روايات

رواية مذكرات فيروزة الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء آل شعرواي

رواية مذكرات فيروزة الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء آل شعرواي

رواية مذكرات فيروزة البارت الثالث عشر

رواية مذكرات فيروزة الجزء الثالث عشر

رواية مذكرات فيروزة
رواية مذكرات فيروزة

رواية مذكرات فيروزة الحلقة الثالثة عشر

بعد منتصف الليل كانت مستلقية على الفراش نائمة نوم قلق، بعد لحظات شعرت فجأة بثقل بجانبها جعلها تنفض من على السرير فزعاً أوقدت النور لكنها لم ترا شيئاً ثم أخذت تستعيذ من الشيطان الرجيم، بعد مرور بضع دقائق عادت تستلقى مرة أخرى وما أن أغمضت عينيها وبدأت فى النوم شعرت بأنفاس ساخنة تداعب رقبتها ويد كبيرة تتحسس جسدها، فتلك اللحظة قذف قلبها رعباً وأزدادت نبضاته عنفاً، فتحت عينيها ببطء شديد وهى خائفة ليزيد رعبها أكثر وهى تجد شئ مخيف على هيئة جسد بنادم لكن لونه أسود دامس يجلس فوقها ويغطى وجهه شعره الغزير فبدأت تتساقط من عيناه قطرات دماً على وجهها، حاولت أن تتحرك لكنها لا تقوى على ذلك فشعرت بأن جسدها كله مخدر ومقيد، و كلما حاولت أن تصرخ فلا يصل صوتها إلى حنجرتها..
بينما ذاك المخيف ظل أن يضغط بيديه على عنقها محاولاً أخذ روحها بيديه الغريبة التى تشبه يد الأشباح.
بينما هى تحول لون وجهها للزرقان من الاختناق ولم تستطيع أن تتنفس فشعرت بأن روحها على وشك أن تفارق الحياة.
أستيقظت من النوم وهى تشهق بفزع وظلّت تتنفس بصعوبة وهى تنظر حولها بذعر، ثم هدأت قليلاً عندما علمت بأنه كان مجرد حلم فبدأت تستعيذ وتقرأ المعوذتين، فنظرت بجانبها لتجد الساعة الخامسة ونصف صباحاً نهضت من على الفراش بخمول لتتجه إلى الحمام حتى تتوضأ وتصلي الفجر..
بعد لحظات كانت “فيروزة” جالسة على سجادة الصلاة تحدث ربها قائلة بحزن:
– ياالله لقد أرهقتني متاعب الحياة ف أنا فتاة ضعيفة لا تقوى على شئ ..أعلم أنك لن تنساني ولن تتخلى عني ولن تنسى تلك الدموع التى أنهمرت من عيني كالطوفان وأعلم أن جبرك أتي لا محال ..فكل شئ مكتوب ميعاده لن يتأخر ساعة ولن يتقدم…وكل ما أن عليه سيمر بالتأكيد وسيحل مكان تلك التعاسة فرح وسرور وعوض لن يُنسى..وأعلم أنك ستستجيب لندائي ودعائي
فاللهم الصبر حتى تأذن لىّ بالفرج لما أنا عليه.
ظلتّ مكانها تقرأ بعض آيات القرآن حتى شعرت بالسكينة والراحة فكل الأشياء فى جوار الله هادئة ودافئة مليئة بالرضا والسكينة الدائمة..
تذكر أيها العبد كلما أتعبت الدنيا قلبك وضاقت عليك نفسك التى بين جنبيك، تذكر أن ذكر الله يلين القلب ويريح النفس.♥️
أشرقت الشمس بنورها لتطلّ ببهائها الجذاب فتنبعث أشعتها لتبعث بالدفء فى كل الوجود حينها تغرد كل الطيور على غصن الأشجار..
ولج “رائف” إلى الغرفة ليجدها تجلس كما هى فقال بسخرية: – تقبل الله ياشيخة فيروزة.
أغلقت المصحف ووضعته على الحامل وقامت بخلع الاسدال كل هذا تحت أنظاره التى تتفحصها فقال:
– لو خلصتى ياهانم ياريت تروحى تحضريلي الفطار.
نظرت إليه بضيق قائلة:
– ممكن تخرج برا وأنا شوية وهاجي أحضرلك الفطار.
مرت بضع دقائق ..
على سفرة الطعام كانت تجلس بجانبه تنظر إليه بأشمئزاز فهى لا تطيقه بتاتاً..رفعت كأس العصير وأرتشفت منه، نظر إليها مقتطباً حاجبيه متعجباً فقال بتسأل وهو يضع الطعام فى فمه:
– مش بتأكلى ليه شكلك حاطه في الفطار سم علشان تقتليني وتخلصى منى.
هتفت “فيروزة” بضيق: هحطلك سم ليه هو أنت فاكرني زيك قتال قتله.
بينما هو وضع شريحتين من الجبنة الرومى فى عيش التوست وأقترب منها قائلاً: خدى أطفحى لأحسن تموتى من قلة الاكل وأنا لسه مخلصتش اللى عاوزه منك.
دفعت يديه بعيداً عنها بأشمئزاز قائلة: ابعد عني مش عايزة أكل أنا.
أمسك فكها بقوة ليضع الطعام بداخل فمها ليقول ببرود:
– يلا زى الشاطرة كدا أبلعى الأكل.
نظرت إليه بعدم تصديق لتلعنه بسرها فهو حقاً شخص غير عاقل بأفعاله، حاولت مضغ الطعام وبلعه لكنها شعرت بالغثيان يقتحمها فجأة فهرولت تركض إلى الحمام، بعد ثوانٍ وصل صوته إلى مسمعها يقول:
– من الأول وأنا شاكك فيكى وقولت أن الأكل ده فيه حاجة .
أخذت تسبه وتلعنه بصوت منخفض حتى لا يسمعها، رمت المنشفة على الحوض وهى تقول بتعب:
– انسان متخلف ومابيفهمش ربنا ينتقم منك يارائف أو تعمل حادثة وأنت سايق العربية أو يدوسك سواق قطر أعمى ويخلصني من قرفك.
ثم وضعت يديها على بطنها تتحسس موضع طفلها فقالت بألم: – كان نفسي فى طفل بس ميكونش جاي بالطريقة دى مش عارفة أحبك ولا أكرهك ..مش قادرة أتقبل وجودك لأنك حته من أكتر أنسان بكرهه فى الدنيا يمكن لو كنت جيت فى ظروف أحسن من كدا أو كنت أبن شخص تانى كنت هحبك سامحني يابني لان أمك مش حابه وجودك ولو بأيدي كنت نزلتك لكن مش هقدر أعمل حاجة بشعة زى دى وأقتل روح جوايا ملهاش ذنب مش هستحمل أني أتحاسب عليك قدام ربنا ويسألني ليه قتلتي ابنك علشان كدا مضطرة استحمل وجودك يمكن ربنا يجعلك سبب فى فرحي فى يوم من الأيام.
ناداها “رائف” من الخارج فخرجت إليه قائلة بأرهاق:
-نعم يارائف عايز ايه مني.
لمس خدها برفق ليقول بهدوء: عايزك تروحى لأبوكى وتخليه يمضى على الأوراق دى..مد يديه بملف مليئ بالأوراق..أخذته منه وهى تنظر بداخلهم ثم رفعت بصرها إليه لتقول بأستغراب:
– دى أوراق الصفقة اللى كنا شغالين عليها بس مش فاهمة أنت عايز ايه منها.
تحدث “رائف” وهو يقول: هتلاقى مابينهم أوراق خاصة ومحتاج أمضاء سيادة اللواء عليها ف أنتى زى الشاطرة هتروحيله على الشغل وهتقوليله أن دى أوراق مهمه كانت محتاجة توقيعه.
تحدثت إليه “فيروزة” متسائلة:
– وأنا مش هعمل حاجة غير لما أعرف الأوراق دى عبارة عن ايه.
نظر إليها بتفكير ثم قال بحذر :- تمام أوى كنت عارف أنك هتقولى كدا بس مش مشكلة دى تصريح بسماح مرور شحنة فى الميناء جاية من برا ومحتاج أمضاء من اللواء عليها .
فيروزة: والشحنة دى فيها ايه.
أردف “رائف” قائلاً ببرود: أنا مابحبش الأسئلة الكتير وياريت تحطى لسانك جوا بوقك ومسمعش منك أى أعتراض وإلا هتشوفى مني حاجة مش هتعجبك والمرادى مش هتبقى مجرد أصابة لا هيبقى قتل على طول.
بلعت ريقها بخوف قائلة بتوتر: – طب هخليه يمضى ازاى وأنا أصلا من ساعة ماأتجوزتك وأنا سايبة الشركة.
سار بخطوات إلى الأمام ثم استدار بجسده إليها وقال:
– بسيطة لو سألك هتقوليله أنك نزلتى الشغل ولاقيتى ملف محتاج توقيعه لانه المالك الأساسي للشركة وبس وهو مش هيركز معاكى فاهمة ويلا علشان أوصلك.
بعد ساعة كانت تقف أمام مقر الداخلية حولت بصرها للخلف لتجده ذهب بسيارته وتركها بمفردها، تنفست بهدوء وقد عزمت بداخلها بأنها ستقول لوالدها اليوم على كل شئ، ولجت للداخل وهى تتلفت يميناً ويساراً فكان المبنى ضخم للغاية.
أوقفها صوت شخص متسائلاً: – أستنى عندك أنتى مين وازاى دخلتى هنا.
التفتت إليها “فيروزة” الذى قالت بأرتباك :
– أنا كنت محتاجة أعرف فين مكتب اللواء عامر الراشد.
تحدث الظابط بحده: – وأنتى عايز ايه منه.
أرجعت خصلة من شعرها خلف أذنيها، وقالت:
– أنا بكون بنته وعايزة أقابله فلو سمحت تقولى مكتبه فين.
أجابها الظابط بأحترام: للأسف والد حضرتك بيمر دلوقتى على السجون ومش هتعرفى تقابليه دلوقتى.
تحدثت بصوت خافت لا يصل إلى مسمعه:
– هو ده وقته الله يحرقك يارائف بجاز وسخ.
الظابط: بتقولى حاجة حضرتك.
نظرت إليه “فيروزة” لتقول: لا طب هو الرائد أدم هنا.
الظابط: أدم مجاش النهاردة.
تحدثت “فيروزة” بضيق قائلة بهمس: نحس أنا عارفة أني نحس من يومي.
ثم وجهت بصرها إليه لتقول: -شكرا لحضرتك.
جاءت أن تذهب لكن أوقفها “عمران” الذى قال بسعادة:
– بجد أنتى هنا ولا أنا بحلم لا شكلي بحلم.
ضحكت بخفة وهى تقول: – عمران أخبارك ايه.
سار بخطوات واثقة أتجاهها وهو ينظر لها بحب فخفق قلبها ينبض بعنف فقد ذابت فى طلته المشرقة التى تسعدها فهى تشعر بشعور لطيف يسكن روحها عند رؤيتة.
أردف “عمران” بأبتسامة هادئة: – الحمدلله بأفضل حال.
نظرت إليه بعيون لامعه فأبتسمت بحياء لتقول: – يارب دايما تبقى بخير ياعمران.
اتسعت ابتسامته فهو يشعر بسعادة غامرة فى قربها: يارب …بتعملى ايه هنا فى حاجة حصلت معاكى ولا حاجة وجاية تقدمي شكوي أو عايزة تطلقى وتخلصي من قرف جوزك مثلا صدقيني أنا معاك وهعملك كل اللى يريحك جربيني مش هتخسرى.
ضحكت على حديثه ثم إجابته “فيروزة” قائلة: جاية أشوف بابا بس فى حد منكم قال أنه عنده مرور.
عمران: هو قدامه نص ساعة ويخلص ممكن تيجي تقعدى فى المكتب بتاعى لحد مايخلص واهو نشرب مع بعض قهوة ايه رأيك.
فيروزة: تمام مفيش مشكلة لو مش هتقل عليك.
أبتسم بخفه ليقول بحب: أبدا.. ياريت لو تتقلى عليّ كل يوم دى هتبقى احلى حاجة بتحصلي فى يومي.
أخفضت رأسها بخجل قائلة برقة: عمران.
نظر إليها بهيام ليقول: قلبه..ثم تدارك نفسه ليعدل من وقفته وقال بتوتر: المكتب ..قصدي هو المكتب من هنا تعالى ورايا. ليسير بخطوات سريعة فنظرت إليه بدهشة لتتجه خلفه وهى تشعر بأن الهواء يقل من حولها مع تزايد خفقان قلبها.
فى المكتب قدم لها كوب من العصير المثلج ليقول بمرح:
– أهو ياستي عصير البرتقال اللى طلبتيه بس أعملى حسابك المرة الجاية هتشربى قهوة معايا..اه ما أنا مش هشربها لوحدي زى النهاردة كدا تمام.
نظرت إليه بعيون لامعه وقالت بسعادة: تمام.
جلس على المقعد أمامها ليحتسى فنجان قهوته ثم قال:
– بجد والله شرفتينا بزيارتك الجميلة دى متعرفيش شوفتك فرحتني قد ايه.. أبقى تعالى زورينا هنا على طول ولا اقولك نبقى نتقابل برا أحسن من هنا.
نظرت إليه مستعجبة حديثه ومن عيناه البنية الساحرة التى تشبه حبات القهوة جعلتها تتوه بداخلهم، فكان بريق لونهم يلمع بشدة وكأنه عاشق لها أو كأنه رأى كنز ثمين أمامه، تسألت بداخلها هل هو حقاً كما قال رويتها أسعدته .. لكن نظراته إليها جعلتها ترتبك وتفكر كثيراً ف تلك النظرة التى لم ترى أحد ينظر إليها هكذا من قبل
فمن يرى “عمران” الان يظن أنه حقاً يحبها..
لكنها لا تعلم بأنه فعلا يعشقها بكل كيانه.
أشار بيديه إليها قائلاً :فيروزة مالك سرحتى فى ايه.
تحدثت الأخرى بهدوء: ولا حاجة هو بابا هيتأخر.
أجابها “عمران” قائلاً: لا مش هيتاخر هتلاقيه قرب يخلص المرور.
هز رأسها بالإيجاب ثم نظرت أمامها بشرود مسلطة بصرها على الباب تنتظره قدوم والدها، بينما هو ظل يتأمل ملامحها البريئة قائلاً بداخله:
– منذ أن التقينا سكنت عيونك خاطري ووعدتني برحلةٍ طويلةٍ فى ربوع الجمال..فأن جمال عينيكِ البريئتين يفوق الجمال جمالاً..فقد عشقك قلبي منذ أن رأى ظلكِ ليتكِ تعرفين ماأملكه لكِ من حب.
بعد لحظات دلف “عامر” إليهم فكان منشغلاً بالجهاز الذى يحمله ليديه، تحدث دون أن يرى أبنته قائلاً:
– عمران أنا عرفت جميع تحركات الوسخ رائف والمقابلات السرية اللى بيجتمع فيها مع شركائه وطلع أن هو زعيم المافيا التانى ليهم دا غير الرأس الكبيرة وده كمان غير أن فى أخبار جتلنا عن شحنة أسحلة غير مرخصة بيخطط يدخلها اليومين دول البلد مع شحنة المخدرات عن طريق البحر ودلوقتى عيزك تجهز قوة وتبقى مستعد للمأمورية فى أى وقت.
رفع رأسه نحو “عمران” لينصدم برؤية “فيروزة” التى تظهر على ملامحها الدهشة، فقال بتوتر:
– روزا حبيبتى بتعمل ايه هنا.
نظرت إليه بصدمة فأقتربت منه متسائلة:
– هو حضرتك قولت ايه أول مادخلت..مين ده اللى زعيم مافيا وبيتاجر فى الأسحلة والمخدرات.
نظر “عامر” إلى “عمران” بأرتباك كى ينقذه من هذا الموقف فأشاح الأخر ببصره بعيداً عنه لينظر بأتجاه “فيروزة” فرأئها تضع يديها على بطنها بألم فقال بقلق:
– فيروزة أنتى كويسة.
نظرت إليه بدموع بدأت تجتمع فى فيروزتها لتقول:
– متقلقش أنا كويسة لكن حد منكم يرد عليا ويقولي الحقيقة.
أجابها “عامر” بهدوء: الكلام اللى سمعتيه كله حقيقة يافيروزة ف مش محتاجة اقولك اكتر من كدا لان كل حاجة أنتى سمعتيها.
ضحكت بخفة ثم بدأ تضحك بصوت مرتفع ثم بكت فنظروا إليها بتعجب من أمرها، هدأت قليلاً ثم قالت بحسرة:
– جوزي فى الأخر طلع زعيم مافيا يعنى كنتى يافيروزة متخيلة أن هو مثلاً هيكون ايه بعد اللى عمله فيكي واحد زى ده أكيد لازم يطلع كدا .
أقترب منها “عمران” بخوف عليها ليقول:
– فيروزة أنا عارف أن اللى سمعتيه صدمة ليكى ف لازم تكونى قوية ومتخافيش من أى حاجة أنا جنبك وأوعدك بأن أنا هخلصك منه.
أردفت باستهزاء وهى تنظر لوالدها: هو أنتو كنتوا عارفين من أمتى يابابا بالموضوع ده بعد ما أتجوزت ولا قبل .
نظر إليها ولم يعرف بماذا يجيبها هل يقول لها بأنه كان يعرف قبل أن تتزوج به وهو من وافق على تلك الزيجة من أجل شغله وعرضها لهذا الوضع فماذا ستكون رددت فعلها فهو يخشى أن تكرهه او ان يقل فى نظرها قاطعت تفكيره قائلة بقلق من أجابته:
– يااااه للدرجاتى الأجابة صعبة مش عارف تقولها يبقى حضرتك كنت عارف من قبل ما أتجوزه مش كدا.
أخفض رأسه ينظر إلى الأرض خجلاً منها، فقالت بحزن:
– مدام حضرتك بصيت فى الأرض كدا يبقى أنت كنت عارف. ثم حولت بصرها “لعمران” وأكملت: وأنت ياعمران كنت عارف من بدرى مش كدا.
تحدث “عمران” بثبات لكن داخله كان يغلي غضباً فقال:
– عرفت يوم لما قابلتك أول مرة فى بيتكم ساعتها أتصدمت زيك لو كنت أعرف من بدرى مكنتش وافقت على الوضع ده.
ترقرقت الدموع بعينيها البريئتين فهى تشعر بالخذلان للمرة الالف من أبيها لكن اليوم الشعور حقاً كان أكثر الماً عن ذى قبل فقالت بحزن وبكاء:
– أزاى ده حصل أزاى حضرتك تعمل كدا فى بنتك هو أنت مخوفتش عليا وأنا قاعدة فى بيت واحد مجرم زى ده ونايمة فى حضنه مكنتش خايف عليا لما هو كان بيقرب مني ليه عملت فيا كدا ليه رميتني الرمية السوده دى أنت كل مرة بتاكدلي بأفعالك أنك فعلا مش أبويا وأنك مجرد راجل غريب عني .. أقتربت منه لتنظر إلى عيناه بقهر قائلة:
– هسالك سؤال واحد لو كانت لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل ايه معاها كنت هتستغلها زيي كدا وتجوزها لرائف ولا كنت هتبقى خايف عليها.
رفع رأسه نحوها ليقول بندم: أنا آسف على عملته فيكى سامحيني يابنتي.
ضحكت بألم وسط تلك الدموع التى تتساقط بحرقة على وجنتيها قائلة :
– بنتك بس أنا مش بنتك يا سيادة اللواء لان مفيش أب يعمل كدا فى بنته حتى لما سألتك لو لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل أيه مردتش عليا عارف ليه لان انت مش هترضها ليها لان هى من لحمك ودمك لكن أنا مجرد واحدة جيبها من الشارع وعملتها بنتك وأتكرمت صرفت عليها وأنا مش هنسالك فضلك بردو عليا لكن ليه تستغلني بالطريقة دى أنا عمري ما عملت حاجة وحشه فيكم وكنت دايما البنت المطيعة لأهلها ومابحبش أزعلك مني لكن أنت كنت أنا أكتر حد بتيجي عليه … صمتت لثواني حتى تاخذ نفسها الذى أوشك على الانقطاع فأمسك “عمران” يديها المرتجفة بحزن ليقول: – فيروزة بس أهدى واسكتي ايه الكلام اللى بتقوليه ده.
نظرت إليه بعيون ممتلئة بالدمع لتقول بحرقة:
– مش قادرة أسكت ياعمران أنا جوايا كلام كتير بيوجعني وعايزة أقوله يمكن أرتاح من العذاب اللى أنا فيه هو ليه محدش حاسس بيا هو ليه أنا معنديش أهل يحبوني زى بقية الخلق ولا هو ربنا حرم عليا أن يكون ليا أب يحبني ويخاف عليا من الهوا..أنا بجد تعبت من الحياة دى ياعمران أنت متعرفش أنا عنيت قد ايه وكل ده بسببه هو ..قالت هذة الجملة وهى تشير على والدها الذى نكس رأسه حزناً من حديثها الذى ألمه.
ظلّت تحدق ب”عامر” لمدة طويلة تحت نظرات “عمران” القلقة، جففت بقايا الدموع من على خديها ثم قالت بجمود:
– عارف ياسيادة اللواء أنا متصدمتش فى رائف أكتر ما أتصدمت فيك أنت لان أنا كنت بعتبرك كل حاجة فى حياتي برغم قسوتك فى بعض الاوقات عليا وحبيتك أوى لان فعلا كنت بعتبرك أبويا ومثلي الأعلى فى الحياة لكن دلوقتى كل حاجة أتغيرت ..وعلى العموم أنا كنت جاية أقابل حضرتك النهاردة علشان أوريك أوراق تخص رائف كان عايزك تمضى عليها يمكن تلاقوا فيها حاجة تخصكم أتفضل شوفها.أخذها منها ثم تفحص الأوراق ليقول:
– بس دى أوراق صفقة تخص الشركة.
أردفت “فيروزة” بأرهاق : قلب الصفح دى وهتلاقى بداخلهم أوراق خاصة بشغله.
عامر: بس أنا مش فاهم حاجة.
نظرت إليه ثم بدأت تقص عليه الحوار الذى دار بينها وبين “رائف”……بعد مرور بضع دقائق .
تحدث “عامر” بهدوء: تمام يافيروزة تقدرى دلوقتى ترجعى شقتك.
نظرت إليه بعدم تصديق لتقول: هو حضرتك بتهزر صح.
عامر بجمود: لا مش بهزر هترجعى لعند رائف وهتديله الأوراق دى فاهمة وإياكى أن هو يعرف بالكلام اللى دار مابينا.
نظرت إلى “عمران” ثم حولت النظر “لعامر” وقالت بخوف ينهش بقلبها:
– بس أنا خايفة أرجع عنده تانى حضرتك متعرفش هو لو شم خبر باللى حصل دا ممكن يقتلني فيها.
أغلق الملف الذى بيديه وأعطاه لها قائلاً: لازم ترجعي علشان ميشكش فيكي.
التمعت عيناها بالخوف فأمسكت يديه قائلة:
– أرجوك أتصرف وأعمل أى حاجة ومتخلنيش أرجع أنا بجد خايفه منه ليأذيني.
ربت على يديها بحنان وقال: متخافيش مش هيأذيكي لكن دلوقتى قومى روحى على البيت واتعاملى معاه عادى لحد ما نخلص شغلنا وتخلصى منه.
تنهد “عمران” بضيق ليقول: ياسيادة اللواء بلاش ترجعها خليها تروح على القصر هيكون أمان ليها ومش مهم اللى يحصل أهم حاجة سلامتها هى.
اسكته “عامر” بحده: انتو عايزين شغلي يبوظ أنا قولت كلمتي ويلا يافيروزة علشان أوصلك واعملي زى ما قولتلك فاهمة
هبت واقفة من مكانها وقالت بحزن حاولت أن تخفيه: -حاضر هرجع شقة رائف وهتعامل معاه زى ما قولتلي وبعدين أنا همشي لوحدي مش عايزاك توصلني.
سارت بخطوات بطيئة إلى الأمام حتى تخطتهم فأتاهم صوتها الذى يكسوه الألم والحزن والخذلان قائلة بدموع:
– أنا هعملك كل اللى حضرتك طلبته بس بعد ما تخلصني منه تنسى أنك كنت متبني بنت أسمها فيروزة وأنا من اللحظة دى مش هتعبرك أبويا اللى كنت بتحاما فيه وهو بعدني عنه ووقتها صدقنى لو جيت وحاولت تكلمني مش هسمعك زى ما كنت بتعمل معايا ولا هسامحك على الأذى اللى أتعرضت له بسببك عمري ما هسامحك يابابا….وقعت تلك الكلمات عليه كالصعقة الكهربائية جعلته ينتفض من مكانه سريعاً وهو يناديها بصدمة: فيروزة.
بينما هى خرجت بسرعة البرق من هذا المكان تجر خلفها خيبتها وخذلانها فى أكتر أنسان كانت تحبه بهذا العالم فكانت تظنه ونعمة الأب لكنه خيب أمالها و أحزنها بشدة، أوقفت سيارة أجرة وما أن صعدت بداخلها أنهارت كلياً فأخذت تبكي بقلبٍ منفطر.
وصلت للشقة وعند دخولها أنصدمت من رويتها فكانت منقلبه راساً على عقب، سارت بخطوات حذره لتجد كل شئ ليس بمكانه والأثاث بأكمله كان محطم، وقفت مكانها بخوف عندما سمعت صوت خطوات أقدام تسير خلفها أستدارت تنظر خلفها لتجد فردين ملثمين لم تمر ثوانٍ لتسقط مغشياً عليها..
بعد مرور بضع ساعات فقد حل ظلام الليل فى كوخ قديم وسط أرض زراعية فكانت مقيدة فى مقعدة خشبي فتحت عينيها بتعب شديد لتجد نفسها محبوسة داخل هذا الكوخ الذى يملئه خيوط العنكبوت، فسمعت صوت أحد يتحدث بالخارج ظلت تتجول بنظرها حولها ليرتجف جسدها ذعراً عندما رأت فأر يركض بجانبها، بدأت أن تبكى حزناً على ما وصلت إليه فأخذت تتسأل لماذا الحياة لم تكن معها عادلة لما كل هذا الظلم الذى تتعرض له ؟ فهى دوماً تخشى أن تأذى أحد.
ولج إليها “رائف” الذى أقترب منها ليقول بسخرية:
– عجبك اللى حصلك من تحت رأس أبوكى قولتلك ماتتكلميش معاه وألا هيحصلك حاجة مش هتعجبك أبدا.
تحدثت “فيروزة” وهى تنظر إليه بأجهاد:
– أنت اللى بعت ناس تخطفني يارائف بجد حرام عليك أنت ليه بتعمل كدا فيا أنا مليش ذنب فى أى حاجة.
نظر إليها بألم قائلاً: قولتلك قبل كدا ذنبك الوحيد أنك بنته يافيروزة يمكن لو كنت قابلتك فى ظروف أحسن من كدا كنت هحبك وكنت هخليكى ملكة لكن للأسف حظك قليل.
أردفت بحزن: بس أنا يارائف مش بنته ليه مش بتفهم كلامي وبعدين حتى لو كنا أتقابلنا فى ظروف أحسن من كدا كنت عمري ما أحب واحد زعيم مافيا ومكنتش هقبل أني أكون مراتك.
نظر إليها مطولا ثم قال: تعرفى أنتى حلال فيكى الموت أه والله أعمل ايه بقا ابوكى السبب فى كل حاجة أنا مكنتش ناوي أخطفك وبسبب اللى عمله النهاردة حلال فيكم.
أبتسمت بقهر لتقول: وأنت مجنون ومختل عقلياً يارائف أه والله.
أقترب منها ليمرر يديه على شعرها الذهبي ثم أخذ يشم رائحته الوردية فقال بهيام: أنا أكتر حاجة بحبها فى الدنيا هى ريحة شعرك الوردية بتخليني أذوب فى جمالها.
أبعدت رأسها عنه باشمئزاز قائلة: -رائف لو سمحت أبعد عني لان حرفيا أنا مش طايقة قربك مني.
أبتعد عنها وهو يقول: ماشى يافيروزة المهم دلوقتى جه وقت تصفية الحساب.
نظرت إليه بعدم فهم: قصدك ايه بالكلام ده وبعدين أنت ليه خاطفني وجايبني لهنا.
– جيبك علشان أخد روحك…ثم قام بإخراج مسدس من سترته ورفعه فى وجهها قائلاً: اتشهدي على روحك يافيروزة جه الوقت اللى أنتقم فيه من عامر وأخد حق أخويا اللى قتله.
نظرت إليها بخوف فقالت بتوتر: رائف لو سمحت سيب المسدس وفكك من الجنان ده مش هتستفيد حاجة من قتلي.
– لا هستفيد وجامد أوى أنتي أصلك متعرفيش حاجة.
أقترب منها أكثر ليضعه على مقدمة رأسها فنظرت إليه برجاء وبعيون دامعة لتقول بصوت مهزوز: بس أنا حامل يارائف معقولة هتقتل أبنك وأمه.
أتسع جفن عيناه بصدمة فقد كان وقوع هذا الخبر أثر كبير على مسمعه.
***********************************
فى قصر الراشد.
ظلّت “نازلى” تاخذ الغرفة ذهاباً وأياباً بضيق فكانت تحمل الهاتف بيديها تقم بالإتصال على أحد، أنتبه إليها “عامر” فتقدم منها وقال متسائلاً: فى ايه يانازلى مالك متعفرته كدا ليه .
رمت الهاتف على الأريكة وقالت بنبرة قلقة: بنتك فيروزة من العصر برن عليها وتليفونها مقفول وأنا قلقانه عليها ياعامر لأحسن تكون فيها حاجة أو تعبانه.
وضع يديه على كتفها ليقول: متقلقيش هتلاقيه فاصل شحن ولا حاجة وبعدين أنا شوفتها الصبح وكانت كويسة مفيهاش حاجة ارتاحي أنت بس وأنا هحاول أكلمها.
نازلى: طب رن عليها من عندك كدا شوف يمكن يكون أتفتح.
أمسك هاتفه ليتصل بها فوجده منغلقاً عاود الاتصال لأكثر من مرة ليعطيه نفس الرد الرقم الذى تحاول الاتصال به خارج نطاق الخدمة، أنزله من على أذنيه وبدأ القلق يتملك منه فقال: بردو مقفول.
هتفت “نازلى” بخوف: بالله عليك ياعامر تعالى نروح نشوفها قلبي مش مطمن دى بنتي وعايزة أطمن عليها واشوفها قدام عيني كدا إذا كانت كويسة ولا لأ.
عامر: حبيبتي أهدى مش هيجرالها حاجة يعني أستني هرن على جوزها.
بعد ثوانٍ تحدث قائلاً: لا بقا مش معقولة الاتنين تليفوناتهم مقفولة.
بدأت الدموع تتجمع بعينيها الفيروزية: لا بقا أنا لازم أروح لبنتي ياعامر.
بينما هو نظر لساعة الهاتف ثم قال: الساعة واحدة ونص هنروح فين دلوقتى يمكن تلاقيهم نايمين.
أردفت “نازلى” ببكاء : ماليش دعوة أتصرف.
تحدث “عامر” وهو يهم على الذهاب إلى الخارج:
– استني هنا وأنا هتصرف وهخليها تكلمك.
بعد دقائق كان يجلس على مكتبه يتحدث إلى “عمران” فى الهاتف:
– عرفت هتعمل ايه ياعمران بس بسرعة لأن انا بدأت أقلق عليها جدا لأحسن يكون رائف عرف باللى بعمله وممكن يأذيها.
أتاه صوت “عمران” منزعجاً: قولتلك بلاش تخليها ترجع وأنت اللى صممت لو حصل ليها أى حاجة هتكون أنت السبب.
عامر بضيق: مش وقت الكلام ده أهم حاجة أطمن على بنتي دلوقتى.
بعد مرور ساعة ..
ولج حارس القصر لغرفة المكتب قائلاً بأحترام:
– سيادة اللواء فى واحد اسمه المقدم عمران المنشاوي مستني حضرتك برا وعايز يقابلك ضرورى.
هب “عامر” واقفاً ليقول متسرعاً: خليه يدخل فوراً ياعبده يلا.
ولج “عمران” وتقدم منه بملامح لا تبشر بالخير نظر إليه “عامر” بخوف فقال: مالك وشك مخطوف كدا ليه هو عرفت حاجة عنهم.
تحدث “عمران” قائلاً: للأسف عملت اللى قولتلي عليه وملقتش حد منهم هناك وحاولت استجوب البواب قالي أنه ميعرفش حاجة عنهم.
جلس “عامر” على المقعد بتعب ليقول بقلق:
– يعني ايه يعني بنتي ضاعت لا مستحيل مش ممكن يكون أذاها ياعمران.
اجابه الأخر بخوف على محبوبته: متقولش كدا إن شاء الله هنلاقيها أنا كلفت كذا حد من أصحابي يتولوا الموضوع…بس اللى مش فاهمه أزاى أختفت فجأة هى ورائف وكمان تلفوناتهم مقفوله واللى قلقني أكتر لما طلعت شقتهم لاقيت الباب مفتوح وكل حاجة جوا متكسرة.
نظر إليه “عامر” بعيون دامعة تفاجى بها “عمران” فقال الاخر بندم: يارب أعمل ايه عارف أني غلطان وغلطان أوى كمان لكن يارب متوجعنيش فى بنتي ده أنا أموت وراها لو جرالها حاجة فبلاش هى يارب أوعدك أن أنا هصلح كل حاجة وهعوضها عن كل حاجة وحشة شافتها فى حياتها وهكون ليها الأب اللى بتتمناه…قاطع حديثه دخول المفاجئ “لأدم” الذى كان يبدو عليه الصدمة ليقول بنفس متقطع:- بابا فيروزة.
اتنفض “عمران” من مكانه ليقول بقلق: مالها هى كلمتك.
أجابه “أدم” قائلاً بصدمة: لا أنا وصلي رسالة على تليفوني حالاً مكتوب فيها أختك هتلاقيها مرمية على طريق الإسماعيلية بجانب كوخ مهجور ومتنساش تقول لأبوك أن رجالتي أتبسطوا منها أوى وياريت تلحقوها قبل ماتموت.
جذب والده منه الهاتف ليقرأ محتوى الرسالة فقال:
– دى ممبعوته من رقم مجهول أدم حاول تكلم حد من المقر وابعتله الرقم دا يتبعه بسرعة .
تحدث “عمران” قائلاً: سيادتك لازم دلوقتى نتحرك وأنت يا أدم أعمل ده كله واحنا فى الطريق يلا مفيش وقت.
ادم: استنى يمكن حد بيشتغلنا.
عامر: لا يابني محدش بيشتغلنا أختك أصلا مش موجودة فى شقتها ومش عارفين هى فين ولا حتى نوصلها.ثم فتح درج المكتب وأخرج مسدسه وقام بتعميره : يلا ياشباب.
اومأ إليه “عمران” رأسه وقلبه منقبض بخوف عليها ودعى بداخله أنه تكون على مايرام ولم يمسها سوء.
بعد مرور فترة من الوقت وصلوا للمكان المحدد.
صف “عمران” سيارته فى منتصف الطريق ثم نزلوا كليهما منها ليبدوأ بعملية البحث عن مكانها..فقد كان المكان مقطوع ومظلم وخالى من الأشخاص .
تحدث “أدم” وهو يشير إلى شئٍ ما ليقول: بصوا كدا مش ده الكوخ.
تقدم “عامر” بخطوات مثقلة ليقف متصنماً ينظر أمامه أقترب منه “عمران” بقلق: فى حاجة حضرتك .
لم يرد عليه بينما ظلّ يسير ببطء فحول “عمران” بصره نحو ماينظر إليه ليفزع بشدة وهو يرى غطاء أبيض مليئ بالدماء ويظهر من ورائه كف لشخص، هرول “عامر” سريعاً ثم جلس على ركبتيه أمام هذا الجسد وبدأ برفع الغطاء عنه مع توقف أنفاسه وخفقان ضربات قلبه وأختلال توازنه وشعر فى هذة اللحظة بأن ظهره اتكسر وايضا يشعر بجمر مشتعل يحرق صدره داخلياً فبكي متأوهاً بصوت عالٍ لرؤية أبنته بهذا المنظر ليضمها إليه محتضناً إياها، فقد كانت فى حالة مزرية وملابسها ممزقة تظهر أكثر ما تخفى ووجهها مليئ بالكدمات وجسدها يملؤها بحيرة من الدماء، أقترب “أدم” من أبيه وهو لا يصدق ما يراه فبدأت عيناه تقطر بالدموع على حال أخته.
بينما “عمران” سقط على ركبتيه بأنهيار وأخذ يضرب الأرض بيده بقوة وهو يشعر بتحطيم قلبه وكل كيانه فلم يتمكن من أنقاذ الفتاة التى أحبها تعلقت الدموع فى عيناه تأبى تفارق جفنه فهو لحد الآن لم يصدق ما يراه.
ظل “عامر” محتضنها وقال بصوت يبكي متالماً:
– اه ياحبيبة أبوكي سامحيني يابنتي سامحي ابوكي أنا السبب يانور عيني أنا السبب فى كل اللى حصلك ..أنا آسف يابنتي ابوكي مقدرش يحميكي وانتي صغيرة ولا حتى وانتي كبيرة…ثم رفع رأسه إلى السماء وقال ببكاء وبصوت جريح يقهر:
– اااااه ياربي على الوجع اللى أنا فيه بقالي ٢٧ سنة بتعذب مرة لما أوهموني أنها ماتت ويوم لما أعرف أن هى بنتي من لحمي ودمي أقوم أخسرها بالشكل ده يااااارب الابتلاء ده صعب عليا صعب أني اتحمله يارب أنا عملت ايه فى دنيتي علشان اتعاقب عليه فى بنتي نور عيني وحته من قلبي…اااه ياعمري أنتي فداكي روحي ياروح ابوكي ثم أخذ يتحسس وجهها ودموعه تتساقط عليها فقال هامساً: والله الذى خلق الخلق لجيب حقك من كل واحد فيهم ومن نفسي أولهم يافيروزة بس متوجعيش قلب أبوكي بفراقك ياقلبي أنتي علشان خاطري أفتحي عينيك الجميلة ومتحرميش أبوكي منها ولا من وجودك.
بعد مدة فى المستشفي
كان يجلس “عامر” على الأرضية أمام غرفة العمليات ينظر لها بشرود بملامح يكسوها التعب والأرهاق فقد كانت دموع تتساقط بصمت يشعر بالانكسار بداخله
أقترب “أدم”منه ليقول بدموع وصوت متحشرج: بابا متقلقش عليها بإذن الله روزا هتبقى كويسة هى قوية ومش هيجرالها حاجة صدقني.
أرتمى والده فى حضنه ليبكي بغزارة وهى يقول:
– أنا مش هسامح نفسي لو جرالها حاجة ياأدم أنا اللى كسرت بنتي ودمرتها.
بينما “عمران” كان يقف منصدماً وهو ينظر إلى يديه التى يملئها الدماء..بعد مرور مدة من اللحظات الصعبة عليهم خرج الطبيب لهما يحول بصره نحوهم بشفقة – فنهض “عامر” ليتجه نحوه سريعا قائلاً بلهفة وخوف: -طمني يادكتور بنتي كويسة مش كدا.
نظر إليه الطبيب بحزن قائلاً: أنت والدها.
أجابه عامر بتوتر: أيوه أنا أبوها بالله عليك طمني عليها.
نكس الطبيب رأسه وقال بأسى: البقاء والدوام لله وحده.
لو كان باستطاعة أحدٍ أن يحل مكان أحدٍ، لما بكينا عند فراق، ولكن كل شخص يحفر مكانته في القلب، ولا سيما أولئك الذين أحببناهم بصدق يحفرون أماكنهم بقوة، ويبقى القلب فارغاً بعد رحيلهم، مثقوباً تتسرب منه رائحه السعادة المفقودة وتمر الرياح من خلاله لتجدد نزيف الجراح التي حاولنا أن نعالجها.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مذكرات فيروزة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى