روايات

رواية كبرياء صعيدي الفصل الرابع 4 بقلم نور زيزو

رواية كبرياء صعيدي الفصل الرابع 4 بقلم نور زيزو

رواية كبرياء صعيدي الجزء الرابع

رواية كبرياء صعيدي البارت الرابع

كبرياء صعيدي
كبرياء صعيدي

رواية كبرياء صعيدي الحلقة الرابعة

” امرأة كالقش ورجلًا كالسيف”
أجتمع رجال العائلة أمام سرير الطوارئ ينتظروا إلى الطبيب الذي يعالج حرج يدها وبجوارها “حنة” نظر “فؤاد” إلى والده “عبدالحكيم” هذا العجوز وقال بهمس:-
-وبعدين يا حج البت دى شكلها مش هتجبها لبرا وهتروح مننا
حدق “عبدالحكيم” فى وجهها الملاكي وما زال لا يستوعب ما حدث وكيف بليلة زفافها تمزق شرايينها مُتمنية الموت، شعر بوخزة فى قلبه كأنه يفقد ابنه مرة أخرى فتذكر كل لحظة مرت عليه هو وزوجته فى عناء من فقد “ضياء” وشوقهما له ، أنهي الطبيب ما يفعله فأقترب “نصر” منها ينظر إلى وجهها فقالت “حنة” بصوت جاد رغم بكاءها من الخوف على طفلتها:-
-متستوقاش عليها دى بنت ضعيفة، ربنا مقالش تستقوي عليها دا قال رفقًا بالقوارير ، ارحم ضعفها ومتذلهاش بها
تحدث “نصر” بضيق مما حدث وقال:-
-أنا رايح ادفع الحساب عشان نمشي
غادر من امامهما وشعر بوخرة فى عقله وقلبه فرغم احتياجه للمرأة وترحيبه بوجود مرأة فى حياته ألا أن كلهن يخشاه، تذكر حديثه مع “عيسي” الذي رفضته نساء البلد كلهن بسبب قوته وللحظة شعر بأنه مثله فى قناع أخر، هو أيضا خسر زوجته الأولى والآن “عطر” تأبي وجوده، دفع تكاليف المستشفي ثم عاد إليهما ليراها تفتح عينيها بتعب وتشهق بصعوبة، نظرت “عطر” حولها فى صمت ولم تصدق أنها أخترت الموت لكنه لم يختارها، تحدث “فؤاد” بنبرة لطيفة قائلًا:-
-حمدالله على سلامتك يا عطر، أكدة يا بتى تفزعينا عليكي
لم تجيب عليه، بل نظرت إلى “حنة” بصعوبة وقالت:-
-روحيني يا حنة
أعتدلت فى جلستها ليأخذ “نصر” يدها لكنها سحبت يدها منه بقوة وقالت:-
-أسندينى يا حنة
نظرت “حنة” إلى “نصر” الذي أستشاط غضبًا مما حدث وأحراجها له أمام الجميع، أخذتها “حنة” إلى السيارة الخاصة بـ “نصر” وصعد “عبدالحكيم” مع “فؤاد” فى سيارته فى الخلف، أنطلق “نصر” بسيارته أولًا فى المقدمة وكانت “حنة” فى الخلف تضمها بين ذراعيها وسمعوا اذان الفجر ليوقف “نصر” السيارة وقال:-
-تعالي أجعدي أهنا
نظرت “حنة” إليه بهدوء وصمت لم تلفظ بكلمة واحدة، وعبرت سيارة “عبدالحكيم” سيارته لتكون بالمقدمة عوضًا عنه، غضب “نصر” من صمتها أكثر وصرخ بها قائلًا:-
-جولتلك تعالي أترزعي جاري أنا مش سواجك جابهولك أبوكي……
قاطعه صوت أنقلاب شيء فصرخت “حنة” وعطر” من الفزع ونظروا للأمام ليروا سيارة نقل أصطدمت بسيارة “عبدالحكيم” ، بلا بالأحري دهستها بعد أن أنقلبت لمرات متتالية وأصبحت كالخردة ،صرخ “نصر” بذعر وترجل من سيارته بأنهيار وصدمة ألجمته وهكذا “عطر” الذي لم تتحمل المنظر الذي تراه، هربت سيارة النقل الضخمة بعد فعلتها، حاول “نصر” فتح الباب بصراخ وغضب وهو يقول:-
-جدي … عمي فؤاد …. عمي
كسر الزجاج بيده وفتح الباب من الداخل ليسحب “عبدالحكيم” أولًا بعيدًا وقبل أن يتركه أنفجرت السيارة بـ “فؤاد ” مما أسقط جسد “نصر” من قوة الأنفجار، نظرت “حنة” إليه وضمت “عطر” المرتجفة من الخوف ولم تتخيل ما حدث وأن “فؤاد” داخل هذه النيران….
وصل الخبر بسرعة البرق إلى البلد بأكملها فجاء “عيسي” مُتلهفًا على والده وجده، رأي “نصر” على الأرض بجوار جثة والده “فؤاد” المتفحمة ويضع يديه على رأسه بصدمة والدماء جفت على يده من الجرح ، جاء “خالد” بعده ونقل الجثث إلى المستشفي وكان “عبدالحكيم” فى حالة حرجة بعد أجراء جراحتين فى القلب دخل للعناية المركزة، كانت “عطر” مع “حنة” تشاهد أنهيار وأنكسار الجميع ورغم صدمة “نصر” وبكاء “خالد” على ما حدث ألا أن “عيسي” كان صامدًا كالجبل وكأنه لم يتلقي خبر وفأة والده للتو ، تعجبت “حنة” من بكاء “عطر” على هؤلاء فقالت بهمس:-
-أنتِ زعلانة عليهم
تمتمت “حنة” بخفوت ونبرة خافتة:-
-كنت بقول هيبقالي أهل أتسند عليهم يا حنة
أقترب “عيسي” من أحد رجاله ومساعديه الأقرب وقال بخفوت :-
-منصور … خدهم روحهم
نظر “منصور” إلي “حنة” و”عطر” وأومأ إليه بنعم، وقف “نصر” من مكانه بأغتياظ وانفعال ثم قال:-
-مالكش صالح مرتي أنا هروحها
رمقه “عيسي” من الرأس لأخمص القدم بأشمئزاز وقال:-
-هتسيبنا فى بلاءنا وتروح تروح مرتك… روح يا نصر أصلًا وجودك زى عدمه
عاد “عيسي” إلى المستشفي لينهي أوراق الدفن من أجل والده، استلم الجثة مع أذان المغرب وذهب مع الرجال للدفن وكانت “هدي” و”فيروزة” فى حالة من الأنهيار والصراخ وسط النساء، أوقف طريقهم فى المقابر ظهور “ناجي” من العدم ويقول بصدمة مُلتعثمًا:-
-أستنوا ، أفتحولي الخشبة أشوف أخويا
مسك يده “عيسي” بغضب سافر من فعلته وقال بضيق:-
-أكرام الميت دفنه يا عمي ، بعد يدك النجسة عن أبويا
أشاحه من طريقه بطريقة مقززة وأكمل الطريق إلى المقابر، بين النساء كانت “فيروزة” لم تتحمل خبر وفأة والدها فسقطت من الجميع فاقدة للوعي لتسندها “عطر” بحزن على صديقتها وهى أقرب من لها فى هذه البلد ولم تبالي لجرح معصمها الذي نزف من ثقل “فيروزة” وظلت بجوارها حتى عادوا للمنزل وظلت بجوارها فى الفراش حتى جاءت “حنة” إليها وقالت:-
-نصر عاوزك
تأففت “عطر” بضيق من هذا الرجل الذي أصبحت زوجته وخرجت من الغرفة بفستانها الأسود وقالت بضيق:-
-أفندم
رأته واقفًا أمام الباب بعباءته ونزع عمامته عن رأسه فقال بنبرة خافتة:-
-تعالي يا عطر أنا عاوز أجعد وياكي وأبكي فى حضنك
أبتلعت لعابها بضيق من كلماته وقالت بغضب منه:-
-ما تكسف على دمك وتراعي اللى إحنا فيه دا ، ومتتعشمش أوي كدة وتفكر أن مرتك بجد دا على جثتي ولا تحب أوريهالك تاني
أشار إليها بيديه بأختناق من تذمرها ونظر إلى يدها المجروحة وقال:-
-خلاص .. خلاص غوري
صعد إلى الطابق العلوي حيث شقته فنزلت للأسفل حيث المطبخ ورات “ذهب” تقف مع امراة ثلاثينية لم تراها من قبل فى قالت:-
-دهب جهزتي الأكل عشان فيروزة تأخد العلاج
أومأت إليها بنعم، ألتفت إليها المرأة بتكبر وغضب سافر من هذه الفتاة فرمقتها من القدم للرأس تتفحص “عطر” جيدًا ثم قالت بضيق وهى لا تبالي للموقف والحزن الموجود فى المنزل:-
-دي بجي المصراوية يا دهب اللى لبسوها لأخويا
نظرت “عطر” بضيق من طريقة حديث هذه المرأة، عينيها البنية مع خط الكحل العريض جعل الرعب والشر يتطاير منهما وشعرها الأسود المموج مسدول على ظهرها وتحيط رأسها بنصف حجاب أسود يظهر مقدمة رأسها بشعرها وكعب عالي أسود بعباءتها الضيقة التى تجسم جسدها الممشوق وبشرتها البيضاء ، تحدثت “ذهب” بحزن مُنهكة من البكاء على ما حدث أكثر من هذه المرأة :-
-اه يا ست خيرية دى عطر هانم مرت أخوكي ، دى الست خيرية أخت سيدي نصر
رفعت “عطر” حاجبها بضيق مصطنعة الغرور أمام هذه المرأة وقالت:-
-أهلا… جهزي الأكل يا دهب أى حاجة عشان تأخد العلاج بس
ألتفت لكي تخرج مما أثار غضب “خيرية” أكثر خصيصًا تجاهل “عطر” لها، لكن فى حقيقة الأمر أن “خيرية” خلقت بخصلة سيئة فهى تغار وتكره كل فتاة تراها جميلة وأجمل منها، وجمال “عطر” كان كفيل بأن يمزجها ويشعل غيرتها كاللهب، تركت الكوب من يديها وخرجت للخارج بأغتياظ وقالت بضيق صارخة فى “عطر”:-
-يا ست الحسن أتكلمي وي زينة أشحال أنك جايلنا بعيبك وشرفك اللى مهروس فى الطين
توقفت “عطر” عن الصعود بمنتصف الدرج وألتفت إليها ترمقها من الأعلي ببرود، وقفوا النساء من الصالون على صوتها العالي فتحدثت “عطر” ببرود أكثر يستفزها:-
-أنا مش هنزل بمستوي لمستوى واحدة جاهلة زيك، ولو على الشرف فأنا أشرف منك ومن بلدك وبلاش المظاهر تخدعك وتقولك دى عيلة وغلبانة، أنا أبويا سابنيى لوحدي عشان عارف أني بنت بألف راجل وأعرف أشيل اللى رجالة بلدك كلها تشيله
تحدثت “خضرة” بأغتياظ من رد “عطر” وقالت:-
-حجيجي جليلة الرباية ، كيف بتردي وتعلي صوتك على عمتك الكبيرة يا بهيمة أنتِ
صعدت الدرج إلى الأعلي وسحبت “عطر” من ذراعها للأسفل لتتألم منها وقالت:-
-بس أنا بجي اللى هربيكي وأعملك كيف تتحدي ويانا
صاحت “عطر” بانفعال بهما وكأنهم أنتظروا اللحظة الذي سيسقط بها جدها ليمزقوها لإشلاء ، قائلة:-
-أنا متربية غصب عنكم
رمقتهما “هدي” من مجلسها فى حزنها على فقد حبيبها وزوجها والوجع يمزقها لأشلاء ودموعها لم تتوقف لحظة، جاءت فتاة أخري فى عمر “فيروزة” ذات العيون العسلية وبشرة متوسطة البياض تجملها نقاط بنية فى وجنتيها “نمش” ذات الـ24 عام وشعرها الأسود متوسط الطول مسدول على الجانبين بفرق فى منتصف رأسها بنعومته قالت:-
-صحيح متربتيش
نظرت “عطر” لها لتدرك أنها “خديجة” الأخت الثانية لـ “نصر”، نزل “نصر” إلى الأسفل بعد أن سمع صوتهما وصراخهم فرأى “عطر” بالمنتصف وثلاثتهما يحيطون بها فقال:-
-فى أي؟
-في جلة أدب ورباية، مكفهاش انك عامل فيها جميل وستر عليها لا كمان بتبجح
قالتها “خيرية” بضيق فنظرت “عطر” إلى زوجها بأشمئزاز من الأعلي للأسفل على صمته وقالت بتذمر وضيق:-
-لو أنا ناقصني رباية يبقي أخوكي ناقصه رجولة لأنه سامح لواحدة زيك تهين مراته وهو واقف
لطمها بقوة على كلمتها فكتمت صرختها من الألم والحسرة ثم رفعت نظرها فى عينيه بتحدي وقوة فقالت بضيق:-
-مش بقولك ناقص رجولة
رفع يده ليصفعها من جديد فقاطعته بنبرة الغليظة ودموعها تجمعت فى عينيها رغمٍ عنها تقول:-
-أضرب، مش هتفرق كتير أنا كدة كدة كارهك وقرفانة منك، مش هتفرق كتير لما الكره دا يزيد شوية كمان
نظرتها كانت تمزقه وتقتله مع دموعها التى تجمعت بأسر جفونها، قاطع شجارهما صوت “عيسي” يقول:-
-أضربها !!
نظر الجميع عليه وهو يقف أمام باب غرفة المكتب يحدق بهما بأشمئزاز ثم تابع حديثه:-
-يلا أضرب وخلصنا، لكن قسمًا بالله لو سمعت حس حد فيكم فى الدار لأطخه عيارين وأخلص منه، ما تخلوا عندكم دم إحنا فى عزاء ومنعرفش لسه جدكم هيجراله أيه
ألتزمت “خضرة” الصمت خوفًا من “عيسي” رغم وجود ابنها وعودة “ناجي” زوجها لكن من يجرأ على التحدث أمام هذا الشبل الذي جاء من ظهر جده “عبدالحكيم” وابوه “فؤاد”، تحدثت “خديجة” بنرة هادئة مُصطنعة الحزن أمامه والأنكسار هاتفة:-
-والله جولت لهم عيب
رمقتها “عطر” بدهشة من تحولها وكذبها أمام “عيسي”، سحبها “نصر” من يدها للأعلي بضيق وفور دخولهم إلى الشقة نفضت ذراعها منه وقالت بغيظ منه:-
-إياك تلمسني مرة تانية وقسمًا بربي لو أيدك اتمدت عليا تاني لأكون قاطعها لك، أنت فاكرني أيه الجارية اللى اشتراهالك أبوك
كز على أسنانه بغيظ أمامها وأقترب أكثر منها حتى ألتصق جسده بجسدها وقال بخفوت:-
-متستفزنيش أنا مانع نفسي عنك بالعافية
تبسمت “عطر” بسخرية وقالت :-
-ما قولتلك مش فارقة أنا كدة كدة كارهك، أنت ليه محسسني أنى ميتة فى دباديبك وهتأثر ولا بقطع شرايين عليك ما تفوق كدة يا سيد الرجالة دا أنا قاطعة شراييني من كرهي ليك
صمت كليًا أمامها فذهبت من أمامه إلى غرفة أخري وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل …..
_________________________
كان “عيسي” جالسًا مع “منصور” أمام غرفة الرعاية فى اليوم التالي منتظر خروج الطبيب وقال بهمس شاردًا بتفكيره:-
-تفتكر مين اللى عملها يا منصور؟، أنا مقتنعتش أنها قضاء وقدر
نظر “منصور” إلى ملامح وجهه مُطولًا ثم قال بحيرة:-
-مين اللى هيعوز يجتل أبا الحج ، دا خيره على البلد كلها وبيتجي ربنا فى كل الناس
ألتف “عيسي” إليه بقلق وقال:-
-معرفش بس لو كانت قضاء وقدر كان اللى علمها وجف يا منصور هيهرب ليه ؟
-مش يمكن خاف من اللى هيجابله دا كبير البلد
قالها “منصور” بتردد وعقله لا يصدق كلماته، هز “عيسي” رأسه وقال:-
-يعنى عرف ان اللى فى العربية هو عبدالحكيم الدسوقي وهمله ومشي، دا كلام ميدخلش العجل
قاطع تفكيرهما خروج الطبيب فوقف “عيسي” من مقعده وهرع إلى الطبيب يقول:-
-طمني يا دكتور
-أدعيله بالرحمة، هو عايزك جوا بس متتعبهوش فى الكلام عشان صحته
قالها الطبيب بهدوء ثم ربت على كتف “عيسي” ليغادر، تنهد “عيسي” بهدوء ثم دخل إلى الغرفة بأنفاس ثقيلة ليرى جده فى حالة يُرثي لها فدمعت عينيه بأنكسار لكنه جفف هذه الدمعة سريعًا، جلس جوار “عبدالحكيم” وقال:-
-جدي
فتح “عبدالحكيم” عينيها بتعب وتحدث بتلعثم وصوت مبحوح أسفل قناع التنفس:-
-عيسي… يا ولدي
ربت “عيسي” على كتفه بهدوء وهمس بلطف:-
-متتعبش حالك ي حج
دمعت عيني “عبدالحكيم” حزنًا وقال بقلق:-
-أبوك فين؟ سألت عنه كتير
جمع “عيسي” شجاعته وأخفي أوجاعه بداخله ثم قال:-
-زين يا حج، هو بس يجف على رجله وأجبهولك
جهش “عبدالحكيم” فى البكاء بتعب وقال بضيق:-
-ولدي مات يا عيسي، هتخبي عني وهو ميت جصاد عيني ….. اه يا ولدي
مسح “عيسي” دموع جده بحزن وقلبه بالداخل يصرخ على موت والده وقال بلطف:-
-أهدي ي جدي
تنفس “عبدالحكيم” بصعوبة وقال:-
-خلى بالك يا عيسي من الأمانة اللى هملتهالك، خلي بالك يا ولدي العيلة دى مالهش حد بعدي غيرك ، وعطر العيلة الصغيرة … أنا حاسس أن ربنا عمل فيا أكدة ذنبها ، حطها فى عينيك يا ولدي أنت سندها وظهرها وولي أمرها بعدي، أوعاك تخلي نصر يأذيها، لما جيت عليها ربنا مجبلش بظلمي ليها أوعي تظلمها يا ولدي
أومأ “عيسي” له بنعم ليقول “عبدالحكيم” بحزم رغم تعبه:-
-أوعدني يا عيسي متفرطش فى الأمانة اللى هملتهالك ، وأنا وصيتك وصيتين يا ولدي أولهم عطر و….. و….
ربت “عيسي” على يده بفزع من صعوبته فى التنفس وقال:-
-أهدي يا جدي ومتتكلمش
تشنج جسده بقوة ليفزع “عيسي” وخرج ليطلب الطبيب فجاء طاقم الأطباء مُسرعًا وتركه “عيسي” فى الخارج ولم يطل الأمر حتى خرجوا من الداخل والحزن على وجوههم والأستسلام ليدرك ما حدث قبل أن يتفوه الطبيب بكلماته القليل قرب أذن “عيسي” قائلًا:-
-البقاء لله
__________________________
أنهت “عطر” لف خمارها الأسود مع فستان أسود فضفاض وخرجت من الغرفة لتراه جالسًا على السفرة يتناول فطاره فتجاهلته وصارت نحو باب الشقة ليقول:-
-عطر
توقفت بتأفف شديد وأستدارت إليه بزمجرة وقالت:-
-نعم
تنحنح بلطف ومسح فمه بالمنديل ثم وقف من مكانه وقال:-
-تعالي عاوز اوريكي حاجة
تأففت بصوت مسموع وصل لأذنيه لكنه تجاهل الأمر، سارت خلفه حتى وصلت إلى باب غرفته فنظرت مُطولًا للغرفة ليقول:-
-جولتلك هوريكي حاجة
دلفت إلى الغرفة ورأت حقيبة سفرة صغيرة على الفراش مع مجموعة من الفساتين كثيرة لتقول:-
-اي دا؟
وضع يديه فى جيوب عباءته وقال بهدوء:-
-أفتحي الشنطة
تنحنحت بقلق مُترددة من فتح الحقيبة وتصرفه الغير معتاد فقالت بخنق:-
-لما نشوف أخرتها
فتحت الحقيبة لتُصدم من كم الذهب الذي رأته ولأول مرة ترى هذا الكم من عقود وسلاسل وأساور وحلقان بأشكال مختلفة وعلبة صغيرة وردية فتحتها لتري بها دبلة زواج، خرجت من الغرفة سريعًا وعقلها لا يتسوعب ما تراه فخرج خلفها بتساؤل وقال:-
-مالك
ألتفت إليه فى منتصف البهو وقالت بتلعثم من هول الدهشة التى أصابتها:-
-اي دا؟
أجابها “نصر” بنبرة هادئة لطيفة على غير المعتاد من هذا العصبي قائلًا:-
-دا ذهبك، شبكتك!!
نظرت لكمية الذهب التى تراها أمامها وقالت بأندهاش:-
-كل دا شبكتي
تبسم إليها بوجه حماسي وتعابير دافئة ثم قال:-
-ولو عايزة أكتر هجبلك، كمان جبتلك كل العبايات والفساتين دى، شوفي عاوزة اي وأنا أجبهولك اطلبي وأتمنى أنتِ بس يا عطر
رمقته بتعجب من هدوءه ولطافته الغير معتادة وكل ما جلبه لأجلها منذ أن عادت من المستشفي ثم قالت بحدة غليظة:-
-أنا مش عايزة منك حاجة، وأحب أريحك وأوفر عليك أنك مش هتعرف تشتريني بفلوسك وذهبك، أنا عمري ما هكون لك بمزاجي وهفضل كل ما أشوفك اقولك كلمة واحدة بس.. طلقني وخلى عندك دم وكرامة ولا هتفضل عايش مع واحدة مش طايقة حتى صوت نفسك ومجبرة عليك
لم يتمالك أعصابه أمام قساوتها وتحجر قلبها خصيصًا بعد أن قابلت لطفه ببرود وقسوة ولطم وجهها بقوة فصرخت بألم بعد أن مسك شعرها بقوة وجذبها إليه ليقول بحدة غليظة:-
-أنتِ فاكرة أنى مجدرش أجبرك دا أسهل ما عليا، لكن أنا سيبك بمزاجي فمبتجيش مستفزة بجى وترجعي تلومنى على ضربي وذلي ليكي
دفعته بقوة بعيدًا وهى تقول بعناد وزمجرة:-
-أبعد عنى يا حيوان أنت، أنت فاكر نفسك اي؟
-حيوان!! طب والله لأوريكي السلوك الحيواني بيكون كيف؟
سحبها من ذراعها بقوة تجاه غرفة نومهما لتفزع وتبدأ تصرخ بخوف أكبر منه وتقول:-
-سيبني…. طب أنا أسفة والله بس بلاش الله يخليك
لم يبالى لها حتى وصل للغرفة ودخل بها ليغلق الباب بقوة أرعبتها وخلعت قلبها من ضلوعها….
وصل خبر وفأة “عبدالحكيم” للعائلة فأنتفض الجميع ليرن هاتف “نصر” كثيرًا على الكمودينو قرب الفراش والهدوء يعم المكان ليس سوى صوت بكاء ووجع، إنكسار وحسرة تمزقها لإشلاء وهى تخفي جسدها الضئيل أسفل الفراش وترتجف من الصدمة ولا تقوي على تحرك أناملها، خرج “نصر” من المرحاض بجسده المبلل بعد الأستحمام وأخذ الهاتف وهو يقول:-
-جومي ألبس خلجاتك
أجاب على الهاتف ليسمع خبر وفأة جده فهرع للخارج مصدومًا ومع خروجه صرخت “عطر” من الألم والقسوة التى تعرضت لها بعد أن تعدي عليها بالأكراه وظلت تنتفض من مكانها وتتألم بوجع كلما حرجت جسدها …..
__________________________
صرخت “هدي” بحزن وسط النساء قائلة:-
-يارب مالناش غيرك، أجرنا فى مصايبنا يارب
تمتمت “خضرة” بسعادة تغمرها واضحة فى ملامحها:-
-الله يرحمه هو التاني
كانت السعادة تغمرها بعد وفأة “عبدالحكيم” و”فؤاد” فالوريث الوحيد لأملاك “عبدالحكيم” هو زوجها “ناجي” وسيكون الكبير رغمًا عن الجميع، رات “ذهب” ذاهبة إلى المطبخ فقالت:-
-أنتِ يابت أعمليلي فنجان قهوة
أومأت “ذهب” بحزن يملأ قلبها على وفأة “عبدالحكيم” وقالت:-
-حاضر بس هعمل الشاي الأول للرجالة
وقفت “خضرة” من مكانها بدهشة وقالت:-
-هو فى حد فى المكتب؟
أجابتها بنعم وقالت:-
-أيوة سيدي ناجي ومعه نصر بيه وخالد بيه كمان ووياهم سيدي عيسي والمحامي والمحاسب كمان
تبسمت “خضرة” بحماس وأدركت أن لحظة النصر جاءت إليها وسيرث زوجها كل شيء وستكون سيدة هذه السراية وحدها فقالت:-
-خلاص روحي متعمليش حاجة
فى غرفة المكتب، جلس الجميع فى صمت ليقول المحامي:-
-الوصية دي خاصة بفؤاد بيه وطبعًا هو كتب كل أملاكه باسم ولده عيسي لكن ال10 فدان اللى فى أخر البلد باسم الأنسة فيروزة وطبعًا من المال هيطلع حق الزوجة الست هدي
لم يبالي أحد بشيء وهم مُدركين لهذا الأمر جيدًا، فتح ظرف أخر أمام الجميع وقال بجدية:-
-أما دي بجي وصية الحج عبدالحكيم
نظر إلى الورقة مُطولًا ثم تنحنح بهدوء مما سيقوله وهتف بحزم لما يقوله:-
-الحج عبدالحكيم كتب كل ما يملك لحفيده عيسي بيه ….
فزع الجميع وأولهم “ناجي” و”نصر” بينما “عيسي” رمق المحامي فى حالة من الصدمة وقد فهم كلمات جده الأخيرة والوصية التى تركها له وأوصاه ألا يتخلي عنها الأولي كانت “عطر” والتانية هى المُلاك………

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كبرياء صعيدي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى