روايات

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم آية العربي

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم آية العربي

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر الجزء التاسع والعشرون

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر البارت التاسع والعشرون

للقلب أخطاء لا تغتفر
للقلب أخطاء لا تغتفر

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر الحلقة التاسعة والعشرون

ليست كل الاخطاء سيئة ، هناك أخطاء صالحة لإستعمال
❈-❈-❈
في إحدي المستشفيات الخاصة
يقف بهاء مع جميلة التى تحمل الصغير بعد أن أتوا مسرعين إلي هنا ومعهما بسمة .
أدخلوها غرفة العمليات على الفور وها هما يقفان في الردهة القلق يتآكلمها .
فمذ حوالى ساعة ولم يخرج أحد يطمئنهما عليها .
رن هاتف جميلة برقم ريتان التى هاتفتها لتطمئن عليها ،، ناولت جميلة ياسين لوالده وأخرجت هاتفها من حقيبتها لترى المتصل .
وجدتها ريتان فتحشرج صوتها وأجابت باكية تردف :
– ريتاااان ،، شوفتى اللى حصل لبسمة ؟
وقع قلبها من نبرة والدتها وتساءلت بذعر :
– خير يا ماما ، مالها بسمة ؟
أردفت جميلة منتحبة بحزن :
– نزلت الجنين يا بنتى ،، معرفش إيه اللى حصل ،، وهي دلوقتى في أوضة العمليات بقالها ييجي ساعة ومحدش طمننا ،، أنا قلقانة أوي .
إنتفضت ريتان من مجلسها تردف على عجلة :
– لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ،، مستشفى أيه يا ماما ؟ ،، هجيلك حالاً .
أملتها إسم المشفي وأغلقت معها ، هاتفت حمزة الذي ذهب إلى شركته منذ قليل لتخبره .
أجاب على الفور يردف بترقب :
– أيوة يا حبيبتى ؟ ،،، إنتِ كويسه ؟
أومأت تردف بصوت حزين :
– حمزة أنا لازم أخرج حالاً ،، بسمة نزلت البيبي وفي المستشفى .
وقف من خلف مكتبه يجمع أغراضه ويردف وهو يخطو للخارج :
– تمام إلبسي وأنا جاي حالاً .
أغلقت واتجهت تبدل ثيابها ،، دلف عليها مروان بعد أن طرق الباب وأذنت له فرآها وهي تحضر ثيابها .
تحدث بحب متسائلاً :
– مامي إنتِ خارجة ؟
تركت الملابس وأتجهت إليه تعــ.انقه وتقــ.بله كعادتها ثم تحدثت بحنو :
– أيوة يا مارو ،، فيه مشوار مهم لازم أروحه ،، قول يا حبيبي محتاج حاجة ؟
تساءل الصغير بترقب بعد أن إختلف على إحدى الألعاب هو وبيري إبنة عمه :
– ينفع أجي معاكى ،، أنا وبيري أتخانقنا وأنا مش هكلمها تاني .
أبتلعت لعابها ثم دنت منه تردف بتمهل برغم ما تشعر به قلقاً على شقيقتها :
– بس يا مارو بيري بتحبك وعادى لما تختلفوا على حاجة ،،، ليه متتكلموش براحة وتسألها هي زعلت ليه ؟
تحدث ببراءة :
– أنا كنت بخسّر نفسي في اللعبة علشان هي تكسب علطول بس هي بقت بتعرف تلعب كويس فبقيت أنا كمان بلعب كويس هي زعلت وقالت إنى مبقتش أحبها .
إبتسمت بهدوء ثم تحدثت بتروى :
– طيب إنت دلوقتى هتروح لها وتقول لها الحقيقة وإنك كنت عايزها تتعلم اللعبة الأول إنما دلوقتي هي إتعلمتها خلاص فالأفضل إنك تتنافسوا وتفهمها إنها لو بتحبك زي ما إنت بتحبها هتفرح لما إنت تكسب ،، وأنا أوعدك إنى هاخدك ونطلع مشوار سوا وكمان مع بابي بس حقيقي مينفعش أخدك معايا المرة دي .
أومأ لها متفهماً وراق له حلها فقبلها وأسرع يخطو للخارج كي يفعل مثاما قالت وأعتدلت هي تتنهد ثم بدأت في تبديل ثوبها .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ في المشفى
خرج الطبيب فأتجه إليه بهاء على الفور يتساءل بقلق :
– خير يا دكتور طمني ،، بسمة عاملة إيه ؟
تحدث الطبيب بمعالم وجه حزينة يردف :
– هو طبعاً للأسف خسرنا الجنين ،، وعملنا تنظيف ،، بس المشكلة إننا إكتشفنا أورام ليفية مخاطية في الرحم أدت لتضخمه ،، وده سبب النزيف والإجهاض ،، وقبل ما نقرر طريقة العلاج لازم ننتظر لما المريضة تفوق ونعمل رنين مغناطيسي علشان نعرف حجم الأورام ،،، وطبعاً نتمنى تكون حاجة بسيطة وألا هنضطر نستأصل الرحم .
سقط قلبه مرتطماً وهو ينظر لجميلة التى صرخت باكية بحسرة وظل متجمداً لثوانى قبل أن يحاول إستعادة ثباته ويتساءل بحزن وعجز :
– طيب وبسمة ،، عاملة إيه ؟ .
زفر الطبيب وتحدث :
– طبعاً مش هيبقى سهل عليها خبر زي ده ،، بس لازم تحاولوا تشرحولها إن دي مشيئة ربنا وإن شاء الله نحاول نحل الموضوع بشكل تاني من غير ما نحتاج لإستئصال الرحم .
أومأ عدة مرات يردد بحزن وخيبة :
– قدر الله وما شاء فعل ،، قدر الله وما شاء فعل .
ربت الطبيب على كتفه وقال :
– ونعم بالله ،،، دقايق وهننقلها ع الأوضة .
تركه وعاد للداخل وأتجه هو يجلس بصغيره فلم تعد قــ.دماه تحمله ،، وجميلة تقف تجاوره باكية ،، الآن يواجه شئ كبيراً عليه ،، في الأمس كانا ينتظرا طفلهما الثاني والآن هما مهددان بإحتمالية إستئصال الرحم ،، يا إلهي ما هذا الإختبار الصعب ،، وكيف ستتقبله بسمة ،، وهل أمامها حلاً آخر ؟.
جاء حمدى الذي علم من زو جته يتجه إليهما وعندما رآى حالتهما أسرع يتساءل بقلق :
– فيه إيه؟ ،، بنتى مالهاااا ؟
إتجهت إليه جميلة تردف منتحبة بقهر :
– بسمة هتشيل الرحم يا حمدي ،، بنتى مهتخلفش تااااني .
إرتمت في حــ.ضنه تجهش في بكاء مرير بينما هو وقف مصدوماً لا يستوعب بعد ثم التمعت عينه بالدموع وهو يردد :
– لا حول ولاقوة الابالله العلي العظيم ،، رحمتك يااارب .
بعد دقائق قليلة وصلت ريتان أيضاً ويجاورها حمزة وأتجها إليهما بعدما جلسوا جميعهم ينتظرون خروج بسمة .
نظرت ريتان لجميلة الباكية وتساءلت بقلق :
– خير يا ماما حد طمنكوا ؟
رفعت جميلة نظرها لريتان ثم عاد البكاء والحزن ينهش داخـ.لها وتحدثت بقهر :
– أختك يا ريتان ،، أختك يمكن يشيلولها الرحم ،، أختك معدتش هتخلف تاني .
نظرت لحمزة بصدمة ووقف الآخر لا يعلم ماذا يقول بينما هى سقطت عبراتها ووقفت فقط تبكى وتفكر دون نطق حرف فقد ألجمتها الصدمة .
❈-❈-❈
عند سناء التى قررت إصطحاب توأمها إلى منزل والدها بعد أن ضجرت من الجلوس وحدها .
ترجلت من سيارتها بعد أن وصلت وترجلا التوأم يردفان بضيق :
– يعنى كان لازم يا مامي نيجي معاكى ؟ ،،، كنا روحنا النادي وجيتي وحضرتك لتيتة .
تحدثت بضيق وعتاب :
– ميصحش كدة ،، دول أهلكوا وليهم حق عليكوا ،، قولت الكلام ده مليون مرة قبل كدة ،، وآخر مرة هقوله ،، تمام ؟
زفرا التوأم وأومئا وإتجهوا جميعهم للداخل حيث إستقبلتهم صفية بترحاب وود وكذلك كاري وشيرين .
رن هاتف سناء فتوقفت عند الباب عندما وجدته رقم معاذ وتنهدت بقوة ثم إستأذنت قائلة :
– بعد إذنكوا هرد على الموبايل وأرجعلكوا .
خطت عائدة للخارج حيث الحديقة في مكان مناسب وأجابت قائلة بجدية :
– أهلاً يا معاذ بيه ؟ ،، خير في حاجة ؟
تحدث معاذ الذي كان يظن أنه لن يكرر طلبه ولكنه لم يستطع ،، حاول التفكير بعقلها وتفهم خوفها وصغر توأمها ،، أراد أن يطمئنها ،، أراد أن يثبت لها أنه ليس كغيره ،، أراد أن يحقق لها المعادلة الصعبة التى تتمناها وهي راحة توأمها وسعادتها ،، سيفعلها من أجلها ،، يستحقان فرصة ،، هو وحيد ويعانى الوحدة وظهرت هي أمامه لتحرك مشاعره التى ظنها باردة ،، أيقن أنه أحبها ،، أيقن ذلك بعدما غلبه التفكير بها ،، منذ أن أخبره حمزة برفضها وهو يفكر ،، حتى أنه خشى نظرة المجتمع من حوله لنعته بالمراهق ولكنه لم يعيش الحب أبداً ،، زو جته المتوفاه كان بينهما مودة ورحمة وإحترام ولكن الأمر مع سناء مختلف ،، هي شغلت حيز كبير من أفكاره وإحتلتها حتى بات مثل العاجز في بعدها ،، أصبح يتمناها جواره وحلاله لتشاركه وحدته وإسمه وحياته ولتكن ونيسته ،، ليس مراهقاً بل رجلاً ناضج يفكر بالعقلِ والقلبِ معاً .
تحمحم يردف بعد أن سمع صوتها :
– مدام سناء أزيك ،، أنا عارف إن مافيش أي سبب يخليني أكلم حضرتك تاني بس أنا حابب أقابلك وأتكلم معاكي في أي مكان تختاريه ،، ولو سمحتِ مترفضيش ،، إسمعي اللى عندي وبعدها قررى ،، يمكن أنا إتكلمت مع حمزة الأول إحتراماً للأصول بس أنا محتاج أتكلم معاكى إنتِ المرة دي ،، وإختاري أي مكان إنتِ عايزاه ،، بس لو سمحتِ مترفضيش .
وقفت حائرة ،، منذ أن أبلغت حمزة بقرارها وهي حزينة ،، تشعر أنها رفضت فرصة ربما لن تعوّض ،، ولكن تعود وتنهر نفسها فهى إختارت توأمها ومستقبلهما ،، كيف لها أن تفضل سعادتها عنهما وأي سعادة تلك التى تتوقعها وهما تعيسان ،، إن كان والدهما الحقيقي كان لا يهتم لأمرهما ويعنفهما فهل سيفعل الغريب ويحبهما ؟ ،، وهذا أكثر ما تخشاه ،، تخشى أن يجرحهما أحدٍ ولو بكلمة ،، تخشى أن يلوماها عندما يكبرا بأنها فضلت نفسها عنهما ،، تخشى بعد كل ما عانته أن تظهر في ثوب الأم السيئة وهى أبعد ما يكون عن ذلك .
تحدثت بهدوء ونبرة مستجيبة :
– مش مسألة رفض يا معاذ بيه ،، بس اللى حضرتك منتظره مني صعب يحصل ،،، حضرتك عارف إني أم لولدين في مرحلة صعبة محتاجين فيها كل إهتمامي وتركيزي ،، وأنا فكرت كويس ولقيت إن مينفعش أفكر في أي شئ تانى حالياً غير مستقبلهم .
تحدث بصدق :
– طيب ما تخليها نفكر ،، خليني أشاركك التفكير في مستقبلهم ،، خلينا نتشارك في كل حاجة خاصة بينا ،، خلينا ندي لبعض فرصة جديدة ،، مش يمكن ننجح ؟
إبتلعت لعابها وبدى حديثه مؤثر ثم عادت لجديتها بعد أن توغلها الخوف وأردفت :
– مافيش الكلام ده يا معاذ بيه ،، إحنا مش عايشين في المدينة الفاضلة للأسف ،، أولادي مسئولين منى أنا وبس ،، وحضرتك عندك أولادك ،، مينفعش تشيل حمل مش ليك أبداً ،، أنا مش هسمح بكدة .
عاد يتحدث بتروى بعد تفكير طويل :
– هكلمك بمنظور ديني يا مدام سناء ،، الرسول صلِّ الله عليه وسلّم قال ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى ،، يبقى ليه إنتِ عايزة تحرميني المكانة دي ؟ ،، صدقيني أنا حابب جداً وعلى إستعداد أقوم بالدور ده ،،، أنا واثق أننا نستحق فرصة ،، خليني أتكلم معاكى الأول وبعدين أتكلم مع الأولاد ،، ولو هما رفضوا أنا مش هتكلم تانى ،، بس فكري كويس .
زفرت بقوة تلوك الأمر في عقلها ثم تحدثت مستسلمة :
– تمام يا معاذ به ،، خليني أضبط أموري وأبلغ حضرتك .
تحدث بنبرة فرحة لموافقتها :
– تمام يا مدام سناء ،، هنتظرك بس ياريت متتأخريش عليا .
تنهدت تردف بهدوء :
– إن شاءلله .
أغلقت معه ووقفت لدقائق تفكر ثم قررت الدخول لقضاء اليوم مع عائلتها والتفكير بتروى لاحقاً .
❈-❈-❈
في المشفي
نقلت بسمة إلى غرفة عادية وكانت تحت تأثير المنوم بينما الجزء الســ.فلي منها مخدر تخذير نصفي .
الجميع حولها يجلسون بحزنٍ جلي ،، ريتان تجاور حمزة مطأطأة الرأ سِ باكية ،،، وجميلة تحمل الصغير الذي نام وتنتحب على حال إبنتها ،، وبهاء يستند على حافة النافذة لا حول له ولا قوة يطالعها بعجز وتشتت .
بدأت تفيق شيئاً فشيئاً ويــ.داها تتجه تلقائياً لبــ.طنها ،،، تتحســ.سها ببطء وما لبث أن فاقت تصرخ وتبكي ،، بعد أن تيقنت أنها خسرت جنينها ،، أسرع إليها بهاء يحتويها ويواسيها مردفاً :
– إهدى يا بسمة ،،، قدر الله وما شاء فعل ،، إهدى يا حبيبتى .
كذلك جميلة التى مددت الصغير على أحد المقاعد وأسرعت إليها هي وحمدي يحاولان تهدأتها ،، كانت تنتحب بقوة وتردد :
– أبنى رااااح ،، راااح يا بهاااء ،،، اااااه .
تقف جانباً تستند على زو جها وتبكي بقوة على حال شقيقتها ،، تعلم مدى بشاعة الأمر ،، الأمر لا يحتمل حقاً ،، مجرد التخيل مدمر فماذا عن حال شقيقتها ،، ولكن لا إعتراض على مشيئة الله ،، ليتها تستطيع قول شئ يواسيها .
ظلت بسمة تصرخ وبهاء وجميلة يحاولان تهدأتها وحمدي يردد :
– إرضي يا بنتى ،، قضاء ربنا كدة ،، خير يا بسمة المهم سلامتك يا حبيبتى .
ظلت تبكى ويجاورها بهاء يردد كلمات الرضا إلى أن عادت أو هربت للنوم مجدداً .
❈-❈-❈
أتى المساء وريتان تجاور جميلة ،، يوم مجهد مر على الجميع ،، بسمة تنام وكأنها ترفض الواقع وتستنكر حدوث ما حدث ،، حمدى وحمزة يواسيان بهاء في الخارج وهو يردد ( قدر الله وما شاء فعل )
إستيقظت مجدداً تردف بشــ.فاه جافة وعيون مغلقة :
– ماية ،، عطشانة .
أسرعت ريتان بعدما لاحظت غفوة جميلة ،، وقفت تتجه للكومود وتتناول زجاجة المياة المعدنية وتقربها منها مردفة بتوتر لخوفها من رد فعل بسمة :
– إشربي يا بسمة .
فتحت عيــ.نيها تطالعها بخفوت ووهن ثم عاد البكاء يداهمها وأردفت متساءلة :
– شمتانة فيا مش كدة ؟
لو أن أحدهم أصاب قلبها برصاصة أهون عليها من تلك الجملة وهذه النظرة ،، إبتلعت مرارة حلقها ووقفت تتحكم في إلتواءة أحشاؤها مردفة بصدق ودموع :
– أشمت في أختي ؟ ،، مستحيييل .
عاد تردف وشهقاتها بدأت تزداد مردفة :
– ليييه ،، المفروض تشمتي فيااا ،، إبنى رااااح أهو ،، ويمكن ما أعرفش أخلف تانى زي ما كانوا بيحكوا في أوضة العمليات ،، يعنى هبقى زيك .
نزلت عبراتها متتالية ،، كيف تخبرها أنها الآن تحمل في رحــ.مها علقةٍ صغيرةٍ ،، كيف تخبرها أنها لم تكن يوماً تعانى من مشكلةٍ في الإنجاب كما كانت تعتقد بل أوهِمت بذلك ،، الآن بات إخبارها بهذا الخبر شبه مستحيل ،، هي لن تفعل مثلها ،، لن تؤلمها ،، ولكن لم تتوقع أن يأتى صوت من خلفها يردف بجمود :
– بس ريتان حامل يا بسمة .
إلتفتت تنظر بصدمة لحمزة الذي دلف مع بهاء وحمدي بعد أن إستمع إلى صوت بسمة ،، سمع حديثها ولم يحتمل ،، إن كانت حقاً تتصرف بتسرع وطيش لتعلم بحمل شقيقتها ربما تأنت قليلاً ،، وإن كانت تحمل نفساً خبيثة فتعتبر ما يمر بها درساً ،، وإن كانت تفسر الأمور بطريقة خاطئة فلتحاول الفهم ،، لم يحتمل أن تُهان حبيبته مجدداً وتحدث بذلك حتى ولو كان الوقت غير مناسباً .
وقفا حمدى وجميلة يتطلعان على بعضهما ،،، توغلت إليهما السعادة وكادت تغطى على حزنهما بعد هذا الخبر لولا ريتان التى أردفت مسرعة وهي تندفع للخارج :
– عن إذنكوا .
خرجت وتبعها حمزة ،، يحاول اللحاق بها ،، ينادى عليها فوقفت في ردهة المشفى تلتفت إليه وتردف معاتبة بحزن :
– ليه يا حمزة ،،، قولت ليه دلوقتى ،، هي في حالة صعبة ،، مكنش ينفع نقوووول .
وقف أمامها يطالعها بحب ،، في كل مرة تثبت له أنها محقة في إحتلال قلبه ،،، أن لها الحق الكامل والتحكم الكامل في مشاعره وكيانه ،، تحدث بحب وتمهل :
– لو بتحبك بجد مش هتزعل ،، اللى حصل مع بسمة ده قضاء وقدر وأي حد معرض ليه بس مستحيل إنتِ تشتمتى فيها .
زفرت بقوة فمد يــ.ده يحتويها ويضع رأ سها على صـ.دره مردفاً بحنو :
– يمكن إتسرعت بس غصب عنى ،، متحملتش توجعك بالكلام ،، أنا عارف إنها في صدمة دلوقتى وصدقيني أنا زعلان عليها جداً بس مش هتحمل حد يزعلك .
إستكانت قليلاً معه ،، تعلم أنه محق ،، يكفي أنه ترك عمله ومكث معها يدعمها ويجاورها ويشاركها حزنها على شقيقتها ،، يكفى أنها كلما إحتاجته وجدته ،، يكفيه ما يعانيه ويؤرقه بسبب ذلك الخبيث ،، يكفيه ما على عاتقه ،، إبتعدت تطالعه بحب وتردف بهدوء :
– تعالى نروح يا حمزة وهبقى أرجعلها وقت تاني .
أومأ لها يردف مؤكداً :
– نرجعلها ،، مش هسيبك تيجي هنا لوحدك يا ريتان .
أبتسمت له وأومأت وغادرا بعد ذلك بينما عند بسمة التى صدمها الخبر ،، حسناً ليست حاقدة على شقيقتها ،، ولكن ما هذا التوقيت ،، يا إلهى هل حقاً كانت ظالمة لها ؟ ،، في اليوم الذي فقدت جنينها به وهناك إحتمالية عدم انجابها مجدداً تعلم أن شقيقتها حامل ؟ ،، شقيقتها التى دوماً كانت تظنها تحقد عليها وعلى حياتها وتغار منها ؟ ،،، ترى هل حقاً هي المخطئة مثلما أخبرها زو جها ووالدها وحتى والدتها ؟ ،، هل تجنى الآن نتيجة ما زرعته ،، ولكنها لم تتعمد ذلك ،، لاااا لقد فسرت فقط ما رأته ولم تباالغ ،، أو ربما بالغت ،،، هل بالغت حقا ؟! .
نظرت للجميع من حولها ،، الكل ينظر لها بقلة حيلة ،، بهاء يجلس يستند برأ سه على ذرا عه لا يعلم ماذا يفعل .
وحمدى يجاور جميلة يخشى إظهار الفرحة بعد هذا الخبر فتحزن إبنته ،، ولكن أتى خبر حمل ريتان ليخفف عنهما حزنهما على بسمة التى أغمضت عيــ.نيها واندمجت مع أفكارها المتضاربة بعيداً عن الأين الحزينة التى تلومها بصمت .
❈-❈-❈
في المساء يجلس فؤاد في مكتبه يفكر بعد كل ما علمه ،، يخشى إخبار حمزة فيصعب الوضع ويتصرف الآخر بتسرع ،، لذلك فها هو يهاتف تامر الذي أجاب بترقب :
– أهلاً يا فؤاد ،، عرفت حاجة ؟
تحدث فؤاد بتروى :
– أيوة يا تامر ،، عرفت طبعا وقولي نعمل إيه ،، لإن الوضع كدة بقى خطر .
تنبه تامر وقال متسائلاً :
-خير يا فؤاد ،، قول اللى عندك ؟
زفر فؤاد وتحدث بما أتى به :
– أنا فرغت الكاميرات اللى حوالي القصر ولاحظت بعد خروج حمزة ومراته إن فيه عربية أتحركت وراهم فيها رجلين وبعدها عربية تانية فيها واحدة منتقبة وواحد معاها ،،، ونفس المنتقبة دي نزلت قدام العيادة اللى حمزة ومر اته دخــ.لوها ،، وده عرفته من كاميرا مراقبة برة العيادة ،، لإن تسجيلات المراقبة اللى في العيادة بتاعة إمبارح كلها اتمسحت ولما حاولت أعرف اللى حصل من الدكتورة رفضت تماماً تتكلم بحجة إنى مش جهة حكومية ،، بس بحكم خبرتي هي مخبية حاجة طبعاً وكانت خايفة وهى بتتكلم ،، بس بعدها إتأكدت إن المنتقبة دي تبقى ناصف وواخد شقة قصاد القصر علطول وبيراقب كل تحركات حمزة وعيلته منها ،، وطبعاً عقد الإيجار بإسم حد من اللى معاه مش بأسمه ،، كدة بقى لازم نتحرك بسرعة وهدوء لإن وجوده برا خطر على أي حد ،، واضح إنه بيخطط لحاجة كبيرة ،، وزي ما بلغتك الصبح ،، تهديده لمرات حمزة يأكدلنا أنه واحد مجنون وممكن فعلاً يئذيها .
تحدث تامر بعد تفكير بترقب :
– لو عايز أتواصل مع مرات حمزة بس من غير ما حمزة يعرف أعمل ايه ؟
زفر فؤاد وقال :
– هيبقى صعب يا تامر ،، حمزة مش هيسمح بحاجة زي كدة .
تحدث تامر بإنفعال :
– لازم يا فؤاد ،، البنى أدم ده محدش يتوقع هو ممكن يعمل إيه ،، وحمزة ممكن يتهور ،، لازم نوقعه بسرعة قبل ما يلاحظ إننا عرفنا حاجة ،، واللى هتقدر تساعدنا في ده هي مرات حمزة نفسها لإن هي الهدف .
تساؤل فؤاد بتوتر :
– قصدك هنعملها طعم نصطاده بيه ؟
تحدث تامر بثقة وتريث :
– مش بالضبط كدة ،، أكيد مش هنخاطر بيها ،، لازم نأمنها كويس ،، بس الأفضل إن حمزة ميعرفش .
زفر فؤاد وتحدث بترقب :
– تمام يا تامر ،،، أنا هحاول اتواصل معاها ،، بس لو مقبلتش يبقى نبلغ حمزة ،، واطمن حمزة عاقل واظن لو الموضوع متعلق بمراته مش هيتهور .
أردف تامر بقبول :
– تمام ،، موافق .
❈-❈-❈
في اليوم التالى
ذهبت ريتان مع حمزة لترى شقيقتها ،، فبرغم ما حدث إلا أنها لا تستطيع تركها ،، خصوصاً بعد أن أخبرتها جميلة أنها ظلت طوال الليل تبكي بعد أن أخبروها بحقيقة وضعها الصحى وعليها التمهيد للقادم .
دلفت الغرفة وانتظرها حمزة في الخارج والقت السلام على والدتها وشقيقتها التى تستند على الفراش .
ردت جميلة السلام ووقفت تعانقها ثم أبتعدت ريتان تنظر لشقيقتها متسائلة بترقب :
– عاملة اية يا بسمة النهاردة ؟
نظرت لها بتمعن ،، نظرت لملامحها كإنها تراها للمرةِ الأولى ،، هل حقاً تلك العيون كانت صادقة تنظر إليها بحب وصدق ،، هل حقاً كانت تلك الواقفة تتمنى لها الخير وتتصرف مع صغيرها وزو جها بصدق دون أي أفكار خبيثة ،، هل حقاً كان عقلها هي هو المستوطن لتلك الأفكار وقامت بتربيتها داخــ.لها فقط حتى كبرت وسيطرت عليها .
زفرت بقوة وأومأت تردف بهمــ.س ودموع وحزن دون النظر إليها :
– الحمد لله .
إنتابتها الراحة قليلاً بعد أن شعرت بهدوء الحديث بينهما ثم قررت المغامرة بالحديث لذلك سحبت مقعداً وثبتته بالقرب من فراشها وجلست عليه تطالع شقيقتها ثم مدت يــ.دها تتمــ.سك بكف شقيقتها التى تفاجأت ولفت نظرها إليها متعجبة بينما جميلة قررت ترك مساحة لهما لذلك وقفت بصمت تتجه للخارج .
تحدثت ريتان بصدق ودموع أتت مجبرة بعد هذا الموقف :
– أنا عمرى ما أشمت فيكي يا بسمة ،،، أنتِ أختى الوحيدة ،، الوحيدة اللى هفضل سعادتها عن سعادتى ،، الوحيدة اللى مهما شوفتها مبسوطة ومرتاحة عني عمري ما أزعل أو أغير يا بسمة ،، علشان كدة كنت بتصرف بعفوية مع أي حاجة تخصك ،، فرحتى وحبي لياسين ده لأنه إبنك ،، لأنه إبن أختى وأقرب طفل ليا ،، وتصرفى مع بهاء كان لإنه إنسان بيحبك وبيقدرك ،، لو مكنش بيحبك أو بيتعامل معاكى بقسوة لا قدر الله مكنتش هحترمه أبداً ،، لأنى أتعذبت في حياتى كتير ومش هقبل تتعذبي زيي ،، برغم إنى أكبر منك بأربع سنين بس لكن كنت بحس إنك بنتى مش أختى ،، ودايماً أقول لنفسي معلش لسة صغيرة وبتحسب الأمور غلط وبكرة تفهمك صح .
زفرت بقوة ومسحت دمعتها الفاترة بكف يــ.دها ثم تابعت أمام عين بسمة الباكية التى تستمع بصمت وإنصات :
– كنت ناوية أجيلك وأتكلم معاكى في كل ده ،، وكنت ناوية أقول كلام كتييير أوي ،، كنت ناوية أتكلم عن طفولتنا سوا وأفكرك بحاجات إنتِ نسيتيها ،، بس جه الخبر ده وغير كل حساباتى ،، وجعنى أوي أوي يا بسمة ،، وجعنى لأنى كنت متخيلة إننا هنتفاهم وأعرفك بحملي وعارفة ومتأكدة إنك هتفرحي لي ،، زعلت أوي علشانك لأن وجعك بيلمــ.سنى يا بسمة ،، بس متفائلة خير ،، متفائلة خير إن أختى هتتغلب على الحالة دي وهترضى بقضاء الله وإن شاء الله ربنا مش هيخذلها أبداً ،، وبعدين ياسين من أمبارح وهو زعلان ومحتاجك ،، وبهاء هيموت علشانك وعايزك تطمنيه بكلمة ،، هو كمان زيك خسر إبنه ،، أنتوا الأتنين محتاجين تواسوا بعض ،، روقي وسبيها على الله وكل حاجه هتبقى تمام .
أنتهت واكتفت بهذا القدر الكافي من الحديث ،، فوضع شقيقتها لا يحتمل اكثر من ذلك ،، خصوصاً بعدما زاد نحيبها ،، نعم تبكى ،، تبكى بعد أن إستمعت لحديث شقيقتها الذي يؤكد لها أنها كانت مخطئة ومتوهمة لشئ خبيث دمرها ،، لشئٍ تملك منها وتحكم بأفكارها حتى جنت نتائجه الآن ،، ليتها تعود بالزمن ،، ليتها تستطيع العودة ،، وزادت كلمات شقيقتها الحمل عليها فبات الندم يتآكلها ،، خسارة جنينها وأحتمالية عدم إنجابها للمرة الثانية وكلمات شقيقتها ينهشوا داخــ.لها ويعنفوها على ما فعلته لسنوات .
وقفت ريتان تربت على كفها بعدما طال صمتها وأردفت وهى تستعد للرحيل :
– أنا هخرج وأبعتلك بهاء .
خطت للخارج وتركتها وبالفعل دلف بهاء بعد ثوانى يتجه إليها وهى تبكي وتشهق ،، يحاول أيجاد كلمات مناسبة ولكن حاله هو الآخر يثرى له ،، هو أيضاً يريد من يطمأنه ومع ذلك فظل يردد دائماً
( قدر الله وما شاء فعل،، الحمد لله على كل حال )
❈-❈-❈
وقف حمزة بعدما رآى ريتان يطالعها بتمعن ويسألها بنظراته عن حالها فابتسمت وأومأت له مطمئنة بينما نظرت لجميلة وتساءلت بترقب :
– مافيش جديد يا ماما ؟ ،، قالوا إيه ؟.
تنهدت جميلة وتحدثت بحزن :
– أورام ليفية يا بنتى ،، هيشوفوا يمكن يستأصلوها من غير ما يشيلوا الرحم خالص ،، بس هيبقى صعب تحمل تانى الفترة دي .
سحبت شهيقاً قوياً وأومأت بحزن بينما نظر لها حمدى وتحدث بحنو :
– ريتان ،، مبروك يا بنتى ،، ربنا يديكي على أد نيتك وطيبة قلبك ،، ومتزعليش نفسك ،، أختك هتبقى كويسة إن شاءلله ،، ده قضاء الله يابنتى .
أومأت بهدوء لوالدها ثم نظرت لحمزة وأردفت بصوت متحشرج وعيون لامعة :
– هروح التواليت وجاية .
أومأ لها وتحركت هي إلى الحمام النسائي لهذا الطابق ودلفت لتغسل وجــ.هها .
ثوانى وتبعتها إمرأة منتقبة للداخل تبدو في حالة متوترة .
أغلقت باب الحمام في ثانية فانتبهت ريتان ونظرت لها بشك أصبح يقين بعد أن رفع نقابه وظهر وجهُ وهو يطالعها ويتساءل متلهفاً :
– إيه يا ريتا عملتى إيه ؟ ،، شايفك راحة جاية معاه ومش مصدقة تهديدي ،، تحبي تشوفي بنفسك ؟ .
قالها وهو يلوح بيده التى تحمل جهاز أتصال برجاله ،، وقفت هي لثوانى متجمدة وأنــ.فاسها بقت معلقة ثم زفرت بقوة وحاولت التحلى بالقليل من الجرأة خصوصاً بعد حديث فؤاد معها أمس لذلك أبتلعت لعابها وأردفت تهز رأ سها :
– إنت دخلت هنا إزاي ،، إنت مجنووون .
أبتسم بفخر كأنها تمدحه وأومأ يتحدث بشر :
– بالضبط ،، وليس على المجنون حرج ،، ها فكرتي كويس ولا ناوية تعملي حاجة تانية ؟ .
أردفت بمراوغة وهى تحاول عدم إظهار أي شك بينما جــ.سدها يرتعش بصدق :
– أفهم يا ناصف ،، فكرك يعنى لو روحت قولت لحمزة يطلقنى هيطلقنى علطول ؟ ،، أصبر عليا أنا بحاول ألاقي حل .
كانت تتحدث بدموع وخوف حقيقي جعله يصدقها ويومئ لها قائلاً :
– إنجزي ،، لاقي أي حل ولازم يطلقك ،، بينيله إنك كرهتيه ،، زي ما كنتِ بتعملي معايا ،، المهم تنجزي ،، وأعرفي إنى قريب منك أوي ،، واستنى منى لقاء قريب تفرحيني بخبر طلاقك .
قالها بإبتسامة صفراء شيطانية جعلها تشعر بالغثيان ثم عاد ينزل نقابه على وجهُ ويفتح الباب ليخرج ولكنه تجمد حينما وجد حمزة يقف أمامه يطالعه بعمق وعيون حادة متسائلاً :
– إنتِ مين ؟
أخفض ناصف عينه وضغط على الجهاز الذي بيــ.ده ليستعد لجلب من معه فيبدو أن أمره سينكشف الآن ولن يسمح بذلك ولكن أسرعت ريتان تتمــ.سك بذ راع حمزة وتحاول إخراج الكلمات بصعوبة مردفة :
– فيه إيه يا حمزة ،، ميصحش كدة ،، سيب المدام تعدي .
ظل عينه مثبته عليه ثم زفر وابتعد فمر ناصف من جانبه يتنفس بقوة ويغادر قبل أن يلحقه رجاله وقد تأكد أن ريتان تخشاه وستنفذ تهديده لها .
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
عادت سناء من هذا اللقاء الذي يبدو أنه أثمر داخــ.لها بتساؤلات عدة ،، فقد قابلت معاذ لتوها في النادى الرياضي بناءاً على رغبتها اثناء تمرينات توأمها ،، وها هي تعود معهما شاردة تفكر في كلامه .
أخبرها عن وحدته وعن أولاده وعن زو جته المتوفية وعن حياته الباردة وعن مشاعره منذ أن رآها ،، أخبره بكل ما في خاطره بصدق ودون قيود ،، أخبرها عن ما يتمناه وما هو ينتوى فعله معها ومع توأمها إن وافقا ،، حتى أنه على إستعداد لشراء فيلتهم وإهدائها لها كمهر لكي يظلا بها دون حدوث تغيير يؤرقهما ،،، وهذا راق لها كثيراً ،، وجعلها تلين قليلاً خصوصاً بعد أن إستشعرت صدق حديثه .
تساءل سليم بترقب وهو يجلس يستريح :
– مامي هو أونكل معاذ ده كان عايزك في إيه ؟
كان يشعر هذا الصبي بشئ غريب ،، هو وشقيقته يشعران منذ أن قابلها هذا المعاذ أول مرة وبسبب تردده على النادى دوماً ،، ولكن بسبب جدية والدته إلتزم الصمت الذي قرر قطعه الآن وبعد تلك المقابلة .
زفرت سناء بقوة وقد عملت أنه حان وقت المواجهة لذلك أردفت بتروى :
– ممكن تسمعوني ،، عايزة أتكلم معاكم في حاجه مهمة .
تنبها التوأم جيداً وأومأ كلاهما لها فتابعت بتوتر ودون مراوغة :
– معاذ بيه طالب يتجــ.وزنى .
صُدما الإثنين لثوانى ينظرات لبعضهما ثم عادا ينظران لها فتابعت بتروى :
– طبعا هو مش أول مرة يطلب الطلب ده ،، بس أنا رفضت قبل كدة ،، رفضت لأنى صعب جداً أحطكوا في موقف يضايقكوا أو يشتت فكركوا عن مستقبلكم ،،، ولا عمرى هسمح إن حد مالوش سلطة يتحكم فيكم ،، بس هو طلب يتكلم معايا تانى ،، وعايزنى أفكر تانى .
عادا الأثنين ينظران إلى بعضهما ثم تساءلا :
– وحضرتك ناوية على إيه ؟
زفرت بقوة وتحدثت بصدق :
– القرار ده الوحيد اللى مينفعش يتقال فيه ناوية ،، لازم كلنا نفكر فيه ،، أنا وأنتوا نفكر كويس ،، وخلونى أقولكم على اللى قاله واللى ناوي يقدمه وكمان لازم أحكي لكم عن سيرته وحياته وإنتوا تفكروا معايا ،، أنا كان ممكن أرفض تماماً مرة كمان وبلاها خالص الموضوع ده ،، وعايزاكوا تتأكدوا إنكوا أولى أولوياتى ،، بس فيه جزء جوايا متردد ومش عايز يرفض علطول ،، جزء خاص بيا مش هتفهموه دلوقتى ،، هتفهموه كويس أوي لما تكبروا وتلتفتوا لنفسكم وحياتكم بعيد عنى ،، هو ده اللى خلانى أديله فرصة وأفكر ،، وعايزاكوا تفكروا معايا .
نظر الأثنين لبعضهما مجدداً ،، برغم صغر سنهما الذي تجاوز ال 15 إلا أنهما يفهمانها قليلاً ،،، يحاولا أستيعاب ما تقوله ،، يلاحظان دوماً حزنها وصمتها وشرودها ،، كانا في صغرهما شاهدان على تعنيف والدهما لها وهناك مقاطع مشوشة تداهمها بالرغم من عدم إخبارها لهما بأي شئ من ما عانته مع زو جها ،، ومثلما هي تتمنى سعادتهما فإنهما يسعملان على جعلها تبتسم وتنظر لهما بعينٍ فرحة ،، لذلك أومأ سليم وتحدث نيابة عن شقيقته التى أومأت له :
– تمام يا مامي ،، خلينا نقعد معاه ونكلمه ،، وإحنا معاكى وهندعمك في أي قرار صح تاخديه .
نظرت لهما بعين ملتمعة ،،، لم تضيع تربيتها هباءاً ،، يثبتان لها أن ما عانته كان يستحق ،، هما يستحقان الأفضل دوماً ،، هما يستحقان الأولوية لذلك فتحت ذرا عيها ليسرعا يعانقاها وهي تحتويهما بحب وسعادة حقيقية تنتابها في عناقهما فقط .
❈-❈-❈
قررت ريتان العودة للعمل في المدرسة أو ربما هذا القرار نابعاً عن خطةٍ ما ،، لذلك فها هو حمزة يوصلها إلى مدرستها لليوم التالى لها وتجاوره مرددة ب ( حاضر) بعد كل بند من بنود الوصايا التى يلقيها عليها .
ترجلت أمام المدرسة ونظرت له مطولاً بحب ثم سحبت مروان وبيري معها للداخل .
غادر حمزة بعدما جاء الحارس الشخصي لريتان وبعد تنبيهات مشددة منه اضطر للمغادرة مجبراً .
مضى وقتاً وهى تحاول الإندماج في العمل وعدم التفكير في أمورٍ تقلقها ،، دلفت إليها العاملة تحمل هاتفاً عادياً وتمده لها مردفة بتوتر :
– مــ.س ريتان ،، فيه حد عايزك .
إنسحب قلبها وتملكها التوتر وارتفع الادرينالين في سائر جــ.سدها جعلها تسمع حتى صوت نبضها وانقباض معدتها ثم مدت يــ.دها تلتقط الهاتف وتضعه على أذ نها مردفة بصوت مهزوز وقد علمت هوية المتصل :
– ألو ؟.
تحدث بفحيح :
– ربع ساعة وهتلاقي عربية سودا قدام باب المدرسة مستنياكى ،، تركبيها من سكات ،، بس قبلها تخرجى للحارس اللى جــ.وزك معينه عليكي ده وتسربيه بأي حجة ،، فاهمة .
حسناً برغم شعورها بالزعر من القادم إلا أن هذه فرصتها الذهبية ،، لا مفر ،، لتدعو الله أن يمر الأمر بسلام ولينتهى هذا الكابوس ،، لينتهى وتستيقظ بجوار حبيبها فقط .
ابتلعت لعابها وحاولت المراوغة مردفة :
– بس كدة ممكن يحصل مشكلة .
ضحك وتحدث بجنون :
– المشكلة الحقيقية هتحصل لو معملتيش اللى قولت عليه ،، بقوا 13 دقيقة ،، أنجزي .
أغلق فناولت الهاتف للعاملة ونظرت لها نظرة حانقة ولكن ليس وقتها الآن ،، لتحاول حل تلك المعضلة أولاً .
غادرت العاملة وتركتها فأسرعت تغلق الباب وسط تعجب الصغار ولكن لا مفر ،، إتجهت للمكتب تتناول الهاتف من حقيبتها ثم حاولت الإتصال على فؤاد لتخبره بالأمر .
بعد دقائق خرجت أمام باب المدرسة ونظرت للحارس الذي يقف ثم نادته فجاء إليها ،، تنهدت بقوة وتحدثت بتوتر :
– حسن معلش ممكن تجبلي كتاب المعارف من المكتبة اللى على أول الشارع ؟
نظر لها بعمق ثم أومأ بهدوء وتحرك يغادر مبتعداً .
نظرت لأثره وزفرت بقوة ثم وقفت تنتظر ما هو آتٍ .
ثواني وجاءت سيارة سوداء ووقفت أمام المدرسة وفُتح بابها دون ظهور أحد ،، توكلت على ربها وصعدت بها وفي لمح البصر كانت ترحل بها .
نظرت لمن حولها فلم تجد ناصف بل شخصٍ ملامحه تبدو مرعبة ،، إلتصقت في الباب تحتمى بها ثم أردفت متسائلة :
– ناصف فين ؟ .
لم يجيبها بل رفع هاتفه وتحدث مع أحدهم ثم أغلق ونظر للأمام دون الإلتفات إليها .
بعد حوالى ربع ساعة تمكن القلق منها فهى أصبحت تسير في طريق خالى من السيارات .
توقفت السيارة وترجل منها الرجل الصامت والسائق ثم صعد إليها ناصف وركب يغلق الباب خلفه ثم تطلع عليها مبتسماً يردف بتباهى :
– إيه رأيك في فيلم الأكشن اللى عيشتك فيه ده ،، علشان تعرفي انى بحبك وعلشانك عملت حاجات كتير أوي .
نظرت له بتعمن ،، ليس وقت الصدمات الآن ،، لتنهى ما جاءت لأجله ولكن بذكاء ودون إثارة أي شكوك لذلك تساءلت بتوتر مرتعشة :
– مكنلوش لزوم كل اللى بتعمله ده ،،، كدة الأمور هتتعقد أكتر .
أومأ يردف بخبث وتوعد :
– متقلقيش ،، أنا فكرت ولقيت إنى كنت غلطان ،، سيبتك تقعدي معاه وتطلبي منه الطلاق وإنتِ جنبه ،، وده غلط ،، ممكن يأثر عليكي ويخليكي تحكيله كل حاجة ،، الصح أنى أبعدك عنه ،، وتفهميه إنك بعدتى بإرادتك وتطلبي الطلاق ،، ومتظهريش تانى غير لما يطلقك .
وقع قلبها مرتطماً أرضاً من حديثه ،،، ماذا يقصد هذا المختل ،، هل سيختطفها ؟ ،، حسناً إهدى ريتان ولا داعي للقلق ،، تعلمين أن معكِ جهاز تتبع وتصنت وهناك من يراقبك ،، فقط كل ما عليكِ هو إستدراجه ليعترف بجرائمه ،، ولكن حمزة ،، هو لا يعلم بمجيئها معه ،، يعلم بكل شئ ،، نعم أخبرته ويعلم ما نوى تامر عليه معها وحتى أنه كان يعلم أن ناصف هو تلك المرأة في المشفى وأحكم غضبه بالقوة حفاظاً على سلامتها ولكى يستطيعا الوقوع به وبجرائمه كاملة ،، ولكن تلك المرة لم تخبره بناءاً على تعليمات فؤاد وتامر .
هزت رأ سها بقوة وظهرت دموعها ثم أردفت بخوف في محاولة جعله يعترف بأي شئ :
– مينفعش تعمل كدة ،، هيشك إنك السبب ،، خصوصاً إنهم بيدوروا عليك ،، هو أصلاً شك لما طلبت منه الطلاق وحس انك هددتنى ،،، بس أنا قولتله محصلش ،، إنما دلوقتى لو بعدتنى عنه هيتأكد إنك ورا الحكاية دي ومش هيطلق ،، هو عارف إنك راجع وعايز تنتقم .
نظر لها بتعمن ثم تساءل بترقب :
– معقول خايفة عليا .
هزت رأ سها تردف باندفاع :
– أنا خايفة عليه هو ،، هخاف عليك إنت ليه وأنت عمرك ما خوفت عليا ،، في الأول خدعتنى وحسستنى إنك راجل شهم واتجوزتنى وانت أصلاً كل فلوسك حرام ،، فلوس جاية من شغل المخدرات والأرف اللى بتدخــ.له البلد ،، عايزنى أخاف عليك إزاي وإنت مش خايف على بلدك ولا على شباب صغير ملهمش ذنب .
أسودت عيناه وتحول لحقيقته المرعبة وهو يردف بفحيح :
– شكلك نسيتي ناصف بتاع زمان ،، تحبي أفكرك بيه ؟
إرتعبت من نظرته ،، تراجعت للخلف وكادت تتحدث لولا رنين هاتفها برقم حمزة ،، تناولته أمامه ونظرت له بقلبٍ مرتعش وخانتها دموعها ،، إبتسم إبتسامة شيطانية وتحدث بعدما علم هوية المتصل :
– تفهميه إنك مش راجعة غير لما يطلقك ،، وإلا حالا هكلم أنا رجالتى يخلصوا عليه ،،، القرار ليكي .
نزع الهاتف من يــ.دها وفتح الخط ومكبر الصوت فأردف حمزة متلهفاً :
– ريتان ؟ ،، خلصتى ؟ ،، أفوت أخدكوا إنتِ والأولاد ؟
فهمت أن لا علم لديه ،،، أعتصرت عينيها بألم وابتلعت مرارة حلقها وهى تحاول نطق الكلمات الثقيلة مردفة ببكاء لتحاول إكمال ما نوت ولينتهى الأمر :
– أنا ،، أنا مشيت يا حمزة ،، روح خود الأولاد بس أنا مش راجعة ،،، زي ما قولتلك أنا عايزة أطلق منك ،، مبقتش متحملة العيشة معاك ،، مش راجعة غير لما تقبل تطلقنى .
لا رد ،، فقط أنفاس كأنفاس أسدٍ مرتبص ،، أيقن أنه يجاورها ،، أيقن أنه يهددها ومعها ،، تأكد أنها تحاول التلاعب بلعبة خطيرة تكاد توقف قلبه قبل قلبها ،، والسبيل الوحيد للخلاص هو صمته وتقبله لما يحدث وإلا حدث ما لا يحمد عقباه ،، حبيبته وزو جته الآن بين يدي هذا المختل وأي حرف غاضب سينطقه سيؤدي بحياتها ،، وهو لن يخاطر برغم ما يشعر به الآن ،، برغم القبضة القوية التى تعتصر قلبه خوفاً وقلقاً عليها ،، حتى أنه لا يعلم متى تحرك وترك شركته ويقود سيارته الآن مردفاً بصوت مرتعب خالى من الحياة فقط ليضمن سلمتها :
– تمام يا ريتان ،، زي ما تحبي ،، خلاص أنا موافق أطلقك ،، مش أنا اللى أقبل أعيش مع واحدة غصب عنها ،، بس ياريت ترجعى لإن أكيد عم حمدى ووالدتك هيسألوا عليكي .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية للقلب أخطاء لا تغتفر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى