روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثامن عشر 18 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثامن عشر 18 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء الثامن عشر

رواية كسرة وضمة وسكون البارت الثامن عشر

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة الثامنة عشر

وضعت نهال الهاتف بعد المكالمة الحلم التي للتو اصبحت حقيقة وواقعا وعلى وجهها علامات الدهشة والسعادة والغرور بأنً واحد!.
حتى تحدث كريم وسألها بتعجب :
_ بيتصل بيكي ليه ؟!.
نظرت له نهال بغرور وهي تضيق عينيها بثقة مبالغ فيها :
_ ده الطبيعي إنه يتصل بيا! .. اللي مكنش طبيعي هو فراقنا الفترة دي كلها.
بدا على كريم شيء من السخرية وقال:
_ ما تثقيش أوي كده فيه .. أشهد شاهين عامل زي العقرب.
ردت نهال على سخريته بسخرية أشد :
_ مش مع نهال يا كيمو .. حبيبته الوحيدة ، وهفضل حبيبته مهما حاول يخبي وينسى .. بس مش هيعرف ينساني!.
ولاول مرة يقلق كريم من الثقة المبالغ فيها التي جعلت نهال بذلك الحد من التأكيد انه لا زال على حبها قائما .. وحذرها :
_ للمرة المليون هقولك متثقيش فيه أوي كده !.. عشان ثقتك دي هضيع اللي فاضلنا وهتودينا كلنا في داهية .. خلي بالك منه وافتكري حاجة مهمة، أنه دلوقتي متجوز وكان قالب الدنيا على مراته لما أختفت، وكان واضح إنه بيحبها .. يعني ما استبعدش أن المكالمة دي تكون فخ اصلًا.
استفزت نهال من كلماته التي تبتر آمالها ونهضت بعصبية وهي تقول وتشير إليه بتحذير:
_ أنا مش مراهقة ولا طفلة عشان حد يوقعني في فخ ويضحك عليا! … واللي مخليني متأكدة كده هو أني عارفة أشهد وعارفة حبه وجنونه بيا، وده الدنيا بحالها كانت عارفاه أيام ما كنا مخطوبين .. محدش يحب الحب ده كله ويعرف ينسى !! .. وجوازته دي أصلًا كيد فيا، أصل مش طبيعي يحب ويخطب ويتجوز في اقل من اسبوعين !! .. وده غير الفيديو اللي اتبعتلي واللي هو بنفسه بيعترف فيه أنها مجرد جوازة هيخلص منها في اقرب فرصة .. اصدقك بقا ولا أصدقه ؟
فكر كريم لبعض الوقت ولم يجد أي شيء غير منطقي بحديثها، فقال بجدية :
_ طب هصدقك .. بس خلينا برضه نفكر بالعقل، أفرضي أشهد بيعمل ده كله عشان ينتقم منك وده بسبب حبه ليكي وغدرك بيه، يبقى برضه روحنا في داهية !.
ضحكت نهال ضحكة ناعمة مليئة بالخبث الأنثوي وقالت :
_ أنا هعرف أرجعه ليا أزاي وأخليه ينسى اللي فات .. المهم أنه أخيرًا فتحلي الباب من تاني .. والخطوة الجاية بتاعتي أنا.
ورغم ما قالته لم يطمئن كريم وقال :
_ أنتي حرة في نفسك وفي حياتك يا نهال .. أنما مش حرة في أملاك أبويا ومس هسمحلك تضيعي اللي فاضل .. وأن كنت وافقتك على خطتك ده مش معناه أنها عجباني، أنا بس محبتش أكبر المشاكل اللي بينا وأعقد الأمور أكتر ما هي!.
ضيقت نهال عينيها بمكر وسألته بشك :
_ سيبك من ده كله .. أنا ملاحظة عليك شوية تغييرات الفترة دي ! .. ده تأثير البت دي بدأ يظهر أهو !….
تعجب كريم مما قالته :
_ بت مين ؟
قالت نهال بغمزة وابتسامة خبيثة :
_ مرات أشهد .. أو بالاصح طليقته المستقبلية !.
نظر كريم لها بدهشة للحظات ثم رد بسخرية :
_ أنا لسه ما شوفتهاش أصلًا !! ..
تعجبت نهال وسألته بشك :
_ معقول تكون بيلا !! ..
رد كريم بحدة :
_ مالها بيلا ؟!
شعرت نهال من حدته أن بيلا هي من خلف تلك التغيرات .. فقالت بتحذير :
_ مالهاش ولا ليا علاقة بيها ولا هتدخل في حياتك وأختياراتك .. بس مش هفكرك كل شوية بالخطة ! .. الخطة بتاعتنا مش بتدور حوالين بيلا يا كريم !! .. بيلا كانت مجرد خطوة تدخل بيها للبت دي .. وعشان اثبتلك حسن نيتي أنا معنديش اي مانع أنك تتجوز بيلا .. أنما خطتنا تخلص الأول، وبعدين اللي أنت عايزه اعمله.
سألها بعصبية :
_ تقصدي ايه ؟!
ابتسمت نهال بسخرية وقالت :
_ أنت فاهمني كويس أوي .. وعشان اوضحلك أكتر هقولك أن أي ترتيبات عاطفية من ناحيتك لبيلا لازم تتأجل .. بيلا نفسها ماينفعش تعرف مشاعرك ناحيتها ده لو فعلا ظنوني صح ! .. وماتنساش أنهم دلوقتي بقوا صحاب وبيقولوا لبعض كل حاجة !… أنا عايزة البت اللي اسمها رقة دي تتعلق بيك وتبقى لعبة في إيدك .. مع أني قلقانة وشاكة من الناحية دي .. أصل اللي تعرف أشهد مش بسهولة يملا عنيها راجل غيره.
شرد كريم وارتسمت الكآبة ورفض الأمر على محياه .. بينما نبهته نهال ووسوست له بصوتٍ خافت :
_ بس مش مستحيل، لكن لازم ده يحصل .. وماتنساش أن نجاح الخطة دي هيخليك تاخد أملاك أبوك كلها، بيلا بكلمتين حلوين بعدين هترجع .. أحسبها صح يا كريم !.
وراقبته نهال وهو شاردا وتائها بتفكيره، كأنه يقاوم بداخله رغبتان كلاهما شرس! .. وتركته يفكر بهدوء وخرجت عائدة للمنزل لتستعد للأمسية التي أنتظرتها لسنوات.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبالمنطقة العشوائية ..
استطاع “شوقي” دخول المنطقة ً دون أن يكشف أمره أحد، وعندما دخل منزله وامتلأ قلب والدته الكفيفة بالسرور وهي تضمه بين ذراعيها وتعاتبه ببعض الكلمات .. قال لها شوقي بنظرات منكسرة :
_ معلش يمّه غيبت عليكي شوية .. بس بعد اللي حصل مكنش ليا عين أجي هنا تاني ..
مسحت السيدة عينيها من الدموع وقالت :
_ الحمد لله يابني إنها جت على قد كده ؟! .. ده لولا أن رقة نكرت اللي حصل كان زمانك مسجون .. ربنا يسترها.
امتلأت عينان شوفي بالحزن والغضب لسماعه ذكرها وقال بعصبية :
_ مش عايز اسمع السيرة دي دلوقتي .. بس بعدين ليا حساب تاني.
قلقت أمه وقالت :
_ أبعد عنها يابني وسيبها في حالها!، كتر خيرها عملت فيك جميلة تشيلها ليها العمر كله ..
أكد شوقي وقال وعيناه التمعت بالدموع :
_ الروس متساوىة يمّه، ما أنا ياما عملت فيها جمايل ! .. اومال مين اللي كان بيقف لأي حد يضايقها ولا يبصلها بصة في المنطقة ! .. ده لولايا كانت اطردت هي وأختها من سنين من هنا، ده أنا كنت مستعد أبيع نفسي بس ترضى !.
وأضاف بسخرية مريرة وهو يمسح عينيه وأستغل أن والدته لن ترى ضعفه :
_ عمري ما كنت وحش معاها زي ما كنت مع الكل ! .. كنت ممكن أجبرها واتجوزها غصب عنها بس مرضتش وقولت ياض يا شوقي تيجي بالمحبة أحسن .. من يوم ما عيني وقعت عليها وهي لسه عيلة عندها ١٠ سنين وأنا حاسس إنها مسؤولة مني .. صبرت عليها كتير ويارتني ما صبرت .. صبري عليها كان تنازل عنها لواحد تاني .. بيه وغني ومتعلم وحليوة وأبن ذوات ! .. مخدتش في إيده غلوة ووقعت !.
سالت دموع السيدة المسكينة على قهر ولدها حتى تابع شوقي بغضب واصرار :
_ هي ما شافتش مني غير المحايلة والغلاوة، بس هخليها تشوف الوش التاني وبرضه هاخدها .. ما أنا مش هسيبهاله بالساهل كده !.
قالت أمه بتوسل ويكاء :
_ أبوس ايدك تنساها يابني وترجع لعقلك .. أنا مش حمل مرمطة وراك تاني في الأقسام ! .. أنت ناسي أن أخوه ضابط وهو اللي بهدلك البهدلة دي كلها !.
صرخ شوقي بقهر وحزن وعذاب :
_ مابقاش يهمني حد .. أنا عايزها هي!، انما هو هيلاقي الف واحدة غيرها تحبه وتجري وراه ويغريها فلوسه ومكانته.. أنما اللي زيي يمه فرصه في الحياة قليلة .. يعني لو مخطفتش اللي أنا عايزه عمره ما هيجيلي !.
سكتت السيدة وهي تبك بقلة حيلة ورعب من القادم ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
دخلت رئيسة الخدم بصينية الطعام لغرفة مشيرة، حتى وجدتها جالسة على فراشها تبك بصمت مثل عادتها بالأيام الفائتة .. فقالت المرأة بإحباط :
_ نفسي تخرجي بقا من الحالة اللي أنتي فيها دي يا ست مشيرة !… حرام عليكي نفسك وصحتك.
اجابت مشيرة بحزن :
_ أنا السبب في اللي بيحصل لأبني كله .. أنا اللي اتهمته بالكدب ورقة سمعتني وبدأت تشك فيه .. وأنا اللي كنت بعاملها وحش وبإحتقار ومقربتهاش مني وكسبت محبتها .. يمكن لو كنت عملت كده كنت قدرت اتكلم معاها وأقنعها تقابله ويتصالحوا ..
قالت المرأة بشفقة :
_ متحسسيش نفسك بالذنب أنتي مالكيش علاقة باللي حصل، أن كان في سبب واحد لكل اللي بيحصل ده .. فهو الست نهال !.
قالت مشيرة بكره وعصبية :
_ أنسانة حقودة وأنانية لأبعد حد .. استكترت عليه يفرح ويحب من تاني !، استكرت عليه يعيش ويبدأ من جديد .. فرق كبير بينها وبين رقة اللي عاملة زي الأطفال ببرائتها.
ربتت على يدها المرأة وقالت بثقة :
_ أن شاء الله كل شيء هيتصلح وهنفرح كلنا .. وبكرا تفتكري كلامي، بس ساعتها يا ست مشيرة هيبقى ليا الحلاوة بقا.
قالت ذلك رئيسة الخدم بمرح وهي تبتسم .. فرفعت مشيرة يديها بالدعاء ثم قالت بقسم لها :
_ والله لو ده حصل ليكون ليكي عندي حتة هدية هتتنططي من الفرحة لما تشوفيها.
واستبشرت مشيرة خيرا بذلك الفأل الحسن وبدأ مزاجها يتحسن بعض الشيء.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وعندما غابت شمس هذا اليوم وهبت نسمات الليل.
دخلت بيلا وعلى وجهها ابتسامة واسعة لغرفة الخياطة الخاصة بها بالأتيليه، لتجد رقة انتهت من تفصيل رداء كان من الصعوبة على مصممة مبتدئة أن تنتهي منه بتلك السرعة والحرفية … نظرت بيلا للرداء بأنبهار وهتفت :
_ يجنن يا رقة .. تسلم إيدك الف مرة، أهو كده بقا ادخلك معانا شريكة وابقى مطمنة.
كانت رقة جالسةً على أريكة بجانب النافذة ويبدو من عبوسها وحركة أصابعها على شاشة هاتفها الخاص أنها متوترة وعصبية بعض الشيء .. فطالعتها بيلا بتعجب وسألتها بقلق :
_ في حاجة حصلت تاني ؟!
ابتلعت رقة ريقها وهي تتنفس بحدة، فاقتربت منها بيلا ونظرت للهاتف لتعرف ما حدث، فتفاجئت أن رقة تفتح الصفحة الشخصية لأشهد على موقع الانستجرام !.
فتنهدت بيلا وقالت بعتاب :
_ أنتي لسه بتحبيه يا رقة ما تكدبيش على نفسك !.
رفعت رقة رأسها وقالت بغضب :
_ مش شرط أني براقبه أني بحبه ! ..مش يمكن بأكد لتفسي أن ظنوني فيه صح وأن اللي بعمله واللي لسه هعمله يستحقه ! ..
أشارت لها بيلا على الهاتف وقالت :
_ وايه اللي شوفتيه منرفزك كده ؟!
زمت رقة شفتيها بعصبية وقالت بسخرية لم تخفي مرارة وغضب واضحان بعينيها:
_ البيه المحترم منزل أستوري من دقايق بصورة ليه في مطعم لفندق كبير ومتشيك على الآخر والضحكة على وشه قد كده !.
نظرت بيلا لصورة أشهد وانتبهت لاسم الفندق الشهير الذي مدون اسمه واضحا ..فسخرت بتعجب وقالت :
_ ودي فيها إيه بقا؟!
غضبت رقة وحركت هاتفها ودخلت صفحة أخرى على الموقع، ثم وضعت الهاتف أمام بيلا وقالت بصراخ :
_ دي صفحة اللي كانت خطيبته .. شوفي الاستوري بتاعتها وأنتي تعرفي فيها ايه !
أخذت بيلا الهاتف ونظرت لصورة نهال التي حاولت التذكر أين رأتها من قبل، ولكن ما جعلها توافق رقة في شكها أن نهال التقطت تلك الصورة منذ دقائق بنفس اسم الفندق الشهير!! .. فنظرت لرقة التي احمر وجهها من نيران قلبها المتقدة وقالت بلطف :
_ يمكن صدفة !.
رفضت رقة الأمر وصاحت بغضب وهي تسير بأرجاء الغرفة ذهابا وإيابا بحالة هستيرية من العصبية والأنفعال :
_ لأ مش صدفة .. هما هيتقابلوا وزمانهم مع بعض دلوقتي .. ولو ده حصل يبقى رجعوا لبعض ، ويبقى هنا محدش يكلمني تاني ويحاول يقنعني أنه حبني ولو للحظة واحدة !.
قلقت بيلا على رقة ومن غضبها الشديد وحاولت أن تلطف الأجواء قائلة :
_ هو رجل أعمال وهي زي ما قولتي سيدة أعمال دلوقتي ، يعني ممكن يكونوا في حفلة او فرح أو اي صدفة جمعتهم، مش لازم يكون اللي في دماغك ! ..
التمعت عين رقة بدموع غاضبة شرسة وقالت :
_ ده مش بس في مطعم .. ده مطعم فندق .. يعني ..
وقطعت رقة حديثها وهي تضم رأسها التي وكأنه سينفجر من التفكير والغضب .. وفهمت بيلا شكها لأين توقف، فربتت على كتفها بحنان وقالت :
_ متوصلش للدرجة دي يا رقة هوني على نفسك مش كده ! …
انتفضت رقة وصرخت وهي تبك :
_ أنا تعبت وعايزة اتخلص من التفكير فيه ومش عارفة اعمل أيه ؟! .. عايزة ..
وفجأة انتبهت رقة لصفحة نهال التي حدثت نشاطها وحملت صورة “سلفي” واضحة لها مع أشهد وهما مبتسمان مع تعليقها الصريح وكتبت ساخرة
( أفترقنا وكلانا اخطأ بحق الآخر كثيرًا… ولكن دائمًا الحب له الكلمة الأخيرة .. أحبك حتى النهاية.)
والابشع عندما انتبهت رقة لتعليقه العلني على صورة نهال كاتبًا :
( مع هذا الفراق هناك بداية جديدة لا فراق فيها … أعدك يا صغيرتي العنيدة .. العنيدة جدًا )
ارتمت رقة على الاريكة والهاتف بين يديها بصدمة وعينيها تنزفان الدموع بصمت .. وأشفقت عليها بيلا، فيبدو أن أشهد بالفعل يحب تلك المرأة وفعل كل هذا ليستفزها وتعود إليه !!.
قالت بيلا بضيق :
_ مش عارفة أقولك ايه ؟
غرق وجه رقة بالدموع بعد لحظات صمت عن أي صراخ كان لابد ان تطلقه لتهدأ بركان قلبها .. وقالت والصدمة لا زالت على وجهها :
_ خلاص كده يا بيلا .. الحملة هنبدأها الاسبوع الجاي.
تفاجأت بيلا من الأمر وقالت :
_ أنتي بنفسك اللي طلبتي نأجلها شهر كمان !! ..
نظرت لها رقة بعينيها المليئة بالدموع وغضب هائل حبيس الصدمة :
_ وأنا دلوقتي اللي عايزة ابدأ واظهر .. مش هخفي نفسي تاني، مابقتش باقية على حاجة.
قالت بيلا لها بشفقة :
_ أنا هكلم كريم وأتفق معاه .. بس أنا عايزاكي تقوي وترميه ورا ضهرك، اللي باعك بعيه يا رقة.
لم تتحدث رقة وبدت ضائعة تماما وبعينيها قهرا مميت .. تركتها بيلا وهي منزعجة من ذلك الرجل المخادع والنذل، ولكن يبقى وجه نهال مألوفا لديها .. فأين رأته من قبل ؟!.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعدما عادت نهال للطاولة التي تركت أشهد جالسا بها وذهبت للحمام وحملت تلك الصورة وتفاجئت أن أشهد علق عليها وكأنه يعلن شيء !!
انتبهت أن أشهد مبتسما بشرود ونظرة ماكرة بعينيه ، فقالت له بابتسامة واسعة :
_ اتأخرت عليك معلش .. بس حبيت أوي كلمة يا صغيرتي منك ! .. أول مرة تقولهالي !… بس حبيتها أوي وضحكتني كلمة عنيدة .. أنا فعلًا عنيدة.
خرج أشهد من شروده ساخرا على ظنها أنه يقصدها !! .. فقال بمكر :
_ مش أعند مني ! ..
عاتبته بنعومة كعادتها في السابق :
_ عارفة ومتأكدة يا قاسي .. ده أنت في أسبوع خسرتني ملايين !.
ضحك أشهد باستهزاء وقال :
_ هصالحك ما تقلقيش ..
ابتسمت نهال بهبث وسألته :
_ هتصالحني أزاي بقا ؟! ..
اقترح عليها أشهد صفقته التي تدور حول هدفه الأساسي وقال :
_ هدخل معاكي شريك في الفرع الجديد .. وأنتي عارفة ومتأكدة أنك الكسبانة.
نظرت له نهال طويلا وقالت بتلاعب :
_ أنت طلبت تقابلني عشان الشراكة يا أشهد ؟!.
ابتسمت أشهد بزاوية فمه وسخر قائلا :
_ وأنا هستفاد إيه من شركة خسرانة وتقريبا هتعلن أفلاسها ؟! … ده لو كنتي فاكرة يعني أن مقابلتنا دي عشان الشراكة .. مش يمكن بقرب المسافات من تاني بس بشياكة !.
ضحكت نهال بغرور وقالت :
_ أنا عارفة .. انا عرفاك اكتر من نفسك يا أشهد ، حتى كنت متأكدة من حكاية جوازك إنها فشنك … بس صحيح قولي، أنت مش كتبت كتابك من قريب ؟!
نظر لها أشهد وضحك للحظات، ثم أجابها بمكر :
_ ما أنتي بوظتيلي الجوازة يا نهال أنتي هتلعبي عليا ؟! … بس برغم كده أنا مبسوط .. وكفاية إنك اتمسكتي بيا وماسبتنيش أتهور ..
لمست نهال يده وقالت لنظرة عاشقة :
_ وعمري ما كنت هتنازل عنك وأسيبك لغضبك ولزعلك مني، أنا كنت متأكدة انك بتعشقني رغم كل تصرفاتك معايا .. بس عذرتك لإني غلطت وكان لازم اتحمل غلطي .. بس خلاص الزعل بينا أنتهى وعرفت واتأكدت من حبي ليك.
تحكم أشهد بغضبه ورسم ابتسامة مزيفة على شفتيه وقال :
_ مش عايز نتكلم في اللي فات .. خلينا في دلوقتي وبكرا أحسن.
اتسعت ابتسامتها وقالت :
_ دلوقتي أنا معاك، وبكرا برضه هكون معاك .. في الشركة بنتفق يا شريكي الجديد.
واستغلت نهال تلك المقابلة وظلت تتحدث بالكلمات الشاعرية بينما كان هو صامتا وعابسا وشاردا .. يفكر بتلك العنيدة حبيبته التي لا يعرف أين هي حتى الآن.
وفجأة قالت له نهال بغرابة :
_ الدقن الطويلة تجنن عليك .. بس عنيك مليانة حزن غريب يا أشهد!.
وتاه فكره قليلا وهو يعترف لنفسه أنه بالفترة الماضية أهمل مظهره بعض الشيء للحالة النفسية المحبطة الذي كان يمر بها .. فأجابها باختصار ونفاد صبر وملل :
_ ضغط شغل.
وعادت نهال لثرثرتها الفارغة وكاد أن ينفجر من كثرة الملل والضيق وهو يود لو يذهب ويتركها بكل لحظة تمضي.
وعاد تلك الليلة لمنزله يملأ صدره الضيق .. بينما كان لابد أن يشعر ببعض المرح من التفكير برد فعل حبيبته رقة .. ولكن انتابه الندم لبعض الوقت .. وعندما عاد حازم للمنزله ووجده جالسا وشاردا بشرفة غرفته فجرا قال له بلوم :
_ أوعى تكون عكيت مع نهال ؟!
تنفس أشهد بضيق شديد وقال بصدق :
_ أنا عمري ما حبيت نهال يا حازم ! .. كانت قاعدة قدامي لساعات في صورة جميلة أي راجل يتمناها .. بس محركتنيش ومحستهاش .. ٤ ساعات وهي قدامي ومش في دماغي غير كتم سؤال .. أنا كنت بحبها أزاي وليه ؟! أنا هنا معاها بعمل إيه ؟! … ورقة فين ؟!
صمت حازم وفضل أن يسمعه، فأضاف أشهد بقلق :
_ للأسف أنا مضطر أظهر مع نهال الأيام الجاية كتير .. لو رقة مظهرتش خلال أيام واللي بيحصل ده أستفزها يبقى كل ده مالوش داعي .. وده اللي مقلقني!.
تنهد بقلق واستطرد :
_ خايف عنادها ينهي كل شيء .. أنا عارف أني لعبت بالنار لما قابلت نهال .. بس ده اكتر شيء هيفرق مع رقة دلوقتي وعلى الأقل هتحاول ترد .. أنا عايزها تجيلي وتواجهني بأي طريقة.
شعر حازم بالذنب لمعرفة بمكان رقة على الاقل سابقا قبل أن تنتقل لمكانً آخر لا يعرفه رغم مراقبته لبيلا .. فقال :
_ اللي فهمته من أختها إنها رافضة تقابلك نهائي.
تنفس أشهد بثقل شديد وقال :
_ خطوة وعملتها .. والأيام الجاية هنعرف نتيجتها .. بس انت ما قولتليش آخر التطورات مع شهد ؟
ابتسم حازم بمرح وقال :
_ دي محرماني اتصل بيها إلا للضرورة ، ولا حتى أروحلها الجامعة وإلا هتفسخ الخطوبة .. أنا متسيطر عليا يا أشهد !… حتة بت قد فرشة السنان وممشية كلامها عليا !.
ضحك أشهد رغما عنه وقال :
_ دي أنسب زوجة ليك .. أنت اخترت صح.
وتحدث حازم ضاحكا :
_ ده لما البت السمجة اللي اسمها نرمين عرفت وأنا بقول لأمي على الخبر ده كانت هتقع من طولها من الخضة … فرحت فيها أوي .. بس اللي فاجأني أن أمي فرحت وعجبها أختياري لأول مرة في تاريخ هذه العائلة !!.
وضح له أشهد الأمر وقال :
_ لإنها حاسة بالذنب في اللي حصل .. فطبيعي تفرح ، ده غير أن شهد فعلًا بنت ممتازة ومش هتلاقي أحسن منها.
ابتسم حازم وقال بلطف:
_ احنا الأتنين هنتجوز أختين .. أنا متأكد وعارف أن ده كله هينتهي قريب.
تمنى أشهد من كل قلبه أن تكون هي غده المقبل لا غيرها..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعد عدة أيام ..
أنتهى كريم من جميع التحضيرات اللازمة للحملة والتي ستكون بعد ثلاثة أيام مع بيلا في مكتبهما بالمقر الجديد.. وقال بحماس :
_ هنعزم كل قرايبنا ومعارفنا .. ده غير الصحافة ومشاهير السوشيال ..
واضافت بيلا ملاحظة هامة :
_ ولازم كمان يكون حاضر رجال اعمال وسيدات مجتمع ..
ابتسم كريم بثقة وقال :
_ من الناحية ما تقلقيش … مرات أبويا الله يرحمه هتقوم بالواجب، هي سيدة مجتمع وليها معارف بالهبل .. هي بتشتغل معايا في الشركة وهسيبلها الموضوع ده وممكن كمان تساعدنا في الادارة برأيها وخبرتها.
تعجبت بيلا وسألته :
_ مرات أبوك ! .. مكلمتنيش عنها خالص ؟
توتر كريم بعض الشيء وقال :
_ مجتش سيرتها خالص عشان اتكلم عنها ! .. هي بتدير الشركة بس بأسمنا أنا وأبويا مش باسمها !.
فهمت بيلا الأمر ولم تكترث له .. فسألته بعفوية :
_ بس لو هي ست كبيرة ممكن ماتفهمش في شغلنا .. أنت عارف أن خط الموضة اللي بيفهم فيه أكتر وبيهتم بيه هو الجيل الصغير.
ضحك كريم وأوضح لها :
_ لا انتي فاهمة غلط ! .. دي صغيرة مش كبيرة ، هي تقريبا في سنك كده !.
دهشت بيلا مما قاله ، ايعقل أن والده كان متزوجا من شابة تصغره لتلك الدرجة ! .. فسألته مرة أخرى :
_ دي مين دي واسمها إيه ؟ .. يمكن أعرفها !.
فكر كريم قليلا وأخرج هاتفه وأتى بأحدى الصور لنهال التي تجمعه بها ومع أبيه الراحل بأحدى المناسبات .. وسألها :
_ أهي .. يمكن تكوني شوفتيها أو اتعاملتي معاها قبل كده .. اسمها نهال قدري… سيدة مجتمع معروفة.
انتفضت بيلا بذهول عندما رأت الصورة وفغرت فاها، وظلت هكذا للحظات طويلة، فقلق كريم من مجازفته تلك وان يكون تسبب في فساد خطته مع نهال .. فسألها متظاهرا بالبراءة :
_ مالك مصدومة كده أنتي تعرفيها ؟!
اجابت بيلا بعدما ابتلعت ريقها ودهشت من تلك الصدفة .. وقالت :
_ لا معرفهاش .. ولا حتى اتعاملت معاها قبل كده.
ابتسم كريم بسخرية وقال :
_ في دي متأكد .. أصلها بتعبت تجيب لبسها كله من برا ومن مصمممين عالميين .. مخلصة كل فلوسها على اللبس والمكياج والعربيات ..
سايرته بيلا وهي تفكر برقة وكيف تخبرها .. ؟
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعد يوم عمل شاق تبقى بعض اللمسات بذلك الفستان الأحمر المطرز بالفضة .. والذي صممته بنفسها ويبدو أن الأنثى دائما تعتبر الأحمر رمزا للقوة والتحدي والأغواء.
وعندما أخبرتها بيلا بالخبر ظنت أن رقة ستصدم وتثور ، بينما صمتت رقة للحظات طويلة، وشكت بالأمر كليًا .. وطال شكها كريم ذاته . بينما لم تستطع أخبار بيلا بشكها بكريم حتى لا تضايقها وتزعجها … فسألتها بيلا بغرابة :
_ كنت فكراكي هتزعلي وتتعصبي !
ابتسمت رقة بسخرية وقالت :
_ بالعكس .. ده هيخدمني جدًا ، مش هو قال هيسيبلها التصرف ودعوات الحفلة ؟! .. يبقى تمام، بس خلي بالك يا بيلا .. مش كل الصدف ممكن تكون صدف فعلا ..
نظرت لها بيلا بشك :
_ تقصدي ايه ؟
لم تستطع رقة اعلان ما تفكر فيه ولم يكن معها دليلا واضحا وأكيدًا .. فقالت :
_ مقصدش حاجة .. بس هنصحك زي مانصحت أختي شهد ، ما تسلميش قلبك كله .. خلي في مكان للخذلان عشان ما يحصلكيش زي ماحصلي.
فهمت بيلا ما تقصده وقالت بانزعاج ودفاع عن كريم :
_ احنا فعلا أتقابلنا صدفة أكتر من مرة .. حتى أني انا اللي طلبت أنك تكوني الوجه الأعلاني ، كريم مكنش يعرفك أصلا يا رقة ! .. وحتى في دي مطلبش يشوفك وسابلي الأختيار ! .. أنا حقيقي استغربت من الصدفة بس ما شكتش فيه ! ..
وبتلك الإجابة تأكدت رقة أن عدم تسرعها في اتهام كريم مباشرة كان الصواب … فقالت :
_ أنا ما قولتش أنه متهم .. وعموما حتى لو كان متهم واتأمروا عليا أنا موافقة .. خليها تخطط وانا هنفذ بس بطريقتي.
وقالت رقة ذلك وهي تضحك كأنها تمازح بيلا .. ورغم ابتسامة بيلا ولكن الانزعاج والشك قد أصاب قلبها !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
ورغم أن خطة أشهد سارت كما توقع بل أفضل ألا أن حالته النفسية ساءت واصبح غاضبا طوال الوقت .. لم يغضبها كثرة الأخبار والاشاعات والصور التي باتت حديث الجميع !
بالتأكيد كل هذا رأت ولو جزءً منه !.
وكان قد أنتهى من اجتماعا هام بمكتبه بالشركة حين أتت اليه نهال بنفسها وهي ترتدي أفخم وأرقى الملابس مثل عادتها، وبعدما صافحته بحرارة جلست قبالته وبدأت حديثها قائلة بدلال :
_ عمري ما جيتلك هنا .. حبيت اجيلك النهاردة واعزمك بنفسي.
تعجب أشهد لبرهة وتساءل :
_ في مناسبة عندك ؟
ابتسمت نهال وأجابته بصوتً ناعم :
_ هي مش عندي بالضبط .. بس كريم وشريكته بيلا قصدوني في طلب ومحبتش أكسر بخاطرهم.
وصمت أشهد بعدما زفر بحدة وكان واضحا تعكر مزاجه للعيان ولكن نهال تجاهلت بذكاء .. وتابعت :
_ كريم لما لقى فرع الشركة الجديد بيخسر قرر يعمل بيزنس في مكان تاني بعيد عن دايرة رجال الأعمال وسوق المقاولات .. فشارك بيلا جود المصممة المشهورة في دار أزياء كبيرة ، وبعد بكرة هتكون حفلة الأفتتاحية والتسويق ليها .. وطبعا الحفلة محتاجة بروباجندا كبيرة .. فسابولي أنا أعزم معارفي وكل رجال الاعمال اللي بتعامل معاهم وأعرفهم .. وأنت أكيد يا أشهد أهم حد عندي .. ارجوك ما تكسفنيش أنا وعدتهم أنك جاي.
استوقف أشهد اسم بيلا للحظات ولكنه لم يضع شكا بها، واغتاظ من نهال وحاول أن ينسحب بلطف :
_ أنتي عارفة يا نهال إني مشغول جدًا ومعنديش وقت للحفلات !.
أصرت نهال قائلة بابتسامتها التي ظنت إنها تؤثر عليه :
_ عشان خاطري .. ساعة واحدة بس مش هعطلك، وبعدين أنت مقابلتش كريم من كام يوم لما جيتلي وأتفقنا على الشراكة، في الحفلة بقا هنخلص باقي الأتفاق… وعلى فكرة هو هيبقى مبسوط أوي لو حضرت.
تنفس أشهد بصعوبة وظهر الضيق جليًا على صفحة وجهه حينما هز رأسه بموافقة ونظر لكومة من الملفات .. فقالت له نهال بغيظ :
_ طب أنا ماشية بقا شكلك مشغول .. هنتقابل أمتى ؟
رد عليها ببطء وعدم اهتمام لحديثها وهو يصب اهتمامه على أحدى الملفات :
_ في الحفلة ..
نظرت له نهال بوجوم وبدأ الشك يتسرب بقلبها، وبعدها انصرف وحاولت أن تبعد الشكوك عن عقلها، فربما عكر مزاجه أحدى العملاء مثلما يحدث معها كثيرا .. فابتسمت وهي تنعت نفسها بالغباء ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبيوم الحفل …
دخل حازم على أشهد غرفته وهو يستعد للذهاب قائلا بعصبية وهو يرى أشهد بحالة شديدة من الكآبة والحزن رغم اهتمامه الشديد بمظهره .. وقال :
_ الفيلم ده هيخلص أمتى يا أشهد ؟! .. أنت مش شايف بقيت عامل أزاي ! ..
زفر أشهد بعصبية شديدة وهتف به :
_ حازم أنا مش ناقصك ! .. أجل كلامك لبعدين أو يكون احسن لو ما اتكلمتش خالص !.
اعترض حازم وقال :
_ هسكت لحد أمتى قولي ؟! .. أنا عمري ما شوفتك بالحالة النفسية دي !… طالما أنت مش راضي عن اللي بتعمله مكمل فيه ليه ؟! .. واللي كنت متخيل أنه هيحصل ورقة هتظهر محصلش ولا ظهرت ولا اتكلمت ولا اهتمت !.
صرخ اشهد بوجه حازم وحذره :
_ نهال عارفة مكانها انا متأكد .. و ده اللي مخليني مكمل لحد ما أعرف مراتي فين وأخليها تشوف حقيقة نهال وقذارتها بنفسها .. أنا كان ممكن أسجل لنهال كلامها .. بس رقة عمرها ما هتصدق ولا هتقتنع غير لما تشوف بعنيها وتسمع بنفسها ..
وكاد أن يخبره حازم بحقيقة معرفة رقة ببيلا، ولكنه تذكر وعده لشهد فصمت رغما عنه … فارتدى أشهد معطف بدلته السوداء الفحمية شديدة الأناقة وأخذ مفاتيح سيارته وخرج من الغرفة …
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبالحفل انتظرت نهال وصول أشهد بفارغ الصبر والأنتظار .. بينما كان يبدو على كريم القلق والتوتر من فضح الأمر أو الكارثة التي ربما تحدث عندما يرى أشهد زوجته هنا ..
وكزته نهال بذراعه وقالت بثقة :
_ قلقان كده ليه ؟
تنفس كريم بتوتر وأجاب :
_ ربنا يستر ..
ابتسمت نهال بثقة وغرور وهي تقول :
_ النهاردة هوريله اللي كان مفكرها بريئة وغلبانة وبيحاربني بيها وهي موديل و عارضة نفسها لكل العيون يتفرجوا عليها …
تعجب كريم من قولها ونظر لها بدهشة، أن كانت تثق بحب اشهد لها، فلماذا تتحدث هكذا !!
بينما داخل احدى الغرف جلست بيلا أمام رقة التي التف حولها طاقم من الفتيات اللائي يتممن على مظهرها وطلتها وزينة وجهها .. وقالت لرقة بقلق بعدما أبعدت طاقم الفتيات:
_ كلها دقايق وأشهد يوصل .. أنتي مستعدة تواجهيه ؟
تنفست رقة نفسا عميقا وهي تنهض وتنظر لأنعكاس مظهرها بالفستان الأحمر الاسطوري والمطرز بالفضة اللامعة .. وحرصت أن تبرز جمالها فقط لا أن تخفي ملامحها، وقالت بنظرة شرسة من التوعد :
_ مستعدة أوي .. خليه يجي ويشوف بنفسه البت الغلبانة اللي كان مفكر أنه هيضحك عليها.
تصاعد القلق بقلب بيلا وقالت :
_ أنا قلقانة وللأسف مش هعرف أبقى معاكي .. أنا طول الحفلة بجهز العارضات ومش هفضى غير في الآخر .. خليكي قوية وماتنسيش اسم الشهرة اللي أخترناه وأتفقنا هيكون اسمك ..
ابتسمت رقة بسخرية ورددت الاسم وهي تتخيل مدى ردة فعل أشهد:
_ رونزا اليزن!.
وبعدها أشارت رقة بنفسها لطقام الفتيات ليأتين ويتابعوا معها اللمسات الأخيرة ورباط حجابها التي أظهرها كالأميرات ..
وبذلك الحفل الكبير لأفتتاح شركة الأزياء التابعة لـ نهال..
ابتسم كريم بسخرية وتحد وهو ينظر لأشهد الجالس بثبات وعينيه اصبحت تائهة تبحث عنها في كل الوجوه .. منذ عدة أشهر.. منذ هروبها تحديدًا.. وهو أصبح ذلك الشخص الشرس الطباع دائمًا، حتى أنه أطال ذقنه بعض الشيء عن ما سبق، مما أضاف لعمره الحقيقي عدة سنوات.
همست نهال له بابتسامة واسعة بشيء، ولكنه لم يعيرها أي اهتمام، حتى قال كريم بابتسامة ماكرة:
_النهاردة هتكون أكبر مفاجأة لشركتنا يا نهال، الوجه الأعلاني اللي هتمسك الحملة الخاصة بالمحجبات .. رونزا اليزن .. بنت هايلة، لها جاذبية مش طبيعية.. بيلا كان عندها حق لما وصت عليها.
ضيقت نهال عينيها بنظرة انتصار وقالت له:
_ شوقتني أشوفها من كلامك عنها يا كريم..
أرسل كريم رسالة نصية سريعة ثم نهض وقال بحماس:
_ هقوم اعلن عنها..
وانصرف كريم ليعلن للجميع عن الفتاة المجهولة الفائزة بالوجه الأعلاني لتلك الحملة الضخمة!.
وكان أشهد يتنفس بنفاد صبر وعدم اهتمام بأي شيء، حتى دخلت للقاعة من خلف الستار برداء احمر ناري اللون مقفول تماما مع نظرات شرسة لفتاة كانت يوما ببراءة الصغار…!
اسودت عيني أشهد بغضب مخيف وهو يطالعها تقترب لهم بخطوات ثابتة وواثقة ورأسها شامخ كأنها تحاول أن تثبت له شيء ! .. عينيها لم تكن عينان تلك القطة البريئة التي جعلته يعشقها حتى النخاع ! .. بل باتت عينان امرأة شرسة تريد أن تنتقم وباستماتة !..
اقتربت رقة وجميع العيون مسلطة عليها ونظرت له بابتسامة انتصار ساحقة من رؤية الصدمة بعنف على وجهه .. وقابلها بنظرة نارية عنيفة محمومة من الغضب التي لو ترك له العنان سيحطم كل ما تطاله يداه ..
نظرت له نهال وبدأ الشك يتربع بقلبها وهي تره بهذه الحالة .. بينما خاف كريم وقال منسحبا :
_ هي بيلا مجاتش ليه ؟ .. أنا هروح أشوفها.
وابتعد دون تردد وذهب يبحث عن بيلا .. بينما قالت نهال بغيظ :
_ مناسبة للحملة فعلا زي قالت بيلا .. وشك هادي وبسيط.
بينما ظل أشهد ناظرا لرقة بنفس نظرته النارية المخيفة والتي أشعرت رقة ببعض التوتر ولكنها تظاهرت بالثقة .. وبتلك اللحظة أتى أحد رجال الأعمال من معارف نهال ، واظهر اهتمام خاص برقة وقال وهو يمد يده للمصافحة :
_ مش تعرفينا يا نهال على معارفك !.
وهنا القت رقة نظرة جانبية على أشهد بابتسامة أكثر ثقة .. بينما ولصدمة الجميع اقترب أشهد منها بنظرة عنيفة وقبض على معصمها وجرها جرًا بين العشرات من المدعووين .. حاولت أن تتخلص رقة من قبضته المؤلمة على معصمها بانفعال ، ولكنه لم يكترث لأحد .. حتى أخذها لممر داخلي ودفع بغضب باب احدى الغرف ثم دفعها للداخل وأغلق الباب عليهما … فصاحت بعنف به :
_ أنت مالكش أي حكم عليا ولا من حقك ..
وبلحظة كان أشهد قطع المسافة بينهما وانعقد لسان رقة وهي تنظر له بقلق .. حتى جذبها اليه وهزها بغضب :
_ أنتي بتتحديني بس اتعديتي حدودك المرادي.
نظرت رقة لعينيه عن قرب بغضب وتذكرت كل ما فعله وصاحت بثورة وهي تحاول التخلص من قربه الخطر هذا :
_ ضايقك أني لسه واقفة وما انكسرتش بسببك ولا عرفت تستغلني عشان تكسب حبك القديم ! ..
اقترب أشهد أكثر ونظر لعينيها بعتاب شديد وقال :
_ أنا محبتش حد قدك وده كله بعمله عشان ترجعيلي ..
وبعدها ضمها أشهد بعنف وهو يتنفس بعمق كأنه عاد للحياة من جديد .. خنق ضلوعها بضمته وهو يبتسم أخيرًا أنه وجدها وعادت إليه .. واستسلمت رقة للحظات واغلقت عينيها ، ولكن دفعته عنها وصرخت من جديد عندما تذكرت مكره وخداعه لها .. وأشارت له بتهديد وهي تلهث :
_ أنا مش عايزاك .. وكل اللي عايزاه أني اتطلق ، طلقني .
اقترب منها أشهد بعصبية شديدة وقبض وجذبها اليه من جديد وفرض قوته عليها قائلًا بنظرة حادة عنيفة ومصممة:
_ ده على جثتي أني اطلقك ..
وتابع بنظرة عاشقة بجنون :
_بس تعرفي .. كنت هتجنن وأشوفك .. وحشتني البصة في عنيكي، ووحشني كلامك، وحشتيني كلك، لولا عنادك كان زمانا بنعيش أجمل أيام حياتنا دلوقتي .. بس هعوض ده كله ومش هسمح لمخلوق يبعدنا تاني عن بعض.
وأضاف بابتسامة خبيثة:
_ قطتي البريئة بقت شرسة .. كل حاجة فيكي بعشقها!.
ابتلعت رقة ريقها ببعض الضعف وهي تنظر لعينيه القريبة التي تعترف أنها اشتاقت لها حتى الجنون .. وعندما اقترب لها أكثر سرقت رقة المفتاح من جيب معطفه ودفعته عنها، ثم ركضت وفتحت الباب سريعا هاربة .. وركض أشهد خلفها بعصبية ولم يستطع اللحاق بها، ولكنه أسرع بسيارته خلف السيارة الأجرة التي أوقفتها منذ لحظات ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعد فترة من الوقت أوقفت رقة السيارة الأجرة وشكرت السائق على معروفه أنه أتى بها وهي لم يكن بحوزتها أي نقود ! .. وقالت :
_ ثواني وهرجعلك بالأجرة ..
وعندما خرجت من السيارة وهي تحدث السائق وجدت ذراع أشهد يتمسك بها ويبدو أنه أتى خلفها حتى أتيليه بيلا ! … و

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى