روايات

رواية كبرياء صعيدي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نور زيزو

رواية كبرياء صعيدي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نور زيزو

رواية كبرياء صعيدي الجزء الثاني والعشرون

رواية كبرياء صعيدي البارت الثاني والعشرون

كبرياء صعيدي
كبرياء صعيدي

رواية كبرياء صعيدي الحلقة الثانية والعشرون

بعنــــــــــوان ” نفوس البشر ”
هندمت “عطر” فستان زفاف “فيروزة” وهى تقف أمام المرآة بعد أن أرتدت فستانها الأبيض المرصع باللؤلؤ، له ذيل طويل ولفت حجابها الذي أظهر جزءًا من شعرها الأسود من الأمام، أقتربت “عطر” منها تضع الحلق المصنوع من الألماس فى أذنها بدلال وبسمة “عطر” لا تفارق وجهها، أرتجفت “فيروزة” من شدة فرحتها وقالت بحماس يغمرها كفرحتها:-
-شكلى حلو يا عطر صح؟
أومأت “عطر” بسعادة إليها ويدها ترتب طرحة فستانها الطويلة للخلف وقالت:-
-زى القمر يا فيروزة
جلست “فيروزة” على فراشها بعد أن أنتهت من تجهيزات زواجها، دلفت “هدى” بعفوية والفرحة تغمر قلبها تقول بحُب:-
-الناس بدأوا يهلوا وأنا كلمت عيسي قالى أنه وصل على أول البلد
رن هاتف “عطر” باسم زوجها يقاطع حديث والدته فأخذت الهاتف وخرجت من الغرفة تُجيب عليه قائلة:-
-أى يا حبيبي؟
تحدث “عيسي” بهدوء شديد يكمن بداخله الغضب قائلًا:-
-أنتِ وحدك يا عطر؟
أومأت “عطر” إليه وهى تفتح باب غرفتها وتدخل به، فقال بجدية:-
-أسمعى يا عطر، أنا بكلمك عشان خابر زين أنك عاجلة حتى لو سنك صغير بس عاجلة وحكيمة وخابرة زين كيف تتصرفي فى الحياة بدليل أنك عرفتي تجفى جصاد التجار عشان أبوكي
سمعت حديثه الذى أثار قلقها فجلست على المقعد بحيرة من هذه المقدمة التى بدأ بها الحديث ثم سألت والفضول يقتلها:-
-فى أى يا عيسي؟ قلقتني بكلامك دا
-عامر طلج فيروزة
شهقت بفزع من هول الصدمة ووضعت يدها على فمها مما تسمعه وقالت بتلعثم:-
-أي؟ ليه؟ أنت أتخنقت معاه ولا حصل اى؟ أزاى تسيبه يعمل كدة
أخذ تنهيدة قوية من بين ضلوعه ثم تابع الحديث:-
-أنا مشوفتهوش أصلًا، البيه سابلى ورجة الطلاج مع البواب وهمل الشجة اللى كان جاعد فيها وطلع مأجرها مش ملكه، المهم دلوجت عاوز منك متفارجيش فيروزة وتفضلى جارها عشان مهتحملش الصدمة
-حاضر متقلقش، بس هنعمل أى فى الناس اللى تحت والرجالة اللى قاعدين فى الجنينة وعمالين يسألوا عنك وعن العريس
سألت بقلق شديد مما هو قادم فقال بجدية:-
-متجلجيش يا عطر الفرح هيتم بس خليكي جار فيروزة بس
أومأت إليه بنعم رغم دموعها التى ذرفت من عينيها على ما حدث خصيصًا أن “فيروزة” فتاة رقيقة وجميلة لن تتحمل الخذلان التى تحملته “عطر” من قبل، شعرت أن الماضي يعيد نفسه من جديد وهذا الرجل ترك زوجته يوم زفافهما كما تركها “عاصم” بل جلبها إلى هنا حتى تُقتل على يد أهلها بعد أن طعن بشرفها وعرضها ، جففت دموعها وخرجت من الغرفة سريعًا مع سماع صوت سيارة “عيسي” الجميع يهللون بحضوره، دلفت إلى غرفة “فيروزة” التى كانت تقف فى الشرفة تنظر منها باحثة بعينيها عن زوجها ولم تجد له أثر فقالت بحيرة بعد أن ألتفت لهم:-
-عامر مجاش؟؟!!
نظرت “عطر” بأرتباك إلى “هدى” التى لم تفهم شيء كأبنتها، شعرت بغصة فى قلبها مما سيحدث الآن وكيف ستقتل بسمة “فيروزة” حين تعلم بالحقيقة وفرحتها ستُسرق منها بفضل رجل تخلى عنها بيوم هكذا أمام الجميع ، ألتزمت “عطر” الصمت وهى تضع يديها على قلبها من الخوف حتى دلفت “ذهب” إلى الغرفة تقول بأستغراب شديد كالبقية:-
-عيسي بيه عاوزة بطاجتك يا أنسة فيروزة
نظرت “حِنة” بدهشة لها وللجميع خصيصًا أن “فيروزة” تم عقد قرآنها فقالت بأستغراب:-
-بطاقة!!
سألتها “فيروزة” بفضول وعدم فهم لما حدث:-
-ليه؟
-مخابراش بس هو ويايا المأذون
قالتها بحيرة وأدركت “عطر” سبب طلبه لبطاقتها الشخصية لكنها تسائلت عن العريس الذي سيعقد قرآنه على “فيروزة”، خرجت “فيروزة” بغضب يقتلها كفضولها وهى تمسك بطاقتها فى يدها خائفة من قدوم المأذون فإذا جاء مرة للعقد فهل الآن سيطلق، أرتعب مما يحدث بينما هرعت “عطر” خلفها تناديها حتى وصلت للدرج وقبل أن تنزل رأت “عيسي” يجلس مع المأذون بالأسفل مع “مصطفى” ورجلين أخرين من رجاله، أخذت “عطر” البطاقة وأعطتها إلى “ذهب” ووقفت مع “فيروزة”، دلفوا إلى غرفة المكتب وبعد دقائق معدودة خرج الجميع وصعد “عيسي” إلى الأعلى حيث أسرته وبدأت النساء بالأسفل يطلقون الزغاريد فى السرايا ويصفقون بحرارة، وصل للأعلى ليرى اخته الجميلة بفستان زفافها مما زاد من غضبه أكثر من “عامر”، كانت أخته جميلة جدًا ورغم جمالها ألا أن عينيها بهذه اللحظة كانت على وشك البكاء، سألت “هدى” بقلق:-
-فى أي يا عيسي؟ عامر فين؟ مشيفهوش
أخذهما إلى غرفة والدته الأقرب لهما وكانت “فيروزة” و”عطر” ووالدته فقال بجدية:-
-أنا طول الوجت ومن يوم ما دخل البيت دا عشان يطلب يدها وأنا كنت ضد الجوازة دى، أفتكري يا أمى أنى وجفت جصاد جدى وأبويا الله يرحمهم وجولت أنه ميناسبهاش لكن أنتِ أتحمقتى جوى عشان خيتك الخالة سكينة وجولتى محدش هيحافظ على بتى جد خيتى
نظر إلى “فيروزة” التى لم تفهم شيء من هذا الحديث وقال بجدية صارمة:-
-وأنتِ جولتى لا، أنا رايدة عامر وموافجة عليه عشان بس كان كيف الصيع بيجيكى على المدرسة والكلية وجولتى لا أنا بحبه يا أبويا وهو بيحبني ومحدش هيصونى ويخاف عليا غيره
-فى أي يا عيسي لزومه اي الكلام دا دلوجت
قالتها “هدى” بضيق شديد ليصرخ بهما غاضبًا من هذا الموقف الذي حل بهم:-
-في أن اللى بيحبك يا ست البنات سابك وخلع ورمالك ورجة طلاجك عند البواب ولو مكنتش روحت إسكندرية بليل كان زماننا جاعدين نضرب كف على كف ونجول ياترى هو فين؟
أتسعت أعين الجميع من هول الصدمة ولم تقوى “فيروزة” على تحمل هذا الحديث وأقتربت خطوة واحدة من أخيها بعدم تصديق ولا تستوعب هذا الغدر الذي لحق بها فقالت بتلعثم:-
-لا أنت أكيد بتكذب، أنت كذاب وبتكذب عليا عشان مبتحبش عامر
رفع يده للأعلى لكي يصفعها لكن أستوقف “عطر” التى وقفت بينهما بسرعة البرق تمنعه من ضرب أختها وهمست إليه بذعر:-
-عيسي، قدر شعورها وموقفها
نظر إليها بغيظ شديد يكبح غضبه بداخله متوعدًا بالأنتقام من “عامر” على ما فعله، قال بهدوء شديد:-
-أنا كتبت كتابك على مصطفى عشان فضيحتنا جصاد الناس
-أي أنا ….
كادت “فيروزة” تعترض من صدمتها التالية ليصرخ بنبرة مُرعبة أفزعت الجميع قائلًا:-
-أنتِ تخرسي خالص وإياك أسمع كلمة، أيجى أطلجي منه بعدين يا ست البنات، وكتر خيره جوايا انه سترنا جصاد الناس
خرج من الغرفة غاضبًا فألتفت “عطر” إلى “فيروزة” التى جهشت فى البكاء وهى تُتمتم بهدوء:-
-لا عامر ميعملش كدة، هيعمل كدة ليه؟ أنا أخر مرة كلمته كنا سمنة على العسل، لا عامر ميعملش أكدة
خرجت من الغرفة بفزع وهرعت إلى غرفتها حيث هاتفها، أتصلت عليه كثيرًا والهاتف مغلقة أرسلت له الكثير من الرسائل لكنه وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به مغلقة تمامًا، لم تفهم سبب ما حدث، دلفت “ذهب” إلى الغرفة ومعها دفتر المأذون لترفض “فيروزة” الإمضاء فربتت “عطر” على كتف “فيروزة” بعينى باكية على هذه العروس، وقعت “فيروزة” على الأوراق ودموعها تنهمر على وجنتيها بحسرة وألم يمزق قلبها مع عقلها الذى شَل مكانه ولا يصدق ما حدث ….
_____________________________________
وقف “عيسي” أمام الدرج ينتظر مع “مصطفى” لتأتي إليه “ذهب” وقالت بحرج:-
-الست سكينة مش جوا
تأفف بضيق شديد من هروب “سكينة” وقال بضيق:-
-طبعًا بعد اللى عمله ابنها خلعت، تعال يا مصطفى
خرج الأثنين من السرايا معًا فهمس “مصطفى” فى أذنيه بنبرة هادئة:-
-عاوزك فى موضوع كدة
نظر “عيسى” له وربت على كتفه بهدوء ثم قال بنبرة خشنة مُستشاط غيظًا مما يحدث:-
-بعدين يا مصطفى، بكرة الصبح نتكلم
رحل الجميع ويصافح “عيسي” الرجال حتى أغلقت أبواب السرايا ودلف “عيسي” بصحبة “مصطفى” ووجد والدته و”حِنة” يجلسون وحدهما و “عطر” تنزل من الأعلى مُحدثة “هدى”:-
-قافلة على نفسها برضو مش راضية تفتح لي
نظر “عيسي” إلى زوجته التى أبتلعت كلماتها فور رؤيتها لوجه زوجها الغاضب، أقتربت “هدى” بعيني باكية إلى “مصطفى” وقالت بحرج:-
-الله يسترك يا بنى زى ما سترت بنيتى
تنحنح “مصطفى” بحرج من هذا الحديث وما زال عقله لا يستوعب أنه تزوج “فيروزة” مُدللة هذه العائلة وأجمل جميلات البلد بأكملها، “فيروزة” الفتاة التى حَلم بها كل شاب في هذه البلد، لم يجرأ “مصطفى” يومًا على رفع نظره بها أو أختلاس النظر إلى ظلها، لطالما دللها “عبدالحكيم” ووالدها وأخاها، تحدث بنبرة دافئة:-
-متجوليش أكدة يا ست الحجة، معاش ولا كان اللى يجيب سيرة أنسة فيروزة على لسانه بكلمة واحدة
أومأت إليه بنعم ووجهها حزينًا وعابسًا، تحدث “عيسي” بجدية:-
-أوضتها أول أوضة على الشمال، أطلع
نظر “مصطفى” إليه بدهشة وهكذا “هدى” التى كادت أن تتحدث فقال بحدة:-
-أيه، يطلع برا مع الرجالة يوم فرحه، ناجصني كلمتين يدوروا بين الرجالة مش أكدة، دى حاجة تجصف العمر
صعد الدرج أولًا مُستشاطًا غضبًا وغيظًا من “عامر” وهذه الليلة فصعدت “عطر” خلفه حتى وصلت إلى الغرفة ودلفت خلفه، رأته يقف فى الشرفة وينفث دخان سيجارته من الغضب فجلست على الأريكة بتعب من هذا اليوم خصيصًا مع حملها، بد
أت تنزع دبابيس خمارها ونزعته عن رأسها بصمت، لا تقوى على التفوه بكلمة واحدة الآن امام غضبه، خرج “عيسي” من الشرفة يتأفف ويفك أزرار قميصه من الخنقة التى تجتاحه فرآها جالسة أمامه مُنهكة من التعب ورغم ملامحها الشاحبة لكنها تلتزم الصمت لأجل أعصابه، تأفف بضيق شديد وذهب إليها وجلس على الأريكة قربها ثم مدد جسده ووضع رأسه على قدميها، رفعت يدها تضع خصلات شعرها خلف أذنيها وتبسمت بسمتها المُبهجة ربما تزيل الكثير من همومه، وضعت يدها على رأسه وبدأت تمسح على خصلات شعره الناعم بُحب ليقول:-
-تعبتك النهار دا يا عطر
أجابته ببسمتها الدافئة:-
-تعبك راحة ي حبيبي، أنت اللى تعبت النهار دا بس كنت عصبي شوية
لم يُجيب عليها فأغمض عينيه بعد أن احتضن يدها الأخرى قرب قلبه، دمعت عيني “عطر” من الحزن وكل ما حدث الأمس واليوم يذكرها بماضيها وقساوة ما عاشته وتخلى والدها عنها وربما هذا كان الأكثر وجعًا أما “فيروزة” تملك “عيسي” أخ لم يتخلى عنها ولم يسمح لأحد بالتفوه بكلمة واحدة لأجلها، شقطت دمعتها طريقها إلى وجنتها ثم سقطت على وجنته تغلغل بين شعيرات لحيته ليشعر “عيسي” بها مما جعله يفتح عينيه، حدق بوجهها ليرى دموعها لوثت عينيها الزرقاء وأحمرت وجنتيها بشدة رغم أنه لم يشعر ببكاءها قبل شعوره بدمعتها، أعتدل فى جلوسه أمامها وأخذ رأسها بين كفيه فقال بقلق:-
-ما لك يا عطر؟ ليه البكي دا يا حبيبة جلبي
-متقساش على فيروزة يا عيسي، اللى هى فيه بيوجع أوى.. اسألني أنا عن الخيانة والغدر من حد انت وثقت فيه وامنته على نفسك وعلى قلبك
قالتها بحزن شديد مما جعله “عيسي” يشعر بغضب أكثر لكن هذه المرة من الغيرة التى أشعلت نيرانها فى صدره وهى تُحدثه عن رجل أخر خذلها وتخلى عنها وعن حُبها له، سحب يديه من فوق وجنتيها لتتمسك “عطر” بهما وقالت:-
-أنا بحبك أوى يا عيسي وفرحانة بوجودك معايا وأن ربنا عوضني بيك، عارف أنا النهار دا كنت حاسة بأيه
نظر “عيسي” إليها بهدوء ملتزم الصمت لتستكمل بقية الحديث الذى أشعل غضبه للتو، تابعت “عطر” الحديث بنبرة خافتة:-
-كنت حاسة بإحساسين عكس بعض، الأول زعلانة أوى من بابا لأنه سابنى لوحدي أواجه الحياة والثاني حلو أوى أن كل اللى حصلي دا كان نهايته أنت، أنت عندي متساويش كنوز الدنيا كلها يا عيسي
أومأ إليها بنعم لتقف بحماس أمامه وقالت بعفوية:-
-ها ، أي رأيك بقي فى فستاني؟ مقولتليش رأيك خالص
تطلع بفستانها الذهبي المرصع بالأحجار اللؤلؤية الذهبية من الصدر وفضفاض جدًا من الأسفل كفستان الزفاف وبأكمام مرصعة باللؤلؤ، دارت “عطر” حول نفسها كثيرًا لتشبه الفراشة الجميلة وشعرها يتطاير مع حركاتها الدائرية حتى كادت ان تسقط بسبب دورانها الكثيرة، وقف “عيسي” مُسرعًا يتشبث بها ويديه تحيط خصرها فسقط مُجددًا على الأريكة وهى على قدميه، أتكأت برأسها على كتفه من التعب وتلتقط أنفاسها بصعوبة فعرت بيديه يدلك بطنها كأنه يربت على طفله الموجود فى أحشائها حتى يهدأ ويكفى عن أليم زوجته الصغيرة، تمتمت “عطر” بنبرة خافتة:-
-متزعلش يا عيسي
وقف من مكانه يحملها على ذراعيه حتى أخذها إلى فراشها ووضعها برفق، ذهب إلى غرفة الملابس وأختر بيجامة لأجلها ولا يعلم كيف لها أن تبدل حاله وتمتص غضبه هكذا، من الأمس وهو لا يحمل شيء على صدره والحرف والواحد من أى شخص يُثير جنونه وغضبه، أم الآن تحول الغضب إلى قلق على زوجته ليدرك ما يقوى العشق على فعله بالقلب، وضع البيجامة بجوارها على الفراش وقال:-
-أنا نازل وجاي
خرج من الغرفة يبعثر خصلات شعره مُنهكًا من السفر ليلًا إلى الإسكندرية وعودته ليرى “مصطفى” جالسًا على الأريكة فى الصالون فأقترب منه مُندهشًا وقال:-
-جاعد كدة ليه؟
-محبتش أخرج برا والرجالة تتساءل
قالها “مصطفى” بحرج، أومأ “عيسي” له بنعم ودلف إلى المطبخ وصنع كوبين من الشاى الساخن وخرج إلى “مصطفى” جلس قربه وقال:-
-أشرب الشاى وبعدها تطلع لمرتك، أتكلم وياها
-أتكلم وي أنسة فيروزة، لا العين متعلاش على الحاجب يا عيسي بيه
تنحنح “عيسي” بلطف وأرتشف القليل من كوبه ثم قال بجدية:-
-أسمع يا مصطفى، أنا مسميش عيسي بيه، أنت صاحب عمرى وبعد ما تكون صاحب عمرى أنت دلوجت جوز أختى، مسمعش منك كلمة بيه تانى واصل.. دا أولًا أما ثانيًا فهى أسمها فيروزة مبجتش أنسة دى بجت مدام مصطفي أبو الجبل، ودلوجت شرعًا ودينًا وجانونًا محدش له كلمة عليها غيرك، مبجتش الأميرة اللى ملكش ترفع عينيك فيها، لا بجت أميرتك أنت وحدك وأنت وحدك اللى ليك تدلعها وتكون سندها جبل مني كمان، وأنا لو ليا كلام معاك عنها فأنا هجولك اللى لازم يتجال، تحط فيروزة فى عينيك وأوعاك تزعلها أو تبكيها، تصونها وتحفظها ولما تحب تطلجها مهمنعكش لا هجولك تسلم وكتر ألف خيرك على وجفتك جاري النهار دا
نظر “مصطفى” إلى صديقه ولا يستوعب أنها حقًا باتت أميرته وحده ثم قال:-
-حاضر يا عيسي
تبسم “عيسي” بعفوية ثم قال:-
-عن أذنك أنا طالع لمرتي وأنت كمان جوم أطلع لمرتك ومتتحدش وياها فى أى حاجة تخص عامر ولو سألتك على حاجة متجاوبهاش
خرجت “ذهب” إليه من المطبخ بصينية الطعام فأخذها “عيسي” منها بهدوء وقال:-
-أنا هأخدها يا ذهب روحي نامي أنتِ
صعد بصينية الطعام ليترك “مصطفى” كوب الشاى من يده على الطاولة وصعد إلى الأعلى مُحرجًا لكن يجب أن يفعل، طرق باب الغرفة قبل أن يدخل ثم دلف إليها ليرى “فيروزة” أميرة هذه السرايا أمامه جالسة فى ركن بغرفتها على الأرض ولم تبدل فستانها حتى الآن ووجهها أحمر متورمًا من شدة البكاء ومنكمشة فى ذاتها ما زالت الدموع تنهمر على وجنتيها، طرحة فستانها الدانتيل ممزوقة على الأرض وجزءًا منها ما زال عالقًا برأسها مع حجابها، أعطاها ظهره بحرج حتى تكمل البكاء كما تريد، حدقت “فيروزة” به ولا تستوعب أن “مصطفى” بات زوجها الآن وأحلامها الجميلة عن هذه الليلة سقطت أرضًا ودهسها الجميع بأقدامهم بفضل “عامر” الذي تخلى عنها، لم تملك ذرة كره لـ “مصطفى” من قبل ولا الآن فتمتم بهدوء شديد ونبرة خافتة:-
-أنا هنام جارك على الكنبة هنا لحد ما الشمس تطلع وهنزل للرجالة
أومأت إليه بنعم دون أن تتفوه بكلمة واحدة، تقدم “مصطفى” بخطواته نحو الأريكة ووجد عليها صور “عامر” ممزوق لألف الأجزاء وبالأرض الهدايا التى جلبها لـ “فيروزة” كسرت منها ما يمكن تكسيره، أبعد الصور بهدوء ثم جلس فى صمت لأكثر من نصف ساعة مغمض العينين يستمع لبكاءها وقهرتها حتى أنه سمع صوت ضربها إلى قلبها بقبضتها تدل على قدر الألم الذي تحمله بداخلها، فتح عينيه حين سمع صوتها المبحوح تقول:-
-ممكن تساعدني
نظر إليها ليراها تقف أمامه بفستانها فظل يحدق بها بعدم فهم، لا يدرك ماذا تريد منه؟ فقال بهدوء:-
-أؤمرينى يا أنسة فيروزة؟
ضحكت بسخرية على كلماته وقالت بحسرة:-
-أنسة فيروزة؟!! ممكن تساعدني أفك الدبابيس دى
أومأ إليها بنعم مُحرجًا من ضحكتها الساخرة لتجلس على الأرض أمامه فأخذ يدها بذعر وهو يقول:-
-لا يا ست البنات مش مجامك تجعدى فى الأرض، أجعدى على الكرسي وأنا هجفلك
وقفت بحزن شديد يتملكها من “عامر” الذي أهانها أمام الجميع وهذا الرجل يعززها كجوهرة، ذرفت دموعها من جديد فى صمت قاتل وبدأ “مصطفى” ينزع لها الدبابيس واحدًا تلو الأخر ويشعر بأنتفاضة جسدها من البكاء وهى تطأطأ رأسها للأسفل من الوجع حتى تخفى دموعها وإنكسارها عنه، أدرك سبب تقطيعها لطرحة الفستان بعد أن عجزت عن فكها، رفع عن رأسها الحجاب وبدأ يفك لها دبابيس الشعر حتى أنسدل شعرها الأسود على ظهرها فوق يديه فوقفت من مكانها أمامه وقالت:-
-شكرًا
سارت بصعوبة تحمل فستانها إلى المرحاض وهو يتابعها بنظره رغم البكاء وحالتها الباهتة ألا أنها جميلة جدًا بفستانها وشعرها الأسود زاد من جمالها، شعر كأنه لأول مرة يراها بعيني الإعجاب، لا يعلم كيف لمُختل كـ “عامر” أن يترك فتاة كـ “فيروزة” من يده وهى تملك له كل هذا الحُب، أستقلى على الأريكة فى صمت وأستدار يعطيها ظهره حتى أنه شعر بخطواتها عندما خرجت من المرحاض وصعدت إلى فراشها، بدأت نوبة من البكاء من جديد وتكتم شهقاتها بالوسادة حتى غاصت فى نومها فجرًا من التعب، تسلل من الغرفة مع أذان الفجر وذهب إلى صلاة الفجر فى الجامع ومنها إلى رجاله الجالسين أمام السرايا حتى أشرقت الشمس وأستيقظ الجميع، دلف إلى غرفة المكتب وكان “عيسي” بها يجمع الأوراق الخاصة به فقال:-
-صباح الخير
-صباح النور يا مصطفى، ها عملت اي؟
جلس “مصطفى” أمامه وبدأ يتحدث بنبرة قوية جادة:-
-عرفت صاحب الرجم اللى خدنا من مرات السواج، طلع رجم عز اللى شغال عند حامد الشبل
أتسعت عيني “عيسي” على مصراعيها بصدمة ألجمته عندما علم أن قتل والده وجده له علاقة بـ “حامد” فصمت قليلًا يفكر فى الحديث وكيف ينتقم ليقول:-
-أسمع يا مصطفى، أبعت حد لفادية وتجيب منها التسجيل وتأخد منه نسخة توصلها لـ ناجي بيه اللى مراته بتخطط لجتله ومعه تبعت فى نفس الظرف صور لخضرة هانم مع حامد وهو هيأخد خطوته، إحنا بس يا مصطفي هنعرفهم قذارة بعض وأهو يبجى ضربنا عصفورين بحجر أى كان الخطوة اللى هيأخدها ناجى سوا الضرب فى خضرة أو حامد فهو هيخلصنا من واحد منهم والتاني يبجى من نصيبي ودا اللى نصيبه أسود
أومأ إليه بنعم موافقًا على حديثه ليتابع “عيسي” الحديث بجدية صارمة:-
-أنا مسمعش حاجة عن نصر، أوعى عينيك تغيب عنه لأنه مكار، وكلم المعلم فى إسكندرية يمسحها مسح لحد ما يجيبلى عامر لأنها مخلصتش على كدة وهو هيظهر ما دام ليلة أمبارح وما دام سكينة مشيت كيف الحرامي يبجى عارفة بمصيبة ابنها… سيب كل حاجة يا مصطفى وراك وتجبلى عامر ، الدنيا كلتها كوم ومجيبك لعامر كوم تاني
تذكر “مصطفى” نوبة بكاءها وإنكسارها وكيف جلست على الأرض أمام قدميه من كسرتها وأحباطها، ليتواعد بالأنتقام من “عامر” لأجل دموعها فقال بحزم شديد ونظرة الشر تتطاير من عينيه:-
-أكيد، هجيبه .. هجيبه من تحت الأرض والله لو فى بطن الحوت لأجيبه تحت رجلها
أومأ إليه بنعم ثم خرج من الغرفة ومنها إلى خارج السرايا…..
____________________________________
تسللت “فادية” إلى خارج المنزل بقلق شديد أن يراها أحد وأعطت التسجيل إلى “ذهب” التى تقف متخفية بملابسها حتى لا يراها أحد وذهبت مُسرعة إلى الشارع العمومي حيث سيارة “مصطفى” المصفوفة جانبًا أعطته المُسجل من النافذة لينطلق بسيارته الجيب الضخمة إلى أحد الرجالة وأعطته الظرف الذي أوصله الرجل إلى الفندق المُقيم به “ناجي”، دق باب الغرفة ليفتح “ناجي” ووجد مؤظف الفندق وأعطاه الظرف، أخذه “ناجي” بدهشة من هذا الشيء وقال:-
-شكرًا
عاد إلى غرفته وجلس على الأريكة وهو يحدق بالظرف ، خرجت له الفتاة من الداخل وجلست قربه فوضعت يديها على رأسه تداعب شعره بدلال وتقول:-
-مين يا حبيبي
لم يجيب عليها وفتح الظرف ليجد صور “خضرة” مع “حامد” وإيصال المبلغ الذي سحبته من البنك بنفس التوقيت، ضغط على زر المسجل ليُصدم من حديثها حين سمع مكالمتها مع “حامد” وهي تخطط لقتله والحصول على لقب أرملة بما أنه لم يطلقها رسمي، أستشاط غضبًا من مكرها وإتفاق “حامد” معها رغم ما حدث ليأخذ سترته من فوق الفراش وخرج من الغرفة مُسرعًا …….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كبرياء صعيدي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى