رواية لم يفت الأوان بعد الفصل الأول 1 بقلم نرمين قدري
رواية لم يفت الأوان بعد البارت الأول
رواية لم يفت الأوان بعد الجزء الأول
رواية لم يفت الأوان بعد الحلقة الأولى
القطار المتهادي على سكته الحديديه كان يسير بتواتر رتيب يتناغم مع افكار اسيل التي اخذت تشعر بالتعب والارهاق من اجراء الرحله الطويله هذه
و التي تنفست الصعداء حين وصل القطار اخيرا الى مدينه الصعيد الجواني وبالأخص مدينة قنا
تناولت اسيل حقيبتها الصغيره من الرف المخصص للحقائب لم تكن واثقه تماما لماذا اتت او حتى ما هو شعورها اتجاه عمتها التي ربتها منذ كانت اسيل في السنه الاولى من عمرها وبعد مصرع والدتها بحادث سير مروع
باااااك
الاتصال التي قامت به اسيل منذو اسبوع الى سرايه مهران حيث تعمل عمتها كمدبره منزل كان مختصرا ومباشرا ولحسن الحظ من رد على اتصالها كان شخصا غريبا تماما عرفها عن نفسه باسم محمد رئيس الخدم اعلنت اسيل عن هويتها كان محمد اكثر من متحمس لاعطائها المعلومات التي تريدها عمتها كما عرفت كانت في المستشفى في قسم العنايه المركزه انها بجلطة قلبية قال محمد بلهجته الصعيديه المميزه التي اثارت الحنين العميق داخل اسيل واكمل هي :
-هي كانت طول الوقت بتنادي على اسمك المسكينه كانت هتموت وكان نفسها تشوفك بس انا شايف من الافضل ان يشرح ليكي الباشمهندس نور حاله عمتك بالظبط هو اللي كان بيرعاها طول فتره تعبها واقامتها في المستشفى
قطعته اسيل معترضه :
لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا مش عايزه اتكلم مع حد لو سمحت
بلاش لو سمحت تزعج البشمهندس نور
فكره تحدثها مع نور عبر الهاتف كادت ان تصيبها بالغثيان قالت مسرعه لمن يحدثها تفاصيل وصولها قبل ان تتيح له الفرصه للاصرار على المحادثه مع نور
انهت اسيل حديثها بسرعه واغلقت الهاتف وهي ترتعش باكملها زيارتها لعمتها التي بمثابه ام ثانيه لها هو شيء تعتبره مجرد واجب عليها
لكن ليس من ضروري التحدث مع الرجل الذي كان سببا مباشر لتركها الصعيد والمنزل عائلتها قبل ثمانيه سنوات اثار الانقباض داخل امعائها وجعلها تشعر بالم ارادت تاجيل الرحله الى وقت اخر ولكنها ادركت مدى تعب عمتها واحتياجها لها
وقفت اسيل على محطه القطار تودع ابنها الوحيد وتقول له بحنان مبالغ:
هتصل بيك اول ما هوصل واحنا مع بعض على طول السكه بالتليفون وهفتح معاك نت النت ما خلاش حاجه بعيده يا حبيبي
يكشر ياسين عن انيابه ويقول بغضب :
-ماما انتي عمرك ما بعدتي عني وانا مش هعرف ازاي اعيش من غيرك انتي هتسافري وتسيبيني
تضحك اسيل ضحكه مصطنعه وتقول بحب:
-انا هسيبك لوحدك برده يا يويو ما انا هسيبك مع طنط هند وانت عارف ان هي بتحبك قد ايه انت كنت بتقعد عندها اكثر ما كنت بتقعد عندي مش انا برده هسيب راجل ولا هسيب عيل
يمسح ياسين عينيه بظهر يده الصغيرة من الدموع ويقول:
لا هتسيبي راجل يا ماما حاضر وانا هقعد عند طنط هند
تحتضن اسيل ياسين بقوة فهذه اول مره منذ ثمانية أعوام تفارقه فكان ياسين يملا حياتها باكملها تقبله للمره الاخيره قبل انطلقها بالرحله الى الصعيد ظل ياسين وصديقتها هند يلوحان لها من المحطه حتى غابت قطار تماما عن عيونهما ولكن صوره ياسين ظلت مرسومه بعقلها بعد ان ابتعدت عن المحطه بمسافات فكان ياسين ابن الثماني اعوام كل حياتها
فكان ياسين بجسده الطويل ووجهه المستدير وعيونه الرماديه الفاتحه وشعره الاسود الناعم الذي يشبه تماما وجهه وملامح نور الذي تتذكره منذ سنوات مما ارسل قششعريره الم داخلها لما حدث فيما مضى بينهما افاقت اسيل على صوت المنادي يعلن مغادرات القطار
القت نظره سريعه على نفسها امام المراه تطلعك الى وجهها البرونز المستدير كان ساحر التقاطيع بعيونها العسليه الواسعه ذات الرموش البنيه الكثيفه وانفها الرقيق وشفتها الممتلئه والغمازات على وجديها كانت تزيد من جاذبيتها شعرها البني الناعم الكثيف اللي كان ينتدل حتى منتصف ظهرها نزلت من القطار بخفه كباقي المسافرين المتحمسين للوصول الى واجهتهم وكان الرجال يركزون نظراتهم عليها وحين تقابلهم بالجمود والبرود الذي اعتادت عليهم منذ سنوات كان يتبعون تقدمهم رغم رققتها ورشقتها وانوثتها الطاغيه التي تنبع منها الا ان قوه شخصيتها كانت واضحه وظاهره عليها
فقد اصبحت امراه ناضجه بمعنى الكلمه ممتلئه بالجمال والحيويه فقد تركت اسيل القديمه منذ ثمان سنوات على نفس هذه المحطه
وكتبت بيدها شهاده وفاتها مشاعرها القديمه اعتقدت انها جفت وماتت منذ سنوات والان اصبحت اسيل جديده
لم ترى اسيل الرجل الذي كان ينتظرها امام محطه القطار
رفعت اسيل وجهها لاعلى بجمود ووصلت الى بوابه الخروج وامتدت يدها لتشير الى سائق التاكسي بالتوقف فاسرع بالاقتراب منها مقاطعا عليها الطريق قائلا ببرود :
– حمد لله على السلامه يا اسيل
تجمدت اسيل لسماعها لصوته ينطق بتلك الطريقه العميقه ذلك الصوت المحفور رغما عنها باعماقها شيئا ما تحرك بداخلها وحرك رماد مشاعر خبت نارها منذ سنوات ورفعت عيونها لتلتقي بعيونه للحظه لم يكن بامكانها التحريك او النطق
بدا باردا ومتباعدا لكن محروسا برقه وهو يقف هنا امامها ويحدق بها بعيون رماديه الواسعه وكل ما استطاعت ان تفكر به هو قولها بسرها:
+ أيده هو في كده نسخة بلظبط من ياسين، ابنه شبه لدرجة كبيرة قوي
تحولت ملامحها سريعه الى غصه احتقار في حلقها ثمانيه سنوات مضت
وهو لم تؤثر فيه السنوات
جسده كان لا يزال رياضيا صلبا شعره الاسود الناعم لا زال بنفس الشكل واللون كان لا يزال يرفع راسه بنفس الطريقه المتعاليه لا زال يملك تلك الخاصيه الرجوليه المسيطره والتي تزيد من اثارته جاذبيته وحتى الان رغم كل ما مرت به من ظلم وقسوة فقد شعرت بموجه العاطفه يشدها اليه ووجهه كان لا يزال على حاله بكل خطواته القويه الجذابه
قالت اسيل بصلابه وبرود تام وكان ملامحها تجمدت:
+ الله يسلمك يا نور بصراحه ما توقعتش اشوفك على المحطه اخر حد اتوقع انه ممكن يستقبلني
التوى فمه بابتسامه سخريه وقال باستهزاء:
-هو عندنا اغلى منك علشان نستقبله على محطه القطر احنا المفروض كنا فرشنا لك الارض ورد انك تكرمتي وجيتي سالتي
-بطل بقى نغمه السخريه دي السنين عدت وانت زي ما انت ما فيش فايده فيك
زادت حده عيون الرماديه واشتعل الغضب بداخلها ولحسن حظها مر احد معارفه والقى عليه السلام لحظات كانت كافيه لاعاده السيطره على اعصابه قال لها ببرود و يمد يده
-هاتي عنك الشنطة
وقبل ان تتمكن من الاحتجاج تناول نور حقيبتها من جانبها وقال:
-عربيتي ركنها في الموقف العام وهي مش بعيده من هنا يلا ورايا
سار امامها دون ان يلتفت الى الوراء راقبته اسيل وهو يبتعد بعيون ثابته لا ترمش ثم قالت في نفسها:
ما تغيرش لحظه واحده طول السنين دي لسه زي ما هو المتكبر المتعالي مغرور بيتدخل في كل حاجه ولازم زمام الأمور تبقى في ايده
كان قد وصل الى موقف السيارات حين غادرت هي بوابه المحطه وكان شق طريق عبر صفوف السيارات بثقه وانها ستتبعه كطفله مشرده مما اثار غيظها وتلك النظره الاخيره التي رماها بها قبل ان يستدير ويتجه الى موقف السيارات اخبرتها ان العداء الهائل الذي تشعر به نحوه لا يقل حجما عن العاداء الذي يشعر هو نحوها به انطلقت خلفه مسرعا وحين وصلت اليه وجدته انه قد وضع حقيبتها في المقعد الخلفي وفتح لها الباب الامامي بجانب السائق اقتربت من السياره بحركه تحدي وهي تخبره بصمت انه لا يحق لهم معاملتها بهذه الطريقه كانها قطعه اساس غير مرغوب بها لكنها ضروريه هي لم تطلب منه لقائها على المحطه هي لم تطلب منه اي شيء ابدا
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لم يفت الأوان بعد)