روايات

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم غريب

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم غريب

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الجزء الرابع والعشرون

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك البارت الرابع والعشرون

كرسي لا يتسع لسلطانك
كرسي لا يتسع لسلطانك

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الحلقة الرابعة والعشرون

قبل خمس سنوات …
في الصباح.. تفيق “شمس البحيري” في سرير “رامز الأمير” ..
تشعر بالغرابة لوهلةٍ.. ثم سرعان ما تملأ ابتسامةً خجلة وجهها الناعس.. تغمرها الغبطة و هي تتمطى بالفراش الواسع منتبهة لخلوّه من الجهة الأخرى ..
أين هو “رامز” ؟
لقد برّ بوعده لها و جعلها تبات هنا في سريره.. بين أحضانه.. و ليت هذا فحسب !
تخضّبت وجنتا “شمس” و هي تتذكر أحداث الليلة الماضية.. ابتدآها بتناول عشاءً بسيطًا من صنع يديّ “رامز”.. و بعده أخذا قدحين من القهوة بالخارج في الهواء الطلق.. أمام الحطب المشتعل.. و إلى جوارهما كلب الحراسة الأشرس على الإطلاق من سلالة الـ”بيتبول ترير” ..
ذعرت “شمس” كثيرًا عندما تأهب الكلب الوحشي لمهاجمتها.. إلا إن “رامز” سيطر عليه في الحال بكلمةٍ واحدة.. و أمره بصرامة أن يتودد إلى “شمس” و أن يلتزم الأدب تمامًا معها ..
و كم بدا الكلب مطيعًا لسيده.. على الرغم من خوف “شمس” الكبير منه.. لكنها استجابت لتوجيهات “رامز” و شيئًا فشيء تلاشى خوفها.. بمجرد أن تعرّف الكلب على رائحتها و رآها تتوّسد أحضان سيده لم يعد يعتبرها غريبةً.. بل و رقد عند قدميها ما إن فرغ من إلتهام وجبة عشاؤه ..
-قلت لك سلطان هايحبك ! .. تمتم “رامز” بجوار أذنها
ابتسمت “شمس” متنعّمة بدفء جسده الذي يحاوطها باحكامٍ.. رفعت رأسها عن صدره قليلًا لتنظر إليه قائلة :
-انت مصمم تبهرني كل شوية.. إيه أخرة العالم بتاعك يا رامز ؟
إلتمع ألق عينيه الزرقاوين و هو ينظر إلى محيّاها النضر.. المتوّهج بفعل الألفة الحميمية التي تربطهما معًا في هذه اللحظات …
-انتي لسا ماشوفتيش حاجة !
و قام ساحبًا إيّاها من يدها :
-تعالي.
سارت معه ملتزمة الصمت.. حتى وصلا إلى الجناح الرئيسي ..
لم تمانع عندما شدّها من وسطها ليقبّلها.. و لم تمانع عندما شعرت بيداه تتحسسانها بجرأة بينما يغمغم من بين قبلاته الشغوفة :
-كنت بدوّر عليكي طول حياتي.. طول حياتي التافهة السخيفة
انتي كل حياتي دلوقتي يا شمس ..
صوته أجش و متهدّج.. ينسجم ثغراهما معًا بتناغمٍ أكبر بمجرد أن تغادر الكلمات شفتيه.. يقبّلها بقوة و حرارة جعلتها تفقد السيطرة تمامًا على نفسها.. فلا تعود متماسكة البتّة ..
لو لا أن هناك قبسٌ من التعقّل صدح برأسها عندما أخذها إلى السرير و قد شرع بتعريتها ..
أوقفت يده التي أمسكت بتلابيب ثوبها ليزيله عن كتفيها و هتفت بتوترٍ :
-راامـز !!
يجعّد “رامز” حاجبيه.. فيبدو في قمّة الجاذبية و هو يقول باقتضابٍ :
-انتي مراتي.
شمس باضطرابٍ : بس انت وعدتني.. مافيش دخلة دلوقتي !!
-و قلت لك انا عند وعدي.. انتي لسا مش واثقة فيا يا شمس ؟
ترنو إليه عاجزةً.. بينما يمسّد كتفها العاري براحة يده و هو يحدق في فمها الذي حمل آثار قبلاته ..
جفناه يتثاقلا و صوته يميل إلى الهمس الآن و هو يتابع :
-انتي بقيتي مراتي.. و عشان تصدقي إللي حصل إنهاردة.. لازم تسيبيني أعمل كده.
-هـ.ـاتعمـ.ـل إيـ.ـه !؟
بالكاد سألته ..
لا يرد عليها فورًا.. إنما يميل و يقبّلها برقة متناهية مدروسة للحظاتٍ.. ثم يتراجع بمجرد أن يشعر بذوابانها ..
ينظر إلى عينيها الغائمتان متمتمًا برومانسية مثيرة :
-زي ما انا حافظ ملامحك.. صوتك.. ريحتك.. عايز أحفظ كل شِبر في جسمك
عايزك تصدقي إنك بقيتي ملكي فعلًا يا شمس !
تضعف مقاومتها كلّما أقنعها بحجة أقواله.. و تنهار كليًا و هي تحس بلمساته و هو يمررها أسفل ظهرها منتزعًا معها ثوبها.. ثم بتهوادٍ على ردفها.. ثم أعلى فخذها انتهاءً إلى ساقها ..
تقشعر و تنتفض تحت ملامساته الخبيرة.. و توقن الآن بأنها أبدًا لن تقف بوجه رغباته.. ستكون مقاومتها صفرًا.. و ليس في يديها إلا أن تضع ثقتها به كما أخبرها ..
هذه الليلة سوف تمضي وفق قوانينه هو.. هو القائد الليلة.. و هي في أدنى درجات استسلامها …
صحت “شمس” من الذكرى بأطنانٍ من الخجل فوق خجلها.. لقد وعدها بألا يقترب من عذريتها.. و قد صدق.. لكنها تشعر و كأنه فعل.. لأنه فعليًا امتكلها.. عاطفيًا و جسديًا.. و استطاع أن يعرّف جسمها إلى مكانه الصحيح ..
باتت “شمس البحيري” بين أحضان “رامز الأمير” أمس و هي واثقة و مصدقة من حقيقة إنتمائها إليه.. إلى زوجها و حبيبها الذي اختارته بمحض ارادتها !
قامت “شمس” من السرير الفوضوي لافة جسمها بالملاءة.. أخذت تتلفت حولها مجيلة بصرها عبر الغرفة الشاسعة.. لم تجد أيّ علامة تدل على وجوده ..
لكنها رأت ملابسهما منتثرة فوق الأرض حول السرير.. و الفوتيه الملاصق لعارضة السرير حمل حقيبتها القماشية التي تركتها بسيارته ذات يومٍ بعد العودة من إحدى السفرات القصيرة معه ..
ها قد أحضرها إليها.. و تركها أمام عينيها لتراها ما إن تفيق ..
ابتسمت “شمس” و هي تخطو نحوها.. تأخذها و تتوّجه مباشرةً صوب قاعة الحمام المترفة ..
أخذت حمامًا سريعًا ممتنة لتجهيز “رامز” حمامه بكافة المستلزمات التي تفضلها.. بل كانت سعيدة للغاية و هي تستخدم الأغراض الجديدة مدركة بأنه لطالما كان يسألها عن أدق تفاصيلها.. أكلاتها المفضلة.. عطرها المفضل.. حتى صابون استحمامها و نوع فرشاة الأسنان ..
كانت تستغرب كل هذه الأسئلة في البادئ.. لكنها لا تستطيع إلا أن تبتسم الآن.. لقد كان يجمع لها كل هذا لتجده هنا.. حتى لا يعوزها أيّ شيء و هي معه ..
خرجت “شمس” من الحمام بعد أن صففت شعرها و ارتدت سروالًا قصيرًا من الجينز بالكاد يغطي منتصف فخذيها.. تعلوه بلوزة ورديّة بلا أكمام مطرّزة بالورود الصغيرة ..
علّقت في عنقها قلادتها الذهبية التي لا تخلعها ابدًا.. إذ كانت هدية من أبيها حملت أول حرفٍ من أسمها مظللًا بنصف قرص الشمس المرصّع بحبيباتٍ دقيقة من الألماس ..
حدّدت عينيها الواسعتين بكحلٍ أزرق.. و مشّطت رموشها الكثيفة بمسكارا داكنة.. لوّنت شفتاها بملمّعٍ كرزيّ.. و القليل من الحمرة الفاتحة على وجنتيها.. ثم وضعت الكثير من كريم الجسم الفوّاح و المعطر المرفق معه “Mad About You” من مجموعة “Bath&Body Works” ..
علّقت خلخالًا بقدمها اليسرى بدلّايات على شكل ثمار الفليفلة الحمراء.. و انتعلت حذاءً مكشوف أبرز أناقة قدماها و طلاء الأظافر الأحمر الذي لائم لون بشرتها البرونزية تمامًا ..
و الآن صارت جاهزة لملاقاته.. تنطلق إلى الخارج و كأنها تطير بخفة الفراشات.. تشعر حقًا كما لو أنها عروس و قد بدأت شهر العسل ..
أين هو “رامز” ؟
بحثت عنه داخل البيت في كل مكان.. لكنها لم تجده ..
فخرجت لتجد “سلطان” رابضًا أمام باب البيت يحرسه كأنه يعلم بأنها بالداخل و هو الموكل بحراستها.. قفز الكلب منتبهًا ما أن رآى “شمس”.. لهث و هو يعوي بلطفٍ مهرولًا إليها ..
ضحكت “شمس” و هي تتلقّى محبته برحابةٍ.. و لا تتذمر من لعقه ساقيها و رسغيها :
-أوكي أوكي.. عرفت دي صباح الخير بتاعتك
صباح النور يا سلطان ..
عوى الكلب بذكاءٍ ردًا على جملتها.. ابتعدت عنه خطوة و انحنت صوبه قليلُا رابتة على رأسه و هي تقول مقلّدة توجيهات “رامز” التي تعلّمتها منه البارحة :
-Sit.. أيوة برافو.. Good Boy سلطان.. يلا قولّي بقى.. فين رامز ؟
عوى الكلب من جديد مشرأبًا بعنقه الغليظ إلى نقطةٍ ما خلفها.. أدارت “شمس” رأسها لترى إلى أين يشير لها.. لكنها لم تحدد بدقة ..
فعاودت النظر إليها قائلة :
-تعالى معايا.. وديني عند رامز !
بمجرد أن استدارت “شمس” ماشية خطوتين للأمام.. حتى سبقها “سلطان” راكضًا حول البيت.. تبعته إلى أن اصطحبها عند اصطبل الخيل.. و هناك فعلًا وجدت “رامز الأمير” ..
كان يقف أمام كشك معيّن.. يعتني بفرس عاجيّ اللون يتلألأ شعره المشذّب تحت أشعة الشمس.. كما يتلألأ شعر صاحبه الشقر بالضبط ..
أقبلت “شمس” نحو “رامز” مفتونة بهالته الفريدة.. لقد بدّل ثيابه إلى نقيض ما كان يرتديه البارحة تمامًا.. فكان يرتدي سروالًا قطنيًا أسود اللون.. و كنزة بيضاء ضيّقة بحمّالاتٍ عريضة.. و كانت قلائده الذهبية تحاوط عنقه القوي مبرزة صلابته و جاذبيته ..
تنبّه “رامز” لحضورها ما إن سمع عواء كلبه.. إلتفت و ابتسم فور ان رآها مقبلةً عليه هكذا في كامل أناقتها.. كانت أجمل ما رأت عيناه مطلقًا.. و ندت عنه صافرة إعجابٍ أتبعها بقوله :
-ده كان إنذار كاذب بقى.. الشمس لسا طالعة حالًا !!
ضحكت “شمس” بمرحٍ و قد وصلت إليه.. رمت بنفسها بين ذراعيه في الحال مطوّقة عنقه.. ليحيط خصرها بساعديه قائلًا :
-إيه إللي قوّمك بدري ؟
الساعة لسا 8 !
أجابت “شمس” بنبرة خجل في صوتها :
-قلقت و ملاقيتكش جنبي.. ف قومت أدوّر عليك.. انت إيه إللي صحّاك بدري ؟
رد “رامز” مرتبًا لها خصيلات شعرها الملساء وراء أذنها :
-أنا علطول بصحى بدري يا روحي.. و خوفت أزعجك ف قلت لنفسي أما أطلع أشوف حرير عاملة إيه أصلها وحشتني.
تلاشت ابتسامة “شمس” كليًا و هي تعلّق باستنكار :
-نعم !؟
هي مين حرير دي إللي وحشتك بقى إن شاء الله ؟؟
ضحكة “رامز” بخفة و قال مشيرًا لها برأسه :
-حرير.. الفرسة بتاعتي.. أهيه.
ألقت “شمس” نظرةً نحوها.. و على الفور أدركت الفخ الذي وقعت فيه.. ها هي تجرب شعوره و تغار عليه.. حتى و لو كانت غيرتها من فرسة …
-و هي الفرسة أهم مني !؟ .. سألته محتدة
رامز بجدية : لأ طبعًا.. مافيش حاجة في الدنيا دي كلها أهم منك عندي
و إللي تؤمري بيه يحصل.. تحبي نرجع البيت ؟
خفّت حمائيتها قليلًا و هي تهز كتفاها بخفة.. ابتسم “رامز” و دنى مقبلًا وجنتها برقة.. ثم شفتاها بلطفٍ مطوّلًا.. و أسند جبينه إلى جبينها قائلًا بخفوت :
-كنت ناوي أرجع لك و أطلب الفطار بعدين أصحيكي أول ما يوصل.. انتي أكيد جوعتي صح ؟
رفرفت بأجفانها و ردت :
-لأ مش أوي.. أنا مش بفطر قبل الساعة 10 أصلًا ف لسا شوية.
-تمام على راحتك ! .. ثم سألها أو بالأحرى عرض عليها :
-طيب تحبي تتعرفي على حرير ؟
و لا نبدأ ببحر الأول ؟
و أشار إلى الكشك المجاور حيث يقبع فرسًا آخر من سلالةٍ أصيلة نادرة.. أسود اللون.. له عينان زرقاوان كعينيّ سيده.. و غرّة ملكية لامعة …
-لأ إنسى شكرًا.. أنا إستحالة أقرب منهم أصلًا.
هكذا رفضت “شمس” عرضه رفضًا قاطعًا.. ما أثار دهشته و دفعه لسؤالها فورًا :
-إيه سبب الرفض الكبير ده ؟
-مش بحبهم.. بخاف منهم.. بخاف من أي حاجة حجمها أكبر من حجمي يا رامز.
برقت ابتسامة لعوب على شفتيه و هو يسألها :
-يعنى على كده بتخافي مني يا شمّوسة ؟
ابتسمت “شمس” و هي تضربه في صدره بقبضتها معاتبة.. لم ترد.. فقال و هو يفتح الكشك الخاص بالفرس “بحر” :
-تعالي طيب.. هو بحر شكله له رهبة و عضلاته ممكن تخوّفك.. لكن هو مش شرس خالص.. بالعكس ده هادي و حنيّن أوي ..
-لأاااا ! .. صاحت “شمس” محاولة الفرار من قبضته
لكنه أحكم ساعده حول خصرها و شدّها أمامه لتواجه الفرس قائلًا :
-لأ إيه.. مافيش حاجة أسمها لأ
و انتي مش هاتخافي من أي حاجة طول ما انا معاكي انتي سامعة.. إلمسيه.. بقولك إلمسيه ..
انتفضت على إثر هتافه الحاد بها.. لكنها لم تذعن له و أحس برعشتها بين ذراعيه.. لكنه كان أكثر من مصممًا على قراره ..
دفعها صوب الفرس أكثر دون أن يبعدها عن أحضانه.. أمسك رسغها بالقوة و قرّب يدها من رأس الفرس.. بكت “شمس” ما إن مسّت يدها معطف الفرس الناعم و توسّلت بصوتٍ ضعيف :
-رامز بليز.. هايغم عليا !
رامز بإصرار : مش هايحصلك حاجة.. أنا هنا جنبك.. انتي لسا مش فاهمة ؟
أنا مستعد أفديكي بروحي يا شمس.. و مش ممكن أسمح لأي حاجة في الدنيا تئذيكي أو تقرب منك.
كلماته اخترقت كافة أدرعتها و هزمت خوفها بسهولة.. لتفعل الشيء الذي أراده دومًا.. سلّمته زمامها.. و تركته يحطّ بيدها كلها على رأس الفرس ..
نسيت “شمس” رهبتها.. و صدّقت فقط في “رامز” ..
أثنى “رامز” على شجاعتها الملموسة متمتمًا :
-برافو عليكي.. شوفتي ؟
ماحصلش حاجة.. و لا أي حاجة.. تعالي نجربه سوا بقى.. أنا بقالي مدة ماركبتش عليه.
اهتزت لوهلةٍ آبية.. لكنها إنساقت ورائه في الأخير ..
جهّز “رامز” فرسه و سحبه إلى الخارج.. مد يده إلى “شمس” التي عقدت ساعديها مكتسبة بعض الوقت قبل أن تستسلم لإرادته مجددًا ..
منحته يدها بتباطؤ.. فشدّها بلطفٍ نحوه و قبّلها على جبهتها يطمئنها.. ثم رفعها بسهولةٍ من خصرها لتعتلي صهوة الفرس ..
أخذ جسدها كله يرتجف كورقة في مهب الريح.. قبل أن يلحق “رامز” بها و يصعد ورائها.. تموضع جيدًا و مد ذراعيه للأمام ممسكًا بطرفيّ باللجام و محيطًا بها في آنٍ ..
ضمّها إليه بشدة هامسًا في أذنها بحميمية :
-أنا معاكي يا شمس.. حبيبك معاكي.. اوعي تخافي.. اوعي تخافي و انتي في حضني !
إن لكلماته دومًا مفعول السحر عليها.. أطمأن قلبها لهدهدته.. و احساسها بحرارة جسمه تلفها و تمنحها حمايةً كاملة ..
شعرت بالأمان التام.. و لم تخشى شيئًا بعد.. حتى حين شدّ اللجام و بدأ الفرس أن يستجيب لتوجيهات سيده.. عبرا ممر الاصطبل بتوأدة.. ما لبثت أن تحوّلت إلى هرولة عدّاءة ما إن لكز “رامز” خاصرة الفرس صائحًا :
-يلا يا بحر !
أطلق الفرس صهيلًا عاليًا.. و انطلق كالريح عابرًا حدود المزرعة ..
لم يكن انطلاقه مخيفًا.. بقدر ما كان شيئًا مثيرًا.. مبهرًا.. كما أخبرها “رامز” بالضبط.. مرافقة فرس تجربة لا مثيل لها ..
و ثقتها بأنها في حمايته.. آمنة بين ذراعيه.. جعلتها تستمتع بالتجربة و بكل لحظة منها ..
هذا هو عالم “رامز الأمير”.. هذا هو عالم حبيبها.. و قد أنبأها بأنها لم تراه كله بعد ..
فما الذي ينتظرها بمستقبلها معه يا ترى !؟
**
للمرة الثالثة يتعدّى عليها.. و قد كانت الأعنف.. الأقسى على الإطلاق ..
بها تمكن “صالح البحيري” من كتابة تاريخ نهاية علاقته بابنة عمه و زوجته.. لعلّه لا يعلم ذلك أو لا يصدقه.. لعلّه فقد عقله بسبب غيرته و حبّه لها ..
لكنه نجح تمامًا بدفعها لإقتلاعه من داخلها.. فبمجرد أن تخرج من هذه الغرفة.. لن يكون لـ”صالح البحيري” صفة بحياتها.. و لا حتى ابن عمها ..
كان وعي “صفيّة البحيري” يتأرجح بين اليقظة و الإغماء.. لا زالا معصميّها مقيّدان بعارضة السرير في الحزام الجلدي.. بينما جسدها يُنتهك من جديد على يديّ زوجها.. يُمارس عليه وحشيته و ساديته ..
أحسّت بأنها صارت وحيدة لبعض الوقت.. ما كان لشيء أن يشعرها بأيّ راحة الآن أكثر من ابتعاده عنها.. لكنه لم يمكث طويلًا بعيدًا عنها ..
ارتعدت فرائصها لدى عودته إليها.. و إنفتحا جفناها دفعةً واحدة.. نظرت إليه بتشوّش.. و فزعت لما رأت بيده أداة حادة.. مقصّ معدني كبير …
-أنا عاهدتك ! .. قالها “صالح” بصوتٍ كالفحيح ممسكًا بأطرف شعرها البُندقي الجميل :
-مش هاسيبك إلا بعد ما أطفي فيكي كل حاجة ميّزتك في عيني.. أنا حبيت كل حاجة فيكي.. و شعرك.. شعرك كان من أكتر الحاجات إللي حبيتها يا صافي ..
لقد استنفزت كل طاقتها و جهدها بالفعل.. لكنها ذعرت من المعنى الجلي وراء كلماته المقبضة.. لتتلاحق أنفاسها بعنفٍ و هي تقول بصعوبة بصوتٍ بالكاد يُسمع :
-لأ.. لأ يا صالح.. كفاية إللي عملته فيا
و الله ما هسامحك.. مهما عملت مش هسامحك !!
إلتوى ثغره بابتسامةٍ قاسية و قال :
-مابقتش فارقة.. مش انتي عايزة تطلّقي ؟
خلاص.. الطلاق له تمن.. و تمنه ده يا صافي !!!
و اجتذب خصيلات شعرها بقبضةٍ عنيفة.. في نفس اللحظة التي دوى فيها صراخها أشدّ من المرات السابقة.. كان ينهال عليه قصًا عشوائيًا أبيًا أن يتركه إلا خربًا لا يصلح لوجه امرأة جميلة مثلها ..
**
المتلاعب ..
هل يمضي معه الأمر على هذا النمط ؟
يأخذ منها مآربه ثم يتركها.. و يعاود الكرّة و يتركها !!
إلى أين ذهب الآن ؟
هذه المرة لن تمررها له.. و ستتعلم كيف إنها لن تضعف أمامه و لن تسلّمه نفسها مرةً أخرى عن طيب خاطرٍ ..
أين هو ؟
تساءلت “سمر حفظي” في نفسها مجددًا و هي تحكم وضع الحجاب فوق رأسها.. وتحققت للمرة الأخيرة من مظهرها أمام المرآة.. كانت أنيقة للغاية و قد ارتدت فستان من الكتّان الأرجواني كان “عثمان” قد أقتناه من أجلها منذ بضعة أيامٍ.. و لتثير أعصابه تعمدت ملأ شفاهها المكتنزة بطلاء أحمر فاقع.. اللون الذي نهاها عن الظهور به أمام أحدٍ غيره هو ..
ابتسمت لانعكاسها بتفاخر و مضت إلى خارج الغرفة و هي تفكر بردة فعله فور أن يراها هكذا.. و حبذا لو إنه ليس وحيدًا.. كما تعلم فإن ابن عمه هنا ..
لترى ماذا سيفعل إن نجحت خطتها و  لم يكن بمفرده عندما تعثر عليه ..
مرّت “سمر” بالطابق المنفرد.. لم تأخذ المصعد و فضّلت أخذ الدرج.. استوقفها صراخًا حاد انتفضت على إثره ..
كان صراخ أنثوي.. انبعث من الطابق الثاني.. من جهة اليمين تحديدًا ..
إنه جناح عمّة ولديّها.. “صفيّة البحيري” ..
تسمّرت “سمر” بمكانها و اضطربت بشدة حين اشتد الصراخ أكثر.. وقفت عاجزة عن فعل أيّ شيء.. لا تدري كيف تتصرّف.. الصراخ قوي جدًا و مفزع جدًا ..
ما الذي يتعيّن عليها فعله !؟؟
إنها حتى لا تتذكر “صفيّة”.. و ليس لها أيّ حق لتقحم نفسها بخصوصيات الغير هنا ..
ماذا تفعل إذن !!؟؟
-أنا عايزة مااااامــي.. أنا عايـزة مااااامــي ..
استرعى عويل طفولي انتباه “سمر”.. و صوّبت ناظريها نحو مصدره.. فإذا بها ترى الطفلة “ديالا”.. تحاول الإفلات من قبضة مربيتها الآسيوية عبثًا.. و قد كانت منهارة من شدة البكاء ..
هرولت “سمر” ناحيتها في الحال و أمسكت بيدها مبعدة إيّاها عن مربيتها قائلة :
-إيه في إيه ؟
ديالا حبيبتي.. إيه يا قلبي بتعيطي ليه ؟
حد عمل لك حاجة ؟
تطلّعت الصغيرة لها بعيناها الجميلتان دون أن تكفّ عن ذرف الدموع و جاوبتها من بين بكائها :
-أنا عايزة مامي.. عايزة أروح لمامي ..
تحدّثت “سمر” إلى المربية بالانجليزية.. و عرفت منها بأن أوامر السيد “صالح البحيري” تلزمها بإبقاء الصغيرة معها حتى يأذن لها بإحضارها إليه لاحقًا ..
لوت “سمر” شفتيها بتبرمٍ و تأكد حدسها بأن خطبًا ما يحدث مع الأبوين.. و يبدو بأنه خطبًا جلل.. خطير !
سحبت “سمر” نفسًا عميقًا و دنت صوب الصغيرة.. مسحت على شعرها العسلي الناعم بحنوٍ قائلة :
-ديالا.. أنا هاوديكي بنفسي عند مامي.. بس الأول هاعمل حاجة صغيرة
لحد ما أخلص الحاجة دي دادة جيانا هاتاخدك لأوضة فريدة.. أقعدي ألعبي معاها شوية بس.. و أنا بنفسي هاجي أخدك لمامي وعد.. أوكي يا حبيبتي ؟
أومات لها الصغيرة مطيعة كلمتها.. و أمرت “سمر” المربية بأخذها إلى غرفة الصغيرة “فريدة” ..
و بقيت وحدها ثانيةً.. وقفت بمنتصف الردهة حائرة.. لا يزال بإمكانها سماع صوت الصراخ ..
اضطربت من جديد و تلقائيًا دسّت يدها بجيب الفستان مستلّة هاتفها الخلوي.. بحثت سريعًا عن رقم زوجها و تأهبت لطلبه ..
لكنها توقفت فجأة ..
داهمها شعور بأنها لا يتوّجب أن تطلبه هو.. ما العمل إذن !؟
**
-انت أكيد تعبان من السفر.. ماكنش لازم أخرجك معايا و أتعبك زيادة !
استخف “مراد” بحساسية صديقه المفاجئة رادًا عليه فورًا :
-آه تصدق.. كنت لسا هاعلّق محاليل
ما تبطل خيابة ياض.. انا لو كنت اعرف إللي بتمر بيه كان زماني عندك من بدري.
جاء النادل في هذه اللحظة ليضع فنجانين من القهوة أمام كليهما.. ثم انصرف ..
هبّت نسماتٍ منعشة حاملة عبير البحر المُسكِر.. ما بعث “عثمان البحيري” على شيئًا من الاسترخاء.. كان ممتنًا لوجود صديقه المقرّب الآن.. و صحبته إلى هذا المكان المفتوح حيث الهواء المنعش و الشمس المشارفة على الغروب ..
رشف “عثمان” أول رشفة من فنجانه.. بينما يستطرد “مراد” بهدوء :
-أنا مش عايزك تقلق أوي على فريال هانم.. صدقني هاتبقى كويسة.. بس لازم تديها وقتها.. مش هاينفع خالص تروح لها إنهاردة.. سيبها تهدا يا عثمان عشان تقدر تواجهها.
وافقه “عثمان” بالصمت.. و صرف بصره تجاه البحر الممتد بلا نهاية ..
عبث الهواء الشديد بشعره الكستنائي و ضيّق عينيه غريزيًا ليقيهما دفقات الرياح ..
و لوهلةٍ تردد “مراد” قبل أن يطرح كلماته التالية.. لكنه ألقاها بغتةً :
-على فكرة أنا عارفها.. و شوفتها مع أبوك كتير !
ينظر إليه “عثمان” في هذه اللحظة و يسأله بجمودٍ :
-شوفت مين ؟
صارحه “مراد” على الفور :
-رحمة الطوبجي.. لما كنا في لندن زمان قبل ما أنزل لوحدي و أستقر هنا شوية
كنت بشوف أبوك ساعات لوحدي و ساعات مع أهلي.. و رحمة كانت بتبقى معاه.. في الشارع.. في المول.. في المطاعم الكبيرة.. و لما عرفها علينا أول مرة قال إنها مديرة أعماله في لندن.. بس أنا عمري ما تخيّلت إنها تكون مراته.. عمري ما كنت أصدق.. لأني كنت شايف و عارف حجم الحب إللي كان بين أنكل يحيى و فريال هانم.. بصراحة أنا مصدوم جدًا.
ارتسم تعبيرًا مريرًا على وجه “عثمان” و قال :
-أنا بعيش إحساس أكبر من الصدمة بتاعتك دي يا مراد.. من يوم ما عرفت
من يوم ما شفت شمس !
-صحيح.. لازم تهدى و تستحملني و تخلّيني أقدر اتفاهم معاك
انت ليه معترض على علاقة رامز و أختك شمس ؟
بالعقل كده.. ممكن تفهمني ؟؟
زفر “عثمان” بضيق شديد.. لكنه تجلّد بالصبر أكثر.. نظر صامتًا إلى صديقه لبضع لحظاتٍ.. ثم مضى قائلًا بصوتٍ هادئ للغاية :
-أنا و انت و رامز صحاب من زمان أوي.. عملنا كل حاجة تقريبًا مع بعض
أول سجارة.. أول كاس.. حتى أول مرة في علاقة مع واحدة كنا سوا ..
بتر “عثمان” عبارته.. حين افلتت ضحكة صغيرة من فاه “مراد” تعقيبًا مطبنًا على افتراضات صديقه الخاطئة بشأنه ..
أعتذر “مراد” مسرعًا و حثّه على تكملة كلامه.. فتخطّى “عثمان” الأمر و تابع :
-المهم.. رامز الأمير.. بصرف النظر عن الصياعة و السفالة إللي كنا فيها سوا
و كل أسراره إللي أنا بس عارفها.. كنت ممكن أوافق بيه.. لو كان جالي و طلب أختي بالأصول.. لكن رامز عرف إنها أختي.. و مع كده كمل و داس في سكته الشمال.. عرف إن شمس البحيري أخت عثمان البحيري.. و صمم يلعب بشرفي.. شرف صاحبه.. انت عرفت انه مضّاها على عقد عرفي ؟
جللت صدمة أخرى وجه “مراد” و رد على الفور :
-لأ صدقني.. لما كلمني ماقالش إنه عامل حاجة زي كده !!
ابتسم “عثمان” بتهكمٍ و قال :
-طبعًا مش هايقولك.. هايقول بس إللي على هواه.
أخذ “مراد” وقتًا ليستوعب ما سمعه.. و نظر ثانيةً إلى صديقه قائلًا بشيء من التردد :
-بس معلش يا عثمان سامحني في كلامي.. ما انت عملتها من قبله
انت اتجوزت سمر مراتك في الأول عرفي و حملت في ابنك قبل ما تكتب عليها رسمي.. ليه شايف رامز عمل جريمة كبيرة يعني ؟
-عشـان رامـز صـاحبــي !!! .. هدر “عثمان” بعنفٍ استقطب نحوه أنظار روّاد المكان
تلفت “مراد” حوله بحرجٍ و إلتزم الصمت.. ليكمل “عثمان” بخشونة :
-إللي أنا عملته مع سمر مايتقارنش أبدًا بعملة رامز معايا و مع أختي.. و إياك انت أو هو تلعبوا معايا بالكارت ده.. زي ما خسرته هاخسرك انت كمان يا مراد !!
تراجع “مراد” في الحال عن موقفه الدفاعي و هو يقول بلطفٍ جمّ :
-أنا مقصدش و لا يجي في بالي ألعب عليك انت بالذات أي لعبة يا عثمان.. انت مش صاحبي انت أخويا.. و قبل ما أتكلم قلت لك استحملني و احنا بنتفاهم
لكن خلاص.. اعتبرني ماقولتش حاجة.. أي كلام ممكن يضايقك مش هاقوله تاني.
يسكت الغضب عن “عثمان” تدريجيًا.. و يسترخى في مقعده من جديد مشعلًا سيجارة لينفس قليلًا عن عصبيته ..
تريّث “مراد” حتى استشف اللحظة المناسبة لينهي هذا الحديث قائلًا :
-بس واجبي أقولك حاجة أخيرة.. حرّص من رامز الأمير
عشان زي ما انت عارفه انا كمان عارف إنه مش هايسكت.. صوته و هو بيكلمني كان صوت راجل محروق على واحدة بيحبها.. و انت عارف يا عثمان الراجل ممكن يعمل إيه عشان الواحدة إللي بيحبها !
علا رد “عثمان” صارمًا يزخر بالوعيد :
-أنا عايزه يجيب آخره.. عشان في دي فعلًا هاتكون نهايته
و على إيدي !!!
**
لم تتوّرع “سمر” عن قرع باب الجناح بكل ما أوتيت من قوة ..
حتى عندما كفّ الصراخ لم تتراجع.. و أصرت أكثر على التدخل و السير وراء مشاعرها التي حتّمت عليها الخوض في غمار هذا الشأن …
إنفتح باب الغرفة فجأة.. ليظهر “صالح البحيري” من ورائه متآزرًا بروبًا منزلي.. بدت عليه علائم الغضب الشديد و هو يهتف بوجه “سمر” :
-نعـم !!
أنا مش فاهم إيه الإلحاح ده ؟
محدش قالّك إن ده اسمه إزعاج.. عاوزة إيه يا سمر ؟؟
لم تهتز شعرة من “سمر” و هي تقف قبالته بثباتٍ قائلة :
-أنا جاية عايزة أشوف صافي.. بقالي مدة ماشوفتهاش و سمعت إنها وصلت.
صالح بحدة : صافي مش فاضية لك.. و لو سمحتي الحركة دي ماتتكررش تاني
احنا مش عايشين في حارة.. انتي هنا قصر البحيري.
كانت “سمر” لترد عليه فورًا ردًا يليق بعنجهيته المستفزة.. إلا إن صوتًا آخر أصرف تفكيرها عن ذلك تمامًا …
-سمر !
كان هذا الصوت لـ”صفيّة”.. يناديها هي بالذات.. فمدت “سمر” عنقها جانبًا متمتة :
-صافي دي إللي بتنادي عليا ..
امتدت ذراع “صالح البحيري” تعترض طريق “سمر” لأيّ محاولة للدخول أو حتى استراق مجرد النظر ..
نظرت “سمر” إليه بقوة و قالت بخفوتٍ مُهدد :
-ممكن توّسع من طريقي !؟
رد عليها “صالح” بتحذيرٍ ضمني :
-لأخر مرة بقولك بالذوق.. امشي !
-إلحقيني يا سمر !!
للمرة الثانية صوت “صفيّة” بات أوضح و استغاثتها لا يخطئها السمع ..
ازدادت “سمر” اصرارًا على إصرارها و خاطبته بغلظة واثقة :
-أسمع يابن الذوات.. أنا متربية و عارفة حدود أدبي كويس.. بس فعلًا أنا اتولدت و عشت في حارة.. عايز تقلّ من نفسك اجبرني أقلب على الوش التاني و أوريك لايف تربية الحواري إللي جوايا.. و كمان جرّب توجه لي كلمة تانية ماتعجبنيش
ماتنساش أنا مين.. أنا سمر حفظي.. أنا مرات عثمان البحيري !
جمد “صالح البحيري” من شدة الغضب.. فأضافت “سمر” ملوّحة بهاتفها أمام عينيه المتقدتين :
-هاتوعى من وشي.. و لا أكلمهلك يجي يشوف إيه إللي بيحصل بنفسه ؟
لدقيقة كاملة.. لم يتزحزح “صالح” من مكانه.. لكنه فعل في الأخير.. و تنحى جانبًا تاركًا إيّاه تلج ..
و هو ما لم تتردد عليه لحظةً ..
لكنها لم تستطع منع تلك الشهقة الفزعة التي تجاوزت حنجرتها.. ما إن دخلت و رأت هذا المشهد المروّع أمامها ..
شقيقة زوجها.. عمّة ولديّها.. ترقد نصف عارية و مكبّلة اليدين في السرير.. و شعرها كله قد تناثر من حولها و كأن أحدهم أزاله بأبشع الطرق …
**
يعد يومان ..
صبيحة زفـاف “مايا عزام” ! ……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كرسي لا يتسع لسلطانك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى