روايات

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الرابع 4 بقلم مريم غريب

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الرابع 4 بقلم مريم غريب

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك البارت الرابع

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الجزء الرابع

كرسي لا يتسع لسلطانك
كرسي لا يتسع لسلطانك

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الحلقة الرابعة

الفصل الرابع _ متمردة2 _ :
إنقضى النهار في قصر آل”البحيري” رواحًا بين تناول غداءً عائلي.. ثم الجلوس بالحديقة الداخلية إمتثالًا لرغبة ربّ العائلة ..
كان “عثمان” يختتم إحدى نقاشاته العقيمة مع صهره بأن تنازل عن الجدال تمامًا ليريح رأسه فقط.. عندما عادت “سمر” و أقبلت على المجلس منفرجة الأسارير ..
تعلّقت نظرات “عثمان” بها.. و قد لاحظ بأنها بدّلت ثيابها.. بل إنها في الحقيقة خلعت حجابها و تركت شعرها الذي استطال حتى لامس كتفيها.. حرًا بانسيابةٍ حريرية ..
تولّد بداخله شوقٌ جارف إليها.. و لم يستطع إلا أن يُغذّي التوق الشديد بصدره على اعتبار إنهما أخيرًا سيمارسان حياتهما الزوجية بدءً من الليلة.. تلك البادرة التي قامت بها رغم إنها زادته اشتعالًا.. لكنها أسعدته كثيرًا ..
فكرة إنها أعلنت له عن قبولها إيّاه بظهورها هكذا.. جعلته يتعجّل الوقت للإختلاء بها بغرفتهما دون أن يزعجهما أحد.. لقد انتهت المُهلة التي حددها لزوجته و قد توقّع أن تعاند و تزداد نفورًا منه.. لكنها الآن تقدّم له دعوةً صريحة.. يا لفرحته …
-حبيبتي !
نطقها “عثمان” بلا تحفظٍ و هو يمد ذراعه لزوجته.. لبّت “سمر” دعوته و سارت تجاه الأريكة الصغيرة التي جلس فوقها طائعة.. على مرأى من أخيها و زوجته.. جلست “سمر” ملاصقة لـ”عثمان” دون أن تبدي ذرة رفض ..
بل على العكس و غير المتوقع تمامًا.. كانت هادئة.. مبتسمة و هي تلقي بيديها فوق قدمه.. بينما يلف ذراعه حول خصرها الدقيق.. قرّب فمه من أذنها هامسًا بحرارةٍ :
-أنا مش مصدق نفسي.. إللي أنا شايفه ده حقيقي ؟
انتي طلعتي تغيّري هدومك و تلبسي الفستان ده عشاني ؟
قلعتي الحجاب عشاني يا سمر ؟
داعبت أنفاسه الساخنة أذنها و جانب عنقها.. ما جعل القشعريرة تسري بأوصالها و هي بالكاد تحافظ على أعصابها من الإنفلات.. كل ما تفعله ما هو إلا إكتساب مزيدًا من الوقت.. لم تكن تنوي حقًا قضاء ليلة حميمية معه.. إنما مجرد مداهنة.. خباثة إن صح القول لكي توهمه بتقبّلها إيّاه و ستطلب منه أخذ الأمور تدريجيًا ..
بالتحايل ربما كل شيء يسير وفق إرادتها.. و إن كان حقًا يحبها كما يدّعي فسيذعن لرغبتها.. و لكن السر في الطريقة.. يجب ألا يلتمس منها رفضًا و إلا فإنها المُلامة …
-أنا وعدتك إني هحاول ! .. بادلته الهمس مديرة رأسها قليلًا نحوه
فامتزجت أنفاسهما معًا.. مِمّا ولّد أجواء من اللهفة و التوتر في آنٍ ..
انبلجت ابتسامةٍ جانبية على ثغر “عثمان” و هو يمشّط ملامح وجهها الجميلة مسبلًا عيناه بجاذبية لا تُقاوم.. لوهلةٍ كاد ينسيا الرفقة من حولهما.. لولا أن برز صوت “فادي” مُبددًا سحر اللحظة :
-إيـه يا أبو النسب هاتعطّف و تلطف قدامنا و لا إيه ؟
احترم وجودي أنا و بنت عمك على الأقل !
استجابت “سمر” على الفور لتعليق “فادي” و قد نجح بإثارة اضطرابها بشدة.. بينما “عثمان” يتصرّف بقمّة البرود و هو يدير رأسه لينظر إلى صهره المتحزلق قائلًا :
-أديك قولتها.. انت و بنت عمي مش أغراب يا فادي
دي بنت عمي.. و إللي جنبي دي أختك.
فادي بسخرية : على أساس يعني الحب و الغرام مقطعين بعضهم معاك
ده أنا شاهد على الليلة كلها.
تنهد “عثمان” بعمقٍ و هو يسحب “سمر” إلى حضنه أكثر.. ثم قال دون أن يخفي بريق نظراته الشيطانية مصوّبة إلى الأخير :
-بصراحة يا فادي مش هاخبي عليك.. أنا أبان قوي لأي حد
إلا مع سمر.. ضعيف جدًا.. بحبها أوي يا فادي.. و مش بقدر أتحمل بُعدها عني
عايزها جنبي و في حضني طول الوقت.. لو مش هاتكون قلّة ذوق مني كنت خدتها حالًا و طلعنا على أوضتنا.. أنا عمري ما بشبع من أختك.. مش بشبع منها خـااالص !
و قد أتت كلماته أوكلها.. و لم يغفل عن البخار الذي كاد يخرج من أذنيّ “فادي” تأثرًا بكلماته التي أثارت حفيظته بشدة ..
ابتسم “عثمان” بظفرٍ و هو يُضاعف من استفزازه لـ”فادي” بأن يداعب زوجته و يُقبّله قبلات سطحية أمامه.. بدأت “هالة” تتململ بدورها و قد خشيت تفاقم غضب زوجها الذي تعرفه جيدًا.. بقيت تنظر له بترقبٍ قلق ..
لم يخيّب “فادي” توقعاتها.. و انفجر فجأةً مدفوعًا بكل الحنق و الحقد بداخله على زوج أخته :
-طبعًا.. ما هو ده مربط الفرس مش قصة حب و الهري إللي شغّال تقوله
راجل كازانوفا زيك.. هايعجبه إيه في أختي البسيطة يعني ؟ عشان كده ماستغربتش لما أتجوزت عليها من كام سنة.. و لا أستبعد حتى إنك تكون اتجوزت عليها تاني
يمكن بقى مش رسمي.. عرفي.. فعرفي زي ما عملت معاها هي نفسها و سرقتها سرقة
فاكر يابن الأصول ؟ فاكر جوازك العرفي من أختي ؟؟
-انت بتقول إيه !؟ .. رددت “سمر” بصدمةٍ
إلتفت لها الجميع عدا “عثمان”.. جمد بمكانه ..
رفع “فادي” حاجبه و هو ينقل نظراته بين أخته و زوجها قائلًا :
-الله ! هو ماحكلكيش و لا إيه ؟
سمر بدموعٍ : حكالي إيه ؟ إيه إللي تعرفه و مخبيه عني يا فادي ؟؟
سخر “فادي” منها:
-إللي أعرفه و مخبيه عنك ؟ ده أمة لا إله إلا الله كلها تعرف القصة دي.. بس شكل الباشا هو إللي مخبيها عنك ..
و حانت منه إلتفاتة نحو “عثمان” الذي احمرّ وجهه من شدة الغضب.. لكنه إلتزم الصمت رغم ذلك.. ليستطرد “فادي” مستمتعًا بإشعال الفتنة بين الزوجين :
-معقولة ماقولتلهاش إزاي اتعرفت عليها ؟ و لا جبت حتى سيرة العقد العرفي إللي سرقتها بيه قبل ما تكتب عليها رسمي ؟ معقولة !؟
اتقدت عينيّ “عثمان” و هو يرمق شقيق زوجته بنظراتٍ كانت لتحرقه عن آخره.. و تمتم من بين أسنانه بلفظٍ نابي و قد نجح لأول مرة بحياته بإخراجه عن طوره :
-يابن الو××× !!!
**
في هذا التوقيت عادةً ما يكون شريكه العجوز لا يزال بمقر عمله ..
و قد عرف منذ بضعة أيامٍ بأن الإبن الضال و الذكر الوحيد المتبقّي بعائلة “عزام” يقضي عطلة ترفيهية بوسط المدينة.. لذا كان يدرك بأنها بمفردها الآن في المنزل.. فلم يتردد بالتوّجه إلى هناك فور أن انتهى لقائه مع ذاك الشاب المتشرّد من وجهة نظره ..
كان في إقتحامه للمنزل جنونًا لم يعهد نفسه عليه قط في حياته.. و كأن قوى أخرى تحرّكه.. و كأنه قد عاد بالزمن للوراء.. لسنواتٍ طويلة كان لا يزال على أبواب مرحلة شبابه ..
كان يحب و يعشق بجنون.. فتاته الجميلة “شاهناز” و صديقة صباه.. كان مهووسًا بها و ذلك قبل أن تعلّمه المعنى الحقيقي و المجرّد للغضب.. يوم اكتشف خيانتها له مع ابن عائلة “البحيري”.. “عثمان البحيري”.. ندّه و عدوّه اللدود ..
ذلك الغضب هو عينه الذي يستشعره الآن.. و الذي يجتاحه بضراوةً لا يفقه لها أدنى مبررٍ و هو يندفع بمنزل شريكه غير عابئًا بتوقيف الخدم إليه.. صعد الدرج للطابق الثاني خلال لحظاتٍ.. و لم يكن بحاجة لإرشاد ..
إذ إنبعث صوتها تدندن مع غنوة أنثوية رقيعة بصوتٍ سكب بنزينًا فوق نيران غضبه الحارقة.. ثاني إقتحام لغرفتها كان الأعنف ..
انتزع منها شهقةً فزعة و هي تلتفت من حيث كانت تقف أمام المرآة.. تستعرض على جسمها المغري ثوبًا رياضيًا أسود اللون.. قصير و بلا أكمام.. و ضيّقٌ جدًا حتى خُيّل إليه بأنه عرضةً لأن يتمزّق تحت وطأة تضاريسها البارزة بإغواءٍ ..
الشيطانة !!!
-انت إتجننــت !
إزاي تدخل عليا بالشكل ده ؟؟؟
ميــــن سمح لك تطلع هنا أصلًا ؟؟؟؟
تجاوز “نبيل الألفي” عتبة باب غرفتها مغلقًا الباب من خلفه بركلة قوية من قدمه.. و إتجه نحوها رأسًا.. تصرفات لم تفعل بها إلا شحنها بمزيدًا من الغضب …
-قوليلي إنه كداب !!! .. هس “نبيل” من بين أنفاسه العنيفة
كان قد وقف أمامها مباشرةً.. لا تفصله عنها سوى خطوةً واحدة ..
بقيت “مايا” تواجهه بوجه خالٍ من أيّ تعبير.. حتى تابع كلامه بينما تزداد ملامح وجهه الوسيمة تقلصًا بفعل الغضب :
-قوليلي إن الواد ده بيكدب.. لما قال إنك اتفقتي معاه على جواز متعة
انتــي.. انتـي إللي طلبتي منه كمان.. قوليلي إنه كداب يا بنت حسين و أنا هاصدقك
مش بس كده.. ده أنا هاجيب رقبته تحت رجلي كمان.. قــوووولي !!!
لكنها أبدًا لم تشفي بصدره بجوابٍ كان يتوق لسماعه و لو كذبًا ..
بل ابتسمت و لم تصل إلى عيناها و هي تقول ببرودٍ :
-لأ مش كداب.. كل إللي قاله وليد صح منغير ما أسمعه
و أنا بصراحة مش فاهمة سبب حمئتك ده شيء أصلًا مايخصكش
بس اللوم مش عليك.. أبويا إللي مولّيك أمور مش من حقك آ آااااااااااااااه ..
بترت عبارتها متأوّهة.. حين امتدت قبضته و كمشت ذراعها العاري.. كاد يدميها فعليًا و هو يمسك بها هكذا هادرًا بعنفٍ :
-انتي عارفة انتي إيه ؟
انتي ×××××××.. واحدة زيك إستحالة تعيش حياة طبيعية بعد إللي عملتيه
مين راااجل يقبل على نفسه يشيّل وحدة زيك اسمه و يخلّف منها ولاده ؟
ميـــــن ؟؟؟؟
رفعت يديها و دفعته بكل ما أوتيت من قوة عبثًا.. لكنه أفلتها فجأةً بارادته.. بينما تصيح به :
-محـدش.. انت مين قالّك أصلًا إني باصة لجواز و ولاد ؟
أنا دفنت الأوهام دي من زمـااان أوي يا نبيل بيه.. مايا عزام إللي قدامك دي بقت واحدة ست.. ست و بس.. ماعندهاش قلب و لا مشاعر.. ف أي كلمة قولتها دلوقتي لا أثرت و لا هتأثر فيا.. لأني مابقتش حاسة بحاجة
عارف إيه إللي بقيت بحس بيه ؟
جسمي.. بحس بجسمي بس.
انتفخت فتحتيّ أنفه و هو ينفث عبرهما أنفاسه الملتهبة :
-لأ انتي بقيتي ×××× بس !!
ابتسمت من جديد و لم ترد عليه.. فأردف بخشونةٍ تنافس حرائق عينيه الزرقاوين :
-أبوكي عمل إيه عشان تحطّيه في الموقف ده قصاد نفسه ؟
أنا مش عارف أعمل إيه !
أروح أقوله إيه ؟ .. أروح أقوله بنتك تبقى ..
و أطبق فمه عاجزًا عن نطقها.. فحثته هي ملوّحة بذراعيها الناصعين :
-كمل.. كمل ماتتكسفش
إذا كنت أنا مش مكسوفة.. أنا ممكن أعفيك من الحرج ده يا نبيل بيه.. أنا إللي هقول لبابا
هقوله إن هي دي بقت حياتي.. إني لا يمكن أفكر في جواز و استقرار.. أنا بفكر في حاجة واحدة بس.. متعتي في الدنيا دي.. أنا باخد متعتي في أي وقت و بأي طريقة يا نبيل
وليد كان مجرد بداية.. أنا بس إنشغلت في حياتي المنهيّة و ماكنتش فاضية لنفسي
لكن خلاص أنا جيت هنا.. دبي.. أرض المتعة الحقيقية.. و هلاقي كل يوم ألف فرصة و ألف صيد !
تكوّرت قبضته رغمًا عنه.. و كم أراد تسديد لكمةً لأيّ شخص.. لأيّ شيء.. عداها ..
يا للتناقض.. كيف يراها ؟
ما هي نظرته عنها في هذه اللحظة ؟
أهي عاهرة ؟ .. أم مجرد فتاة طائشة ؟
و لكنها ليست بفتاة.. بحق الله.. إنها امرأة بالغة.. راشدة.. تدرك ماهية أفعالها جيدًا ..
من عذرٍ لها.. من عذرٍ على الإطلاق ..
رغم كل هذا.. و رغم كل ما سمعه من فاها.. تقدّم ناحيتها ببطءٍ قائلًا بهدوء لا يشي بأيّ مشاعر حقيقية يطمرها صدره :
-طالما ده هدفك الأساسي.. و مافيش حاجة غير المتعة تهمك
يبقى ليه مانتفقش يا مايا ؟ ما أنا في الآخر راجل بردو.. و راجل عازب
و المتعة مهمة في حياتي.. مهمة جدًا.
ظلّت ثابتة بمكانها.. بينما يقف و هو يكاد يلامس جسدها بجسده.. نظراتيهما معلّقة ببعض.. أنفها الدقيق مقابل ذقنه العريض ..
تشعر بتردد أنفاسه الدافئة و هو يهمس لها بخطورة و تلك النظرة الواعدة و المتوّعدة في آنٍ تطلّ من عيناه :
-مش محتاجة تدوري على صيد يا مايا.. أنا هنا قدامك
بعرض عليكي علاقة معايا.. و بشروطك كمان
و أوعدك.. هاعيّشك أيام عمرك ما حلمتي بيها.. و هاعلّمك.. يعني إيه متعة بجد !

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كرسي لا يتسع لسلطانك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى