائق خرجت من الغرفة و الفىحة لا تكاد تسعها مما سمعت لتجد رامي يجلس منتظرًا إياها ، فور أن رآها أشرق وجهه بإبتسامة صافية لينهض مقتربًا منها ، تشدق بأعين تفيض حنانًا :
– أية الأخبار يا مريم ؟ !
رددت بصوت متقطع و دموعها تنهمر بغزارة :
– أنا..أنا حامل يا رامي ، حامل !
تجمدت تعابيره لوهلة غير مصدقًا لما تقول ليتمتم بصوت مرتجف :
– بجد يا مريم ؟ !
أومأت له ليضحك بإتساع و قد هبطت دموعه ، أحتضنها بقوة و أخذا يبكيان مع بعضهما غير عابئين تلك العيون التي حولهم تناظرهم من هم بدهشة و من هم بسعادة ، فعندما ينقطع الأمل و يرجع و لو بعد مدة مرة أخري تكون هناك سعادة لا توصف تجعلنا نتصرف كأننا وحدنا من بهذا الكون..فقط !
***
توقفت سيارتها أمام تلك المدرسة الخاصة لتهبط منها بهدوء ، أستندت عليها منتظرة خروج طفلها الحبيب لـ تُفتح البوابة الكبيرة و يخرج كل فصل في صف منتظم ، ظهر عبدالرحمن و هو يخرج مع صفه لتبتسم حينها بإتساع و هي تفتح ذراعيها له ليركض نحوها بسعادة ، ألتقفته من علي الأرض لتقول و هي تقبل وجنته :
– حبيب قلب رُسل وحشتني أوي !
أحاط عنقها بذراعيه و تشدق ببراءة :
– و أنتي وحشتيني يا رُسل !
فتحت باب السيارة و من ثم أجلسته في المقعد المجاور لمقعد السائق ، أستقلت هي الأخري مقعدها ثم أنطلقت بـ السيارة مر بعض الوقت كانت تتناجي فيه مع عبدالرحمن إلي أن هتف بحماس :
– صحيح يا رُسل عندنا حفلة كبيييرة في الـ School و الـ Kids grade هيشارك فيها و أنا هغني كمان !
رفعت رُسل حاجبها بإعجاب قائلة :
– واو ، لأ كمان و هتغني !
أومأ عبدالرحمن بحماس ثم أكمل :
– آه و قالوا أن لازم مامتكم و باباكم يجوا يحضروا الحفلة ، هتكلمي بابا عشان يجي صح ؟ !
غامت عينيها بحزن دفين ليسترسل عبدالرحمن ببعض الحزن :
– أصله وحشني أوي يا رُسل ، مش المفروض أنتي و هو تبقوا علي طول معايا ، مش أنتي مامتي و هو بابايا ؟ !
أبتسمت رُسل بشحوب و هي تردف :
– طبعًا يا حبيبي ، بس هو ليث عنده شغل كتير عشان كدا مش بيجي و لا بيتكلم !
= لأ ما هو بيكلمني لما مريم بتكون عندنا !
هتف بكل براءة لتضغط رُسل علي المكابح فجأة مما جعلهما يرتدا للأمام بشكل طفيف بسبب وجود أحزمة الأمان حولهما ، تمتمت بصدمة :
– ليث بيكلمك ؟ !
أومأ بإبتسامة بلهاء لتغرق الأخري في أفكارها ، فهذا يعني أنه لم ينسي عبدالرحمن و دائمًا ما يطمئن عليه ، و هناك إحتمال بأن مريم توصل لهم جميع أخبرها..
ضيقت عينيها بحنق ثم تابعت طريقها بهدوء خطر…
***
بعدما أبدلت ملابسها بأخري مريحة مكونة من بنطال قطني أسود اللون و كنزة رمادية ، رفعت شعرها للأعلي بدبوس ثم دلفت للمطبخ ثم بدأت بإعداد وجبة الغداء ، و بينما هي تضع المعكرونة في القدر الملئ بـ الماء إذ بالباب يُدق بعنف ، قطبت جبينها بدهشة ثم خرجت من المطبخ متجهه للباب ، فتحته بهدوء و ما لبثت حتي إتسعت عيناها بصدمة ، أفاقت سريعًا من حالتها تلك لتقفز قائلة بفرح و حماس :
– عمااااار !
أبتسم عمار بإتساع عندما وجدها تنطلق نحوه محتضنه إياه بقوة ، أحتضنها هو الأخر و رفعها قليلًا لتقول رُسل بعدم تصديق و قد أدمعت عينيها :
– وحشتني أوي يا كلب !
قهقه عمار بمرح و تشدق :
– مينفعش تقولي جملة من غير ما تشتمي !
ضحكت هي الأخري لينزلها عمار بشرعة قائلًا بشكل مضحك و هو يمسك بظهره :
– تخنتي أنتي يا رُسل !
طالعته شزرًا ليضحك مغمغمًا :
– بهزر معاكي ، أية مبتهزرش يا رمضان ؟ !
أبتسمت بخفة ثم أدخلته ، وضع حقيبته إلي جانب الباب ليلتفت حوله قائلًا بدهشة :
– أمال عبدالرحمن فين ؟ !
تقدمت منه قائلة بأبتسامة صغيرة :
– جوه بيعمل الـ Homework بتاعه !
ثم نادت عليه بحماس ، ألتفتت له ثم قالت بشك :
– إلا أنت جيت مصر إزاي ؟ !
أرتبك لوهلة قبل أن يجيب بإبتسامة بلهاء :
– دا إياد كان عنده شغل هنا في مصر فـ أول ما عرفت شبطت فيه و قولت أجي أقعد معاكي شوية عشان وحشتيني !
لا تعلم لماذا شعرت ببعض الشك حيال الأمر لكنها تجاهلت الموضوت برمته و أنصبت تركيزها فقط علي أخيها الحبيب الغائب عن عينيها لمدة طويلة..
***
دلفت للجريدة بإبتسامة مرحة تتشكل علي ثغرها ، فـ منذ ذلك الخبر التي تلقته البارحة من مريم و هي تكاد تطير فرحًا ، وضعت يديها في جيبي سروالها البيچ و أخذت تطلق صفيرًا مرحًا لكنها توقفت فجأة عندما وجدت ذلك التجمهر الذي بـ المكان ، قطبت جبينها بدهشة و تقدمت منهم أكثر لتجد فتاة تقول للأخري بفزع :
– هو للدرجادي وضع الجريدة صعب عشان يدخلوا شريك فيها بـ النص !
أرتفع حاجبيها بدهشة فور أن سمعت تلك الهمهمات ليصيح جلال حينها مهدئًا إياهم :
– يا جماعة متخافوش ، وضع الجريدة كويس الحمدلله و دخول الشريك دا هيعم بفايدة علينا ، فـ بلاش الفزع اللي أنتوا فيه دا !
هدأت الهمهمات قليلًا ليكمل بهدوء :
– دلوقتي عايز نظام ، الكل يدخل في أوضه الإجتماعات بس بنظام يا جماعة مش عايزين الراجل ياخد عنا فكرة وحشة !
و بـ الفعل دلفوا واحدًا تلو الأخر لتقترب هي من جلال متشدقة بدهشة :
– و الشريك دا طلع في البخت و لا أية يا أستاذ جلال !
ردد جلال بتحذير :
– طلع زي ما طلع يا رُسل ، و لما يجي بقاا مش عايز أي تعليق سخيف منك عشان أنا عارفك ما هتصدقي تمسكي في فروه حد تقطعيها !
أشارت لنفسها قائلة ببراءة تنعطف للمكر :
– أنا يا أستاذ جلال ، لالالالا ، دا احنا الثقة بينا بقت زيرو خاالص عشان تقولي كلام زي دا ، أية أنت مش عارفني و لا أية ، دا يعتبر ضيف هنا و وعد مني يا سيدي أول ما يدخل هقوم أنا و الزملا الأفاضل نقوله ميم علي ره .. حاه علي به مرحب مرحب مرحب بك !
زم شفتيه و هو يغمغم :
– أستغفر الله و أتوب إليك يا رب ، عديها علي خير يا رُسل الله يهديكي !
هزت رأسها ببراءة تتنافي مع نظرات عينيها الماكرة و من ثم دلفت هي الأخر لقاعة الإجتماعات تبعها جلال و هو يدعو الله بسره أن تمر تلك المقابلة بسلام..
أستقرت علي مقعد جلدي وثير ثم أمسكت بهاتفها و أخذت تعبث به قليلًا وسط همهمات الأخرين ، أمسكت بكوب الماء الذي أمامها و أرتشفت منه القليل لـ يران الصمت فجأة حتي أنها أستطاعت تمييز صوت قرع الحذاء الرتيب علي الأرضية الرخامية ، رفعت أنظارها لـ تري ذلك الشريك المنتظر لكنها ما لبثت حتي أتسعت عينيها و بصقت الماء الذي كان في فمها علي شكل رذاذ !
صرخة أستنكار صدرت من التي تجلس أمامها لكنها لم تعيرها إهتمام فكان منصب علي الذي يضع يديه في جيبا بنطاله و يبتسم له بإبتسامة واثقة و بالتأكيد تلك النظرة الخبيثة تحتل عينيه المغطاه بنظاراته الشمسية ذات الماركة العالمية !
صاح جلال بحماس :
– أقدملكم ليث بيه الجندي ، الشريك الجديد في الجريدة !
تعالي التصفيق من الفتيات بدون سبب ، فـ كلٌ منهن تريد أن تلفت نظر ذلك الليث البري بينما الأخري كان فقط فاغره الفاه و تحدق به ببلاهه طوال العشر دقائق التي قال فيهم ليث خطاب منمق للجالسين ليتعالي التصفيق مرة أخري لكن من الجنسين ، أبتسم إبتسامة صغيرة و هو يقول :
– تقدروا دلوقت تتفضلوا علي شغلكم !
أدركت لحظتها ما فعله ذلك الأحمق لتشتعل عينيها بتحدي و عزم ، خرج الجميع و لم يتبقي سواهم لتسرع هي نحوه كـ القذيفة ، صاحت بحنق :
– أنت أية اللي جابك ؟ !
مط شفتيه للأمام قائلًا ببراءة مزيفة :
– زهقت بصراحة من شغل الكمبيوتر و البرمجيات فقولت أتجه لمجال تاني فملاقتش غير الصحافة اللي فتحالي دراعتها و بتقولي please come !
زمجرت بغضب و هي تردد :
– و ملاقتش غير الجريدة اللي أنا بشتغل فيها ، و بعدين تعالي هنا ، أشمعني مصر يعني ما أمريكا وكلات الأخبار مرطرطة فيها !
غمز لها قائلًا بمرح :
– أصل أنا بصراحة بموت في مصر بعشقها كدا فقولت و مالو أشجع صناعة بلدي !
أقتربت منه قائلة بتحذير و هي تشهر إصبعها في وجهه :
– بص ما هي مش هتشيلنا أحنا الأتنين كدا هتخرب فمن سكات كدا ترجع من مطرح ما جيت و عائد الأرباح هيوصلك علي داير المليم !
قهقه بصخب ثم تابع :
– لا ما أنا سلمت الشغل لـ إياد و عمي عزت و فاضيلك بقااا يعني هبقي عملك الأسود يا رُسل !
أغمضت عينيها تعد في سرها من واحد لـ ثلاثة حتي لا يسيطر شيطانها عليها و تفعل ما لا يحمد عقابه لكنها فجأة وجدت من يجذبها من خصرها بقوة لتشهق حينها بجزع ، فتحت عينيها و رفعت رأسها قليلًا لتجده يتطلع لها بحب دفين لن ينبض حتي و لو مر مائة عام عليه ، أبتلعت ريقها بتوجس ثم حاولت الإبتعاد عنه متمتمة بنزق :
– أبعد كدا ، أنا مش مراتك لسة عشان تعمل اللي بتعمله دا !
أمسك بوجهها بكف يده و أداره نحوه لتتصل عيونه البنية القاتمة بأشجار الزيتون خاصتها ، همس بحرارة :
– وحشتيني يا رُسل !
تنفست بإضطراب بسبب تلك المواقف التي لم تختبرها قبل و لا حتي مشاعرها ، حاولت التملص منه لكن جسدها كأنه شُل لا تستطيع تحريكه ، أرجع خصله تمردت و وقعت علي جبينها خلف أذنها ثم تابع بخفوت :
– متعرفيش الـ 3 شهور دول كنت عايشهم إزاي و أنتي بعيد عني ، كنت بتعذب فيهم بمعني الكلمة ، لكن دلوقت جتلك و مش هبعد عنك تاني ، أنا سيبتك براحتك عشان تداوي نفسك و ترجعيلي رُسل بتاعة زمان أم لسان طويل اللي بتتخانق مع دبان وشها !
طالعته بنظرة تحدي و هي تتشدق بقوة :
– يبقي تستعد يا ليث عشان لو ممشتش هطلع طوله لساني وخنقاتي علي جتتك !
أستطاعت التملص منه أخيرًا و خرجت بخطوات واسعة من قاعة الإجتماعات ليبتسم الآخر بتسلي و هو يرفع حاجببه قائلًا بنظرة إعجاب تتبعها :
– و مالو ، و أنا بقااا نفسي طويل يا رُسل ، هخليكي تقولي حقي برقابتي !
***
دلفت لمكتبها بوجه متشنج و هي تسب و تلعن بـ ليث ، أرتمت علي مقعدها و هي تقول بحنق :
– ماشي يا ليث ، و رحمة أمي لمورياك أنت و الكلب عمار ، عشان يعرف يكدب عليا كويس..
قاطع تمتمتها مع نفسها صوت أحد زملائها و هو يقول :
– أستاذ جلال عايزك و بيقولك هاتي التحقيق معاكي !
أومأت له بجبين معقود و هي ترتب بعض الأوراق ، أنتصبت و هي تضع الأوراق في حافظة أوراق سوداء اللون كـ الأيام التي تتزعم أنها سـ تريها لـ ذلك الليث البري ثم توجهت لمكتب جلال بخطوات واثقة..
دقت بخفة علي المكتب ثم دلفت بتسرع ، تصنمت مكانها عندما رأت ليث يجلس علي أحد مقاعد طاولة الإجتماعات الصغيرة _ نسبيًا _ و جلال بجانبه ، أحتدت عيناها بحنق و برمت شفتيها ليلمحها جلال ، أبتلع ريقه قائلًا بتوجس :
– تعالي يا رُسل !
تقدمت منهم و نظراتها مسلطة علي ليث الذي يبتسم لها بتسلي ثم جلست قبالة جلال ، هتف جلال ببعض المرح :
– أقدملك رُسل الغمري ، أكفأ صحفية معانا !
هز رأس مغمغمًا بضحكة يحاول كبحها من هيئتها المشتعلة من الحنق :
– تشرفنا !
إبتسمت بإصفرار ليقول جلال بإرتباك :
– ليث بيه كان عايز يشوف مستوي الصحفيـ..
أندفعت قائلة بسخرية لاذعة كـ القذيفة :
– هو الأستاذ ميعرفش مستوي الجريدة و لا أية ، و بعدين أنا أعرف أن الكلام دا كان المفروض يتعمل قبل ما يدخل شريك هنا ، و لا أنت بقاا يا أستاذ لـيـث بتصتاد في الماية العكرة ؟ !
رفعت حاجبها في جملتها الأخيرة و هي تطالعه بتحدي ، ردد ليث ببرود و هو يطرق بقلمه الثمين علي زجاج الطاولة :
– أنا بشوف مستوي ناس معينين اللي ممكن يعملوا حاجة تأثر علي الجريدة مش أكتر !
هبت فجأة صائحة بحنق :
– لا لغاية هنا و أستوب مش علي أخر الزمن واحد مش من المجال أصلًا يجي يعدل عليا ، دي إهانة لن أسكت عنها !
نظرت لجلال بغضب و تشدقت بـ :
– التحقيق عندك أهه يا أستاذ جلال بس أشم بس أنه أتعدل ساعتها هيكون ليا كلام تاني !
ثم رمت حافظة الأوراق علي الطاولة و خرجت بخطوات حانقة..!
***
تطلعت لـ ذلك المنظر البديع الخاطف للأنفاس بشغف غريب ، منظر الشمس و هي تغرب لتعكس أشعتها علي المياة فتحولها للون البرتقالي ، تنفست بهدوء ليقترب إياد منها واقفًا بجانبها ، تنهد بخفة متشدقًا :
– بتفكري في الموضوع إياه برضو ؟ !
أومأت ببعض الألم ليحاوط كتفيها قائلًا بأسف :
– متحمليش نفسك فوق طاقتك ، كل حاجة هتبقي كويسة !
تمتمت بألم :
– أية اللي هيبقي كويس يا إياد ، أختي هترجع معايا زي الأول ، و لا مع بابا ، الـ اللي في آخر أيامه ؟ !
أغمض إياد عينيه بحزن ، فـ عزت يعتبر أباه الثاني ، هو من رباه ، هو من علمه الصح من الخطأ ، هو من جعله رجل يُعتمد عليه ، و الآن هو علي شفة حفرة من الموت ، فـ منذ فترة قصيرة علموا بأنه لديه ورم سرطاني في المخ و أيضًا في مرحلة متأخرة ، و الأدهي بأنه يرفض أن يقوموا بإستئصاله ، شعوره بالذنب تجاه رُسل يدفعه إلي حب الموت..!
سالت الدموع علي وجنتي مرام الورديتان و هي تبكي بحزن جلي ، أحتضنها إياد بقوة فهو يعلم مدي تأثرها بـ الموقف ، فـ منذ فترة قريبة علمت أن والدها مازال علي قيد الحياة و الأن يتسرب من بين أيديها و من ناحية أخري شقيقاتها ليستا بجانبها حتي يتقاسمن حزنهن مع بعضهن ، يهونن علي بعضهن تلك المحنة !
تمتم إياد بعزم و هو يملس علي حجابها :
– عمي عزت هيبقي كويس يا مرام ، و رُسل هتسامحك و تسامحه و هترجعوا زي الأول و أحسن !
***
– خلااااااص حرمت !
هتف بها عمار بهتاف مزعج لترمي رُسل نعلها عليه و هي تقول بحنق :
– بتكدب عليا يا جزمة يا ابن رباط الجزمة ، بتقولي جاي مع إياد و أنت جاي مع سي ليث ؟ !
توقف قائلة بإبتسامة بلهاء :
– رباط الجزمة دي أمي صح ؟ !
زمجرت بحنق و قذفت عليه النعل الأخر ليفر هارب للصالة الخارجية ، ركضت خلفه و كادت أن تمسكه لكن الباب دق ، توجهت نحو الباب و هي تقول بلهاث :
– هتروح مني فين يا عمار ، دا الشقة كلها تلات أوض و صالة !
فتحت الباب و هي تضع يدها في خصرها و ما لبست حتي فتحت فمها بصدمة عندما وجدت ذلك الواقف و بيده تلك الحقيبة الخاصة بـ السفر الضخمة ، دفعها قليلًا للداخل حتي يدلف هو ، تطلع للشقة بنظرات شمولية من أسفل نظاراته القاتمة ثم وضع حقيبته جانبًا ، التفت خلفه ليجدها مازالت متصنمة مكانها ، هتف بهدوء :
– أقفلي بوقك !
أفاقت من صدمتها علي صوته لتلتف له و عينيها تطلق شررًا ، صرخت بحنق :
– أنت أية اللي جابك ، و أية الشنطة دي !
قال ببلاهه :
– هو أنا مقولتلكيش ؟ !
أجابت بسخرية :
– لا ياخويا مقولتليش !
ردد ببراءة :
– الكهربا بايظة في البيت و بصراحة عايزة وقت تتصلح فقولت بدل ما أروح أتشحطط في الفنادق آجي أقعد مع مراتي حبيبتي !
صاحت بحنق :
– مراتك مين و الناس نايمين ، أحنا أطلقنا يا بابا !
رمي بثقل جسده علي الأريكة و هو يقول ببراءة مزيفة :
– خلاص بس هقعد معاكي ، إبني موجود هنا و أخوكي موجود يعني في محرم !
أبتسمت ببلاهه و هتفت و هي تصقف بيديها :
– و تسقيه المر لية أسقيله كركدية !
ثم أطلقت زغرودة بعدها و مازالت تلك الابتسامة البلهاء مرتسمة علي وجهها..!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية معشوقه الليث)