روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الخامس عشر 15 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الخامس عشر 15 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء الخامس عشر

رواية كسرة وضمة وسكون البارت الخامس عشر

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة الخامسة عشر

انتفض أشهد من مكانه وأسرع واقفا أمام حازم قائلًا بلهفةً قاتلة:
_ اتصلت بيها .. هي بخير ؟ … هي فين وأنا اروحلها دلوقتي حالا ؟
رد حازم بضيق شديد وقال بتردد :
_ رافضة ترجع بيتها قبل ما تطلقها … هي قالت كده، مش هترجع غير لما تطلقها.
اتسعت عيني أشهد بذهول، ولم يصدق أنها تقرر هذا القرار الكارثي قبل أن تسمعه وتعرف الحقيقة كاملةً .. فتابع حازم وقال بعصبية :
_ حتى شهد أسلوبها معايا أتغير .. وطلبت أقابلها اتحججت انها مشغولة، روحتلها البيت عشان افهم اللي حصل بالضبط وأقولها الحقيقة فضلت اخبط على الباب ما ردتش، واكيد أختها حكيتلها على كل حاجة.
وتنهد بضيق شديد ثم قال بيأس :
_ أحنا خسرناهم يا أشهد .. ولازم أعترف أنا كمان بـ ده، أنا كنت محتاج بس شوية وقت عشان أعرف شهد أكتر واتأكد من مشاعري ومشاعرها ناحيتي، لكن دلوقتي مابقاش ينفع .. كل حاجة تقريبًا انتهت حتى من قبل ما تبدأ.
أطرق اشهد بيده على المكتب بعنف وصاح بوجه اصطبغ من الغضب :
_ مافيش حاجة انتهت ومش هطلقها، ده على جثتي يحصل .. ولو عايزة تطلق تجيلي وتقف قدامي وتطلب مني كده بنفسها، وساعتها هصدق أنها فعلًا عايزة تطلق وهنفذلها رغبتها.
رد حازم وهو متفهم الحالة السيئة الذي يمر بها شقيقه :
_ حاولت أفهم شهد كده وأن الطلاق ماينفعش من غير حوار ما بينكم .. لكن واضح أن رقة مصممة تطلقها من غير أي كلام.
سخر أشهد بعصبية واضحة وقال :
_ عشان عارفة أنها هتضعف قدامي وهتغير قرارها .. أنا عارف ومقدر الحالة اللي وصلتلها وقذارة الكلام اللي أتقالها، لكن مكنتش متخيل إنها بالجبن ده !.
ونظر لحازم بنظرة صارمة وأمره قائلًا :
_ أتصلي بأختها شهد دلوقتي حالًا ، أنا هبعتلها رسالة وعارف أنها هتوصلها وهتفهمها.
نفذ حازم ما قاله أشهد وأتصل بـ شهد في الحال ، وبعد عدة محاولات فاشلة أجابت شهد بتوتر وهي جالسةً مع شقيقتها في فيلا بيلا جود وكان يتناقشان حينما قطع حديثهما هذا الأتصال المفاجئ .. وقالت :
_ الو .. أيوة يا حضرت الضابط .. في حاجة ؟
نظر حازم لأشهد بنظرة تخبره وتؤكد أن ظنه في التغيرات التي طرأت بتصرفات شهد حقيقة وليست ظنون .. وقبل أن يرد حازم أخذ أشهد الهاتف وقال بحدة :
_ أنا أشهد مش حازم يا شهد ..
اشتدت النيران بعينان رقة وهي جالسةً تنظر لشهد بنظرات مشتعلة الغضب ريثما عندما سمعت صوته، وتابع أشهد حديثه بثبات وقوة :
_ قولي لأختك أن مافيش طلاق .. ولو مصرة يبقى تجيلي لحد عندي وتطلب الطلاق بنفسها وبوعدك أني هنفذ ، بس لو فعلا حسيت أنها مش عايزاني، مش مجرد رد فعل للي اتقالها، لأن مش أشهد شاهين اللي يجبر واحدة تعيش معاه غصب عنها، وقوليلها كمان أني مكنتش متخيل أنها جبانة للدرجة دي وغبية، وماتنسيش تعرفيها أني متأكد أن هيجي اليوم اللي هتعرف فيه وتتأكد أنها اتلعب بيها ووقعت في الفخ بمنتهى الغباء والسذاجة .. أنا لا هطلق ولا هتحايل عليها ترجعلي .. لو عايزة تسمعني وتعرف الحقيقة فعلًا هتلاقيني موجود مش هربان وجبان زيها.
وعندما قال ذلك أغلق أشهد الأتصال بعصبية شديدة، فطالعه حازم وسأله بقلق :
_ أفرض اصرت على الطلاق ورفعت قضية عليك؟ الموضوع كده هيكبر يا أشهد ومش هيبقى في صالحك!.
ضغط أشهد على نواجذه بغضب ثم أجاب بعنف:
_ تعمل اللي تعمله، أنا قولت مش هطلقها إلّا على جثتي .. كل اللي أنا عايزه دلوقتي تجيلي وتطلب الطلاق .. مش حاجة صعبة، بس هي اللي جبانة.
وسأله حازم رغم يقينه بالألم الذي يشعر به أشهد ومدى صعوبة الأنر عليه وقال :
_ وأفرض طلبت الطلاق بجد يا أشهد ورفضت تكمل .. هتعمل إيه ؟! ..
وتابع حازم بضيق :
_ أنا عارف أن سؤالي سخيف وبضغط عليك .. بس لازم أحطك قدام حقيقة أنها احتمال كبير تكون قررت تبعد بجد .. لازم تفكر كويس قبل ما ترد أي رد ممكن مايكونش في صالحك.
امتلأت عينان أشهد بالعذاب وعاد جالسًا أمام مكتبه في صمت ويأس .. ثم قال بحزن :
_ سيبني لوحدي يا حازم .. عايز ابقى لوحدي.
تطلع حازم به بضيق شديد ثم خرج من المكتب على مضض، ورمى أشهد رأسه بين يديه بحزن والم عميق .. وليتها تعلم ما يشعر ويمر به الآن لمجرد ظنه بالفراق!.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
حاولت شهد أن تهدأ شقيقتها رقة الثائرة بغضب منذ أن سمعت كلماته عبر الاتصال الهاتفي وقالت :
_ يا رقة أهدي أرجوكي .. ما طبيعي يكون ده رد فعله !!.
كانت رقة تنتفض بغليان وغضب حينما نظرت لشقيقتها بشراسة وهتفت:
_ اي دفاع عنه من أي مخلوق مش عايزة اسمعه .. كنتي بتلوميني أني ما واجهتهوش واتكلمت معاه ! .. آدي اللي كنتي مفهماني أنه قالب الدنيا عليا خوف وحب !! .. ده كلام واحد بيحب ؟! .. ده كلام واحد مش هامه غير شكله وصورته قدام الناس وخسارته قدام خطيبته السابقة !!…
وضربت رقة قبضتيها ببعضهما بغضب وصاحت :
_ هو عنده حق ، أنا هربانة منه وجبانة وغبية .. بس ده مؤقتا يا اشهد يا شاهين، هقوالك مخصوص .. أقسم بالله ما هتشوف خيالي غير بأمري وبإرادتي ووقت ما أقرر .. وساعتها هتعرف مين فينا اللي غبي وساذج ..
حدجتها شهد بذهول من الحالة الهيستيرية والعنف الذي استوطن بعينان شقيقتها التي لطالما كانت تشبه رقة اسمها !… وقالت بحيرة :
_ طب والطلاق ؟! .. هيتم أزاي وأنتي مش موافقة تشوفيه وهو مصمم على كده ؟!.
تنفست رقة بقوة وبعمق ، ثم زمت شفتيها بعصبية وتفكير لبعض الوقت حتى قالت بنظرة حادة تضمر شيء :
_ ما ترديش عليه وسبيه محتار مش عارف أنا بفكر في أيه .. ولو حازم سألك قوليله أني مردتش عليكي .. وبالنسبة للطلاق نأجله شوية .. ما أنا مش هشفي غليلي منه لما أطلق سكيتي كده … لأ. .. ده طلاقي منه لازمله حفلة كبيرة .. وهعزمه فيها.
شهقت شهد بعدما سمعت ما قالته رقة، ووقفت أمامها قائلة بخوف :
_ أنا مرعوبة عليكي .. خايفة عليكي من نفسك ، زمان كنت خايفة عليكي من ضعفك .. دلوقتي خايفة عليكي من غضبك وحزنك اللي مش عايزة حتى تعترفي بيه .. أنا لحد دلوقتي مستغربة أني ما شوفتكيش حتى نزلتي دمعة !. .. أنتي عارفة ده معناه ايه ؟!.
تطلعت بها رقة بجبروت وقالت :
_ معناه أني اتضربت ضربة فوقتني وعرفتني حقيقة الناس، ضربة خلتني أشوف أني كنت عبيطة أوي وهبلة وطفولية في أحلامي ونظرتي للواقع !!..
صدقت أن واحد زي ده يحبني في يومين ويطلبني كمان للجواز !.. صدقت وبنيت قصور أحلام كلها من رمل .. صدقت أني اتحبيت وأني غالية وطلعت ولا حاجة!.. ده أنا كان ناقص اقول فيه قصايد وشِعر !… وفي عز جنوني بيه اكتشفت حقيقته ، وأنه لقىاني لعبة رخيصة أوي تقريبا ببلاش .. هيقضي بيها مصلحته وهينفذ بيها هدفه، وهتسليه في وقت فراغه ومش هتغرمه حاجة ..
وجلست رقة والحزن القاتل اقتحم عينيها وهي تضيف بحسرة :
_ كل ما أتخيل كل مرة وقفت فيها قدامه واتكلمت وقولت اللي جوايا وهو بينه وبين نفسه كان بيضحك على غبائي وسذاجتي ببقى عايزة أكسر اي شيء تطوله أيديا .. ببقى عايزة أنتقم منه بأي شكل، أنا حبيته بسرعة أوي .. وبجد أوي .. حب ماكنش يستحقه وخسارة فيه ..
وخيم الصمت للحظات وشهد تنظر لشقيقتها بألم وقالت وهي تربت على كتفها بحنان :
_خرجي اللي جواكي وعيطي .. الدموع بتريح، لكن اللي أنتي فيه ده هيتعبك أنتي قبل أي حد، وأنا لسه عند رأيي أنك توافقي تقابليه وتتكلمي معاه وتقوليله كل اللي عندك .. وكمان تثبتيله إنك مش ضعيفة ولا جبانة !.
رفضت رقة وقالت بحسم وتأكيد :
_ لا يا شهد .. أنا بنفسي بعترف أني ضعيفة، ومش هقابله غير لما اتأكد إني قويت وقدرت أخرجه من جوايا، مش هقف قدامه وأنا لسه جوايا أي حاجة ليه .. أنا لازم ارجعه غريب زي ما كان قبل ما أقف قدامه من تاني .. عشان يندم عليا الف مرة في كل لحظة تعدي في عمره لما يشوف كان بالنسبالي إيه وبقا إيه.
صمتت شهد بيأس شديد وخنقة ملأت رئتيها، ولم تجد جدوى من مواصلة النقاش الغير مُثمر هذا! .
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعد عدة أيام .. وأمام كلية الهندسة ..
خرجت شهد من البوابة العريضة لتجد حازم يقف مستندًا على سيارته ويبدو أنه ينتظرها منذ وقت طويل .. وحالما وقعت عيناه عليها أشار لها لتنتبه لوجوده … وارتبكت شهد وبدت متوترة من رؤيته بعدما تهربت من اتصالاته الهاتفية ومجيئه عدة مرات لمنزلها ولم تجيب !..
واقترب منها حازم بنظرة حادة غاضبة ولم يعير للأعين حوله المسلطة عليه أي أهمية .. ووقف أمامها قائلا بصوتٍ حاد :
_ ما سبتليش أي طريقة أشوفك بيها غير هنا .. عشان مش عايز رغي كتير في الموضوع ده !… قوليلي بقا، أنتي بتهربي مني ليه أنتي كمان ؟!.
أجابت شهد بتوتر :
_ وههرب منك ليه .. هو أنا مسجلة خطر !.
ابتسم حازم بسخرية وقال :
_ رجعنا لطولة اللسان !… عموما خلينا في موضوعنا ، أنا قبل ما أسألك عن مكان أختك .. عايز أعرف اللي حصل يا شهد .. أظن أنتي يهمك مصلحتها وسعادتها ، وأنا كمان يهمني مصلحة أخويا وسعادته .. ولو مكنتش شايف سعادته مع أختك مكنتش جيتلك بنفسي .. ارجوكي ساعديني عشان نصلح سوء الفهم اللي حصل ما بينهم .. وإلا هحبسك !.
ضيقت شهد عينيها بغيظ بعدما تأثرت حقيقةً بحديثه، فابتسم حازم بصدق وقال :
_ بهزر معاكي ، أنتي عارفة أني بحب استفزك .. بس والله اللي بقولهولك حقيقة .. أشهد بيحبها بجد وحزين وتعيس وما أبقاش اخويا اللي أعرفه ..
نظرت شهد حولها وأنزعجت من العيون المسلطعة عليهما وقالت له :
_ اطلع بعربيتك على أول الشارع واستناني ، هقابلك هناك ونتكلم .. أصل هنا مش مكان نتكلم فيه.
أشار لها بسيارته وقال بتعجب :
_ طب ما تركبي معايا !!.
لوت شهد شفتيها بسخرية وقالت وهي ترمي لمَ حدث سابقا مع شقيقتها :
_ عشان يتنشر في جرايد بكرا إننا اتخطبنا !!.
وضيق حازم عينيه بخبث وقال :
_ ده يبقى اتضرب سِرب عصافير بحجارة واحدة !.
لوت شهد شفتيها وتركته وابتعدت مغادرة من أمامه .. فتبسم حازم ودخل سيارته للوجهة التي حددتها….
وبعد دقائق ..
كان حازم تارما سيارته بصف بجانب الرصيف ويسير بجانب شهد بالشوارع الهادئة من المارة .. حيث قال بصدق وهو ينظر أمامه وعينيه تنظران لها بنظرة جانبية:
_ دي كل الحقيقة .. واشهد فعلًا مكنش بادئ الخطوبة بجد .. وقرار الجواز مكنش من ضمن الخطة .. لكن اتفاجئت بيه ، أشهد حبها بس مكنش عايز يعترف لحد ..
ظلت شهد تسير ببطء وهي تضم كتبها الدراسية وعينيها شاردة وتفكر .. ثم قالت :
_ رقة مش هتقتنع بكل اللي قولته ده .. خصوصا لما تتأكد يقينا أن أعجابه بيها وعرضه الجواز مكنش حقيقي .. مش هتصدق أنه حبها بعد كده وهتعند أكتر .
رد حازم بعصبية وقال بتوعد :
_ بس أنا عايز أعرف ايه اللي وصلها بالضبط .. أظن أنا كنت صريح معاكي وواضح وحكيتلك كل شيء .. ومن حقي أعرف اللي حصل ..
لم تجد شهد أي قلق في معرفته لما عرفته من شقيقتها ، فأخبرته بأمر الفيديو وفتاة الفندق الشقراء ، وصعق حازم وتوقف عن السير وعروق رقبته تنتفخ من الغضب وهو يقول :
_ يعني أتصور فيديو لكلامنا أنا وأخويا وفي بيتنا ؟! … ده مين اللي اتجرأ وعملها !!.
أجابت شهد وقالت :
_ مين اللي عمل كده مش مشكلتي .. انا مشكلتي في اللي أتقال!.
وصاح حازم بها قائلًا بعنف :
_ وأنا مشكلتي في اللي صور ! .. أنتي فاهمة ده معناه ايه ؟! .. بقا أنا حازم شاهين يتصورلي فيديو وفي بيتي !! .. دي فيها د**م !.
نظرت شهد له بحدة وسألته بجدية :
_ الفيديو ده كان قبل كتب الكتاب على طول ! . يعني مش من بعيد ، ورد أخوك عليك فيه مش معناه أي شيء غير أنه فعلًا كان بيلعب بيها طول الوقت .. اصل مش معقول يكون حبها بين يوم وليلة !!.
اغتاظ منها حازم وقال :
_ أنتي هتعملي زي أختك وتصدقي وخلاص !! .. بقولك كان خايف يعترف أنه حب تاني !! .. تجربته مع نهال عملتله عقدة بمعنى أصح !.
ردت شهد بحيرة وقالت :
_ والله ما بقيت فاهمة حاجة .. لما بسمع كلامك بصدق أنه حبها ، ولما افتكر اللي أختي قالتهولي عن الفيديو واللي أتقال فيه بعذرها وبصدقها … هي معذورة برضه، ما تنساش أن والدتك قالت كده واحنا عندكم في مرة ..
وضيق حازم عينيه بشيء استفزه وقال :
_ وبعدين ثواني بس ، مين البنت الشقرا دي كمان !! .. أشهد ماعرفش غير نهال في حياته ، وبعد نهال ما دخلش أي تجارب ارتباط نهائي .. يبقى مين دي بقا !!.
ردت شهد بسخرية وقالت :
_ وهو يعني كل ما يرتبط هيجي يقولك ! .. أظن دي خصوصيات ، خصوصا يعني أن البنت دي قالت أن ارتباطهم كان قصير وما كملش! .. واعتقد برضه أن مش كل حاجة تعرفها عن أخوك ؟!.
أطرف حازم عينيه بشك ثم قال بعد ذلك برفض للأمر :
_ لأ ما أعتقدتش .. لأن أشهد اصلا كان رافض فكرة الجواز نهائي من بعد نهال ، فأزاي واحد رافض الفكرة وهيفكر يرتبط ؟!.
ابتسمت شهد بسخرية ولوت زاوية فمها ، وفهم حازم انها تقصد العلاقات السطحية المؤقتة التي غالبا ما تحدث بين رجال الأعمال والفاتنات ، فأكد حازم وقال باعتراض :
_ أشهد مش كده على فكرة ، أشهد أخويا محترم وطول عمره جد ومالوش في السكك دي .. عشان كده نهال هتموت عليه وبتندم على اللي عملته ..
زمت شهد شفتيها بحيرة شديدة وقالت :
_ مابقتش عارفة أقرر أي شيء ولا افهم حاجة .. لا هي موافقة تقابله ، ولا هو موافق يطلقها .. ومعرفش أخرتها ايه ، وايه الحل؟!
_نتخطب ..
وقفت شهد مكانها ثم نظرت له بصدمة مما سمعته ، حتى ابتسم حازم بمكر وأكد قائلًا :
_ زي ما سمعتي كده .. نتخطب ، حتى لو كده وكده ، هو ده اللي هيجمعهم تاني ونضمن أنهم هيفضلوا على صلة ولو بعيدة شوية .. ويمكن مين عارف ، مش يمكن تكوني أنتي سعيدة الحظ اللي الدنيا كلها دعيالها والابواب كلها هتتفتحلها وهتبقي خطيبة الكينج لو قررت أنا حازم شاهين أكمل وما تبقاش خطوبة كده وكده وتبقى بجد ؟!.
وقفت شهد مكانها ثم نظرت له بصدمةً مما سمعته، حتى ابتسم حازم بمكر وأكد قائلًا :
_ زي ما سمعتي كده .. نتخطب، حتى لو كده وكده، هو ده اللي هيجمعهم تاني ونضمن أنهم هيفضلوا على صلة ولو بعيدة شوية .. ويمكن مين عارف ، مش يمكن تكوني أنتي سعيدة الحظ اللي الدنيا كلها دعيالها والابواب كلها هتتفتحلها وهتبقي خطيبة الكينج لو قررت أنا حازم شاهين أكمل وما تبقاش خطوبة كده وكده وتبقى بجد؟!.
حملقت فيه شهد بدهشةً للحظات، ثم زمت شفتيها بغيظ شديد وصاحت به منفعلة:
_ هو أنت وأخوك بتعشقوا الكده وكده ليه ؟! .. وبعدين أزاي تطلب مني طلب زي ده ؟! يعني إيه خطوبة كده كده ؟!
غمز لها حازم بابتسامة خبيثة وقال :
_ يعني لو قولتلك نلغي الكده وكده ونخليها بجد هتوافقي ؟! ..
ارتبكت واحمر وجهها وتهربت منه قائلة بحدة وانفعال :
_ بعد اللي أخوك عمله لأ طبعا .. يعني أوافق على واحد أخوه استغفل أختي وكدب عليها !!..و…
قاطعها بغيظ وأشار لها لتصمت .. ثم قال بعصبية:
_ كنت متأكد ..شوفتي إجابتك !!.. يبقى خلينا في الكده وكده دلوقتي ، على الأقل لو خطتنا ما نجحتش تجمعهم مش هتبعدهم أكتر .. وهنفكرش ببساطة وباحترام ده لو حبيتي يعني .. لا هيبقى في زعل ما بينا ولا أختلاف ولا حوارات .. ها إيه رأيك ؟
توترت شهد وراوغت بالإجابة وعقلها قد توقف عن التفكير من مفاجأة طلبه .. فقالت بصدق :
_ أديني فرصة أفكر ..
تمتم حازم بسخرية :
_ تفكري ؟! … أومال لو مش كده وكده ؟!
اعترضت شهد وقالت بثقة :
_ آلاه ؟! .. مش لازم أفكر قبل ما أقرر يا جدع أنت!!.
أشار لها حازم بعصبية وغيظ قائلًا بتحذير :
_ كلمة آلاه بتاعتك دي بتستفزني ! .. ما تتقالش قدامي تاني ! … واخدة بطولة العالم في الـ آلاه !.
حاولت أن تخفي شهد ابتسامتها ولكنها لم تستطع، فابتسمت ثم ضحكت بصوتٍ عال من رؤيته مستفز لتلك الدرجة، وظل ناظرًا لها بغيظ للحظات حتى ضحك معها وشاركها رغما عنه.
وفجأة سألته بجدية شديدة وأختفت ضحكتها برمقة عين :
_ طب يعني الخطوبة الكده وكده دي، هتلتزم فيها وهتحترمني قدام الناس يعني .. ولا هتقول بقا ده تمثيل ومش مهم كرامتها ؟!
ابتسم حازم بنظرة متسلية وفهم ما ترميه اليه فأجاب:
_ يوم ما تبقي خطيبتي حتى لو خطوبة مزيفة كرامتك هتبقى من كرامتي .. يعني رغم أتفاقنا بس اعتبري الخطوبة دي بجد وليكي مطلق الحرية تتحشري في حياتي وتعرفي أنا رايح وجاي منين ومع مين وتغيري بقا وشغل البنات التافه اللي أنا مش فاضيله ده.
اخفت شهد أبتسامتها وهي تعرف الحقيقة خلف ما يقول ويخطط، فقالت :
_ أديني كام يوم أرد عليك ..
تنهد حازم بعمق ثم قال بنظرة متلاعبة :
_ براحتك .. بس كمان خليكي عارفة أني هعتبر نفسي خطيبك بجد .. لحد ما يجي الفرج ويتصالحوا ..
سألته بصدق :
_ وبعد ما يتصالحوا ؟!
رد حازم بابتسامة خبيثة وقال :
_ ما هنتصالح أحنا كمان لو أتصالحوا يا هندسة !…
ارتبكت شهد وابتلعت ريقها بتوتر ثم أشارت لسيارة أجرة ودخلتها سريعا دون أن تنظر له .. فضحك حازم ودخل سيارته وسار خلفها ليطمئن أنها عادت لمنزلها ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبأتيليه بيلا جود ..
دلفت ” رقة ” بمكتب بيلا لتُريها النتيجة النهائية لرداء السهرة التي أنهته رقة تفصيلًا دقيقاً .. ولاحظت رقة شرود صديقتها بيلا وهي جالسةً على مقعد بجانب الشرفة وهناك ابتسامة خفيفة على محياها .. جلست رقة أمامها وقالت :
_ اللي واخد عقلك ؟!.
انتبهت بيلا بعد لحظات وظهر عليها بعض الحرج والارتباك ثم قالت:
_ لا أبدًا .. أو بصراحة يعني .. أنا في حاجة شغلاني ومش فهماها بقالي كام يوم.
سألتها رقة باهتمام وتركت الرداء من يدها وقالت :
_ حاجة ايه قوليلي ؟
ابتسمت بيلا ابتسامة رقيقة وعينيها شردت للبعيد كأنها تتذكر بعض الذكريات الجميلة .. ثم قالت بحيرة :
_ في واحد شوفته من كام يوم .. لما كنت كنت معزومة في فرح ، مشالش عنيه من عليا ، حتى اللي حواليا لاحظوا ، وبصراحة مكنتش مركزة معاه وأعتبرتها صدفة مش مقصودة .. بس الغريب بقا ..
ابتسمت رقة وقالت :
_ كملي ؟!
تابعت بيلا بابتسامة مرتبكة وقالت :
_ بقيت أشوفه في كل مكان أروحله ، ومن كام يوم وأنا خارجة من الأتيليه وبركب عربيتي لقيتها عطلت فجأة والعجل نام ! .. ومعرفش أزاي لقيته قدامي برضه وبيعرض عليا يوصلني .. أنا شاكة أن هو اللي ورا عطل العربية .. بس معرفش ليه فرحانة يا رقة !! .. حاسة بإحساس حلو أول مرة أحسه.
سألتها رقة بجدية :
_ ركبتي معاه ؟!
ابتسمت لها بيلا وقالت بثقة :
_ لأ طبعا، ده مهما كان غريب عني .. بس هو مسكتش، بمجرد ما ركبت تاكسي مشي ورايا وتابعني، ولما عملت نفسي مضايقة منه وبكلمه بنرفزه رد عليا بهدوء وعرفني على نفسه .. عرفت أنه حد محترم ومن عيلة غنية .. اللي فرحني بقا لما عرفت أنه غني مش الفلوس ..
تنهدت بيلا براحة ثم اضافت:
_اللي فرحني أني حسيت أنه مش بيطاردني طمع فيا أو في شهرتي وفلوسي .. أصله أغني مني أساسا هيطمع فيا ليه !! .. وامبارح وأنتي مع أختك شهد جالي هنا وعرض عليا مشروع مشترك .. دار كبيرة للأزياء ، الحقيقة في الأول اتفاجئت وزعلت ، بس من كلامه فهمت أنه حد مش متسرع وحابب نعرف بعض براحتنا قبل أي ارتباط.
نظرت رقة لها للحظات ولم تعرف ماذا تقول، فهي فقدت الثقة تقريبًا بجميع الذكور .. ولكنها قالت بعقلانية :
_ هو قال الكلام ده .. ولا أنتي اللي استنتجتي كده ؟!
نظرت لها بيلا بتوتر وأجابت :
_ مقالش كده مباشرةً .. بس كل تلميحاته أكدت ، خصوصا بقا أن مجال شغله الاصلي بعيد تماما عن الأزياء والموضة، وكمان هو اللي هيكون الممول الأساسي لدار الأزياء دي وأنا التنفيذ والإدارة والإشراف ونسبتي كبيرة اتخضيت لما قالها من غير ما أدفع ولا مليم، يعني مافيش أي نسبة شك ولو بسيطة أنه عايز ينصب عليا .. يبقى تفتكري بيعمل ده كله ليه ؟!
أجابت رقة بصدق :
_ ما تغلطيش غلطتي وتفكري بقلبك وبس .. حكمي عقلك عشان محدش يستغلك.
ربتت بيلا على يد رقة وقالت بثقة :
_ أطمني .. أنا بطبعي شكاكة ومابثقش بسرعة ، يعني لو مكنش العرض فعلا مغري مكنتش هفكر فيه … بس البيزنس والشغل علمني أن في فرص ما تتسابش ، وأنا مش هخسر حاجة لو جربت .. وبما أنك وشك حلو عليا هتبقي معايا خطوة بخطوة، أنا بقيت بتفائل بيكي .. من ساعة ما جيتيلي وأنا الشغل مش ملاحقة عليه .. وصحيح كنت هنسى، فستان الفرح بتاعك خلصته .. ما تيجي تقسيه ؟
شحب وجه رقة فجأة وتهربت بعينيها وهي تنهض وتقول :
_ مافيش داعي .. أنا خلصت السواريه اللي طلبتيه مني ، شوفيه وقوليلي على التعديلات ..
ربتت بيلا على يدها باعتذار وقالت :
_ أنا أسفة والله ما قصدتش أضايقك .. عموما أنا مابقتش محتاجة أشوف شغلك يا رقة .. أنتي شاطرة وايدك تتلف في حرير وليكي مستقبل كبير في الشغلانة دي .. وصدقيني مش هسيبك غير وأنتي ليكي براند واسم كبير .. عشان دايمًا تفتكريني بالخير.
ابتسمت لها رقة بمحبة وقالت :
_ ربنا يطمنك ويجبر بخاطرك .. بس أنا بقا مش هسيبك، هنفضل صحاب على طول .. وهفضل اتعلم منك، أنتي مافيش حد أشطر منك يا بيلا في التصميمات والتفصيل، لا أنا ولا غيري .. ودي الحقيقة.
نهضت بيلا وضمتها بمحبة صادقة، ثم قالت بجدية :
_ لازم تبقي انتي أشطر مني .. أنا في كل الأحوال كنت زهقت يا رقة وبقيت حاسة بالوحدة والملل .. وضغط الشغل تعب نفسيتي أكتر .. أنا حققت أكتر من اللي كنت بحلم بيه وعايزاه، لكن أنتي لسه على أول الطريق .. عارفة أنا قررت إيه ؟
قالت رقة بفضول :
_ ايه ؟!
ابتسمت بيلا بحنان وقالت :
_ قررت أتكفل بطفل أو أكتر .. وأجيبهم يعيشوا معايا في بيتي، هعملهم حاجات كتير أوي حلوة، أنا هبقى بخير أوي لو عملت كده.
تدفقت المحبة بقلب رقة أكثر لتلك الفتاة الطيبة وقالت بدعم :
_ هتكوني مبسوطة أوي أنا متأكدة .. بس هتعملي ايه في حكاية المشروع الجديد ؟
ابتسمت بيلا وقالت وهي تضمها :
_ هاخدك معايا تساعديني وليكي نسبتك برضه .. ده حاجة كده مالهاش أي علاقة بشغلك أنتي وطريقك .. يعني اللي هتكسبيه من هنا هتمولي بيه مشروعك الخاص .. قصرت عليكي طريق طويل من التعب والشقا، شوفتي بقا أنا بفكرلك حلو أزاي ؟
ضمتها رقة بمحبة شديدة وشكرتها بامتنان شديد لهذا الدعم ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
دخل حازم من البوابة العريضة لمنزله وعلى وجهه العصبية والغضب كلما تذكر أمر تسجيل الفيديو .. وبات على بُعد خطوة ويتيقن أن خلف هذا الأمر العقربتان أبنتي خالته .. فعندما مرت نرمين من أمامه بالصدفة والقت عليه السلام سريعا وهي تتحدث بالهاتف مع صديقتها .. هتف بها حازم بأنفعال وقال :
_ أستني عندك !.
وقفت نرمين ونظرت له بتعجب للحظات، ثم توترت عندما وجدته يطالعها بغضب شديد وارتعشت يدها القابضة على هاتفها ، وقالت لصديقتها :
_ طب أقفلي دلوقتي وهرجع اكلمك .
واقترب منها حازم بنظرة نارية وقال بمراوغة :
_ الا ما تعرفيش مين اللي كسر الفازة اللي كانت قدام مكتب أشهد من كام يوم ؟!!
تلجلجت نرمين بخوف خصيصا عندما تذكرت أن شقيقتها هدير أخبرتها بكسر تلك الفازة عندما هربت بعدما التقطت المقطع بهاتفها .. وقالت وقد شحب وجهها بشكل ملحوظ :
_ وأنا .. هعرف .. منين ؟! .. معرفش ، معرفش !
راقب حازم أنفعالاتها بدقة وتمعن، وبدأ يتأكد من شكوكه ، وقال بصوت غاضب :
_ يا ويل اللي عملها مني .. وهعرفه وساعتها مش هيهمني مخلوق !.
حتى ظهرت هدير فجأة والتي كانت على ما يبدو تستمع من بعيد لهذا الحوار وشعرت بحدسها أن حازم يشك بهن، وقالت له بحدة :
_ أنا عارفة يا حازم مين اللي كسر الفازة .. وعارفة اللي أكتر من كده وكنت مستنياك أنت أو أشهد عشان أعرفكم.
وقف حازم يتطلع بها بنظرة ضيقة حتى قالت هدير بقوة :
_ واحدة من الخدم هنا ، سمعتها النهاردة بتكلم نهال في التليفون وفهمت أن الاستاذة جاسوسة وبتنقل أخباركم كلها لنهال ، ومش بس كده .. ده أنا سمعت كمان حاجة ما فهمتهاش .. سمعتها بتتكلم عن فيديو صورته وهربت وكانت هتتكشف بسبب الفازة اللي وقعت .. عرفت مين بقا اللي وقعها !.
لم يثق حازم بحديثها وقال بصرامة :
_ هاتيها وواجهيها قدامي باللي بتقوليه وأثبتي كلامك.
ابتسمت هدير له بسخرية وثقة وقالت :
_ بس كده ؟! … خليك هنا وأنا رجعالك بيها ..
وظل حازم واقفا شاعرا بالحيرة من ثقة هدير لتلك الدرجة، بينما وقفت نرمين أمامه متجمدة من القلق والتوجس خوفا أن تسير الأمور عكس توقعاتها .. وبعد دقائق أتت هدير وهي تجر تلك الخادمة التي تبك بخوف شديد وباليد الأخرى تقبض على هاتف الخادمة وقالت عندما وقفت أمام حازم مباشرة :
_ جبتهالك ومعاها تليفونها وعليه رقم نهال … مالحقتش تمسحه لأني خدته منها قبل ما أعرفها أني كشفتها … شوفه بنفسك !.
أخذ حازم ونظر للهاتف وهو يتفحص الرقم المجهول ، وأجرى اتصالا مفاجئ .. حتى أجابت نهال وهي تظن بأنها ستتلقى أخبارا جديدة من الخادمة :
_ في جديد ولا ايه ؟ .. قوليلي اللي عندك ولو حاجة تستاهل ليكي الحلاوة … وأوعي تقوليلي أن أشهد رجع للبت اللي كان خاطبها دي؟!
صدم حازم بقوة، فهو يعرف صوت نهال جيدًا ، حتى تأكد عندما هتفت نهال وقالت :
_ ما تردي يابت وقوليلي في ايه ؟!
فَـ رد حازم بصوت يملأه التهديد الصريح والغضب :
_ هقولك أنا في إيه يا بنت الـ …….
اللي أنتي عملتيه ده انا هعرف أربيكي عليه كويس أوي .. اللي كان مانعني عنك الفترة اللي فاتت هو أخويا أشهد .. ومش عشان سواد عنيكي يعني لأ !! .. ده عشان أنتي أقل وأحقر من أننا ننزل لمستواكي ونعملك قيمة .. ومش هقولك سبيه في حاله ، لأن محدش هيعرف أصلا ينجدك مني.
واغلق حازم الاتصال والقى بهاتف على الأرض بعنف ، ثم أخرج من جيبه بعض الورقات النقدية والقاها بوجه الخادمة باحتقار وقال مشيرا للباب :
_ برا .. ده بقية حسابك وما أشوفش وشك هنا تاني .. وأمشي من قدامي قبل ما ارتكب جريمة.
شهقت الخادمة من البكاء وقالت بدفاع وهي تترجاه :
_ والله يا بيه ست نهال اللي هددتني عشان اسمع كلامها وأبعتلها أخباركم ، بس معرفش حاجة عن الفيديو اللي بتتكلموا عنه ده والله العظيم، يا بيه ارحمني ده أنا ست غلبانة وبربي يتامى !.
صاح بها حازم بعنف وقال :
_ قولتلك برا .. واحمدي ربنا أني رحمتك من اللي المفروض كنت هعمله معاكي … رحمتك عشان خاطر ولادك بس ، بس مش هتفضلي هنا دقيقة واحدة .. برا وما أشوفش وشك هنا تاني !.
ارتجفت الخادمة خوفا وغادرت من أمامه قبل أن يشتد غضبه أكثر من ذلك .. ونظرت له هدير بنظرة انتصار وقالت :
_ أنا كنت هطردها لما سمعتها النهاردة ، بس استنيت عشان تتأكد بنفسك .. وتعرف أننا بنخاف عليكم وبنزعل على زعلكم وما نرضاش لكم الأذية من مخلوق ..
وكان من المفترض أن يشعر حازم بالذنب لشكه فيهن … ولكنه ظل ناظرا بعصبية وغضب لهما وغادر من أمامهما دون إبداء أي كلمة !! .. نفخت نرمين بغيظ وقالت لشقيقتها بيأس :
_ كنت فكراه هيغير فكرته عننا .. ده ولا كأن حصل حاجة !!
ابتسمت هدير بسخرية وقالت :
_ عشان أنتي لسه ساذجة وعبيطة .. بس الأهم دلوقتي أننا نفذنا اللي أحنا عايزينه وبوظنا الجوازة وفضلنا بعيد عن أي شكوك .. ضربة معلم بصحيح ..
قالت نرمين بفخر :
_ أدعي لأختك .. ما أنا اللي اكتشفت لعبة نهال ولولايا مكنش حصل كل ده.
تجاهلت هدير حديث شقيقتها التافه وثرثرتها المزعجة وقالت لنفسها بتصميم :
_ مش هخلي واحدة غيري تبقى صاحبة البيت ده .. !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بأتيليه بيلا ..
نظرت بيلا لساعتها وقالت وهي تتثاءب :
_ دماغي فصلت شغل النهاردة وفي نفس الوقت هموت من الجوع .. !
اقترحت رقة عليها وهي جالسةً بارتياح على كنبة وثيرة بمكتب بيلا بعدما انتهت من مهامها لهذا اليوم :
_ خلاص ابعتي وهاتي دليفري اسرع .. شوفي اللي تحبيه.
صمتت بيلا لبعض الوقت بتفكير ، ثم قالت بحماس :
_ ايه رأيك نغير الروتين ونروح نتعشا في اي مطعم .. هو كل يوم هناكل في البيت أو في الشغل ؟!.
تفاجأت رقة بالأمر وقالت :
_ أنتي عارفة أني مش بخرج الفترة دي .. خليني أنا هنا ، وبعدين كنت عايزة أطلب منك طلب
ردت بيلا وقالت بمزاح وضحكة:
_ ده أنت تأمر يا جميل.
ابتسمت لها رقة وقالت بجدية :
_ عايزة أبات هنا في الأتيليه، مش محتاجة في الأوضة بتاعة الخياطة غير لسرير بس، أو حتى كنبة صغيرة .. أنا متقلة عليكي أوي.
اجفلت بيلا من ما سمعته ثم أجابت باستياء :
_ متقلة عليا ؟!!!… بجد مش عارفة أقولك إيه ؟! .. يعني عمالة أحكيلك واقولك حاسة بوحدة وهجيب وهجيب .. وفي الاخر تقوليلي متقلة عليكي !… أنا ما صدقت الاقي حد أثق فيه واتكلم معاه براحتي بعد ما كنت برجع البيت افضل اكلم في الحيطان يا رقة !.
اعتذرت رقة وقالت :
_ أسفة يا بيلا مكنتش أقصد ازعلك .. بس ده هيريحني أكتر ، وافقي عشان خاطري.
تنفست بيلا بعصبية ثم نظرت لها وقالت :
_ تمام موافقة … بس مش كل الأيام ، يعني يوم هنا ويوم عندي في البيت .. رقة أنا بجد اتعودت عليكي وحبيتك واعتبرتك أختي .. أنتي ليه مش مصدقة وشايفة أنك بتقلي عليا !! .. وكمان أنا مقدرش أسيبك هنا لوحدك طول الليل !.
طمأنتها رقة بابتسامة وقالت :
_ المكان هنا أمان وكمان أنا هقفل على نفسي كويس أوي .. عشان خاطري ما تزعليش مني.
اجبرت بيلا نفسها على الابتسامة وقالت :
_ لأ زعلانة بصراحة ، بس مضطرة أوافق طالما ده اللي هيريحك ، وبخصوص البيات هنا اديني بس فرصة يومين ارتبلك المكان اللي فوق جنب المخزن .. هما أوضتين على الشارع مقفلين زي شقة صغيرة كده بس متبهدلين شوية ومقفولين من فترة كبيرة .. هيبقوا مناسبين تباتي فيهم مؤقتا ..
قالت رقة بتأكيد :
_ لا مش مؤقتا … أنا هدفع ايجارهم من يوميتي في الشغل هنا.
نظرت لها بيلا للحظات ثم امتلأت عينيها بالدموع وقالت :
_ أنا حصل مني أي حاجة ضايقتك ؟ .. ليه بتقولي كده ؟ .. يعني هرجع أبقى لوحدي من تاني !!
اقتربت منها رقة وقالت بحنان ولطف شديد :
_ والله العظيم أبدًا .. بس أنا مش عايزة افضل طالعة خارجة معاكي .. مش عايزة اتسببلك في مشاكل .. هو أنا آه مش هسمح لحد يأذيكي بسببي ، بس برضه .. مش عايزين وجع دماغ ودوشة واحنا داخلين على وقت مهم وعايزين نحط كل تركيزنا في الشغل وبس ..
نظرت لها بيلا بعتاب وهي تمسح عينيها من الدموع وقالت بموافقة على مضض :
_ براحتك يا رقة .. وعموما برضه أصبري عليا يومين تلاتة كده اجهز الاوضتين دول كويس .. وهبقى أنا ياستي اجي اقعد معاكي ..
ابتسمت رقة لها بمحبة، ثم سألتها بتعجب :
_ طب بطلي بقا عياط .. بتعيطي ليه تاني ؟
اعترفت بيلا وقالت بطفولية وهي تبك:
_ عشان جعانة !.
ضحكت رقة على ردها وقالت بحماس :
_ طب بينا ناكل أي حاجة ..
مسحت بيلا عينيها سريعا وقالت :
_ هعزمك حتة عزومة ملوكي .. حضري نفسك بقا وأختاري أي فستان يعجبك وتعالي معايا .. اعتبريني النهاردة ساحرتك الطيبة يا سندريلا.
ابتسمت لها رقة وقالت بمنتهى الصدق والمحبة :
_ أنتي فعلا ساحرتي الطيبة يا بيلا .. مكنتش متخيلة أن قلبك جميل بالشكل ده .. رغم أن اللي يشوفك من بعيد يقول أنك عملية ومعندكيش وقت لأي شيء غير شغلك وبس .. بس أنتي أنسانة تستحقي كل خير ..
شعرت بيلا بالخجل والحياء من ما تسمعه من مدح وقالت سريعا :
_ جهزي نفسك هنا وأنا هجهز نفسي في المكتب ونروح المطعم الفاخر اللي كلمتك عنه .. مابشوفش هناك غير أثرياء القوم !.
وضحكتا الفتاتان وظل يتمازحان لبضع دقائق .. ثم وبعد مضي ساعة تقريبا كانتا جاهزتان تماما ويجلسان بسيارة بيلا الخاصة .. وقالت بيلا بتعجب لرقة :
_ أخترتي ابسط فستان من اللي نقتهملك، بقولك هوديكي مطعم مابيدخولهوش غير أثرياء القوم يا فتاة !! ..
ضحكت رقة مرة أخرى على تلك الجملة وقالت بنظرة اعجاب شديدة لها :
_ أنا بحب البساطة .. المهم أنتي النهاردة اللي سندريلا بجد … زي القمر ، ويارب اللي في بالي يحصل .. حتى أشوف ذوقك أخباره ايه ؟
ابتسمت بيلا بحياء وهي تنظر أمامها وتقود السيارة حتى قالت :
_ ماهو مش هيفضل مراقبني حتى بعد ما أتفقنا ! ..
ردت عليها رقة بغمزة وضحكة :
_ اللي شاري بيعمل المستحيل بقا وبيهد الدنيا !.
وسكتت بعدما قالت ذلك .. وطعنتها تلك الجملة وتذكرت حالها ، وغابت الضحكة عن وجهها فجأة، ولم تلاحظ بيلا التي كانت تنظر بتمعن للطريق أمامها ..
وحينما وقفت بيلا أمام مطعم فخم تكدست أمامه السيارات الفارهة .. ابتسمت رقة وحاولت أن تتناساه اقلا بتلك الساعات الحالية … ومازحتها بيلا وهن يدخلان من مدخل المطعم ، حتى جف ريق رقة وأخفت نفسها بلمحة خاطفة خلف عمود رخامي قبل أن يكتشف أشهد وجودها بنفس المكان الذي معتاد أن يتناول فيه العشاء بعد أتمام أحدى الصفقات الكبرى ..
وحررت رقة احدى عينيها من خلف العمود لتسرق النظرات اليه ، ووجدته يتحدث مع الآخرين بثبات وهيبة كعادته .. لم يبدو عليه أي تأثر بهجرها أو حزن .. يتحدث مع الآخرين ويبتسم بمجاملة لأحدى النسوة ممن يجلسن بنفس الطاولة … حتى أشتد غليان قلبها وقالت بشراسة لصديقتها بيلا :

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى